مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 العراق: هل سيفعلها الحكيم.. ويصبح معارضاً؟
واثق الجابري راي اليوم بريطانيا

بدء يُطرق على المسامع مفهوم المعارضة، وهي تجربة لم يمارسها النظام السياسي بعد 2003، وكأنها كلما سُمعت، توحي الى معارضة ما قبل هذا التاريخ، وليس مقارنة بما يحصبل في النظم الديموقراطية المتطورة، ولا هي إنتقال الى مرحلة أكثر تطور في مفهوم الممارسة؛ من مسميات حكومات سابقة مبنية على التوافق والتحاصص، وأن إختلفت مراحلها وتسمياتها وروادها.

ما يخطر ببال أي سامع، وما يُفسر في أي تحليل؛ يقول أن الذهاب للمعارضة لغرض إسقاط الحكومة، أو كورقة سياسية للحصول على مكاسب معينة، أو لشعور جهة ما بتهميشها من القرار، وبذا سلوك المعارضة أسلم في حكومة يمكن أن يتحمل جزء من أخفاقاتها، في ظل وضوح محاولات إضعاف الحكومة، حتى من القوى التي تبنت تشكيلها، وتفرض إرادات للحصول على مكاسب، الآني منها مغانم المناصب، واللاحق إنتخابي في ظل تصدر المشهد.

عدة قوى لوحت بالمعارضة بشكل إنفرادي، وهذا ما خالف طبيعة تشكيل تحالفي ” الأصلاح والإعمار” و”البناء”.. فمن الأول الحكمة والنصر، ومن الثاني دولة القانون وإتحاد القوى، وكأن هذه القوى تشير الى تفرد سائرون والفتح بالتفاوض، في حين يدعيان تمسك كل منهما بتحالفه، بل وأحيانا آخرى لا يعلم أعضاء من سائرون والفتح، عن ماهية المفاوضات، ولا يملكون قرار في تغير مجرياتها.

لو عدنا الى الأسباب، لوجدنا النصر منقسما بين التحالفين، والقرار مع الجهة التي في البناء وهي غير رئيسية، وكذلك القانون لا تُستشار من الفتح، أو ترفض سائرون إشراكه بالتفاوض أو التفاوض المباشر معه، وفي اتحاد القوى، وبعد إختيار رئيس البرلمان من البناء، ظهرت خلافات على وزير الدفاع، ومحاولات كتلة القرار( جماعة الخنجر)، تلوح بإقالة رئيس البرلمان عند عدم ترشيح وزير دفاع منها، والحكمة تجد نفسها بعيدة عن التشاور، رغم سعيها لتقوية تحالف الإصلاح، وبالمقابل قوة البناء، ويكون ذلك سياق للعمل السياسي المستقبلي.

ما يعرف عن الحكيم، انه يسعى لتطبيق مشاريعه وفق برنامج مرسوم، ولا يهمه كثيرا من ينجزه حتى وإن كان ليس من كتلته، فالمهم الإنجاز.

عبدالمهدي يتطابق تماماً مع مشروع الحكيم السياسي، بالتالي فهو لن يسعى لإسقاط الحكومة وهو يعتبرها فرصة أخيرة وغيابها مجهول، وأن إختلف معها كما حدث مع رئيس الوزراء المالكي، وكل ما يتبناه منهاج وفق تقديرات تحافظ على النظام السياسي، وتحقق ما يمكن بأقل الخسائر.

في حال ذهاب الحكمة للمعارضة، فسوف تلتحق بها سريعا كتل النصر والقانون وإتحاد القوى، وربما منهم من يفكر بالمعارضة التي تسقط الحكومة، وهذا سيعني تفكك تحالف الإصلاح وتحالف البناء، وهذا ما يُخالف أطروحات الحكيم، التي تسعى لتقوية التحالفين على إنفراد، ليكونان متنافسان لتقويم العملية السياسية والتخلص من المحاصصة الطائفية، وبهما تقدم للنظام السياسي.

يمكن للحكيم أن يكون معارضاً، لكنه لن يقبل أن تعود القوى الى مربع المحاصصة، وربما سيذهب للبحث عن تحالفات جديدة، وإلا تشضت القوى السياسية وإنقسمت، وتقوقعت على مصالحها الآنية، وأن أضر لك بالبلد والعملية السياسية برمتها.

يبقى السؤال المهم.. هل تتحمل الكتل الراغبة بالذهاب للمعارضة مسؤولية المعارضة البناءة؟ أم أن للفتح وسائرون كلام آخر غير ما شهدته الايام الماضية.
2 هل هي طبول الحرب تدق في بحر العرب؟ أم سياسة عض الأصابع؟
د. أماني القرم راي اليوم بريطانيا

انقطعت أنفاس العالم في الايام الاخيرة مع تصاعد سلم التوترات الى اقصى درجة في الخليج العربي إثر الهجوم على ناقلتين نفطيتين في منطقة بحر العرب بالقرب من السواحل العمانية، سبقها في الشهر المنصرم هجوم على أربعة ناقلات أخرى قبالة سواحل الفجيرة الاماراتية. ولأن اسواق المال لا تحتمل انتظار تقييمات وحلول، فقد كان الأمر كفيلا برفع سعر برميل النفط في ساعات إلى 4% ، مع هبوط أسهم لشركات وارتفاع لأخرى وهو رد فعل اقتصادي طبيعي لتوترات البقعة الأكثر حساسية في الكون.
لكن هل ما يجري فعلاً هو نذور حرب قد تربك الاقتصاد العالمي وتقلبه رأساً على عقب ؟ أم هي تجسيد للعبة عض الاصابع لنرى منسيصرخ أوّلاً؟
إن شن حرب على ايران أو حتى القيام بعملية عسكرية محدودة قرار ليس سهلاًوله حسابات معقدة فالدخول في هكذا مغامرة أشبه باللعب بالنار، وأي سوء تقدير للموقف وتبعاته السياسية والاقتصادية فهو خسارة لا تقدر على جميع المستويات!
أولا: الرواية الأمريكية تواجه شكوكا وغموضا من قبل حلفاء عالميين لأن السوابق الأمريكية في الكذب والتلاعب في المعلومات ماتزال آثارها شاخصة حتى اليوم في العراق والاقليم. وحتى الفيديو المزعوم الذي نشرته الولايات المتحدة لقارب إدعت أنه دورية ايرانية تزيل شيئا من سفينة، يحتاج كثيرا من التدقيق والتقييم والاقناع في عالمبات التلاعب بالصورة فيه أمراً طبيعيا.
ثانيا: سنة الانتخابات : تستعد الادارة الامريكية لانتخابات الولاية الثانية، ومن الصعب جدا على رئيس أمريكي أن يبادر بشن حروب في فترة الانتخابات خاصة مع الذكريات السيئة التي تحملها الحرب الامريكية على العراق وتجربة الغوص في وحل الشرق الاوسط . فعلى الرغم من صقورية الرئيس ترامب وصوته العالي في التهديدات والصفقات الحالمة وتطرف من حوله ، إلا أنه واضحاً في استراتيجيته التي تعتمد على خنق الخصم حتى يصرخ من الالم ويستسلم ، ومن ثم يفرض ترامب شروطه على طاولة المفاوضات . وعليه فإن ترامب ينتظر، ليس الحرب مع طهران، وإنما المفاوضات. وقد أعلن الامريكان مراراً وتكراراً عدم رغبتهم في الذهاب الى حرب (ربما بعض الحلفاء يريدون ذلك) . إضافة إلى أن محاولات إقناع جمهور أمريكي لا يملك أية شهية لحروب الشرق أمرا قد يكلف ترامب الرئاسة الثانية .
ثالثا: الحروب اللاتقليدية: نحن نعيش الزمن الرقمي، فما الحاجة للضجة التي تحدثها الحروب التقليدية في حين أنه يمكن قتل البلاد بأدوات صامتة لها نفس المفعول مع ضوضاء أقل . سياسة الخنق الاقتصادي والعزلة والهجمات الالكترونية الامريكية والاسرائيلية على أنظمة الكمبيوتر التي تشغل المنشآت الايرانية أرهقت الداخل الايراني، وحطمت بنيتة التحتية وأسقطت اقتصاده الهش، وأحدثت اختلالات بنيوية في النظام نفسه رغم القبضة الحديدية التي يظهرها.
رابعا: السلوك الايراني: ايران دولة لا يستهان بها تملك العديد من أوراق اللعب والوكلاء في المنطقة ويمكنها ان تسبب صداعا مؤلما للغرب . ولكنها في الوقت ذاته دولة ذكية، لن تجازف باستعداء العالم وتقوم بخطوات غير عقلانية تثير استنكار وانتقاد الدول الاسيوية قبل الغربية، وتقدم ذريعة على طبق من ذهب لامريكا واسرائيل وجميع القوى المتنافسة للتخلص من نظام الملالي. وقياساً للخبرة المتراكمة في السلوك الايراني، ليس مستبعدا أبدا أن تكون قد بدأت بالفعل مفاوضات سرية بين واشنطن وطهرانبصورة مباشرة أو عبر وسطاء . فالمفاوضات السرية تبدأ في اللحظات التي ينتظر عندها العالم إشارة الحرب.