3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 السعودية وإيران التوازن الإستراتيجي والعسكري
الوطن السعودية

عندما كتبت مقال اليوم الوطني قبل الهجوم على أرامكو وضعت عنوانه «عوافي يا ديرتي»، استغرب أحد الأصدقاء من العنوان، وقال لي «عوافي» تطلق على إنسان تعافى من إصابة أو من هذا القبيل، وكأن شوقنا للوطن في الخارج صنع مثل الرابط معه، فأصبحنا نحس فيه قبل أي أزمة، ونعرف أنه سيتعافى.

قبل عدة سنوات كتبنا دراسة مطولة أكاديمية منشورة باللغة الإنجليزية تتحدث عن الأزمة بين المملكة وإيران وأنها ستسوء.

كان هذا الاستنتاج في وقته غريبا بل عكس التيار، لدرجة أن كثيرا من الزملاء الأكاديميين والخبراء عاكسونا فيها، خصوصا أن المفاوضات الأميركية الإيرانية كانت على أشدها والاتفاق النووي كان يطبخ بين الغرب وإيران، وكانت حجتي أن هناك عدة أسباب لتدهور العلاقة بين السعودية وإيران، منها أن إيران ستحصل على أموال ستستخدمها لتعزيز أذرعتها في الدول العربية وحروب الوكالة، وهم كانوا يقولون إن إيران ستستخدمها لرفع اقتصادها، وكنت أيضا أقول إن عقلية الثورة هي السائدة في إيران، فلا تعاملوا طهران بمنطق الدولة ولكن بمنطق الثورة، وأيضا هناك نص تصدير الثورة في دستورها، وأيضا أن مراكز القوى فيها سيتأثر وضعها ويضعف إذا سلكت إيران طريق الدول الطبيعية، وأيضا ثورة النفط الصخري، وأن أميركا لم تعد بحاجة كبرى لنفط الخليج كما كانت سابقا، وكانوا يذكرون أن أميركا لن تتخلى عن واجباتها الدولية، وكنت أذكر أن أميركا تتعامل بالمصالح وليس الواجبات الدولية.

مرت السنوات وحدث ما توقعناه تماما، وبدا الزملاء يراجعون أفكارهم.

منذ الحرب العالمية الثانية أخذت أميركا على عاتقها مهمة أمن ممرات الطاقة، خصوصا في الخليج، لحماية أمن الاقتصاد والطاقة العالمي، وأيضا حماية المستهلك الأميركي من ارتفاع هائل في التكلفة لو حدث أي انقطاع، وأيضا لمنع السوفييت من الوصول لمياه الخليج الدافئة. عندما حدثت أزمة وحرب الناقلات في الثمانينات وتجرأت إيران على التعطيل، دمر الأسطول الأميركي قطع البحرية الإيرانية خلال ساعات، خصوصا في عملية (براينغ مانتس).

تعلمت إيران الدرس وعرفت أن قوتها التقليدية لا تؤهلها لمنافسة أميركا أو حتى جيرانها بالخليج، لكن الأهم من كل ذلك هو مبدأ الردع، وسنكرر هذه الكلمة كثيرا. الردع بمعناه البسيط أن عدوك لن يهاجمك لأنه يعرف أنك ستلحق به خسارة أكبر بكثير من التي سيلحقها بك أثناء هجومه، وهذا ما حدث في حرب الناقلات تدمير عدد من قطع البحرية الإيرانية خلال ساعات، وسياسة الردع جعلت الخليج آمنا لسنوات من المغامرات الإيرانية.

بعد أن تعلمت إيران درس الردع وضعفها في القوة التقليدية، ركزت على الحرب غير التقليدية (اسميترك ورفير) لأنها أقل تكلفة وصعب إثباتها ولا تحتاج موارد عدة، فركزت على أذرعتها وحروب البروكسي، في لبنان حزب الله، وفي اليمن الحوثيون، والعراق بدر وحزب الله، كما ركزت على الدرونات و(طائرات دون طيار) لأنها سهل تصنيعها وتكلفتها قليلة، خصوصا أن القوة الجوية الإيرانية هي الأضعف في المنطقة، ومقطعها الراداري صغير، فيصعب على الرادارات كشفها، كما أحضرت بعض الصواريخ الجوالة من مخلفات الاتحاد السوفيتي واستقدمت بعض العلماء من أوروبا الشرقية ومن كوريا وقامت بالتقليد العكسي لها، كذلك ركزت وبشدة على حرب الماء وما تحت الماء سواء التخريب والمنصات البحرية، وذلك بسبب صعوبة اكتشافها وأيضا وجود عدة منصات بترولية وغازية في الخليج، وكوّنت أيضا مجموعات الزوارق السريعة الصغيرة المعروفة بالسراب، وأيضا الحروب السيبرانية.

نرجع الآن لميزان القوى في الخليج، بكل موضوعية وبالأرقام فإن قوة الدولة بمقياس قوة الدول، والذي يشمل عدة عوامل (القوة العسكرية والاقتصادية والسكانية والموارد… إلخ) فإن السعودية تبلغ قوتها 3.57 بينما قوة إيران هي 2.72، فعلا السعودية أقوى من إيران، لكن السؤال الملح هل هذا كافٍ للردع؟، خصوصا في وجود دولة لا تهتم بالخسائر مثل إيران التي تعمل بمبدأ التكيف على الخسائر، فقد خسرت في حرب العراق ثلاثة أضعاف العراق من الرجال، لكي تحصل على الردع التقليدي الصريح تحتاج أن تكون قوتك حوالي 4 -5 أضعاف الآخر!

لو أضفنا أميركا إلى المعادلة تكون قوة السعودية وأميركا مجتمعة ما يقارب حوالي 16 ضعف إيران، لذلك يحدث الردع بسهولة، إذن لماذا هاجمت إيران بقيق من أراضيها في هذا الوقت؟.

لعدة أسباب منها، أولا العقوبات الأميركية خنقتها، لذلك تريد رفع التكلفة على الاقتصاد العالمي لكي ينتبه لها العالم، خصوصا أن تفجيرات الفجيرة لم تحدث أثرا يذكر على الأسعار، وثانيا للتأثير على طرح أرامكو، وثالثا والأهم أنها اعتقدت أن سياسة الردع الأميركية خفت في وجود رئيس أميركي متردد كما حدث في إسقاط الطائرة الأميركية فوق الخليج، وهناك أسباب أخرى يطول ذكرها.

بعد ما حدث الآن من بقيق ما هو الرد الأفضل من وجهة نظر مدرسة السياسة الواقعية، يجب الرد وإلا ستتكرر الحوادث، وأيضا عدم الرد سيؤدي إلى تقليل النفوذ، خصوصا أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن مشلولان منذ سنوات، والمصالح حول العالم تلعب دورا في تلكؤ الدول، خصوصا بعض الأوروبيين والشرقيين.

الرد الأمثل لكي يكون رادعا ولسنوات، لأن أي عملية رد بسيطة ستجر سلسلة من الأحداث وردودا من الطرفين، لذلك يجب وضع سياسة الردع موضع التنفيذ، فأي ضربة قادمة يجب أن تكون مضاعفة بما لا يقل عن أربعة أضعاف، وإذا فرضنا أن هناك 25 صاروخا ودرونا ضربت بقيق وخريص، فالأفضل ضرب ما يقارب 100 صاروخ لكي يحدث الردع ويتوقف الإيرانيون كما حدث في الثمانينات، أو أن تتسبب بطريقة أو بأخرى بخسائر أربعة أضعاف ما حدث لك من ضرر.

هل المملكة قادرة؟ الإجابة نعم قادرة، وأؤكد على كلمة سيدي أبي فهد أن السعودية قادرة وتملك الإمكانات للرد ليس أربعة أضعاف بل أكثر من 7 أضعاف لو أرادت.

عموما القرارات الكبرى يجب أن تذهب في يد القيادة، لأن معلوماتها ومصادرها أفضل وستختار الوقت الأنسب، لكننا نقدم رؤية من منظور العلوم السياسية، خصوصا مدرسة السياسة الواقعية.

2 دولة كردستان تقصف إقليم العراق؟! محمد حسين الساعدي

راي اليوم بريطانيا

الحديث عن كردستان ذو شجون وفيه الكثير من الآلام وكثرة التساؤلات التي لم يستطع اي حاكم حكم بغداد بعد عام 2003 ، فلم يستطع تنسيق العلاقة مع دولة كردستان أو فتح أفاق التعاون بين الدولتين على أساس الاحترام المتبادل بينها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين , والتي تحدهم حدود طبيعية إلى جانب المشتركات بينها كونهما يمتلكان نفس الهوية وهي العراق للأسف وهذا ما لا يرغب به جارنا كردستان وعمل بكل جهد من اجل ترسيخ التوحيد على أساس الانتماء الوطني , بل استنكف قيادات كردستان حتى من الانتماء الوطني والانتماء المذهبي فنراهم اليوم لا يتكلمون عن مذهبهم بقدر حديثهم عن قوميتهم (الكردية) واذابو و ألغو إي انتماء أخر.
دولتنا الجارة على الرغم من استقلالها من أربع عقود إلا انهم ما زالو يعتاشون على الدولة الجارة (العراق) وآخذو يتحينون الفرص من اجل ضرب جارهم بأي وسيلة كانت والحصول على المكاسب المالية والسياسية وأخرها ما قام به الصنم الأكبر (هبل) في الاستفتاء المزمع الذي فشل وافشل كل مخططات الانفصال ومع ذلك لم يكتفي كردستان بهذا الامر بل تعدى الى الدور الذي قاموا به في تهريب النفط الى الخارج وعبر تركيا ومنها الى اسرائيل، وكلها تحدياً للحكومة المركزية في بغداد , دون اي حوار مع حكومة عبد المهدي او مناقشة لهذه الملفات الشائكة والتي تمثل اهم العراقيل في العلاقة بين الدولتين الجارتين , الى جانب عدد القضايا المشتركة والتي من بينها جيش دولة كردستان والذي بات جيشاً يقف بالضد من اي تحرك للجيش العراقي في حماية مدنه وحدوده .
دولة كردستان بدأت بالحوار مع العراق عبر ارسال وفد رفيع المستوى لمناقشة اهم الملفات العالقة بين الجانبين والتي اهمها:
1ـ وضع واردات نفط دولة كردستان في ندوق خاص تابع للامم المتحدة ويكون مقره نيويورك وتكون حكومة كردستان هي المسؤولة مسؤولية مباشرة 2ـ بقاء قوات بيشمركة في المناطق التي استولت عليها قبل دخول تنظيم داعش.
3ـ ينبغي ان تكون حكومة كردستان على علم بصادرات العراق النفطية كافة وفق تقارير دورية تقدم الى الحكومة الكردستانية من قبل حكومة دولة العراق 4ـ تبقى حصة وموقع دولة كرستان ثابتاً على المدى الطويل لايقبل التنازل عن مواقعه في المناصب الحكومية وغيرها من مطالب ذكرتها التقارير والاخبار الواردة من الغرف الخاصة .
وهنا لا بد من وقفة عند هذه المطالب ولكن قبلها لابد من تساؤل للدولة العراقية :ـ هل لديكم القدرة للوقوف بوجه تمادي الدولة الجارة ؟! ويا ترى كيف سيتم التعاطي مع هذا الوفد والذي يبدو جاء متحمساً للنيل من دولة العراق واخذ حقوقه المسلوبة بقوة التصريح والتلميح ؟!
3 العراق.. على صفيح ساخن
حسن البياتي
ميدل ايست
إن المتتبع للأحداث التي تجري في المنطقة، يرى أنها تذهب أحيانا للحرب التي لا مفرّ منها، وأنها واقعة اليوم أو غداً، خصوصاً بعد حرب التصريحات المتتابعة والتهديدات المتبادلة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى؛ فواشنطن تعمل بورقة العقوبات الاقتصادية، وإيقاف تصدير النفط الإيراني بما يصل إلى الصفر. أما إيران فهي تهدد بإغلاق مضيق هرمز أمام تجارة العالمية، وإلغاء التزاماتها بما يخص اتفاق الملف النووي.

إذا ما أردنا استحضار طريقة تعامل واشنطن في صراعاتها في المنطقة، وخصوصاً صراعها بالأمس القريب مع نظام صدام حسين، إذ بعد أن أنهكته حرب الثماني سنوات مع إيران وسماحها له بأن يبني قواته العسكرية والأمنية ليظهر كقوة عظمى، أوقعته في فخ الكويت وعزله عن محيطه العربي، ثم جاءت ورقة الحصار التي امتدت لثلاثة عشر عاماً أنهكت البلاد والعباد.

أخيرا تم احتلال العراق وهو في أضعف حالاته بما لا يقوى على أحداث خسائر تذكر في القوات المحتلة. وبالمقارنة مع صراع الولايات المتحدة مع طهران، فأنها تسعى إلى إعادة تجربتها الأسلوب نفسه. وإذا ما اتفقنا مع هذه النظرية فإن شبح الحرب من المبكر الحديث عنه في هذه المرحلة، لأن القادة الأمريكان يريدون إنهاك إيران أولا؛ فهي تغض الطرف عن التغلغل الإيراني، وتحاول استنزافه بتمدده في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وهي بهذا تسعى لتحقيق هدفين في نفس الوقت: الهدف الأول، إضعاف إيران اقتصادياً وتمزيق هذه المناطق. وثانيا، زرع بذور الفتن الطائفية والقومية فيها بما يخدم الكيان الصهيوني والقضاء على مصادر التهديدات التي تستهدفه.

إذن، أمريكا ليست في عجلة من أمرها، أنما تحتاج مزيداً من الوقت لتحقيق أهدافها. بذلك في تعمل على عزل طهران عن أذرعها في هذه الدول بإيقاف تمويلها المادي والتسليحي باستخدام ورقة العقوبات، وإبعاد أي تهديد لقواعدها ومصالحها في المنطقة، وقد تستعين أحيانا بوكلاء يقومون ببعض التحركات نيابة عنها حتى لا تظهر في خط المواجهة الأول.

على سبيل المثال (إسرائيل) من خلال استهدافها لمخازن الأسلحة التابعة لبعض فصائل الحشد الشعبي المتهمة بارتباطها بإيران. في مقابل ذلك، تعتقد إيران أن لديها الكثير من الأوراق لتلعب بها إذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال؛ فهي تسعي بدايةً لجر الولايات المتحدة للمواجهة العسكرية بشكل مبكر، مستغلة العديد من نقاط القوة التي تمتلكها ومنها ورقة حزب الله وإمكانية تهديد (إسرائيل)، وفصائل الحشد والفصائل المسلحة الأخرى في العراق وسوريا، فضلا عن الورقة الحوثية وقدرتها على تهديد الملاحة في باب المندب. كما أن إيران لديها من الحلفاء ما يمكن أن يكون ورقة رابحة خاصة روسيا والصين وبعض الدول الأوربية، لذلك فإن إيران في سعيها للمواجهة المبكرة مع أمريكا، تعمل بحذر حتى لا تقوم بأي عمل غير قانوني، يمكن أن تخسر فيه هذه الورقة.

أما إذا حدثت المواجهة، فالسؤال المطروح: من هو الخاسر ومن هو الرابح؟ ما يعنينا هو الخاسر الأكبر الذي هو بالتأكيد لن يكون إيران أو الولايات المتحدة، أنما العراق الذي سيكون ساحة المواجهة؛ فهناك أوساط عراقية عديدة موالية لإيران تدفع باتجاه عدم الالتزام بالعقوبات. وهذا خيار قد يجعل العراق في دائرة الاستهداف الأول، ويعيده إلى المربع الأول، بما يعطي فرصة لإمكانية التدخل الأمريكي المباشر في الوضع العراقي وإجراء تغيير على الساحة السياسية، وإعادة هيكلة النظام السياسي العراقي.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد ربطت إيران الاقتصاد العراقي بها، بشكل كبير؛ إذ يعتمد العراق على إيران بالطاقة والمواد الإنشائية والصناعية والغذائية الحيوية. وطالبت الحكومة العراقية باستثناء العراق من تلك العقوبات، وقد وافقت واشنطن على استثناء استيراد الكهرباء لفترة محدودة. ويجب على الحكومة العراقية إيجاد البدائل المناسبة في هذه الفترة. ومن هذه البدائل الربط الكهربائي مع تركيا أو دول الخليج العربي، إلا أن قوة الروابط الاستراتيجية المذهبية مع إيران تقف حائلا في طريق تلك البدائل. وفي ظل هذه التجاذبات لا تمتلك الحكومة العراقية خيارات كثيرة أو استراتيجية واضحة المعالم، لعدم وجود اتفاق بين الكتل السياسية حول الدور الذي يجب أن تسلكه الحكومة، التي تعمل الآن كساعي بريد بين الطرفين المؤثرين كثيراً في المشهد السياسي العراقي.

السؤال المطروح: هل يستطيع العراق مسك العصا من منتصفها في حلبة الصراع الأمريكي الإيراني؟ فهناك أطراف تميل لترجيح الكفة الأمريكية ترى بأن على العراق تغليب العقل على العاطفة والوقوف مع الطرف الأمريكي الأكثر تأثيراً في المشهد السياسي العراقي. في حين ترى الأطراف القريبة من طهران ضرورة الوقوف إلى جانب إيران، بحكم الانتماء العقائدي والمصالح المشتركة، وبين هذا وذك يبقى العراق على صفيح ساخن.