8 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 روائي عراقي يخلع جلد اتحاد الادباء عنه
عواد علي العرب بريطانيا

تضامن عدد من الأدباء والكتّاب العراقيين في الداخل والخارج مع الروائي العراقي وارد بدر السالم، الذي قدّم استقالته من الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق احتجاجا على رفض أمين عام الاتحاد عمر السراي تزويده بتأييد طلبته السفارة التونسية في بغداد لمنحه تأشيرة دخول إلى تونس للمشاركة في الدورة السادسة للملتقى العلمي “السرد والصحراء” الذي تقيمه الرابطة القلمية بمدنين في إبريل القادم.
وأوضح الروائي خضير فليح الزيدي، المدعو إلى الملتقى أيضاً، في منشور بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعنوان “من يتضامن مع الروائي وارد بدر السالم؟”، أن أمين عام الاتحاد الشاعر عمر السراي سلّمه التأييد الخاص به، في حين رفض منح زميله وارد تأييدا مماثلا بحجة انه غير مجدد لهويته، ومن حقه المراجعة بعد الانتخابات.
وأضاف الزيدي أن السالم لم تكن عنده نية الترشيح إلى انتخابات الاتحاد المقبلة مطلقا، “وقد مارست سلطة الاتحاد تعسفا على كاتب كبير في خريطة الرواية العربية”.
وجاء في نص استقالة السالم الموجزة، الموجهة إلى رئيس الاتحاد وأمينه العام وأعضاء المجلسين التنفيذي والمركزي، “أعلن لكم عن رغبتي بسحب عضويتي من اتحادكم الموقر، وإيقاف المطالبة بتجديد هويتي، واعتباري مستقيلا من كل هذا الكيان النقابي وتفرعاته الثقافية”.
وإلحاقا بنص استقالته نشر وارد بدر السالم على حسابه على فيسبوك منشورا قال فيه “ثمة فوضى في حياتناً كثيرة. لكن أحياناً تتحول الفوضى إلى نكتة سمجة لا تُهضم بسهولة. وربما في توقيتات معينة تكون جارحة… الظاهر منها قرار وقانون، والباطن منها توجيه كما أوحِيَ إلي من الباطن والظاهر بطريقة مرتبكة وخفيفة أيضاً”.
وأضاف السالم أن رفض الاتحاد منحه تأييداً للسفارة التونسية تقف ورائه “أسباب مرئية مرةً ومخفيّةً مرةً. لكن يمكن أن يكون هناك وتر يعزف على مثل هذه الحالات ليكون هو السبب واللاسبب بشكل من الأشكال أو المخفي من الأسباب. أخلع جلد اتحاد الأدباء عني، فالمكان ليس مصنعاً يخرّج الأدباء”.
وعزا السالم، أن أحد أسباب ما حصل معه في اتحاد الأدباء هو مقاله المعنون بـ”المربد في نسخته الثاثلة والثلاثين” الذي نشره في ثقافية جريدة العرب اللندنية في السادس من مارس الحالي، وخاصة فقرة “يبدو أن المعركة الصامتة بين اتحاد أدباء البصرة والمركز العام في بغداد قد انتهت بسلام، بعدما ثبّت الأول موعد انعقاد مهرجان المربد الدولي للشعر في يوم 6 مارس الجاري حتى التاسع منه، ورفض أن ينعقد بعد الانتخابات المقبلة للاتحاد العام لأدباء العراق في أبريل المقبل، عادّا التأجيل المقترح من قبل المركز العام كما لو أنه تحشيد ضمني للجو الانتخابي المقبل، وهو أمر، وإن لم يظهر إلى العلن صراحة، إلا أن البصريين تمسكوا بموعدهم باعتبار أن المربد مهرجان بصري قديم ولا علاقة له بصراعات الانتخابات وما جاورها من هوامش تالية”.
وسبق أن قدم عدد من الأدباء والكتّاب استقالتهم من اتحاد الادباء والكتاب في العراق احتجاجا على بيان أصدره عام 2015 رفض فيه نعي الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، بينما نعاه، رئيس البرلمان، وبعض قادة الأحزاب الدينية الحاكمة!
يُذكر أن وارد بدر السالم أصدر 8 روايات منها “طيور الغاق”، “شبيه الخنزير”، “مولد غراب”، “عذراء سنجار، “جمهورية مريم”، و”الحلوة”. وفي مجال القصة صدرت له أكثر من 10 مجموعات قصصية، منها ذلك “البكاء الجميل”، “أصابع الصفصاف”، “انفجار دمعة”، “فصول الحصار”، و”البار الأمريكي”، وقد فازت الأخيرة بجائزة دبي الأولى للقصة القصيرة عام 2007. كما نُشر له كتاب في أدب الرحلات بعنوان “الهندوس يطرقون باب السماء” الذي فاز بإحدى جوائز المرك العربي الجغرافي (ارتياد الآفاق) عام 2010.

2 عراق الفساد هو المطلوب
فاروق يوسف
العرب بريطانيا

لم يستفد العراق من العلاقة مع إيران. تلك علاقة غير مجدية. فليس لدى إيران ما تقدمه سوى الموت أو التذكير به من خلال المسيرات الجنائزية التي أجادت الحكومات العراقية المتتالية منذ 2003 تنظيمها والإنفاق عليها.
صحيح أن الطائفيين من سياسيي بغداد حاولوا أن يجعلوا من تلك العلاقة قدرا للعراق لا يمكنه أن يفلت منه، غير أنه صحيح أيضا القول إن الحراك الشعبي في مختلف المحافظات العراقية، وبالأخص المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، قد عبر عن الاستياء والغضب من استمرار تلك العلاقة بالأسلوب غير المتكافئ الذي يبدو العراق من خلاله كما لو أنه محافظة إيرانية. لقد صار الحديث عن احتلال إيراني يغطي على مسألة العلاقة بين دولتين.
وقد يبدو ذلك الاحتلال خيارا طوعيا إذا ما تعلق الأمر بالأجنحة السياسية التي يديرها أعضاء سابقون في الحرس الثوري الإيراني مثل هادي العامري وسواه من زعماء الميليشيات الذين تسللوا إلى الدولة العراقية وصاروا يملون عليها قراراتها السياسية، غير أن ذلك الخيار لا يمكنه الاستمرار في ظل التطورات الدولية المتعلقة بالموقف من إيران والتي صار العراق جزءا محوريا فيها. وهو ما يرتب على العراق مسؤولية النظر بجدية إلى علاقته بالولايات المتحدة.
غير أن هناك سؤالا يظل معلقا هو “هل العلاقة بالولايات المتحدة مجدية بالنسبة للعراق، أم أنها شبيهة بالعلاقة مع إيران لا تثمر إلا عن تبعية مذلة وهدر للوقت والثروات؟”.
وكما هو معروف فإن العلاقة بالولايات المتحدة تتسم بتاريخها السيء بدءا بالحصار الذي فُرض على العراق عام 1990، وليس انتهاء بالغزو الذي وقع عام 2003، ونتج عنه كل هذا الخراب الذي لا يزال العراق يعاني من تداعياته التي لا شيء يوحي بانقضائها.
وإذا ما كان بعض العراقيين قد حلموا في وقت سابق بزمن مختلف مع بدء الحماية الأميركية فإن سلطة الاحتلال لم تتكفل بشيء من ذلك القبيل. فمقابل تحطيم الدولة العراقية وشطب الجيش العراقي كان مشروع المحاصصة الطائفية هو البديل الذي فتح الباب أمام خيارين. إما الحرب الأهلية، وإما تسوية يكون فيها الفساد هو الضامن الوحيد لاستمرار توازن معادلاتها.
ولقد جرب العراقيون الخيارين ليقبضوا الثمن الذي لا يزيد عن قيام دولة فاشلة لا تمثلهم ولا ترعى مصالحهم وهي غير مؤهلة لرعاية مستقبلهم وضمانه فهي لا تملك حرية الحركة ولا الإرادة التي تتحكم بمفردات مشروعهم المستقل وبالأخص على مستوى التصرف بالثروات.
الدولة الفاشلة هي صناعة عراقية غير أنها ما كان لها أن تقوم لو أن الولايات المتحدة وضعت إصبع خبرة على أوراقها. غير أنها لم تفعل. بل إنها عمدت إلى تقديم كل وسائل الدعم لحكومة نوري المالكي (ثماني سنوات) التي أسست لقيام الدولة الفاشلة التي تحكمها منظومة الفساد.
لذلك يمكن القول إن العلاقة بالولايات المتحدة التي لم تعلن أنها غيرت طريقة نظرها إلى المسألة العراقية هي ليست غير مجدية فحسب، بل وأيضا ناسفة لإمكانية انخفاض نسبة الفساد، في دولة صار رئيس حكومتها يعترف بأن الفساد قد اخترق كل تفاصيلها، ولم يعد يقتصر على المناقصات ذات التخصيصات المالية العالية.
في سياق تلك المعطيات فإن العراق يواجه وضعا ملغزا، ليس بإمكانه الخروج منه ولا تفكيك أسراره وتحييده، ومن ثم البقاء فيه بأقل الخسائر. فالقوتان اللتان تتجاذبانه وتتحكمان بمصيره من خلال اتفاقهما أو اختلافهما تلعبان دورا سلبيا في صناعة حاضره على أسس لا يمكنه الإفلات منها مستقبلا.
بهذا المعنى فإن العراق من أجل أن يحتفظ بقدرته على البقاء في خضم الصراع الأميركي- الإيراني ينبغي عليه أن يحافظ على دولته الفاشلة ويغذيها بالمزيد من أسباب الفشل الذي لن يتحقق إلا عن طريق الفساد.
الفساد هو الوسيلة الوحيدة التي تقنع الطرفين بأن العراق لا يفضل أحدا على آخر وهو مكتف بنأيه الذي هو عبارة عن عزلة، يتمتع بها الفاسدون بامتيازاتهم التي لن تكون موضع مساءلة.
3 البيئة تحبط المواهب
كرم نعمة العرب بريطانيا

علينا ألّا نخدع أنفسنا ونثق بالحكومات العربية كثيرا بأنها تهتم بالمواهب مثلما تهتم بمصالح الوزراء الشخصية. هذا سبب لضياع المواهب لدينا إثر الفشل المستمر في اكتشافها والاهتمام بها.
لدي زميل اكتشف أن ابنته التي لم تكمل دراستها الابتدائية شاعرة باللغة الإنكليزية وبعد أقل من سنة من انتقال أسرته إلى العيش في لندن.
حقيقة الأمر لم تكشف الأسرة شاعرية الطفلة، بل إن مدرستها الابتدائية والصحيفة المحلية في المنطقة نشرتا تقريرا موسعا عن الإلهام التعبيري الذي يكتنفها، ثمة أمل في أن تكون هذه الطفلة العربية امتدادا لوليم بليك أو تي أس إليوت.
ووقفت مبهورا بفتى تونسي لم يكمل دراسته المتوسطة بعد، وقد جمع معلومات مثيرة عن أنواع الطائرات وحجمها ومحركاتها والخطوط الجوية التي تمتلكها، يتحدث مثل أي عارف درس الطيران المدني، مع أنه لم يضع قدمه من قبل على سلم أي طائرة، وحلمه بارتقاء ايرباص 380 والسفر بها ولو في رحلة داخلية ما زال بعيد المنال.
هذا الفتى المجنون بالطائرات يعيش مع أمه بعد طلاقها، وهي عاجزة عن أن توفّر له رحلة داخلية، وغير مقدّرة لشغفه بالطيران.
أين ستذهب موهبته؟ لا حكومة بلده ولا أسرته الموزعة تمتلكان إجابة عن هذا السؤال، وهكذا علينا الاعتراف بأن مثل هذه المواهب ضائعة في غالبية بلداننا العربية.
أمتلك مثالا مهما على “مزاعمي المتشائمة” بقتل المواهب في بلداننا، وأترك لكم القياس عليه، فَفِي العام المقبل ستكمل ابنة راقصة عراقية مشهورة دراسة الدكتوراه في الخلايا الجذعية من جامعة شيفيلد البريطانية.
هذه الفتاة التي تركت العراق مع أمها منذ تسعينات القرن الماضي تتقن بطلاقةٍ الحديثَ بثلاث لغات ولم تقبل في كلية الطب في واحدة من أهم الجامعات البريطانية إلا بعد اختبار صارم، وها هي تمضي باتجاه الحصول على أعلى الشهادات الجامعية.
علينا أن نتخيل هنا ماذا سيكون مستقبلها إن بقيت ابنة الراقصة في العراق تعيش تحت وطأة الرثاثة الاجتماعية والدينية، لا عليك من التعليم المتردي هناك!! هل كانت الحكومة الفاسدة قادرة على اكتشاف أن ابنة الراقصة مشروع لطبيبة متميزة وربما عالمة في الخلايا الجذعية؟ لست وحدي من يشك في ذلك!
أمتلك مثالا آخر لابن زميل يعيش في الأردن، هذا الفتى تعرف على معهد غوتة في عمان، فانبهر باللغة الألمانية وأصر على تعلمها بمفرده، فعل ذلك في وقت قياسي، وعندما اُختبر من قبل أساتذة المعهد الألمان، حصلت المفاجأة بموهبة هذا الصبي العراقي الذي لم يولد في بلده، فتم الحصول له على منحة دراسية في جامعة ألمانية لدراسة الطب، وهو اليوم هناك في سنته الجامعية الثانية.
هل يستحق الأمر أن أعيد نفس السؤال عما ينتظر موهبته لو كان في العراق؟
بلا شك نشعر بالفخر للمواهب التي تبرز في بلداننا برغم كل الصعوبات، لا نفقد الأمل في أن كل شخص هو إستراتيجي، وكل شخص هو استباقي. لكن علينا ألا نخدع أنفسنا بشأن مواهب أبنائنا الضائعة.

4 هل جاء اللّقاء العسكريّ الثلاثيّ السوريّ العراقيّ الإيرانيّ في دِمشق للتّحضير لمعركة استعادة شرق الفُرات والقضاء على قوّات سورية الديمقراطيّة؟ وماذا لو تدخّلت القوّات الأمريكيّة لحِمايتها؟ وهل كانت زيارة الأسد الخاطِفة لطِهران تمهيدًا لهذه المعركة؟ وما هو دور العِراق وإيران المُتوقّع فيها؟ عبد الباري عطوان

راي اليوم بريطانيا

يبدو أنّ صبر الحُكومة السوريّة على سيطرة قوّات سورية الديمقراطيّة (قسد) على شرق وشمال شرق سورية، اقترب من نهايته، وأنّ عمليّات عسكريّة لاستعادة هذه المناطق الغنيّة بالنّفط والغاز والمياه باتت وشيكةً جدًّا.
الاجتماع الثّلاثي الذي انعقد في دِمشق في اليومين الماضيين وحضره كُل من الفريق أوّل ركن عثمان الغانمي، رئيس هيئة أركان الجيش العراقي، واللواء محمد باقرى، نظيره الإيراني، إلى جانب العماد عبد الله أيوب، وزير الدفاع السوري، كان تمهيدًا وتنسيقًا لخُطّة عسكريّة لإعادة هذه المناطق إلى السيادة السوريّة على غِرار مناطق أُخرى.
تصريحان مُهمّان وردَا في المؤتمر الصحافي الذي عقده القادة العسكريّون الثّلاثة يُؤكّدان هذه الحقيقة:

الأوّل: ورد على لسان العماد أيوب، وزير الدفاع السوري وقال فيه إنّ الجيش سيُحرّر مناطق تخضع لسيطرة المُقاتلين الاكراد في شمال وشرق البلاد.
الثاني: تأكيد الفريق أول الغانمي، قائد الجيش العراقي بأنّ فتح الحدود العراقيّة السوريّة قد يتم خلال الأيّام القليلة المُقبلة، وبِما يؤدّي إلى استئناف الزيارات والتّجارة بين البلدين.

***
فتح الحدود كان مُتعذّرًا طِوال السّنوات الأربع الماضية بسبب وجود قوّات تابعة لـ”الدولة الإسلاميّة” أو (داعش)، ولكن الآن وبعد أن انهارت هذه الدولة، واستسلم، أو هرب، أو قُتِل، مُعظم أنصارها، فإنّ هذا العائِق من المُفترض أن يكون قد زال، وكذلك وجود قوّات كرديّة مدعومة أمريكيًّا ما زالت تتواجد في المِنطقة.
العماد أيوب كرّر ما قاله الرئيس بشار الأسد قبل شهرين من أن مناطق شرق الفرات سيتم تحريرها وعودتها إلى السيادة السوريّة بالمُصالحات أو القُوّة العسكريّة، وفي ظِل غياب هذه المُصالحات، فإنّ احتمال اللّجوء للقُوّة العسكريّة بات الأكثر ترجيحًا.
قوات سورية الديمقراطيّة ذات الغالبيّة الكرديّة ماطلت وراوغت كثيرًا طِوال السّنوات والأشهُر الأخيرة، فعندما قرّر الرئيس دونالد ترامب في كانون أوّل (ديسمبر) الماضي التخلّي عنها وسحب قوّاته من سورية التي توفّر الحماية والدّعم لها، هرولت قيادتها إلى دِمشق طالبةً المُصالحة والدّعم، والعودة إلى الوطن الأم، خاصّةً بعد تهديدات الرئيس رجب طيّب أردوغان بقصفِها والقضاء عليها، ولكن عندما تراجعت إدارة ترامب عن هذا القرار بسبب ضُغوط المؤسسة العسكريّة، أدارت ظهرها لكل وعودها بالمُصالحة والعودة إلى الحاضنة الرسميّة السوريّة، وعادت للتّحالف مع الأمريكان.
تهديدات العماد أيوب، وتأكيدات الفريق عثمان الغانمي بقُرب فتح الحُدود العراقيّة السوريّة، يشيان بأنّ الاجتماع الثلاثيّ كان لوضع خطّة حرب لاستعادة هذه المناطق بالقوّة بمُشاركة جيوش الدّول الثّلاث، الأمر الذي قد يُؤدّي إلى حُدوث صدام مع القُوّات الأمريكيّة، جُزئيًّا أو كُليًّا، خاصّةً أن قوّات سورية الديمقراطيّة ما زالت تُراهن على الحماية الأمريكيّة وتعطيها الأولويّة.
المسألة اللّافتة أنّ العِراق، وبحُضور قائد جيشه هذه القمّة الثلاثيّة، وربّما للمرّة الأُولى، بات عُضوًا أساسيًّا في محور المُقاومة السوريّ الإيرانيّ اللبنانيّ (حزب الله)، وهذا تطوّر مهم قد ينعكِس توتّرًا على العلاقات الأمريكيّة العِراقيّة، وتهديدًا لوجود حواليّ 5500 جندي أمريكيّ في قواعد بالعِراق، وهو وجود صادق البرلمان العراقي على إنهائه في أسرعِ وقتٍ مُمكنٍ في اجتماعٍ له قبل شهرين.
***
الأشقّاء الأكراد في شمال سورية أضاعوا فرصةً ذهبيّةً في العودة إلى حُضن الدولة السوريّة، والحُصول على الكثير من المُكتسبات السياسيّة، وأبرزها الإدارة الذاتيّة، ولا نستبعد أن يدفعوا ثمنًا غاليًا نتيجة رهانهم على المُحتل الأمريكيّ الذي لن يتورّع عن طعنِهم في الظّهر مثلما فعل أكثر من مرّة مع أشقائهم في كردستان العِراق.
بات واضحًا أنُ الدول الثلاث، العِراق وسورية وإيران على أبواب حرب جديدة ميدانها شرق الفرات لفتح الحدود العراقيّة السوريّة أوّلًا، وإنهاء الوجود الأمريكيّ الذي فقد مُبرّراته بالقضاء نهائيًّا على “داعش” ثانيًا، وتحقيق الخُطّة الإيرانيّة الاستراتيجيّة بتأمين خط الاتّصال البريّ من مزار شريف في أفغانستان عبر العِراق وسورية وصولًا إلى مياه البحر المتوسط اللبنانيّة الدافئة ثالثًا.
معركة شرق الفرات أصبحت أولويّة وتتقدّم على نظيرتها “المُؤجّلة” في إدلب، وبمُباركة روسيّة، ولعلّ زيارة الرئيس الأسد الخاطِفة (أربع ساعات) إلى طِهران قبل أُسبوعين، واجتماعه بالسيّد علي خامنئي، المرشد الأعلى، والرئيس حسن روحاني، وبحُضور اللواء قاسم سليماني رئيس فيلق القدس كانت لتحديد ساعة الصّفر لهذه المعركة.. واللُه أعلم.
5 قبل اختطاف العراق جمال الكشكي
البيان الاماراتية

ثمة مخاوف تلوح في الأفق العراقي. مطامع فارسية وأخرى عثمانية، كل منهما يستدعي التاريخ في عجل، السيطرة على بغداد من جديد حلم لمن يريد أن يبسط نفوذه على الإقليم.
الأيام الماضية شهدنا زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني ووفداً مرافقاً له في زيارة استغرقت ثلاثة أيام، الزيارة في شكلها تعطي انطباعات التعاون والشراكة، وفي عمقها تحمل معاني أخرى تتعلق بفرض النفوذ والهيمنة، وتحقيق المشروع الإيراني، فليس خافياً على أحد أن حلم الملالي يهدف للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، ويضع ضمن حساباته أن العراق هي البوابة الرئيسية لتحقيق هذا الحلم لينطلق منه إلى سوريا ولبنان، هذا فضلاً عن أن إيران تخطط إلى توسع نفوذها الاقتصادي في السوق العراقي وتحقيق مصالحها في المقام الأول، أما الرسالة التي تستحق التوقف في هذه الزيارة فهي من المؤكد مغازلة جريئة وواضحة للالتفاف حول العقوبات الأمريكية، لاسيما أن هذا التوقيت يشهد انسداداً خطيراً في مستقبل الاقتصاد الإيراني بعد العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتاريخ 4 نوفمبر الماضي، والتي تضمنت فرض عقوبات صارمة على صادرات إيران من النفط والبتروكيماويات إلى الخارج، الأمر الذي أربك حسابات الرئيس الإيراني، والحرس الثوري وباتت الصورة الذهنية للحكم الإيراني مهددة داخل شارع الملالي الذي هو بالأساس يعاني من مشاكل اقتصادية ضارية تسببت قبل عدة شهور في مظاهرات خرجت إلى الشوارع، وذلك على خلفية الانهيار الاقتصادي، وتراجع العملة الإيرانية، الأمر الذي قاد إيران إلى العودة مرة ثانية إلى بغداد كورقة أخيرة لفتح آفاق جديدة وإعادة تصدير منتجاتها خاصة النفط والغاز عبر الشركات العراقية.
الأمر لا يتوقف عند البعد الاقتصادي والالتفاف حول العقوبات الأمريكية فقط بل إن الصندوق الفارسي يحوي الكثير من المؤامرات والأهداف السوداء منها أن إيران تحاول خلق جيل عراقي جديد من الإرهابيين ليصبحوا بمثابة وكلاء لها في المناطق التي يحلمون بالسيطرة عليها مثلما هو الحال في سوريا ولبنان واليمن.
هذا فضلاً عن أن روحاني يريد أن يبعث برسالة أنه ليس معزولاً وأنه قادر على احتواء دول بأكملها والعراق في وجهة نظره نموذجاً، وأنه قادر على تكرار هذه الجولات في عواصم أخرى.
إذاً جولات «السم» الإيراني تحاول اختطاف العراق قبل أن تعود إلى حضن العالم العربي.

يتزامن مع خطر اختطاف العراق ما يخطط له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من زيارة قريبة إلى بغداد حاملاً أجندة توسعية عثمانية، ويبرر ذلك أمام نفسه بأنه بالفعل يحتل مناطق مثل معسكر بعشيقة شمال الموصل، وبالتالي هو يرى أنه من الممكن أن يتوسع في هذا النفوذ، ويكون هو أيضاً صاحب قرار سياسي واقتصادي في بغداد لا سيما أنه يعلم تماماً فشل وكلائه الدواعش في السيطرة على العراق بعد طردهم من المدن العراقية وآخرها الموصل.
تلك المعطيات تضعنا أمام مشهد يستحق التوقف والتحرك الجماعي العربي بأقصى سرعة للحفاظ على هوية العراق كبلد عربي له تاريخ، ومكانة خاصة في عقل وقلب كل العرب، وهذا يتطلب من زعماء وقادة العالم العربي دق جرس إنذار للحفاظ على العراق من خلال القمة العربية التي تعقد في تونس نهاية شهر مارس الجاري.

6 فساد العراق… المهمة المستحيلة
عدنان حسين
الشرق الاوسط السعودية

هل سيمرّ يوم على العراق ولا يكون فيه شحاذ أو حرامٍ محتال من النوع الذي يُضجّ بهم الآن من كل صنف في السنين الأخيرة؟
هذا السؤال له ما يبرّر طرحه، فالعراق من أكثر الدول العربية فساداً، ويبدو ضرباً من الأوهام البعيدة والتمنيات العزيزة للغاية ألا نرى وزيراً أو وكيلاً أو مديراً فاسداً، فالعراق يتربّع الآن على رأس الدول الأكثر فساداً في العالم، في الميادين المختلفة. وفي العراق لا فرق بين فاسد بعمامة وآخر من دونها… الكل مشارك في لعبة المسافات الطويلة من أجل المال والامتيازات! وسيحتاج العراق إلى وقت طويل ليكون بين الدول الأقل فساداً. الحكومة العراقية الحالية تبدي اهتماماً بالموضوع أكثر من غيرها، لكنها لم تتجاوز بعد الكلام. والمفترض، بحسب تصريحات المسؤولين، أنه بدءاً من الأسبوع المقبل ستبدأ خطة لمكافحة الفساد لا يثق بها إلا القليلون.
ومن الصعب جداً تصوّر العراق بلا فساد إداري ومالي… أي ألا يكون فيه وزير يأمر مديره بترتيب «الأمور»، أو مدير عام يتفاوض على حصته وحصة غيره من المال الحرام المقتطع من صفقة مليونية مثلاً، أو ألا تكون هناك جماعة سياسية قد تفاوضت مع غيرها من أجل منصب حكومي واشترته بكذا مليون من الدولارات ليسدد الثمن من الرواتب والمغانم، فهذه كلها مما يحسب في العراق الذي لم يزل القهر وخيبة الأمل فيه يقتلان أصحابهما، وعملياً فإن أغلب الوظائف والمناصب العليا موزعة على أساس الحصص الطائفية والقومية.
وقال عبد المهدي في مؤتمره الصحافي الأسبوع الماضي إنه «في الأسبوع المقبل أو الذي سيليه سنطرح مشروع مكافحة الفساد، وهذا المشروع سيضع النقاط على الحروف». المعني هنا على الأرجح أن الحملة ضد الفساد لن تتوقف عند أحد مهما كان موقعه ومنصبه، وهذا مما تثار الشكوك حوله، وهو ما يجعل الأمر غير قابل للتحقق، المشكلة في العراق لا تتمثل في عدم وجود فاسدين، إنما في وجودهم بكثرة، وكبار الفاسدين هم في العادة كبار المسؤولين في الدولة من وزراء ووكلاء ومديرين، وسواهم، وزعماء أحزاب وائتلافات وكتل، وهؤلاء لا يعملون ضد أنفسهم.
حساب الفاسدين في العراق غير معتاد، هم يسرقون على هواهم المليارات ومئات الملايين من الدولارات، لكنهم لا يرغبون في الإفصاح عن شخصياتهم وفضح أمورهم، أي واحد يكشف أمره فسيفكر بكشف آخر فاسد مقابله، فالجميع متوفرة لديه الوثائق الصحيحة والمزورة اللازمة للإدانة! والقاعدة الذهبية هنا: اسكت عني أسكت عنك. هذه كانت القاعدة لنهب ما يزيد على 6000 مليار دولار من أموال النفط العراقي منذ 2003 حتى الآن، كلها تقريباً راحت إلى حسابات مسؤولين حزبيين بدعوى أنهم ناضلوا ضد ديكتاتورية صدام حسين. والواقع أن بعضهم لم يناضل دقيقة واحدة في حياته، بل كان مع صدام حتى النهاية.
ليس عبد المهدي الرجل المناسب لهذه المهمة الصعبة، بل المستحيلة، كما تبدو، فهو ليس الأقوى بين أقرانه قادة الكتل والأحزاب الذين يمكن لهم في أي لحظة الاتفاق ضده.
ربما احتاج عبد المهدي إلى أن يفعل ما فعله غيره في البلدان الأخرى بأن يتفاهم مع الفاسدين ليعيدوا بعض الأموال المسروقة في مقابل إعفائهم من المسؤولية عنها، أو أن تجري جدولة الأموال المسروقة في صيغة ديون يحدَّد موعد لإعادتها، ويبدو أن هذه الفكرة قد طرحت بالفعل لكن لم يعرف بعد رد فعل المعنيين بها، وبعضهم سيقبل بها بالتأكيد لأنها توفر له فرصة نجاة.
أظن أن أفضل شيء أن يجري التوافق مع هؤلاء على إعادة الأموال التي نهبوها مقابل العفو عنهم كلياً أو جزئياً، على أن يرتبط أمر التسوية بحرمان الفاسدين من تولي مناصب حكومية وبرلمانية واقتصادية وتنفيذه لمدة عشر سنوات على الأقل. هذا لضمان ألا يخرج الحرامي من الباب ليدخل من الشباك.
العقبة الكبرى الأخرى هي قانون العفو العام، وهذا مما يلزم إعادة النظر فيه من أجل عدم السماح للقتلة والفاسدين بالإفلات من العقاب.

7 وقفة تأمل ومراجعة أمام المغامرة الأميركية في العراق احمد صبري
الوطن العمانية

من المناسب ونحن نستعيد الأجواء والتحضيرات التي رافقت غزو العراق الذي يصاف اليوم التاسع عشر من مارس/آذار 2003 نتوقف عند حملة التضليل والتحريض التي مهدت للغزو وصولا إلى احتلال العراق في التاسع من نيسان/ أبريل2003م.
وقبل الشروع بالصفحة العسكرية بأيام رفضت القيادة العراقية الإنذار الأميركي بتنحي الرئيس صدام حسين وولديه عن السلطة، ومهدت إدارة بوش الابن للخيار العسكري بشهادة لوزير الخارجية الأميركي حينذاك كولن باول أمام مجلس الأمن أكد فيها امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
والسؤال: لماذا جاءت الولايات المتحدة إلى العراق؟ وهل حولته إلى واحة للديمقراطية والرخاء ونموذجا يحتذى به في الشرق الأوسط؟ ونزيد بعد 16 عاما على المغامرة الأميركية كيف يبدو المشهد في العراق ومن هم الرابحون والخاسرون؟
هذه الأسئلة وغيرها أصبحت إجابتها معروفة وواضحة للعيان من فرط ما أحدثه الاحتلال من كوارث تتراكم من عام إلى آخر حولت العراق إلى واحة للفساد والفشل، وبؤرة طاردة للتغيير بعد أن تسيد على إدارته طبقة سياسية فشلت في تلبية تطلعات العراقيين بالأمن والرخاء والعيش بسلام.
وطبقا للتوصيف الذي وضع العراق في خانق لا يمكن الخروج منه فإن خيار العمل العسكري هو الخيار الوحيد لإدارة بوش لتغيير النظام فيه وإعادة إنتاج نظام جديد على وفق الرؤية الأميركية/ ديمقراطي يتمتع شعبه بالحرية والعدالة، فضلا عن تسويقه كنموذج للديمقراطية والتعايش السلمي في المنطقة عموما.
والأخطر من كل ما جرى ويجري هو أن الغزو والاحتلال وفشل المشروع الأميركي في العراق ساعد في ظهور ظاهرة التطرف الأعمى الذي أدخل العالم في أتون صراعات لم تنتهِ حتى الآن.
وهنا نتوقف عند المتحقق في عملية احتلال العراق .. ومن هم الرابحون والخاسرون في هذه المغامرة الكارثية؟
ابتداء، إن الرابح الأكبر في ما جرى هو إسرائيل، حيث خرج العراق من معادلة الصراع معها من دون حروب، كما أن الرابحين كثر، لا سيما قوى إقليمية استثمرت تداعيات احتلال العراق بإعادة تموضعها من جديد على ضوء ما جاء به الاحتلال لنظام جديد تمتد جذوره وعلاقاته ببعض هذه القوى، ما أعاد رسم خريطة التحالفات من جديد وعلاقته بتوازن الصراع بالمنطقة.
إن الذي بات يؤرق وينغص حياة المتورطين في المغامرة الأميركية ومن ساعدها في حملة التحريض على العراق يقولون: لماذا ذهبنا إلى العراق؟ وما ثمن تلك المغامرة؟ وهل كسبت واشنطن قلوب العراقيين كما ادعى صقورها بغزوها لبلادهم وتخليصهم من (نظام ديكتاتوري) ووضعهم على سكة الحرية والديمقراطية والازدهار الاقتصادي والإعمار والتنمية والسلم الاجتماعي؟
من هنا جاءت شهادات بعض من كان يعمل ضمن إدارة بوش الابن، ويحرض على غزو العراق، وأولى هذه الشهادات كانت من وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي عبر عن أسفه واعتذاره للحرب على العراق ومشاركته بحملة التحريض علىه بمزاعم امتلاكه أسلحة محظورة وخطيرة، كما أن شهادة مدير وكالة المخابرات الأميركية جورج تينت هي الأخرى كشفت حملة التضليل ضد العراق وتصميم بوش الابن وعلى الغزو، حيث نفى تنث امتلاك العراق أسلحة محظورة، وهو ما نفاه أيضا محمد البرادعي.
هذه الشهادات وغيرها وضعت إدارة بوش الابن ومن سانده وحرضه على الذهاب إلى العراق أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية عن عمل هو بالأحوال كأنه يتنافى مع القانون الدولي وسيادة الدولة، وأيضا يتقاطع مع شرعة الأمم المتحدة؛ لأن المغامرة كانت أحادية ورغبة في تدمير بلد وليس تخليصه من نظام خطير يمتلك أسلحة كانت تهدد أميركا والعالم كما زعموا.
ونخلص أن الخاسر الأكبر في المغامرة الأميركية هو العراق بكل ألوانه وطوائفه؛ لأن الاحتلال أنتج نظاما سياسيا هجينا ليس له علاقة بحاجات وتطلعات العراقيين بوطن تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وخالٍ من إرهاصات الثأر والانتقام وإقصاء الآخرين والتشبث بالسلطة.
8 متى ينتهي”داعش”؟
كاظم الموسوي
الوطن العمانية

متابع التصريحات الأخيرة لمسؤولين أميركيين أو عراقيين عن مصير “داعش” في العراق خصوصا، وفي المنطقة عموما يخرج باستنتاج أن التنظيم لم ينتهِ، وأن الأقوال السابقة عن هزيمته والقضاء عليه من المسؤولين أنفسهم أو من هو بوزنهم كانت أقوالا في شبك. وفي الواقع هي أخبار كثيرة وتحتاج إلى تدقيق وقراءة جدية، وبالرغم من كثرتها وتكرارها، فهي تكشف عن جوهرها وتفضح مصادرها وأدوارهم في صناعة التنظيم وتوظيفه والاستهداف منه، حيث يتفق كثير من المحللين السياسيين والدارسين للتنظيم أنه صناعة أجهزة مخابرات دولية، وتمويل عربي خليجي، منذ البداية أو استثمار له في ظروفه وتطورات وجوده وتعدد مسمياته وعناوينه والمهمات التي نفذها أو ما زال التعويل عليه فيها، لا سيما في التهديدات والاختراقات الأمنية والاستمرار في تشكيل بعبع متأهب وإنذار قائم، أو بالأحرى أن برنامج استخدام التنظيم متوازٍ مع المخططات الإمبريالية والصهيونية في المنطقة عموما. ولعل التصريحات الأخيرة مؤشر له أو تؤشر إلى ما سيأتي في قادم الأيام. كما أن الترابط بينها يدل عليها أو يرسم الصورة الواقعية لتجديد عنوانه أو أفعاله أو إخطاره.
آخر ما صرح به قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية جوزيف فوتيل، (7/3/2019) أن “مقاتلي داعش” الذين يخرجون من الباغوز في سوريا لا يزالون متطرفين، معتبرا أن انتهاء المعركة ضد التنظيم لا يزال بعيدا. وقال فوتيل خلال جلسة استماع في الكونجرس، إن “من يخرج من الباغوز لم يعلن ندمه لانضمامه لداعش”. وإن “جهود التحالف متواصلة في حرب داعش في العراق وسوريا”، وأضاف فوتيل أن «ما نشهده اليوم ليس استسلاما لتنظيم داعش كمنظمة، بل هو قرار محسوب من المتطرفين للحفاظ على سلامة أسرهم، ولكنهم في انتظار الوقت المناسب للتحرك مجددا». وقال فوتيل “إنّ المرحلة المقبلة من الصراع ستكون مع «منظمة مفككة» يختبئ قادتها ولكنها تعمل بالفعل”. وأكد “أننا سنشهد اعتداءات متدنية المستوى واغتيالات وهجمات بعبوات ناسفة”.
في كلام المسؤول العسكري الأميركي مؤشرات تدل على أن الدور الأميركي في استمرار التهديد وخطورته لم ينتهِ في مخططات الدوائر المستثمرة له أو المساهمة في بقائه ومخاطره. وهذا ما يؤكده مسؤولون عراقيون أيضا. فمثلا دعت وزارة البشمرجة في حكومة إقليم كردستان العراق إلى “التأهب لحرب جديدة مع تنظيم داعش”. حيث قال الأمين العام للوزارة الفريق جبار ياور في تصريحات على هامش حضوره ملتقى السليمانية السادس الذي انطلق يوم (2019/3/6) بمشاركة العديد من الشخصيات العالمية والعراقية: إن تنظيم داعش لا يزال موجودا من الناحية الفكرية ولا بد من حرب جديدة مع التنظيم”.
ودعا ياور الأطراف التي تناهض تنظيم داعش، إلى التأهب لحرب جديدة مع التنظيم المتشدد، مضيفا أن “داعش إذا كان قد انتهى من الناحية الميدانية والعسكرية، لا يزال موجودا من الناحية الفكرية”. وأضاف أنه “يتعين علينا نحن الأطراف المناهضة للتنظيم خوض حرب جديدة معه، وهي الحرب الفكرية، وأن نضع آلية لها مع التحالف الدولي”.
في مقارنة ما ورد في كلمات المسؤولين الرسميين يتوصل الأمر إلى أن تنظيم “داعش” الإرهابي مستمر، ولم ينتهِ، لا عسكريا ولا فكريا، وأن ما يحدث من أعمال إرهابية تتحدث عنه، وأن ما يشابه تلك الكلمات تبث بين حين وآخر تؤكد على ما سبق، أو تضع مشاركاتها في التعريف والتوضيح، الذي لم يعد مخفيا أو سريا، بل بات أكثر من معلن ومعروف لكل ذي بصر وبصيرة.
تنظيم داعش منذ إعلان اسمه هذا، عام 2013 في سوريا، وفرت له أجهزة ومؤسسات محلية ودولية كل ظروف إقامته وظهوره وديمومته. فلا يعقل أو يجهل أو يسكت عنه رغما أو رغبة، أن يحصل التنظيم على إمكانيات تقنية إلكترونية ويصدر إعلاما له وينشر أخباره وجرائمه وتنقلها عنه الفضائيات المتخادمة معه أو مع مصادره، ولا يحسب لها حساب، أو تسأل عنها وتحاسب عليها وتحاكم بسببها، لا سيما وأن المصادر معروفة والوسائل معلومة والإجراءات مع غيره مسموعة ومرئية ومقروءة بلا حدود أو قيود.
أما تمويله فالأحاديث طويلة عنه، ولكن آخر ما صدر عن مسؤول عراقي عنه يضيف صفحة إلى السجل المعروف. حيث طالب القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، باسترداد 50 طنا من الذهب و400 مليون دولار من الأميركان، داعيا حكومة بغداد إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لعدم تفاقم الوضع الأمني. وذكر الزاملي (وكالات 2019/3/8) أن “عصابات داعش سرقت 50 طنا من الذهب و400 مليون دولار عندما سيطروا على عدد من المصارف والبنوك في الموصل والأنبار وصلاح الدين عند احتلالها عام 2014، مطالبا الحكومة بالضغط على الأميركان لاستردادها بعد أن سيطروا على مدينة الباغوز السورية”. وأضاف الزاملي، إن “على القوات العراقية المطالبة بالقيادات الأمنية والعسكرية الكبيرة لداعش الذين ألقت القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) القبض عليهم، لافتا إلى أن أغلب تلك القيادات العراقية والأجنبية، مطلوبون للقضاء العراقي ومتورطون بدماء الأبرياء.” وأوضح، أن “ما تم تسليمه للقوات العراقية من الدواعش هم من الجرحى والمعوقين والمقاتلين المنكسرين العاجزين عن الصمود والقتال”، مشيرا إلى أن داعش ينقل مقاتليه الذين لا يمكن الاستفادة منهم في القتال مرة أخرى في العراق أو سوريا أو دولة أخرى”. ودعا الزاملي القوات الأمنية والمحققين العراقيين إلى تدقيق مستمسكات الدواعش والتحقق من أوراقهم الثبوتية حيث تم تغيير وتزوير عدد كبير من أسمائهم وألقابهم، مؤكدا أن على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تفاقم الوضع الأمني.
استمرارا لما سبق، ذكرت افتتاحية صحيفة الفايننشال تايمز (2019/3/8) أن “الخلافة انتهت لكن شبح تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال حيا”. وهو كلام بمعلومات لا خبرا، أو اعتراف مسبق واستقراء محسوب أو مطلوب. ووضحت الصحيفة “وحشية التنظيم المبنية على الذبح والاستعباد، الذي يرفضه غالبية المسلمين في العالم” وادعت أو أشارت إلى أسباب تعرف جيدا عوامل إنتاجها. وكشفت معلومات عن أن عناصر التنظيم انسحبت لشن ضربات إرهابية أو نقل عملياتها إلى بلدانها الأصلية. وذكرت الصحيفة أن الدول الغربية والمجاورة للمنطقة العربية تغافلت تأثير “داعش” في اضطراب النظام العالمي. لا سيما في تهديد العنف المسلح ومأساة موجات اللاجئين المتوجهين إلى أوروبا في 2015-2016، التي غذت بذور الشعبوية في أوروبا.
في الختام “داعش” لم ينتهِ بعد، أو أن موجات أخرى منه قادمة، وهنا لا بد من الإنذار والحذر قبل فوات الأوان.