1 مصير مقلق للاجئين السوريين والعراقيين في تركيا وائل عصام القدس العربي
يترقب ملايين السوريين والعراقيين النازحين في تركيا، ما ستسفر عنه توجهات حزب العدالة الحاكم بخصوص وجودهم في تركيا، وسط تخوف من تصريحات أطلقها الكثير من المسؤولين الحكوميين، وعلى رأسهم الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، الذي بات يؤكد بشكل مستمر على أن حكومته تنوي إعادة اللاجئين السوريين إلى ما يصفه بـ«منطقة آمنة» شمال سوريا، وهي منطقة لا ملامح محددة بشأنها حتى اللحظة، سوى أنها ستعود لسيطرة بشار الأسد بعد إتمام سيطرته على إدلب في الأشهر المقبلة، وإنجاز الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا .
لم تعد المعارضة التركية وحدها تتحدث عن ضرورة إبعاد اللاجئين، وتستغل الانتخابات لشن حملة كراهية ضدهم، بل باتت قطاعات واسعة من الجماهير المؤيدة لحزب العدالة، تتفاعل مع هذا الخطاب وتتماهى معه، وهو ما دفع بحزب العدالة إلى الاستجابة لهذه الموجة المعادية للنازحين العرب، بإطلاق تطمينات عن قرب «التخلص» من اللاجئين وإعادتهم إلى بلدانهم، وهذا ما يبدو أنه بدأ يترجم على أرض الواقع، إذ أبلغ العديد من المحافظات التركية عائلات عراقية نازحة بضرورة مغادرة الأراضي التركية خلال شهر، بحجة أن الامم المتحدة قد رفضت منحهم اللجوء في بلدان غربية، وبلغت أعداد العائلات نحو 70 عائلة، أغلبهم في محافظات جوروم وبولو وسامسونج، ولا يبدو هذا المنحى ضد النازحين العرب غريبا في ولاية مثل بولو مثلا، يقول رئيس بلديتها الفائز في الانتخابات حديثا، بعد أن يقبل القرآن، إنه سوف يوقف أي مساعدات يتلقاها السوريون في محافظته، على الرغم من أن المساعدات المالية التي يتلقاها اللاجئون السوريون والعراقيون في تركيا، ممنوحة بالكامل من الاتحاد الأوروبي .ولا تقتصر المعوقات التي يواجهها النازحون في تركيا على التهديد بإلغاء هويات اللجوء الخاصة بهم، بل تتعدد وسائل التضييق عليهم، بدءا من إساءة التعامل معهم من قبل الموظفين في مؤسسات حكومية، وصولا لمنعهم من حرية التنقل خارج محافظاتهم، فمعظم المحافظات التركية باتت تتشدد، بل تمنع تصاريح السفر للعائلات اللاجئة الراغبة في زيارة أقاربها في محافظات مجاورة، عدا محافظة قونيا التي ما زالت تمنح أذونات السفر من دون تعقيدات. ويبدو ان الهدف من هذه الخطوات، ليس الجانب الأمني كما يقال، بل التضييق المتعمد على أشخاص لا يشكلون أي خطر أمني، كونهم من الشيوخ والنساء والأطفال في معظمهم، تمهيدا لترحيلهم لاحقا، ولعل ما حدث مع إحدى العائلات العراقية في محافظة أضنة يوضح هذه المسألة، فقد زارت عائلة عراقية إحدى إدارات الإقامة لطلب إذن بالسفر لإسطنبول، فما كان من الموظفة المسؤولة إلا أن قالت لهم «لا تقلقوا.. خلال ثلاثة أشهر سنمنحكم إذنا للسفر من تركيا كلها بلا عودة».
هذه التطورات في سياسة التعامل مع النازحين، تأتي مترافقة مع تفشي ظواهر أخرى، مثل حملات الاعتقال لبعض العراقيين والسوريين، بتهمة تهديد أمن البلاد، أو الانتماء لتنظيم «الدولة»، ويتبين في معظم الحالات أن الاعتقالات تتم بناء على تقارير أمنية كيدية يكتبها أشخاص عراقيون وسوريون لهم عداوات شخصية، ليقوم الأمن التركي في بعض الحالات بإطلاق سراح المعتقلين، من دون أن يلقى خبر إطلاقهم الاهتمام نفسه والتركيز الاعلامي ذاته. وقبل أيام اعتقل العديد من العراقيين في محافظة سامسون، ورحلوا إلى معسكر مخصص للإبعاد قرب الحدود التركية اليونانية، تمهيدا لإبعادهم للعراق، قبل أن يتدخل أحد المحامين الذي أوقف الإجراءات، وكثيرا ما يبعد طالبو لجوء وهم مكبلون إلى طائرات تقلهم لبلدانهم القمعية، كما حصل في الحادثة الشهيرة مع طالب اللجوء المصري المحكوم بالإعدام في مصر. وقد تكررت هذه الحالة كثيرا مع نازحين عراقيين، على الرغم من تحذيرات المنظمات الحقوقية من إمكانية تعرض المبعدين، وجميعهم من العرب السنة الى انتهاكات وتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية العراقية ذات الصبغة الطائفية، إضافة لحالات الإبعاد شبه اليومية للسوريين، الذين يحاولون عبور الحدود الجنوبية للبلاد، بالإضافة طبعا إلى المقتلة الدموية التي تواصل قوات الحدود ممارستها عند الحدود السورية التركية بحق النازحين الذين يحاولون العبور بطرق التهريب المختلفة قبل تعرضهم للقنص، وهو ما أصبح سياسة ممنهجة لمنع دخول النازحين منذ سنوات، أما من يلقى القبض عليه عند الحدود فيتعرض للضرب المبرح قبل إعادته لسوريا، وهذه الممارسات الممنهجة منذ ثلاث سنوات تقريبا، لاقت انتقادات لاذعة من كبرى المنظمات الحقوقية الدولية، ولعل السلطات التركية قد حاولت حماية نفسها قانونيا في هذا الجانب، حيث أن ما وقعت عليه من اتفاقات تخص استقبال اللاجئين، يتضمن بندا يقول، إن اللاجئ الأوروبي في تركيا هو وحده يملك حق عدم إعادته لبلاده حال تعرضت حياته للخطر، وهو ما ورد في تقرير منظمة هيومان رايتس واتش الاخير، الذي انتقد أيضا إعادة تركيا النازحين لبلدانهم الأصلية، بينما كان أحد شروط حصولها على المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي التي استلمت منها تركيا لحد الآن مليار دولار، هو تعهدها بتوفير ملجأ آمن، للنازحين السوريين والعراقيين بعيدا عن بلدانهم الاصلية .
2 العراق يعود إلى أحضان أشقائه العرب حسن ناصر الظاهري المدينة السعودية
من يتابع هذه الأيام ما يجري في العراق الشقيق من حراك سياسي وكذلك من إقامة فعاليات ومؤتمرات تصب في مصلحة بناء علاقات جيدة وقوية مع أشقائه، يدرك بأن العراق مقبل على ازدهار اقتصادي واستقرار أمني، لاسيما وبعد أن تخلص من آخر جيوب (داعش) بفضل تعاون دول التحالف معه، مما شجع بغداد على إعادة حساباتها، والتفتت إلى بناء علاقات جيدة مع جيرانها وأشقائها العرب، حيث قام رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بزيارات عدة لدول الجوار، كان من أهمها الزيارة التي قام بها للمملكة والتي أكد فيها الجانبان على العلاقات التاريخية والدينية والاجتماعية بين البلدين، وأهمية استثمار هذا الإرث السياسي والتاريخي والديني، وتعزيز العلاقات انسجاما مع توجه القيادتين.
ومن يتابع التصريحات التي جاءت على لسان رئيس الوزراء العراقي، وكذلك رئيس البرلمان العراقي، يدرك بأن العراق المستقل اتخذ خطاً جديداً مبنياً على مصالحه، فرئيس الوزراء «عبد المهدي» أوضح (بأن بلاده لن تعود إلى سياسة الحروب المدمرة والتمحور، وأنها صديق للجميع، وعنصر سلام يخدم المنطقة، وملتقى الأشقاء والأصدقاء من كل دول وشعوب العالم)، وعلى نفس النهج جاء تصريح رئيس البرلمان العراقي خلال مؤتمر برلمانات دول جوار العراق ليؤكد هذه السياسة، حيث قال: «إن العراق لم يعد قلقاً بشأن سياسة المحاور، وأنه بصدد بناء علاقات طيبة مع الجميع دون محاباة لطرف أو انحياز لآخر».
توجه جديد أزعم أنه سيساهم في طي صفحات الخلافات التي عصفت باستقرار المنطقة، لتبني جسوراً من الثقة بين العراق وبين الأشقاء الذين يتوقون لرؤية عراق مستقر وآمن، وعلى إثر هذا التبدل، وتوجهات الحكومة العراقية الجديدة المنفتحة على الأشقاء، جاءت اللفتة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الذي أمر بتقديم مليار دولار منحة للعراق، مساهمة في تنميته، لتؤكد على أن المملكة تعد نفسها شريكاً أساسياً في نهضة العراق، علاوة على تكفل المملكة ببناء مدينة رياضية في بغداد، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي للمملكة.
أصدقاء العراق، وكذلك بعض القوى العراقية، والمتنفذون المؤثرون في سياسته، يرون أن استتباب الأمن في الداخل العراقي منوط بحل الميليشيات التي تعكر صفو أمنه واستقراره، مثل (الحشد الشعبي) الذي أمر رئيس الوزراء العراقي بإغلاق أكثر من مائة مقر له ضمن حملة مكافحة الفساد، بعدما تم اكتشاف خروقات يقوم بها في الشارع العراقي من قتل وخطف، إضافة إلى اشتباكه مع قوات الأمن العراقية بسبب تداخل الواجبات ويذهب ضحية ذلك عناصر من الطرفين، فمهمة «الحشد» في تصوري انتهت بعد الانتصار على تنظيم داعش، ووجوده يخشى أن يسلب قرار الحكومة مستقبلا، كما هو حاصل في لبنان مع (حزب الله).
3 هل سيتم نزع سلاح الحشد الشعبي في العراق؟ أ. د محسن االقزويني راي اليوم بريطانيا
حديث اليوم في العراق يدور حول سلاح الحشد الشعبي ، هل يبقى او يزول بعد زوال داعش ؟ ولكل رأيه ومبرراته .
للاجابة نقول اولاً وقبل كل شيء لا بد ان لا ننخدع بأنّ داعش انتهى وتم ازالته من على الخارطة العراقية .
داعش لا زال موجوداً في السهول والجبال والصحاري وبين الناس يتحين الفرص لينقض على فريسته ، صحيح انه فقد القدرة على المبادرة لكن لا زال حياً يجري مجرى المكروب في بدن العراق سرعان ما يعود الى ممارسة التفجيرات وزهق الارواح البريئة .
فداعش صنيعة مخابراتية تم اعداده اعداداً جيداً لتمزيق الصف العراقي ولتأجيج الفتن الطائفية والعرقية والقومية لبلد طالما كان هدفاً للتقسيم الى كيانات قومية وطائفية .
وكاد داعش ان يصل الى اهدافه في ( 2014 ) عندما غزا العراق واحتل ثلث اراضيه وكاد ان يقسم الى ثلاث دويلات احداها في الشمال والاخرى في الوسط والثالثة في الجنوب .
لكن من وقف امام محاولات تمزيق العراق ، ومن صان وحدته ، وحفظ للعراق كيانه التاريخي دون ان تمس جغرافيته باي سوء ، هل هناك غير الحشد الشعبي ؟ الذي خرج من بطن الاحداث ووقف بوجه المغول الجدد وتصدى للمؤامرة الدولية بتقسيم العراق .
ولولا الحشد الشعبي لاجتاح داعش العراق باسره ولوصل الى البصرة وربما عبر حدود الكويت والسعودية لتحقيق حلم البغدادي والعدناني باحتلال النجف وكربلاء وهدم المقدسات ومحو العراق من الخارطة ، وتبديله الى كيانات ضعيفة هزيلة ارضاءاً لاسرائيل والدوائر الصهيونية العالمية .
فالحشد الشعبي له الفضل الكبير على العراقيين كافة ، بل على الخليجيين ايضاً حيث انه انقذهم من هذا المكروب الذي كاد يفتك بجسد المنطقة كلها وصولاً الى ابار النفط الخليجية .
لقد قدم الحشد الشعبي ( 7637 ) شهيداً و ( 21300 ) جريحاً ليبقى العراق على الخارطة موحداً متالقاً .
فلقد عانى العراق من الطائفية منذ الاحتلال الامريكي وكاد ان يتقسم الشعب العراقي الى قوميات ومذاهب وتيارات وكادت تودي بهذا البلد وتطحنه طحناً فكنا قد سمعنا من واشنطن دعوات الى تقسيم العراق كامر واقع ، وكاد ان يتحقق ذلك في العاشر من حزيران عام 2014 لولا الجموع الغفيرة التي هبت من الجنوب والوسط والشمال وتوحدت ارادتها للقضاء على داعش ، فقاتل الشيعي في الموصل وتكريت والانبار دفاعاً عن اخيه السني ودافع عرب بني تميم وبني اسد عن اخوتهم الكرد في كركوك والموصل ، ودافع الكردي عن العربي والمسيحي عن المسلم والمسلم عن المسيحي وهكذا وخلال عام من حرب داعش انتهت هذه المسميات واصبح العراقي ولاول مرة بعد عقود من الزمن يدافع عن الوطن بارادته وعزيمته مدفوعا بحب العراق لا ينتظر اوامر من احد الا بدافع الضمير والوطنية .
وهكذا استطاع الحشد الشعبي ان يصنع ما عجزت عنه الحكومات والدول . فهناك من قال ان تحرير العراق من داعش بحاجة الى عشر سنوات ، وهناك من حدد المدة بسبع سنوات وكان اقلهم في التقدير باراك اوباما الرئيس الامريكي السابق الذي اعطى مدة ثلاث سنوات للتخلص من براثن داعش .
لكن الحشد الشعبي ومعه كافة القوات المسلحة العراقية من الجيش والشرطة وقوات البيشمركة استطاعوا باجمعهم ان يحرروا المناطق المدنسة في مدة قياسية لا تتعدى سنة قتالية دون احتساب فترتي التجهيز والتدريب .
فهل جزاء الحشد الشعبي ان يقمع ويحاول البعض القضاء عليه بدعوة سحب السلاح ؟ فهل جزاء الاحسان الا الاحسان ! ولماذا سحب السلاح ؟
ذلك بان الحشد الشعبي بلا سلاح كأسد بلا مخالب بل سيتحول الى مجرد افراد عاديين فاقدين للصلاحية والقدرة على التصدي ، وهذا لا يعني ان يترك الحشد الشعبي على حاله ، فهو بحاجة الى تطهير والى هيكلية لان البعض دخل في هذا السك مستغلاً فوضى الحرب لاغراض خاصة وليس من اجل القتال ، فلا بد من تطهير الحشد الشعبي منه ومن ممارساتهم الخاطئة حفاظاً على هذا الكيان وعلى سمعته .
وايضاً الحشد الشعبي بحاجة الى اعادة الهيكلية ليصبح احد الاجهزة الامنية المسؤولة عن الدفاع عن العراق جنباً الى جنب الجيش والشرطة يساهم في استتباب الامن واستقرار البلد . ويبقى سلاحه خارج غمده حين الطلب كلما تطلّب ذلك وكلما تعرّض العراق الى عاصفة جديدة . فاسرائيل ليست بتاركة العراق ليهنأ بوحدته واستقراره فلا زالت تعمل على تقسيم العراق وتحويله الى كيانات صغيرة مبعثرة هنا وهناك ولها اذرعها ومنظماتها العاملة داخل العراق ، صحيح انها اصيبت بنكسة على ايدي الشعب العراقي بحشده وقواته المسلحة لكنها لم تيأس طالما ظل شبح الطائفية والقومية يهدد وحدة العراق ، وطالما بقي داعش يعشعش بين الجبال وكثبان الصحاري بحثاً عن فرصة ، فليس امام العراق الا الحفاظ على السلاح الذي اقضّ مضاجع الدواعش ومن ورائهم ، ذلك السلاح الذي يحمل على مقبضه اسماء الاف الشهداء ، ويحمل على نصله الاف التجارب في حرب العصابات وقتال الشوارع وحرب المدن التي انهت اسطورة داعش والتي اخرجته من اخر بيت من الموصل وتكريت والانبار وكركوك
4 أسباب ونتائج سياسة الانفتاح التي تتبناّها اليوم المملكة العربية السعودية تجاه العراق
د. جواد الهنداوي رأي اليوم بريطانيا
لايمكن وصف الخطوات التي أتخذتها وتتخذها المملكة تجاه العراق الاّ بسياسة انفتاح بغض النظر عن التوقيت و الأهداف و الغايات ، وجاءت هذه الخطوات بعد مدة ،ليست بقصيرة، تعاملت المملكة، و بعض دول الخليج ، سياسياً و إعلامياً و امنياً و اقتصادياً مع العراق بجفاء و خصام .
سياسياً لايمكن للعراق الاّ الترحيب، و من اجل مصلحة البلديّن و كذلك من اجل أمن و استقرار المنطقة ، وتأتي هذه الخطوات متأخّرة خير مِنْ أنْ لا تأتي .
جاء الانفتاح السعودي و الخليجي تجاه العراق ،والنظام السياسي في العراق ، والذي كان محط انتقاد و تشكيك من طرفهم ،قائم و يترسّخ بأحزابه و بمكوناته الشيعية و السنّية و الكرديّة والأخرى ، و مرجعيات العمل السياسي في العراقي باقية و مستمرة في عملها و فاعلياتها وهي : الدستور ، و المرجعية الدينية ، والأحزاب السياسية ، والعلاقات او التدخلات الدولية وخاصة مع ايران وأمريكا .
علينا اذاً أن نتعامل مع هذا الانفتاح بايجابيّة ، و نأمل أن يكون مكسباً آني و مستقبلي للعراق ، وغداً ،ان شاء الله ، لأمن و استقرار المنطقة ، تُلزمنا السياسة أنْ نتعامل معه بواقعيّة و عقلانيّة وبأملْ ، وتُعّلمنا الدبلوماسية فن اغتنام فرص الانفتاح و الحوار والتشاور من اجل السلام و الاستقرار .
لايمكن نكران علاقات الخصام و التوتر بين السعودية و ايران ، ولكن كمْ مِنْ مرّة بعثوا القادة الايرانيين تصريحات و رسائل الى المملكة تُعّبر عن رغبتهم في الحوار و الانفتاح ،دون شروط ، و من اجل مصلحة البلديّن ، ومن اجل أمن و استقرار المنطقة ! و كمْ مِنْ مَرّة رفضوا القادة الإيرانين عروض و رسائل الرئيس ترامب للحوار والتفاهم و الاتفاق ، و و ضعوا شروط لموافقتهم .
دول المنطقة ومنها العراق متداخلة في علاقات محكومة بأكثر من عُقدة ،و لابُّد البدء او المحاولة بِحلّها عُقدة بعد عُقدة .
لنفّسر جفاء المملكة تجاه العراق في الماضي ، و نقول لم تكْ للملكة سوابق معرفة و تجارب و تعامل مع سياسي العراق بعد عام ٢٠٠٤ ، وخاصة سياسي المكوّن الشيعي ،بخلاف حال ايران و سوريا .
وهل لاحظّنا بأن انفتاح المملكة نحو العراق جاء بعد أنْ ساءت العلاقات السعودية – القطرية ، و بعد توجيه الاتهام لقطر بإدارتها لملف الارهاب في المنطقة ، و بعد تبادل الاتهامات فيما بينهم بالمشاركة في دعم و ادارة ملف الارهاب في المنطقة ؟
ليس هدفي تبرير الماضي ، و لكن حرصي اكثر على المستقبل .
قَبِلتْ السعودية اليوم واقع العراق وعلاقته مع ايران ،كما قبِلتْ في الامس واقع لبنان وعلاقته مع ايران ايضاً ، وستقبل غداً واقع سوريا وعلاقتها مع ايران . لم تَعُدْ حجم و ميزة علاقة الدولة مع ايران معيار للمملكة في أقامة وتطوير علاقتها مع هذا البلد او ذاك .
قررت المملكة ان تكون لاعباً فاعلاً و مؤثراً في الساحة ،مع بقية اللاعبين ،لها ما لها وعليها ما عليها تجاه العراق و ايران و امريكا . تقّررَ أنْ تكون المملكة حاضرة سياسياً و دبلوماسياً في العراق و المنطقة ، بغض النظر عن التوافق او الاختلاف في الرؤية تجاه السياسة الخارجية و تجاه أمن و استقرار المنطقة . العراق يرى في ايران دولة حاربت الارهاب ، و قوة في أمن و استقرار المنطقة ، ويرى في اسرائيل قوة محتلة، دعمت و تدعم الارهاب ، و تهدِّد امن و استقرار المنطقة ؛ وهذا ما لا تراه اليوم المملكة العربية السعودية ، او تراه بالمقلوب . العراق لم و لن يشارك في حصار ايران و في تطبيق عقوبات أمريكية تخالف القانون الدولي و الشرعية الدولية ، بخلاف المملكة التي أعلنت تأييدها و مشاركتها في العقوبات .
الاختلاف بين العراق و المملكة في الاستراتيجية و السياسة تجاه ايران و تجاه مفهوم “أمن و استقرار المنطقة ” لا ينبغي أن يكون مانعاً او مُعرقلاً للتجاوب مع الانفتاح السعودي .
الشك و الحذر هو مبدأ سائد في العلاقات الدولية بغض النظر عن طبيعة العلاقات ؛ علاقة جوار او علاقة اشقاء ،علاقة حلفاء او أصدقاء او خصوم .
نعّول كثيراً على ادراك دول المنطقة لعلوّ و سيادة مبدأ الجغرافية السياسية في معناه و جانبه الإيجابي وليس السلبي ، و لمصلحة شعوب المنطقة . و حديث وزير خارجية سلطنة عمان ،السيد يوسف بن علوي ، تجاه تبديد مخاوف اسرائيل مبني على هذا المبدأ ،فمن باب أولى أن نطبّقه بين الدول الاشقاء ، والدول الصديقة و دول الجوار و ليس مع كيان محتل و مغتصب ومستمر في الاحتلال و التوسّع و ارتكاب الجرائم .
نُعّول كثيراً على يقظة و ادراك دول و شعوب المنطقة للمشروع الصهيوني الاسرائيلي ، والذي يمّرُ عبر البوابة الامريكية و بأسم الولايات المتحدّة الامريكية .
5 شعوب تحلم بالسلام لا بالحرية
فاروق يوسف
العرب بريطانيا
الحرب ليست خطأ. إنها جريمة. أما إذا كان تبرير الحروب عن طريق التشبث بأمل نشر الديمقراطية وتحرير الشعوب من استبداد الأنظمة الشمولية الحاكمة، فإن ذلك التبرير يعد إساءة مقصودة لمبدأ الديمقراطية ولمفهوم الحرية، قبل أن يكون محاولة بالغة القبح لإخفاء الحقيقة. حقيقة المصالح المتناقضة التي تدفع بالغرب إلى التنكر لمبادئه الأخلاقية حين يتنقل بين مواقف، ينقض بعضها البعض الآخر.
ولأن الحرية هي مطلب إنساني لا يمكن فرضه على الشعوب، فقد كان قانون تحرير العراق الذي أقره الكونغرس الأميركي في العام 1998 خطوة اتخذ من خلالها مفهوم الحرية طابع الاحتكار السياسي الذي ينسجم مع إرادة مؤسسات عسكرية، كانت قد قررت منفردة أن تفرض الحرية عن طريق الاحتلال.
وهو ما يمكن اعتباره اعترافا ضمنيا بوقوع نقلة غير مسبوقة على مستوى تعامل الغرب مع واحد من أعظم المفاهيم التي كان يفاخر بها، وهو مفهوم الحرية، ويعتبره واحدة من معجزاته في العصر الحديث.
لقد ضُربت الحرية في الصميم حين صار فرضها على الشعوب سببا لشن حروب، سيكون على تلك الشعوب أن تدفع ثمنها. وهو ثمن باهظ لن تكون الحرية ممكنة بعده.
وهو ما يمكن استخلاص نتائجه من التجربة العراقية بعد الغزو الأميركي الذي وقع عام 2003.
فالبلد الذي تم تدميره بشكل كامل حُرر شعبه من إمكانية إعادة بنائه، فذلك الشعب تم تسليمه إلى الفوضى “الخلاقة” التي فتحت أمامه دروب متاهة سيجد نفسه بعد سنوات عاجزا عن الخروج منها، بل صارت حريته نوعا من تصريف شؤونه في ظل شعوره بأن تلك المتاهة صارت وطنه البديل الذي صار عليه أن يوظف كل حواسه من أجل تجميله والتماهي مع ما يفرضه عليه من حلول متهالكة.
وإذا ما كان العراقيون قد حلموا في أيامهم السابقة بالحرية، فإنهم لم يتخيلوا أن تلك الحرية ستقع على حساب إنسانيتهم. فما إن سقط تمثال صدام حسين حتى تمكن منهم الفساد الذي ضرب بخرابه كل مفاصل حياتهم.
وكانت الحرية التي هبطت عليهم بمظلات أميركية إيذانا ببدء عصر القتل المجاني، وهو ما جعلهم يحنون إلى عصر، كانت الدولة فيه مسؤولة عن سلامتهم وعن أمنهم وسلامهم الأهلي ولقمة عيشهم. يومها كان عليهم أن يفكروا في أن الحرية التي حلموا بها كانت خطأ في الحساب.
ذلك لأنهم لم يتوقعوا أن تقوم القوة العظمى بسرقة ثوابت حياتهم، مقابل حرية هي مجرد فوضى، يتسلق من خلالها القتلة السلالم التي تقود إلى السلطة على جثث الحالمين. كانت الحرية فخا، فقد الشعب بعد السقوط فيه قدرته على أن يكون شعبا.
صار عبارة عن مكونات، يقاتل بعضها البعض الآخر وينتظر كل واحد منها فرصته للاستيلاء على حصته من ثروة العراق الذي لم يعد وطنا لأحد. كانت الحرية كذبة بُنيت على كذبة اسمها الشعب.
فالشعب الذي تحول إلى مكونات، يحارب بعضها البعض الآخر بعد أن فُرضت عليه الحرية من قبل محتليه، لم يكن في الحقيقة يحلم بأن يُترك في العراء من غير قوة تحكمه. بل كان في حاجة إلى قدر من العدالة التي تنصفه باعتباره شعبا.
غير أنه بالتأكيد لم يكن في انتظار من يهبه حرية لا تضع كرامته في الاعتبار. وهي حرية يتمكن من خلالها توني بلير وجورج بوش الابن من الإفلات من جرائمهما بسبب عجز الضحايا عن فهم ما جرى لهم.
وقد يكون جارحا إذا ما قلت إن الشعوب لا تفكر في الحرية التي فسر من خلالها بلير وبوش جرائمهما. ما تفكر فيه الشعوب لا يمكن أن يكون جزءا من أجندة المحتلين. هناك شعب خيالي يتحدث نيابة عنه المستعمرون الجدد. وهو شعب قد يحن، هو الآخر، إلى عصر الاستبداد ليعيش حياته بسلام.