لم تعد كلمة بلد العجائب غريبة على السامع والمتابع للشأن العراقي؛ فالشعب والحكومة كل يوم في شأن جديد وحادثة جديدة؛ والأدهى أن الكوارث لا تأتي فرادا.
فبعد انتهاء ملحمة الانتخابات بحلوها ومرها؛ وبعد طول انتظار لحسم قضية إعلان النتائج لم يكن الشعب يتوقع أن تأخذ مسألة تشكيلة الحكومة كل هذا الوقت، وبين مؤيد ومعارض لتولي عبد المهدي زمام الأمور في البلاد؛ تشكلت الحكومة “المنقوصة” والــ”المشكوك” ببعض وزرائها؛ وكل هذا والشعب بأمل مستقبل أفضل لابنائه.
فبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على تشكيل الحكومة لم يتحقق أي شيء يذكر مما يبعث في النفس الأمل وفي الروح السكينة والطمأنية، حتى باتت صفحات التواصل الاجتماعي بمختلف روادها من المدونين والكتاب ينتقدون أداء حكومة السيد عبد المهدي والتي لم تقدم سوى “العدس؛ ورفع الكتل الكونكرينية عن بعض الطرقات؛ وتقدم كم من الوعد بالقضاء على الفاسدين كجبر على ورق”؛ فهو على غرار وعود سابقه الذي أمضى أخر عامين من فترة حكمه بالوعيد والويل والثبور من الفاسدين والذين لم يلبِ ولم يقدم أحدا منهم للمحاكمة أي للدفاع؛ لأنهم يعلمون أن من يقدم التهم ضعيف!
كارثة عبارة الموصل؛ والسيول في مناطق عديدة من العراق باتت حديث الساعة والخوف من مستقبل غامض يلف حياة أهل نينوى بعد أنباء تتحدث عن عدم استيعاب سد الموصل لهذه الكميات الكبيرة من مياه الأمطار والتي أغرقت العديد من البساتين والمناطق الزراعية محولة هذه النعمة إلى “دمار” ونقمة على تلك الأراضي نتيجة عدم وجود سدود كافية لحفظ هذه المياه وتصريفها كخدمة للمواطن كون هذه المياه تعتبر “ثروة” ربانية مجانية لتفند إشاعات وأقوال الوزراء المتعاقبين على وزارة الموارد المائية ممن يقولون: إن الأنهار ستجف والآبار تليها!
الفساد المالي والإداري في العراق حول البلاد الزاخر بخيراته ومياهه وأبطاله من أبناء شعبه بمختلف كفاءاتهم إلى مساكين ودولة “هزيلة” أنهكتها الحروب وأحرقت كل جميل فيها ليأتي بعد ذلك طالبوا المناصب والكراسي مكملين لما بدأته تلك الكوارث والنوازل بالعراق محولين آياه إلى ضعيف يتحدث الضعفاء بالأمس بكل سوء؛ فقد أصبحنا متأخرين وضعفاء بكل شيء وجانب.
الشعب العراقي لم يعد يتطلع الآن سوى إلى أمن وسلام نفسي بعد أن كان يطالب بالحقوق من التعيينات و… و.. الخ.. فالشخص الذي لا يجد من يلبي له طموحاته يبدأ بتخفيض سقفها للحد الأدنى لعله يجد أذنا صاغية تنتشله من الواقع المزري وأصبح جل أهتمام معظم الشعب أن لا يدخل الماء إلى المنازل وأن لا ينفجر عليه سد الموصل الذي من شأنه إغراق مناطق واسعة بل وربما محافظات بأكملها.
لم يسبق العراقيون شعبا في الصبرعلى المصائب وانتظار، لذلك تعودت ألسنتهم ذكر عبارة” ألله كريم”، كونهم فقدوا الثقة بسياسييهم ففوضوا أمرهم إلى الله تعالى، حتى جاءت اليهم قضية أخرى تمس حياتهم اليومية من حيث غلاء أسعار المواد الغذائية والخضار؛ بسبب إيقاف الجارة إيران “الأرجنتين” تصدير الكثير من المواد للبلاد فضلاً عن شبه انعدام الدعم الحكومي للمزارع العراقي الذي يشتكي دائماً الإهمال المتعمد والواضح من قبل الحكومة لمناشدته عازياً السبب لتجار الفساد مناشدا بعودة دعم الزراعة لعودتها إلى سابق عهدها، وهو ما لا يرتضيع الفاسدون لأنه سيؤدي لقطع صفقات الفساد والتجارة بين السماسرة والدول المصدر للمواد الغذائية للعراق.