3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 لا تخافوا على الشعوب إذا تحرّكت كامل النصيرات الدستور الاردنية
كثيرون يربطون الربيع العربي بالدم و الدمار..وعندما تحدثهم عن صحوة الشعوب يقفزون إلى ما حدث في سورية و اليمن والعراق وليبيا ووو..وكأن حرية الأوطان تأتي بفنجان قهوة؛ وكأنهم لا يقرأون كم دفعت الأمم التي تحضّرت أثماناً لحضارتها ..وكأنهم يريدون من الطُّغاة المستبدين الذين أحرقوا البلاد والعباد أن يطبطبوا على أكتافهم ويتنازلون عن عرش السلطة بكلمة محبّة..!
كثيرون يتوقعون أن ينتهي الجزائريون إلى ما انتهى إليه السوريون و اليمنيون و الليبيون ..وكأن المطلوب من الشعوب ألا تصحو..ألاّ تتحرك..ألاّ تثور..أن تقبل بالطاغية بالجوع و القمع و خراب الانسان أو فإنه بين قتيل ولاجئ ..!
ألا يعلم المشككون أن لقمة الخبز لها ثمن ؛ فكيف بثمن الحرية و تحرير الأوطان؟ ألا يعلمون بأن النتائج لأي تغيير أو ثورة لا تكون الآن ؛ بل بفعل التراكمات و تمرّ بتحولات كبيرة وخطيرة قد تقصر أو تطول ولكنّ جيلاً يسلّم جيلاً حتى تصل للنقطة المضيئة التي تتكشف فيها الحريّة بلا ريب أو نكوص لتبدأ الحضارة..!
لا تخافوا على الجزائريين مهما حدث.. ولو ذاقوا الأمرّين ..فالشعوب التي تتحرّك لا تنهزم ولو حاصرتها المؤامرات..
2 سموم العائدين أمينة خيري البيان الاماراتية

هل انتهى خطر «داعش» فعلاً؟ هل تبخر التنظيم في هواء سوريا والعراق؟ هل انقشعت أخطاره في ليبيا وتونس؟ هل فروعه المنشطرة في دول في الشرق والغرب، أذعنت لما يتردد عن انتهاء التنظيم وهزيمته؟ هل لم يعد قادراً على التجنيد والتخطيط والتفعيل؟ هل بات العالم فعلياً في مأمن من سموم التنظيم الذي أسقط آلاف القتلى، ونشر الرعب والفوضى على الكوكب، واجتذب المقاتلين والمقاتلات، وأسس عائلات أنجبت عيالاً، ونثرت أفكاراً من شأنها أن تخرب أجيالاً؟.
مئات الجماعات ذات الأفكار المريضة والرؤى المعطوبة، تنشأ على سطح الكوكب. بعضها يفشل في البقاء ويتبخر في الهواء، وكما ظهر بين يوم وليلة، ينقضي أمره، ولا يتذكره أحد. والبعض الآخر يستمر، وإن تقلص حجمه أو تقزم أثره، حيث يخفت تحت ضغوط ومواجهات، لكنه يتحين الفرصة، ويقتنص اللحظة الفارقة ليعاود الظهور.
ويخبرنا التاريخ القديم والحديث، الكثير عن مثل هذه المعاودات. وفي ظهور جماعة الإخوان المسلمين ذات الأفكار الخربة، وسبل السيطرة على الأدمغة الملتوية في مصر، بعد أحداث كانون ثاني (يناير) 2011، عبرة وعظة.

العظة التي ينبغي على كل من مر بسنوات سوداء، قوامها الرعب والخوف والقلق من مشاهد الذبح المصحوبة بالتكبير، وأخبار التهجير والتدمير من أجل نصرة الدين، وبيانات الإعلان بمزيد من الفخر عن المسؤولية عن تفجير أوقع قتلى هنا، أو تفخيخ أودى بحياة أطفال هناك، هي أن الأفكار لا تموت إلا ببزوغ أفكار أقوى منها في القوة والإقناع.
وإذا كانت نقطة الانطلاق ووقود الاستمرار على مدى السنوات القليلة الماضية لداعش، قد ارتكزا على تمويل هائل، وتدريب جبار لعناصر تلقت منافع ومصالح كبرى، فإن نجاح التنظيم في جذب آلاف «المقاتلين» و«المقاتلات»، وتكوين أسر داعشية، أنجب الكثير منها عيالاً في كنف الفكر الداعشي، ارتكز على نثر الفكرة المسمومة.
الفكرة المسمومة لا تنتهي بإعلان ما يسمى بـ «قوات سوريا الديمقراطية» ـ المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية- عن استعادة بلدة الباغوز، والتي هي الجيب الأخير الذي كان يسيطر عليه «داعش» في شرقي سوريا.
الفكرة المسمومة لا تزول بإعلان فصيل محارب بأن استعادة بلدة يمثل النهاية الرسمية لداعش. «داعش» الذي تمكن من بسط نفوذه على ما لا يقل عن ثمانية ملايين شخص في منطقة مساحتها 88 ألف كيلومتر مربع، ناهيك عن مدن وقرى هنا وهناك في منطقتنا العربية، بالإضافة إلى مندوبين وسفراء له في دول أوروبية وآسيوية، وما خفي كان أعظم، لا ينتهي هكذا. «داعش» الذي تأسس، ونما، وتوسع، وجند الآلاف عبر برامج محكمة، وأصدر مواد إعلامية وبيانات صحافية، بل وأنتج أناشيد «ترفيهية»، من «صليل الصوارم» وغيرها، لا ينتهي هكذا.
هذا التنظيم يدين بنجاح إطلاقه وانطلاقه في فضاء العالم العربي، لمليارات من التمويل «مجهول المصدر»، الذي أتاح التدريب والتجنيد والتجييش. وهذا التنظيم الذي ضمن لنفسه سبل إعاشة واستمرار تسليح، عبر جني المليارات من عوائد نفطية، وخطف وسرقات وتهريب آثار، لا ينتهي ببث صور تهجير آلاف العائلات الداعشية.
وإذا سلمنا بأن بذور البداية من «المقاتلين» هي أشبه بالمرتزقة، الذين يحاربون ويَقتُلون ويُقتَلون من أجل المال، فإن هناك الآلاف ممن تم تجنيدهم عبر بيع فكرة «الخلافة»، والتسويق لمفاهيم إقامة الشريعة والتقرب إلى الله وإعلان الإسلام.
وهناك المئات من الأطفال الذين ولدوا في كنف هذه الأجواء المعيشية والفكرية. فهل تم إعلان الانتصار على هؤلاء بترحيلهم في شاحنات؟ وما وجهة هذه الشاحنات؟ وما مصير ركابها من النساء والأطفال و«المقاتلين» الداعشيين؟ وما المحطة التالية التي ستستضيفهم؟ وهل هم قابلون لتطهير الفكر، وإزالة السموم التي انتشرت في أجسادهم؟ (هذا إذا افترضنا وجود جهود وتوافر إمكانات من الأصل للتطهير).
وإذا كانت داعش نشأت في غفلة منا، أو ربما وسط انشغال المنطقة العربية برياح ربيعية، بدت حرية وديمقراطية، لكن انقلبت وبالاً وخراباً (وما زالت)، فإن غض الطرف عن كيفية التعامل مع «عائلات» التنظيم، سيعيد فتح أبواب الجحيم أمام الجميع. دول غربية عدة تتباحث وتتشاور، وتخطط وتدبر لكيفية التعامل مع مواطنيها، الذين أوشكوا على العودة. المئات – وربما الآلاف- من الجنسيات المتعددة الآخذة في النزوح من هذه المنطقة المحررة وتلك، إلى أين تذهب؟.
نستمتع كثيراً بقراءة قصص «داعشية بريطانية تحكي عن فساد داعش»، أو «مراهقة داعشية فرنسية تبحث عن زوجها الداعشي في سوريا»، أو «داعشية بريطانية تقول إنها غير نادمة على الانضمام للتنظيم». ونتابع بكل اهتمام، فيديوهات لطفل داعشي ولد في كنف التنظيم، ورضع عنفاً وتنفس ذبحاً وكبر في أحضان سموم فكرية، لا يعلم إلا الله آثارها عليه ومن ثم علينا.
علينا إذن أن نحذو حذو دول أوروبية في التخطيط لكيفية التعامل مع خريجي التنظيم المسموم. فالخمسة آلاف مقاتل أجنبي – بحسب تقديرات عدة- في صفوف «داعش»، يقابلهم أضعاف هذا الرقم من مواطني الدول العربية. لكن الأعتى من العدد، وكيفية استقبال العائدين والعائدات، هو كيفية استقبال الأفكار المتمكنة منهم، لا سيما أن بيئات عدة لدينا وأفكار كثيرة بيننا، قابلة للتعاطف والتأثر، بما سيحمله العائدون من سموم.
3 العراق.. بين «جزرة» السعودية و «عصا» إيران! فيصل العساف
الحياة السعودية

منذ الغزو الغاشم لدولة الكويت في الثاني من آب (أغسطس) 1990 حتى يومنا هذا، والعلاقات السعودية – العراقية إما مقطوعة أو شبه مقطوعة، تخللت ذلك خسائر كبيرة تكبدها السعوديون في محاولة رأب الصدع الذي أحدثه صدام حسين وجورج بوش الابن من بعده، وارتداداتها التي تعصف بعموم المنطقة العربية منذ ذلك الحين. زحف إيراني طائفي حاقد، وجسد عربي منهك يتآكل من الداخل بعد أن ضل سبيل الحكمة باتباعه طرق الربيع، ومُضلون من كل الاتجاهات يجمعهم الاعتقاد أن هذه هي الفرصة المواتية لتحقيق أهدافهم على حساب الجميع، ومعاذ الله أن نتجاوز قطر في هذا السياق، وتنظيم الحمدين والمؤامرات والخداع والإفساد في الأرض.

على رغم هذا كله، تمضي السعودية كدولة راسخة استطاعت في هذا الخضم أن تتجاوز امتحانات القدرة على التحمل بنجاح، لتثبت أن العيارات التي تستهدفها لا تقوى على إصابتها، لم تتمكن حتى من أن «تُدوش» مسيرتها الممتدة على خريطة الأقوياء، اقتصادياً وسياسياً وتنموياً.

اليوم، يمد السعوديون أيديهم إلى «إخوتهم» في العراق من جديد، تدفعهم النيّات الحميدة الصادقة المتجذرة، والتي عبّر عنها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بعناقه الحار لنائب الرئيس العراقي عزت إبراهيم في قمة بيروت 2002، في لفتة عربية أصيلة كان لسان حالها: «عفى الله عما سلف» من النكبات التي جرتها عجرفتكم علينا، ولنفكر في مستقبل أمننا وأمتنا، لكن سقوط بغداد بالغزو الأميركي عاجل تلك الطموحات، حين جعل من إيران متحدثاً رسمياً باسم العراق! 16 عاماً من التخريب وتقطيع أوصال بلاد الرافدين، ليست كافية في نظر مصاصي الدم في طهران كي يرفعوا شرورهم عن شعبه المكلوم، بميليشيات – منه وفيه – لا ترى أبعد من أنف ربّ إرهابها وطغيانها قاسم سليماني.

يرى بعض من في مصلحتهم عزل العراق عن عمقه العربي، أن السعودية تريد «زغللة» عيون عوام العراقيين من خلال الإسهام في نهوض دولتهم من كبوتها، ودعم عمارها واقتصادها، يرى ذلك وهو يغض طرفه متعمداً عن السبب الذي عمّق جرح العراق النازف، عن الدور الإيراني في سلب العراق القدرة على استغلال مقدراته، وعن رميها السعودية بتهمة دعم الإرهاب في شكله «السني» زوراً وبهتاناً، فيما تحتضن طهران زعماء القاعدة وتحمي بيضتهم! إن الانعطافة «التاريخية» بتصنيف أميركا حرس إيران الثوري منظمة إرهابية، لهي التحول الأبرز في مسيرة التغيير في العراق تحديداً، مهما حاولت إيران الهرب إلى الأمام، ولا أمام، ومهما حاول عملاؤها الجاثمين على صدر المنطقة الخضراء في بغداد التنصل من عراقيتهم لصالح جبهة الولي الفقيه، ومهما حاولوا المحافظة على مكتسباتهم التي أفقرت بقية العراق.

هذه ليست دعوة إلى التفكك والتناحر في الداخل العراقي المثخن، إنما هي محاولة لرفع غشاوة الاستسلام للأمر الواقع بالتذكير بالمتغيرات التي يمكنها ترجيح كفة العراق على ما عداها، ذلك أن السعوديين في أطيافهم ومستوياتهم كافة يبعثون برسالة مفادها: إنما عدوكم إيران فاحذروها أهل العراق، أما نحن فإننا هنا، نرغب حقاً في الوقوف إلى جانبكم، فلا «تفسدوا ذلك بالخذلان» والتخوين وطرح الأشواك التي زرعتها وسائل الشحن الطائفي والحزبي في طريق بلدينا نحو التقارب، لمصلحة إيران وإيران فقط.