4 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 تركيا وإيران ومواقف خاصة جهاد الخازن
الحياة السعودية

وزارة الدفاع الأميركية أوقفت عمل تركيا في مشروع الطائرة المقاتلة إف-٣٥ احتجاجاً على قرار تركيا شراء منظومة دفاع صاروخي روسية مزودة بصواريخ إس-٤٠٠. مشروع الطائرة المقاتلة يجمع الولايات المتحدة وحلفاءها لعقود قادمة.

تركيا دخلت حلف «الناتو» سنة ١٩٥٢، وكانت علاقاتها مع الولايات المتحدة وثيقة، فهي فاخرت في حينه بأنها ثاني أقوى عضو في الناتو، وأن اقتصادها الأقوى بين ألمانيا والهند، وأنها تخدم المصالح الأميركية بين البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

وقف تركيا من المشاركة في مشروع المقاتلة إف-٣٥ له دلائل أخرى، ففي العراق تريد الولايات المتحدة مشاركة من حلفائها مثل تركيا التي تريد لعب دور بسيط، وفي سورية تريد تركيا لعب دور كبير وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة.

تركيا أيّدت الولايات المتحدة في أفغانستان ضد القاعدة بعد إرهاب ١١/ ٩/ ٢٠٠١ في نيويورك، إلا أن العلاقة بين البلدين تراجعت تدريجياً عندما أصبح رجب طيب أردوغان رئيساً للوزراء، وهو الآن رئيس الجمهورية.

تركيا تريد قلب النظام في سورية، إلا أن ليس لها من يخلف نظام بشار الأسد. حربها الحقيقية ضد الأكراد من تركيا إلى سورية والعراق وغيرهما، وهذه الحرب أهم لنظام أردوغان من تأييد الولايات المتحدة في هذا البلد أو ذاك.

مع هذا وذاك هناك خلاف كبير بين تركيا وقبرص، فتركيا لم تجد في أرضها مصادر للطاقة كالموجود في وادي النيل والمشرق العربي. تركيا قررت أن تواجه قبرص طلباً للنفط والغاز الذي لم تجده في أرضها، وهي تحاول أن تدعي ملكية مواقع في البحر العالم كله يقول إنها تابعة لقبرص.

ثم هناك إيران وخلافها مع الولايات المتحدة وحلفائها من دول الخليج. الإمارات العربية المتحدة دعت إلى اجتماع مع إيران لحل المشاكل. كانت المفاوضات مع إيران توقفت سنة ٢٠١٣، إلا أن الإمارات تعتقد أن حلّ المشاكل سيفيد أطراف النزاع جميعاً.

كانت هناك هجمات في الخليج في أيار (مايو) على ناقلات نفط سعودية وغيرها، وإيران أنكرت مسؤوليتها عن الهجمات إلا أنها المتهم الوحيد حتى الآن.

الخلاف الأميركي مع إيران يتجاوز المواجهة مع الدول العربية في الخليج، هناك مواجهة معروفة بين إيران وأنصارها الحوثيين من جهة وتحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن من جهة أخرى. إيران تزعم أن أمن الخليج ضرورة لها أيضاً، إلا أن مواقفها لا تؤيد ما تزعم.

وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قال في خطاب السنة الماضية إن على إيران تنفيذ ١٢ طلباً من الولايات المتحدة وحلفائها، إلا أن حرية الملاحة كانت في خطابه تقتصر على عبارة رفع «تهديد الملاحة الدولية» في الخليج.

المرور في مضيق هرمز تحكمه اتفاقات، أهمها ميثاق جنيف عن البحار وجوارها سنة ١٩٥٨، وميثاق الأمم المتحدة لسنة ١٩٨٢ عن البحار، وهذا الاتفاق بدأ تنفيذه في سنة ١٩٩٤.

إيران وقّعت معاهدتي ١٩٥٨ و١٩٩٤ إلا أنها لم تنفذ أياً منهما حتى الآن. في فيينا جرت محادثات لإنقاذ المعاهدة النووية مع إيران التي انسحبت منها الولايات المتحدة. المحادثات تهدف إلى إنقاذ المعاهدة المعروفة باسم «خطة العمل المشتركة». وقالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك الشهر الماضي إنها تخشى زيادة التوتر في الخليج، وتنتظر أن يبدأ العمل لخفض حدة التوتر هناك.
2 المناطق الآمنة والحروب التي تليها
وليد شقير
الحياة السعودية

بينما يجري التحضير لاتفاق ينفذ على مراحل من أجل إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سورية، بتفاهم أميركي تركي، يستحضر هذا المصطلح تاريخ المناطق الآمنة في المنطقة، خلال السنوات الماضية. ولا يمكن للمرء إلا أن يسجل بأن إقامة المنطقة الآمنة في هذه الدولة أو تلك مهد لحروب جديدة ولم يحفظ الأمن فيها أو على حدودها.

ولئن أخذت المناطق الآمنة تسميات مختلفة، تارة بأنها منطقة حظر جوي وأخرى على أنها اتفاق هدنة، أو فك اشتباك، أو منطقة عازلة، فإن التسمية اختلفت وفق الوظيفة التي أعطيت لقيام تلك المنطقة المحظر فيها أشكال النزاع العسكري على جهة بعينها.

مهدت منطقة الحظر الجوي في كردستان العراق في تسعينات القرن الماضي لحرب العراق في 2003 . وقبلها مهد اتفاق وقف النار وقيام مناطق عازلة على الحدود إثر حرب 1967 بين إسرائيل والعرب لحرب 1973. وقيام الشريط الحدودي المحتل من قبل إسرائيل عام 1998 كمنطقة عازلة عادت فتولتها قوات حفظ السلام الدولية تحت ولاية القرار الدولي الرقم 425 ، بهدف حفظ أمن الدولة العبرية حيال الهجمات الفلسطينية من جنوب لبنان. وكلها محطات مهدت لحرب 1982 والاجتياح الإسرائيلي. وبعدها جرى توسيع مهمات القوات الدولية جغرافيا وعديدا وعتادا لا سيما بعد عدوان 2006 وفقا للقرار الدولي الرقم 1701 . وما زالت المنطقة الممتدة من الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وصولا إلى نهر الليطاني تعتبر منطقة آمنة متجددة بغطاء دولي، تضمن أمن إسرائيل من جهة وأمن الجنوب اللبناني من جهة ثانية. لكن “المنطقة الآمنة” الجنوبية في لبنان، باتت امتدادا لمنطقة آمنة أو عازلة مفترضة يجري الصراع حولها في جنوب سورية من القنيطرة إلى درعا، ما زال قيامها يخضع لأخذ ورد بين القوى الكبرى المعنية بالصراع الدائر في بلاد الشام.

ومثلما تسعى تركيا إلى اقتطاع المنطقة الآمنة في الشمال، تسعى إسرائيل إلى فرض منطقة عازلة مع حدودها في الجنوب السوري، بينها وبين إيران التي تعمل لتثبيت أقدامها فيها، مقابل الطلب الإسرائيلي- الأميركي من موسكو إبعاد الإيرانيين وحلفائهم مسافة تتراوح بين 50 و100 كيلومترا لضمان أمن الحدود الإسرائيلية. وبينما يخضع قيام المنطقة الآمنة شمالا لمنطق الصراع بين أنقرة والقوات الكردية ويتسبب بتصاعد الخلاف الأميركي التركي، فإن قيام المنطقة العازلة في الجنوب السوري دونه حسابات تتعدى الميدان السوري، وتتصل بتصاعد الصراع الأميركي الإيراني وحرب واشنطن الاقتصادية على طهران لإضعافها وجلبها إلى طاولة التفاوض. في الحالتين تستمر المواجهات السياسية والعسكرية بين مختلف الفرقاء المتورطين في الحرب السورية. والتصعيد العسكري في محافظة إدلب يبلغ مستويات غير مسبوقة في إطار هذا الصراع على الشمال، بينما تواصل إسرائيل في الجنوب السوري توجيه ضرباتها لأذرع إيران بالقصف الجوي أو الصاروخي الانتقائي لمواقع الإيرانيين وحلفائهم، مقرونا بغض نظر روسي، بعدما بلغ النفوذ الإيراني في دمشق وسائر المحافظات درجة تصعب العودة عنها، في مزاحمة الدور الروسي.

أصبحت المنطقة العازلة أو الآمنة لحفظ أمن إسرائيل في الجنوب السوري تقوم على صناعة الفوضى التي تجعل من المستحيل السيطرة عليها، أو تمكين روسيا من أن تسحب الإيرانيين منها. ولذلك يلجأ الإسرائيليون إلى قصف مواقعهم فيها وفي محيط دمشق القريب، بدلا من الاتكال على ضغوط تؤدي إلى انكفاء الجانب الإيراني منها.

وحدها “المنطقة الآمنة” في جنوب لبنان تنعم بشبه إجماع دولي على بقائها بعيدة من التوتر أو التصعيد، على رغم طموح “حزب الله” وإيران بأن يتم ربطها بالجبهات الأخرى في أي نزاع إيراني – أميركي أو مع إسرائيل.

فهي منطقة آمنة قابلة للاهتزاز إذا أرادت إسرائيل وأميركا، أو نتيجة قدرة الحزب على تحريكها عسكريا بسبب إمكاناته فيها، مثلما حصل في شأن الأنفاق التي تبين أنه حفرها وتتخطى الحدود نحو الأراضي الفلسطينية. وهي منطقة هادئة لأن الحزب مطمئن إلى قدرته على إشعالها عندما يتطلب الأمر ذلك، لكن أولويته في الظروف الراهنة لا تتعلق بدوره فيها، بقدر ما تتعلق بقدرته على التأثير على السلطة المركزية وعلى قرارها، وعلى القوى السياسية التي تتكون منها هذه السلطة، لحسابات متصلة بتجيير قرار هذه السلطة على الصعيد الإقليمي لمصلحة إيران، ما ينتج تصاعدا في الصراع الداخلي، وصولا إلى بلوغه خطر الصراع الأهلي كما حصل أخيرا.

يؤسس قيام المناطق الآمنة الحدودية أو محاولة إنشائها لحروب أو مواجهات ولو بعد حين. وفي لبنان يمهد ثبات التهدئة جنوبا لصراع على القرار في بيروت، تتداخل فيه العوامل الطائفية والمذهبية مع العوامل السياسية الخارجية.
3 من طرائف المخابرات

خالد القشطيني
الشرق الاوسط
في العهد الثوري لعبد الكريم قاسم، دخل في ذهن العراقيين أن الإنجليز يخططون لانقلاب ضد حكومة الثورة وإعادة النظام الملكي للبلاد. ولصيانة العراق من ذلك ورد مكر الإنجليز إلى نحورهم، ركزوا على مراقبة المسؤولين البريطانيين. عمدت السلطات إلى مراقبة رجال السفارة البريطانية، ولا سيما ملحقها العسكري. لاحظ الملحق أنه حيثما ذهب تبعه رجل على دراجة نارية. لا شك أن المخابرات العراقية كلفت هذا الرجل بملاحقة هذا الضابط الإنجليزي أينما ذهب لئلا يسلم مخططات الانقلاب لأحد من الخونة. قالوا له «اخوي يا اخوي. لا تخلي هذا الصاحب يفلت من نظرك».
بمرور الأيام نشأت علاقة بين الاثنين. وأخذ كل منهما يسلم على الآخر كلما رآه. كلما خرج الملحق من مبنى السفارة لاحظ وكيل المخابرات ودراجته في انتظاره. فيسلم عليه بعربيته المكسرة: تسبح على خير سيد!
ذهب في أحد الأيام لحفلة ساهرة في بيت أحد رعايا صاحبة الجلالة. استمرت الحفلة لساعة متأخرة من الليل. وعندما خرج ليركب سيارته التفت إلى عبد (لا بد أن هذا كان اسمه، فمعظم وكلاء المخابرات اسمهم عبد) ولاحظ أنه كان نائماً فوق دراجته ملتفاً بمعطفه. فتحير الصاحب في أمره. كيف ينصرف من دون الجاسوس المكلف ملاحقته؟ كان رجلاً طيباً وأدرك أنهم سيعاقبونه على تقصيره عندما يكتشفون أن ضابطاً إنجليزياً سار في بغداد من دون أحد يراقبه! فذهب إليه ووضع يده على كتفه ليوقظه: «سيد اصح من النوم! الصاحب الإنجليزي يريد يمشي»!
نفض النوم من عينيه واستفاق من حلم لذيذ كله فلوس. شكر الضابط واستعد لتشغيل دراجته. لكنها أبت واستعصت. تطوع الضابط ليشغلها له «تسمح أساعدك». لكن الدراجة لم تستجب إليه كذلك. تبين أنها استنفدت بنزينها وغدت من دون وقود. فتطوع الضابط أن يذهب بسيارته ويشتري بعض البنزين من البنزينخانة. لكنه توقف وتأمل. فذلك يعني أن ضابطاً إنجليزياً يسير بسيارته من دون جاسوس يتابعه. غير ممكن! ويشتري بنزيناً! يا ويل! فكر في أن يأخذ الجاسوس معه في سيارته ليشتري البنزين له وفي حضوره. لكنه أدرك أن مديرية المخابرات لن تستأنس بذلك؟ جاسوس من جواسيسها في صحبة إنجليزي وراكب في سيارته!
«تسمح سيد»! قال الضابط ومضى إلى مؤخرة سيارته وفتح الصندوق وأخرج أنبوباً بلاستيكياً دقيقاً ثم حرك سيارته بحيث جعل مؤخرتها موازية لخزان وقود الدراجة، مصمص فيه حتى تدفق البنزين منه، فدس الطرف الآخر في خزان وقود الدراجة بحيث أخذ البنزين ينساب من خزان وقود السيارة إلى خزان وقود الدراجة بطريقة السيفون المعروفة. وقف وكيل المخابرات ينظر ويعجب بلوذعية الضابط الإنجليزي. وعندما انساب ما يكفي من الوقود، سحب الأنبوب وأغلق فم الصندوق. «يالله سيد شغّل»! تقدم الجاسوس العراقي، وضع قدمه على مضرب الحركة وكبسه بأناة فاشتغلت ماكنة الدراجة. شكراً صاحب. الله يطول عمرك!
«الصاحب يقدر يمشي هسه» قال الضابط مبتسماً ومضى إلى سيارته وسار بها. نظر في المرآة فلاحظ السيد عبد يجري وراءه مرتاحاً. كل شيء حسب الأوامر بفضل قطرة بنزين من سيارة الصاحب.
4 هل صار «الحشد» بديلاً للدولة؟!
مشاري الذايدي الشرق الاوسط
ليست الحصافة وليس الحزم أن تتعامل مع المشكلة حال وقوعها، بل الحصافة توقعها ومنع حصولها، أو بأضعف الإيمان تقليل ضررها للحد الأدنى.
منذ أن أصدر المرجع الشيعي العراقي الأعلى السيد السيستاني فتواه «الجهاد الكفائي» في يونيو (حزيران) 2014 بعد سيطرة «داعش» على الموصل، وتجاوز مؤسسات الدولة كالجيش والشرطة وحرس الحدود، كان الخطر المستقبلي واضحاً.
نعم حرس الثورة الخميني استثمر عميقاً وقديماً في الجماعات الشيعية الحركية مثل «مجلس الحكيم» و«حزب الدعوة» ورجال مثل هادي العامري والمهندس، لكن فتوى «الجهاد الكفائي» فُهمت خطأً وتسبب ذلك في فتح أبواب الفوضى واغتيال فكرة الدولة العراقية، وامتد نشاط ميليشيات «الحشد الشعبي» تحت ولاية قاسم سليماني، إلى سوريا وغيرها، ومن أبشع هؤلاء ما يعرف بـ«حركة النجباء» – اسم جميل النجباء!- التي لا تعترف أصلاً بمؤسسات الدولة العراقية نفسها حتى لو كانت تحت إدارة الأحزاب الشيعية.
شيء كهذا يكشف الداء الذي أهملناه قبل 4 سنوات فاستوى بشاعة كهذه، فقد صرح رجل الدين الشيعي المقرب من «حركة النجباء» يوسف الناصري في 13 اغسطس (آب) 2019 عبر قناة تلفزيونية قائلاً: «أطالب بإعادة بناء الأجهزة الأمنية من جديد، وبحل الجيش العراقي وباعتبار (الحشد الشعبي) هو الجيش الأول في العراق وليس رديفاً، وليكن هو وزارة لحماية أمن العراق ومستقبله استراتيجياً. لسنا بحاجة إلى من يعطى ألف دولار لكي يكون جندياً، وعندما تقع حادثة يلقي بملابسه وبندقيته ويهرب، وجيش كهذا مرتزق وليس أصيلاً».
صانَ اللهُ العراق والعراقيين من جنود سليماني والبغدادي من شياطين الإنس سنةً أو شيعةً.
لا نقول إن فتوى «الجهاد الكفائي» هي مسوغ شرور «الحشد الشعبي» داخل العراق وخارجه، ولا نظن أن شيخاً وقوراً كالسيد السيستاني يرضى بجرائم هؤلاء ضد شيعة العراق قبل سنته، وهو الرجل الذي لقبته صحافة الغرب بـ«دالاي لاما العراق».
بل نقول إن واجب كل حماة القيم وحراس الضمير الحي بالعراق، عليهم واجب حماية عراقهم المتحضر.