10 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 ندوب الحروب وترانيم السلام
صباح ناهي العرب بريطانيا
لا يمكن أن أتخيلها دون ذكريات خلفتها حروب أفقدتنا الكثير من الأصدقاء والمعارف وعشرات الآلاف من الضحايا، وشمت الأرض بهم ولم تكتفِ الحيطان والجدران وبين النخل وتحت الجسور إلا وُرفع عليها اسم شهيد عراقي. لا أتخيل أن الموت قد استوطن في بلاد غيرها، وحياة توالدت في سواها، في وطن لا يعرف وجدانه غير أطوار الغناء والمواويل، وتتباهى مدنه بالحر والمقفى والزهيري والبوذية والدارمي، حين كانت الحياة تتراقص على إيقاع الجورجينا والخشابة والهوية وتنصت للمقام والمربع البغدادي، ويطربها النايل والسويحلي والسامري البصري، ويفاخر مثقفوها بأن كل مقامات الغناء خرجت من معطف عراقي ومن أداء حناجر الآلاف من أبناء العراق، وتأثر بها العالم العربي من المحيط إلى الخليج، تلك المدن والقرى والحارات العراقية التي يمتد نشيجها بامتداد نسيجها الاجتماعي، في الأقوام والقبائل والعشائر والشعوب التي خالطتها وامتزجت بثقافاتها وهضمتها وتمثلتها لتجعل ابن الجنوب تطربه ربابة بوتر واحد من الغربية، وينتشي الشماليون لنايل الحويجة ويطرب ابن الغربية وبطاحها حين يغني داخل حسن وحضيري أبوعزيز وناظم الغزالي وسليمة مراد.
يشدهم صوت لمغني المحمداوي الذي يأتي صداه من وجع سكان الأهوار في آخر الجنوب حين تشرق الشمس على بلاد سومر وأكد وبابل، وحين يمدّ طور الحياوي والغافلي والشطراوي عابراً للحدود البيئية في فضاءات مسامع أهل الغربية.
وكم رقص أبناء الجنوب على إيقاعات الجوبي المتواشج من عزيمة أهل الغربية وكبريائهم ونخوة رجالهم، وكم تهادى صوت بنغم السويحلي إلى روح كردي يحتسي أوجاعه على رابية جبل كرمند ينتظر الخلاص. كانت لوحة مشاعر توحد كل هؤلاء وأولئك وتثري الوجدان الشعبي، وتجعل الوطن كله أغنية ذاعت شهرتها في العالم العربي كله.
تقول حكمة سومرية كتبت بالخط المسماري “حيث ما تغمر المياه الأرض ينمو الخير وتخرج أجنحة السعادة إلى الوجود”. ما الذي فعلته تلك القوى المتصارعة على أرض العراق لتبطل سعادة الشعب وتمزق وعي المجتمع ورصانة تفكيره وجماليات ذوقه للفن والثقافة ليتحول مواطنو العراق إلى مجموعة ولاءات ومظلوميات واستحقاقات وكيانات وملل ونحل؟
لعل هذا الجيل المبتلى بانتمائه القسري إلى وطن النكبات والأحزان، نسي كل تلك التضحيات التي بذلها جيل آخر كان مشروع لافتة سوداء قد تجد لها مساحة في جدران بيضاء تؤبن شهداء وطن الغناء والتضحيات والفسيفساء التي فاخر بها الوطن ذات يوم. من كان وراء هذا الانحدار المخيف في وعي الناس وحول جماليات أرواحهم من سلطة الحب إلى سلطة الموت والترقب وتفكيك عرى الوعي الجمعي؟ من؟
2 خالد علي مصطفى صاحب “المعلقة الفلسطينية”.. رحل في بغداد
عواد علي
العرب بريطانيا

نعى عدد من الأدباء والكتّاب الفلسطينيين والعراقيين الشاعر والناقد الفلسطيني خالد علي مصطفى، الذي وافته المنية الثلاثاء في أحد مستشفيات بغداد، إثر عملية جراحية أجريت له.
ولد خالد علي مصطفى في قرية عين غزال القريبة من حيفا عام 1939، وحينما وقعت نكبة 1948 التجأت أسرته إلى العراق. أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في البصرة، ثم التحق إلى كلية الآداب في جامعة بغداد، قسم اللغة العربية ليتخرج عام 1962. وواصل في ما بعد دراسته العليا ونال شهادة الدكتوراه، أثناء عمله أستاذا في الجامعة المستنصرية.
نشر الشاعر قصائده منذ نهاية الخمسينات، وعرف اسما بارزا في الشعر الفلسطيني المعاصر مع محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو وتوفيق زياد ومحمد القيسي وآخرين من شعراء الشتات. كما أنه من جيل شعراء الستينات المهم في الشعر العراقي، الذي يختلف عن جيل السياب والملائكة والبياتي في الحساسية، وفي تكوينه الثقافي، ومفهومه للحداثة والتحديث.
وهو إضافة إلى ذلك واحد من جماعة البيان الشعري الصادر عام 1969 الذي كتبه فاضل العزاوي، ووقعه سامي مهدي وفوزي كريم، ونُشر في العدد الأول من مجلة “الشعر 69”، واكتفى هو، بوصفه رابع شعراء البيان، بنشر نص شعري له. وقد عكس ذلك البيان المناخ الثقافي الذي كان سائدا في الستينات، ودعا إلى تأسيس رؤيا جديدة للشعر، ورسم أفق جديد لحداثة تتكئ كثيرا على المعرفة المستمدة من التراث الأدبي العربي، بشعره ونثره، إضافة إلى دور المثاقفة في تطوير الرؤيا والأداة. كما أن البيان عُدّ أول محاولة لوضع أساس صحيح لحرية الكتابة واستقلاليتها عن كل سلطة.
أصدر خالد علي مصطفى 6 مجموعات شعرية، هي “موتى على لائحة الانتظار”، “سفر بين الينابيع”، “البصرة- حيفا”، “المعلّقة الفلسطينية”، “غزل في الجحيم”، و”سوّرة الحب”. كما أصدر عددا من الكتب النقدية، منها “في الشعر الفلسطيني المعاصر”، و”شعراء البيان الشعري”.
ويرى بعض النقاد أن قصائد الشاعر مصطفى تمتلك بعدا رؤيويا خاصا، جعلت من شعره يمتاز بفرادة لا يتوافر عليها متن الشعر الفلسطيني، فهو شعر مكتنز بالإيحاءات التي تفضي إلى عدد لا يحصى من الدلالات المتنوعة، ومن ثم بقي بعيدا عن الجمل المباشرة والهتافية والاحتجاج التي تقتل روح الشعر. لذلك فإن فرادة نصه الشعري متأتية من هذا الحرص الشديد على ثراء الجملة الشعرية بأفق واسع من الدلالات الموحية، والاهتمام الخالص باللغة.
يقول سامي مهدي في شهادة له عن خالد علي مصطفى وشعره إنه “شاعر مبدع مجتهد، مثقف، واسع الثقافة، عميقها، وهو معروف بطلاقة لسانه، وخصب حديثه، لم تغره السهولة ولا بهارج اللعبة، ولم يُعنَ بالادعاء، أو الاستعراض، ولا البحث عن الأضواء. إنه يكتب قصيدته ويتركها لنا، ولا يمنّ بها علينا، ولكن النقد لم يولِ شعره من الاهتمام ما يستحقه، ومن الدراسة ما هو جدير بها”.
تناول خالد علي مصطفى في كتابه “شعراء البيان الشعري”، الذي تضمن تمهيدا وأربعة فصول وعددا من الملاحق، التمثلات التكوينية لجيل الريادة الشعرية في دار المعلمين العالية في أواخر أربعينات القرن الماضي، وجيل “المغايرة الشعرية” في كلية الآداب في الخمسينات، وهو جيل بدأت لديه هواجس البحث عن ملامح أخرى للشعر في العراق، وتجاوز النزعات الرومانسية للروّاد، والانفتاح على فضاءات التجريب والتحديث.
ودرس في فصول الكتاب المرحلة الشعرية المبكرة، التي اعتبر “البيان الشعري” تعبيرا عنها، لثلاثة شعراء هم سامي مهدي وفاضل العزاوي وفوزي كريم، كما وقف على “القصيدة القصيرة” من خلال أنموذجها الذي كتبه سامي مهدي، بوصفه أحد كتّاب “البيان الشعري”، خاصة في قصائد ديوانه الأول “رماد الفجيعة”. ودرس كذلك تجربة فاضل العزاوي، من خلال مدخل عن المختلف الثقافي والأيديولوجي، الذي يمثله، كونه جاء من بيئة مختلفة فيها تعددية ثقافية، بيئة “جماعة كركوك” ذات النزعة التجريبية.
وأفرد فصلا لتجربة فوزي كريم، بوصفه القطب الرابع في كتابة البيان، وكونه شاطر الشعراء الآخرين في التعبير عن وعي جديد ومغاير للواقع، ولما هو سائد في الكتابة الشعرية، حيث وجد في لعبة الحلم مجاله الرحب للكشف عن أجواء ورؤى، لها نزعتها الدنيوية كما يسميها المؤلف.
من مواقف خالد علي مصطفى النقدية أنه سجّل مؤاخذات على محمود درويش وأدونيس وأنسي الحاج، فاعتبر أن ديوان درويش “سرير الغريبة” يبرز فيه الاتجاه الذاتي، فيما اتهم أدونيس بأنه شاعر أيديولوجي، رغم أنه شاعر كبير ومتواصل، ولا تفارقه روح الشباب والتجريب، ويقصد بذلك أنه ينطلق في شعره من وضع أيدولوجي قائم لديه ومستمر معه دون أن يستطيع مغادرته، ولذا جاء شعره ليس تعبيرا عن تحولات في الأيديولوجيا، بل عن تحولات في الأسلوب والتشكيل اللغوي. أما أنسي الحاج فلم يعد، حسب رأيه، يقول شيئا، خاصة في دواوينه الأخيرة، حيث أخذ يميل إلى ضرب من النثر التوراتي التقليدي.

3 في الموصل.. نزوح معاكس من البيوت إلى الخيام د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

من الطبيعي ومن الحقوق التي فرضتها دساتير الأرض والسماء أن يعود النازحون بسبب الأوضاع التي تسود العراق، من مخيّمات النزوح إلى بيوتهم، التي هجروها خوفا على حياتهم، لكن مدينة الموصل تشهد نزوحا معاكسا من البيوت التي عاد إليها أصحابها، إلى مخيّمات النزوح التي تركوها.
ينقل عن النائب شيروان الدوبرداني قوله إن عام 2018 شهد عودة 846 عائلة عدد أفرادها 4036 فردا إلى المخيمات التي كانوا يقيمون فيها قبل عودتهم إلى بيوتهم إثر هزيمة تنظيم داعش وتحرير المدينة قبل سنتين.
وتؤكد مراصد وجمعيات حقوق الإنسان داخل العراق وخارجه، أن ما يجري في الموصل ولأهلها على أيدي ميليشيات الحشد الحكومي من إرهاب وابتزاز لا يقلّ في مجمله عن ممارسات تنظيم داعش الإرهابية، مع أن إرهاب داعش “عصاباتي” وإرهاب الحشد “حكومي” والموصليون عانوا من الإرهابيْن معا، هذا إن لم يتفوّق إرهاب الحشد على إرهاب داعش.
ومن البديهيات أن الحفاظ على الحياة والكرامة اضطر الناس إلى مغادرة بيوتهم ومدينتهم والعودة إلى المخيمات. فالحكومة في العراق عاجزة عن حماية المواطنين ويكاد الحشد أن يكون أقوى من جيشها، فضلا عن أنها حكومة تحت خط الفساد الدولي بمئة درجة، تُباع مناصبها الوزارية وتُشترى في مزاد الأحزاب والميليشيات علانية وجهرا. حكومة قطاع خاص لا صلة لها بالشعب وليس للمواطن فيها حق أو نصيب.
إن وتيرة عمليات السطو وابتزاز أصحاب المتاجر وغيرهم تتصاعد في الموصل، ويقوم عليها رجال يرتدون الزي العسكري الشبيه ببزّات ميليشيا الحشد الشعبي المنضوية داخل الجيش العراقي، والمعروفة بقوات الدمج، حيث دمجت بالقوات الحكومية.
سكان الموصل يتفقون على أن الوضع الأمني في المدينة الآن أسوأ مما كان تنظيم داعش يحتلّ المدينة، فأنت لا يمكن أن تنام آمنا من دخول قوات ترتدي بزّات عسكرية تستقل عجلات خاصة بالحشد الشعبي إلى منزلك، وتحتجز أفراد عائلتك في غرفة تحت تهديد السلاح بحجة التدقيق الأمني، ثم تسرق أموالك وما تمتلك من مواد عينية ثمينة، والجرائم المسجلة في المدينة أغلبها جرائم سطو مسلح في الجانب الغربي لمدينة الموصل، بينها عوامل مشتركة تشير بوضوح إلى أن عناصر الحشد الحكومي تقف وراءها.
سكان الموصل يتفقون على أن الوضع الأمني في المدينة الآن أسوأ مما كان تنظيم داعش يحتلّ المدينة،سكان الموصل يتفقون على أن الوضع الأمني في المدينة الآن أسوأ مما كان تنظيم داعش يحتلّ المدينة
والمعلوم أن القوات الرسمية نفسها تواجه اتهامات متكررة من منظمات حقوقية عراقية ودولية بارتكاب انتهاكات بحق السنة والأكراد في المناطق التي تمت استعادتها من داعش، خلال الحرب التي استمرت ثلاث سنوات (2014 – 2017).
وتتهم قوات الحشد وبعض عناصر القوات الرسمية بارتكاب جرائم أخرى كتهريب الوقود وحديد العجلات المتضررة من الحرب على داعش، وأخذ أموال من التجار عبر الابتزاز، فضلا عن ابتزاز المواطنين بتهمة الإرهاب لقاء الحصول على أموال.
الدلائل التي تطرحها الأجهزة الأمنية في المدينة تشير إلى أن أفراد الحشد يقفون وراء تلك الجرائم، بدءا من السيارات التي يستقلّونها، وصولا إلى الزي الخاص بهم والأسلحة التي يحملونها، فيما تقف الأجهزة الأمنية عاجزة عن ردع قوات الحشد، وقد حدث أن اعترض على تلك الجرائم العقيد، عبدالباسط الجبوري، مدير إجرام محافظة نينوى فصدر أمر عسكري بنقله إلى خارج المحافظة، كما يتداول الموصليون في أحاديثهم.
أصحاب المتاجر يؤكدون أن أغلبهم تعرض لعمليات ابتزاز من قوات الحشد، وكتب إليّ أحدهم أن مقاتلي الحشد يأتون وهم يرتدون زيهم العسكري وأحيانا بملابس مدنية ويقتنون مواد عينية مختلفة، ثم يغادرون دون أن يدفعوا ثمن ما يقتنونه.
وطبعاً لا أحد يستطيع تقديم شكوى ضد قوات الحشد الحكومي، لأن الإجراءات ستكون معقّدة، وأغلب الجهات الحكومية خاضعة لهذه القوات ولا تستطيع ردعها.
وسبق أن أكدت مصادر عراقية محلية وأمنية، فضلا عن قيادات بقوات البيشمركة الكردية، ارتكاب ميليشيات وفصائل مسلحة وأحزاب تابعة لإيران عمليات تغيير ديموغرافي في الموصل وضواحيها، تمثّلت بمصادرة منازل المواطنين المسيحيين والعرب السنة والاستيلاء عليها من خلال عمليات تزوير الأوراق الرسمية، خاصة المنازل التي يعلمون أن أصحابها هاجروا إلى أوروبا أو دول أخرى ومن غير المرجّح عودتهم.
إذا بقيت الحكومة عاجزة عن تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى محاكمة عادلة تنصف المظلوم، فليس من المستبعد أن يفيض الكيل بأبناء الموصل ويتظاهرون لعرض مظلمتهم، كما فعلوا ضد داعش، وقد تتحوّل التظاهرات إلى عصيان مدني، لأن ما يجري في المدينة أصبح خارج المعقول.
4 مايدور في فنزويلا والبرازيل ليس معزولا عما يدور في سوريا والعراق.. هل سنرى قريبا ولادة “داعش” اللاتينية؟ بسام ابو شريف

راي اليوم بريطانيا

كتبت في أواخر العام الماضي مقالين حول اليوت ابرامز ، الأول في بداية العام عندما صدر قرار ترامب المباشر بتعيينه نائبا لوزير الخارجية الاميركي دون استشارة أحد ، وبقي التعامل بينه وبين البيت الأبيض مباشرا ، ودون العودة أو المرور بوزير الخارجية الذي كان هذا سببا من أسباب استقالته ، فقد ارتبط عمل اليوت ابرامز بالبيت الأبيض ارتباطا مباشرا وبتنسيق مع مستشار الأمن القومي بولتون في الفترة الأخيرة ، أما المقال الثاني فقد كتبته بعد ستة أشهر من المقال الأول وخصصته للتساؤل : أين ابرامز ؟ لماذا يبقى أمره بعيدا عن الأضواء والأخبار وهو نائب وزير خارجية ، وكان ذلك بعد تعيين رئيس السي آي ايه السابق وزيرا للخارجية ، ورجحت في مقالي أن يكون اليوت منغمسا في مخطط جديد شبيه من مخططه الذي نشر الخراب والدمار والقتل في الشرق الأوسط ” التنظيمات الارهابية في العراق وسوريا ومصر وليبيا وحرب اليمن ” ، ظهر اسم اليوت ابرامز الآن وبتزامن واضح مع أزمات اميركا اللاتينية الى حدود التدخل العسكري الأميركي المباشر .
سنحاول القاء الضوء على تاريخ ودور هذا الصهيوني الخطير في شتى المراحل ودوره في الشرق الأوسط ، ودوره الآن وللمرحلة القادمة في اشعال الحروب والدمار في اميركا اللاتينية انطلاقا من البرازيل .
المهمة السرية للسيد اليوت ابرامز
نعيد للاذهان أن الرئيس دونالد ترامب عين بقرار في أول قراراته بعد دخوله البيت الأبيض اليوت ابرامز نائبا لوزير الخارجية ، وجاء هذا التعيين دون العودة الى الكونغرس ودون تشاور مع وزير الخارجية ، ودون تحديد لمهمة اليوت ابرامز كنائب لوزير الخارجية .
وبدا الأمر لي في تلك الأثناء أن ترامب يسدد فواتير لمن أوصله للبيت الأبيض ، وبما ان اليوت ابرامز معروف لدي ولونه محدد وفاقع ، فقد سجلت في حينها سؤالا كبيرا حول ماسيتابع اليوت ابرامز في وزارة الخارجية من مخططات صهيونية تخدم اسرائيل ، فهو الذي خطط ضمن اطار لجنة تخطيط استراتيجية ” اميركية – اسرائيلية ” ، بالتعاون مع ريتشارد بيرل للمعارك الدموية والتدميرية التي جرت وتجري في العراق وسوريا ومصر وليبيا ولبنان واليمن ، ذلك أن المخطط استند لنظرية ” أمن اسرائيل ” ، الذي لايقوم الا اذا دمرت الدول الرافضة لاسرائيل في الشرق الأوسط ، وتقسيمها الى دويلات طائفية وعرقية تبقيها ضعيفة ومتصارعة لتنعم اسرائيل بالهيمنة والاستقرار والأمن .
تخصص اليوت ابرامز بزرع الصراعات لتدمير المجتمعات التي تعادي اسرائيل ، أو ترفض التعامل معها بسبب طبيعتها الاستعمارية الاستيطانية ، واحتلال أراض فلسطينية وسورية ولبنانية ، وبسبب تأييد هذه الدول لحقوق الشعب العربي الفلسطيني .
عمل مشترك ومال من وراء ظهر الكونغرس
سلم اليوت ابرامز ملف اميركا اللاتينية لتحقيق هدفين : الأول اعادة الصراع الى سابق عهده بين النهج الثوري والنهج التابع للولايات المتحدة ، أي عودة لبداية الثورة الكوبية التي شقت عصا الطاعة للولايات المتحدة ، ونجح فيها الثوريون باقامة نظام اشتراكي وعدالة اجتماعية بينما جمهوريات اميركا اللاتينية وحكوماتها تخضع لعمليات نهب واسعة من قبل الولايات المتحدة وشركاتها المستقلة ، بالنسبة لدونالد ترامب كان الهدف اعادة هيمنة الولايات المتحدة على كامل اميركا اللاتينية سواء كان هذا بتفجير الصراعات ، أو بتمويل عمليات التزوير الانتخابية على نطاق واسع سياسيا واعلاميا وبرطلة .
وبناء على الاتفاق المسبق ” أثناء الحملة الانتخابية ” ، فقد شكلت لجنة سرية تضم خبراء اميركيين واسرائيليين لرسم المخطط والأعداء لتنفيذه والاشراف على تنفيذه ، وأعطى المخطط الأولوية في تفجير الصراعات لفنزويلا فيما وضع بشكل متواز مع التركيز على فنزويلا العمل في ميدان الانتخابات حسب موعدها في كل بلد من بلدان اميركا اللاتينية .
فكانت الأولى البرازيل : وحسب ترتيبات ابرامز فان صراعا لابد من تفجيره بعد استكمال تهريب السلاح ، وتهريب المرتزقة في كل من نيكاراغوا وكوبا ، وأعطيت لجنة ابرامز صلاحيات واسعة وزودت بأموال طائلة دون علم الخارجية ودون موافقة الكونغرس !!
وعندما شعر ترامب ان الاعداد قطع شوطا هاما قام باقالة وزير الدفاع ووزير الخارجية ، وعين بومبيو رجل المخابرات وزيرا للخارجية ، وسيعين من سيوافق على مخططه في اميركا اللاتينية وزيرا للدفاع ، وذلك بعد أن عين بولتون العنصري الدموي مستشارا للأمن القومي .
الفريق الذي يعتمد عليه ترامب الآن ، هو فريق مكون من مجموعة من ” المرضى ” ، الذين أصبحوا مع مرور الوقت مدمنين على القتل والصراع الدموي ، والذين يعيشون بينهم وبين أنفسهم حالة نفسية مريضة هي حالة الشعور المتفوق والمتميز عن البشر الاخرين ، وان لهم الحق بان يحكموا العالم به ، أي عقدة ” النازي ” ، أو الاشكنازي اسرائيل .
لقد ظهرت هذه اللجنة أثناء حملة الانتخابات في البرازيل مائتا مليون دولار لدعم مرشحها ومرشح اسرائيل الذي فاز بالانتخابات ، وستظهر الأيام كافة وسائل الخداع والغش والتزوير التي استخدمت في انتخابات البرازيل لانجاح مرشح اليوت ابرامز ، أي مرشح اسرائيل الذي لم ينتظر تنصيبه ليعلن نقل سفارة البرازيل للقدس ، بل فضح نفسه باعلانه ذلك قبل التنصيب وتحت تأثير كأس الانتصار .
وكان ترامب قد ألغى المعاهدة التي وقعها الرئيس اوباما مع كوبا قائلا انه يريد أن يتفاوض لابرام صفقة مربحة للولايات المتحدة ، ومنذ ذلك اليوم راح ابرامز يهرب الأسلحة ويرسل المرتزقة الى كوبا تمهيدا لحملة عمليات ارهابية تظهر أن كوبا لاتتمتع بالاستقرار ، ويحاول ابرامز تشكيل حزب جديد ” أو تجمع جديد ” ، في كوبا تحت عنوان الحريات والحقوق الانسانية وتصحيح المسار الاقتصادي ، وكذلك الأمر في نيكاراغوا .
اليوت ابرامز صهيوني عتيق ومدان بالكذب أمام لجان الكونغرس ” لكنه لم يحاسب بفعل نفوذ الصهاينة “، وهو عنصري ويعتبر العرب أعداء لكنه لم يمانع في مهماته الجديدة أن يتم تمويل مخططه في اميركا اللاتينية بأموال سعودية – خليجية ، فقد اعتبر أن عمله سوف يعتمد على الخبراء المرتزقة من اسرائيل والخبراء الموفدين من المخابرات الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي ، وسيمول هذا المخطط بمال النفط العربي .
من هنا جاء تصريح بومبيو ” زلة لسان ” ، الذي قال فيه : ( جاء الآن دوراسرائيل لنرى ماذا ستفعل في فنزويلا ) ، قال ذلك باعجاب الرجل المتأكد من حصانه في السباق فاستخدام اسرائيل في اميركا اللاتينية ، هو رهان رابح للولايات المتحدة ، وبقيادة اليوت سنرى ولادة داعش اللاتينية .
5 الطيور.. وموسم الهجرة إلى أوروبا محمد عارف
الاتحاد الاماراتية

الأغاني عن الطيور تنعش القلب، حتى الحزينة منها كالأغنية العراقية التي تقول: «أنا يا طير ضيّعني نصيبي». ولا ضياع ينعش القلب كهجرة الطيور، التي لا تُعّدُ بالآلاف أو مئات الآلاف، ولا حتى بالملايين، بل ثلاثة مليارات طير يبلغ وزن بعضها كالطيور المغردة، بضع جرامات، فيما وزن الطيور الجارحة، واللقالق، والغرانيق.. بالكيلوجرام. بدأ موسم الهجرة هذا الشهر، من أفريقيا والبلدان العربية إلى أوروبا. ولا مثيل في الطبيعة لجمال منظر آلاف أسراب الطيور تعبر من مواقع على شواطئ البحار الأحمر والمتوسط والأدرياتيك، خلال شهور الربيع والصيف حتى أغسطس، عندما يبدأ موسم الهجرة العكسية إلى الجنوب. وفي السبت الثاني من شهر مايو تحتفل بلدان خريطة الطيور باليوم العالمي للطيور المهاجرة، التي تتعرض لمخاطر تفتك بأكثر من 25 مليون طائر منها سنوياً. هذه الأرقام بحثتها «القمة العالمية الأولى لمسارات الطيور»، التي عُقدت في «أبو ظبي» الربيع الماضي، وساهم فيها «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، و«مؤسسة حياة الطير» العالمية، واستضافها «الصندوق الدولي للحفاظ على الحُبارى» الذي تأسس في عام 1989 بمبادرة ودعم من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وتهاجر الطيور بحثاً عن الطعام ومواقع للأعشاش، التي تتوافر حسب فصول السنة شمال وجنوب الكرة الأرضية. وتهتدي الطيور في رحلتها عبر البلدان والقارات، بالشمس والنجوم وحركة الرياح وطوبوغرافية الأماكن وروائحها، والمجال المغناطيسي للكرة الأرضية. وتبحث أسرارَ هجرة الطيور معاهد ومراكز عالمية عدة، بينها «مختبر علوم الطيور» في «جامعة كورنيل» بالولايات المتحدة، والذي يسانده 14 مليون «هاوي طيور»، تسدُّ تبرعاتهم 99% من موازنته الفعلية. وأكثر من نصف طيور العالم غير مهاجرة، تجد طعامها في مواقع على مسافات قريبة منها طوال فصول السنة. ويُرجحُ باحثو مختبر «كورنيل» بأن أسباب الهجرة مسافات طويلة قد تكون موروثة بالجينات منذ العصور الجليدية. ويُلاحظُ كل من يحتفظ بقفص طيور في منزله اضطرابَ وقلق الأنواع المهاجرة في فصلي الربيع والخريف، ويُطلق على هذا السلوك اسم «قلق الهجرة».
وعدد أنواع الطيور في العالم نحو عشرة آلاف نوع، وهي أكثر المخلوقات انتشاراً، حيث تجدها في القطب المتجمد، والصحارى الكبرى، وبعضها -مثل طير «الخرشنة القطبي»- يهاجر من قطب إلى آخر. وتبحث إناث الطيور عَمّن يشبه آباءها، وبعضها يملك دماغاً مصمماً للعثور على شريك الحياة، حسب «ساره وولي» عالمة الطيور في «جامعة كولومبيا» بالولايات المتحدة. وجميع الطيور، حتى غير المهاجرة تبتهج بالغرام. «فالابتهاج يليق بالديك الذي يبتهج لأقل شيء، ويزقزق بحركات متنوعة مفعمة بالحيوية». قال ذلك الفنان «دافنشي».
ولا تُبارى الطيور بفنون الغرام، وقد شهدتُ أجملَها عندما التقيتُ في تسعينيات القرن الماضي «ديفيد أتنبورو»، منتج الكتب ومسلسلات التلفزيون عن الطبيعة، وأبدعها مسلسل «حياة الطيور»، وفيه مشهد ذكر طير «القيثار» يجتذب الأنثى بتقليد أغاني 16 نوعاً مختلفاً من الطيور، وتُسمعُ أصوات شدوه الغرامي من مسافة كيلومتر. وكما لو أن هذا غير كاف لإثارة إعجاب الأنثى، فيقدم لها عروضاً راقصة مثيرة ينتصب فيها ريشه وسط ذيله البالغ الطول، فيجعلها صفوفاً من أسلاك فضية مقوّسة كأذرع قيثارة. ومسرح عروضه باحة مساحتها نحو 4 أقدام يُسوي عشبها بنفسه، وينشئ 20 موقعاً مماثلاً خلال موسم التكاثر، يزورها على التوالي منشداً بصوته العالي، وهو ينشر قلنسوته التي تغطي رأسه، فيما تجول الإناث على باحات الذكور المغنين الراقصين، فتختار من يروق لها، وحال الباقين كما في الأغنية العراقية «أنا يا طير ضيّعني نصيبي، صِرت لا أنا لأهلي ولا أنا لحبيبي، ويا طير ما بين أنسى وين ألاقيك أحنْ مرّة لأهلي، ومَرّات أحِنْ ليك».
6 غزو الشقيق
بدر عبدالله المديرس
الوطن الكويتية
جاء في كتاب (50 قصة في 50 عاماً) لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي تحدث فيه عن 50 قصة في 50 عاماً من حياته .
وقد جاء بالكتاب في قصة (غزو الشقيق) ما جاء في مقدمة قصة (غزو الشقيق) ما يلي :
من أكثر الصدمات التي واجهتها في حياتي العسكرية الاجتياح العراقي لدولة الكويت . والكويت لم تكن بالنسبة لنا في الإمارات وفي دبي دولة أخرى . الكويت كانت في الحقيقة جزءاً من حياتنا كانت جزءاً من حياة أغلب مواطنينا من طفولتهم من دراستهم في مدارسها من علاجهم في عياداتها حتى من حياتهم الاقتصادية .
ويضيف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله ورعاه بكلمات المحبة والوفاء للكويت المحررة التي يعجز القلم أن يسطر بحروف من نور بالشكر والتقدير للكلمات النابعة من القلب للقلب قلب الأخ المحب لأخيه بما قدمته الكويت بكلمات لم يقلها كويتي وإنما قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أطال الله في عمره وأمده بدوام الصحة والعافية في طرحه عن (غزو الشقيق) قبل أن يستكمل في حديثه عن (غزو الشقيق) متحدثاً بالكلمات مع الصور المعبرة عن مشاركة القوات الإماراتية الباسلة في تحرير دولة الكويت في عام 1991 في القصة المعبرة عن (غزو الشقيق) بالقول :
(لا يعرف الكثيرون أن “سوق مرشد” أحد أكثر الأسواق الشعبية شهرة في دبي سمي على اسم رجل أعمال كويتي فاضل هو مرشد العصيمي وأن التعليم النظامي دخل دبي عن طريق مدرسين من الكويت وأن مشروع والدي الأكبر في منتصف الخمسينات لتوسعة الخور تم تمويله جزئياً بقرض مالي من الكويت وأن أول محطة تلفزيون بدبي كانت تلفزيون الكويت الذي كان يبث من دبي في العام 1969 وأن مستشفى الكويت الذي تأسس في العام 1966 من أكبر المستشفيات التي خدمت مواطنينا حتى اليوم – القائمة طويلة والأفضال كثيرة والأخوة بيننا وبين أهل الكويت عميقة وأكبر من أن يفهمها الكثيرون أو يزايد عليها المتربصون) .
صح لسانك وعلا شأنك يا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي فإن ما قلته وتحدثت عنه فعلاً لا يعرفه الكثيرون .
إن الكويت والكويتيون لا يمكن أن ينسوا أو يتناسوا وقفة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة حكومة وشعباً بالمساندة والمشاركة بقواتها الباسلة وباستشهاد الأبطال من قواتكم الباسلة ليختلط دم الشهداء الإماراتيين لهؤلاء الأبطال مع دماء شهداء الكويت وهذه التضحيات البطولية يعرفها الكويتيون ويشيدون بها .
إننا يا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الكويت وشعبها مدينون بأفضالكم التي قدمت للكويت من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بالاستضافة طوال أشهر الغزو العراقي الغاشم على الكويت في اليوم الثاني من شهر أغسطس عام 1990 والذي امتد حتى يوم السادس والعشرين من فبراير عام 1991 يوم التحرير الذي أثلج قلوب أهل الكويت بفرحتها بالتحرير مثل ما أثلجت قلوب أشقائنا في الدول الخليجية والدول العربية الشقيقة وأصدقائنا في مختلف دول العالم حكومات وشعوب .
إن منازلكم وبيوتكم وفنادقكم ومنافذكم الجوية والبرية سخرتموهم لاستقبال الكويتيين الخارجين من الكويت وفتح مدارسكم وجامعاتكم لدراسة أبناء الكويت وفتح مستشفياتكم لعلاج أبناء الكويت والمساعدات التي لا حدود لها من حكومة وشعب دولتكم الفتية الشقيقة لدولة الكويت بما في ذلك التجار ورجال الأعمال عندكم وتزويد الكويتيين بكل ما يحتاجون وبالمجان من المواقف الرائعة المبنية على الأخوة والمحبة.
وأنا وعائلتي وأقربائي أحد المواطنين الكويتيين الذين استضافتنا عائلة كريمة في دبي طوال فترة الغزو العراقي الغاشم بتوفير مكان إقامتنا والسؤال عنا دائماً مثل باقي عائلات دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في جميع إماراتها التي استضافت المواطنين الكويتيين في أماكن إقامتهم .
إن ما ذكرته يا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من أفضال الكويت التي ذكرتها بالتفصيل ولم تكمل القائمة الطويلة مثل ما تفضلت ليس منة من الكويت وإنما تستحقونها فالأخ الوفي تجده يقف مع أخيه في أحلك الظروف وأصعبها وذلك بالمساعدات المتبادلة وهذا ما لمسته الكويت من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في العلاقات الطيبة والمتواصلة أدامها الله دائماً .
قبل الختام :
إن كتابكم (50 قصة في 50 عاماً) يا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم سيكون مرجعاً وموثقاً لمسيرة حياتكم طوال 50 عاماً كسجل حافل بالإنجازات في مختلف المجالات ومبادراتكم التي تلقى دائماً النجاح والإشادة لكل من اطلع على هذا الكتاب ليكون مرجعاً يحتل مكانة كبيرة في مكتبات العالم العربية والأجنبية بإصداره باللغة العربية وترجمته باللغة الإنجليزية ليعرف العالم أجمع أن هناك مواطناً قيادياً خليجياً من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة كان هدفه ولا يزال في الحياة أن يحقق الأحسن والأحدث في عالم التقدم والرقي والمواقف الإنسانية التي لا تعد ولا تحصى .
وما قصتكم عن (غزو الشقيق) الكويت المحررة إلا دليل واضح لا يقبل أن يزايد عليها أحد فالإمارات العربية المتحدة الشقيقة والكويت مكتوب لهما أن يظلا أخوة متحابين في السراء والضراء .
وهذا ما أوضحته يا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصدق القول بحديثك عن غزو الشقيق في كتابكم القيم 50 قصة في 50 عاماً .
وسلامتكم

7 لماذا قد يظهر «دواعش» جدد؟! خليل علي حيدر الجريدة الكويتية

من المشكوك فيه أن يتعظ الكثير من شباب العالم الإسلامي في مختلف دول العالم بما جرى ويجري لفلول وتجمعات تنظيم «داعش» الإرهابي، أو أن يدرس هذا الانهيار المأساوي ما أسموه «دولة الخلافة الإسلامية.. في العراق والشام» أملا ربما في امتداد هذه «الدولة» مع الوقت، من إندونيسيا إلى المغرب والسنغال، وربما كذلك محاولة الامتداد إلى كل زوايا المعمورة!
الكثير من الكتاب رأوا في «داعش» ولا يزالون «صنيعة أميركية» أو «واجهة» شرقية أو غربية، عربية أو إيرانية أو أي شيء آخر، غير أن هؤلاء يبنون تحليلاتهم دائما على القرائن المؤيدة لرأيهم ولا يلتفتون إلى ما يعارض أحكامهم.
لا يهم، فما هو جدير بالتأمل والدرس أن آلاف الشباب رجالا ونساء، القديم الإسلام والإيمان والذي دخل الإسلام للتو، تركوا حياتهم وطموحاتهم الشخصية، إيمانا أو اندفاعا خلف مال وتسهيلات، والتحقوا بالتنظيم، مهما كان يعني ذلك من الحرمان والتعرض للملاحقة والمحاصرة والموت ذات يوم.
هناك بلا ريب أشياء كثيرة غامضة أو غير مفهومة أو حتى مريضة أو موروثة دون تساؤل ونقاش، في ثقافتنا السياسية والدينية، تدفع المجتمعات العربية والإسلامية ثمن استمرارها وستظل. الكثيرون يشيرون مثلا إلى «ما فعله بنا الاستعمار»، ولكن التسلط الاستعماري شمل الكثير من الشعوب الأخرى، دون أن تظهر في صفوفهم مثل هذه التنظيمات المتزمتة والعنيفة والإرهابية. ثم إن ما كان يفعله «داعش» و»القاعدة» كان في معظمه تدمير مدن وقرى ومؤسسات العالم الإسلامي وقتل ناسه وتفجير الكنائس ومساجد الشيعة والسنّة على حد سواء!
لماذا يصدق «المسلم» المهاجر وحده دون غيره في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أن «دولة» تقام في بادية العراق وبراري الشام وقرى وبلدات الفرات مثلا، مؤهلة لأن تحل مشاكل العالم الإسلامي وأن تنهض بدوله ومجتمعاته، بل أن تتصدى فوق ذلك لإسرائيل وأميركا والغرب والشرق؟
لماذا يتحكم النضج العقلي والإدراك السياسي والتوازن الفكري بمعظم شباب العالم في حين يتوالى في الوسط الإسلامي وحده ظهور التنظيمات التكفيرية والجهادية والإرهابية؟ ولماذا يصدق كلامها هذا العدد الكبير من الشباب الإسلاميين داخل العالم الإسلامي نفسه، وفي أميركا وأوروبا وكندا وأستراليا وإفريقيا وآسيا، فيتركون حياتهم ودراستهم ومهنهم المستقبلية… للالتحاق بما يعتبرونه «جهادا»، بل ميلادا جديدا لدولة «الخلافة الحقيقية»؟
ولماذا يرون هذه الخلافة ترتكب أبشع الجرائم وتحز الرؤوس وتسرق الأموال وتستعبد الرجال وتغتصب النساء وتضطهد غير المسلمين بأساليب وتبريرات لا مكان لها في أي مجتمع متحضر… ولا يحرك كل ذلك في أجسادهم شعرة؟!
تسابق شباب المسلمين والإسلاميين في كل مكان للعضوية في الجماعات المتطرفة والإرهابية، أو على الأقل تعاطف الكثيرين مع أفكارها وتحليلاتها لا علاقة له بالضرورة، وكما هو واضح، بما عانوا من «فقر وحرمان»، فهذه من الأكاذيب التي يروجها «الإسلاميون المعتدلون» دفاعا عن مثل هذه الجماعات، والجهاديون الأوروبيون رجالا ونساء من رعايا دول ديمقراطية مرفهة تراعي في قوانينها ومحاكمها وانتخاباتها حقوق الإنسان، فأين هؤلاء مما عايشه الإسلاميون في العالم العربي والإسلامي من ظروف معيشية وسياسية؟
ولم تنجح حتى الآن بين الجماعات الإسلامية نفسها أية دعوة لـ»فهم الإسلام كما ينبغي» أو «معرفة الإسلام الصحيح» أو «المواءمة بين الإسلام والعصر» أو «تجديد الدعوة» أو غير ذلك من دعاوى وطموحات، وأبسط أدلة الإخفاق ما نرى من تعدد وصراعات هذه الجماعات في كل مكان ومختلف المذاهب.
وقد أظهر «الربيع العربي» إفلاس ومغامرة حتى «الجماعات المعتدلة» و»الحركات الأم»، فكادوا أن يشعلوا حربا أهلية في مصر وتونس والأردن ولبنان والدول الخليجية، وأن يفتتوا العالم العربي شذر مذر، ولم تقدم الجماعات الشيعية في إيران والعراق ولبنان نموذجها الذي بشرت به كتابات السيد محمد باقر الصدر أو الثورة الإسلامية أو حزب الله وحزب الدعوة!
ورغم ذلك يظل إغراء الفكر الديني الحزبي، وكل ما يقدمه الإسلام السياسي من سراب جذابا لملايين المسلمين الذين في الحقيقة لا يكترثون بواقع العصر والتوازنات الاستراتيجية وحقائق التقدم والتخلف وتطور تقنيات الحرب والأسلحة. ولم تعد العمليات الانتحارية والتفجيرات واقتحام المشاة على الأرصفة وقتلهم بالسيارات تؤثر في الكثيرين وما تتركه من كراهية للمسلمين في الكثير من دول العالم وحذر شديد منهم!
وصار هذا «العناد الجهادي» والبحث عما هو لا إنساني ومتوحش وواسع الدمار في العمليات الانتحارية، بما في ذلك من نسف للمجالس والسيارات والمطارات، موضع فخر وزهو، وأداة استقطاب عبر الإنترنت لآلاف «الشباب الإسلاميين»، من عرب وباكستانيين وفلبينيين وأفارقة وأوروبيين!
الباحث السعودي فهد بن سليمان الشقيران يرى في توقعات «نهاية داعش» حديث خرافة! علينا ألا ننخدع بكل ما نرى ونسمع، إذ «لم تمض أيام على الاغتباط الدولي بالحديث عن نهاية داعش»، يقول الباحث الشقيران، «إلا وضرب انتحاري بشكل وحشي بالقرب من الجامع الأزهر، استهداف يفتح النقاش على الأحاديث المستعجلة الساذجة حول نهاية هذا التنظيم أو ذاك». من الطبيعي، يضيف الشقيران، «أن تخسر التنظيمات الإرهابية أراضي سيطرت عليها، وذلك من خلال القصف الجوي أو المدد الميداني، ولكن التنظيمات الإرهابية ليست دولا ولا حكومات، وبالتالي حين تطرد من العراق ومناطق شاسعة في الشام فإنها تفر إلى مناطق أخرى تستطيع أن تتمركز فيها وبخاصة المناطق الهشة في الساحل الإفريقي أو أجزاء من شمال إفريقيا أو التغلغل في دول أوروبية تمتلك فيها حاضنة ومأوى مثل بلجيكا»، هكذا كانت «القاعدة» التي اعتبرها الأمين العام لرابطة العام الإسلامي الشيخ د. محمد العيسى أشد خطورة من «داعش»، وإن تكن القاعدة حاليا «في وضع كمون ينتظر ضعف المناعة لينشط من جديد» فـ»الهزيمة الكاملة للتطرف العنيف والتطرف الإرهابي لا تكون إلا من خلال تفكيك أفكاره».
(الشرق الأوسط 21/ 2/ 2019)

ورغم منطقية مطلب التفكيك والدحض الفكري هذا، فإنه لدى التنفيذ بالغ الصعوبة لسببين:
الأول أن الأفكار الرئيسة لـ»القاعدة» و»داعش» باستثناء «الاعتماد المطلق» على العنف والإرهاب، لا تختلف عن الأسس الفكرية لسائر أحزاب وجماعات الإسلام السياسي السنية والشيعية، بل لا ترى هذه الأحزاب «المعتدلة» بأساً في الإرهاب الفكري، وكذلك العنف والقتل عندما تكون موازين القوى لمصلحة الجماعة الإسلامية «المعتدلة»، ونرى هذه الأحزاب تسارع إلى بناء شبكات حزبية وميليشيات سرية فور صعودها وظهور شوكتها، بما يستلزم ذلك من الاستعانة بالنصوص الدينية وتفسيراتها، وقد أشرنا مراراً إلى ما صرح به مفكر إسلامي صديق للإخوان أو للتيار الديني الإسلامي السياسي د. محمد عمارة الذي اعتبر الإرهابيين بمثابة «فصيل الناب والمخلب» للإسلام المعتدل. (ندوة وزارة الأوقاف الكويتية عام 1992) وإن كان د. عمارة قد تراجع عن هذه الآراء بعد أعوام، ربما تحت ضغط قادة الإسلام السياسي العلني»!
أما السبب الثاني لصعوبة تفكيك ودحض أفكار داعش والنصوص التي يوردها في بياناته ومنشوراته وتعليماته فيتعلق بالطبع بمكانة الدين الإسلامي ونصوصه وشرائعه والحماية القانونية التي تتوافر للدين ومقدساته عموماً، في سائر أنحاء العالم الإسلامي، وفي مختلف الأوساط الإسلامية، وهو ما تقوم باستغلاله التنظيمات الإرهابية كما تشاء، وتقدم نفسها لرجال ونساء العالم الإسلامي في أبهى حلة، وأقدرها على كسب تعاطفهم واستقطابهم داخل التنظيم تحت ستار الدين وإقامة دولة الخلافة أو «النظام الإسلامي» أو «الحكومة الإسلامية».
ومن الواضح أن العالم العربي أو الإسلامي، بمؤسساته ومفكريه ورجال الدين عاجزون عن الاستجابة لمثل هذا التحدي أو غير راغبين الخوض فيه أو ممنوعين عن ذلك!
كما أن النصوص قد تفهم على أوجه مختلفة، والإفتاء لا مركز له، والمفكرون عاجزون عن الحركة خوفاً من الحكومات ومن بطش الجمهور. ولا تكتفي «القاعدة» و»داعش» وغيرهما باستغلال النصوص الدينية والاستفادة منها لتبرير توسعها وتسلطها، بل تضيف إلى العناصر الدينية مجموعة من الأفكار الوطنية والنضالية وعداء الغرب والصليبية وإعطاء الشمس والقمر وبقية الكواكب للناس ودغدغة أحلامها، في «خلطة عقائدية» لا يفلح الكثيرون في اكتشاف زيفها وإدراك خطورتها إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن «يجد الشاب» نفسه قتيلاً، أو طريداً محاصراً مريضاً جائعاً زائغ العينين، كالدواعش في بوادي الشام وصحارى العراق اليوم، أو تحت رحمة القنابل وطائرات الأباتشي المرعبة، كما جرى في جبال «تورابورا» بأفغانستان قبل ربع قرن، أو في أماكن أخرى قد تتكرر بعد عقود في تنظيمات لاحقة.
الكل يتحدث عن حتمية «فهم جديد» للدين والنصوص والفتاوى والتشريعات… ولكن لا شيء يتغير ولا أحد يتقدم أو يشير إلى أي فهم جديد… فما الحل؟
8 أربعون سنة من السيف والنار على رؤوس الإيرانيين سيد أحمد غزالي
الشرق الاوسط السعودية

تمرّ هذه الأيام الذكرى الأربعون لإسقاط نظام الشاه وتسلّط إمبراطورية ثانية على إيران هي أشد طغياناً وشراسة. لقد عايشت كلا النظامين في إطار مسؤوليات مارستها على رأس قطاعات وزارية شتّى في النظام البائد، ثم اكتشفت حقيقة الثورة المزعومة إسلامية وممارساتها، ثم كان لي حظّ التعرّف منذ 17 سنة بالمقاومة الإيرانية.
لذلك ارتأيت من واجبي أن أشاطر مع الرأي العالمي، والعربي خاصة، ما علّمني الميدان في كلّ ما يتعلق بجيوستراتيجية الشرق الأوسط، وما هي الوقائع التي تدفعني إلى القول بأن الإشكالية الإيرانية تهمّ ليس الشعب الإيراني فحسب، بل تهمّ مباشرة كل شعوب المنطقة العربية والإسلامية، وأن الديكتاتورية الثيوقراطية تمسّ الأمن والاستقرار لا في الشرق الأوسط، كما نشاهده في العراق وسوريا واليمن فحسب، بل وفي المنطقة العربية الإسلامية برمتها. ويجب ألا ننسى أن مفهوم زرع الثورة الإسلامية مرسوم ومخطّط في دستور ولاية الفقيه ذاته.
لقد كنت على تواصل وتعاطٍ مع ثلاثة أنواع من إيران:
أما إيران في الماضي فكانت «إيران الحضارة الكبرى»، وأما إيران الحالية فهي التي يقاسي منها الشعب منذ 40 سنة وهي التي تسيطر بالسيف والنار على أربع عواصم عربية، وهي التي على وشك السقوط.
وأما إيران في المستقبل إيران المقاومة والشعب فهي التي في طور التكوين.
في عهد الشاه كانت العلاقات السياسية بين الجزائر وإيران محدودة ما عدا في إطار ميدان الطاقة بعد انضمام الجزائر عام 1969 إلى (أوبك OPEC) وتمثّلت بنوع من التنسيق بيننا في هذا الإطار. وبصفتي رئيس الشركة الوطنية «سوناطراك» آنذاك قمت بزيارة إيران في سبتمبر (أيلول) 1968 ضيفاً على رئيس شركة النفط الإيرانية منوتشهر إقبال. ولمستُ أثناء زيارتنا عدم رضى الشعب الإيراني عن الوضع السياسي، وهذا ما أسرّه لي حتى بعض المرافقين لوفدنا. وقام منوتشهر إقبال بزيارة الجزائر في العام 1969 رداً على زيارتنا لطهران، وأصبحت العلاقة بعد ذلك بين الوزارتين في كل من البلدين قوية.
ورأيت الشاه لأول مرة في قمة OPEC الاستثنائية التي عُقدت في الجزائر في مارس 1975 وحضرتها كعضو الوفد الجزائري. وفي اجتماع خاص لرؤساء الوفود تحدّث رئيس كل وفد عن وضع بلده. فالشاه أخذ يتكلم عن إيران وعن إنجازات حكمه في جميع الميادين، وذهب إلى حد قوله بأن «إيران ستصبح في العام 1980 القوة الصناعية والعسكرية الرابعة أو الثالثة في العالم» وهذا ما سمعته حرفياً وكل الحاضرين، وهذا ما دفعني إلى الشعور كيف ينسى حكام الأنظمة الأحادية مشيئة الله.
لا جرم أن نظام طهران الحالي لا يحلم إلا بما كان يحلم به الشاه بالأمس! طبيعة وسنة الطغاة بعضهم مثل بعض. هكذا فأي نظام ديكتاتوري يحكم بالحديد والنار وبالإعدام والتعذيب يكذّب نفسه أيضاً.
وعلى هامش هذا المؤتمر تم الاتفاق بين إيران والعراق بتوسط بومدين وحلّ الخلافات من خلال «اتفاقية الجزائر».
ونفس السنة وقع حادث هجوم كارلوس وفريقه على اجتماع وزراء النفط في فيينا، بما فيهم جمشيد آموزكار الوزير الإيراني وزكي يماني السعودي، إلا أنه تم الإفراج عنهما بفضل حكمة التوسط الجزائري.
بعد أحداث الثورة الشعبية في إيران وسقوط نظام الشاه ومجيء النظام الجديد بادرنا إلى مباركة الثورة، وكنّا ننظر إلى إيران الثورة على أنها ستكون سنداً للمسلمين ولدول العالم الثالث ودول عدم الانحياز.
واستناداً إلى هذا الموقف قدّمت الجزائر خدمات كثيرة لإيران ما بعد الثورة، كان أولها التوسط بينها وبين الولايات المتحدة في «قصة الدبلوماسيين الأميركيين» الذين تم أخذهم رهائن في خريف العام 1979. واستطاع النظام الإيراني الخروج من هذه الورطة الكبيرة التي أوقع نفسه فيها. وقبلنا بنفس روحية التضامن القيام بتمثيل مصالح إيران لدى الولايات المتحدة.
وبعد اندلاع الحرب الإيرانية – العراقية آثرت الجزائر اتخاذ موقف عدم الانحياز لصالح أي من الطرفين. فوضعنا ثقلنا في خانة التوسط لإنهاء هذه الحرب من خلال اتصالات مباشرة مع إيران والعراق. ولقد كلّفتنا تلك الخدمات تضحيات جسيمة.
وبعد ذلك سبق لي كوزير للخارجية الجزائرية أن ألتقي بزميلي الإيراني آنذاك علي ولايتي وقد زرت إيران، وجلست مع خامنئي ورفسنجاني وولايتي وغيرهم، ورافقت الرئيس شاذلي بن جديد في زيارة تمت آخر عام 1990.
حتى جاءت أحداث نهايات العقد الثامن من القرن الماضي، ونشاطات الجماعات الإسلامية وتحوّلها إلى موجة عنيفة من العمليات الإرهابية التي عصفت بالجزائر، وحصدت أرواح عشرات الآلاف من أبناء وطننا. وهنا اكتشفنا أن النظام الإيراني كان إلى جانب هذه الجماعات ضد الجزائر حكومة وشعباً بكل ما لديه من قوة، وكان يؤيدها على مختلف الأصعدة سياسيا وإعلامياً ويدعمها مالياً.
وفي رئاسة الراحل محمد بوضياف وبعد أن انكشف تورّط النظام الإيراني في دعم الإرهاب، واتّضحت مواقفه العدائية ضد الدولة وتنكّره لمواقفنا الإيجابية تجاهه عبر تأييده ودعمه للمجموعات الإرهابية، وفي الوقت الذي كنت رئيس الحكومة أمر الرئيس بوضياف بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
غني عن الذكر أن مواقف النظام الإيراني هذه أثارت استغرابنا الشديد، نظراً لكل ما قدّمناه له من خدمات، وما ردّه لنا من نكران للجميل. وإذا كانت هذه التجربة تشير إلى شيء، فليس أوضح من أن هذا النظام الذي لا يهمّه إلا التوسّع عن طريق التدخل في شؤون الدول الأخرى، لا يعبأ بفعل أبشع الجرائم سعياً وراء تحقيق أهدافه.
إنه من طبيعة النظام الأحادي ألا يتردد أبدا في اللجوء إلى الاغتيال والإرهاب ضد كل من يراه عقبة في طريق نشاطه. كما يقوم بتسريب عملاء داخل مجموعات المعارضة بهدف تنفيذ العمليات الإرهابية مثل ما حدث في فرنسا العام الماضي. هذا النظام نفّذ أكثر من أربعمائة وخمسين عملية إرهابية في مختلف الدول وعلى نطاق واسع استهدفت رموز المعارضة الإيرانية في الخارج، وذلك سواء مباشرة أو من خلال الدسّ في شبكات إرهابية أخرى.
وأما إيران الثالثة فهي إيران التي تعرضها المقاومة الإيرانية وتتبلور في البرامج التي قدمتها السيدة رجوي، إيران حرة مسالمة ومتقدمة وديمقراطية. والمهم هو أن «مجاهدين خلق» لديهم تجربة عملية في هذا المجال وهو ما عملوه في مدينة أشرف في العراق. وفي الوقت الحالي هناك أشرف جديد في ألبانيا بنوه بأيديهم ليكون نموذجاً من العلاقات الإنسانية لإيران المستقبل بعد ذهاب الملالي.
وساندت خلال السنوات الست عشرة الماضية المقاومة الإيرانية ولقناعتي اعتبرت قضيتهم قضيتي، حيث أعتبرهم روّاد مهمّة صعبة في العالمين العربي والإسلامي، وهي وقاية الشعوب العربية والإسلامية من التطرف الديني والفاشية تحت ستار الإسلام، ستار هو مضادّ إطلاقاً لقيمنا الإسلامية العليا.
9 لامكان لتخزين عناصر «داعش»
مشرق عباس صحيفة الحياة السعودية

لايمكن حل التعقيد الذي تركه تنظيم «داعش» في المنطقة بتسويات سياسية، كما لايمكن حله بنقل عناصر التنظيم الى بلدانهم او الى بلدان مضيفة، وليس ثمة سبيل واضح لمحاكمتهم في بلدانهم الأصلية، ولا يجب العفو عنهم والتعامل بليونة مع ارتكاباتهم الجسيمة، وايضا لن يتمكن العراق من محاكمة مقاتلين لم يرتكبوا جرائم واضحة على ارضه، ولن تفعل سورية ذلك، ولن ينجح الجميع في التعاطي مع مشكلة عائلات التنظيم، ولا مع الأدلة الفعلية التي تدين المتهمين منهم قانونا في ظل تفاوت على مستوى البيئة القانونية والأحكام بين دولة واخرى.
الأزمة التي تتشكل على الحدود العراقية السورية، على خلفية الاتفاقات والتسويات الروسية والاميركية الاخيرة مع عناصر التنظيم للاستسلام، لاتشبه سواها، فالمقاتلون لاينتمون الى بلد محدد، والجرائم تمتد الى مساحة الكوكب، والاعتبارات الانسانية والقانونية تقف حائلاً امام رغبة الكثيرين بتصفية سريعة لهذا الملف، فيما ان التعاطي الدولي مع النظام في سورية يشكل عقبة اخرى.
من الطبيعي ان تحاول الدول المتورطة بعائدية عناصر من تنظيم «داعش» اليها وبالضرورة عائلاتهم وابنائهم حتى اؤلئك المولودين في العراق وسورية، إلقاء اللوم ومن ثم التبعات على الدول المتضررة، ومن ذلك اقتراح تحويل العراق الى «مخزن مؤقت» لعناصر التنظيم، كحل مثالي يدفع الازمة الى الامام من دون ان يتكفل بحلها.
وبالاضافة الى ان العراق لايمكنه تحمل تبعات هذا الحل، فانه مطالب في الاساس بايجاد حلول لاتقل تعقيداً لمئات الالاف من عناصر التنظيم وعائلاتهم المتكدسين في السجون او في معسكرات العزل، والذين يتحولون الى مايشبه القنابل الموقوتة الصالحة للتفجير.
ولهذا لايمكن للحكومة العراقية أن تقبل بهذا الخيار، وعليها تحمل الضغوط التي تمارس في هذه الاثناء لتسوية الازمة السورية بهذه الطريقة، وان تصر على منع الاحتفاظ بأي من عناصر التنظيم الاجانب الذين يتمتعون بحماية صفقات وتسويات الحدود الاخيرة، لكنها مطالبة باستقدام العناصر العراقيين ومحاكمتهم وايجاد حل دائم في اليات التعاطي مع عائلاتهم.
ومع ذلك فان نقل عناصر تنظيم «داعش» الاجانب الى بلدانهم، على غرار صفقة نقل المئات من «الشيشانيين» من سورية الى العراق ومن ثم الى الشيشان، وعودة جنسيات اخرى الى تركيا ودول الجوار، وبعض الدول الاوربية، تمثل خطراً حقيقياً على أمن العراق المستقبلي وعلى المنطقة والعالم، في حال اختارت هذه الدول عدم محاكمة مواطنيها، او التعامل معهم باجراءات مخففة، او حتى معاملتهم معاملة الابطال كما حصل فعلياً في بعض الحالات.
ومن دون ادلة واضحة، ولا رؤية قانونية موحدة لتصفية تركة «داعش» فان النقل واعادة التوطين بشكل غير منضبط سيعني منح ملاذات آمنة لمجموعات من أخطر الارهابيين، وأكثرهم تشدداً، بما يسمح بعودتهم مرة أخرى الى العراق أو المنطقة لاستكمال نظرية دولة الخلافة.
التفكير بمحكمة دولية لهذا الغرض يعيقه عمليا، أن تشكيل المحاكم المشابهة مهمة في غاية التعقيد، فيما ان غياب الادلة والبراهين المطلوبة سيقف حائلاً امام العدالة، كما ان المحكمة الدولية لا تمثل حلاً لعائلات التنظيم التي تشكل هوياتها واثبات نسبها مشاكل اضافية.
الاقرب ان تتشكل برعاية اممية منظومة تعاون وتبادل معلومات ومشاركة في المحاكمات ونظام استثنائي لتبادل المتهمين بين كل الدول المعنية بالموضوع، سواء دول المتورطين وهؤلاء قد لايكونون مقاتلين بالضرورة وانما ممولين ومساعدين، او الدول المتضررة من عملياتهم، وان يضمن هذا الحل نقل كل عناصر التنظيم وعائلاتهم الى دولهم، على ان يكونوا في نطاق نظام العدالة الموحد المذكور وتحت سلطته.
لقد كان غياب التعاون، والتغاضي الدولي عن رحلات الهجرة التي تواصلت بين 2014 و2017 الى «دولة البغدادي» في العراق وسورية ودول اخرى، سبباً مباشراً في الازمة الحالية، ولن يكون التغاضي او رفض المشاركة اليوم في حل المشكلة الا سببا مباشراً في أزمة اخرى غداً.
10 أطفال الدواعش .. إلى أين المصير؟!
فوزي رمضان
صحيفة الوطن العمانية
(هذا جناه أبي عليَّ… وما جنيت على أحد)، ما قاله أبو العلاء المعري يلخص معضلة إنسانية تواجه العالم، أطفال لم يتخطوا الست سنوات من أعمارهم، لا ذنب لهم ولا جريرة سوى أنهم أبناء متشددين أجانب انضموا كمقاتلين في تنظيم “داعش” الإرهابي، هؤلاء الأطفال شوكة في حلق الجميع، الدول جميعها في موقف صعب، ما بين دمجهم وإعادة تأهيلهم، وبين التشكك فيهم ومراقبتهم خوفا من نشر فيروس التطرف في مجتمعات تحارب الإرهاب بشق الأنفس.
بعد الضربات الموجعة التي تلقاها مقاتلو التنظيم ومحاصرتهم واستسلامهم للسلطات المحلية في العراق وسوريا، وبعد وهم الخلافة إلى حيث مخيمات الإيواء في الموصل والرقة، انزوت زوجات الدواعش مع أطفالهن في انتظار المصير المجهول، رغم المعاملة الحسنة من قبل السلطات، إلا أنهم منبوذون ومعزولون، ويعاملون بقسوة واشمئزاز من قبل سكان المخيمات.
مأساة إنسانية تعادل الدمار والخراب اللذين خلفهما الدواعش في بلاد العراق وسوريا، هؤلاء المقاتلون كانوا يتزوجون من نساء المناطق التي يستولون عليها بعقود زواج غالبا ما تغفل الاسم الحقيقي للزوج، مكتفية باسم الشهرة المستعار، فلا يعلم له نسب ولا اسم، هؤلاء المتشددون إما قتلوا أو هاجروا، وقد تركوا خلفهم أطفالا مجهولي الهوية يواجهون مع أمهاتهم مصيرا مجهولا. والمصير الأعوج نفسه تواجهه النساء اللاتي أجبرن على الزواج من مقاتلي “داعش” ومعظمهم أجانب ممن تزوجوا ثلاث وأربع نساء، ومع فقدان ملاذاتهم الآمنة فروا هاربين وتركوا أطفالهم بلا هوية ولا نسب سوى أسماء وهمية في سجلات التنظيم.
تشير منظمة إنقاذ الطفل الدولية إلى وجود 2500 طفل من 30 دولة يعيشون في ثلاثة مخيمات للنازحين شمال شرق سوريا؛ 38 منهم مجهولو الهوية وبدون وثائق رسمية، يفتقدون إلى أسماء آبائهم الحقيقية، ما يعد معضلة كبرى أمام تسوية أوضاعهم، أو إعادتهم لبلدانهم الأصلية.
الجانب الإنساني دفع معظم الدول لحل مشكلة هؤلاء الأطفال خشية تركهم في سوريا، فيصبحون متشددين أيضا في نهاية المطاف، لذا اتجهت فرنسا وألمانيا إلى استعادة الأطفال ممن يحملون جنسية بلادهم، لكن تترك أمهاتهم لتحاكمهن السلطات المحلية، وهذا الحل يشكل معضلة إنسانية أخرى، فعودة الأطفال دون ذويهم يشكل عبئا نفسيا قاسيا عليهم وعلى أمهاتهم.
الحكومات الغربية وإن كانت مستعدة لاستقبال مواطنيها الدواعش وتقديمهم للمحاكمات بسبب انتمائهم إلى منظمات إرهابية، إلا أن برلماناتها سنت قوانين رادعة تمنع دخول المتطرفين الإسلاميين لدولهم، وقررت جميعها سحب الجنسية من أي متجنس حديثا ويحمل جنسية أخرى، وقامت بريطانيا بالفعل بسحب الجنسية من حوالي 100 من المقاتلين المتطرفين داخل الأراضي السورية ممن يحملون جنسية مزدوجة. ومؤخرا سحبت الجنسية من البنجالية ساميما بيجوم، البالغة 19 عاما والتي انضمت إلى التنظيم عام 2015 وأنجبت حاليا طفلها الثالث. ساميما مثال صارخ على حجم المأساة، فقد أسقطت عنها جنسيتها البريطانية ورفضت داكا دخولها بنجلاديش (موطنها الأصلي)، وأسقطت عنها الجنسية البنجالية، فأين تذهب هي وأطفالها؟ وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد أكد أنه لن يتردد مطلقا في توقيف وسحب الجنسية المزدوجة من أي شخص انضم للتنظيمات الإرهابية في الخارج، واعتباره غير مرغوب فيه.
وفي إطار إنسانية الدول وإعادة القُصَّر إلى أوطانهم، سعت روسيا لاستعادة 27 طفلا من العراق، وبلجيكا 22 طفلا، واستعادت تونس 44 طفلا تونسيا من ليبيا، كذلك استعادت مصر عن طريق الصليب الأحمر 12 طفلا مصريا فقدوا آباءهم الدواعش المصريين في ليبيا، وتم استعادتهم بدون ذويهم من مدينة مصراتة إلى القاهرة.
من حال أطفال المخيمات، إلى مأساة أطفال السجون، تتفاقم المعاناة؛ فمعظم العائلات استسلمت مع أزواجها أثناء معارك الموصل، وقد احتجزت السلطات العراقية نحو 833 طفلا، مع ما يزيد عن 500 امرأة من 14 جنسية أجنبية في سجونها، في انتظار محاكمتهم بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي. كم تتفاقم أيضا أزمة أطفال الشوارع من أبناء المتشددين الأجانب من غير المدانين، هؤلاء الأطفال يتعرضون للعنف والإيذاء والاستغلال والإصابة وحتى القتل، وهذا الوضع السيئ يجردهم من حقوقهم الإنسانية، ويعرضهم لعواقب جسدية ونفسية قاسية.
وما بين التعاطف من البعض، والتشفي من جانب البعض الآخر، يتأرجح مؤشر الإنسانية في كل الدول، من حيث إنقاذ أطفال المفترض فيهم البراءة، وبين المحاكمات الرادعة لذويهم، لكن من شب في بيئة الدم والقتل والنحر والدمار، في حاجة إلى سنوات من التأهيل النفسي، لكن سيظلون في نظر المحيطين بهم أنهم أبناء إرهابيي “داعش”؛ التنظيم الذي يستحضر ذكره كل الألم والقتل والخراب. وسيظل العار موصوما بهم يلاحقهم حيثما وجدوا (هذا ما جناه أبي).