ننسى ولا ينسون!لماذا تلجأ امريكا للقضاء للحصول على حقوقها من العراق وتمنع حصول العراقيين على حقهم مقتل رئيس شركة بالتاجي مثالا؟ترجمة خولة الموسوي

اثار تساؤل لدى العراقيين بعد ان فازت شركة مقاولات عسكرية أميركية، قتل مديرها بظروف غامضة في العراق عام 2004 بحكم قضائي لصالحها يلزم العراق، بتسديد مبلغ يصل إلى 140 مليون دولار تعويضا عن مستحقات مالية لم تستلمها الشركة أبدا.فيما ينص القانون الامريكي عدم النظر باي دعوى للعراقيين جراء الجرائم الامريكية بحقهم

وأصدر الحكم قاضي محكمة فيدرالية في واشنطن، يقضي بتسديد ما يقارب من 89 مليون دولار مضافا إليه مبالغ الفائدة المترتبة عليها وأجور المحامين.

وقد أنهى هذا الحكم جدلا قانونيا استمر لأكثر من عقد من الزمن بين شركة، واي أوك تيكنولوجي الأميركية للمقاولات العسكرية، التي تتخذ من بنسلفانيا مقرا لها، وجمهورية العراق.

وقالت شركة واي أوك إن “رئيسها المدعو ديل ستوفيل، قد قتل في العراق في كانون الأول عام 2004 عندما قدم شكوى بأن شركته لم تتلق أجورها البالغة أكثر من 20 مليون دولار المترتبة على الجانب العراقي مقابل صيانة وتجديد دبابات عسكرية لمساعدة الجيش العراقي في استعادة قوته والوقوف على قدميه مرة أخرى بعد حرب عام 2003”.

وقال محامي شركة واي أوك، الين فوستر، إن “القضية كانت صعبة لأن العراق وعلى مدى عشر سنوات فعل كل ما هو بوسعه للمماطلة بابداء أي رأي أو إجراء من قبلهم”.

وكان العراق قد تقدم بعدد من الدفاعات والتي رفضت جميعها من قبل قرار محكمة مكون من 107 صفحة صادر عن قاضي محكمة واشنطن الفيدرالية رويس لامبيرث ذكر فيه بان وزارة الدفاع العراقية أخلّت باتفاقها مع شركة واي اوك تكنولوجي ولم تدفع أجورها.

وكتب القاضي لامبيرث، في قرار حكمه بأن النقود التي كانت من المفترض أن تذهب لشركة واي أوك لم تسدد أبدا.

ولجأ مدير الشركة ستوفيل للحكومة الأميركية طلبا للمساعدة، وخلال اجتماع في كانون الأول 2004 تلقى مسؤولون أميركان تعهدات من وزارة الدفاع العراقية بتسديد أجور ستوفيل وشركة واي أوك، وبعد مرور ثلاثة أيام قتل ستوفيل مع مرافقه وهم في طريقهما إلى بغداد لإكمال إجراءات تسديد المبلغ.

وأضاف القاضي لامبيرث، في هامش له بأنه “لم يستطع الجزم بتحديد الجهة التي قتلت ستوفيل ومرافقه جوي ويمبل الذي كان يعمل معه في الشركة، مشيرا إلى أنه رغم ذلك لما كان ستوفيل في طريقه إلى بغداد وتعرض للقتل لو كانت مستحقاته قد سددت له بشكل أصولي من قبل وزارة الدفاع العراقية.

وجاء في ملاحظة القاضي “كان من الممكن أن يبقى ستوفيل حيا إلى اليوم لو لم تخرق وزارة الدفاع العراقية بنود العقد”.

وحكم القاضي بمنح مبلغ 89 مليون دولار لمدير الشركة المتعاقدة إضافة إلى الفوائد وأجور محامي شركة واي أوك والتي من المتوقع أن تصل قيمها إلى 140 مليون دولار. ديل ستوفيل كان قد أسس له شركة استثمارية للتعاقد في مجال الأسلحة وخصوصا التعامل بالأسلحة الروسية التي كان يستخدمها الجيش العراقي في حينها، وقد فاز بعقد مبكر بعد حرب عام 2003 في العراق لإنقاذ وتجديد دبابات الجيش العراقي..

يقول واي أوك إن رئيسه ، دايل ستوفيل ، قتل في العراق في ديسمبر 2004 بعد أن اشتكى من أن شركته لم تدفع لها أكثر من 20 مليون دولار كانت مستحقة عليها لتجديد الدبابات لمساعدة الجيش العراقي على استعادة قدميه بعد غزو عام 2003.

أعلنت جماعة إرهابية مسؤوليتها عن وفاة ستوفيل، لكن الشهود شهدوا في المحاكمة أن ستوفيل قُتل بالفعل لتجنب دفع شركته.

وستوفيل هو النموذج التقليدي لتاجر السلاح الذي لا يفارق فمه السيجار ولا يتحرك إلا وبصحبته رشاش آلي معلق على ظهره حيث يتنقل بين أماكن الحروب في العالم بكل حرية وبدون أي عوائق.

ارتبط اسم ديل ستوفيل بالغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، حيث حصلت شركته (واي أوك تكنولوجيا) على أول عقود مع وزارة الدفاع العراقية التي تم تأسيسها بعد الغزو، وقد وصلت قيمة هذه العقود إلي 40 مليون دولار.

لقي ستوفيل حتفه في العراق عام 2004 بعد أن وقع في خلافات مع عملاء البنتاجون والجانب العراقي بسبب عدم الانتظام في دفع مستحقاته المالية، و اتهم ستوفيل عدداً من ضباط الجيش الأمريكي بالفساد وكانت اعترافاته أساساً للتحقيق مع عدد من عناصر الجيش الأمريكي، ويبدو أن هذه الخلافات هي التي أدت لاغتياله.

وقالت صحيفة الفانيشال تايمز يوم 21 كانون الاول عام 2005

ديل ستوفيل”, 43 عاما, كان قد تعرض لاطلاق نار واردي قتيلا في الثامن من كانون الاول الماضي بعد قليل من مغادرته قاعدة عسكرية عراقية تقع في شمال بغداد, وعزي الهجوم في حينها الى متمردين عراقيين. وكذلك قتل معه في هذا الحادث رجل الاعمال “جوزيف ويمبل”, 49عاما.

حادثة القتل هذه كانت بعد ان قام “ستوفيل” بتحذير مسؤولين امريكين في واشنطن من ان موظفين في وزارة الدفاع العراقية كانو جزءا من نظام رشاوي شمل عقد بملايين الدولارات كان قد منح لشركته “واي اواك تكنولوجي” لترميم معدات عسكرية عراقية.

وقد شرعت وكالات التحقيقات الفيدرالية الامريكية بفتح تحقيق حول هذه الحادثة وللوقوف على ما اذا كانت عملية تصفية وانتقام تعرض لها ستوفيل بسبب قيامه باطلاق تلك التحذيرات (الصفير), حسب اشخاص مقربين من التحقيق. وقد رفض مكتب التحقيقات الفيدرالية التعليق على الموضوع .

كان “ستوفيل” قد عرض ادعاءاته في رسالة ارسلها الى مسؤول في وزارة الدفاع الامريكية في الثالث من كانون الاول 2005 كما قام بعرضها في اجتماع مع مساعدين ل “السيناتور رك سانتوروك”.  بعد ذلك بقليل استدعي “ستوفيل” من قبل مسؤؤلين عسكريين في قوات التحالف في معسكر التاجي لمناقشة مخاوفه بخصوص عقد شركته معهم. وقد تحدث عن  شكواه من المشاكل في عملية تسديد مستحقاته مع احد رجال الاعمال اللبنانيين المعينيين بشكل سري من قبل العراقيين كوسيط , حسب المصادر. وقد توجه مع “ويمبل” ومترجمه العراقي  الى المعسكر المذكور  يوم الثامن من كانون الاول الماضي وحال مغادرتهم للمعسكر, صدمت سيارتهما سيارة اخرى من المقدمة بقوة ومن ثم قفز رجلين ملثمين من تلك السيارة وامطرا  الرجلين الامريكيين بوابل من الرصاص فارداهما قتيلين , وحسب ما ذكرت الاخبار ان المترجم العراقي قد لاذ بالفرار ولا يزال مفقودا .

ان مقتل “ستوفيل” ايقظ مخاوف جديدة حول مدى نزاهة الجهود المبذولة في اعادة اعمار العراق التي تفشت فيها الرشاوي والمحسوبية منذ البداية.

ان تفحص المحققين الدقيق في مقتل “ستوفيل” ليس فقط بسبب ما اطلقه “ستوفيل” من تحذيرات (صفير)  ولكن ايضا بسبب ماضيه الغامض والمثير للجدل. حيث عمل “ستوفيل” في برنامج امريكي على اعلى مستوى من السرية خلال التسعينات لشراء اسلحة روسية وصينية ومصنعة من قبل دول اجنبة اخرى ليتم فحصها من قبل الجيش الامريكي , حسب ما ورد في الوثائق والمقابلات.

كما ان الاتفاق المبرم بين “ستوفيل” والعراق يعد اول عقد بهذا المستوى من الضخامة موقع وممول مباشرة من قبل الحكومة العراقية للاغراض العسكرية, و انه على مستوى عالي من الاهمية في تدريب وتجهيز الجيش العراقي باعتباره العنصر الاساسي في استراتيجة الولايات المتحدة للخروج من العراق.

ان الفشل في وضع حد للرشوة المزعومة “سوف يعطي سابقة سلبية جدا في الصفقات المبرمة مع الجيش العراقي , وبالاضافة الى انها تضر بالشركات الامريكية التي ترغب بتنفيذ صفقات بما يتماشى مع القانون الامريكي , فانها تعتبر مصدر احراج وتوتر سياسي لادارة بوش بقدر تعلقها بمساعيها في العراق”. هذا ما قاله “ستوفيل” في رسالته التي ارسلها الى وزارة الدفاع المريكية والتي حصلت عليها “التايمز”.

ووفقا للرسالة , كانت شركة “ستوفيل” والتي مقرها في “بنسيلفانيا” قد منحت عقدا خلال العام الماضي من قبل وزارة الدفاع العراقية للمساعدة في تجديد معداتها العسكرية الهرمة التي تعود الى الحقبة السوفيتية, وبالاخص الدبابات من نوع “تي 55” والمدفعية. في تشرين ثاني  قامت شركة “واي اواك تكنولوجي” بتسليم جزء من الدبابات التي قامت بترميمها الى اول لواء ألي عراقي.

وكجزء من العقد يتوجب على وزارة الدفاع العراقية تسديد مستحقات “ستوفيل” من خلال رجل اعمال لبناني وسيط محدد من قبل الوزارة , حسب ما ورد في رسالة 3 كانون الاول.

في نوفمبر طلب “ستوفيل” تسديد 24.7 مليون دولار وقام بتسليم الوصولات مباشرة الى وزارة الدفاع. الوزارة بدورها قامت باصدار ثلاثة صكوك وارسالها الى رجل الاعمال اللبناني لتحويلها , هذا ما قاله مقربين من العقد.

كان دور الوسيط هو قيامه بمثابة حساب تحويل للمعاملات المالية وتسوية الفواتير وتنفيذ المدفوعات, قالت المصادر. ولكن بعد فشل رجل الاعمال الوسيط في ارسال الاموال الى “ستوفيل”, قام بتقديم شكوى الى موظفين رسميين في واشنطن, بعد ساوره الشك من ان الدور الحقيقي للوسيط  هو تحويل مسار الاموال لكي تعود الى مسؤولين عراقيين على شكل رشاوي.

كما انه اخبر وزارة الدفاع الامريكية في رسالته بان الوسيط يمسك المدفوعات في محاولة منه ارغامه على استخدام مقاولين فرعيين على علاقة بالوسيط وبمسؤولين في وزارة الدفاع العراقية .

وقد تحدث “ستوفيل” عن مخاوفه مع ممثلين من مكتب السيناتور”سانتوروم”. كتب “سانتوروم” بدوره الى وزير الدفاع “رمزفيلد” في 3 كانون الاول مطالبا اياه ببحث الموضوع مع وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان.

كتب السيناتور في رسالته: “ساكون ممتا على تعليقكم حول امكانية قيام وزارة الدفاع الامريكية بمساعدة شركة “وايك اواك تكنولوجي” في استعادة مستحقاتها عن خدمات كانت قد قدمتها”.

التقى “ستوفيل” ايضا بـ “جون أ. شاو: (جاك) ناؤب وكيل وزير الدفاع الامريكي لتكنلوجيا الامن الدولية , والذي  كان مكتبه يراقب مبيعات الاسلحة للعراق. وفي رسالة تالية حث “ستوفيل” “شاو” على طلب استخدام شركة محاسبية معروفة للاشراف على العقد. كما انه حذر في رسالته من ان عقد الاسلحة “وقع فريسة لـ… الفساد والاتفاقات الشخصية.

سبق “شاو” ان برز في قصص التايمز العام الماضي بعد ان وضع قيد التحقيق بموضوع اخر. وتم استبعاده فيما بعد من وظيفته. تم تمرير شكوى “ستوفيل ال قسم الجيش.”اننا ننظر في هذا الموضوع ,” يقول العقيد “جوزيف يوشوا” المتحدث باسم البنتاغون. كما ذكر احد المصادر بان شكاوى “شتوفيل”  قد وصلت الى الجنرال البريطاني “ديفد كليمنتس”, ناشب قائد ارسالية تدريب القوات العراقية. اتصل كليمنتس بكل من “ستوفيل” “ويمبل” و برجل الاعمال اللبناني لحل المشكلة. ذكرت مصادر عديدة ان “كلمنتس”  قام باستدعاء ”ستوفيل” من الولايات المتحدة الامريكية لحضور اجتماع في معسكر التاجي في اوائل كانون الاول .وتذكر المصادر بانه بعد عدة ايام من المحادثات, طلب “كلمنتس” من رجل الاعمال اللبناني باطلاق المبالغ. في 8 كانون الاول , كان كل من “ستوفيل” و “ويمبل” ومترجمهم العراقي في طريقهم عايدين الى بغداد عندما وقع الاعتداء عليهم. قام المهاجمين بسرقة الحاس بالالي لـ “ستوفيل” من موقع الجريمة. وبعد اسبوع تقريبا, ظهرت لقطات من فلم يعرض صور الوثائق شخصية لـ “ستوفيل” و “ويمبل”  على احد مواقع شبكة الانترنت الذي كان يستخدم من قبل مجموعات المتمردين. ادعت مجموعة تطلق على نفسها “لواء الجهاد الاسلامي” مسؤوليتها في هذه العملية. ولم تكن هذه المجموعة معروفة مسبقا لدى خبراء الارهاب. ان التوقيت والتفاصيل غير المعتادة في القتل اثارت الشكوك في الولايات المتحدة الامريكية وفي العراق بان الفلم كان خدعة لتمويه عملية التصفية. “كان الفلم غير اعتيادي لحد كبير,” يقول “ايفان كوهيلمان” خبير الارهاب الذي فحص اللقطات. “لم يظهر الفيلم اي جثة, بل اظهر صور ووثائق و مواد ماخوذة من القتيلين. من المعقول جدا ان احدا ما غير الذين نفذوا العملية هو من قام بعمل هذا الفيلم “.

اعلن النقيب “ستيف الفاريز” المتحدث الرسمي الامريكي بان “كلمنتس” كان قد تحدث الى “ستوفيل”, ولكنه نفى ان يكون “ستوفيل” قد ذكر اي اشارة الى الفساد خلال المحادثة التي جرت بينهما. بدلا عن ذلك قال ان “ستوفيل” اشتكى من “الصعوبات التي يواجهها في الحصول على المال للبداية” بتزويد اللواء الالي . وقد رفض كلمنتس طلبا لاجراء مقابلة معه.

كتب “الفاريز” استجابة على طلب من صحيفة التايمز “حقيقة لم لنا ان نتورط اكثر من هذا” .واشار الى توجيه اي اسئلة اخرى الى وزير الدفاع العراقي. اما المستشار في وزارة الدفاع الامريكية “نيك هاتشنسن” والذي التقى بـ”ستوفيل” لم يجب على طلب التعليق على الموضوع.  رتب المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع العراقية لمقابلة مع احد المسؤولين في وزارة الدفاع , ولكن بعد ذلك منع المراسل من طرح اسئلة عن العقد مشيرا اليها بالخطرة.

لم يكن ممكنا الوصول الى رجل الاعمال اللبناني للتعليق. كان “ستوفيل” نشطا في مجال تجارة الاسلحة لفترة طويلة. منذ اواسط التسعينات, عمل مع موظفين من المخابرات الامريكية للحصول على اسلحة العدو ليتم دراستها من قبل الجيش الامريكي وفق وثائق حصلت عليها التايمز. في عمله هذا بنى “ستوفيل” علاقاته مع اوروبا الشرقية بالخص مع اوكرانيا وبلغاريا. وقام بشراء اسلحة تضمنت صواريخ ارض-جو وانظمة التصدي الطائرات . وبعد غزو العراق في اذار 2004 , ذهب “ستوكفيل” الى بغداد لتنفيذ صفقات منحت من قبل برنامج البنتاغون في اعادة بناء الرعاق , البرنامج الذي رصد له بلايين الدولارات. واصبح مهتمابقضية فساد في عملية التعاقد الامريكية و قد كتب عن شكوكه الى محققين امريكيين في ربيع 2004  . اكد موظف رسمي امريكي بان التحقيقات بهذه التهم لا يزال مستمرا.