3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 الاسباب التوراتية والعداء للثورة الاسلامية الايرانية
دكتور حسن زيد بن عقيل راي اليوم بريطانيا
بدأ تأثير هذه الحركة الصهيونية المسيحية بشكل رسمي، كعامل سياسي رئيسي في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية من عام 1976 . من العوامل التي ساهمت في نهوض الحركة الصهيونية المسيحية عام 1976 هو تأثير الاحتلال الاسرائيلي لمدينة القدس في يونيو 1967. و وصول الرئيس جيمي كارتر الى الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية في 1976، و أعلن صراحة في خطاب له أمام الكنيست 1979 قال فيه “إن علاقة أمريكا بإسرائيل أكثر من علاقة خاصة، لقد كانت و لا تزال علاقة فريدة، و هي علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصلة في وجدان و أخلاق و ديانة و معتقدات الشعب الأمريكي”. حتى أوباما في آخر خطاب له في القدس (3/2013م )، خاطب اليهود قائلا ” أنتم لستم وحدكم، طالما هناك الولايات المتحدة ” .
في نفس الوقت تولى مناحيم بيجين رئاسة الوزراء في إسرائيل 1977، و الذي أعطي المشروعية للتطرف الديني و لاستخدام الإشارات و التعابير التوراتية لتبرير استراتيجيات الصهيونية، و تمتين العلاقات الاسرائيلية مع الحركة الصهيونية المسيحية، و تحويل علاقة المنظمات الصهيونية اليهودية مع الحركة المسيحية الاصولية لتصبح هذه العلاقة حلفا طبيعيا مهما . اصطدمت احلام الحركة الصهيونية المسيحية بالثورة الإسلامية في إيران 1979، التي هي ثورة عقائدية إسلامية .
أحدثت الثورة الاسلامية زلزالا كبيرا ليس على صعيد النظام السياسي و توازن القوى في الشرق الاوسط و حسب، بل و على الصعيد الدولي. حيث كان الشعار الأساسي للثورة أنها لا شرقية و لا غربية . في ذلك الوقت ما كان لأي دولة أن تخرج من تحت ظل هاتين الدولتين ( الاتحاد السوفيتي و أمريكا )، أي من تحت نخبتهم الصهيونية بسهولة . كانت رأسمالية أو بلشفية، فهي تعود لنفس الجذور الصهيونية . خرجت إيران من هذه المعادلة .
تحررت من مفاهيم و رؤى و تصورات تلك الفترة، هذا بالاضافة الى ظهور الثورة الاسلامية الايرانية في وقت حرج حيث كان العالم يشهد فصلا جديدا من الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي و الشرقي باحتلال الاتحاد السوفيتي لافغانستان 1979 . و حصلت بالمقابل انتكاسة في المزاج الإقليمي العربي نحو عملية السلام حيث نبذت القيادات العربية الرسمية الخيار العسكري في التعامل مع اسرائيل، الذي انتهى باتفاقية كامب ديفيد عام 1978 . لتخرج مصر من الصراع العربي – الإسرائيلي، هي اكبر دولة عربية . اضف الى ذلك مع ظهور الثورة الاسلامية الإيرانية تحطمت الأستراتيجية الإسرائيلية التي كانت تراهن على ما يسمى بـ ( الحلف المحيط ) الذي شكله بن غورين في بداية الخمسينات، يتكون من إيران، تركيا، إثيوبيا لاحتواء العالم العربي .
في البداية أعتقد الإسرائيليون ان نظام الخميني لن يصمد كثيرا، لان الحقائق الجغرافية و المصالح الجيواستراتيجية تفرض على النظام الإيراني ان يكون حليفا طبيعيا لإسرائيل، بصفتهم فرس مجوس . كما يروج له السعوديون و الاماراتيون متأثرين بالايديولوجية الصهيونية في عدائهم لإيران . أن على إسرائيل الان ان تشجع العناصر البرغماتية في النظام الإيراني للانقلاب على نظام الخميني .
من هنا بدأ دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، في يوليو 1980 ارسلت الولايات المتحدة بريجنسكي مستشار الامن القومي الى الملك حسين ملك الاردن و قدمت له مشروع مفصل لانقلاب في إيران ضد الخميني على ان يدعمه الرئيس العراقي صدام حسين . لكن في 1980 تسربت أنباء عن الانقلاب الى الخميني عن طريق عملاء سوفييتيين في فرنسا و باكستان و أمريكا اللاتينية . و سرعان ما تمكنت القيادة الايرانية من تطويق الانقلابيين، ووضع نهاية حاسمة للانقلاب . بعدها فعّلت اسرائيل ذراعها في دول الخليج العربي، بدفع العراق في حرب مع ايران . حسب المنطق الاسرائيلي انه ” طالما ان العراق و أيران يتقاتلان مع بعضهما، فلا يمكن لأي منهما ان يقاتل إسرائيل ” .
ولكن حسب قول وزير الدفاع الإسرائيلي أرائيل شارون لمحطة NBC بأن على اسرائيل و أمريكا ” ترك نافذة صغيرة مفتوحة ” مع إيران لأي احتمالية في علاقات جيدة مع النظام الإيراني في المستقبل . الأبرز و الأكثر شهرة في هذه النافذة الصغيرة هي فضيحة ” إيران كونترا “، التي أعترف بها الرئيس ريغان و دافع عنها حيث قال ان تعامله السري مع إيران كان مبررا، حسب قوله ” بالنظر الى الأهمية الاستراتيجية لإيران و نفوذها في العالم الاسلامي، أخترنا تفحص إمكانية إقامة علاقة افضل بين بلدينا ” . الان القيادة الإسرائيلية – الأمريكية و بعد ان تأكدت ان القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في الثورة الإيرانية سواء من ناحية الخطاب أو السلوك . حيث اصبحت القضية الفلسطينية في الأجندة الإيرانية أكثر ابعادا و أكثر اهمية و تشابكا .
بهذا تشكل الثورة الايرانية الان خطرا وجوديا على الكيان الإسرائيلي، حيث لا يأمن الاسرائيليون قادة الثورة الايرانية من إمكانية اتخاذ قرارات استراتيجية مدمرة لإسرائيل . القائم على اسس عقائدية و ثقافية اسلامية، إسرائيل لا تستطيع أن تتنبأ بالسيناريوهات الممكنة في ظل العداء العقائدي الثقافي، و المناخ الأقليمي و الدولي المتوتر حاليا .
الخلاصة ان ما تعرضه إدارة ترامب و كوشنر من ترتيبات لصفقة القرن و ورشة المنامة هي ترجمة لخلفيات توراتية و انجيلية . لذا اراد ترامب و كوشنر ان يفرضوا علينا كعرب ان نكرر ما يقولون فقط، مثل شيوخ الخليج، احاديث عن مشاريع اقتصادية و أرباح و فرص عمل و حوكمة بدلا من المواجهة و المقاومة و الحرب، سعيا الى الغاء المرجعية القانونية للقضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي، واحلال مرجعية اقتصادية مصلحية محلها و يمنع الحديث عن قرارات الشرعية الدولية ابتداء من قرار تقسيم فلسطين في سنة 1947، وما تلاه من قرارات مجلس الامن و بخاصة القرار 242 لسنة 1967، وصولا الى اتفاقيات أوسلو 1993، و المبادرة العربية للسلام في مارس 2002 . هنا إيران غير مقصودة بشكل مباشر بصفقة القرن، لكن عداء أمريكا و إسرائيل لإيران كان ردا على موقفها الوطني و الاسلامي و المشرف من القضية الفلسطينية و حركة التحرر العربية و مناهضة للصهيونية . الان استذكر مقال نشره أ.د.علي الهيل على هذا المنبر الحر ( رأي اليوم ) في يونيو 2015 تحت عنوان ــ نهاية ” اسرائيل ” في 2023 في خطابي أحمد ياسين و نوستراداموس أيهما اقرب للواقع على ضوء تغير إدارة الصراع ؟
إعادة قراءة المقال شيئ طيب . اعتقد التردد الامريكي الحالي كان لمعرفتها قدرة إيران في رفع شعار الجهاد المقدس و مصداقيتها في العالم الاسلامي السني و الشيعي . و تعرف ايضا صبر المقاومة الافغانية من 1979 الى اليوم لم تهدأ، نفس ايران و العراق، هم تقاتلوا ثمان سنوات، إستمرار سوريا في المقاومة سبع سنوات، و مقاومة اليمن خمس سنوات الصهيوني – الاماراتي – السعودي، و مصر على كف عفريت بعد وفاة المغفور له الرئيس محمد مرسي، و فشل العسكريين في السودان على الانفراد بالسلطة، بعد هذا العرض، السؤال هل تتذكر امريكا حرب فيتنام ؟ من هنا نهاية اسرائيل و الممالك الخليجية ان شاء الله، لو رفعت إيران شعار الجهاد .
2 هزيمة «داعش».. مواجهة المتطرفين وليس التطرف
إبراهيم غرايبة الاتحاد الاماراتية

انحسرت سيطرة تنظيم «داعش» على أجزاء واسعة من الأراضي والناس في العراق وسوريا. وبشكل عام، فإن المواجهة العسكرية والأمنية مع الجماعات المتطرفة والإرهابية تنجح في المحصلة، عندما تكون المواجهة مع تنظيمات أو تجمعات أو قواعد يمكن تحديدها أو معرفتها، لكن وبرغم الجهود الكبيرة التي يبذلها العالم في التنسيق والمواجهة الحازمة، فقد ظلت الجماعات قادرة على مواصلة عملها وتجديد حشد الأنصار والمؤيدين والنفاذ من جدار المواجهة ضدها، إذ كانت تجد على الدوام ثغرات في هذا الجدار، وإن بدا مصمتاً وقوياً!
يمكن الملاحظة والتقدير، أن ثمة بيئة حاضنة ومشجعة للتطرف والكراهية، كما توجد دائماً، وللأسف الشديد، فرص وحالات من التحالف والتعاون الظاهر أو المستتر مع الجماعات المتطرفة والإرهابية، فكانت غالباً تجد ملاذات آمنة للتخفي والإقامة والعمل وإعادة تشكيل نفسها، أو تساعدها ظروف تنظيمية واجتماعية في الدول الهشة أو في المجتمعات المهمشة أو الغاضبة أو الانفصالية.
وعلى الجانب الآخر، من مشهد المواجهة مع التطرف والانتصار على الإرهابيين، يمكن ملاحظة حالات إنسانية وقانونية كثيرة جداً، من المعتقلين وأسر المتطرفين والباحثين بلا أمل عن مأوى أو عمل أو فرص جديدة للحياة، كما أن ضحايا الجماعات نفسها من المختطفين وأسر القتلى والمفقودين يشكلون تحدياً إنسانياً واجتماعياً لمساعدتهم ودمجهم من جديدة في مجتمعاتهم وأعمالهم.
وربما يكون التحدي الأكبر والأكثر خطورة في مواجهة التطرف، أن مؤيدي الجماعات المتطرفة وأنصارها أيديولوجياً ما زالوا يحملون الأفكار والمواقف المنشئة لهذه الجماعات، وما زالوا أيضاً يعيشون الظروف السياسية والاجتماعية، التي جعلتهم يؤيدون ويحتضنون هذه الجماعات!
لقد وصلت المواجهة مع الإرهاب في مجال العمل العسكري والأمني إلى مستوى من الكفاءة لا مجال للمزايدة عليه. لكن ثمة مخاوف من قدرة الدول والتحالفات الدولية على الاستمرار بسبب تكاليف المواجهة المالية والمعنوية، والإعياء القتالي والنفسي في المواجهة، ذلك أن الانتصار يشكل تحدياً للمنتصر مثل المهزوم، إذ يجب أن يتبع الانتصار نهاية المعركة وتسوية النتائج وتكييفها على الواقع، فلا يمكن أن تستمر المواجهة إلى الأبد، وإذا استمرت فلا تستطيع أن تحافظ على مستواها واستعداداتها المادية والمعنوية في مواصلة المواجهة، وما من دولة مهما كانت قوية وغنية لا تتأثر بالتكاليف المادية والمعنوية المرهقة للقتال والمواجهة، فالإنفاق العسكري والأمني يجب أن يغطيه نمو اقتصادي يكفي للاستمرار، ويكفي أيضاً للالتزامات التنموية والمعيشية للدول في التعليم والصحة والتكافل الاجتماعي والمرافق العامة.
هكذا تظل الأسئلة التقليدية عن مستقبل التطرف والإرهاب ملحة وتفرض نفسها، هل سيجد المتطرفون أماكن وفرص جديدة للعمل والتخفي؟ هل يستمر العنف؟ هل يعود مرة أخرى إلى البلاد والمجتمعات التي هزم فيها؟
يمكن الإجابة ببساطة، أن التطرف والكراهية حالة كامنة، تنشط أو تختفي حسب مناعة الأفراد والمجتمعات وكفاءة الدول والمؤسسات التنظيمية والقانونية، فالمواجهة الحقيقية والحاسمة ليست في الانتصار على المتطرفين، لكن في الانتصار على التطرف، إذ ستؤدي الأسباب المنشئة للتطرف إلى عودة ونهوض المتطرفين، وفي ذلك تعتمد قدرة أعضاء الجماعات في مواصلة العمل أو التخفي على ضعف القدرات الأمنية والعسكرية للدول، وتوفر ملاذات آمنة أو ملائمة، وبطبيعة الحال، فإن الصراعات والخلافات الدولية والإقليمية تمنح هذه الجماعات فرصاً للمساعدة والإيواء مقابل التعاون في الصراعات.
ولذلك، فإن احتمال استمرار العنف والتطرف سيظل قائماً، ويملك أسباباً منطقية، فما دامت هناك كراهية سيكون هناك مجال للتطرف والعنف، ولا معنى للانتصار العسكري والأمني للدول إذا لم تنشئ سياسات لاقتلاع أسباب الكراهية والتهميش والفقر والغضب.
وفي المقابل، فإن سيناريو انحسار العنف والتطرف يملك أسباباً وجيهة وقوية، ربما تفوق أسباب الاستمرار، فالدول والمجتمعات تملك مزيداً من الإرادة والوعي بالمواجهة مع الكراهية، ويملك التسامح والاعتدال مزيداً من التأييد المجتمعي، والأمم بطبيعتها تميل إلى الاستقرار والسلام، فلا يمكن تدبير المصالح والحياة والتقدم فيها وتحقيق الازدهار من دون الأمن والاستقرار. وكانت تجربة المجتمعات مع الجماعات المتطرفة مؤلمة، ولم تعد تملك تأييد بداية صعودها وانتشارها، كما اكتسبت الدول والمجتمعات خبرات مهمة في المواجهة.
وثمة ما يدعو إلى الاعتقاد، بأن موجة التطرف الديني قد اكتملت بعد خمسين عاماً من صعودها، وأن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي تغير العالم سوف تغير أيضاً الاتجاهات الفكرية والفلسفية، لكن يرجح أن انحسار العنف لن يكون تلقائياً، ويعتمد على منظومة من المبادرات الاجتماعية والاقتصادية الناجحة. وهي ببساطة سياسات اقتصادية اجتماعية، تستهدف تحسين الحياة وفرص التقدم الاقتصادي والاجتماعي، من خلال زيادة كفاءة التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والعمل والتدريب وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تمكن الأفراد والمجتمعات من المشاركة الاقتصادية والاجتماعية الفعالة.
3 العراق… ويسألونني عن هيبتك؟
جورج منصور
الحياة السعودية

تعتبر الهيبة الوطنية عاملاً أساسياً في إعلاء شأن الدولة ومكانتها ومنزلتها، وتزيد من سموها وانبعاثها وإشراقها، وتلعب دوراً مهماً في كسب ود دول العالم ونيل احترامها وثقتها. وتساعد بالتالي في جذب الاستثمارات التي تعجّل عملية النمو الاقتصادي وتبعث مقومات الرفاه وأسس الحياة الرغيدة للمواطنين.

أكد المؤرخ الأميركي البارز بول كندي في كتابه “صعود وسقوط القوى العظمى” (صدر في عام 1987) أن “ثروة البلد ونموه وقوته الإنتاجية على المدى الطويل، تعتمد على الهيبة الوطنية”. من هنا، فإن هيبة الدولة لا تعني التسلط والترهيب والتمييز والتفرد في الحكم، وإصدار القوانين الجائرة والتعسفية ومصادرة حقوق الشعب الإنسانية، بل تعني دولة المؤسسات الديموقراطية التي تعمل لرفاهية المواطنين، وتلتزم بالدستور، وتقوم ببسط سيادة القانون وتطبيقه واحترام حقوق الإنسان والدفاع عن كرامته وتعزيز المساواة بين مكونات الشعب بغض النظر عن دينه ومعتقده وفكره وقوميته ومذهبه.

إن هيبة الدولة تعني استقلالية القضاء وفصل السلطات الثلاث، وتعزيز البنية التحتية، ومعالجة المشكلات القائمة، والقيام بإصلاح سياسي واقتصادي وتحسين أوضاع المواطنين واعتماد الشفافية في التعامل مع وسائل الإعلام، وإفساح المجال أمامها للعمل بحرية وتسهيل مهمتها في الحصول على المعلومة.

وتقاس هيبة الدولة بمدى تطور البلد اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً وثقافياً، وبانسيابية علاقاته المحلية والإقليمية والدولية وتكافؤها. ويتأتى ذلك من دفاع الدولة المستميت عن أركانها المتلازمة الثلاث: الشعب والأرض والعَلَم (بفتح العين)، والحيلولة دون الإخلال أو المساس بها، أو السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية، إضافة إلى تحقيق العدالة المجتمعية ورص الصف الوطني والنهوض بواجباتها تجاه الشعب والايفاء بوعودها التي تقطعها له.

ولتعزيز هيبتها وبسط احترامها، على الدولة العراقية معالجة الكثير من الملفات العالقة، وفك العديد من العقد الشائكة، التي لازمتها خلال السنوات الماضية وأضعفت هيبتها، بعدما انتشرت في البلاد منذ العام 2003 ميليشيات وجماعات مسلحة سائبة، بدءاً من “جماعة التوحيد والجهاد”، و”جيش أنصار السنة”، و”أنصار الإسلام”، و”الجيش الاسلامي في العراق”، و”جيش الطائفة المنصورة”، و”جماعة سعد بن أبي وقاص”، وفصائل المقاومة العراقية ومنها: “كتائب صلاح الدين”، و”كتائب ثورة العشرين” و”هيئة العلماء المسلمين”، و”رجال الطريقة النقشبندية”، و”جيش الراشدين”، و”ثوار العشائر والصحوات” و”عصائب أهل الحق” وفلول عصابات تنظيم “داعش” الإرهابي وغيرها… وعلى رغم أن هذه الجماعات لم تبق كلها ولم تستمر على نشاطها وفاعليتها وقوتها، إلا أن خطر بعضها ما يزال قائماً، وتحاول خلاياها النائمة أن تنشط أحيانا من خلال عمليات ثأرية وانتقامية ومحاولات خطف واغتيالات في وضح النهار.

وللحفاظ على هيبة الدولة، يتوجب على العراق إبقاء السلاح في يد الشرعية وأجهزتها الأمنية، وإصدار قرارات شجاعة، وإجراء محاكمات عادلة لحيتان الفساد، التي أنتجتها المحاصصة الطائفية وأصبحت تتدخل في شؤون السلطة التنفيذية وفي عمل الهيئات المستقلة والقضاء، وحيث برزت الهويات الفرعية، التي انشطرت بدورها إلى أخرى متنافرة، طائفية ومذهبية وإثنية. في وقت تبدو البلاد أحوج ما تكون إلى هوية وطنية جامعة، وأن تتحلى بمقومات دولة المواطنة، وإلى قوات عسكرية يكون ولاؤها للوطن وتحافظ على السيادة الوطنية.

إن تأصيل هيبة الدولة يتطلب من الحكومة العراقية معالجة المشاكل المتفاقمة، إذ تآكلت البنى التحتية وتفاقمت مشكلة الكهرباء وانحسرت الخدمات وازداد الفقر وانعدم العلاج وانتشرت الأمراض بما فيها النفسية، وازدادت حالات الانتحار بشكل مخيف، خصوصاً بين الشبيبة التي تعاني نسبة بطالة تبلغ 40 في المئة، وتضاعف حجم تلوث البيئة وقلت المياه الصالحة للشرب وتردى الوضع المعيشي للناس وانتشرت الأمية، وزادت مديونية البلاد إلى 120 بليون دولار، وتضخم القطاع العام ليفرز ستة ملايين ونصف المليون موظف ومتقاعد، وفق ما أعلن أخيراً وزير المالية فؤاد حسين. وهو رقم مهول يفوق حاجة البلاد الفعلية بأضعاف.

وتتحقق هيبة الدولة العراقية أيضاً، من خلال ضمان حقوق المواطنين القومية والدينية، وإزالة التهميش الذي تعرضت له المكونات والطوائف، ونبذ التمييز وإتاحة الحريات المدنية وتعزيز الديموقراطية، ومعالجة ملف 3.4 مليون مهجر، ما يزيد عن أربعة ملايين نازح داخل العراق، وخمسة مليون يتيم، ومليوني أرملة، وثلاثة ملايين مواطن يعيشون في أحياء فقيرة ومساكن صفيح عشوائية.

أما على المستوى الخارجي، فتعني هيبة الدولة التزامها الشرعية والدستور والسيادة، وعدم السماح باستخدام أراضي البلاد ساحة لتصفية الحسابات، خاصة بعد أن أصبح العراق مركزاً لصراع القطبين المتخاصمين: إيران وأميركا، إضافة إلى السعي الحثيث لحماية السلم الأهلي والمجتمعي، والحد من خطابات الكراهية ومحاربة التطرف والعنف.