6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 على الأحمق ترامب أن يَعيَ أن سيادة العراق جاءت بالدماء وأن القواعد العسكرية لا تُبنى في بلد المقاومة والشهداء… في ليلة الميلاد قرر ترامب أن يتحولَ لِـ “سانتا كلوز” حاملاً الرسائل لدول المنطقة مايا التلاوي راي اليوم بريطانيا
أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد زارَ العراق في وقت متأخر من ليلة الميلاد والتقى الجنود الأمريكيين في قاعدة عين الأسد في الأنبار .
كشف مصدر عراقي أن الرئاسات العراقية رفضت طلب ترامب عقد لقاء في قاعدة عين الأسد معتبرة أن لطلبه خروجاً عن البروتوكول الدولي وأن سيادة العراق فوق أي اعتبار .
في حين أشار الرئيس الأمريكي في تصريحه للصحفيين أن ” وجودنا في سورية لم يكن أبداً بلا نهاية لكن لا خطط على الإطلاق لسحب القوات العسكرية من العراق وأضاف قد نستخدم العراق كقاعدة إذا أردنا القيام بشيء في سورية .
تضارب التصريحات هو سيد الموقف لأن ترامب أطلق يد أردوغان في سورية وأعلن عن سحب قواته من ثم عاد ليجدد التهديد باستهداف الأراضي السورية من بلدٍ عربيٍ مجاور إن لزم الأمر .
في الوقت الذي كان يحتفل فيه ترامب مع جنوده بصحبة زوجته ميلانيا كانت ست طائرات حربية اسرائيلية من نوع F35 / F16 تنفذان غارات جوية ضد مواقع عسكرية سورية واستمرت لمدة تسعين دقيقة استخدمت فيها صواريخ مُجنحة وقنابل .
جاء الرد السوري الفوري والمفاجىء للاسرائيلي أن الجهوزية عالية وأن عين الأسد لا تنام إذ قامت قوات الدفاع الجوي بإسقاط أربعة عشر هدف من أصل ستة عشر وقد نتج عن العدوان إصابة ثلاث جنود وأضرار في مخزن أسلحة في ريف دمشق الغربي .
اسرائيل التي اعتادت على اللعب بالنار تلقت ضربات صاروخية تحذيرية مفادها أن زمن عدم الرد قد ولى وأن سورية باتت قادرة على رد الصاع صاعين والصاروخ باثنين .
في زيارة ترامب للمنطقة المشتعلة منذُ توليه منصبه عدة رسائل :
أولاً : إن القوات الأمريكية قادرة على استهداف الأراضي السورية من العراق حتى لو انسحبت من قواعدها في سورية .
ثانياً : إن للحضور الأمريكي مكانته ولن تتخلى الإدارة الأمريكية عن حصتها في الشرق الأوسط كما أعتقد البعض من خلال قرار السحب المفاجىء .
ثالثاً : هو تعمدَ ترك منصب وزير الدفاع الأمريكي شاغراً لتفرده بالقرارات العسكرية وعدم الرجوع لأي رأي يخالف رؤيته .
لا نريد أن ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس لكن حسب اعتقادي أن هناك منهجية جديدة لدى عقل ترامب العدواني تجاه العرب وتجاه دول المنطقة لن تكون مُرضية بالقدر الذي نعتقده وعلى دول المنطقة وروسيا والحلفاء أن يُدركان أن الثعلب الأمريكي ينقض على فريسته في أكثر اللحظات التي يوهم بها خصمه أنه ضعيف ومُتخلي ومُنسحب .
2 بعد الضجة المفتعلة حول “داعشية” وزيرة التربية: إلى ساسة العراق … لا تخسروا الحدباء تراث العزاوي

راي اليوم بريطانيا

على مدار اليومين الماضيين ضجت منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الخبرية بانباء ارتباط شقيق وزيرة التربية الدكتورة شيماء الحيالي بداعش وبدات تنسج حولها عشرات القصص.. تارة امير وتارة اخرى خليفة وهناك من قال بانه هولاكو الموصل ووسط هذه الفوضى الكبيرة خرجت الحيالي ببيان شجاع للغاية لتسرد حقيقة المشهد بشفافية مطلقة لك نعهدها لدى ساسة ومسؤولي العراق والمفاجاة ان تاتي من امراة التي كانت خلال سنوات ما بعد 2003 رهينة الاحزاب والقوى السياسية ولاتتحرك الا بمشورتها وغالبا ما تكون مسلوبة الارادة لكن الحيالي اعطت صورة اخرى عن استقلالية المراة في مكاشفة الراي العام دون اي رتوش..
بيان الحيالي كان واضحا وصادقا للغاية وكتب دون اي جهد سياسي بل حمل كلمات من القلب الى القلب وذكرت حقائق مهمة ان الموصل ثاني اكبر مدن العراق وقعت تحت سلطة احتلال داعش لاكثر من 3 سنوات وكل من فيها كانوا رهائن من يرفض يعدم فورا “.
الان لانريد ان نصدر احكاما مسبقة ضد شقيق وزيرة التربية لان الامر منوط بالقضاء والجهد الامني لكن هناك فرق بين من عمل بامرة داعش تحت مبدا القهر والخوف على اسرته من البطش وهذا حال عشرات الاف من الموصليين ومن عمل في صفوفهم وهو مؤمن وقام بقتل وتهريب العوائل ، ولنكن منصفين الخوف يدفع الكثيرين الى اتخاذ قرارات خطيرة لحماية اسرهم بالمقام الاول وهذا ما حصل في كل المناطق المحررة دون استثناء”.
طيب اذا كنا نتعامل مع وزيرة تمثل كفاءة وطنية واكاديمية من منظور التشكيك بوطنيتها لان شقيقها لمجرد الشك عمل بامرة داعش او اضطر لذلك فمعنى ذلك سنحرك ثلاث ملايين موصلي من اي مناصب حكومية لانه من المستحيل ان تجد موصلي لم يتورط ايا من اقاربه بالعمل مع التنظيم او انه مضظر للعمل بامرته وهذا حقيقة”.
الان على ساسة العراق ان يعطوا رسالة اطمئنان ليس لاهالي الحدباء بل لكل المناطق المحررة بانه لايؤخذ البريْ بجريرة المذنب من اجل لانخسر المزيد من المدن ومنها الحدباء وان نعطي امل التفاؤل بالغد لانهاء تداعيات مرحلة عصيبة وان نبتعد عن افة التخوين التي يلجى اليها ساسة بالاساس فاسدين من اجل تحقيق مصالحهم رغم ان الجميع يدرك انهم كذابين وكانوا احدى معاول تدمير العراق وعنصر في انكساراته خلال السنوات الماضية.
3 “شهرٌ واحد” قبل أن تخسر عمّان 15 معاهدة عراقية وتكاليف سفر الرزاز: رئيس الحكومة أنجزّ الشقّ الاقتصادي فهل يستأنف الأردن مع طهران؟.. فرح مرقه راي اليوم بريطانيا

لن تترجم الاتفاقيات الـ 15 التي وقعها الدكتور عمر الرزاز مع نظيره العراقي الدكتور عادل عبد المهدي في العقل السياسي والاقتصادي العراقي إلى واقع قبل استئناف العلاقات المجمدة مع إيران، هذا أمر لا يحتاج الكثير من الفصال والتحليل، خصوصاً وكل دوائر القرار في الأردن تدرك أن عرقلة كل احتمالات التوافق والاتفاق مع العراقيين خلال السنتين الماضيتين كانت بسبب العلاقات المتوقفة مع الإيرانيين مراعاةً للجار السعودي.
الدكتور الرزاز، قام بدوره على أتم وجه في توقيع اتفاقيات اقتصادية تحقق المزيد من العوائد لعمان وتعمّق روابطها مع جارتها في بغداد، ولكن الرجل بطبيعة الحال يُفترض أنه يدرك صعوبة المضيّ قُدماً فيما تم الاتفاق عليه دون خطوة سياسية باتت ضرورية عنوانها استئناف ولو كان بسيطاً للعلاقات مع طهران.
من يتابع عمان يعرف جيداً ان الحكومة ليست المعنية بالشقّ السياسي، وأن حتى وزير الخارجية أيمن الصفدي محسوب على القصر الملكي أكثر منه على طاقم الحكومة. الصفدي ذاته قد يكون احد عقبات التقارب مع ايران بالمرحلة المقبلة (ان حصل ذلك)، وهو ما يمكن ان يتتبعه المرء ايضاً ان شمل الصفدي التعديل الوزاري المرتقب وقررت عمان المضيّ ببراغماتية.
الحاجة في الأردن هائلة لاستئناف العلاقات مع العراق، وهو ما ينطبق على سوريا أيضاً، الحديث هنا ليس فقط سياسياً، فالحاجة الاقتصادية أكثر الحاحاً، خصوصاً مع كل الرسائل التي تؤكد ان العلاقات مع الحلفاء التقليديين قد لا تذهب للافضل بل على العكس. هذا ما يدركه صناع القرار في الأردن اليوم جيدا مع تغيّر أوراق اللعب تحديدا مع الرياض، فلا مبعوث ملكي اليها مع اقالة الدكتور باسم عوض الله، ولا وزير الخارجية تربطه علاقة مصاهرة مع عمان يلجم جماح السفير الأمير خالد بن فيصل، بعد استبدال عادل الجبير بابراهيم العساف في المنصب.
حتى اللحظة يمكن التوثق من ان هناك “جفاء كبير” بين عمان والرياض منذ الزيارة الملكية الأخيرة في مؤتمر الاستثمار، والتي ينقل مقربون من دوائر القرار انها كانت السبب في بدء مرحلة الجفاء دون تفاصيل أكثر من كون حضور عاهل الأردن للمؤتمر أساساً كان بنصيحة تُقيّم على انها خاطئة واستندت على معلومات مضللة، خصوصاً وقد كان الوحيد برتبة رئيس دولة بينما سارعت معظم الشخصيات الغربية على الانسحاب من المؤتمر قبل انعقاده بأيام.
بالعودة للعراق، الذي زار قبله الرزاز تركيا، وسواء تحدثت دوائر القرار الأردنية عن ذكاء وقرار أو عن حاجة وازمة، فالمشهد يظهر وكأنه يضع الشقّ السياسي من الدولة امام مُهلة يتم فيها ترتيب العلاقات واستئناف العلاقات الإيرانية (التي لم تكن أصلا مفتوحة تماماً ولا بأي مرحلة في السنوات الاخيرة)، بينما تجتمع اللجان الفنية ويبدأ العمل بمعظم الاتفاقيات في فبراير/ شباط 2019، حسب البيان المشترك لرئيسي الوزراء.
الاتفاقات الأردنية العراقية شملت تفعيل اتفاقات عام 2017 المجمدة حول إعفاءات لسلع اردنية. تجميد الاتفاقات كان قد أكد نواب عراقيون في حينه انه متعلق ومرتبط عضوياً بالأزمة الصامتة مع طهران منذ حادثة القنصلية السعودية عام 2016، والتي اتخذت عمان حيالها قراراً بسحب السفير آنذاك عبد الله أبو رمان.
الدكتور الرزاز، يدرك جيداً انه بمأزق اقتصادي كبير، وحديثه قبل أيام عن كون توسيع السوق هو الأساس لنمو الاقتصاد، يعكس ايمانه بحل الازمة ولو في بعدها الدولي والخارجي، خصوصاً ومعظم فئات الإنتاج حالياً تطالب الحكومة بإيجاد حلول تفتح المجال امام سلعهم، والزراعية تحديداً، وهذا ما لن يكون من السهل تحقيقه دون انفتاح حقيقي على أسواق كبيرة منها العراق وسوريا ولاحقاً تركيا وقطر وحتى طهران نفسها، مع التأكيد على ان دولاً خليجية لا تزال اقتصادياً ترتبط بعلاقات مع الإيرانيين.
تحرك الحكومة الممثل بعلاقات اقتصادية منفتحة، تضمنت إعادة فتح ملف اتفاقية التجارة الحرة الذي اغلقته عمان بوجه انقرة، وهذه كلها خطوات محمودة ولكن الشارع لن يقدّرها ولا يقرأها ولا يخفض نسبة غضبه من إدارة الدولة اذا لم تفعّل اولاً بصورة عملية، فقد خبر العديد من الاتفاقات خلال السنوات الماضية. وثانياً وهو الأهم، اذا لم تنعكس على يومه وأسعار السلع لديه، حيث لسان حال المواطن البسيط يقول انه بحاجة تماماً كما الحكومة العراقية لإعفاءات ضريبية وتسهيلات في يومه ومصاريفه.
عودة الرئيس الرزاز إلى عمان، قد لا تعني عملياً تحقيق النصر وجني الثمار كما اكدت الناطقة باسم الحكومة جمانة غنيمات، فالمرحلة الأصعب والقرار الحقيقي يكون في عمان، التي لا تفصل نفسها عن السياقات السياسية المحيطة مع الجيران، واتخذت عدة قرارات على المستوى السياسي كان لها أثر واضح في اقتصادها المتأزم اليوم. العاصمة الأردنية، مطلوب منها ولصالح الشارع المشتعل لديها الكفّ عن النبرة التي يعتبرها جيرانها “متعالية” في الشق السياسي للتعامل مع الجانب الاقتصادي.
بكل الأحوال، يدرك صانع القرار اليوم أن باب سوق العراق يمر من طهران، كما يمر باب سوق تركيا وسوريا وقطر بشكل أو بآخر، ويدرك ايضاً ان الإبقاء على الوضع على ما هو عليه دون اتخاذ خطوات نوعية مع كل الدول المذكورة تحديداً وعلى قواعد براغماتية، لا تُخلّ بالسيادة بل على العكس تؤكدها بعدما كانت عمان تدفع ثمن أزمات لم تكن جزءاً منها منذ البداية.
علاقة هادئة مع ايران، لا توازن العلاقة المتوترة مع الرياض فقط، وانما ايضاً مع الإسرائيليين المقبلين اليوم على المزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين وبالتالي الأردن ووصايته الهاشمية، بالتزامن مع انتخاباتهم المبكرة.
4 ترقيعات المالكي
فريد أحمد حسن الوطن البحرينية

محاولة الترقيع التي عمد إليها نوري المالكي عبر تغريدات نشرها في حسابه على «تويتر» بعد أن قامت وزارة الخارجية باستدعاء القائم بأعمال السفير العراقي في المنامة للاحتجاج على تدخله السافر في شؤون البحرين لم تفلح، وقوله بأنه «لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين» مردود عليه لأنه من خلال تلك المنصة التي وضع بجانبها علم العراق ومن خلال مشاركته في مؤتمر نظمته مؤسسة مدرج اسمها في قائمة المنظمات الإرهابية ومن خلال إلقائه كلمة تحريضية وتأكيده دعمه ودعم العراق لتلك المجموعة تدخل عملياً في شؤون البحرين الداخلية. ولأن ما قام به كان كذلك لذا لا يمكن لأحد أن يقبل بتبريراته ولا يمكن لأحد أن يقول غير أن ما قام به هذا الشخص كان تدخلاً سافراً في شؤون البحرين الداخلية.
المالكي لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين وإنما تدخل، فما فعله يعتبر تدخلاً وليس مطالبة بالتدخل، وقوله «لم نطالب بالتدخل في شؤون البحرين أو أي دولة أخرى كما يتدخل الآخرون في شؤوننا» يصنف في باب الضحك على الذقون من خلال الضحك على اللغة ومن خلال الاعتقاد بأن المتلقي دون القدرة على الفهم.
أما قوله «لم ندع للعنف ولا نشجع أحداً عليه» فكذبة خالصة لأن خطابه كله كان تحريضاً ضد البحرين ودعوة لتحقيق المطالب عن طريق العنف، وإلا فلم استشهد بما حصل في العراق مع حزب البعث؟ وأما قوله «ندعو للحوار» فكذبة أخرى يفضحها الجزء الآخر من العبارة نفسها حيث كتب يقول «ونرفض التهميش والإقصاء وممارسة الاستبداد السياسي» فهذه الجزئية وحدها تؤكد موقفه السالب من البحرين وموقفه الداعم لتلك المنظمة الإرهابية وتؤكد تورطه في فعل التحريض.
المالكي قال في تغريداته أيضاً إنه يؤكد «على احترام الشعوب وحقها في الحرية واستخدام الآليات الدستورية الديمقراطية في معالجة الأزمات»، قال ذلك رغم تيقنه بأنه لم يطبق هذا الأمر في العراق التي حكمها سنين عديدة، ولو أنه كان بالفعل يحترم شعب العراق ويحترم حق هذا الشعب في الحرية واستخدام الآليات الدستورية الديمقراطية في معالجة أزماته لما قبل على نفسه أن يدار عراق العروبة من قبل ملالي إيران الذين عاثوا فيه فساداً، فالفترة التي كان يسيطر فيها المالكي على الحكم كان الحكم بيد ملالي إيران وليس بيده، وكل هذا مناقض لما يقول وما يدعي وما يدعو إليه، إلا إن كان يعتبر ذلك شكلاً من أشكال الاحترام لشعب العراق.
محاولات المالكي للترقيع لن تنفع، ولأننا نفترض فيه الذكاء لذا فإن عليه ألا يفترض هو في الآخرين غير ذلك، فما قاله في محاولة الترقيع تلك يؤكد به أنه يعتقد أن العالم دونه ذكاء وقدرة على الفهم والاستيعاب.
رفض البحرين لما قام به المالكي وما قاله يجب أن يدركه كل الذين يسمعون عن البحرين من أناس يتخذون منها موقفاً سالباً ويقدمون أنفسهم على أنهم في «ثورة»، سواء في العراق أو إيران أو لبنان أو سوريا أو في أي بلد آخر، فالبحرين لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية ولا تحتاج النصح من المالكي أو غير المالكي. مشكلة البحرين مع تلك المجموعة تخصها وحدها وهي قادرة على حلها، ولمن لا يعرف بعد ما جرى ويجري عليه أن يعلم بأن هذه المجموعة سعت وتسعى إلى إحداث الفوضى في البلاد وعملت وتعمل على إيذاء وجرح الاستقرار كي تمكن من يقف من ورائها من التغلغل والحصول على موطئ قدم يسهل لها تحقيق بقية أهدافه وغايته.
لعل هذا يعين على توضيح الخطأ الكبير الذي ارتكبه نوري ويؤكد له أن محاولات الترقيع التي قام بها لا تنفع.
5 «لص بغداد» وتاريخ حافل بالإرهاب

محمود المحمود
جريدة الديلي تربيون

ليس من المستغرب ما فعله أحد لصوص بغداد حين احتفى بتدشين مكتب لجماعة مصنفة كتنظيم إرهابي في مملكة البحرين، ولديها سجل إجرامي حافل بالقتل والترويع ومحاولات هدم سلطات الدولة لمصلحة جهات خارجية التي يعمل لحسابها ويأتمر بأوامرها.
فلم يكن هذا اللص إلا إرهابيا خائنا لوطنه، ورئيسا لجماعة إرهابية مماثلة في حقبة ستينات القرن الماضي، حين انضم إلى جماعة إرهابية تحت مسمى «حزب الدعوة» والذي شكل اللجنة الجهادية للحزب لضرب المصالح العراقية في الداخل والخارج، ثم عاد بعد سقوط الرئيس صدام حسين ليلبس عباءة المشروعية، ويتم تجاهل كافة جرائمه الإرهابية وعمالته للنظام المعادي للعراق ويتقلد رئاسة حكومة الدولة التي كان يحاربها.
ولم لا فالجميع يعلم أن العراق تحكم من الخارج، وأن من خانوا الدولة العراقية في العقود السابقة هم وكلاؤها، وبسطوتها استطاعت أن توصلهم إلى مقاليد الحكم في عراق النكبة ما بعد عصر الرئيس صدام حسين، وكان أبرزهم وأكثرهم عمالة وإخلاصا لتلك الدولة وهو هذا اللص رأس الإرهاب.
وعلى الرغم من تلوين حزب الدعوة وطلائه بالمشروعية ودخول هذا اللص السياسة تحت غطاء «ائتلاف دولة القانون» وما كان له من قوة كبيرة يمكن من خلالها تحقيق كافة تطلعات الشعب العراقي، إلا أن هذا العميل لم ينسَ مهنته الأساسية وهي نشر الإرهاب، فخطط للقضاء على المكون السني في العراق إبان فترة رئاسته للوزارة، وقدم دعما كبيرا للميليشيات الطائفية، وأدار شبكة من السجون السرية وعمليات الاغتيالات السياسية على أساس طائفي مقيت حتى تحولت العراق إلى منطقة منكوبة شعبها مشرد ويتخطفها اللصوص من كل مكان.
وبعد أن وصل إلى منصب رئيس وزراء العراق بوساطة الدولة التي كان عميلا لها برضا وتغاضي أمريكي، لم يسعَ يومًا لأن يكون رجل سياسة ولم يتمكن من التحول إلى إنسان طبيعي، فمازالت بداخله مكونات الإرهابي اللص الخائن العميل، فبدأ في سرقة مقدرات العراق وخيراتها، وتحويل مليارات الدولارات إلى وكلائه بعد استقطاع نسبته من الغنيمة ليرسلها إلى بنوك أوروبا عبر ابنه الذي اشترى قصوراً فخمة في أوروبا وأغلى منزل في فرنسا.
وما يزال هذا اللص يواصل أعماله الدنيئة سواء في العراقيين أو مع أي دولة تخالف أسياده الرأي، فما فعله حين حضر اجتماع (ائتلاف 14 فبراير) الإرهابي، يؤكد أنه قاتل وسفاح، وأنه الداعم الرئيسي لمعسكرات التدريب في العراق، والتي اعترف كثيرون بأنهم تدربوا فيها على استخدام الأسلحة وصناعة المتفجرات، لترويع الآمنين وقتل رجال الأمن في البحرين.
ولم نظلم لص بغداد في وصفه بالخائن والعميل والقاتل والفاشل، فهذا هو ما أكده مجلس النواب العراقي حين أنحى باللائمة عليه في سقوط مدينة الموصل بيد «تنظيم الدولة» عام 2014، كونه القائد العام للقوات المسلحة في تلك الفترة، واتهمه كل من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وأتباع مقتدى الصدر بالتسبب في ضياع العراق، وكان من المفترض محاكمته على فشله، لكن أسياده منعوا ذلك ووصفت تحقيق مجلس النواب بأنه «لا قيمة له».
وما يمكن استخلاصه من أفعال لص بغداد هو أن هذا الارهابي لا يمثل الشعب العراقي الذي نعرفه، ولا حتى يمثل حكومة العراق فقد فشل كرئيس وزراء في أن يجعل من العراق دولة كسابق عهدها، وحولها إلى أكبر دولة فاشلة في الشرق الأوسط، وسبب هذا الفشل أنه ليس إلا إرهابيا في هيئة رجل، بل إنه لا ينتمي للإنسانية ولا يمتُّ للدين الإسلامي بصلة، فتاريخه الدموي مع أبناء جلدته يؤكد ذلك.
6 مستقبل الشرق الأوسط في تفسير «قارئة الفنجان»!
سليم نصار الحياة السعودية

جرت هذه الواقعة في آخر سنة 1951، عندما كان كميل شمعون وعقيلته زلفاء يزوران القاهرة.

وفي إحدى المناسبات، لبيا دعوة توفيق باشا مفرج وزوجته لمياء الى مأدبة غداء أقيمت في «نادي الجزيرة» حضرها عدد من أصدقاء وصديقات الطرفين. وصدف وجود السيدة فائزة طرابلسي بين الحضور، أرملة الأمير العراقي عبدالإله، الوصي على العرش في عهد الملك غازي.

ويبدو أن فائزة كانت معروفة لدى أعضاء نادي طبقة أثرياء مصر بأنها أفضل مَن يقرأ الفنجان. لذلك أنهى كميل شمعون قهوته وطلب منها قراءة بخته في فنجانه.

ويتذكر صاحب الدعوة أن كميل شمعون كان يصغي بفضول ظاهر الى كل عبارة تقولها «قارئة الفنجان» فائزة طرابلسي. ومختصر ما ذكرته في حينه، إن الحظ سيبتسم له بعد رجوعه الى لبنان ليحظى بأعلى المراتب. لكنها صمتت فجأة لتشير اليه بسبابتها وتكمل: إن قعر فنجانك مليء بالدم!

ثم جاءت الأحداث لتثبت أن آخر سنوات عهد الرئيس كميل شمعون كانت غارقة في دماء ثورة 1958.

ولما اندلعت تلك الثورة، تذكر ضيوف الباشا كلام فائزة، وتساءلوا هل لعبت الصدف دوراً خفياً في تحقيق دلالات الإشارات الظاهرة في فنجان كميل شمعون… أم ان فائزة حرصت على ترجمة إشارات القهوة بما يرضي مزاج الحضور؟ّ!

وفي مطلق الأحوال، فإن الثورة اللبنانية سنة 1958 لم تكن أكثر من «بروفة» أو تمرين مسبق إنفجر سنة 1975 بشكل حرب أهلية استمرت خمس عشرة سنة. وكان من الطبيعي أن تنتهي تلك الحرب بإسقاط الطائفة المارونية عن عرش امتيازاتها، تماماً مثلما أدى إنقلاب عبدالكريم قاسم في العراق سنة 1958 الى إسقاط النظام الملكي بواسطة حمام من الدم غرقت فيه حاشية الملك، وأعضاء حكومة نوري السعيد.

وكما حفرت الثورة اللبنانية في وحدة الميثاق الوطني شرخاً طائفياً عميقاً، هكذا حفر إنقلاب عبدالكريم قاسم في المجتمع العراقي ندوباً قومية وطائفية ومذهبية فشل «حزب البعث» من بعده في معالجتها.

وفي المرحلة الثانية من حكم «حزب البعث» في العراق، حاول صدام حسين ترجمة انتصاره على انتحاريي الثورة الايرانية بتحجيم نفوذ الطائفة الشيعية. ولقد عاقبته الولايات المتحدة على شراهته السياسية التي ظهرت في غزو الكويت، فإذا بها تغزو بلاده وتدمر نظامه وتجبره على الاختباء في جحر مموّه. ولقد اكتشفت القوات الاميركية مكان تواريه بفضل جائزة قدرها 750 ألف دولار. وبعد مرور ثلاث سنوات على اعتقاله، أعدِم شنقاً في ثكنة تابعة للاستخبارات العسكرية، يوم 30 كانون الأول (ديسمبر) سنة 2006.

عقب انقضاء أقل من خمس عشرة سنة على إعدام صدام حسين، جدد أنصاره في الجيش والحزب دعوته السابقة الى محاربة الاميركيين والشيعة. ومع أن غالبية الضباط كانوا من العلمانيين، إلا أن أبو بكر البغدادي حرص على إظهار التنظيم بمظهر حركة «إبن تيمية»، أحد فقهاء المذهب الحنبلي. ولقد اعترف البغدادي – وإسمه الحقيقي ابراهيم عواد البدري – بأن اعتقاله على أيدي ضباط اميركيين وسجنه لمدة سنتين تقريباً، خلق في نفسه مشاعر الانتقام عبّر عنها بتأسيس نظام جهادي سنّي اختارت مرتكزاته الجغرافية في العراق وسورية. وبسبب العنف المدوي الذي مارسته عناصر «الدولة الإسلامية» في مختلف القارات، خصوصاً في اوروبا، قرر المجتمع الدولي استئصال شأفة دولة الإرهاب.

بعد نحو ثلاث سنوات من القتال الشرس ضد التنظيم الذي احتل أجزاء واسعة من أربع محافظات عراقية، تمكنت القوات النظامية من كسب الحرب ضد «داعش.» وكان ذلك في التاسع من كانون الأول (ديسمبر) 2017. وعليه قرر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي إعلان هذا اليوم عطلة رسمية، وطلب من جميع الحكومات ضرورة التقيد بتنفيذ هذا الإعلان.

والمؤسف حقاً أن تكون «الدولة الإسلامية» قد نقلت مركزها الى أفغانستان، أي الى المكان الذي انطلقت منه قيادة «القاعدة» بإشراف مؤسسها أسامة بن لادن.

وتؤكد المعلومات أن القوة العسكرية الاميركية التي خدمت في أفغانستان أثناء ولاية الرئيس السابق باراك اوباما لم يزد عددها عن عشرة آلاف مستشار ومدرب وجندي. وبسبب الاعتداءات المتواصلة التي تعرضوا لها، قرر اوباما سحب كل القوات في آخر سنة 2016.

هذا الأسبوع، أعلن الرئيس دونالد ترامب سحب القوات المؤلفة من ألفي جندي من سورية. وقبل أن تمر فترة الاختبار أطل ترامب وزوجته من العراق بحجة مشاركة الجنود احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة.

ورأى المراقبون في هذه الإطلالة سلسلة تحديات تنتظر القوات الاميركية في العراق. ويأتي في مقدمها النفوذ الايراني المتمثل بمئة وخمسين ألف مقاتل ينتمون الى «الحشد الشعبي.» وتضم فصائل الحشد مقاتلين ينتمون الى أحزاب شيعية، ويتلقون الأسلحة والتدريب من ايران. وبسبب الدور المتقدم الذي لعبه هذا «الحشد» ضد إرهاب «داعش»، قرر رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي إضفاء الصبغة الرسمية على تلك الميليشيا، ومعاملتها كقوات عراقية. وكان من الطبيعي أن يثير قرار رئيس الوزراء إستياء المكونات الأخرى مثل وحدات البيشمركة الكردية و»الحشد الوطني» السنّي. ولم تتردد واشنطن في الإعراب عن معارضتها لتصرفات «الحشد الشعبي»، الممثل الخفي للنفوذ الايراني في العراق. وهو قرار اتخذته طهران بعد هزيمتها أمام قوات صدام حسين، بحيث أنها منعت بغداد من أن تكون حرة ومستقلة.

ماذا تخبئ الأحداث الآتية الى سورية بعد انسحاب ألفي جندي اميركي؟

لو أن هذا العمل قامت به روسيا أو ايران، فإنه كان ليثير بالتأكيد حركة اهتزاز عميقة، بسبب اعتماد النظام السوري على دعمهما المتواصل. إضافة الى ذلك فإن المبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا تحدث مرة عن أهمية 12 دولة خارجية منخرطة عملياً في الشأن السوري. وأكد أيضاً وجود 98 مجموعة مقاتلة بينها «داعش» و»النصرة»، إضافة الى جماعات مسلحة مثل «حزب الله» وايران، وثكنات عسكرية تضم 35 ألف جندي.

صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية تصرّ على التذكير بأن القمة التي نظمها الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي، لم يدعَ اليها الرئيس بشار الأسد. والسبب أن الرئيس الايراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب اردوغان تشاورا في احتمال إنقاذ النظام السوري من طريق تقسيم الدولة الى مناطق نفوذ.

وبخلاف موقف الأسد الذي يرى في الغزو التركي لشمال سورية تدخلاً معادياً فإن بوتين حاول إقناعه بأهمية دور أنقرة في مناطق الشمال. وفي هذا السياق، فإن لأردوغان نفوذاً قوياً على القوات المعارضة للأسد، مثل «الجيش السوري الحر» الذي يوجد في تركيا. وفي الوقت ذاته، ترى أنقرة في موسكو الحليف الوحيد الذي يمكنه المحافظة على مصالحها ضد الأكراد.

أما بالنسبة الى دور ايران في سورية، فإن الأسد مرتاح الى أداء «حزب الله» وسائر الفرق التي يتألف منها الجيش النظامي. لذلك أعلن أكثر من مرة أن مساحة النفوذ التي سيحصل عليها هي آتية من الايرانيين أو الروس. لهذا السبب ستبدأ موسكو مطلع السنة الجديدة خفض حجم قواتها، مع الإبقاء على قواتها المنتشرة على الساحل.

الوضع في لبنان حساس الى درجة الغليان سياسياً واقتصادياً، لأن «المريض» لا يحتمل عواصف الفوضى المنتقلة الى ربوعه من سورية. كما لا يحتمل حال الاستنفار التي أعلنتها اسرائيل بعد عثورها على أنفاق «حزب الله» على الحدود اللبنانية. لهذا السبب كثف الجيش الاسرائيلي عمليات التفتيش. وتم إبلاغ الأمم المتحدة عن موقع نفق خامس في الجانب اللبناني من الحدود.

تقول الصحف الاسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد استغلال المعركة الإعلامية ضد «حزب الله» بغرض إقامة سور جديد في النقاط المختلف عليها في مسار جدار الفصل.

لم يبقَ من فنجان القهوة سوى إشارات تتعلق بالقضية الفلسطينية التي تجاوز عمرها السبعين سنة.

ولقد اختصر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحل العملي بعبارة واحدة: «ظهرنا للحائط، لا الشعب يرحمنا ولا التاريخ. وليس لنا من خيار سوى رفض القرارات الاميركية – الاسرائيلية… والانتظار سبعين سنة أخرى!»