3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 رومانسية زمن القتل في العراق
هيفاء زنكنة القدس العربي
من بين الأسئلة التي أثارتها قيادة «مكافحة التمرد» في العراق وأفغانستان، قبل وبعد غزو البلدين، سؤال بالغ الأهمية، وهو: كيف نكسب قلوب وعقول أهل البلدان «المضيفة»؟ قدمت القيادة العسكرية عديد الخطط، الآنية منها والاستراتيجية، في مؤلفات بات بعضها متوفرا للعامة، كجواب يعالج إشكالية الكراهية الطبيعية أو النامية تدريجيا عند اهل البلد، وان قام البعض بالترحيب بها بداية. وكما ان للعملة وجها آخر، واجهت الإدارة الأمريكية، بشقها السياسي، السؤال نفسه، ولكن بصيغة مختلفة وهي: كيف نكسب قلوب وعقول الشعب الأمريكي ورضاه على شن الحرب؟
اعتمدت الإدارة الأمريكية، لتحقيق مستوى معين من الرضا أو القبول، على مخطط استراتيجي شرعت به منذ التسعينيات. فأسست لذلك لجنة عمليات معلوماتية خاصة، استغلت بواسطتها كل مستويات الاستهداف الدعائي النفسي، من الاعلام الى الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث ودور النشر. وكان لدور النشر أثر كبير في تبرير الحرب وان لم يحظ بذات الاهتمام الذي حظيت به أجهزة الاعلام من ناحية الرصد، بحكم سرعة وآنية التأثير الإعلامي السمعي والبصري، بالمقارنة مع بطء وعمق تأثير الكتب. تشكل هذه الجهود جانبا مما شخصه نعوم تشومسكي ونورمان هيرمان في كتابهما «صناعة الرضا»، المنشور عام 1988، عن تلاعب النخب المتحكمة بالعقل الجمعي الأمريكي منذ عشرينيات القرن الماضي.
منذ ان بدأت حملة التهيئة لشن الحرب على العراق، في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، وقائمة الكتب الأمريكية ـ البريطانية عن العراق في تزايد مستمر. وبعد ان كان عامة الأمريكيين والبريطانيين لا يفرقون بين العراق وإيران، إذ حالما تخبرهم أنك من العراق يأتيك التساؤل «إيران؟»، أصبح العراق بلدا يتصدر قائمة الأخبار والمطبوعات، خاصة حين سارع مهندسو الحرب الى تحشيد الأجواء الدعائية النفسية لتقديم صورة للبلد، تسوغ ارسال قواتهم للقتال فيه والتضحية بحياتهم من أجل «تحريره».
تزايد، أيضا، بمرور الوقت، اهتمام دور النشر باستقطاب المؤلفين، من عسكريين ومحللين سياسيين الى «خبراء» في معرفة الشرق الأوسط ونفسية العرب المسلمين، وإن لم ينطق أحدهم باللغة العربية غير كلمة « مرهبا». في تلك الأجواء، المنفتحة على سوق الحرب، باتت هناك فرصة لتسويق كتب كانت تقتصر في موضوعها، حتى ذلك الوقت، على البحوث الأكاديمية التي قلما يقرأها أحد من خارج الحلقة الأكاديمية المغلقة تقريبا. فسارعت دور النشر ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية والبحوث والفكر، الى نشر كتب تعريفية بالعراق، تاريخا وحاضرا، واضافة تقارير القمع والاستبداد المناقضة لحقوق الانسان، والخطر المؤكد على العالم من بلد قادر على الوصول بأسلحة دماره الشامل الى الغرب، وبالتحديد بريطانيا، خلال 45 دقيقة، حسب خطب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير!
ومع تنوع مستويات التحشيد، دخل عالم النشر بحماس يكاد ينافس الاعلام البصري والسمعي لتأطير صورة بلد بحاجة الى التحرير والديمقراطية، وخلق وعي شعبوي يضاف الى الوعي التاريخي المترسب في الذاكرة الاستعمارية، عن عبء الرجل الأبيض وتحمله مسؤولية رفع مستوى وتمدين الشعوب المتخلفة.

اعتمدت الإدارة الأمريكية، لتحقيق مستوى معين من الرضا أو القبول، على مخطط استراتيجي شرعت به منذ التسعينيات. فأسست لذلك لجنة عمليات معلوماتية خاصة، استغلت بواسطتها كل مستويات الاستهداف الدعائي النفسي، من الإعلام الى الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث ودور النشر

أكتسب الكتاب أهمية قصوى في مخاطبة شريحة مجتمعية قد تشكك أو لا تثق بدور الاعلام، الا انها مستعدة نفسيا لتقبل ما هو منشور بالكتب بحكم العلاقة التقليدية بين المثقف والكتاب. لذلك حققت كتب عدد من الباحثين والصحافيين المتخصصين نجاحا في تهيئة أرضية شن الحرب العدوانية والتقبل النفسي باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السياسة الأمريكية في «الحرب على الإرهاب»، والمحافظة على الأمن الداخلي واصطياد «الإرهابيين» في بلد ناء بحيث لا يمكن ان يعرض حياة الأمريكي للخطر.
فتم اصدار كتب وتوزيعها بشكل كبير بموضوعات تعكس فكر المحافظين الجدد وخاصة محور دونالد رامسفيلد ـ دك تشيني- بول وولفوتز، الذين تصدروا مراكز صنع القرار في الإدارة الأمريكية.
شكل هذا المحور أساس عديد الكتب المبررة لشن الحرب والاحتلال، كحل وحيد لدمقرطة العراق، متجاهلين ما ستسببه الحرب من خراب بشري وعمراني وانعكاساتها على الاستقرار الاقليمي. كان هذا قبل الغزو أما بعده وتحت الاحتلال، فقد غزت الأسواق كتب من نوع مغاير، احتل عدد منها قوائم الكتب الأكثر مبيعا. اذ انضم الى مؤلفي الكتب اشخاص لم يكونوا يحلمون يوما بالكتابة ناهيك عن النشر. مرتزقة وجنود وضباط. نساء ورجال. سجناء ومدمنو مخدرات ومرضى يعانون من صدمة ما بعد الحرب. اذ أفرزت الحرب على العراق اعلى نسبة من جنود الاحتلال المصابين بصدمات وأمراض نفسية حتى بالمقارنة مع الحرب الأمريكية ضد فيتنام. لجأ معظم الجنود العائدين الى جنس المذكرات للكتابة عن تجربة القتال في العراق، وابراز روح التضحية و«الهوس بإخبار القراء أن الحرب مروعة» مع الإصرار على «ان كل الجنود أشخاص طيبون يبذلون قصارى جهدهم في وضع سيئ»، كما يذكر الصحافي توم بيتر في دراسة له. وكما يذكر الجندي السابق في العراق نيكو ووكر السجين حاليا بتهم ادمان وبيع المخدرات وعدة محاولات نهب للبنوك «مقارنةً بما كنت أفعله في العراق، بدا أن سرقة البنوك بمثابة أفعال أطفال. من الواضح أنه كان خطأ، وأنا أدرك ذلك الآن».
أنها مذكرات يسهب فيها كتابها بإظهار ما تعرضوا له من أخطار، ليكسبوا عطف القارئ الأمريكي حتى ان كانوا مجرمي حرب، متعمدين عدم ذكر العراقيين، أو ذكرهم بطريقة تبين بان موت العراقي محزن ولكن المأساة الحقيقية هي معاناة الجندي الأمريكي.
من بين الكتب التي لاقت نجاحا بعناوين تدل على مضمونها: زمن القتل بالعراق، بوابة قاتل بالعراق، كنا واحدا: جنبا إلى جنب مع مشاة البحرية الذين دخلوا الفلوجة، وفي الرمادي: القصة المباشرة لمشاة البحرية الأمريكية في أكثر مدن العراق دموية. وتمنح دور النشر مساحة كبيرة للجنديات اللواتي يكتبن مذكراتهن. اذ نشر لهن عناوين على غرار: أحب بندقيتي أكثر مما أحبك: شابات في الجيش الأمريكي، وعصبة شقيقات: أمريكيات بالعراق.
المفارقة الكبيرة التي نراها عند اطلاعنا على حمى نشر هذه النوعية من الكتب هي ان نشر الكتب العاطفية ببطولة مقاتلين ومرتزقة بالإضافة الى نشر المذكرات التي تسلط الأضواء على مفهوم البطل/ الجندي الذي يضحي بحياته من اجل نشر «القيم الديمقراطية»، نجح في استقطاب المخيال الشعبي الأمريكي والغربي عموما والفوز بقلوب وعقول الناس العاديين أكثر من كل حملات الترويج الدعائي بكثير. يقول مدير دار نشر «سورسبوكس»: «هناك الكثير من الاهتمام بقواتنا ودعمها. جميع الرومانسيات ذات الطابع العسكري تبيع بشكل جيد للغاية. يصنع الرجال العسكريون أبطالا كبارا، وتصنع النساء العسكريات بطلات رائعات».
الأمر الذي أكده استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث، بأمريكا، مبينا ان 91 بالمئة من الأمريكيين يشعرون بالفخر والاعتزاز بمن خدموا في الجيش، اثناء غزو واحتلال العراق، بينما كانت نسبة من وافقوا على غزو العراق هي 36 بالمئة فقط!
2 خضَيِّر هادي… ورحيل صاخب! تركي الدخيل الشرق الاوسط السعودية

ألتفتُ كثيراً جهة العراق، وأعلم أني لستُ وحدي من ينظر بعين المحبة لأرض الرافدين.
بغداد مدينة الشهقات الثلاث؛ شهقة حين تمر بعين قارئ وسط كتاب، وشهقة حين تمر على الشاشة خبراً عاجلاً باللون الأحمر، وشهقة كلما جاء من جهاتها صديق قديم سالماً.
كم من الأصدقاء الذين أحبهم، ويأكلني القلق عليهم، حين يهزمهم الشوق، فيمرّون مودعين، ويعودون ولا يشبه عودتهم أحد حين يقبلون. لكن البارحة لم يودعني مسافر من بغداد، وإنما بتّ وحالي كحال أبي الطيب، حين فجع بأخت سيف الدولة…

طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فزعتُ فيه بآمالي إلى الكذبِ

وما زالت بغداد تحزنني، يوماً بعد يوم، فمدينة التحضر والتاريخ تُفَرِّط في أبنائها، بالحرب تارة، وعبر المرض أحياناً، وساعات بتهدم مبانيها، وجفاف أنهارها. والحزن موصول، حتى على آثارها، التي تتخطفها الأمم، كي تزيِّن بتاريخ العراق العظيم، جدران متاحفها.
لكن موت الشعراء، يوجعني أكثر، فكل شاعر – بالفطرة – مفطوم في بغداد، وكل خارج منها باكٍ عليها، فقد أحزن فراقها أبا العلاء، واقترن اسم أبي الطيب بعاصمة العراقيين، وبلغ الوفاء بالبغداديين، لما عشقوا المتنبي، أن يبنوا له بوسط مدينتهم ما يخلده، فوق خلوده. وببغداد ترنم نزار – فبغداد اسم وصفة وفعل – واسألوا كاظم الساهر، إن شئتم!
عشق نزار للعراقيين، وبغداد، وبلقيس، قديم… معتق…

عيناكِ يا بغداد منذ طفولتي
شمسانِ نائمتانِ في أهدابي
لا تنكري وجهي فأنت حبيبتي
وورودُ مائدتي وكأسُ شرابي
بغداد جئتكِ كالسفينة متعباً
أخفي جراحاتي وراءَ ثيابي

ليت شعري يا نزار، لو أن السفن المتعبة ببغداد، بقيت – كما تذكر – تُخفي جراحها وراء الثياب.
قبل شهر يا نزار، غرق مركب بدجلة، ليهبط الحزن على 100 بيت في الموصل. لم يكن المركب وحيداً يا نزار. في 2013، غرق مطعم لبناني، على ظهر سفينة بدجلة الحزين، الذي ابتلع 5 عراقيين.
لم يقف رصاص الطرقات، كي ترتاح شوارع بغداد الجميلة، حتى جفّ ماء النهر، ولم يبقَ يا نزار، في بغداد، من الأخبار السعيدة الكثير.
توفي عريان السيد خلف، مطلع العام، والبارحة يا نزار فُجعتُ بـخضَيِّر هادي.
خضَيِّر الذي أذكره، كما أحفظ قصائدك… وجه الشتات العراقي، الشاعر الذي كان يحسن الجمع، خاصة حين يبدأ بالخمسة وينتهي بالعشرة.
مات خضَيِّر هادي يا نزار! لم يمت غِيلة، كما كانت تهدده رسائل هاتفه النقال. الحمد لله أنه لم يمت في الغربة، فتراب العراق يحن لمثل عظامه الوفية.
رحل خضَيِّر، الذي أقسم على نفسه، ألا يبكي أمامي، في «إضاءات»، وهأنذا أبكيه، وأبكي عبد الرزاق عبد الواحد، وعريان السيد خلف، وأُعَزي أهلهم وأحبابهم، وأعزي من فقد عزيزاً على ظهر العبّارة، التي لفرط حمولتها، لم يحتملها صبر دجلة، الواقف منذ الأزل.
مات الشاعر الذي لم يقف مع أحد، كما قال لي، بعظمة لسانه.
رغم تناقضاته – رحمه الله – فإنه كان من الناس الطيبين.
كان حاضر الدمعة، حتى كأنك تنتظر دمعته قبل أبياته، حزيناً حزن العراقيين، الذي أصبح مبرراً، أكثر في المنافي. شكا الغربة، وناجى الوطن دوماً، والغريب أن خضَيِّر، مثل أغلب الشعراء، يختزل العراق في بغداد…

يا هوى بغداد أعطيني نسمة
ليش غيري يشمك وأنا أغار؟!

كان يطلب من أعدائه، ألا يخيفوه، برسائل التنمر والتهديد، فهو شاعر – جبان ككل الشعراء، على حد تعبيره – قال عن مهدديه؛ ليهددوني بالحب يا تركي!
الله يا خضَيِّر، ويا ضحكة خضَيِّر، ويا دمعة خضَيِّر، التي بخل بها، رغم أنها جادت هطولاً في «إضاءات».
لم يقتله الذين حذرني منهم كثيراً، فقد علمته التجربة سوء الظن بالناس…

الناس كفوف عدها
ويمها طابوق

قتلته الأخبار، التي حذره منها الأطباء، فلم يرخِ أذناً لتحذير.
خضَيِّر كان مريضاً بالوطن. قال؛ الموت في الغربة يا تركي مذلة!
كيف لي أن أنسى شتاته، الذي جعله يرسل التحايا، لكل بلد استقبل اللاجئين العراقيين، وكيف لي أن أنسى مشهد تقليبه العبي (جمع عباءة)، فبكى حين لم يجدْ بينهن عباءة أمه، التي كان يستدل عليها من عبق رائحتها…
من تمشي العطر يمشي وراها
كان مرهفاً حين يذكر العراقي، وكأنه يتوضأ بالدمع إذا عنَّ له بنو جلدته. كان مستعداً أن يلفَّ نفسه سيجارة يدخنها العراق إن رغب، عربياً، غاضباً، حزيناً، لا يستطيع قول الشعر، من دون أن يُمَسرِح يديه بحركات متواصلة، ويُسكِتَ الجمهور بتفاعل جسده. ذكياً، يعرف ما يريده الجمهور. صاحب خيالٍ، يُقرِّب الصورة باللحن والإيقاع. لا جدال في ذلك، فهو أول من حوّل قصيدة إلى فيديو كليب، وأدخلها عالم الليل، مثل فناني الأحياء الخلفية. عاتبه كثيرون، لكنهم اعترفوا جميعاً لخضَيِّر أنه ابن الأرض، والكلمة العامية، سريع البديهة، يحسن البوذيات، ويرتجل على الشاشة ما تجود به قريحته فوراً!
سطّر بالدمع، قبل الحبر، نزف قلبه، خائفاً بصدق من الموت، هارباً إليه في الخيال. جرياً على عادة الشعراء، الذين يقولون ما لا يفعلون…
أنت بس تلمسني
أموت بين يديك
وعبثاً ساءل خضَيِّر قلبه، مراراً، سراً وجهاراً: «يا قلب… أريدك قوي»، لكن الأخبار القادمة من أربيل، تقول إن الجلطة الأخيرة، كانت العاشرة.
قطعاً لم يكن خبر عبّارة دجلة الغارقة، ولا تفجير في منطقة مكتظة، يحول الإنسانية إلى شظايا أجساد، لكن قلب خضَيِّر، قرر قديماً، الوفاء لخضَيِّر.
كانت العلة، هي العراق الذي اختُطف، ووُشِحَ بالسواد، ولم يبقَ من نخلاته الباسقات، سوى ظلٍ نحيلٍ!
شرب خضَيِّر من قلوب العراقيين الطيبة، برد المنافي، التي قال عنها: «والثلج خضر فوق يدي»؛ حيث كان يطلب لرئته هواءً ساخناً من بغداد!
الشاعر الراحل، نحت الحزن في أجساد الشعب المرهف، والطيب جداً، أينما التقيته.
ولأنه انتظر الموت، بين احتمالات ثلاثة؛ طلقة، أو تفجير، أو اغتيال على الرصيف، مرعوباً أن يموت في الغربة، خذل الموت خضَيِّر، في الأولى، وأبقى له الأمنية التي كررها عليّ كثيراً، بلهجته الفاتنة: «أريد أموت بين أهلي يا تركي»!
أليس طعم الموت واحداً، كما قال صديقك أبو الطيب؟!
سحرني الحضور الذهني لخضير، وأدبه في الاختلاف، رحمه الله، وكنت أودُّ الاتصال به، بعد أن شاهدت مرثيته العالية، في معاذ الكساسبة، رحمه الله، حين طالب الماء بالنزول على النار، حتى أبكي الحاضرين، بعمان…

يا رذاذ الماي انزل
حتى هاي النار ما تحرق معاذ
بالقفص كالجبل واقف
يدعو رب العالمين
وجه مكشوف على ربه
والبقية ملثمين

امتلأ العالم المجنون بالملثمين، الذين يفجرون المساجد، ويفخخون الكنائس ويفجرون الآمنين، يا خضَيِّر هادي. لم يعد ثمة شيء هادي في هذا العالم يا خضَيِّر. نَمْ آمناً في بغداد، التي تلد الشعراء، كما يبقي العطر في عباءة أمك!
3 حين يلتحق «مقتدى الصدر» بالمالكي ضد البحرين.. تبتهج إيران
عبدالمنعم ابراهيم اخبار الخليج البحرينية

تصريحات مقتدى الصدر المعادية للبحرين مؤخرا ليست الأولى التي تصدر عن رموز سياسية عراقية موالية لإيران.. فقد سبقه في ذلك (نوري المالكي) الذي لا يخفى موقفه المنحاز دائما إلى جانب إيران والمرشد الأعلى الإيراني (خامنئي) ضد التقارب العراقي مع جيرانه العرب، وخصوصا دول الخليج العربي، وكان آخرها افتتاحه مقرا لمنظمة إرهابية بحرينية في العراق، ومهاجمته مملكة البحرين.. لكن أن ينضم (مقتدى الصدر) إلى جوقة (المالكي) في مهاجمة دول الجوار العربي فإن هذا يعني أن المخالب الإيرانية صارت تتكاثر في العراق.. بالإضافة إلى المواقف المعادية لبعض فصائل (الحشد الشعبي) العراقي الموالية لإيران لدول الخليج، وتحديدا ضد مملكة البحرين، بل استقبال إرهابيين بحرينيين وتنظيم معسكرات تدريب لهم على استخدام السلاح والمتفجرات داخل الأراضي العراقية، وكانت وزارة الخارجية البحرينية قد طالبت بتسليم هؤلاء الإرهابيين إلى السلطات الأمنية والقضائية البحرينية، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة كانت ترفض ذلك!
العراق مطالب بأن يحسم موقفه.. وأن يتصرف كدولة ذات سيادة بعيدا عن التدخلات الإيرانية، سواء عبر حضورها المباشر في قائد فيلق القدس (قاسم سليماني) الذي يتصرف في العراق كحاكم فعلي هناك، أو عبر حضورها غير المباشر في المليشيات المسلحة وقوات (الحشد الشعبي) التي تنفذ أجندة إيرانية في العراق.
وحين تلتحق رموز سياسية مثل (الصدر) و(المالكي) بتنفيذ الأجندة الإيرانية في العراق، ومحاربة التقارب العراقي-العربي.. واختيارهم البحرين كهدف رماية حية، ومهاجمة (الدولة) والحكومة والشرعية الدستورية في المملكة تقربا لإيران واستجابة لمطالبها السياسية المعادية للبحرين.. فإن هذا يعني أن العراق كدولة لا يسعى إلى فتح صفحة بيضاء مع جيرانه الخليجيين العرب.
من حق العراق وحكومة العراق أن يقيم علاقات سياسية مستقلة مع إيران.. فهذا شأن عراقي.. لكن أن تسمح حكومة بغداد بتطاول رموز سياسية وزعماء مليشيات مسلحة عراقية ضد مملكة البحرين، فإن هذا يفقدها المصداقية في رغبتها السياسية لفتح علاقات جيدة مع جيرانها العرب.. وهذا ما يفرح ويبهج إيران فقط.