1 أنت تسأل ونحن نجيب يوسف غيشان الدستور الاردنية
كان التلميذ يراجع دروسه في البيت، بينما جناب الوالد يقلب بالمحطات الفضائية، باحثا عن الأخبار، ويتنقل بين ما يجري في العراق، الى سوريا الى ليبيا الى… الى… الى حرف جر، يجر المنطقة الى الحضيض.
صرخ التلميذ:
-بابا بابا
-أيش يا ولد مالك بتصرخ مثل المفاول عهالصبح.
-بابا شو معنى كلمة (كموج).
خشي الوالد الرؤوم ان يعترف بعدم معرفته امام الولد فتهتز صورته امام فلذة كبده، وتذهب هيبته ادراج الرياح، فقال:
-الكموج…. الكموج …اعتقد انني قرأت عنه في مكان ما….. انه نبات شوكي صحراوي له زهرة صفراء مربعة ورائحته عطرية، ويستخدمه البدو لتطهير القروح، بعد ان يهرسونه ويضيفون اليه حليب النوق.
-شكرا بابا ..خلّيني اكتبها حتى ما انساها.
ثم سأل الوالد التلميذ:
-عفوا بابا ، لكن وين قرأت عنه ..هذا لا يعرفه الا العلماء ؟
– قال الولد:
-قرأته في كتاب اللغة العربية المقرر علينا في المدرسة.
-وما مناسبة الحديث عنه؟
-جاءت الكلمة في بيت شعر لأمرئ القيس يقول:
وليل كموج البحر ارخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي.
انتهى الحوار.
هذه ليست مجرد نكته -يا سادة يا كرام-. وهذا الحوار الدراماتيكي، هو اسلوب حياه عندنا، فلا السائل يعرف كيف يسأل ، ولا المجيب، يقول الحقيقة، يعترف بأنه لا يعرف (مثلا)، لذلك تضيع الحقائق وتتيه في برزخ الكلام، بين اخوات كان وبنات عم إن.
الحقيقة هي الشهيد الدائم الاخضرار عندنا ، ونعتدي عليها دوما، إما لأننا نخشى الاعتراف بعدم المعرفة ، أو اننا ندين بالولاء للجهل، ونجمّل أخطاء من نحب ، ونشوه اخلاق من نكره.
اول الدروس التي علينا ان نبحث عمن يعلمنا اياها هي دروس ادبيات الحوار ، السائل عما يسأل والمجيب كيف يجيب ، لعلنا نصل في يوم من الأيام الى معادلة قبول بعضنا، تمهيدا للاعتراف بين أنفسنا بإن لا احد منا يحتكر الحقيقة…اي حقيقة.
بالمناسبة:
ما هو الكجلمود؟؟؟
2 الخمينيون في «حرب الكلام»
هاني سالم مسهور البيان الاماراتية
أربعون عاماً من الثورة الإيرانية خاضت فيها إيران كل أنواع الحرب الكلامية، فمنذ أن وصل الخميني إلى طهران بدأت حرب الكلام بإصدار التهديدات بإغلاق مضيق هرمز وشن الحرب على إسرائيل، وضرب الولايات المتحدة بالصواريخ، وفرض الإرادة الإيرانية على العالم، فعلى مدار العقود الأربعة الماضية لم تغير إيران من لهجتها ووعيدها وباتت جزءاً من نظام ارتبط بالأزمات في الشرق الأوسط، وحتى مع الحرب الكلامية لم تخرج إيران عن تقاليدها حتى مع فضيحتها الأولى (إيران كونترا) فلقد استمرت في توزيع الحرب الكلامية وأبرعت فيها.
مع إعلان الولايات المتحدة اعتبار الثاني من مايو 2019 نهاية للإعفاءات الممنوحة لعدد من الدول المستوردة للنفط الإيراني، كان لا بد للإيرانيين أن يقدموا رداً على الإجراء الأمريكي العازم على «تصفير» تصدير النفط الإيراني، فجاءت الردود في سياق الحرب الكلامية المعتادة من النظام الإيراني الذي عاد لتهديده بإغلاق مضيق هرمز، ليعود وزير الخارجية جواد ظريف ليؤكد أن إيران لن تقوم بأي خطوات تصعيدية، مع تقديمه تنازلاً بقبول التفاوض مع البيت الأبيض بشروط.
اللافت في ردة الفعل الغاضبة للقيادة الإيرانية أنها خصت السعودية والإمارات بالتهديدات الجوفاء، بعد أن أكدت الرياض وأبوظبي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التزامهما بتعويض السوق النفطي النقص الناجم عن إنهاء الإعفاءات الأمريكية ودخول العقوبات مرحلة التنفيذ الكامل للعقوبات الاقتصادية.
في «حرب الكلام» أصدرت إيران حملة كبيرة قد تكون الأكبر في تاريخها تجاه السعودية، خاصة أنها جاءت هذه المرة من أعلى مستويات قيادة النظام الإيراني، ففي لحظة الغضب الإيراني اعتبرت قيادات إيران أن التزام السعودية والإمارات بتعويض نقص المعروض من الخام البترولي أنه اعتداء على إيران، والحقيقة أن دول أوبك بشكل عام ملتزمة بتعويض السوق النفطي حتى لا يحدث في داخل السوق خلل بين العرض والطلب، وترتفع أسعار النفط إلى مستويات عالية ستؤثر سلبياً على الاقتصاد العالمي الذي يعاني أساساً من تباطؤ في النمو.
لم تتوقف إيران في ردة فعلها عند حد التهديد، بل أن روحاني خرج بتصريحات «عجيبة» تحدث فيها أن إيران رفضت طلباً من النظام العراقي السابق بمشاركته غزو كل دول الخليج العربية، تصريح لا يمكن أن يجد طريقاً عند تاريخ العلاقة بين نظام صدام حسين والنظام الإيراني، ولا يجد حضوراً حتى بين أبناء الخليج العربي الذين يدركون أن تلك الحقبة التاريخية كانت إيران في زاويتها المعادية للعرب فهي قامت كنظام على معاداة العرب، وهذا لا ينسجم وأي تحالف مع نظام العراق السابق والحكم الخميني لإيران.
اذن في أي سياق يمكن أن توضع تصريحات روحاني، تماماً تأتي في سياق «حرب الكلام» التي اعتادها النظام الإيراني الذي يهرب من واقع أزماته إلى هذه النوعية من الحرب الفارغة المضمون، فمنذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي أبدت الولايات المتحدة صرامة غير مسبوقة في تنفيذ العقوبات لعدم انصياع النظام الإيراني بنص الاتفاق، وهي دعوة ليست بالجديدة فلقد تعهد الرئيس ترامب بهذا الإجراء منذ وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة.
وكانت كافة المؤشرات تؤكد عزم البيت الأبيض اتخاذ العقوبات الصارمة على إيران، إذن ليس بجديد الخطوات الأمريكية، وكان الأجدر بالنظام الإيراني أن يراجع سياساته التي أوصلته لهذه العقوبات القاسية.
النظام الإيراني الذي دخل في أصعب أزمة اقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية يعاني من أزمة تعيده للسؤال الأساس (هل إيران ثورة أم دولة؟)، سؤال عميق للغاية يتردد على مدار أربعة عقود عملت على تأزيم علاقة إيران مع نفسها قبل محيطها ومن بعد ذلك العلاقة مع العالم، وحتى ما أصدرته السفارة الأمريكية في بغداد عن ثروة خامنئي التي تتجاوز 200 مليار دولار تأتي في سياق الفساد الضارب بأطنابه في الدولة الإيرانية، والمتستر بعباءات التدين الزائفة.
تعلم إيران أكثر من غيرها خياراتها فإما أن تقبل بالتفاوض على اتفاق نووي جديد سيضمن منع التدخل في شؤون الجوار العربي ووقف البرنامج الصاروخي الباليستي وعدم امتلاك سلاح نووي، أو أن تواجه عقوبات أكثر تشدداً، فحتى دول الاتحاد الأوروبي ستجد نفسها خارج الاتفاق النووي بسبب العقوبات الأمريكية.
يتكبد الشعب الإيراني تكلفة العنتريات والسياسات التصادمية التي يسلكها قادة النظام، فكما غرقت مدن وقرى إيران نتيجة ترهّل البنية التحتية تغرق إيران كلها في بحر لا تبدو فيه سفينة النظام قادرة معه على مواجهة التحولات الدولية والتوازنات في عالم لم يعد يحتمل خطاباً مؤدلجاً معادياً لقيم الحياة داعياً للكراهية، ومحرضاً على القتل والدمار وباعثاً للخوف، فما كان من الثورة الخمينية على مدار أربعة عقود سوى الفوضى ومحاولتها تصدير الثورة والذي وصل إلى مواجهة العالم الذي يحاول أن يجبر النظام الإيراني ليتحول إلى دولة طبيعية، ويرفع عن الإيرانيين هذه السياسات التي لن تخرج عن «حرب الكلام» والدفع المستمر إلى حافة الهاوية.
3 ظهور البغدادي ونهاية داعش أمل عبد الله الهدابي البيان الاماراتية
بعد اختفاء عن أعين الإعلام نحو خمس سنوات، ظهر أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي بشكل مفاجئ في فيديو نشره التنظيم عبر منصاته الدعائية والإعلامية، واللافت أن البغدادي لا يزال يلقب نفسه بـ«أمير المؤمنين»! ولكن اللقطات المنشورة تعكس هزيمة التنظيم وتحوله إلى العمل السري رغم محاولات التنظيم كسب ردود أفعال مغايرة لما يعكسه الفيديو.
توقيت نشر الفيديو ليس عشوائياً، فاعتراف البغدادي بأن معركة الباغوز انتهت، تشير بوضوح إلى هزيمة التنظيم الإرهابي في آخر جيوبه في شرق سوريا قبل نحو شهر، وبالتالي فإن الفيديو لا يستهدف سوى مجرد إثبات الوجود ومحاولة رفع معنويات فلول التنظيم في مختلف المناطق.
عودة «داعش» للعمل السري لها وجهان، أولهما هزيمة مشروع التنظيم على أرض سوريا والعراق، ولكن هذه الهزيمة لا تعني نهايته فكرياً، بل تعني بالأساس أنه لجأ إلى الخطة «ب» أي العمل السري شأنه شأن تنظيمات الإرهاب الأخرى، التي تدخل في مرحلة كمون في حالات الملاحقة الأمنية، ولكن هذا الاختفاء لا يعني نهاية خطرها، بل تغير نمط التهديد وانتشاره جغرافياً، وهو ما حدث بالضبط في الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي تبناها التنظيم في سريلانكا وأفغانستان.
تنظيمات الإرهاب بشكل عام تلجأ إلى العمل السري عبر خلايا نائمة أو شبكة الذئاب المنفردة في مناطق مختلفة من العالم، في حالات انهيار التنظيم وتشتته، وهذه المرحلة بالنسبة لداعش ليست أقل خطورة من مرحلة العمل المنظم، التي سادت خلال السنوات القليلة الماضية حين كان يسيطر على جزء كبير من أراضي العراق وسوريا.
يخوض «داعش» الآن ما وصفه البغدادي في الفيديو بمعركة استنزاف طويلة المدى، وهي المرحلة التي هيأ البغدادي لها نفسه شكلياً، حيث ظهر في الفيديو مرتدياً لباس عناصر الميليشيات وليس كما كان يظهر سابقاً في رداء يتناسب مع ما أسبغه على نفسه من وصف «أمير المؤمنين»، كما بدت على هيئته آثار الهروب والتخفي، وإن حاول الظهور بمظهر المتماسك، الذي يتابع أحوال ما يصفه بولايات التنظيم!
يدرك البغدادي أن التنظيم قد تلقى ضربة قاصمة باستسلام آلاف من عناصره أمام قوات سوريا الديمقراطية، وقد حاول تبرير هذه الهزيمة المذلة بالقول «نحن لسنا مأسورين بالنصر وإنما بالجهاد». كما ظهر الارتباك والاضطراب في إعداد الفيديو الأخير، حيث تمت إضافة جزء صوتي إضافي يخلو من مشاهد مصورة، للحديث عن الاعتداءين اللذين تبناهما تنظيم داعش في سريلانكا وأفغانستان، وهذا أمر مغاير لما كان عليه الإخراج الفني المميز لدعايات التنظيم خلال سنوات سابقة، ما يعكس تشتتاً شمل عناصره وانحسار الأدوات في مجرد مخبأ وكاميرا يستخدمها في تسجيل لقطات يعتقد أنها تبقي التنظيم على قيد الحياة!
ولا شك في أن تحول مظهر البغدادي من قائد سياسي لدولة مزعومة إلى زعيم ميليشيا إرهابية يشير إلى اقتراب تفكك التنظيم وتشرذمه، لأسباب واعتبارات عدة، أولها أن التنظيم طالما اعتمد في جذب المؤيدين والأتباع على مغريات مادية ومعنوية وروج كثيراً لفكرة الدولة المزعومة وداعب أحلام المغرر بهم باستخدام الأموال التي كان يحصل عليها من تهريب النفط وبيعه وأموال «الجباية» التي كان يفرضها على سكان المناطق التي يسيطر عليها، فضلاً عن التمويل الذي كان يحصل عليه من بعض الجهات الداعمة للإرهاب، وبالتالي فإن انحسار جزء كبير من هذه المداخيل يعني بالتبعية تراجع أعداد أتباعه، والأمر الآخر أن انهيار أسطورة الدولة التي داعب بها خيال المغرر بهم من أتباعه يعني نهاية التنظيم وسقوط الفكرة.
والأمر الثالث أن التجارب السابقة في تطور الظاهرة الإرهابية تشير إلى تنظيمات الإرهاب تعيد إنتاج نفسها بعد انهيار كل تنظيم وهزيمته، إذ سرعان ما يخرج من عباءة هذا التنظيم المهزوم تنظيمات أخرى ربما تكون أشد شراسة وأكثر عنفاً وميلاً لسفك الدماء، ولكن المفروغ منه أن هناك حالة استقطاب حادة تحدث بعد كل هزيمة سرعان ما تفضي إلى ظهور تنظيمات أخرى على أنقاض التنظيم المهزوم الذي ربما يبقى كونه مظلة لا نفوذ حقيقياً لها، أو يتحول إلى سراديب التاريخ!
ورغم أن داعش يعيش مرحلة انتقالية من الإرهاب المعلن إلى الإرهاب السري، فإن هذه المرحلة هي الأكثر خطورة في مسيرة هذه الظاهرة الإجرامية لأن التنظيم سيحاول خلالها استخدام أقصى مستويات العنف وسفك الدماء من أجل الإبقاء على صورته النمطية في عيون الأتباع والمؤيدين لأفكاره وإثبات قدرته على الرد على هزيمته المخزية، وبالتالي فإن هذه المرحلة تتطلب تكثيف التعاون الدولي من أجل ملاحقة بقايا التنظيم في مختلف دول العالم، ومنع انتقالهم من سوريا إلى مناطق ودول أخرى.
4 السعودية والعراق روح الأخوّة خالد أحمد الصالح
الراي الكويتية
الخطوات الإيجابية في منطقتنا تستحق الوقوف معها، فالتقارب السعودي العراقي أمرٌ مشجع، فالبَلدان الشقيقان تجمعهما عوامل مشتركة كثيرة جداً، فهما دولتان عربيتان، مسلمتان، جارتان، يجمعهما خليج واحد، تقاربٌ في العادات والأصلُ الواحد، لذا كان مستغرباً ابتعادهما عن بعضهما لأسباب لا تَرقى إلى عوامل التقارب وكثير منها مَبنيٌ على الشكوك والإشاعات، التي تخدم أطرافاً تتغذى بالفتن وتسعى إلى إضعاف الدول العربية بل وتفكيكها إن أمكن.
علّمتنا حركة التاريخ أن الإنسان هو مجرد تِرسٌ صغير في تلك الحركة، وإن تحرُك آلة التغيير تشبه المحراث الضخم الذي لا يتوقف لوجود حصى في طريقه، لا يتوقف حتى يحرث الأرض المطلوب الانتهاء منها.
اليوم هناك روح عربية عامة راغبة في التعاون العربي، وعازمة على إعادة التآلف بين الشعب العربي، روح مُرحِبَّة في التعاون مع الكل على قاعدة عدم التدخل وإيقاف لعبة النفوذ.
موقفنا، يجب أن يتماشى مع تلك الروح الإيجابية، هذا ما نتمناه والأصوات التي لا يُسعدها التقارب العربي عليها أن تراجع نفسها، فالإرادة العربية يجري تفعيلها بعد أن دفعت الشعوب العربية ثمناً كبيراً لسيطرة الأقليات وتشريد العرب وفشل دولهم وتحويلهم من حالة الاستقرار إلى حالة الفوضى… الفوضى التي جعلت كرامة العربي تُوزع في شتات الأرض بين المخيمات والغربة المُذلّة.
هل حان وقت التصالح؟، هل حان وقت الابتعاد عن التجاذبات الإقليمية والدولية لصالح التجاذبات القومية؟، يبدو أننا نفتح صفحة جديدة ستقف معها الأغلبية ويُعارضُها البعض، في النهاية سنرى تغييرات مقبلة، نتمنى أن تنجح في عودة التصالح بين الأطراف المختلفة في أمةٍ واحدةٍ، وأن يكتشفَ الجميعُ أن كرامة الإنسان هي في وطنه وبين أهله.
اليوم تسيرُ الرياح حيث تشتهي السفن، ولن يطول الوقت الذي سنرى فيه تكملة التآلف العربي وإزاحةَ من راهَنَ على الأجنبي، فالريح المقبلة تملؤها المحبة وإرادة التغيير، ما علينا سوى الانتظار وكلنا بإذن الله متفائلون بتلك الروح العربية.
5 الزلفي وخروج البغدادي.. ليست صدفة !
محمد الساعد عكاظ السعودية
لم تكن العملية الإرهابية التي وقعت في الزلفي الأسبوع الفائت عملية معزولة قام بها مجموعة من المتطرفين أو المخدوعين المضطربين نفسيا، أو خلية إرهابية نائمة تحركت فجأة لتخوض معركة مع رجال المباحث العامة في السعودية من أجل الانتقام كما ادعت، مع التذكير بأن آخر عملية إرهابية وقعت في السعودية كانت مع انتهاء فصول إرهاب العوامية قبل عامين.
اقتضت العملية -عند من خطط وأمر بها من خارج السعودية- اختيار مدينة صغيرة على أمل أن تكون محطة رخوة جاهزة للانقضاض عليها والقضاء على من فيها، كانوا يحلمون أنه سيكون من السهولة دخول مبنى المباحث وإحداث دوي إعلامي هائل بقتل عدد كبير من رجال الأمن والإثخان في الجرحى وتصويره وبثه وربما الاتصال من هناك بقناة الجزيرة كما فعلوا ذلك من قبل، وبالتالي إحراج المملكة في عملية كبيرة، مستدعين جرائم «القاعدة» بين 2003 – 2005 في الرياض والخبر، وعلى وجه الخصوص فيديوهات عبدالعزيز المقرن ورفاقه عندما كانوا يرسلون أفلامهم الدعائية إلى أسامة بن لادن وقناة الجزيرة من داخل المنشآت المهاجمة. إلا أن تصدي رجال الأمن بكفاءة عالية جدا والقضاء على الإرهابيين في الشارع الخارجي صدم منظمي العملية لدرجة أن الإرهابيين المدججين بالأسلحة لم يصلوا إلى صندوق الخفارة على الباب الخارجي، لقد قضي على الخطة وعلى أحلام من رسمها في مهدها.
ما حصل في حقيقته ليس سوى لعبة مخابراتية «تركية – قطرية – إيرانية» بمساندة وعمل على الأرض من التنظيم العالمي للإخوان، تريد أن تستبق السنتين القادمتين في المنطقة، خاصة ما يتعلق بالسعودية الرقم الصعب الذي وقف حائطا عاليا أمام طموحات «رباعي الشر»، بل ولاحقهم تحت سماء وفوق أرض هذه البقعة الصعبة من العالم.
اقتضت خطة ثلاثي الشر استباق الانتخابات الأمريكية القادمة التي بدأت إرهاصاتها مبكرا في واشنطن، بما يشل الدور السعودي أو يعطله ويربكه، ويجهز المشهد السياسي المعادي له قبيل وصول «الديموقراطيين» إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض الذي يأملونه ويسعون إليه.
لذلك تمت المسارعة للقيام بعملية إرهابية -وهو ما حصل في الزلفي- قبل إخراج البغدادي من قبوه وإعطائه الزخم اللازم، مع التذكير بأنه تم اختبار خروج حمزة بن أسامة بن لادن قبل أشهر لكنه لم ينتج عنه التأثير المأمول لصغر سنه وعدم وجود كاريزما جاذبة لديه كوالده، أدت لعدم اقتناع الخلايا الإرهابية به، فأصبح إخراج البغدادي من ضرورات الخطة.
وللتذكير فإن البغدادي وحركة داعش تم «تخليقهما» داخل رحم المخابرات القطرية والتركية العام 2012، ولذكاء السعوديين فقد استبقوا تداعيات ذلك المخلوق الإرهابي المشوه بمخاطبة الدول الغربية جميعها بما فيها أجهزة مخابراتها والتحذير من داعش وتقديم الأدلة على تورط القطريين والأتراك في دعم التنظيم.
القطريون بالمقابل قاموا بتسويقه لدى أجهزة الأمن الغربية ليكون مقاولا للإرهاب -تتم السيطرة عليه- وشبكة لاصطياد المتطرفين الأوروبيين، وللمساعدة في مخطط هد الدول العربية الذي بدأ العام 2010، اليوم يحاولون إعادته للمشهد للاستفادة من خدماته بعد تلقيهم خسائر سياسية فادحة في سورية واليمن والسودان وليبيا وبالتأكيد مصر من قبل.
اقتضت الخطة إشغال السعودية بعمليات إرهابية مكثفة وإرباك الأجهزة الأمنية فيها تحضيرا لعمل سياسي معاد يتم تحضيره حاليا بين كندا وتركيا والدوحة، من خلال إنشاء ما يسمى بجبهة «معارضة» لتجميع أكبر عدد ممكن من المراهقين والفتيات الهاربات والملحدين والفاشلين دراسيا، إضافة إلى مخلفات الإرهابيين في لندن من أمثال الفقيه والمسعري، لتنتج عنها -كما يحلمون- تنازلات وتراجع وربما انكفاء، وربما صدام مع حاكم البيت الأبيض الديموقراطي إذا نجح.
6 ما علاقة البغدادي بخسائر الهلال الأخيرة؟
عبدالله بن بخيت
الرياض السعودية
تبدل موقفي من نظرية المؤامرة عدة مرات، موقفي الأول عندما كنت مراهقاً، كانت النظرية تزودني بحلول لكل المشكلات المستعصية دون جهد بحث أو دراسة, بعد أن كبرت واكتشفت أن الحياة تمتلئ بالصعوبات أصبحت أدين النظرية وأشجب استخدامها لتبرير الإخفاق والفشل، أما اليوم فقط صرت أقرأ التحليلات السياسية التي تعتمدها كنصوص كوميدية أو سمها الكوميديا السوداء إذا شئت.
كما يقول ترون صار المرء منا يخلط عباس على دباس حتى عند تحليل الأحداث البسيطة، كل شيء في حياتنا السياسية يدار في الخفاء، كل ما أصابنا من مكروه فليس منا، ثمة خلية من الرجال يجلسون في غرفة مظلمة يخططون ويدبرون ونحن يا غافل لك الله.
ظهور أبو بكر البغدادي بعد غياب امتد خمس سنوات أنعش خيال أصحاب نظرية المؤامرة هذه الأيام، ثمة من ربط ظهوره بالأحداث الدامية في سيرلانكا، وآخر ربط ظهوره بتشديد العقوبات الأميركية على إيران. والأخيرة توزعت فيها التحليلات على شقين متناقضين؛ الأول يقول إن ظهوره هو تهديد أميركي لتركيا إذا لم تنصع للأوامر بمقاطعة النفط الإيراني.. الآخر يقول إن ايران أظهرت البغدادي لتهدد به أميركا بموجة من الأعمال الإرهابية. فالبغدادي كما نرى عميلاً لأميركا وعميلاً لإيران في نفس الوقت، أميركا وإيران يحاربان بعضهما البعض بنفس الأداة، كل منهما يطلق نفس الصاروخ على الآخر، ليت الأمر يقف عند هذه النظريتين فثمة نظرية ثالثة تجمع بين إيران وأميركا في اتفاق سري هدفه استنزاف دول الخليج واستغلال ثرواتها، بل إن بعضهم توسع بأن أضاف البغدادي إلى أدوات تركيا وإسرائيل في محاربة العرب.
يذكرك البغدادي بابن لادن، وابن لادن يذكرك بعائلة روتشلد، وعائلة روتشلد تذكرك بالماسونية حتى نصل إلى عبدالله بن سلول.
من عجائب شخصية البغدادي أن النظام السوري وحلفاءه الإيرانيين وحزب الله يتهمون أميركا وربيبتها إسرائيل بخلق شخصيته لضرب الصمود والممانعة ووحدة الأراضي السورية، في الوقت الذي تتهم فيه المعارضة السورية أميركا وإسرائيل بخلق شخصية البغدادي لإجهاض الثورة السورية المجيدة، ولا ننسى أن آلافاً من دعاتنا الأفاضل على امتداد العالم الإسلامي بايعوه على المنشط والمكره وبعد أن أخفق في إقامة مشروع أحلامهم اكتشفوا أن هذا البغدادي شخصية يهودية اسمه الأصلي حاييم هدفه ضرب وحدة المسلمين والإساءة إلى سمعة الإسلام، من حسن حظ البغدادي أن دعاتنا الأفاضل لم يضيفوا إلى لائحة اتهامه تهمة إفساد المرأة المسلمة وإخراجها من عفافها.
نفس النظرية تتجلى في تفسير الأحداث في ليبيا وفي اليمن وفي الصومال وحتى في إخفاق الهلال.
7 أي «خليفة» هذا؟!
صالح القلاب الرياض السعودية
غير مستبعد أن يكون أبوبكر البغدادي، هذا «الخليفة الداعشي»، الآن إما في إيران نفسها أو في «حضانة» أحد التشكيلات العسكرية التابعة لها إنْ في سورية وإنْ في العراق أو في ضيافة إحدى الدول التي تشكل على صغرها جدار استنادٍ أساسا لهذا التحالف الشيطاني الذي يضم دولة الولي الفقيه ودولة رجب طيب أردوغان «الإخوانية» وبالطبع «حركة طالبان» وأيضاً سورية الأسد.. ثم وإذا أردنا أن نقول الحقيقة ومع هؤلاء جميعاً «حوثيي» اليمن وأيضاً ما يسمى الحكومة الليبية المحاصرة الآن في طرابلس الغرب.. وليس في طرابلس الشامية!!.
لقد «اُخترع» اختراعاً هذا «الخليفة» الذي من الواضح أنه قد تم تدريبه على بعض الحركات الاستعراضية كأن يصعد أدراج أحد مساجد الموصل وهو: «يُمسِّد» لحيته ويتمتم بكلام غير واضح وغير مسموع ثم عندما يستكمل ارتقاء منبر الخطابة يطلق «نحنحة» قوية ويبدأ الكلام تصاعدياً.. في البداية همساً وإلى أن يصل إلى أن يطلق «زمجرة» تصيب المصلين، الذين يتابعونه بعيون زائغة وأطراف مرتجفة، بالرعب وبتوقُّع أن يقفز من المنبر في اتجاههم و»يهرس» بعضهم بجثته المتورمة الثقيلة.
في كل الأحوال لا يمكن أن تكون هذه الصور التلفزيونية قد التقطت لهذا الرجل، الذي يقال إنه ينتمي إلى مدينة سامراء العراقية التي أعطت لبلاد الرافدين رجالاً عظاماً وقادة تاريخيين، في أحد كهوف صحراء بلاد الشام والمعروف أن الصحارى لا كهوف فيها فالكهوف في العادة لا تكون إلاّ في الجبال والهضاب الصخرية والواضح أن هذا «الخليفة» المُزوَّر قد اختُرع اختراعاً لتسويق هذه المجموعات الإرهابية التي لا تقتصر على «داعش» و»القاعدة».. فهناك «النصرة» التي كانت قد بدأت «قَطَريَّة» ثم ورثها ما يصفه «الإخوان المسلمون» بأنه أمير المؤمنين رجب طيب أردوغان الذي بات يتدثر بعباءة الولي الفقيه علي خامنئي من الناحية السياسية.
وهكذا وخلافاً لما كان قد ساد، بعد انتهاء حرب أو حروب قرية «الباغوز» السورية: «بأنه لا داعش بعد الآن» فإنه قد تم إظهار «خليفة» الداعشيين نفسه في لقطات «تلفزيونية» من الواضح أنه تم تصويرها في مكان هادئ ومريح وإنْ ليس في إحدى قواعد «الأنصار» في هذه المنطقة ففي إحدى عواصم «المقاومة والممانعة» التي يلتقي في فنادقها «مجاهدو» العنتريات الفارغة بالضيوف الإسرائيليين وعلى الرحب والسعة!!
بعد انحدار الدولة العباسية وضعفها سيطر الترك على شؤون الخلافة واتفقوا على أن ينصِّبوا خليفة ضعيفاً هو أحمد بن محمد المعتصم وقد تم اختيار «مملوكين» هما «وصيف» و»بغا» لتسيير شؤون الخلافة قال فيهما أحد الشعراء العظام:
خليفة في قفـصٍ بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له كـمـا يقـول الببغـا
8 ما بين ظهور البغدادي وفضيحة رنين الجنسية
اسعد عبدالله عبدعلي راي اليوم بريطانيا
اليوم الماضي شهد حدثين كانا الاكثر جلبا لأهتمام العراقيين, الاول هو الظهور الجديد لأبو بكر البغدادي خليفة الدواعش, بعد ان تردد كثيرا في الاعلام وعلى فترات متباعدة بقيام الامريكان بتصفيته, لكن ظهوره جددا الان أثار تساؤلات عديدة! والامر الثاني والذي انتشر بعد ساعات قليلة من خبر البغدادي, الا هو انتشار فيديو فضيحة رنين, مما جعل جمهور “الفيسبوك” العراقي ينسى الخبر الاول! ويصبح الاهتمام الاكبر بالفضيحة الجنسية.
سنحاول هنا تسليط الضوء على الحدثين, محاولين توضيح بعض دلالات الحدثين:
دلالات ظهور البغدادي مجددا
ظهور جديد لخليفة داعش بعد اختفاء اربع سنوات, بعد اخر ظهور له في الموصل ايام احتلالها من قبل عصابات داعش, والان ظهر ليتبنى تفجيرات سريلانكا والسعودية داعيا عصاباته لشن هجمات على باريس, معترفا بالهزيمة في سوريا, كأنه اعلان لحرب الاستنزاف ضد الانسانية اين ما وجدوا!
هنا نحاول تفسير الحدث:
ـ الدلالة الاولى: يمكن ملاحظة ان الظهور الجديد يتزامن مع الذكرى الخامسة لتأسيس تنظيم داعش الارهابي, كذلك هو الاول منذ عام عن اعلان امريكا في اذار 2018 عن هزيمة تنظيم داعش, فهو يمكن اعتباره رسالة بان التنظيم حي لم ينتهي, وان الخليفة بشحمه ولحمه مازال موجودا, وانه ممسك بزمام الامور والدليل نشاطه الاخير في بقاع متباعدة من العالم ( سريلانكا والسعودية), ويحاول ان يقنع المشاهدين بان التنظيم مازال يتمدد, والدليل اعلانه عن تأسيس ولاية الصحراء في جنوب مالي.
ـ الدلالة الثانية: الظهور الجديد رسالة لكشف زيف الاخبار التي تتحدث عن اغتيال خليفة الارهابيين, وان هنالك دور قادم لأبو بكر من قبل القوى العالمية الكبرى, فالمتغيرات الاقليمية تسارعت لتسقط الرئيس الجزائري والسوداني, كما كان ظهورهم متزامن مع الربيع العربي الاول في نهايات عام 2010, فمع كل فوضى يظهر الاتجاه الارهابي المتطرف مدعوما من قبل القوى العالمية, لذلك تم الظهور الحالي.
ـ الدلالة الثالثة: الظهور رسالة نفي للأخبار والاشاعات المتناقلة عن هرب البغدادي خارج جغرافيا العراق وسوريا, وانه مازال موجودا في المنطقة, وانه بكامل عافيته يتابع وينظم ويخطط للقادم من الايام, وكأنها رسالة باستشارة من البيت الابيض, لان الفكرة اكبر من عقلية زعيم لتنظيم ارهابي مبني على اساس الذبح والسبي والسرقة.
صدمة محلية وامريكية
مثل الظهور صدمة للقيادات السياسية, خصوصا بعد تأكيد اخبار كثيرة وبفترات زمنية متباعدة, عن مقتل خليفة الارهابيين, وهو ما يذكرنا بخبر مقتل المجرم عزت الدوري وتفاصيل دقيقة عن قتله وحكايات عن هاتفه, لكن فيما بعد تبين كذب كل ما قيل! والكذبتين اشترك بها الساسة المحليون وبدعم امريكي.
لذلك تحركت الجيوش الالكترونية وغرف عمليات تصنيع الاخبار, لتخفيف الضغط الجماهيري, وهذا الامر يحتاج لحدث ما يجعل الناس تنسى ظهور البغدادي, وهذا الامر مستند لفهم جيد لذاكرة العراقيين, والتي تشبه ذاكرة السمك ( نسيان سريع), لذلك…
فضيحة رنين
بعد ساعات قليلة من ظهور البغدادي وتصاعد الحديث عن ظهوره, فاذا بفضيحة جنسية لمطربه محلية, تنتشر بسرعة مدعومة بفيديو يفصح عن حدث جنسي! وكما عودنا شعب “الفيسبوك” المحلي تستهويه الفضائح الجنسية, وتشغله كثيرا وتصبح مادة مهمة ورئيسية, ولا تبرد نارها الا بعد اسابيع, فتم نسيان الحدث الاول تماما,
صمت الالاف عن حادثة ظهور البغدادي, ولم يعتب احد عن بقائه حيا الى الان! ولم يتناول الناس اسباب الظهور, منشغلين بالحديث عن رنين, وعن تفاصيل المشهد الجنسي, وتابعه حديث عن بطولات رنين, وعن ملابس رنين المثيرة في الحفلات, وتداول تصريح لأخو رنين ينفي ويدافع عنها, ومناقشة مستفيضة لدفاع رنين عن نفسها.
والنتيجة نسيان تام لقصة ظهور الخليفة الارهابي البغدادي, ومازالت قضية رنين في تصاعد.
9 لا تتركوا العراق وحيدا
فاروق يوسف
العرب بريطانيا
العراق بلد جريح. كذبة تحريره من النظام الدكتاتوري التي أشاعها الأميركان وجعلوا منها سببا لغزوه مرت على عجل كما لو أن أحدا لم ينطق بها.
تركه الغزاة بعد أن دمروا دولته ليكون مختبرا لمختلف أنواع الإرهاب الديني “الطائفي”، فشهد حربا أهلية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أهله، تلتها غزوات مريبة وغامضة قامت بها جماعات استسلم الكثيرون لشريعتها.
غزاة أجانب تلاهم غزاة محليون، ولا تزال الطرق سالكة.
هناك ميليشيات عبأت أكياسها بالأموال، وهناك قطاع طرق يقفون في المنعطفات في انتظار اللحظة المناسبة للهجوم. لا يزال هناك ذهب تحت الأرض. البلد ثري وما من قانون يحكم ثروته أو ينصف أهله.
الأسوأ في انتظاره. مشاهد الفقر في العراق تتناقض مع رغبة المستثمرين اللصوص في الذهاب إليه. “هناك أموال كثيرة” ترى أين تقع تلك الأموال ومن يتصرف بها؟
هناك عجز في الميزانية دائما. هذا ما تقوله الحكومة العراقية وهو ما يدفعها إلى الاقتراض لتزيد من مديونية العراق المليارية. بلد يغرق في الديون من غير أن يتمكن أحد من إيقاف ذلك النزيف.
لا أحد يسأل أين تكمن المشكلة؟ الدولة نفسها غير معنية بذلك السؤال. يفكر سياسيوها في أن يقوموا بلعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران في ما يتعلق بالأزمة بين البلدين. لم يفكر أولئك السياسيون بحجمهم الذي لا يمكن أن يتيح لهم أداء تلك المهمة.
تلك فكرة طارئة لن يكون النظر إليها مقبولا إلا في سياق تلفيق بلد طارئ اسمه العراق الجديد. شيء هو أشبه بالحماقة أو المزحة التي تدعو إلى البكاء. ذلك البلد، الذي لن يعود إليه أبناؤه الهاربون من حكم الاستبداد إلا لأسباب نفعية، لا يمكن أن يكون نافعا لأحد. فهو لا يصلح لشيء وليس من المستبعد ألا يصلح له شيء.
معادلة ركبها الأميركان من خلالها تحول العراق إلى دولة على الورق.
فالعراق دولة معترف بها على صعيد عالمي، غير أن تلك الدولة في حقيقتها ليست أقوى من نظامها السياسي ولا من حكوماتها. وإذا ما عرفنا أن الاثنين يخضعان لهيمنة الميليشيات الإيرانية يمكننا أن نحكم على تلك الدولة بكل مؤسساتها بأنها مجرد غطاء لأكبر عملية سرقة في التاريخ. إنها سرقة بلد بأكمله من أبنائه.
عنوان تلك السرقة الطائفي هو الآخر كذبة مروعة.
فشيعة العراق ليسوا إيرانيين. هم عرب أصلاء. بنى أجدادهم الجزء الأكبر من الحضارة العربية الإسلامية. مقومات وجودهم الفكري تستمد حيويتها من لغتهم العربية. إضافة إلى أن مذهبهم لا يقر مبدأ ولاية الفقيه المطلقة التي فرضها الخميني على إيران.
مذهبيا هم وجه التشيع الحقيقي.
غير أن اللعبة السياسية غلبت الحقيقة ولو مؤقتا. الأحزاب الشيعية التي تحكم العراق في ظل نظام المحاصصة الطائفية الذي فرضه الأميركان هي أحزاب إيرانية الولاء والفكر، وهي لا تمتّ بصلة إلى التشيع العربي.
لذلك فإن الحديث عن عراق عربي تقود دولته أحزاب إيرانية الولاء هو نوع من الهراء. فكرة المحيط العربي تقض مضجع حكام العراق. ذلك لأنهم يتمنون لو أن الجغرافيا تغير من أحوالها بعد أن استطاعوا من وجهة نظرهم أن يحلوا تاريخ مروياتهم الخرافية محل التاريخ المادي.
تؤرقهم الجغرافيا لأنها لا تخضع لمنطق الخرافة.
وإذا ما كان أولئك الطارئون على السياسة قد اعتقدوا بأنهم تمكنوا من التاريخ بسبب جهلهم به، فإن ما تمكنوا منه لا يعدو سوى لحظة طارئة من ذلك التاريخ. ذلك حدث عاشه العراق عبر عصوره. ولكنه ظل وفيا لشخصيته التي يعرفها الآخرون أكثر مما يعرفها أبناؤه.
العراق اليوم بلد جريح يقيم في أسوأ لحظات تاريخه. غير أنه يتلفت من حوله مناديا “لا تتركوني وحيدا”.
10 حفظ الله البحرين والعراق
إبراهيم المناعي
اخبار الخليج البحرينية
ما أجمل شعب البحرين في السراء والضراء، فهم متكاتفون متعاضدون في نسيجٍ واحد ولحمةٍ واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، خاصةً عندما تعصف بهم المحن أو يجور عليهم جائر، تراهم يتسابقون إلى لمّ الشمل ورص الصفوف، متحلقين حول قيادتهم يُجددون البيعة والولاء والفداء للوطن والقائد. وربما كان خير مثالٍ لهذه اللحمة الوطنية والروح العالية في الذود عن كرامة الوطن وقيادته السياسية هي وقفة أهل البحرين الحازمة والرافضة للإساءة التي وجهها إليهم أحد الرموز الدينية في جمهورية العراق الشقيقة مؤخرًا، وتدخله السافر في شؤوننا الداخلية وسيادة الدولة دون مراعاة منه للأخوّة العربية بين الأشقاء، أو الأعراف الدولية أو العلاقات السياسية والدبلوماسية القائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير. ونحن نعلم جيدًا مدى الاحترام المتبادل والتقدير المتجذر بين الشعبين الشقيقين في العراق والبحرين، وأنّ حادثةً عارضة مثل هذه لا يمكنها أن تهزّ أركان هذه العلاقة التاريخية الوطيدة والراسخة.
ولكننا في هذا المقال نود أن نُذكّر السادة رجال الدين والسياسة في أي دولة من الدول العربية والإسلامية الشقيقة والصديقة، وكذلك بقية دول العالم، أنّ على الدول التي تسعى إلى نشر مبادئ العدل والديمقراطية والقضاء على الطائفية والظلم والاستبداد والنهوض الاقتصادي والتطوّر والبناء، أن تبدأ بنفسها أولا، وتطبقه على مجتمعها، وأن تنأى بنفسها ثانيًا عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، لأن الشعوب هي التي تقرر مصيرها وتحدد أولوياتها وترعى مصالحها.
وفي الحقيقة فإنك لن تجد دولة في منطقة الشرق الأوسط تتدخل في شؤون الآخرين وتمارس هذا الدور الشائن في علاقاتها السياسية مع دول الجوار سوى جمهورية إيران التي ينص دستورها في المادة 154 منه على ما يلي: «تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعادة الإنسان في المجتمع الإنساني قضية مقدسة بالنسبة إليها، وكذلك تعتبر الاستقلال والحرية وقيام دولة الحق والعدل حقًا لجميع الشعوب في العالم، وعلى هذا فإن الجمهورية الإسلامية في إيران لن تتوانى عن دعم النضال المشروع للمُستضعَفين ضد المُستكبرين في كل بقعة من بقاع العالم، ومع تمسك الجمهورية الإسلامية، في ذات الوقت، بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى بشكلً كامل».
هذا هو المنهج السياسي لإيران في تعاملها مع دول العالم وخاصةً دول الجوار وفق الدستور الإيراني من حيث التدخل، وهو «التدخل الجزئي وليس الكامل» تحت غطاء الوصاية الدينية وحماية المُستضعفين. وهو تفسيرٌ غريب ومُريب والتفافٌ على المواثيق الدولية التي تُحرّم التدخل الدولي في شؤون الغير بأي شكلٍ من الأشكال.
ولكم عانينا نحن في البحرين من هذا الدور المقيت الذي تمارسه إيران تجاهنا خلال العقود الماضية، من خلال بعض الممارسات والأقوال التي تصدر من بعض الشخصيات العامة في إيران، أو التي تصدر من بعض الشخصيات العامة في الدول العربية التي هيمنت عليها إيران وألقت بظلالها على بعض رموزها الدينية والسياسية، فكرًا وممارسة.
حفظ الله البحرين والعراق، والله خير الحافظين.
11 “حلال” لمقتدى.. و”حرام” على خالد بن أحمد!! فيصل الشيخ الوطن البحرينية
في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه بالأمس، تحدث الشيخ إياد جمال الدين السياسي العراقي ورجل الدين الشيعي، والذي كان نائباً سابقاً في مجلس النواب العراقي عن محافظة ذي قار، عن خطورة مقتدى الصدر، وكيف أن العراق اليوم يعيش تحت سطوة الميليشيات الإرهابية التي تهدد أمنه، وتروع كل من يختلف في الرأي معهم.
إياد جمال الدين شخص الحالة العراقية بشكل تفصيلي، ويمكن الرجوع لحسابه الموثق على «تويتر» لمعرفة التفاصيل، وكيف أن سطوة هذه الميليشيات والترويع الذي تبثه، وطريقة التحكم التي تمارسها، تمضي لزعزعة أمن العراق، ولتوتير علاقات هذا البلد العظيم بتاريخه مع أشقائه وأصدقائه من الدول التي تتعامل بحسن النوايا معه.
من ضمن التغريدات قال إياد جمال الدين إن هذه الميليشيات هي أخطر اليوم على العراق من أي خطر آخر، متسائلاً باستغراب عن كيف تهب الجهات داخل العراق لإصدار مواقف تنتصر لزعيم ميليشيا مثل مقتدى الصدر، وتحجر على وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة دفاعه عن وطنه وملكه؟!
كتب الشيخ جمال الدين بأنه هل «حلال» على مقتدى التدخل في شؤون البحرين والمطالبة بإسقاط الملك وحكومته، و«حرام» على وزير خارجية البحرين أن يرد على مقتدى؟!
هذه الجملة التي تحمل المنطق كله، تلخص العملية برمتها، إذ مثلما قلنا مراراً البحرين كدولة ونظام لم تبدأ أبداً الإساءة بحق أحد، بلادنا تسير على منهج سلوكي قويم، أسس له جلالة الملك حمد حفظه الله، الملك الذي شعاره التسامح والتعايش وفتح أبواب الحوارات الإنسانية، ومد جسور التعاون والصداقة بناء على مبدأ الثقة، بالتالي لم تكن البحرين أبداً في موقع مهاجمة أحد، بالتالي لماذا تهاجموننا، وهل حينما تهاجموننا تستاؤون إن خرجنا ودافعنا عن بلادنا وعن ملكنا وعن ثوابتنا؟!
هذا ما قام به وزير الخارجية الشيخ خالد، الرجل الذي يمثل دبلوماسيتنا، والذي يضع بنفسه في المقدمة حينما تطاله الإساءات عندما يغرد على مواقع التواصل مدافعاً عن البحرين.
لم يبدأ الشيخ خالد هذا السجال، بل هو رد غيور من بحريني لم يقبل الإساءة لوطنه وملكه، حاله حالنا حينما نرفض أشد الرفض أي تطاول على بلادنا وملكنا، ولكن تأثير صدى كلام الشيخ خالد أكبر بحكم موقعه، وبالتالي نشكره على كثير من المواقف التي يرد فيها باسمنا كبحرينيين جميعاً.
ليس «حراماً» علينا أن ندافع عن بلادنا وملكنا، لكننا «نحرم» على أنفسنا الإساءة للآخرين ورموزهم ممن لا نمتلك معهم إلا علاقات صداقة وتعاون، حتى من يسيئون لنا، علمنا ملكنا ألا نرد في كثير من الأحيان، بل نتجاوز عن الإساءات، لأننا في أخلاقنا كبحرينيين أكبر من النزول لهذا المستوى.
في النهاية لسنا دعاة حرب وفوضى، أمنياتنا لكل الشعوب بالخير، لا نتمنى الشر لأحد، ولا نريد لأحد أن يعاني من الإرهاب وغياب الأمن وانعدام الاستقرار، فنحن هددنا في وطننا، وعشنا ألم القلق على ضياعه واختطافه، بالتالي الأمن والسلام والخير هو ما نتمناه للجميع، فقط اتركوا بلادنا في حالها، وأصلحوا بلدانكم وعمروها وزيدوا خيراتها، والله يكتب لكم المزيد والمزيد.11