1 هل الصراع الامريكي الايراني امتداد للصراع الاسلامي الصليبي؟ المحامي سفيان الشوا راي اليوم بريطانيا
يبدو اننا اخطانا عندما اعتقدنا ان الحروب الصليبيبة انتهت.. بعد انتصار صلاح الدين على الصليبيين وطردهم من القدس الشريف في القرون الوسطى .. فالحرب ما زالت في قلب الصليبيين الجدد .. الذين اصبحوا معظم الدول التي تحمل الصليب ضد المسلمين. وكلنا يتذكر القائد الفرنسي ( الجنرال جورو) قائد الحملة الفرنسية التي انتصرت على تركيا بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى.. فقد دخل الجنرال جورو دمشق واحتلت القوات الفرنسية سوريا ولبنان دخل (الجنرال جورو) دمشق في 6/11/1917 ثم ذهب الي المسجد الاموي حيث يوجد قبر البطل صلاح الدين فذهب الجنرال الي القبر .. ووضع عصاه على القبر وقال كلمته المشهورة ها قد عدنا يا صلاح الدين..؟ بالرغم من مرور اكثر من 700 سنة على انتهاء الحروب الصليبية وتحرير القدس من دنس الاحتلال .
وحادثة ثانية تؤكد لنا وهم الاعتقاد بانتهاء الحروب الصليبية.. فقد اعلن الرئيس (دونالد ترمب) في حملته الانتخابية وعودا توراتية كثيره الي اليهود عامة والي اسرائيل خاصة.. اهمها انه سوف يعترف بالقدس اورشاليم عاصمة الي اسرائيل وانه سوف ينقل السفارة الامريكية من تل ابيب الي القدس .. وبعد نجاح الرئيس ترمب في انتخابات الرئاسة الامريكية وتنصيبه رئيسا في 20 يناير2017 الا انه انتظر مدة اكثر من سنة حتى تاريخ 6/11/2018 حيث اعلن اعتراف الولايات المتحده بالقدس عاصمة للشعب اليهودي في اسرائيل.. ونقل السفاره الامريكية من تل ابيب الي القدس (اورشاليم) وتساءل الكثيرون عن سبب انتظره الي هذا التاريخ وجاء الجواب انه اعلان عن عودة الحروب الصليبية في العصر الحديث ضد المسلمين بعد مرور 100 سنة على انتهائها في القرون الوسطى..؟ هذا ليس خيال رجل يسبح في الهواء الطلق بل هو حقيقة يلمسها كل من له عينين .
ما هو تفسير اهداء الرئيس دونالد ترمب الي اسرائيل الجولان السورية واعتبارها ارضا اسرائلية بالرغم من انها ارض عربية سورية منذ مئات بل من الاف السنين.
ولعلنا نتذكر ما اطلق عليه حرب تحرير العراق سنة 2003 وهو الغزو الامريكي للعراق الشقيق بقيادة الولايات المتحدة فقد كانت الصواريخ الامريكية التي تنهال على بغداد كانت تحمل عبارات حاقدة مثل هدية من البابا وهدية من السيدة مريم العذراء ..الخ. مما يدل على ان الحروب الامريكية تحمل في تناياها حقد الصليبيين ضد المسلمين.
سبحان الله لعل هذا جواب على ما يدور في ذهن البعض منا وهو يتساءل لماذا هذا العداء في الصدور في الولايات المتحدة ..؟ الجواب يدخل في باب (صدق او لا تصدق ) لان الولايات المتحدة بقيادة الرئيس (جورج واشنطن) كانت تدفع الجزية نعم الجزية بحسب الشريعة الاسلامية.. الي الامبراطورية العثمانية مبلغ 12000 اثنى عشر الف ليرة ذهبية. كل عام مقابل حماية السفن الامريكية في البحر الابيض المتوسط وحماية البحارة الامريكان والرعايا الامريكان اثناء تواجدهم في المنطقة.
سبحان مغير الاحوال فلا يدوم الا وجه ربك ذو الجلال والاكرام.. كانت امريكا تدفع الجزية للمسلمين مقابل حمايتهم اما اليوم فالعرب المسلمون يدفعون مئات المليارات من الدولارات الي امريكا مقابل حمايتها للعرب المسلمين او تحديدا لحماية عروش بعض الحكام العرب كما نسمع في وسائل الاعلام .
ولكن الحقد والكراهية التي نسمع عنها في العالم الغربي هذه الايام شيء مرعب فالتطرف الديني يجتاح امريكا واوروبا لدرجة وصلت حافة الهاوية في العلاقات الاجتماعية بين المسلمين والمسيحيين ..ولعلنا نتذكر مجزرة (نيوزيلندا )الاخيره التي تؤكد على تنامي الكراهية والتعصب الديني .. فقد قام شاب ارهابي استرالي الجنسية ويدعى (ترانت) بالسفر الي نيوريلندا وفي تاريخ 15/3/2019 ارتكب المجزرة الحمراء في مدينة ( كراتيس تشيرش) وهي التي تقشعر لها الابدان من هولها حيث هاجم (مسجد النور) وارتكب مجزرة حاقدة في ذلك المسجد فقد قتل 49 مسلما واصاب العشرات بجروح ..اثناء تاديتهم صلاة الجمعه وهم بين يدي الله .
والغريب ان المجرم القاتل قال بعد ارتكابه المجزرة والقاء القبض عليه من قبل شرطة نيوزيلندا: انه لا يشعر بالندم.. ويتمنى فقط قتل اكبر عدد ممكن من المسلمين الخونة .. وانه لا يوجد بريء بين المستهدفين الذين قتلوا اثناء الصلاة..؟ حقد وكره عميق يمتاز به بعض الشباب المتطرفين في العصر الحديث .
ان الموقف الامريكي من هذه المجزرة الرهيبة موقف مخزي حقا.. فقد تجاهل الرئيس الامريكي ( دونالد ترمب) وكثير من رجال ادارته تعزية المسلمين.. في نيوريلندا واكتفى بالتصريح بوقوف الولايات المتحدة بجانب نيوزيلانده.. دون الاعتراف بحقيقة استهداف المسلمين.. وبدون تقديم اي تعازي لهم. وهذا يؤكد ان الرئيس الامريكي ( ترامب) يمثل رأس العنصرية البضاء المسيحية ضد المسلمين فقد اصدر اوامره بمنع دخول رعايا 8 دول اسلامية الي الولايات المتحدة .
ويبدو ان العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية الاسلامية الايرانية نابعة من كره عميق وحقد على المسلمين متوارث منذ الحروب الصليبية، وان ما نراه من افتعال للازمات وتهديد بالحروب بل التهديد بالابادة ليست ناجمة عن اتفاق نووي سيء او اي اسباب مفتعلة.. بل هو نتيجة الحقد المتجذر في النفوس وخطاب الكراهية الذي يعتنقونه ضد الاسلام وضد المسلمين .
اننا نفهم الحقد الاوروبي ضد تركيا.. فان تركيا طلبت الانضمام الي الاتحاد الاوروبي منذ 30 سنة ومازالت اوروبا ترفض دخول تركيا الي الاتحاد… بالرغم من ان تركيا تعتبر اقوى دولة في اوروبا.. ولها اقوى جيش بين الجييوش الاوربيه الداخلة في حلف (الناتو)، واخيرا صرح الرئيس الفرنسي السابق (ساركوزي) :- (بان اوروبا نادي مغلق على الدول المسيحية فقط)، ولقد طلبت السيدة ميركل مستشارة المانيا من تركيا انه اذا رغبت تركيا في الانضمام الي الاتحاد الاوروبي.. عليها اولا ان تهدم ماذن المساجد التي تملاء الاراضي التركية؟
كره لدرجة الجنون.. وحقد اعمى ليس له مثيل ..وتطرف ديني عجيب بين القادة الاوروبيين وكذلك الشعوب الاوروبيه ..فيجب ان تتخلى تركيا عن الاسلام حتى تدخل الاتحاد الاوروبي..؟ وغير ذلك مضيعة للوقت. ربما هذا نتيجة (معركة موهاكس) التي حدثت بين السلطان سليمان القانوني واوروبا سنة 1526 وسحق الجيش العثماني المسلم جيوش اوروبا وقتل ملك المجر فلاديسلاف الثاني وبسط سلطة الدولة العثمانية على كثير من اجزاء اوروبا .
عاش الاسلام والمسلمون زمنا ذهبيا ايام الخلافة العثمانية فقد كان السلطان يلقب بامير المؤمنين في اسطنبول وامتدت دولة الخلافة الاسلامية زمن تركيا في ثلاث قارات هي اوروبا واسيا وافريقيا.. وعندما وزعت املاك الدولة بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولى توزعت تلك الاملاك على 40 اربعين دولة.. من دول العصر الحديث .
وهذا يبين لنا حقد الصليبيين فيى الزمن الماضي والحاضر علينا. ولعل الذي نراه
الان في الخليج العربي هذه الايام بين حافة الهاوية للحرب بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية هو الفصل الاخير من الحقد الصليبي على الاسلام والمسلمين.. لعن الله التطرف البغيض..!!
2 لماذا رفض العراق ورشة المنامة الاقتصادية؟
عادل الجبوري راي اليوم بريطانيا
قبل حوالي اسبوعين، اصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانا اوضحت فيه موقف العراق من الورشة الاقتصادية المزمع عقدها في العاصمة البحرينية المنامة، يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر حزيران-يونيو الجاري، قالت فيه، “ان العراق لن يشارك في مؤتمر البحرين، وذلك يعود لموقفه الثابت من القضية الفلسطينية، وهو حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الموحدة وعاصمتها القدس الشريف، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف”
وجاء في البيان ايضا، “ان هذه القضية مركزية في وعينا الشعبي والسياسي وخطابنا كوزارة خارجية عراقية”.
وزارة الخارجية العراقية، عبرت في بيانها الانف الذكر عن موقف بغداد الرسمي، من حدث مرتقب، اثار-ومازال-الكثير من السجال والجدل في مختلف الاوساط والمحافل السياسية والاعلامية والفكرية والثقافية.
وقد اقترن الموقف الرسمي العراقي، بمواقف غير رسمية، عبرت عنها شخصيات ونخب سياسية وشعبية متنوعة، عززت موقف الحكومة، واطلقت رسالة قوية وعميقة، اجابت عن تساؤل مهم وحساس عن موقع العراق ازاء مايجري في المنطقة، من بعض التوجهات الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية عبر صفقات كواليسية مريبة تتبناها الولايات المتحدة الاميركية ومعها الكيان الصهيوني وعدد من الانظمة العربية الخاضعة والمهادنة.
يستند موقف العراق الرافض بمختلف عناوينه ومسمياته واتجاهاته لورشة المنامة، على حقيقة اساسية ومهمة، مفادها ان حل القضية الفلسطينية واعادة الحقوق المستلبة الى اصحابها المتمثلين بأبناء الشعب الفلسطيني، لايتحقق عبر المؤتمرات التصالحية والتساومية، واتفاقيات التسوية والورش الاقتصادية، ولو كان الامر كذلك، لتحقق السلام الحقيقي من خلال مؤتمر كامب ديفيد، والكثير من المؤتمرات اللاحقة له، من قبيل مؤتمر مدريد ومؤتمر اوسلو، ومؤتمر واي بلانتيشن، وغيرها، ولو كان الامر كذلك لتحقق السلام في المنطقة بعد اقدام بعض الدول على اقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية مع الكيان الصهيوني، وتبادل فتح السفارات، مثلما حصل بين مصر والاردن من جهة والكيان الصهيوني من جهة اخرى، في عامي 1977 و 1994.
وارتباطا بهذه الحقيقة الاساسية والمهمة، فأن رؤية العراق تقوم على مبدأ لايمكن بأي حال من الاحوال تجاهله او القفز عليه، وهو ان الحل الحقيقي والصحيح، يتطلب ان يكون الفلسطينيين طرفا رئيسيا فيه، وهذا لم يكن موجودا بصورة فعلية في كل مشاريع ومبادرات التسويات السابقة، والملفت والمتوقع، انه لن يكون للفلسطينيين حضور ومشاركة في ورشة المنامة، واكبر دليل على ذلك ان القوى والفصائل والشخصيات الفاعلة في الساحة اعلنت بصورة واضحة للغاية رفضها القاطع لورشة المنامة، معتبرة اياها خدعة، وخطوة لانهاء القضية الفلسطينية بالكامل، من خلال اخصاعها لصفقة تجارية، في حال نجحت ستكون اسرائيل الرابح الوحيد فيها ومعها الولايات المتحدة الاميركية.
وعدم مشاركة الفلسطينيين في ورشة المنامة، امر طبيعي ومنطقي جدا، والذي لايمكن ان يترتب عليه الا الفشل والاخفاق، ومن بين ما يقوله العراقيون، “كيف نشارك في مؤتمر لحل القضية الفلسطينية، والفلسطينيين انفسهم يرفضونه ويقاطعونه، ويعتبرونه مؤامرة عليهم؟”.
ليس هذا فحسب، بل ان مساحات الرفض والمقاطعة لورشة المنامة تتسع كثيرا، لتشمل حكومات عربية، وقوى وتيارات واحزاب ذات توجهات ومتبنيات سياسية وفكرية مختلفة، ربما كان البعض منها محسوبا على الفضاء السياسي القريب من واشنطن وحلفائها في المنطقة، ناهيك عن ان اطرافا اخرى اكتفت بتمثيل متواضع دفعا للحرج، وبفعل ضغوطات واشنطن وتل ابيب والمنامة والرياض وابو ظبي عليها، ولعل الاردن تعد ابرز مثال على “المشاركة على مضض”، حينما قررت ارسال الامين العام لوزارة المالية في الحكومة ليرأس وفد بلاده الى ورشة المنامة، مع توضيح من وزارة الخارجية يؤكد “موقف الأردن الواضح بأن لا طرح اقتصادي يمكن أن يكون بديلا لحل سياسي ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق”.
والنقطة الجوهرية الاخرى، التي استند على الموقف العراقي الرافض، تتمثل في ان ورشة المنامة، من اية زاوية نظرنا اليها وتعاطينا معها، فأنها لاتخرج عن اطار المساعي والجهود الاميركية-الاسرائيلية ومن ورائها اطراف اقليمية، لمحاصرة واضعاف جبهة المقاومة، لاسيما محورها الرئيسي المتمثل بالجمهورية الاسلامية الايرانية، اكثر من التوجه الجاد والصادق للتوصل الى حل مقبول وعادل للقضية الفلسطينية.
ولاشك ان توقيت عقد الورشة، وهوية المتحمسين والمشاركين فيها، مقابل الرافضين والمقاطعين لها، وفحوى موضوعاتها، التي تبدو تمهيدا لتمرير صفقة القرن، يؤكد بما لايقبل الجدل والنقاش، ان واشنطن وتل ابيب وبعض العواصم العربية، تريد استخدامم القضية الفلسطينية كورقة للضغط والمساومة وتحقيق المكاسب والتمدد والتوسع والهيمنة.
وبما ان العراق يدرك كل هذه الحقائق، ويدرك تبعاتها واثارها الخطيرة، فقد كان من الطبيعي ان يؤكد بوضوح وصراحة موقفه الرافض، رغم الضغوطات والانتقادات التي تعرض لها، والتحذيرات والتهديدات التي تلقاها بصورة او بأخرى من الاطراف الراعية والمنظمة للورشة.
واذا كانت صيغة الارض مقابل السلام قبل اربعين عاما قد فشلت، وبعدها فشلت ايضا صيغة السلام مقابل السلام، فأغلب الظن-ان لم يكن من المؤكد-ان تنتهي صيغة السلام من اجل الازدهار التي رفع لافتتها صهر الرئيس الاميركي، جاريد كوشنير، الى ذات المصير، لانها اتخذت ذات المسارات السابقة الخاطئة وتأسست على نفس الحقائق الزائفة.
3 ماذا يعني اقتِحام سفارة البحرين في بغداد؟ وهل وضعت السعوديّة والإمارات المنامة و”مُؤتمرها التّطبيعي” في وجه “المدفع العربي” وأيّ علاقة لإيران؟ خالد الجيوسي رأي اليوم بريطانيا
ربّما وقعت البحرين أو حُكومتها، في فخ استضافة مُؤتمر “الازدهار” في عاصمتها المنامة، والقاضي بتصفية القضيّة الفِلسطينيّة، أو ما يُعرف بمُناقشة الشّق الاقتصادي لإنعاش الضفّة الغربيّة، وغزّة، تحت عُنوان ما يُعرف بصفقة القرن، وعرّابها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (جاريد كوشنر)، وهذا الفخ هو في الغالب صنيعة أخواتها الخليجيّات، السعوديّة، والإمارات، اللّتان اختارتا أرضها (البحرين) لإقامة المُؤتمر، وبالرّغم من حُضورهما للمُؤتمر بشكلٍ رسميٍّ.
حُضور المُؤتمر مُدانٌ بالطّبع، وغير مُبرّر تحت أي من العناوين، لكن حكومتا السعوديّة، والإمارات، وبالرغم من حُضورهما المُعلن، اختارتا عدم “المُغامرة” باستضافة المُؤتمر على أراضيهما، وعملتا بمبدأ “الاستعانة بصديق”، أو كما يصفه زميل صحافي بحريني الحالة، بوضع الأضعف بوجه المدفع، وهي البحرين بناءً على الواقع الذي وضعها أمام سهم النّقد، والإدانة.
نحن لن نقول بأنّ مُؤتمر المنامة قد فشل، للأسباب التي تروج في الصحف الغربيّة، ومنها أنّ المُؤتمر كان باهتاً، ومُملّاً، وأنّ كوشنر لم يجد وزير ماليّة عربي واحد مُتحدّث في مُؤتمره، حتى الصّحافة الإسرائيليّة كما علّقت ذاتها لم تجد ما يُمكن أن تُعلّق عليه الآمال، فالجميع ومنهم الأوروبيين لم يكونوا على قدر الحماسة للصفقة، ومشاريعها التي تشتري حق الفلسطينيين بأرضهم، وشرفهم، وعرضهم، هذه الأسباب جميعها صحيحة، وهي خطوة أولى في طريق إفشال الصفقة، وأصحابها، ولكن هُناك أسباب جعلت، وستجعل تلك الصّفقة فضيحة، ووصمة عار على جميع من أيّدوها، وحضروا مُؤتمرها.
الرّفض الشعبي البحريني من واقعين افتراضي، وحقيقي، كان العقبة الأصعب أمام الحُكومة البحرينيّة التي استضافت المُؤتمر، فارتفعت الأعلام الفلسطينيّة إلى جانب البحرينيّة على أسطح المنازل في مشهدٍ تاريخيٍّ لن تنساه الوفود الإسرائيليّة التي حظيت بالحفاوة الرسميّة، لكن عامل التنظيف والتعقيم كذلك الذي سارع إليه منتمون لجمعية التصدّي للتطبيع بعد صورة الصحافي الإسرائيلي الذي اختار وضع صورة جوازه أمام جمعيتهم، كانت بألف كلمة، ولا نقول أكثر من ذلك.
من يتجوّل في أروقة “تويتر” الافتراضيّة يجد حجم الرفض الشعبي البحريني الذي أمطروه للعدو الزائر، فمنهم من وضع صورة فلسطين، والأقصى، ومنهم من وضع الكوفيّة على مقاعد سيارته، ومنهم من دشّن وسوم “هاشتاقات” تفاعليّة اعتراضاً، ونقداً، لاستضافة حُكومته المُؤتمر.
المشهد لم ينته بحرينيّاً، وإن حاول بعض المسؤولين في البلاد تجميل المشهد، والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، فالأخيرة خليّة سرطانيّة يجب اقتِلاعها، والشعوب العربيّة على قدر تلك المَهمّة، والمشهد جاء من العِراق، حين اقتحم مُتظاهرون غاضبون سفارة البحرين في العاصمة بغداد، ورفعوا العلم الفلسطيني بعد إنزال العلم البحريني، فيما استدعت البحرين سفيرها للتّشاور، وحمّلت العراق مسؤوليّة حماية سفارتها، وقُنصليتها.
الشّباب العِراقي الغاضِب، اقتحم سفارة البحرين تنديداً بصفقة القرن، وورشة المنامة التي قاطعها بلاده، وهو غضب يُعبّر عن جميع الشباب العربي، ويضع حُكومة البحرين أمام إحراج كبير، فبينما هي تستضيف الوفود الإسرائيليّة، يحرق الشباب العِراقي علم تلك الوفود أمام مقر سفارتها في منطقة المنصور.
هذا المشهد الغاضِب، لن يقتصر على العِراق، وسفارة البحرين المُستضيفة للمُؤتمر المشؤوم، بل سيمتد لكُل الدول العربيّة التي اعتقدت أنّه يُمكن تمرير تلك الصفقة على حساب كرامة، وحق الشعب الفِلسطيني، بل إنّ الشعوب العربيّة ستكون بالمِرصاد، ونحن هُنا لا نصف جُملاً إنشائيّةً، ونشحذ الهِمم، بقدر ما نتحدّث عن واقعٍ عربيٍّ رافضٍ لبيع فِلسطين، وهذه فقط البداية.
لعلّ الحُكومات الخليجيّة الداعمة لصفقة القرن، “اختبرت” حالة الغضب الشعبي تُجاه تلك الاستضافة، ولعلها وضعت البحرين كما قلنا في مطلع المقال في وجه المدفع، حتى تتعرّف على أهميّة فِلسطين في قُلوب الشعوب العربيّة، والأهم ردّات الفِعل التي ستَخرُج على هذا “الهوان التّطبيعي” البحريني الرسمي، وتأثير امتداداتها على سُمعة تلك الحُكومات، ونحن نتحدّث عن حُكومتيّ السعوديّة، والإمارات، وعن السعوديّة تحديداً، كونها خادمة الحرمين، ولا تزال تدعم حل الدولتين، والمُبادرة العربيّة على الأقل علناً.
بعض الآراء البحرينيّة المُؤيّدة للسّلطة، حاولت التّقليل من أهميّة الهبّة الشعبيّة البحرينيّة، والعربيّة، تُجاه استضافتهم المُؤتمر، وعرّاب صفقته جاريد كوشنر، بالقول إنّ إيران هي من وقفت خلف تحريك هؤلاء الغاضبين، بفِعل وصول أذرعها في كُل من العِراق، والبحرين، وهذا الموقف باعتقادنا إن صح، لا يُدين إيران، بقدر ما يجمع حولها العرب والمُسلمين، فالجمهوريّة الإسلاميّة أعلنت رفضها لتلك الصّفقة، ومن الطّبيعي أن تبذل جُهودها في التصدّي لها، وعدم تمريرها، وهذا بحد ذاته موقف يُحسب لها، وإن كُنّا نُؤمن بكرامة العرب، وهبتهم حينما يتعلّق الأمر بفِلسطين.
نختِم بالشّكر لكُل الدول العربيّة التي قاطعت مُؤتمر “بيع فِلسطين” العِراق، الكويت، لبنان، ونقول أنّ إطلاق ثلّة من الإعلاميين الخليجيين، للقول بأنّ الفلسطينيين خونة، وشحّادين باعوا أرضهم في هذا التّوقيت، ليست إلا مُحاولات يائسة، وبائسة، لتضليل الرأي العام العربي، وحرفِه عن بوصلته، وقضيّته، وهي مُحاولات فاشلة، نظراً لردّة الفِعل العربيّة الدّفاعيّة على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصف هؤلاء بالكذب، والتّحايل، وليس أفضل من أن تُراجع دول “صفقة القرن” موقفها الإيجابي منها، فخسارة السّمعة، والقيمة، ليس أصعب من استعادتها، والنّصيحة بجمل!