مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 أنت تسأل ونحن نجيب يوسف غيشان الدستور الاردنية

كان التلميذ يراجع دروسه في البيت، بينما جناب الوالد يقلب بالمحطات الفضائية، باحثا عن الأخبار، ويتنقل بين ما يجري في العراق، الى سوريا الى ليبيا الى… الى… الى حرف جر، يجر المنطقة الى الحضيض.
صرخ التلميذ:
-بابا بابا
-أيش يا ولد مالك بتصرخ مثل المفاول عهالصبح.
-بابا شو معنى كلمة (كموج).
خشي الوالد الرؤوم ان يعترف بعدم معرفته امام الولد فتهتز صورته امام فلذة كبده، وتذهب هيبته ادراج الرياح، فقال:
-الكموج…. الكموج …اعتقد انني قرأت عنه في مكان ما….. انه نبات شوكي صحراوي له زهرة صفراء مربعة ورائحته عطرية، ويستخدمه البدو لتطهير القروح، بعد ان يهرسونه ويضيفون اليه حليب النوق.
-شكرا بابا ..خلّيني اكتبها حتى ما انساها.
ثم سأل الوالد التلميذ:
-عفوا بابا ، لكن وين قرأت عنه ..هذا لا يعرفه الا العلماء ؟
– قال الولد:
-قرأته في كتاب اللغة العربية المقرر علينا في المدرسة.
-وما مناسبة الحديث عنه؟
-جاءت الكلمة في بيت شعر لأمرئ القيس يقول:
وليل كموج البحر ارخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي.
انتهى الحوار.
هذه ليست مجرد نكته -يا سادة يا كرام-. وهذا الحوار الدراماتيكي، هو اسلوب حياه عندنا، فلا السائل يعرف كيف يسأل ، ولا المجيب، يقول الحقيقة، يعترف بأنه لا يعرف (مثلا)، لذلك تضيع الحقائق وتتيه في برزخ الكلام، بين اخوات كان وبنات عم إن.
الحقيقة هي الشهيد الدائم الاخضرار عندنا ، ونعتدي عليها دوما، إما لأننا نخشى الاعتراف بعدم المعرفة ، أو اننا ندين بالولاء للجهل، ونجمّل أخطاء من نحب ، ونشوه اخلاق من نكره.
اول الدروس التي علينا ان نبحث عمن يعلمنا اياها هي دروس ادبيات الحوار ، السائل عما يسأل والمجيب كيف يجيب ، لعلنا نصل في يوم من الأيام الى معادلة قبول بعضنا، تمهيدا للاعتراف بين أنفسنا بإن لا احد منا يحتكر الحقيقة…اي حقيقة.
بالمناسبة:
ما هو الكجلمود؟؟؟
2 إلا البحرين يا مقتدى
محمد آل الشيخ
الجزيرة السعودية

كنا نظن أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر هو الواجهة العروبية للمذهب الشيعي العربي، الذي ينأى بنفسه عن سيطرة الفرس الصفويين، ويرفض أن ينضوي تحت عباءة الولي الفقيه في إيران، وقد كتبت عن مواقفه في مقالات سابقة، وأشدت بها، وبتمسكه باستقلال العراق، واعتباره وطناً نهائياً، غير قابل للزيادة، كما هو غير قابل للنقص. غير أن تصريحه الأخير، وتدخله في الشأن البحريني، هو إما موقف طائفي، لا يؤمن بالمواطنة، ويعتبر المذهب فوق المواطنة، أو أنه تم بإيعاز من إيران لوضع العصي في دواليب عربة العراق المتجهة إلى التقرب من أشقائها العرب، والنأي بالوطن العراقي عن مغامرات الولي الفقيه في المنطقة، التي يرمي بها إلى إقامة إمبراطورية كسرى أنوشروان البائدة.

مملكة البحرين – يا مقتدى – هي والمملكة والإمارات مكون واحد، لا يمكن تجزئته، ولا التفريق بين أجزائه، فإذا تحدثت عن البحرين، فأنت تتحدث عن المملكة والإمارات والعكس صحيح. وهذه قضية لا يمكن أن نساوم عليها، مهما كان الثمن، ومهما كانت المآلات. والسؤال الذي أريد أن أفهمه: هل يدرك الصدر هذه الحقيقة أم يجهلها/ أم أن يداً امتدت إلى أذنه وقرصتها، فقال ذلك مجبراً غير مختار، لا سيما وأن تصريحاً كهذا في هذا الوقت بالذات يصب في مصلحة إيران، التي أغاضها التقارب العراقي بأشقائه العرب، وعلى رأسهم المملكة.

يقول بعض العراقيين: إن الصدر لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل بقية العراقيين. طيب إذا كان ذلك صحيحاً فلماذا انبرى وزير خارجية العراق ليرد على وزير خارجية البحرين؟..

وأنا ممن ينادون بألا يتدخل رجال الدين في السياسة، بغض النظر عن مللهم أو مذاهبهم؛ ولعل إقحام الصدر نفسه في شؤون دولة أخرى، وإحراج العراق، وفي هذا الوقت بالذات، يؤكد بجلاء ما أنا وأقراني أنادي به، فالبحرين بغض النظر عن مكونات شعبها المذهبية دولة ذات سيادة، لن تقبل أن يتدخل أحد في شؤونها، كما لن تقبل المملكة ولا الإمارات تدخل كهذا، وإذا كان الصدر أراد من هذا التصريح شعبية بين الشيعة، فقد أخطأ التقدير، فالولي الفقيه في إيران، هو من يريد السيطرة على المنطقة العربية، بسنتها وشيعتها، ولن يكون الصدر في المعادلات الفارسية إلا بيدقاً في يد الولي الفقيه، سيدعمه طالما أن ممارساته تصب في المصلحة الإمبراطوية الفارسية، وسيسحقه إذا تمرد على الأهداف العليا للإمبراطورية التي يسعى إلى إنشائها، تماما كما سحق الشيعة العرب في الأهواز، وسعى بالقوة والقهر إلى تغيير وطمس ثقافتها العربية، وليس لدي أدنى شك – يا سيد مقتدى – أن ماتراه الآن في الأحواز السليبة، سيكون في العراق لو أن الفرس أحكموا سيطرتهم على بلادك العربية، وسلبوا منه، بذريعة الانتماء المذهبي، انتماءه العربي.

كل ما أريد أن أقوله لمقتدى، ومن يدور في فلكه، إن البحرين والمملكة والإمارات تكوين واحد، أن تعتدي على أي جزء من هذا التكوين فأنت تعتدي على التكوين كله.

إلى اللقاء