1 داعش والعالم سريلانكا «ليلة دامية»!!
فارس الحباشنة الدستور الاردنية
داعش أعلنت أمس عن تبنيها للتفجيرات الارهابية في سريلانكا والتي راح ضحيتها أزيد من 300 قتيل. فكيف إذن خرجت داعش من جيوبها في سورية والعراق الى العالم ؟ ويبدو أن العالم استقبلها، وما يقود الى سؤال أوسع عن النسخة الجديدة من داعش في العالم وتحديدا تمركزها في الشرق الادنى.
تفجيرات سريلانكا بداية لموديلات جديدة للارهاب الداعشي. في العراق وسورية وبلاد الشام بقايا داعش ما زالت تصارع الوجود، وحتميا الحرب يمكن القول أنها قد انتهت في سورية . والنموذج الداعشي المنقول لسريلانكا يبدو أشد وحشية وفتكا وهتكا بالبلاد والعباد.
داعش من العراق وسورية الى ارجاء العالم موديل من وحشية لم تر البشرية مثيلا لها من الحرب العالمية الثانية. تفجير لبربرية غير مسبوقة في التاريخ البشري، ولم تفعل من قبل.
الارهاب المعولم، تنظيم كداعش يختلف عن سابقيه : القاعدة والجهاد الافغاني. هوية إرهابية عابرة للاوطان، الداعشي من بلد وجنسيته في بلد وحياته وحربه من أجل بلد ثالث. ما يعنى أنه فوق وطني وقومي، في خياله ذابت الاوطان وتلاشت، وحيث إن قوانين الدولة الوطنية وعواطفها لم تكمل مشاعره بالهويات العابرة والمعولمة.
وفي المقابل ، وبلا شك أن هناك خيطا افتراضيا واصلا بين تفجيرات سريلانكا وفوز الكوميدي الاوكراني في الرئاسة. فقد انتخب الاوكرانيون رئيسا كوميديا، ولربما ليست المرة الاولى في العالم التي يصل الى سدة الرئاسة ممثل أو كوميدي، فريغن كان ممثلا قبل أن يصبح رئيسا لامريكا، وترامب يقال أنه جرب التمثيل وقد فشل، وكان ممثلا فاشلا، ولذا قد انتقل الى الاعلام وبرامج التوك شو.
الرئيس الاوكراني الجديد فولوديمير قال في حملته الانتخابية أنه لا يفهم في السياسة. وقد قال هذا الشعار في حملاته الانتخابية ليكون شعارا وقف وراء فوزه الساحق على منافسه الخارج من الاطر المؤسساتية التقليدية للعمل السياسي. شعار حمله الرئيس الاوكراني ليقود قطيعة مع السياسة التقليدية وقادتها التقليديين، وليغير في الوجوه والروح.
بلا شك أن الرئيس الامريكي ترامب كسر كل الاطر والقواعد التقليدية، وخرج باستعراضات سياسية ما زالت تثير دهشة العالم. رئيس قادم من خارج الصندوق التقليدي، كسر اللغة السياسة، وقلب الطاولة على الجميع، واستبدل الادوات التقليدية بالتواصل الاعلامي، وتخندق في عالم السوشيال ميديا « تويتر « ليكون منبرا موازيا ومناسبا لشبكة سي ان ان الاخبارية العملاقة.
وفي فرنسا فان ماكرون الشاب الوسيم، قادم ايضا من خارج الصندوق. لربما هي صور لشخصيات تؤكد أن الرأي العام في ارجاء العالم ينقلب على التقاليد، ويكسرها، ويريد الانتهاء منها، فما اشبه أوكرانيا برئيسها الكوميدي بامريكا ترامب، وفرنسا بماكرون.
تجديد الوجوه والاستبدالات لربما لم تصب جوهر السياسات. فحتى في المجتمعات المتقدمة التي انتفضت شعوبها على القادة التقليديين من خلال صناديق الاقتراع فانها تحدث تغييرا في السياسات العامة، وليتضح أنها جزء لا يتجزأ من مصالح القوى التقليدية، والقطيعة مع النظام التقليدي هي شكلية، وليست جوهرية.
في العالم العربي، فان الاخوان المسلمين عندما وصلوا الى السلطة كسروا الممكن والمستحيل، ولكنهم تورطوا في تطبيق وصفات قديمة. وفي العالم تجري محاولات لنزع الاقنعة التقليدية والبحث عن وجوه جديدة أكثر شبابا وظرافة واناقة. الازمة لا تنفك والعالم يعيش على مخاطر اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تتناسب مع معدل التطور التكنولوجي الباهر، والفائض عن تراكم لرأسمال والثروات في جيوب «قلة قليلة»، وانزياح زاحف لمساحات من جغرافيا الفقر المطقع.
ولكن الازمة في عنوانها الرئيسي، ومهما جرى من تبديل للوجوه فانها في صلبها تقوم على صلة وثيقة افتراضية ما بين ليلة الرعب والموت في سريلانكا وانتخاب الرئيس الكوميدي في اوكرانيا. والعالم يقف مصدوما أمام حائط لا يمكن تقديم وصفات لحل جذري لازمات الارهاب والايقاع الوحشي المتجول في العالم.
2 المملكة ونظرتها للعراق: عربية.. مستقرة.. مصير مشترك د. إبراهيم النحاس الرياض السعودية
روح الأخوة العربية بكل معانيها وأصالتها ووحدة الدم التي لم تلوثها النعرات الطائفية والإيمان الكامل بوحدة المصير والتاريخ المشترك وسمو الأهداف النبيلة المتفق عليها والاحترام المتبادل بين الأشقاء مبادئ وقيم راسخة تؤمن بها المملكة في تعاملها مع العراق ومع أبنائه الشرفاء المخلصين لوطنهم العربي الأبي..
تعرض العراق للاحتلال الأجنبي والتخطيط الممنهج لتفكيك مؤسساته السيادية وتقسيم وحدته الجغرافية، فعارضت المملكة تلك السياسات الأجنبية والمخططات التدميرية التي تتعارض مع أسس ومبادئ القانون الدولي واحترام سيادة واستقلال الدول. تعرض العراق لمؤامرات خارجية وضيعة سعت لتفتيت بنيته الاجتماعية وبث الفتنة المذهبية والطائفية والعرقية بين أبنائه، فطالبت المملكة المجتمع الدولي بأهمية احترام سيادته السياسية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والمحافظة على وحدته الاجتماعية ومساندته للتغلب على كل أسباب الفتنة المذهبية والطائفية والعرقية. تعرض العراق لمخططات عدائية عنصرية دنيئة هدفت لعزله عن محيطه العربي وعملت على تفتيت بنيته الاجتماعية وتغير ثقافته العربية الأصيلة، فوفقت المملكة بأصالتها العربية مع عروبته المتجذرة في التاريخ وثقافته العريقة عراقة التاريخ. تعرض العراق لمؤامرات الميليشيات الطائفية ولضربات التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية ولممارساتها وسلوكياتها الإجرامية والسادية التي أزهقت الآلاف من الأرواح البريئة ودمرت الكثير من المنشآت المدنية، فنادت المملكة المجتمع الدولي بوجوب الوقوف معه في وجه المؤامرات الإرهابية ومساندته للدفاع عن أبنائه الأبرياء والمحافظة على بنيته التحتية.
عاد العراق لأبنائه العراقيين الشرفاء وعاد له استقراره السياسي والأمني وعاد مع ذلك أمل أبنائه بمستقبل واعد لدولتهم ومجتمعهم، فبادرت المملكة لمساندته في كل ما يحتاجه وطالبت المجتمع الدولي بأهمية الوقوف مع أبنائه الأوفياء لتاريخهم العريق ولعروبتهم الأصيلة ولأمجادها المعهودة.
روح الأخوة العربية بكل معانيها وأصالتها ووحدة الدم التي لم تلوثها النعرات الطائفية والإيمان الكامل بوحدة المصير والتاريخ المشترك وسمو الأهداف النبيلة المتفق عليها والاحترام المتبادل بين الأشقاء مبادئ وقيم راسخة تؤمن بها المملكة في تعاملها مع العراق ومع أبنائه الشرفاء المخلصين لوطنهم العربي الأبي. هذا الثبات في سياسة المملكة تجاه العراق وأبنائه الكِرام يُفسر العودة السريعة والقوية والمتميزة للعلاقات بين الدولتين. هذا المنهج الأصيل في سياسة المملكة بدعم وحدة وسلامة العراق والتطلع لرؤيته آمناً ومستقراً مزدهراً دفعت قائد الأمة العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- للوقوف بنفسه على عودة العلاقات ورئاسة أول اجتماع للمجلس التنسيقي السعودي – العراقي وليعبر عن رؤيته وتطلعاته وآماله برؤية عِراق يعمل بكل طاقاته لخير أبنائه وأمته العربية.
فمما جاء في كلمته -أيده الله- في افتتاح الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي السعودي – العراقي، بحضور كل من دولة الدكتور حيدر العبادي رئيس وزراء جمهورية العراق، ووزير الخارجية الأميركي السيد ريكس تيلرسون، الذي بثته “واس” في 22 أكتوبر 2017م قوله -حفظه الله-: “إننا نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا مما يستدعي منا التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات. إننا إذ نبارك لأشقائنا في العراق ما تحقق من إنجازات في القضاء على الإرهاب ودحره والذي شارك فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية الصديقة وتشارك فيه المملكة ودول شقيقة وصديقة، لنؤكد دعمنا وتأييدنا لوحدة العراق الشقيق واستقراره مؤملين معالجة الخلافات داخل البيت العراقي من خلال الحوار، وفي إطار الدستور العراقي. إن حضورنا اليوم يعكس اهتمامنا جميعاً بهذا المجلس، وما نعلقه عليه من آمال في تطوير العلاقات وتعزيزها بين شعبينا وبلدينا الشقيقين في كافة المجالات. وإن الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة. إن ما يربطنا بالعراق الشقيق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد…”.
هكذا يكون الاحترام بين الأشقاء والتعامل بين الأخوة. محبة صادقة ورغبة أخوية ومساندة معلنة وتطلع مشروع ودعم غير محدود وآمال معقودة لرؤية العراق دولة عربية أبية فاعلة في محيطها العربي والإقليمي. فعودة العراق لمكانته العربية الأبية يفرح لها كل عربي شريف ويدعمها كل صاحب فكر معتدل ومنهج سوي.
وفي الختام من الأهمية التأكيد أن المملكة تقف دائماً مع أشقائها العرب في كل الظروف وفي جميع الأوقات وفي مختلف المناسبات والأحداث. فسجلات التاريخ وأحداث الزمان تشهد أن المملكة لم تتخلَ في يوم من الأيام عن أشقائها العرب ولم تساوم على مستقبلهم أو تتنازل عن حقوقهم، وإنما كانت دائماً الأخ العضيد والسند القوي والصديق الصدوق لجميع العرب دولاً وأفراداً. على هذه المبادئ والقيم الأصيلة تأسست المملكة، وعلى هذه المبادئ والقيم الراسخة نتطلع أن تكون العلاقات بين جميع الدول العربية. فالدم العربي لن يصونه إلا أبناؤه، والكرامة العربية لن يحميها ويدافع عنها إلا أبناؤها الشرفاء المخلصون.
3 تسونامي الأزمات العربية!
إبراهيم الصياد
الحياة السعودية
سألني صديق لي هل تعتقد أن ما يحدث في ليبيا والجزائر والسودان هو من قبيل المصادفة البحتة؟ أجبت بالطبع: “لا”، غير أنه على رغم وجود دلائل ترتقي إلى مستوى اليقين أن ثمة مؤامرة حيكت وتحاك ضد العالم العربي، إلا أنني لا أفضل المنهج السهل في التحليل الذي يعتمد عليه كثير من الباحثين والكتاب في تفسير الأحداث conspiracy theory أو نظرية المؤامرة. ومن الأوقع القول أن رد أي قضية محل الدراسة إلى عناصرها الأولية يعتبر الضرورة الموضوعية لفهم أبعادها قبل البحث في نتائجها وتداعياتها، وبالتالي ما تشهده الدول الثلاث الآن وما شهدته دول عربية أخرى من قبل يرجع إلى حالة يمكن أن يطلق عليها “قلة المناعة” أو الضعف العربي، مثل المرض الذي يبحث عن أضعف منطقة لكي يصيب الجسد. والشيء نفسه بالنسبة للعالم العربي، إذ نلاحظ أنه يسهل اختراقه من خلال أضعف ما فيه وهو من وجهة نظري هشاشة بعض أنظمته وصراع السلطة فيها.
نوضح بأنه إذا كان العرب في قوة ومنعة منذ أن روَّجت كونداليزا رايس نظرية “الفوضى الخلَّاقة” التي خرجت من رحِم مشروع شيمون بيريز “الشرق الأوسط الكبير”، لما استطاعت أن تؤثر أفكار رايس أو غيرها في المنطقة العربية، وما كنا شهدنا ظاهرة الإرهاب أو محاولة تدمير المجتمعات من الداخل بإثارة التوترات من دون أن يكون هناك تدخل خارجي مباشر وهو ما يعرف بحروب الجيل الرابع.
وعليه سهَّل عدم وجود إرادة جماعية للعرب انفراط العقد العربي، ما شجع البعض على تسويق صفقات مشبوهة مثل ما يُعرف “إعلامياً” بـ”صفقة القرن”؛ على اعتبار أنها حل براق لما يعانيه العالم العربي. وهي -أي الصفقة- ليست إلا أداة من أدوات تنفيذ مخطط لتفتيت العالم العربي إلى دويلات مهمشة. ففي 2011 الذي مثَّل بداية ثورات الربيع العربي، انقسم السودان إلى سودانيين؛ شمالي وجنوبي بعد أن كانت مصر والسودان في يوم من الأيام دولة واحدة. ونضيف إلى ما تقدَّم أنه حدث توظيف لهذه الثورات؛ ليس لمساعدة الشعوب على النهوض، وإنما لبث الفرقة بين الشعب الواحد بزرع جماعات وتنظيمات متطرفة في الأرض العربية. وكانت العراق وسورية المثل الواضح على ذلك، لكن ليبيا هي المثل الأوضح اليوم حيث تدار أزمة هذا البلد وفق هذا الاتجاه مستندة في النهاية على الفكرة الأصل المتمثلة في تحويله إلى ثلاث دويلات: برقة وطرابلس وفزان. أما في الجزائر فيوجد حراك شعبي ينادي بالتغيير مثله مثل الحراك الموجود في السودان، وهو في حد ذاته تطور إيجابي، غير أنه لم يتمكن حتى الآن من تقديم بدائل سياسية تترجم عملية التغيير إلى مشروع وطني يحقق الاستقرار سواء للشعب الجزائري أو الشعب السوداني، مع الفارق أن المؤسسة العسكرية السودانية كان لها اليد الطولى في تنفيذ عملية التغيير، لكن عقدة “العسكرة” ظلت هاجساً يسيطر على الشارع السوداني ما يتطلب التخلص من هذه العقدة والاستفادة من كون المؤسسة العسكرية هي دائماً الأكثر تنظيماً وانضباطاً ووطنية في أي دولة متحضرة. على أي حال جعلت هذه العقدة الأزمة في الجزائر أو السودان تدور في حلقة مفرغة. ونسلم في الوقت نفسه بأن الأزمات العربية كافة يتسم كل منها بقدر من الخصوصية بالنظر إلى الوضع الحالي في ليبيا نجد أن الحراك الشعبي منقسم على نفسه بين حكومة السراج ومقرها طرابلس ومعتمدة على المليشيات المسلحة وجيش ليبيا الوطني القادم من الشرق الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والمدعوم من كثير من الدول العربية لأنه يدعو إلى استقرار ووحدة الأراضي الليبية، أما خصوصية الوضع في الجزائر يتمثل في أن الحراك الشعبي فقد الثقة في كل رموز عهد بوتفليقة ما يجعل المرحلة الانتقالية صعبة للغاية في حين يفتقد الحراك السوداني القدرة على تقديم الحل لإقامة حكم مدني.
وكان من المفترض أن تجد الأزمات العربية حلولها بمعرفة التنظيم الإقليمي العربي؛ جامعة الدول العربية، غير أن الجامعة اليوم باتت من الضعف إلى حد العجز عن مواجهة “تسونامي” الأزمات العربية؛ سواء القديمة أم الجديدة. وهكذا يصبح البديل العقلاني هو البحث عن جامعة أخرى أو اتحاد عربي جديد من حيث الشكل والمضمون لديه القدرة على التعاطي مع المشكلات العربية ومواجهة مخطط التفتيت. لا سبيل إلى تجاوز حالة الضعف العربي إلا بإنشاء وتفعيل ثلاثة اتحادات عربية بالإضافة إلى مجلس التعاون الخليجي القائم فعلاً، لتكون نواة الجامعة العربية الجديدة وهي: اتحاد الدول العربية في شمال أفريقيا ويضم مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. اتحاد الدول العربية المطلة على البحر الأحمر ويشمل السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال ويمكن أن تنضم إليه جزر القمر. اتحاد الدول العربية شرق البحر المتوسط ويضم الأردن وسورية ولبنان وفلسطين والعراق.
لو عمل كل تكتل وفق مصالحه القومية وسعى لاحتواء أزمات أعضائه وكوَّن نسيجاً متناغماً في ظل تنظيم إقليمي جديد فاعل له مصالح عليا مشتركة تحت مسمى “اتحاد الدول العربية” لأمكننا عبور عنق الزجاجة وتخطي “تسونامي الأزمات” بسلام. وقد يكون كل ما ذكرته من باب الحلم العربي، عندما نتأمل أحوالنا بعمق، لكنه قد يكون بداية المشروع العربي المنتظر لمواجهة المشروع الصهيوني الذي لا يخفى على أحد.
4 ليس للعصا العراقية منتصف للإمساك به
مشرق عباس
الحياة السعودية
بين اتهام وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري سلطات بغداد في عام 2013 بـ “تسهيل مرور شحنات الأسلحة الإيرانية إلى سورية”، وبين سلسلة اتهامات وجهها وزير الخارجية الحالي مايكل بومبيو إلى بغداد تتعلّق بنفوذ الحرس الثوري والموقف العراقي من العقوبات، وبالتالي رفض تمديد الاستثناء لاستيراد الغاز الايراني، مرّت سنوات من الاضطرابات والتحديات، أضاع خلالها العراق، ليس قدرته على الإمساك بالعصا من منتصفها في سياسته الخارجية كما طالبه الجميع، بل أن نقطة المنتصف ذاتها لم تعد واضحة اليوم كما كانت في ذلك الوقت.
ليس جديداً القول أن العراق ما زال في حاجة إلى الغاز الإيراني لتشغيل عدد من أهم محطاته الكهربائية، كما أنه يحتاج إلى استيراد الكهرباء من إيران، علماً أنه لا يمكن تقليص حجم العلاقات والتبادل التجاري بين البلدين ووقفه بسهولة. من هنا، سيكون العراق خصوصاً في الشهور المقبلة المتضرر الأكبر من العقوبات، مع الأخذ في الحسبان أن القيادات السياسية العراقية لم تتخذ أي إجراءات لتفادي أزمة الطاقة المتوقعة واكتفت بمحاولة تعقيد الموقف لإجبار واشنطن على استثنائها من تطبيق العقوبات. مع كل ذلك، كان الاستثناء ممكناً ومبرراً، لكنه ارتبط على الدوام بقدرة بغداد على تقديم أدلّة واقعية ومستمرة على سياسة الحياد تجاه الصراع المحتدم في المنطقة، ليس اليوم، وليس عندما اقتنعت إيران بأن عليها منح العراق مساحة لإثبات مصداقيته وحياده، بل في السنوات الماضية التي فشلت فيها الحكومات العراقية المتعاقبة في ترسيخ مبادئ علاقات خارجية متوازنة وبعيدة من الاستقطابات والمحاور، تجبر المجتمع الدولي على التعامل مع قضاياها وأزماتها الداخلية بمسؤولية.
أمر محزن حقاً، أن يدفع الشعب العراقي ضرائب المغامرات الايرانية في المنطقة، وسوء فهم الخصوصية العراقية وقوانين التاريخ وثوابته لدى قادة التصعيد في طهران وواشنطن على حد سواء. لكن المحزن أكثر، هو أن يدفع شعبنا ضريبة ضعف وانعدام رؤية وقلّة وطنية طيف واسع من طبقته السياسية، التي انشغلت خلال الشهور الماضية بمعارك المناصب والمكاسب وتوزيع عقود الدولة، بدل الانتباه إلى ضرورة وضع استراتيجيا ناجعة تحمي البلد من آثار التصعيد الأميركي – الإيراني.
لا تُشترى الحكمة من الأسواق، ولم يكن قادة المعادلات الرياضية في مفوضية الانتخابات، التي فُصِّلت على مقاسهم، معنيين حتى بشراء الحكمة عندما تقترب المخاطر. ولهذا، لم يعد مبرراً لوم إيران لمحاولتها توريط العراق بمصير العقوبات عليها خلال الشهور الماضية، ولا لوم الولايات المتحدة على تخليها عن التزاماتها التاريخية جراء الوضع الملتبس الذي يقف فيه العراق اليوم، بقدر توجيه اللوم إلى القيادات العراقية التي تحاول “التذاكي” على لعبة دولية معقدة ومحترفة فشل سابقوهم في التذاكي عليها في تسعينات القرن الماضي وساهموا في إرسال العراق إلى مصير عام 2003.
لم يعد بإمكان أحد في العراق اليوم تمييز نقطة المنتصف في عصا العلاقات الخارجية، بل بات مشكوكاً في أن يكون بإمكان طرف الإمساك بتلك العصا من منتصفها، إذا عثر عليها، وصار لزاماً أن نتجه إلى مصارحة داخلية عراقية حول جملة ملفات تخص منع الدفع بالعراق إلى أزمات مكلفة جديدة بعدما استنفدت “داعش” من شبابنا وطاقة عقولنا ما استنفدت.
ملف معالجة آثار الحرب على “داعش” والتعامل بشفافية مع عروض الإعمار وإدارة المناطق المحررة وتحصينها من الاختراقات، أولوية لا يجب التغاضي عنها، وهو ملف مقترن بإعادة فهم الحكومة الحالية لنفسها ووصفها، وإيقاف الغموض غير المنتج في خلفياتها السياسية وخريطة اولوياتها الإصلاحية وجديتها في إبعاد العراق بالكامل عن الاستقطابات الاقليمية، مثلما هو مرتبط بطريقة التعاطي مع الخطوات الجريئة والقاسية التي طال انتظارها لمعالجة الخلل المزمن في النظام الإداري للدولة الذي قاد ويقود إلى مزيد من الفساد، ومن ذلك محاولة بناء شبكة جديدة من منظومات التحاصص الحزبي تحت غطاء “المناصب الخاصة”.
إن التخلص من فخّ السلبية والتغاضي والتهور والتحذلق في إدارة شؤون العراق، لن يكون عبر استعارة الحلول الحزبية الفاشلة التي جربت مراراً وتكراراً وقادت إلى ماقادت إليه، بل من رؤية وطنية واضحة وشجاعة، تضع مصالح الشعب العراقي في المقدمة، وتبتكر استراتيجيات معلنة لمواجهة التحديات داخلياً وخارجياً. أن نهضة الأمم ليست اقتراحاً لأفراد أو أحزاب تحركهم مشاعر ودوافع وانحيازات، بل خطط محكمة ورؤية ثاقبة تنظر إلى الغد وهي تحاول معالجة أزمات اليوم.
5 الحوار العراقي السعودي.. لماذا الآن؟
محمد حسن الساعدي راي اليوم بريطانيا
كشفت التقارير الخبرية أن وزير الدولة لشؤون الخليج”ثامرالسبهان” التقى حسين جابري أنصاري كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني أثناء زيارته للعراق ، وكشفت التقارير أن هذا اللقاء تم في بغداد وبوساطة عراقية،حيث يعبر هذا اللقاء عن صعوبة الأوضاع التي تمر بها الرياض،بسبب الأزمات السياسية التي تعيشها السعودية على خلفية الحرب باليمن واغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في أسنطبول، إلى جانب المشاكل التي سببتها الرياض للمنطقة،جعلها منبوذة من أغلب الأطراف العربية والإسلامية،الأمر الذي يجعلها أمام موقف صعب في التعاطي مع المواقف العربية ككل .
التقارير أكدت أن السعودية في أصعب حالاتها،وهي في وضع محرج أمام الضغط الأمريكي الذي أستهلك كل رصيدها المالي، كما أنها أعطت مبرر للابتزاز إلى جانب الموقف الإيراني والذي هو الآخر لا يبدو سهلاً،فالاقتصاد مجهد بسبب الحصار الاقتصادي على طهران،وسياسة تجويع الشعوب التي تتبعها واشنطن في حربها ضد الآخرين،والأمثلة في ذلك كثيرة وفي مقدمتها العراق وكيف كان حصار واشنطن الذي احرق الحرث والنسل ، في حين بقي نظام البعث الصدامي جاثماً على رقاب الشعب المرتهن،لذلك يحاول الجانبان تجنب الوقوع في المواجهة مع الطرف الآخر،ويكتفيان بالشعار والتصريح الإعلامي،ولكن تبقى خيوط اللعبة تسيطر عليها واشنطن،وهي من تسعى إلى تفعيل المواجهة من عدمها .
الزيارة التي يقوم بها السيد عادل عبد المهدي للرياض تأتي بدافع تخفيف التوتر في المنطقة، إلى جانب تهدئة الاحتقان مع الرياض،خصوصاً وسط الاتهامات المباشرة للأخيرة عن مسؤوليتها المباشرة عن قتل الآف الأبرياء من الشعب العراقي بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة ، وإدخال مجاميع إرهابية ، حيث تؤكد أغلب التقارير أن نسبة الإرهابيين الذي دخلوا العراق تحتلها السعودية بالدرجة الأولى،ودروها في إغراق البلاد في الحرب الطائفية من 2005،وعمليات القتل المنظم التي تمارسه العصابات الإرهابية بدءاً من القاعدة وإنتهاءً بداعش،لهذا يسعى رئيس الوزراء العراقي إلى إعادة الثقة بين الجانبان،من خلال عقد الاتفاقات الاقتصادية والسياسية بما يعزز العلاقة بين الجانبين،الى جانب إعطاء فرصة للرياض في أخذ دوره المناسب في أعمار العراق ، ودعم المشاريع الاستثمارية،الأمر الذي شجعته طهران،وعدته مرحلة مهمة في ترطيب الأجواء بين بغداد والرياض وبما يخفف حدة التوتر بين طهران والرياض ويصب بمصلحة التهدئة في المنطقة عموماً .
على الرغم من عدم وجود أي شيء ثابت في السياسة،إلا أن مثل هذه التطورات في المشهد السياسي للمنطقة،ربما ينعكس إيجاباً عليها،وبما يغير المعادلة بأكملها خصوصاً مع المتغيرات الحاصلة على الأرض في سوريا والعراق،وإنهاء دور عصابات داعش،وهزيمة محور أمريكا وانسحابها من سوريا،قد يعطي صورة إيجابية للمشهد ولكن كما قلنا سابقاً يبقى المجال مفتوحاً أمام المتغيرات التي قد تقلب الطاولة وتغير مجرى الأحداث بسرعة .
6 لعبة إدارة الإرهاب في ليبيا!
فوزية رشيد
اخبار الخليج البحرينية
{ بعد العراق وسوريا واليمن وسيناء مصر وليبيا والعديد من دول المنطقة العربية الأخرى، أصبح الشك الذي كان سائدًا قبل سنوات، في مرتبة اليقين اليوم! والشك هو أن «المليشيات الإرهابية»، وعلى رأسها «تنظيم داعش» ومشتقات القاعدة الأخرى، هي في الواقع تُدار ويُدار إرهابها لضرب أمن واستقرار الدول المستهدفة، وزرع الصراعات فيها، لمصالح أو أجندات أو مشاريع خارجية. المثال الأخير لذلك ما يحدث في ليبيا اليوم بعد تحرك «الجيش الوطني الليبي» بقيادة «حفتر»، لتحرير العاصمة طرابلس من المليشيات الإرهابية ومن الحكومة (المتوافقة) باسم «حكومة الوفاق» مع تلك المليشيات، لتسيير شؤون السياسة! والطريف أن هذه الحكومة جاءت بتوافق دولي غربي وباعتراف منها، فيما «الجيش الوطني» الذي حرّر أغلب الأراضي الليبية من الإرهاب، غير معترف بسلطته، ويعاني اليوم من كل العراقيل والوعيد والتباكي الغربي بسبب تحركه، حتى لا تتحرّر «طرابلس»! بل إن حكومة «السراج» والمليشيات في طرابلس وحولها، تلقى دعمًا وأسلحة ومعدّات مرة تأتي من «قطر» ومرة من تركيا، لتبقى تلك المليشيات واقفة في وجه «الجيش الوطني الليبي»!
{ لم يكن مستغربا تلك المعلومات الوفيرة التي أدلى بها مرارًا، «المسماري» المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني، حول الأسلحة والمعدّات التي تمّ ضبطها وتصويرها وتحمل اسم قطر! كذلك المعلومات التي أدلى بها حول وصول عناصر إرهابية قادمة من تركيا إلى طرابلس! ويبدو أن دعم الإرهاب في ليبيا، ومحاولات التصدّي «للجيش الوطني الليبي» أصبحت تُدار على المكشوف أكثر من أي وقت مضى، وأصبح الحرص على أن تبقى «ليبيا» بؤرة لعدم الاستقرار وللإرهاب وتهديد دول الجوار، خاصة مصر، أيضا يتمّ اللعب بورقتها على المكشوف! وكذلك أصبح الدعم الغربي لحكومة طرابلس والمليشيات المتوافقة معها على المكشوف أيضا! فمرة باسم القلق على المدنيين، ومرة باسم عودة التفاوض الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، ومرة باسم مقترح تتقدم به بريطانيا إلى مجلس الأمن، المهم في ذلك وغيره، هو أن يتمّ إفشال المهمّة العسكرية للجيش الوطني الليبي! وليبقى استنزاف الثروات الليبية، وتبقى بؤر الإرهاب والصراع قابعة في داخل الأرض الليبية، وألا يتم توحيد ليبيا تحت سلطة واحدة، فبذلك تستعيد ليبيا استقرارها الحقيقي، وهو الأمر الذي لا يُراد له أن ينجح! ولذلك أصبحت قطر وتركيا ومن خلفهما، تبذلان كل المحاولات لدعم «السرّاج» ويتمّ تسيير طائرات بالمعدات والأسلحة والعناصر الإرهابية، والتي يتمّ كشف بعضها ويتسرّب البعض الآخر إلى المليشيات المسلحة، فيما بعض الدول الغربية وخاصة «بريطانيا»! تمارس كل الضغوط لإيقاف تحرّك الجيش الليبي بقيادة «حفتر»!
{ الخبر الليبي يحتل شاشات الفضائيات منذ تحرك «حفتر»! والتفاصيل كثيرة، ولكنها في النهاية لا تخرج عن أن هناك دولاً مثل قطر وتركيا وبعض الدول الغربية، لا تزال تعمل بقوة على إدارة لعبة الإرهاب، وعرقلة الجيش الليبي الوطني في تحرير طرابلس والغرب الليبي، وكأن تحرّك هذا الجيش الذي جاء مفاجئًا لتلك الدول، أجبرها على التحرّك السريع مجددًا، رغم أنها لم تترك ليبيا منذ إسقاط «القذافي» بل إن التدخلّ القطري تحديدًا لإسقاط النظام الليبي السابق، تمّ كشفه وكشف الكثير من تفاصيله ومنذ سنوات!
ليبيا مجرد نموذج آخر بعد العراق وسوريا في كيفية إدارة لعبة الإرهاب من جهة وادعاء محاربته من جهة أخرى! إنها لعبة تخريب وتدمير دول متعددّة في المنطقة العربية وبأساليب إرهابية مختلفة، ولتتحوّل دول مثل إيران وتركيا وقطر إلى أدوات تلك اللعبة القذرة وإلى منفذيها!
7 التقرّب من البعث نكاية بالحشد!!
ظافر العجمي
الوطن البحرينية
واقع العلاقات الدولية الفعلي هو التغير بحثاً عن المصلحة، وما الثبات إلا لحظة ترقب. والدليل هو الجُمل التبريرية التي يكررها الدبلوماسيون بشكل ممل على أن سياسة بلدهم «ثابتة» فلو كانت ثابتة لما بزغ السؤال أصلاً! فالتغير مقبول لكن العبث غير المحسوب مرفوض.
نقول ذلك ونحن بصدد تتبع التغيرات في العلاقات العربية العراقية التي يبدو أنها تسير باتجاه التقارب، سواء لأسباب خليجية عروبية أو بدوافع أمريكية. فمن المتغيرات تجاسر حكومة بغداد على نفوذ الحشد الشعبي يسندها التجاسر الشعبي ضد نفوذ إيران -ولية نعمة الحشد- وتم خلاله حرق قنصليتها في البصرة، وتحول ملف العراق من يد سليماني ليد ظريف.
أما المتغير الأكثر لفتاً للنظر فهو عودة حزب البعث إلى الأضواء ليس في العراق ولا في الدول العربية فحسب، ولا في دول الخليج التي كانت غريمة له منذ أغسطس 1990 بل في أمريكا التي أهدرت دمهم 2003. فكيف قفز رجال البعث من صور عليها أثمان رؤوسهم في أوراق اللعب «الجنجفة او البتة أو الكوتشينة»، إلى حزب ورجال ومؤتمرات ومشروع سياسي!
لقد كان البعث شبح هرم يقوده الهرم عزة الدوري، ويبث رسائل مصورة مرتجفة في مناسبات مختلفة. ثم تغير الأمر فعقد حزب البعث في يناير 2019 مؤتمراً كبيراً في الولايات المتحدة في ولاية ميتشيجان معقل العرب بأمريكا، وبدأ في تسويق رجال جدد كأيهم السمرائي، والفريق الركن عبدالواحد شنان آل رباط الشيعي من السماوة وأحد أزلام صدام في خيمة صفوان. ويمكننا القول إن من أسباب عودة البعث:
– خطايا المالكي التي لم تشمل أن نوازعه الطائفية كانت المحرك لظهور «داعش» ولا إهماله الجيش والاستعانة بالحشد الشعبي وهو ميليشيا لا ترقى لقوات نظامية عريقة، بل أكبر خطاياه كانت الفشل في اجتثاث البعث رغم حل الحزب وتجريمه منذ عام 2003.
– هناك مزاج عراقي لقبول البعث فالنائب فائق الشيخ علي يصف البكر وصدام بالنظافة والطهر مقارنة بالساسة الحاليين. بل إن نشيد حزب البعث تم عزفه في جامعة ذي قار نكاية بالحكم الحالي.
– أما الخليجيون فأمْرُهمْ فوْضَى بينهم فقد عقد الحزب مؤتمرات في معظم عواصم الخليج، وهناك ترحم على البعث ورموزه نكاية بإيران وليس حباً في البعث. وبقيت الكويت التي ترددت في مطاردة البعثيين كالنازيين. مما أعاد البعثيين بكل وقاحة للتقرب منا. فقد جف ريق الدوري وهو يعتذر بأن ما حدث كان «احتلالاً يمثل خطأ استراتيجياً وأخلاقياً» و»إن الكويت ليست جزءاً من العراق، بل العراق جزء من الكويت» والتي ربما أطلقها كرد فعل على أخبار تقارب الرياض وبغداد.
* بالعجمي الفصيح:
إن التاريخ يعاقب العبث الاستراتيجي عاجلاً أم آجلاً وما التقرب من البعث نكاية بالحشد، أو بإيران أو بحكومة بغداد إلا نوع من ذلك العبث فكلهم في النار.
8 المملكة.. العراق.. التنوع والتوازن الإستراتيجي د. محمد بن صالح الحربي
الجزيرة السعودية
المملكة العربية السعودية والجمهورية العراقية تشكلان عمقًا إستراتيجيًّا لكليهما في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية… لتعزيز وتحقيق الاستقرار والأمن والرفاهية للشعبين وبما يعود على البلدين بخيرات وافرة ستجنى ثمارها من خلال الشراكات المتنوعة ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات.
هذا ما جسدته الزيارة الأخيرة خلال الأيام الماضية لرئيس الوزراء العراقي والوفد الكبير المرافق (وزراء النفط والمالية والخارجية والتخطيط والتجارة والتعليم العالي والبحث العلمي والزراعة والشباب والرياضة والصناعة والمعادن والكهرباء والنقل، ورجال الأعمال، خلال الأيام الماضية، إلى خاصرة الأمة وحاضنتها المملكة العربية السعودية التي اتفق من خلالها البلدان على مواصلة التشاور والتنسيق بما يعزز وحدة الصف والعمل العربي المشترك.
العراق البلد الذي شهد حروبًا وصراعات واستقطابات سياسية وأيدلوجية إقليمية ودولية بدأت حديثا عام 1980 (الحرب العراقية الإيرانية 8 سنوات) حرب تحرير الكويت 1991, التدخل الأمريكي للسيطرة على العراق 2003… نتج عنها استنزاف موارد العراق الثرية وتعطيل التنمية ناهيك عن الخلل الديموغرافي والاجتماعي في هذا البلد العربي العزيز والذي يملك ثالث أكبر احتياطي للبترول عالميًّا الموثق منها (115 مليار برميل) وعاشر أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم (3000 مليار متر مكعب)
وبدا يدرك العراقيون حجم المخاطر والمهددات الإقليمية والدولية الموجهة لمجالهم الحيوي وإبعاده الجيوبوليتيكة فحدوده متداخلة ومتشابكة شمالا تركيا وشرقا إيران وغربا سوريا والأردن أما جنوبا فحدوده مع دولة الكويت والمملكة العربية السعودية خاصرة الأمة وملاذها الآمن مركز الثقل الإستراتيجي في الشرق الأوسط والعالم التي تسعى للمشاركة والمساهمة في بناء العراق كدولة حديثة متقدمة مستقرة آمنة مطمئنة متماسكة لما فيه خير ونماء ورفاه للشعبين الشقيقين.
العراق المنهك من كل هذه الحروب التي خاضها في حاجة ليد العون من المملكة العربية السعودية لبناء دولة عراقية قوية تستطيع أن تخدم مواطنيها لما في صالح البلاد.
فالدور السعودي يهدف إلى الحماية من أطماع الدول غير العربية المجاورة العراق والطامعة في خيرات بلاده من ثروات طبيعة وأراض الدولة العراقية، وتجلى ذلك في أكثر من موقف شهده الإقليم الأعوام الماضية,.. وما زال العراقيون يستذكرون، خطة التقسيم والتفكيك الفاشلة تجاه بلد الرافدين التي ظهرت جليًّا مع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي (الكونجرس) في 26-9-2007 (الذي نصح فيه الحكومة الأمريكية (ولا يُلزمها) بتبنِّي خطة تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات؛ على أن تقدر هي الضرر أو الضرورة في ذلك). وافترض الكونجرس وهو أبرز مؤسسة لصنع القرار في الولايات المتحدة أن هذا الإجراء هو الحل الأمثل لإعادة الاستقرار إلى العراق! وبالرغم من أن هذا القرار (غير ملزم) إلا أن المستوى المرتفع للجهة التي أصدرته تجعله في عداد التوجهات الإستراتيجية الكبرى، سواء الحالية أو القادمة، وخاصة أن من قدَّم مشروع القرار إلى الكونجرس هو السيناتور الديمقراطي (جوزيف بايدن) رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والمرشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي لانتخابات عام 2008م. وقد وافقت منافسته الديمقراطية على ذلك المنصب (هيلاري كلينتون) على هذا القرار الذي صدر بموافقة 75 (عضوًا) من أصل مائة!
والمتتبع للأحداث يلاحظ أن سياسة إيران تماهت مع هذا الطرح المقيت والمتوافق مع سياساتها التوسعية والطائفية… فماذا قدمت للشعب العراقي من تنمية وبناء ورخاء؟؟
إنه (الدمار الطائفية استنزاف مقدرات الدولة ووحدة الصف والتماسك المجتمعي…) بالرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم، ورابع احتياطي عالمي من النفط الخام، إلا أن اقتصاد إيران هش (هو من بين الأضعف عالميًّا) مقارنة بعدد السكان!!
إن هدف القيادة السعودية من إعادة العلاقات هو بناء العلاقات السعودية العراقية من جديد بعيدًا عن اللوبي الإيراني المترسخ في مفاصل الدولة العراقية, والرياض ما زالت تسعى لإعادة تأهيل العراق واستعادة دوره العربي وانتزاعه من الحضن الإيراني فالإستراتيجية الأمريكية تضعف من قدرة إيران عن العبث بالمنطقة لذا فهي, فرصة ذهبية للمملكة العربية السعودية ولكل الدور العربية لإعادة العراق للحضن العربي بعيدًا عن الدور الإيراني الذي أفقر البلد ونشر بذور الطائفية في العراق وبعض دول المنطقة..
فهل أدرك العراقيون حكومة وشعبًا, دور المملكة العربية السعودية كأحد أهم مراكز الثقل السياسي والاقتصادي والديني على خارطة العالم وهي الدولة التي تحتل المرتبة الثالثة بين دول g20 من حيث الاحتياطات الأجنبية وأهدافها الواضحة والظاهرة لتعزيز الأمن والاستقرار والرخاء لأشقائها في صناعة مستقبل واعد ومزهر بإذن الله.