10 مقالات عن العراق في الصحف العربية والبريطانية يوم الثلاثاء

1 أين يصطف ساسة العراق الحاليين في الصراع بين الولايات المتحدة وايران؟ د. سعد ناجي جواد
راي اليوم بريطانيا

مازال التنابز مستمرا بين السياسيين الإيرانيين والأميركان حول من يجب ان يحترم إرادة من، وهذا تعبير مخفف عن الهدف الحقيقي الذي يقول من يستطع ان يكسر إرادة من ويخضعه. كما ان الدلائل لازالت تشير الى ان الطرفين مازالا يعملان على جعل العراق ساحة صراعهما وبدماء عراقية. وهذه حقيقة مؤلمة . والاكثر إيلاما هو استعداد احزاب و (سياسيين عراقيين) يُبدُون اندفاعا كبيرا للعب هذا الدور. فالأصوات التي تعالت من الاحزاب والنواب والسياسيين المؤيدين و التابعين لإيران تعطي الانطباع بأنهم سيذهبون الى آخر الشوط من اجل منع العراق من الالتزام بالعقوبات الامريكية الجديدة المفروضة على ايران، (بالمناسبة فان غالبيتهم العظمى وأحزابهم كانت تؤيد العقوبات اللا إنسانية والإجرامية التي فرضت على العراق للفترة من ١٩٩٠ وحتى ٢٠٠٣، وهي عقوبات لا يمكن ان تقارن بالعقوبات التي تفرض على ايران اليوم). لا بل وصل الامر ببعضهمم للتصريح بأنهم على استعداد للقتال الى جانب ايران في اية مواجهة قادمة، والاكثر من ذلك فانهم يتحدثون اعداد مسودة قرار في البرلمان يطالب القوات الامريكية بمغادرة العراق، او كما يغلفه البعض بانه قرار يطالب كل القوات الأجنبية بمغادرة العراق. وياليتهم كانوا صادقين فيما يقولون، فان العراقيين جمعيا سيدعمون هذا التوجه، والعبد الفقير لله كاتب السطور سيكون أولهم. ولكن مع الاسف هم لا يقولون الحقيقة، وان اقل ما يمكن ان يقال عن أجندتهم بانها غير عراقية. علما بان الولايات المتحدة هي الاخرى تمتلك من المؤيدين لبقائها في العراق ما يجعلها تشعر بالاطمئنان على نفوذها هناك.
وما يثير المخاوف اكثر من احتمال دموية هذه المواجهة بايدي ودماء عراقية هو ما يحدث الان بين فصائل الحشد الشعبي وتصفيات لتنظيمات داخله غير موالية لإيران.
عودة الى عنوان المقالة فان كل متابع للمشهد العراقي لا بد وان يثير الملاحظات التالية:
اولا لماذا يصر السيد رئيس الوزراء العراقي على القول ان لا وجود لقواعد أمريكية في العراق، في الوقت الذي قال فيه السيد ترامب ان قاعدة واحدة على الأقل، عين الأسد، هي قاعدة أمريكية وان الولايات المتحدة لن تتركها بعد ان صرفت عليها المليارات!!! (بالمناسبة القاعدة بناها العراق وأنجزها في عام ١٩٨٧، وكانت تعرف بقاعدة القادسية.) وقبلها صرح ان الجنود الأميركان المنسحبين من سوريا سيذهبون الى (قواعدنا في كردستان العراق). و لم يعد امر القواعد الامريكية في الاقليم وفِي مناطق اخرى من العراق سرا، بل مسألة يتحدث بها القاصي والداني. ربما يعتقد السيد عبدالمهدي ان إنكاره هذا سٓيُحٓسِن من صورته بين العراقيين، وهذا امر مستبعد لان الغالبية العظمى من العراقيين يطالبونه بامور اخرى تمس حياتهم اليومية من خدمات، ماء وكهرباء وحصة تموينية ودفع اجور متاخرة ومحاربة الفساد. التفسير الأكثر قربا للواقع ان عبد المهدي لا يستطيع، واصلا لا يريد انهاء الوجود الامريكي في العراق، ولكنه يدلي بهذه التصريحات التي هي بالمناسبة تدغدغ مشاعر حكام ايران ايضا، التي يٓخاف من ردة فعل مواليها الذين يتواجدون حوله.
ثانيا ماذا قصد احد المسؤولين العراقيين بإعلانه انه تحدث مع مسؤول أمريكي كبير وقال له ان تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة وايران يدلل على ان الطرفين بالنتيجة يتفاوضان وينهيان خلافاتهما باتفاق سلمي، وتطمين المسؤول الامريكي له ان الامر يختلف هذه المرة!!!! (علما بان هناك دلائل تشير الى وجود اتصالات غير مباشرة، او مباشرة على مستوى منخفض، بين الطرفين قد ينتج عنها اتفاق جديد، وحل للخلافات وسكوت عن بعض امتدادات ايران، خاصة تلك التي لا تهدد اسرائيل). ان هذا الحديث لابد وان يدلل على حيرة عدد غير قليل من السياسين العراقيين الذين لا يستطيعون ان يعلنوا إصطفافهم مع امريكا خشية ان يُترٓكوا تحت رحمة ايران اذا ما تم التوصل الى اتفاق. واذا ما صحت الأخبار عن هذه اللقاءات الايرانية الامريكية، فان ذلك لا بد ان يعيد الى الاذهان السؤال الأهم وهو هل ان الولايات المتحدة جادة في انهاء النفوذ الايراني في العراق؟ عند الحديث عن مخاطر نفوذ ايران في المنطقة قال السيد ترامب انها ( تريد إبادة اليهود)، بكلمة اخرى ان التوصل الى اتفاق مع ايران ممكن اذا أعطت تطمينات بانها لن تشكل تهديدا لإسرائيل. ايران اليوم تشعر بانها أقوى من ان تعطي مثل هكذا تعهدات، وان الطرف الاخر هو من يجب ان يعطي تعهدات لإيران بعدم العمل على إسقاط النظام واحترام اي اتفاق يُوٓقٓع ورفع العقوبات. وهكذا فان الخلاف بين الطرفين ليس له علاقة بمستقبل العراق او واقعه، وانما خلاف بين مصالح تهم ايران واميركا واسرائيل. فهل يستوعب الموالين والمندفعين في موالاتهم لاي طرف غير العراق هذه الحقيقة؟
ثالثا لماذا يعمل السيد ترامب على تمديد المُهلة او موعد التزام العراق بالعقوبات على ايران في كل مرة يحصل فيها على عدد جديد من العقود الكبيرة من بغداد، كان اخرها ما وقعه وزير الاقتصاد الامريكي والوفد المرافق له الى بغداد؟ (بعدها مددت المدة تسعين يوما اخر)، هل لان ترامب يعلم بان تشديد الحصار على ايران من العراق أمرا شبه مستحيل و يحتاج الى قوات إضافية هو ليس مستعد لارسالها، وانه حقيقة يريد ابتزاز العراق اقتصاديا ونفطيا و عقودا كبيرة، كما ذكرت مجلة الإيكونومست اللندنية في عدده الصادر في ١٢ كانون الثاني/يناير الماضي. وهو ما يفعله ايضا مع دول الخليج العربي.
رابعا لماذا تدعي كل من ايران والولايات المتحدة ان نتائج الانتخابات العراقية الاخيرة كان لصحالح طرف منهما فقط وليست لصالح الجانب الاخر؟ هل ان ذلك بسبب ان الرؤوس التي تبوأت المناصب الثلاثة الاولى استطاعت ان تطمئن الطرفين، كل على حدة، بأنهم موالون لهما وسيسعون لخدمة مصالحهما. واكثر من فرح بذلك هم الايرانيون. ولكن كل الدلائل تشير الى ان مع كل ما تبديه الرئاسات الثلاثة من ود لإيران، الا ان ولائهم الاكيد هو للولايات المتحدة. وهذه الازدواجية الظاهرة ليست حكرا على الرئاسات الثلاثة، وانما يشترك فيها عدد غير قليل من سياسي عراق اليوم، الذين ينتظر اغلبهم لمن ستكون الغلبة لكي يصطف معه.
خامسا لماذا اكتشفت الولايات المتحدة على حين غرة ان المليشيات الموالية لإيران متسلطة على رقاب العراقيين؟ وهي كانت كذلك منذ بداية الاحتلال، ومع وجود القوات الامريكية ومن تحالف معها. وان الجيش العراقي يجري تهميشه وإضعافه، وهي أساسا من خططت لذلك بعد الاحتلال؟ وإذا كانت الولايات المتحدة صادقة في ذلك فلماذا عملت على تدمير الجيش العراقي السابق، ثم تهميش تشكيله الجديد؟ تقول بعض الإحصائيات ان إدارة الاحتلال والحكومات التي تبعتها انفقت اكثر من ٥٧ مليار دولارا على الجيش الجديد لحد عام ٢٠١٤، وهذا مبلغ هائل لم تنفقه اي من الحكومات العراقية المتعاقبة حتى عام ٢٠٠٣، ومع ذلك نجحت الحكومات الوطنية آنذاك ان تبني جيشا يشار له بالبنان، واستطاع ان يُفشِل كل محاولة لاختراق أرض العراق. ثم ماذا كانت النتيجة بعد كل هذا الإنفاق؟ لقد هُزِمٓ هذا الجيش خلال ساعات قليلة امام عصابات داعش، تاركا وراءه كل المعسكرات والمعدات الثقيلة والخفيفة، لا بل ان قادته تَرَكُوا وراءهم حتى بزتهم العسكرية، ولم يحاسبهم احد.،والسؤال هو لماذا استطاع الجيش بقدراته الذاتية وبالسلاح الروسي ان يحمي حدود و أمن البلاد قبل ٢٠٠٣، وفشل وهو يعتمد على السلاح والتدريب الامريكي؟ هل هي مصادفة؟ ام انه امر مقصود؟ والامر يحتاج الى تدقيق اكبر خاصة عندما يقول باحث مهم في الشؤون العسكرية، كين بولاك، في مجلة فورن بوليسي الامريكية، الصادرة في ٢٠١٩/١/٣١ ان الولايات المتحدة انفقت مليارات الدولارات على مدار عقود طويلة ماضية في تدريب جيوش عربية فاشلة. علما بان عملية تهميش الجيش، خاصة بعد نجاحه في طرد تنظيم داعش الإرهابي من المدن العراقية، بدات مرة ثانية وعلى مراى و مسمع من الادارة الامريكية، وهي لا تفعل شيئا، وخاصة في مجال تزويد هذا الجيش بما يحتاجه من أسلحة ومعدات لكي يكون أقوى من التنظيمات غير الرسمية التي تملا العراق.
سادسا لماذا تصر ايران و حلفائها في الداخل على القول ان وجودها ثابت ودائم في العراق ولن يتزعزع؟ هل لانها حقيقة تمتلك مثل هذا النفوذ، وهل لقاء وزير الخارجية الايراني مع من قيل انهم روؤساء عشائر في الجنوب كان لإعطاء هذا الانطباع؟ ولا ادري كيف يمكن بروتوكوليا ان يتم مثل اللقاء، وكيف سمحت به الخارجية العراقية. وكل العراقيون يعرفون حقيقة موقف العشائر العراقية العربية الرافض للنفوذ الايراني المتزايد.
ختاما فان كل الدلائل تشير الى ان البرلمان العراقي سوف لن ينجح في تمرير قانون يطالب القوات الامريكية بالخروج من العراق، ولأسباب عديدة أهمها ان هناك اطرافا في البرلمان والحكومة لا تحبذ خروج القوات الامريكية، وانها تمتلك القدرة على كسر نصاب اية جلسة يُطرٓح فيها مثل هذا المشروع للتصويت. وفِي هذه الحالة فانه سوف لن يبقى لإيران ومواليها سوى اللجوء لأساليب تقلق وجود القوات الامريكية، وبالتاكيد فان الاخيرة سوف لن تسكت على ذلك، ولهذا فان من يتخوف مما سيحدث في العراق في قابل الأيام يبني موقفه على احتمالية حدوث مثل هذه المواجهة في العراق وبدماء ابناءه.
2 لماذا استغرق النصر 4 سنوات ونصف لتحرير شمالي العراق وشرقي سوريا
صحيفة التايمز البريطانية
إن “تحرير أوروبا الغربية من النازيين استغرق 336 يوماً، إلا أن تحرير شمالي العراق وشرقي سوريا استغرق 1658 يوماً أي 4 سنوات ونصف ولم ينته بعد”.
أن الحرب على تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص أغلبهم من السوريين والعراقيين، مشيراً إلى أن القوات العراقية العسكرية تقول إنها خسرت نحو 30 ألف جندي منذ تصديه للتنظيم في عام 2014.
أما في سوريا فليس هناك أي إحصاءات عن عدد القتلى ومن بينهم القوات الكردية التي تقاتل إلى جانب الغرب ضد تنظيم الدولة، بحسب كاتب المقال.
أن عدد القتلى يتراوح بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف على الأقل في المنطقة، مضيفاً أن هناك أيضاً الآلاف من الأشخاص الذين قتلوا في صفوف القوات السورية وتلك الموالية لهم، أما بالنسبة للخسائر في الأرواح لدى تنظيم الدولة فتتراوح بين خمسين ألف قتيل إلى 85 ألف قتيل.
إن مسلحي تنظيم الدولة يتمتعون بقدر كبير من الكفاءة كما أنهم على استعداد على ارتكاب الكثير من الفظائع من أجل التنظيم.
أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة استخدم جنوداً محليين لقتال تنظيم الدولة في سوريا والعراق عوضاً عن جنودها، إلا أن القتال أثبت أن طبيعة الحرب اختلفت.
أن الأمر يبدو أفضل، فرغم ما يقوم به سلاحا الجو في بريطانيا والولايات المتحدة من قصف لسحق مدن كالرقة كما حدث في ألمانيا، إلا أنه لن يكون هناك درسدن التي ٌقتل فيها نحو 20 ألف شخص خلال ليلة واحدة من القصف، لأن قواعد الحرب القديمة لم تعد مناسبة لتطبق على تنظيم الدولة بل إنها تغيرت لتصبح “قواعد الاشتباك المعقدة”
3 مثلث السعادة والسيادة الأردن وسوريا والعراق احمد محمود سعيد
راي اليوم بريطانيا
لا شكّ ان السعادة هي حلم كل الشعوب ومطلب مختلف الأمم وبالنسبة للدول الثلاث الأردن وسوريا والعراق هي دول مؤسِسة لجامعة الدول العربيّة ومساحة هذه الدول الثلاث تزيد عن سبعمائة الف كيلومتر مربّع تشكِّل اكثر من 5% من مساحة الوطن العربي وعدد سكانها يزيد عن ستة وسبعون مليون نسمة تشكِّل اكثر من 20% من عدد سكان الوطن العربي .
كما ان السيادة هي مطلب كل الحكومات والحكّام و تعتبر من كرامتهم .
لاشكّ ان السنين الماضية كانت حبلى بظروف وتحديات وتغييرات في بلدين عزيزين وغاليين على الأردن وهما الجارين والشقيقين له سوريا والعراق وقد كان هناك اتحاد عربي وهاشمي بين الأردن والعراق (14شباط 1958 بين المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية وحتى 14 تموز1958 ) وثم مجلس التعاون العربي (هو حلف عربي تم تأسيسه في العاصمة العراقية بغداد في 16 شباط 1989 وحتى 2 آب 1992 وضم المملكة الأردنية الهاشمية وكلا من الجمهوريّات العراقية بعد حرب الخليج الأولى والمصريّة بعد عودتها للجامعة العربية واليمنيّة وكانت العضويّة مفتوحة للغير فيه ) .
واما المملكة السوريّة التي حكمها الملك فيصل الأول (ملكا لسوريا من آذار 1920 الى تموز 1920 وثم ملكا للعراق من 1921 الى 1933 ) .
وبعد ان استقر الحكم لحزبي البعث في كل من سوريا والعراق منذ ستينات القرن الماضي وبالرغم مما شهدته السنين اللاحقة فقد شهد العراق هجمة قويّة قادتها امريكا على رأس حلف دولي وعملت امريكا على تدمير نظام الحكم والقوّة العراقيّة المسلّحة والمتقدِّمة تكنولوجيّا والنهضة العلميّة والتراث والحضارة وسلبت النفط العراقي واذكت النزعة الطائفية بين الشيعة والسنّة والأكراد وقتلت وشرّدت الملايين من العراقيّين وما زالت تعبث به حتى الآن
وأما في سوريا وبعد ان بدأت عهدا من الإنفتاح مع بداية القرن الحالي واوشكت على تحقيق الإكتفاء الذاتي والتقدُّم الصناعي والعلمي فقد ورّطت امريكا سوريا فيما سُمي الربيع العربي منذ عام 2011 وتطوّرت الأمور وتسببت في قتل مئات الألوف وتشريد الملايين من المواطنين وتحويلهم الى لاجئين في دول مختلفة وخصوصا دول الجوار وتطوّر الوضع في سوريا الى التدخُّل الأجنبي من روسيا وامريكا وإيران وتركيا وما زال الوضع غير مستقر في اجزاء صغيرة من المناطق السوريّة وخاصّة المناطق الحدودية الشمالية والشمالية الشرقيّة منها حتّى الأن .
وكان الموقف الأردني الذي له حدود هامّة مع كلِّ من العراق وسوريا موقفا عقلانيا حيث يدعوا الى الحل السياسي الذي يحافظ على وحدة التراب العراقي ووحدة التراب السوري لضمان الإستقرار في البلدين الشقيقين والمجاورين بهدف إعادة الشريانين الأقتصاديّين الأردنيين وتسهيل الصادرات والمستوردات الأردنية الى البلدين والى الدول الأوروبية الأحرى .
وقد بدأت الإجراءات الأردنية العراقية لعودة النشاط الإقتصادي بين البلدين منذ عدّة سنوات بين الشد احيانا والتراخي احيانا اخرى ولكن شهدت الفترة الأخيرة زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين وكذلك العديد من الوفود الوزاريّة والتنفيذيّة من كلا البلدين لإعادة احياء مشاريع وبرامج تم إعتمادها مسبقا وخاصّة بعد ان تم فتح المعابر المشتركة بين البلدين وضمان الناحية الأمنية للمناطق الحدوديّة والطرق البريّة.
وعلى الحدود السوريّة وبعد ان هدأت الناحية الأمنيّة في معظم المناطق داخل سوريا واستعادت الحكومة السوريّة سلطتها على معظم المناطق وهي بصدد فرض سلطاتها على المناطق الحدوديّة الشمالية والشرقية وبالتنسيق مع روسيا وامريكا وتركيا وخاصّة بعد اعلان الرئيس الأمريكي سحب قواته من سوريا بالإتفاق مع روسيا وتركيا بخصوص منطقة منبج والمناطق التي يقطن غالبيتها الأكراد .
وقد فُتحت المعابر الحدوديّة بين الأردن وسوريا ونشط الأردنيون في زيارة سوريا وبدأ بعض اللاجئين بالعودة لوطنهم كما تم تبادل الزيارات بين بعض الوفود الشعبية والنيابية والنقابية بين البلدين تمهيدا لعودة العلاقات الأخويّة بالكامل السياسية وغيرها .
وهكذا يوجد عوامل مشتركة بين الأردن وكل من سوريا والعراق إضافة لعوامل الجوار واللغة والدين والقومية العربيّة وغيرها حيث هناك المصالح الإقتصاديّة والأمنيّة وغيرها تجعل من التقارب بين الدول الثلاث الى درجة الإتحاد مصلحة للدول الثلاث وشعوبها .
اللهم عزِّز علاقات المحبّة بين مسؤولي الدول الثلاث والسعادة لشعوبها ليتحقق التكامل الإقتصادي والتنمية المستدامة فيها والإعمار في كل من سوريا والعراق وابعد الشرور عن وطننا العربي الحبيب .
4 مو حزن.. لكن حزين”
حكيم مرزوقي
العرب بريطانيا

الذين يتحدثون عن “النهايات السعيدة” يخادعون أنفسهم قبل غيرهم.. يكفي أنها “نهايات” حتى لا تكون سعيدة.
اعتدنا صغارا أن نختم مواضيع الإنشاء والتعبير الكتابي بعبارة “وعدت إلى البيت فرحا مسرورا”، ولو كان الأمر يتعلق أحيانا بالانتهاء من المشاركة في تشييع جنازة.
علمونا أن السعادة تتلخص في العودة الآمنة إلى البيت، وذلك في إقرار ضمني، وإشارة خفية إلى أن كل سلوك بشري هو أمر غير محمود العواقب، وبناء عليه، فليس هناك أفضل من أن يعود الواحد بعد تلك المغامرة سالما غانما.
زرعوا في رؤوسنا الصغيرة فكرة مفادها أن أجمل الحكايات هي تلك التي تنتهي بالعمر المديد والزواج السعيد الذي تنتج عنه الذرّية الصالحة، وذلك كي لا ينام ويستيقظ الواحد على قلق أو سؤال.
إنها ثقافة المصالحة الوهمية مع الأسئلة الوجودية الكبرى، ومحاولة تضميد الجراح النازفة بالأجوبة الوردية الخادعة.. إنه الهروب من المواجهة عبر افتعال السعادة.
لماذا لا نعترف أن الأصل في الأشياء هو الحزن، أما الفرح فحالة طارئة عابرة، تزرع طمأنينة كاذبة، وتموه على السؤال المتعلق بمأساة الإنسان وعجزه وفجيعته أمام مصيره. ليس في الأمر تمجيد للحزن أو دعوة لحياة ملؤها التجهم والاكتئاب، لكن من الضروري التنبّه إلى شفافية هذا الشجن الذي يرتبط بالإنسان كذات فاعلة ومنفعلة إزاء الوجود.
جعلت العامة، منذ القديم، الدمعة رمزا للشفافية والنقاء، وكذلك، توصيفا للجمال والإتقان فيقال “شراب مثل الدمعة”. وألبس الناس صفة “الحزين” على كائنات ومواسم من حيوانات وزهور وطيور وفصول.
ارتبط الحزن بالشعر حتى أن أحدهم سأل أعرابية: لماذا كان الرثاء أعذب أشعاركم؟ فردت “لأننا نقوله والنيران تلتعج في صدورنا”. وحاول الشاعر الأرجنتيني الشهير بورخيس، تعريف الشعر بقوله إنه “اللحظة التي تلقي فيها بالمجداف منكسرا ومهزوما ضد التيار، وتغني”، ذلك أن الشعر لا يكتبه العبيد ولا المنتصرون بل النبلاء المنكسرون على أنفسهم.
عرف العراق عربيا بأنه بلد تنتشر فيه حالة الشجن نحو أقصاها في الشعر والغناء، وذلك لعوامل وأسباب تتشابك فيها الميثيولوجيا بالتاريخ والجغرافيا في هذا البلد الذي عانى من المآسي في تاريخه القديم والحديث، حتى أن المغني ياس خضر، الملقب بـ”صوت الأرض” والمعروف بمطرب “المآسي الكبرى” قد غنى ـ وبحزن شديد ـ أغنية “وداعا يا حزن”.
أما مواطنه الشاعر مظفر النواب، والذي تعامل معه في أغنية “البنفسج” و”مرينا بيكم حمد”، فقد كتب بالعامية العراقية وفي شجن يخنق الأنفاس “مو حزن لكن حزين.. مثل صندوق العرس ينباع خردة عشق من (لمّا) تمضي السنين” التي أداها سعدون جابر.

5 لعبة التوبة بين إيران والولايات المتحدة فاروق يوسف العرب بريطانيا

ليس من المستبعد أن يجد العالم نفسه يخوض في جدل، طرفاه يتألفان من قطاع الطرق. وهو ما يوجب عليه أن يعيد صياغة مفردات ذلك الجدل، بما يجعلها مقبولة في سياق سياسي معاصر.
طرفا ذلك الجدل المبتذل هما الولايات المتحدة وإيران.
الرئيس الإيراني حسن روحاني دعا الولايات المتحدة إلى التوبة، فيما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد دعا إلى ممارسة رقابة قليلة على إيران من الأراضي العراقية.
ما الذي تعنيه التوبة بالنسبة لروحاني؟ وماذا يقصد ترامب بالرقابة القليلة؟
واقعيا فإن الولايات المتحدة لا تعرف شيئا اسمه التوبة، وهي التي لم تعتذر لشعب فيتنام عما سببته حربها له من مآس بل أضافت من خلال سجلها الإجرامي في العراق وأفغانستان صفحات سوداء جديدة إلى تاريخها.
غير أنها في المقابل تسخر من نفسها حين تكتفي بالقليل من المراقبة حين يتعلق بوحش كاسر يريد التهام مجتمعات كاملة بترابها وثقافتها وثرواتها ومستقبل أجيالها.
وإذا ما عرفنا أن تلك الرقابة القليلة تتم ممارستها من خلال بلد ارتكبت الولايات المتحدة فيه الكثير من الجرائم، وهو العراق، فإن السخرية من التاريخ تكون في ذروتها.
فالعراق وهو بلد ضعيف الحيلة بعد أن دمرته الولايات المتحدة ينتظر الإنقاذ عن طريق اشتباك بين قتلته. غير أن أملا من ذلك النوع يبدو بعيدا.
تعرف إيران أن الغرب لن يتعامل معها كما يتعامل مع العرب.
تلك عقدة صار على العرب أن يفهموا أسبابها ودوافعها، كما صار عليهم واجبا أن يجهروا بها أمام الغرب.
لقد رفضت إيران التوقيع على معاهدة تحض على عدم تمويل الإرهاب والامتناع عن ممارسة غسيل الأموال، ومع ذلك فإن أوروبا عرضت على إيران اتفاقية تنقذها جزئيا من العقوبات الأميركية.
معنى ذلك أن أوروبا تقبل بإيران دولة تموّل الإرهاب وترعى جماعاته. ومعنى ذلك أن أوروبا لا تمانع في أن تمارس إيران هيمنتها على دول مستقلة وذات سيادة.
إنه موقف من العرب أكثر مما هو موقف من إيران.
فلو أن إيران قامت بالتوسع على حساب أيّ جار من جيرانها غير العرب، لكان لأوروبا بشكل خاص والغرب بشكل عام موقف مختلف تماما.
أعتقد أن العرب صاروا اليوم أكثر مرونة في ما يتعلق باتخاذ موقف مناسب، يكون بمثابة رد صادم على المكر السياسي الغربي.
لن يضطر العالم العربي إلى قطع علاقته بالغرب بسبب نفاقه، غير أن من الواجب عليه أن يكون صريحا في المكاشفة من خلال سؤال جوهري: هل صار علينا أن نصدق أنكم تقفون مع إيران بكل مشاريع إرهابها في المنطقة، وهو ما يعني أنكم في طريقكم إلى التوبة التي عرضها روحاني؟
يومها سيكون على العالم العربي أن يلجأ إلى خيار مختلف. هو الخيار الذي ينسف مصالح الغرب في المنطقة. فالغرب حينها يكون شريكا في الجريمة الإيرانية، وهو حاله في ما يتعلّق بالمسألة العراقية. أوروبا لا ترى اليوم مسوّغات مقنعة للموقف الأميركي المضاد لمشروع التوسع الإرهابي الإيراني في المنطقة.
وهو ما يعني أنها تقف مع ذلك المشروع، وتسعى إلى العمل على استمراره من خلال الإبقاء على النظام الإيراني صامدا في وجه العقوبات الأميركية.
الإجراء العربي المقبول أن يتم فضح ذلك النفاق الذي تمارسه أوروبا. فهي من جهة لا تخفي مسؤولية النظام الإيراني عن عمليات قذرة تقوم بتنفيذها شبكات مرتبطة به على الأراضي الأوروبية، وهي من جهة أخرى تسعى إلى تعزيز دوره التخريبي في العالم العربي.
لقد قررت أوروبا، كما يبدو، أن تنضم إلى حفلة قطاع الطرق التي يرغب نظام الملالي في استثمارها لصالحه.
وكما أرى فإن موقفا عربيا واضحا من النفاق الذي يتخلل تلك الحفلة كفيل بإفشالها وإحباط مساعي آيات الله ودفعهم إلى التوبة قبل أن يتوب الآخرون.
6 استنساخ «الحرس الثوري الإيراني» في الدول العربية عبدالمنعم ابراهيم اخبار الخليج البحرينية
هل أصبح نموذج «الحرس الثوري الإيراني» نسخة مكررة في الدول العربية؟ أي بناء مليشيات مسلحة عقائدية وطائفية موازية للجيش في كل نظام عربي. بالأمس تطرق الزميل الكاتب (السيد زهره) إلى نموذج كاد يحدث في مصر، حيث سعى (الإخوان المسلمون) أثناء فترة حكم (مرسي) إلى تشكيل (حرس ثوري) في مصر مثل الحرس الثوري الإيراني، وتعاونوا مع النظام الإيراني لهذا الغرض، وذلك في إطار مخطط لإنشاء قوات خاصة بهم تكون موازية لأجهزة الدولة الأمنية.
كانت تلك محاولة استنساخ في مصر ولكنها فشلت بسقوط حكم الإخوان المسلمين هناك، ولكن محاولات الاستنساخ المليشياوية المسلحة ظلت موجودة في أقطار عربية أخرى، فمثلاً في تونس يجري التحقيق حاليا بشأن شبهات تدور حول محاولة حزب النهضة (الإخوان المسلمين) تشكيل (قسم أمني سري) موازٍ لوزارة الداخلية أو داخل الوزارة ذاتها من عناصر إخوانية تابعين بالولاء لحزب النهضة التونسي.
وفي ليبيا طبعًا توجد مليشيات مسلحة تابعة للإخوان المسلمين ممولة بالدعم المالي واللوجستي والعتاد العسكري من قبل قطر.
ومنذ يومين ذكرت شبكة (سكاي نيوز – عربية) أن تركيا وقطر تسعيان إلى تحويل جبهة النصرة (القاعدة) إلى فصيل سياسي وعسكري على شاكلة (حزب الله) في لبنان، ومن ثم تكون (القاعدة) مستقبلا (دولة) داخل النظام السوري -تماما- مثل تجربة حزب الله في لبنان.
إذن، نحن أمام محاولات استنساخ لنموذج (الحرس الثوري الإيراني) في كل الدول العربية، ولكن يبدو أن إيران نجحت أكثر في صفوف المليشيات العربية (الشيعية)، فلديها (الحوثيون) في اليمن، ولديها مليشيات (الحشد الشعبي) في العراق، ولديها مليشيات المرتزقة الشيعة من باكستان وأفغانستان والعراق في سوريا وطبعا لديها منذ زمن بعيد (حزب الله) في لبنان.
طبعا إيران مستعدة في أي وقت لمساعدة من يريد من المتطرفين السنة في تشكيل مليشيات مسلحة موازية للجيوش العربية الرسمية، ما دام ذلك يسهم في إضعاف وتمزيق أوصال (الأمن القومي العربي)، وإسقاط الأنظمة العربية.
7 الطوابير في طهران.. والإرهاب في البحرين! د. محـمـــــد مـبــــارك اخبار الخليج البحرينية
نشرت وسائل الإعلام الدولية صورة لطوابير من الإيرانيين الفقراء وهم يقفون في صفوف طويلة ينتظرون دورهم للحصول على نصيبهم من اللحم. أزمة اللحوم في إيران بدأت تضرب أطنابها، ما بين شح المعروض، وارتفاع صاروخي في الأسعار. المشهد ليس سوى وجه واحد من أوجه الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها النظام الإيراني، ويضاف إلى سلسلة المشاهد الكثيرة التي سبق أن تطرقنا إليها هنا مؤخرًا.
في هذه الأثناء، يصدر عن الجماعة المصنفة إرهابيًا، ما يسمى «سرايا الأشتر» في البحرين، بيان يهدد بتنفيذ عمليات إرهابية هنا، ويتوعد باستهداف الحلفاء، وهو من دون شك جزء من السعي الإيراني نحو تصدير المشاكل إلى الخارج، والعمل على تخفيف الضغط الذي يرزح تحته من خلال تحريك خلاياه النائمة في دول المنطقة، وافتعال الأزمات، ومحاولة تشتيت الانتباه. هذه الجماعة المحظورة لم تتبن منذ عام 2017 أي عملية إرهابية، رغم تورطها المباشر في سلسلة من عمليات قتل رجال الأمن في البلاد، إلا أنها تظهر مجددًا اليوم ببيان ربما يعبر عن حال الأزمة التي يعيشها النظام الإيراني. تمامًا كما يعمل النظام الإيراني على الزج بالحكومة العراقية الجديدة إلى حالة من العداء مع البحرين وبقية دول الخليج من خلال إعلان إحدى الجماعات الإرهابية الموالية للنظام الإيراني تأسيس مكتب لها في العراق، وهو ما لا يفيد الحكومة العراقية في شيء سوى أنه يعرقل تطبيع العلاقات بين بغداد وبقية العواصم الخليجية، ولا يصب في خدمة المصالح المشتركة بين الطرفين.
وعلينا أن ندرك أنه كلما ضاقت الدائرة على النظام الإيراني، سنجد أن نسبة تحركاته ضد البحرين وباقي دول المنطقة تتصاعد، وإذا كان الإيرانيون يقفون
8 الكراهية السوداء بدر عبدالملك الايام البحرينية

بحزنٍ عميقٍ وشديدٍ رحل عنا بموت غادر الدكتور والروائي والكاتب العراقي علاء مشذوب صاحب مؤلفات الجسد صورة وسرد، وكتاب موجز تاريخ كربلاء الثقافي وروايات عدة عناوينها تنطق مضمونها السواد المحاك بالهلاك في رواية «مدن الهلاك والشاهدان» ورواية «شارع أسود» و«جمهورية باب الخان» ورواية «انتهازيون ولكن»..! لقد تم اغتيال مشروع ثقافي وإبداعي دون مشاعر بالقيمة التاريخية للانسان المبدع، بنفس الروح التي قتلوا فيها فرج فودة بدم حاقد..
وبنفس الأقنعة التي ارتدوها عندما قتلوا حسين مروة.. وبذات الأسلحة التي اخترقت الرصاصات جسد مهدي عامل.. بنفس الكراهية وثعابينها تسللت في المساء تلك الوحشية، لكي تخترق ثلاثة عشر رصاصة سوداء جسد علاء.. تسربت كل بقع الدم في أرض كربلاء لتضيف لحزنها حزنًا جديدًا طقوسيا.. جرحًا غوره في الفضاءات البعيدة وفي بكاء أرض «اليباب». ألا يكفيك.. ألا يكفيها كربلاء زمن الحزن المدمر الطويل واللطم والبكاء والعويل. مات الكاتب وصمت صوته.. ولكن الحرية لا تموت ولن تتوقف الكتابات المتمردة.. صمت صوت علاء الشجاع ولكن مجرى نهر الفرات ودجلة يظلان يغنيان أبدًا كلماته.. نغم الحرية الذي هز أركان الطغاة وبيوت الظلام.. فتقرع أفئدتهم الميتة.. يموت علاء في يوم كربلائي مثل كل أيام السنة السوداء، فحزن علاء بات من حزن كربلاء (حزن المدينة والتاريخ).. فكل الجثامين المشبعة برائحة الدم ترتطم بجدار الذاكرة الكئيبة، بقشعريرة المدن العراقية المذبوحة بالجوع والحسرة. بيوت الفقراء الذين أحبهم علاء..
كتب عنهم علاء..
مات من أجلهم علاء..
بيوت الفقراء، لن تتوقف عن ترانيمها الموسمية المقدسة، ومن أطفال تلك الأرض التي أنجبته يولد ألف علاء. لن يترك الشعب الخناجر الدامية فوق أعناق الوطن. ثلاثة عشر رصاصة عنوان وتاريخ كريه بغيض في تاريخ مدن الكراهية المتشحة بسواد الحزن.
أحسست بالأسى في ذلك اليوم ليس من أخبار غرق القرى بفيضانات الماء في الامازون.. بمدن دمرها العسكر والمليشيات بالخراب، بفاجعة موت طابور الأطفال والنساء تحت الطين وركام الأسقف المنهارة، وإنما يحزنني أكثر «قتل الموهبة والإبداع» فذاكرة ذلك الانسان المبدع هي بوابة الحضارة في الوطن برمته، من يكتبون شعرًا.. سردًا روائيًا لوحة فنية من الألوان لحنًا في روح الزمن، هؤلاء ليسوا من طينة الناس العاديين، إنهم خسارة كبرى لا تعوض، ومن قرروا اغتيال الدكتور والروائي علاء مشذوب، إخماد صوته الهادر، يظنون أنهم قتلوا الحقيقة وأسدلوا الستارة على فضيحتهم، لعلهم يوقفون زمن تلك الساعة المعلقة على جدران العراق وبيوته. كيف سيقتلون رواياته؟! من أين لهم القدرة على خنق نبض كلماته، فبيوت الناس تتبخر حزنًا برحيله وغدًا تغرد طيور الربيع في البساتين. جاء خبر وتاريخ اغتيال علاء في نفس الفترة التي تستقبل فيه مدينة عربية أخرى بابا الفاتيكان، لتبدو المفارقة العربية عجائبية!! مدينة متشحة بسواد الرعب والقتل والموت اليومي ومدينة أخرى تتسامى نحو العلا بروح التسامح والنور والغفران.. هكذا بدت صلاوات البابا وتمتمته في فضاء مدينة ابوظبي عاصمة دولة الامارات العربية، مباركة بالانسانية والتعايش والإخاء وبروح من السلام والطمأنينة.. فمن أين لك يا أبوظبي كل هذا التسامح الكبير للعالم.. هذا التلاقي والتعايش الانساني بين الاديان؟ في زمن الحرية تبكي في مدن أخرى طرقات عمّدها الدم المسفوح مجانًا.. وببساطة متناهية تنتزع روح الانسان.. والقتلة يفتخرون بأنهم يمجدون الحقيقة المزيفة يرفعون رايات مقدسة في مدن ينبغي أن تموت من الصمت.. مدن تموت خائفة من سموم العقارب.
المفارقة العجيبة الغريبة عربيًا، كيف يتجاور الدم والكراهية مع الغفران والتسامح في ساعات متقاربة في لحظات متساوية في ضمير الكون. تهزنا المشاهد العربية التي كثرت فيها المأساة وتناثرت فيها «لوحات ورسومات القتل والاغتيال»، فصرنا عطشى نشتاق لرؤية طيور الملائكة تغني في حوش وأرض الله الواسعة بقمصان البراءة.. صرنا كالباحثين عن الحلم والأمل في دنيا الشتات الأزلي. يموت الكاتب الروائي علاء ولكن روحه تنتصب واقفة، تعزف أغنية الحرية أمام بطش الاستبداد في مدينته.. في وطنه… في كل بقعة من العالم الحر.
9 شراع أميركا نحو مزيد من الانسحاب .. ولكن خميس التوبي
صحيفة الوطن العمانية

كل مؤشرات الأحداث في العالم عامة وفي المنطقة خاصة، وكذلك المواقف الصادرة عن الولايات المتحدة تشي بأنها ليست في وضع يسمح لها بخوض حروب جديدة على غرار حربيها الأخيرتين في أفغانستان والعراق، أو حتى حروبها السابقة كحرب فيتنام، بل إن المؤشرات تشير إلى انكفاء الولايات المتحدة على نفسها، وإلى مزيد من الانسحاب من المنطقة تحديدًا، وذلك مصداقًا لسنن التغيير الخارجة عن إرادة البشر، فلا حال يدوم لأحد، وفي ظل تعاظم القوى المنافسة والمناوئة لها، حيث أخذت هذه القوى المنافسة تراكم قوتها العسكرية وخبراتها التكنولوجية والعلمية لمنع الاستفراد الأميركي بالهيمنة على مصير العالم ومقدراته لما يقارب ثلاثة عقود.
الولايات المتحدة ـ وهي في قرارة نفسها تعلم يقينًا أنها غير قادرة على استخدام القوة الخشنة بشن حروب عسكرية ـ تحاول مقاومة سنن التغيير والتبدل، مأخوذة في ذلك بنزعة الهيمنة والتسلط المتمثلة في الأحادية القطبية التي ترفض أن ينازعها عليها أحد، أو نشوء قطبية متعددة؛ لذلك تبذل جهودًا حثيثة في محاولة ترتيب المشهد بما يحفظ لها صفة أحادية القطبية، ويحفظ لها أمرين مهمين كانا ولا يزالان هما السبب في الانتشار العسكري، وبناء القواعد العسكرية، وشن الحروب الغاشمة؛ الأول: الهيمنة على مصادر الطاقة في العالم، وتأمين إمداداتها إلى الولايات المتحدة، والتحكم في أسعارها، وسلب حقوق ذوي هذه الثروة (المنتجين والمصدرين لها). والثاني: تأمين بقاء كيان الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وتسليمه زمام الهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة والتحكم في قراراتها، وانتهاك سيادتها واستقلالها.
ويمكن قراءة مؤشرات الانسحاب والانكفاء لأميركا مع محاولة تدخلها لعدم إعطاء خصومها ومنافسيها فرصة التربع على عرش العالم، أو الولادة الحقيقية للقطبية المتعددة، ولحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي من خلال عدد من الصور:
أولها: إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها غير الشرعية من سوريا ـ بغض النظر عن عدم وجود ما يدل على مصداقية هذا الإعلان حتى الوقت الراهن ـ حيث تدرك أن بقاء هذه القوات على الأراضي السورية سيكون مكلفًا وباهظ الثمن عسكريًّا وسياسيًّا، على الرغم من محاولتها الضغط على أتباعها تمويل وجودها غير الشرعي، لأنه من الممكن أن يكون ورقة مهمة بيد سوريا وحلفائها، كما كان حال هذه القوات في العراق التي استطاعت المقاومة العراقية أن تستنزف الولايات المتحدة ماديًّا وبشريًّا، وأن ترسل إلى أميركا عشرات النعوش من جنودها، ما اضطرها إلى سحب قواتها من الأراضي العراقية، وكذلك الحال أيضًا في لبنان حيث كانت القوات الأميركية هدفًا للمقاومة اللبنانية، لذا يبدو أن واشنطن تضع لهذه التجارب حسابها السياسي والعسكري داخليًّا وخارجيًّا.إلا أن الولايات المتحدة لم تسلم الراية بهذه البساطة، بل لا تزال تراهن على الجغرافيا داخل سوريا، وعلى الوكلاء والعملاء من بعض المكونات المجتمعية، ونعني بهم الأكراد تحديدًا، وذوي الأطماع الإقليمية والأحلام الاستعمارية القديمة، مضافًا إليهم التنظيمات الإرهابية التكفيرية، للنيل من سوريا وحلفائها الذين تصنفهم واشنطن خصومًا ألداء لها، وذلك من أجل استنزافهم، بحيث تتكفل بدعم وكلائها وعملائها من الخلف.
ثانيها: الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الذي وقعته واشنطن مع المجموعة الدولية المعروفة بـ”5+1″.. وبالنظر إلى طبيعة الانسحاب فإنه ليس اعتراضًا على مراقبة المفاعلات النووية الإيرانية، وتجميد بعضها، وإنما لعدم تضمين الاتفاق برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الذي يراه كيان الاحتلال الإسرائيلي خطرًا ومهددًا لبقائه.وما يؤكد هذا الأمر أن كل محاور الحديث والمناشدات والاجتماعات التي تدور بين القيادات الإيرانية والقوى الدولية، لا سيما القوى الأوروبية الموقعة على الاتفاق، كفرنسا وألمانيا، محورها برنامج الصواريخ الباليستية، وهو ما ترفضه طهران جملة وتفصيلًا، وتؤكد أن برنامجها هذا غير داخل في الاتفاق، وغير خاضع للنقاش؛ لأنه أساس الحماية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ثالثها: تشديد الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية على خصومها ومنافسيها وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا، حيث ترى واشنطن في هذه العقوبات وسيلة لإضعاف هذه الدول، وزعزعة استقرارها وإثارة شعوبها ضد حكوماتها، وإثارة امتعاضهم.
رابعها: محاولة الولايات المتحدة العودة لتأمين حدائقها الخلفية المتمثلة في دول أميركا اللاتينية بتكثيف العمل الاستخباري فيها وتغيير حكوماتها، وجعلها موالية لها، فكما نجحت في البرازيل والأرجنتين بالإطاحة برموزها التي بنت اقتصادها وجعلت منها دولًا ذات سيادة وقرار واستقلال وقوة اقتصادية، تحاول التدخل في فنزويلا عبر عميلها خوان جوايدو رئيس البرلمان الفنزويلي للإطاحة بحكومة الرئيس الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو. ومعروف عن أميركا اللاتينية أنها ذات ثروات هائلة، وبالتالي تبدو مرتعًا خصبًا للشركات الأميركية، وسبيلًا للتخلص من نفط الشرق الأوسط، وما يكتنفه من كلف باهظة، من حيث الوجود العسكري وبُعد المسافة وتأمين النقل وغير ذلك. كما أن العمل على تغيير الأنظمة والحكومات في أميركا اللاتينية يؤكد حالة الانكفاء والانسحاب للولايات المتحدة، بحيث تؤمِّن محيطها بالإتيان بحكومات موالية وتابعة لها، وممانعة لأي وجود أو تعاطف مع خصوم أميركا وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية والصين.
خامسها: إطلاق الولايات المتحدة حربًا باردة جديدة وسباق تسلح جديدًا، وذلك بإعلانها الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى، والهدف من ذلك هو العمل على إلحاق مزيد من الإنهاك للدب الروسي واستنزاف الاقتصاد الروسي الذي يتعرض لعقوبات، الأمر الذي قابلته موسكو بتجميد العمل بالمعاهدة وإعطاء مجمع الصناعات العسكرية الروسية إشارة البدء في تطوير صواريخ عابرة، منها تصنيع صاروخ كوبر بري.
إذًا، يمكن القول، إن شعار المرحلة سيكون هو إشعال الأميركي المزيد من الحرائق في المعمورة، وكل بقعة يوجد بها خصوم الولايات المتحدة من أجل الدفاع عن قطبيتها الأحادية، ومن أجل الهيمنة على مصادر الطاقة، وتأمين حليفها الاستراتيجي (كيان الاحتلال الإسرائيلي)، حيث تريد من مؤتمر وارسو الذي دعت إليه من تريد، ومن يمكن أن يدعمها فيما تريد، المرتكز لتحقيق ما تهدف إليه وتريد، ولكن سنن الكون في التغيير والتحويل لن تكون دائمًا مع ما تريد.
10 تشجيع النمو يتبع تخفيض الكلف
خالد الزبيدي
صحيفة الدستور الاردنية

تلوح في الافق فرص حقيقية لانتشال الاقتصاد بقطاعاته المختلفة من ركود عميق انزلق اليه خلال السنوات القليلة الفائتة، وتتمثل هذه الفرص في فتح الحدود الارنية العراقية والاتفاقيات التي ابرمت مؤخرا بين البلدين وشملت قطاعات عريضة، وفتح المعبر الشمالي الاردني السوري الذي يتيح زيادة المبادلات التجارية بين البلدين ومع لبنان فالتبادل التجاري يمكن ان يشكل قاطرة مهمة لتحريك الاقتصاد الاردني، ويضاف الى ذلك تحسن ملموس في العلاقات الاردنية مع عدد من الدول الخليجية التي تعتبر عمقا تجاريا واستثماريا للاردن.
زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الاردنية السلعية والخدمية غاية في الاهمية للوصول بكفاءة الى المستهلك النهائي في الاسواق العربية التقليدية التي تشهد تنافسا كبيرا ودخول منتجات عدد من الدول العربية والاجنبية اليها، فالاعتماد على تاريخ علاقات التعاون الثنائي لا يكفي وحده، فالمطلوب من القطاع الخاص والحكومة دراسة اسواق التصدير والمنافسة وتقديم منتجات عالية الجودة باسعار منافسة لاسترداد الحصة السوقية للمنتجات الاردنية وتأكيد حضورها مجددا.
فالموقع الجيوسياسي الفريد للاردن يمكنه من تحقيق اهدافة التجارية وارتياد اسواق عربية مهمة في مقدمتها العراق وسوريا، الا ان تخفيض تكاليف الانتاج ضروري بما ينعكس ايجابيا على سرعة نفاذها وفي مقدمة هذه الكلف الطاقة والرسوم والضرائب وهياكل الفائدة المصرفية، وقد يكون هذا الطلب بمثابة سباحة عكس احتياجات المالية العامة، الا انه سيكون وقتيًا إذ سرعان ما ترتفع الايرادات المحلية مع تسارع وتائر الانشطة الاقتصادية والاستثمارية.
المراجعة الاخيرة لبعثة صندوق النقد الدولي التي انهت مؤخرا مراجعة اداء القطاعات الاقتصادية حثت الحكومة على تخفيض اثمان الطاقة الكهربائية التي تعتبر مرتفعة ومرهقة للانشطة الاقتصادية من المصانع ومرافق الخدمات المختلفة، فالمبالغة في رفع اسعار الطاقة الكهربائية تقف عثرة حقيقية امام تحسين الاداء الاقتصادي، فالفواتير الشهرية للطاقة الكهربائية ادت الى إغلاق اعداد كبيرة من المصانع والمحلات التجارية، فالطاقة تعتبر من السلع الارتكازية التي تؤثر على الاسعار للمستهلك النهائي في الاسواق المحلية واسواق التصدير.
ان رفع اسعار الخدمات والرسم يجب ان يكون مبررا ويستند الى تحسين الخدمات المقدمة ولا يستند فقط الى زيادة احتياجات الخزينة لمزيد من الاموال لانفاقها لمواجهة توسع الانفاق العام دون ارتباط ذلك بزيادة القيمة المضافة للنفقات الحكومية التي ترتفع سنويا بدون مبررات كافية، فتخفيض النفقات العامة شرط اساسي لتحسن اداء الاقتصاد الكلي والافلات من الركود العميق الذي وصل اليه جراء بعض السياسات المالية لا تخدم المنتجات الوطنية وتنافسيتها..مرة اخرى ان هذه المرحلة تتطلب سياسات اقتصادية محددة تستند الى سياسات مالية تخدم النمو وتساهم في تسريع وتائره.