3 مقالات عن #العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 هوى المسيحيات
خالد القشطيني

الشرق الاوسط
كتبت في مقالة سابقة عن وجود المسيحيين بين المسلمين. كانت لهذه الظاهرة نتائج حتمية في الوقوع في الحب بين الطرفين. وكنت قد أشرت لوجود أديرة مسيحية حول مدينة الكوفة في العراق. حدث أن تولى الولاية عليها خالد بن عبد الله بن يزيد البجلي. وهناك رأى أماً نصرانية رومية. وكانت قد تأدبت بآداب العرب وتعلمت نظم الشعر ووقع في حبها وتزوجها. علق أحد الشعراء على ذلك فقال:
يقولون نصرانية أم خالد
فقلت دعوها كل نفس ودينها
فإن تك نصرانية أم خالد
فقد صورت في صورة لا تشينها
أحبك أن قالوا بعينيك زرقة
كذاك عتاق الطير زرقاً عيونها
تذكرني هذه الأبيات بشعر عامي قاله أحد الشعراء عندما وقع في حب فتاة مسيحية فقال:
ياردلي ياردلي سمرة قتلتيني
أدعو من رب السما وحدي لا تخليني
أبوك أسمر حلو ماسك علي ديني
أنت على دينك وأنا على ديني
صومي خمسينتك وأصوم ثلاثيني
بيد أن الملاحظ في هذا التبادل العاطفي يقع غالباً من طرف واحد، فقلما نسمع عن وقوع شاب مسيحي في هوى مسلمة. بيد أن صديقي الكاتب والناقد جبرا إبراهيم جبرا جاء من فلسطين مسيحيا واستقر في العراق ووقع في حب امرأة مسلمة وتزوجها.
الأدب العربي حاشد بالشعر بشأن هذه العلاقة. وتحول الكثير منها إلى أغان شائعة. كما في أغنية ناظم الغزالي:
سمراء من قوم عيسى من أحل لها
قتل امرئ مسلم قاسى بها ولها
وقد وقع محمد القبانجي في ورطة كبيرة في العشرينات عندما غنى أغنيته الشهيرة: يا نصارى إش صار فيكم، ما تضيفون اللي يجيكم، لأصعد لعيسى نبيكم واسأله يسوي لي جارة (حل).
اعتبروا هذه الأغنية كفرا ومشينة بحق المسيحيين ونبيهم، فساقوه للقضاء في قضية هزت المجتمع العراقي واستغرقت عدة أشهر قبل أن يثبت الرجل براءته. ولكنه لم يعد لهذه الأغنية قط في حياته بعد ذلك.
2 ايران هي المطالبة بالرد على قصف مواقع الحشد وليس العراق
انس الشيخ مظهر راي اليوم
من سخريات القدر السياسي في العراق , ان يخرج نائب هيئة الحشد الشعبي (ابو مهدي المهندس) ويتهم بشكل مباشر كلا من اسرائيل وامريكا بوقوفهما خلف قصف مواقع الحشد الشعبي , ويكيل اليهما سيلا من التهديدات بالرد عليهما بالمثل, وبعد ساعتين يخرج السيد (فالح الفياض) والذي يفترض انه رئيس هيئة الحشد الشعبي ليخفف من نبرة نائبه التصعيدية . ويتخذ موقفا مغايرا تماما لموقفه , وكاننا في هيئتين , وحكومتين , بل وفي دولتين .
فبعد تعرض مواقع للحشد الشعبي الى قصف من مصادر وصفت من قبل الحكومة العراقية بانها (مجهولة) , ومن قبل مليشيات الحشد بانها (اسرائيلية) , تعالت اصوات معروفة التوجهات داخل العراق , تطالب بالرد على تلك الهجمات بالمثل .
والامر لا يحتاج للكثير من الفراسة لمعرفة من يقف وراء تلك الاصوات العالية وما اهدافها .
فلقد نجحت ايران في ممارسة (التصعيد الناعم) مع امريكا في ازمتها الحالية معها , والتعامل بحذر معها حتى في تصريحاتها التهديدية بان تترك فيها مجالا للمناورة السياسية , اما المواقف التصعيدية فتكون من حصة اذرعها في المنطقة بعيدا عن حدودها , سواء في العراق او لبنان او اليمن او سوريا , وهذا ما يفسر حدة اللهجة التي نسمعها من امراء حرب الفصائل المسلحة في العراق خلال الايام الماضية .
وقد اثبتت ازمة قصف مواقع مليشيات الحشد الشعبي وردود الافعال التي نتجت عنها , ان كل ما يقال عن ان هذه المليشيات تنضوي تحت خيمة المؤسسة العسكرية العراقية ما هي الا محض اكاذيب , فكيف لضابط في الجيش العراقي مثلا ان يهدد دولة ويفتي في طريقة الرد عليها حتى وان كانت معادية ؟ دون اي اعتبار لوجود مؤسسات سياسية حكومية هي من يجب ان تتخذ هذه المواقف السياسية . خاصة وان الدستور العراقي ينص على وجوب ابعاد المؤسسة العسكرية عن كل توجه سياسي .
دعونا ننصب انفسنا مدافعين عن الشيطان ونقيم الامور من وجهة نظر المقابل : –
هل من المنطق ان نعاتب اسرائيل وامريكا على ضربهم لمواقع مليشيات تعلن جهارا نهارا , بمناسبة وبدون مناسبة , في وقوفها ضمن ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة ضد امريكا واسرائيل , ذلك المحور الذي تتبناه وترعاه ايران , ثم ناتي ونعاتب اسرائيل وامريكا ونلومهم ونؤلب الشارع ضدهم اذا ما قصفوا مواقع تلك المليشيات ؟ مع ان الموقف الرسمي العراقي والذي يفترض ان هذه المليشيات تنضوي تحت اشراف مؤسسته العسكرية يتخذ موقف الحياد في سياسة المحاور في المنطقة .
ان كانت هذه المليشيات عراقية بحق فيجب عليها الالتزام بمواقف الحكومة العراقية وسياساتها , اما اذا كانت مصرة على الوقوف ضمن محور المقاومة فالباب مفتوح امامها على مصراعيه لتنفيذ تهديداتها خارج العراق , سواء في سوريا او في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب لبنان , فهي مناطق اقرب لاسرائيل وبامكانها تنفيذ تهديداتها بالشكل الذي تريده هناك ( والله ومحمد وعلي وياهم) , فالعراق ليس حكرا على مكون واحد لكي يتصرف بمصير مكوناته الباقية كما يشاء , فما بالك بشريحة مسلحة من مكون .
ان ما تفعله هذه المليشيات هو نفس ما كان يفعله صدام حسين ايام حكمه لكن من الزاوية المعاكسة , فصدام جعل من العراق البوابة الشرقية للدول العربية في قتاله مع ايران مضحيا بمئات الالاف من العراقيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل , واليوم تحاول هذه المليشيات جعل العراق البوابة الغربية لايران في قتال اسرائيل وامريكا نيابة عن ايران . وكان الشعب العراقي مشاريع قتل جاهزة لهذا وذاك حسب الطلب دون اي اعتبار للدماء التي ستسال وللخسائر التي سيتكبدها كل العراقيين دون استثناء .
كما ذكرنا سابقا .. ان كانت اسرائيل هي من ضربت هذه المواقع , فهي لم تضربها لانها مليشيات عراقية وانما لكونها اذرعا جاهزة لايران , وان كان ينبغي على جهة ان تنبري للدفاع عن تلك المليشيات والرد على القصف الاسرائيلي المفترض لها فهي الحكومة الايرانية وليست العراقية .
والسؤال هنا …هل ايران مستعدة للدفاع عن تلك المليشيات ضد اسرائيل بعد ان قصفت مواقعها ؟
الجواب معروف للجميع ولا يحتاج للكثير من العناء , فمن المستحيل على ايران الدخول في قتال مع اسرائيل دفاعا عن تلك المليشيات , لان الرؤية الاعتبارية الايرانية لتلك المليشيات لا تتوازى ابدا مع مصالحها القومية العليا , فهذه المليشيات في نظر ايران بيادق تحركها وفق مصالحها تلك , ولا يمكن لهذا الدور ان ينعكس , ففي عالم السياسة يبقى البيدق بيدقا , والضحية تبقى ضحية , لا ترتقي الى ان يضحى من اجلها . لقد تجاوزت الاحداث سياسة مسك العصا من الوسط , وآن للحكومة العراقية ان تحدد موقفها , فاما ان تنجر الى المعسكر الذي يقبع فيه هذه الفصائل وتتخندق مع ما يسمى بمحور المقاومة , او ان تتخلى عن ضعفها امام تلك المليشيات وتفرض عليها الانصياع الحقيقي لاوامرها وتوجهاتها السياسية , فاصرار هذه المليشيات بوضع نفسها وصية على توجهات الشعب العراقي سيدفع بالبلد كله الى اتون حرب الخسارة فيها محسومة سلفا , حينها لن يجدي اللطم شيئا لللطامين , ولا البكاء شيئا للبكائين .
3 الهجمات الاسرائيلية على مواقع القوات العراقية وصمت الحكومة العراقية مزهر جبر الساعدي راي اليوم

في الايام الاخيرة اندلعت انفجارات وحرائق في مخازن للاسلحة تابعة لقوات الحشد الشعبي، في اربع مواقع، في صلاح الدين وبغداد والانبار. المسؤولون في الحشد الشعبي اتهموا الكيان الصهيوني بقصف هذه المخازن بطائرات مسيرة، وأخرون حددوا مكان تواجدها في القاعدة الامريكية..، واوضحوا بان عددها اربعة.
الحكومة العراقية وعلى لسان ارفع مستوى لم تتهم اي جهة سواء اقليمية او دولية وتركت الامر مفتوح على مختلف الاتهامات.. مسؤول الحشد الشعبي السيد فالح الفياض هو الاخر لم يتهم اي جهة.
الادارة الامريكية نفت اي علم لها او معرفة بالجهة التى قامت بالهجوم. في السياق وحسب ما جاء في قناة روسيا اليوم: مصدران امريكان من غير ان تحددهما، أفادى لصحيفة نيوروك تايمز؛ ان الطائرات الاسرائيلية هى من نفذت الهجمات على مخازن الحشد الشعبي. نتنياهو، قال في مقابلة صحفية له في اوكرانيا؛ ان اسرائيل تهاجم اي خطر يهدد وجودها بالتدمير، واضاف ان ايران تهدد هذا الوجود، لذا فنحن نهاجم اي وجود ايراني سواء في سوريا او العراق، من دون ان يعلن مسؤولية الكيان الصهيوني عن الهجمات الاخيرة على مخازن السلاح والعتاد التابعة للحشد الشعبي في العراق.
البلدان العربيان اللذان يقعان في دائرة الاهتمام الاستراتيجي للكيان الصهيوني، هما العراق وسوريا بعد ان تم اخراج مصر والاردن من احتمالات الصراع او الاشتباك المستقبلي بينهما والكيان الصهيوني، بالاضافة الى دول الخليج العربي.
ففي سوريا تهاجم اسرائيل وفي اي وقت تريد وترغب وتشاء، مواقع الجيش السوري ومن الطبيعي بعد اعلام القوات الروسية المتواجدة على الاراضية السورية بمعاهدة حلف، وفي قاعدتين، بحرية وجوية. روسيا وعلى لسان بوتين تحديدا، تعهدت بضمان امن اسرائيل ستراتيجيا.
وهذا بحد ذاته يثير الكثير من الاسئلة عن الافاق المستقبلية للعلاقة بين اسرائيل وسوريا وما هو دور الروس في هذه العلاقة المستقبلية؟ وما هو الدور الفاعل للتفاهمات بين الروس والاتراك والايرانيين في انتاج التحولات او المساهمة في انتاج هذه التحولات المفترضة في المنطقة العربية، وهي لاتشمل سوريا والعراق فقط بل تشمل جميع الدول التى تتعرض الآن للحرب والصراعات الداخلية، اليمن وغيرها.
في العود الى الهجمات الاسرائيلية على مواقع الحشد الشعبي، تهدف وفي اساس ما تهدف اليه، هو تقزيم هذا الوجود بقطع اذرعه الفاعلة وتجريده من عناصر قوته وبالنتجية اخراجه كما يتوهمون ويتصورون، من قوة الفعل والتاثير على اتجاهات الوضع في العراق مستقبلا. الحشد الشعبي يعلن وباستمرار بلا ادنى مواربة بل بوضوح كامل لالبس فيه ولا تأويل؛ من أنه يرفض اي علاقة مع الكيان الصهيوني.
السياسة الامريكية والاسرائيلية تخطط الى اخلاء الساحة العراقية من اي قوة فاعلة تعارض او تقف بالضد من هذه السياسة في العراق.. في العود الى النفي الامريكي؛ من ان لاعلم لها او اتفاق مع الجهة التى نفذت الهجمات، وهذا الامر لايدعمه الواقع بل ان الواقع يدعم الراي الذي يقول؛ ان امريكا على علم ومعرفة تامة بان الكيان الصهيوني هو من قام بهذه الغارات على مخازن الاسلحةو العتاد للحشد الشعبي، فامريكا تسيطر على الاجواء العراقية، سيطرة تامة وهذا الامر معروف ولايحتاج الى ايضاح باي شكل كان، امر يتناقض كليا مع (الاتفاقية او اتفاقيتي الاطار الاستراتيجي..).
ان صمت الحكومة بحد ذاته، صمت يمس (السيادة). في السياسة وبالذات في العلاقة مع الامريكيين وفي محطات بعينها كما هو في هذا الذي حصل في قصف مواقع عراقية عسكرية وهي جزء من منظومة الدفاعات العراقية، لاتصلح المهادنة فيه، بل ما هو يصلح في هذه الحالة هو ابلاغ على الاقل الطرف الامريكي بان ما حصل لايجوز ان يحصل وان هذا التصرف وغض الطرف او المعاونة والاسناد الامريكي للتجاوز الاسرائيلي على السيادة العراقية، أمر غير مقبول ومرفوض، ويؤثر على علاقة (الشراكة مع الامريكيين..) وهذا هو اقل الفعل المطلوب من الحكومة.
ان البرغماتية شكل والسكوت على الهجمات الاسرائيلية شكل اخر. من الضروري والمهم جدا ابعاد العراق عن محاور الصراع حيثما يكون له، الى هذا الطريق سبيلا أو الى حيث تتوافر ممكنات الواقع..أو ابعاد العراق عن الحرب بالوكالة، وهذا أمر مهم لأمن العراق واستقراره.. لكن حين تقصف مواقع لقوات عراقية، كان لها دورا حاسما وجديا في محاربة وطرد داعش من ارض العراق، هنا يصبح الحال والواقع مختلف كليا، بالذت حين لم تقم تلك القوات بمهاجمة اسرائيل التى تهاجم تلك القوات بلامسوغ قانوني او ذرائع الدفاع عن النفس، فقط على اساس النية مستقبلا، المسوغ الوحيد هو اغراء القوة المدعومة امريكيا وانعدام الخشية من الرد المقابل حتى وان كان اعلاميا ودبلوماسيا وسياسيا.