1 هدايا ترامب للعراق في الأعياد تعيد خلط الأوراق! افتتاحية القدس العربي
نتيجة الملابسات التي رافقت انتخابه، والتغييرات المستمرة في أركان إدارته، والفضائح الجنسية، والعدد الذي لا ينتهي من الأكاذيب التي يطلقها، اختلطت الأمور على متابعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما عاد الناس قادرين على تدقيق الصالح من الطالح أو الصحيح من المزيف.
غير أننا لا نستطيع، هذه المرة، غير أن نصدق ترامب بعض الشيء حين يتحدث بعد وصوله لتحية جنوده في الأنبار العراقية ليلة عيد الميلاد عن قلقه من تلك الزيارة وإعرابه بصراحة عن خوفه منها لدرجة تأجيلها سابقاً مرتين، ثم نعود لتحفظنا وشكنا بأقواله حين ينكر أن المخاوف الأمنية تلك لا تتعلق به شخصيا، فهو شخص بالتأكيد لا يخاف على حياته، وإنما تتعلق بخوفه على حياة السيدة الأولى ميلانيا!
مثير أيضاً كان تصريح ترامب الكاشف بأن بلاده صرفت تريليونات الدولارات منذ اجتياحها العراق ولكن رئيسها ما زال مضطرا، وبعد كل تلك السنوات منذ اجتياح العراق عام 2003 لأخذ فائق الاحتياطات الأمنية والسرية ليزور جنوده الذين «حرروا» تلك البلاد.
من المرجح أن مستشاري الرئيس الأمريكي نصحوه بأن تأجيله المتكرر لزيارة جنوده في خارج الولايات المتحدة الأمريكية سيضر بصورته المفترضة كقائد عسكري أعلى للبلاد، ولكن ألا يتناقض هذا الافتراض مع قرار ترامب الأخير بسحب جنوده من سوريا أم أنه يجب أن يقرأ بالتوازي معه؟
يكشف ما يحصل في العراق حاليا عن مفارقات «ترامبية» أخرى، فالحديث عن «التريليونات» المهدورة، وعن تقليص الانفاق الأمريكي، وعلى أن واشنطن لا ترغب في أن تكون شرطي المنطقة الخ… كتبريرات للانسحاب من سوريا وأفغانستان، لا يتناسب مع التعزيز الكبير الجاري للقواعد الأمريكية في العراق، حيث قام الجيش الأمريكي بتوسيع قاعدته في أربيل التي تقدر مساحتها بثمانية دونمات وتحتوي على كافة أنواع الأسلحة منها الصواريخ الذكية والمدفعية الثقيلة والدبابات والناقلات وأكثر من 1500 مركبة، وكذلك تعزيز تواجده في قاعدة في منطقة الرمانة في الأنبار وقرب حقل عكاز الغازي، وبذلك يرتفع عدد القواعد الأمريكية في العراق، ما بين معلنة وسرية، الى 12 قاعدة.
ترافق ذلك مع تواجد حاملة الطائرات الأمريكية «جون ستينيس» والطراد الصاروخي «موبايل باي» والمدمرتين «ديكاتور» و«ميتشر» بالإضافة إلى غواصة ذرية دخلت الخليج يوم الجمعة الماضي (كانت قد دخلت مياه الخليج لأول مرة منذ عام 2001).
جهات عراقية عديدة أكدت أن القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا ستتجه إلى قاعدة منطقة حرير الحديثة في أربيل، وقاعدة «عين الأسد» في ناحية البغدادي قرب الحدود العراقية السورية.
واضح أن إيران قدرت أن مؤشرات انسحاب القوات الأمريكية من سوريا باتجاه العراق قد تكون مقدمة لعمل عسكري ضدها، وهو ما ردت عليه بطريقتين، الأولى عبر تصريح سفيرها في بغداد، إيرج مسجدي، بأن لا وجود عسكريا لإيران في العراق، وأن كل مستشاريها قد غادروا بعد «الانتصار على داعش»، والثانية عبر تنفيذ المرحلة الأخيرة من مناورات «الرسول الأعظم 12»، التي وصفها قائد القوات البرية التابعة لـ«الحرس الثوري»، محمد باكبور، وهي القوات التي أجرت المناورات إلى جانب وحدات من القوات الخاصة والمغاوير، بالهجومية مهددا أن بلاده «لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تجلس خلف السواتر إذا تعرضت لهجوم، بل ستهاجم الأعداء دون تردد».
وفي الوقت الذي بدأت بعض القوى العالمية والمحلية تفتح «هدايا» بابا نويل الأمريكي المفخخة في سوريا وترتب شؤونها بناء عليها، فإن تحركات قواته في العراق وردود الفعل الإيرانية المتوجسة منها يفرض على القوى الإقليمية والعالمية إعادة تحسس مواقع أقدامها وخططها.
2 كذبة الاحتلال وكذبة الانسحاب الأميركي من العراق حامد الكيلاني
العرب بريطانيا
السياسيون في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي الذين تولّوا خدمة الحاكم العسكري جي غارنر أو الحاكم المدني بول بريمر بما قدّموه لهما من الاستشارات والتصوّرات والتأييد في إدارة الدولة، وكذلك الذين التحقوا بهم تحت مختلف المبرّرات، لم يعُد بإمكانهم التحدث إلا بلغة مصالحهم الخاصة أو بحدود المنافع لأسرهم وأحزابهم والأشمل هو خضوعهم حسب المقاسات لولاية الفقيه الإيراني ومشروع تصدير فتنته المذهبية.
الولايات المتحدة بالنسبة للأحزاب الطائفية سفينة أقلّتهم إلى سدّة الحكم في العراق، ومكّنتهم من تطبيق برامجهم في تمزيق النسيج الاجتماعي المهذّب عبر قرون أو عقود من تأسيس الدولة العراقية الحديثة، لكن مع كل خدمات الإدارة الأميركية إلا إنهم كانوا وما زالوا نجباء لملالي طهران ولمشروعهم الأوسع في جعل العراق قاعدة بإمكانيات مالية ولوجستية تلحق الأذى بالأمة العربية باستغلال ماكر لمعادلة العروبة والإسلام في تاريخ العراق.
زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، بما أثارته من ردود فعل ميليشيات الحشد الشعبي وجهات سياسية متعددة، أحرجت رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي الذي تحسّب مبكّرا لردّات الفعل بإصدار بيانات صحافية تشير إلى إبلاغ الحكومة بالزيارة قبل الموعد بساعات قليلة، أي أن طائرة الرئيس الأميركي كانت على مقربة من الأجواء العراقية، بمعنى عدم وجود تنسيق مسبق كما هو معتاد على مستوى وزارة الخارجية في البلدين، وتجسّد ذلك بعدم لقاء أيّ مسؤول من العراق والاكتفاء باتصال هاتفي لتطييب الخواطر.
آثار الزيارة على الوضع السياسي وتشكيل الحكومة ستلقي بظلالها في الأيام القليلة القادمة بمزيد من التباينات والمزايدات الوطنية التي تختفي خلف أغلبيتها مكاسب سياسية وإعلانات مجانية بالولاء إلى المشروع الإيراني في ظل العقوبات المستعرة في العراق بوقائع حروب الإنابة بعد مستجدات الإعلان عن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وبمؤشرات تبدو صاعقة في حجم التحشيدات المتنوعة في صنوفها وعناوينها على الحدود العراقية السورية، تخوفا من أي اختراقات من تنظيم الدولة الإسلامية الذي تتمركز عناصر منه على مسافة لا تتجاوز الكيلو متر الواحد، حسب مصادر مسرح العمليات المسلحة.
الرئيس الأميركي أعلن أن انسحاب قواته من سوريا سيكون إلى داخل العراق، وذلك يعطي تصوّرا لزيادة حجم القوات الأميركية بما يمكنها من شنّ الهجمات الجوية ومعالجة أي تجمّعات للإرهاب في الأرض السورية، على حدّ قول ترامب.
المفروض أن تطمئن هذه التصريحات النظام السياسي في العراق بالحرب على داعش، إلا إنها أدت إلى استنفار الميليشيات وبنبرة عالية كان من بينها إطلاق القذائف على محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
البرلمانيون في مجلس نواب العراق وبعد أن جمعوا التواقيع لتشريع قانون يُلزم القوات الأميركية بمغادرة العراق، طالبوا بعد الزيارة بالتسريع والتعجيل في مناقشة مشروع القانون والتصويت عليه لأن وجود القوات خرق لسيادة واستقلال العراق، ولأن زيارة الرئيس الأميركي وبالطريقة التي جرت بها تثبت ذلك الخرق.
لا ندري حقا لماذا الإصرار على تشريع قانون لإخراج القوات الأميركية مع وجود الاتفاقية الأمنية بين حكومة العراق والولايات المتحدة، وهي اتفاقية تتعلق بانسحاب جميع القوات الأميركية من العراق في نهاية اليوم الأخير لسنة 2011 وتعالج في عدد من بنودها قضايا مماثلة للاستعانة بالقوات الأميركية في حالات خاصة بعد سنة الانسحاب.
إضافة إلى اتفاق الإطار الإستراتيجي لعلاقة صداقة وتعاون بين البلدين طويل الأمد وفي كافة المجالات التي تتيح للعراق فرص التقدم في التعليم والصحة والصناعة والزراعة وإعداد الكفاءات، وهي فرص لم تجد لها طريقا للتحقق إلا في الشكليات.
الاتفاقيتان الموقّعتان في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي وكما هو واضح على الأرض وليس الورق، قدّمتا العون للولايات المتحدة في التنصل من الواجبات الملقاة عليها كدولة احتلال بموجب القانون الدولي، وأهم تلك الواجبات الحفاظ على السلم المجتمعي وبناء القدرات الأمنية والدفاعية الضامنة للسيادة والاستقلال؛ لذلك الانسحاب العددي كان هدية لإنهاء نزيف الأموال الأميركية والدماء أيضا، خاصة بعد اعتراف الرئيس جورج بوش الابن بتمرير كذبة أسلحة الدمار الشامل لاحتلال العراق.
الجناح الإيراني المتطرّف في العراق، والذي منه زعيم حزب الدعوة ورئيس كتلة القانون ورئيس الوزراء حينها نوري المالكي، كانت خلفه إرادة المرشد الأعلى في إيران في الاستفراد بالعراق كليّا، وذلك ما تمّ تنفيذه في اجتياح الإرهاب للمدن المستهدفة إيرانيّا وما حدث من إهانة للسلاح الأميركي الذي ساهم في تدعيم وإدامة تسليح تنظيم الدولة، وبعض الأسلحة مازالت رصيدا متناثرا في أرض العراق لتنظيم الدولة الإسلامية عند الحاجة.
تجذّرت لدى ترامب فكرة مراجعة الاتفاقيات التي أقرّها سلفه باراك أوباما، إلا إنه لم يتطرّق إلى هاتين الاتفاقيتين مع العراق، ربما لأن الاتفاقية الأمنية تنظم انسحاب القوات الأميركية، وذلك أصبح من حسابات الماضي إلا بما يتطلب الدعم والتعاون وبالاتفاق مع حكومة العراق لتعزيز المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية والديمقراطية بالتدريب والتجهيز والتسليح لمكافحة الإرهاب المحلي والدولي والجماعات الخارجة عن القانون.
مبرّرات القلق أو استهجان زيارة الرئيس ترامب لمشاركة قواته الاحتفالات بأعياد الميلاد، أنها جاءت بعد الإعلان عن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، ولأنه اختار العراق في أول زيارة له لقوات أميركية خارج الحدود منذ تولّيه الإدارة في البيت الأبيض باعتبار قاعدة الأسد غير مؤمنة تماما لأنها تقع في منطقة ساخنة من العالم، والصور التي تم تناقلها عن الزيارة تبيّن استخدام الإضاءة اليدوية ليلا لانتقال الرئيس وزوجته مشيا إلى “خيمة” الاحتفال في تمويه إعلامي لبنايات محصّنة ومحكمة وثابتة كما هو الحال في القواعد الإستراتيجية، إضافة إلى ما ذكره ترامب شخصيّا عن الاحتياطات الأمنية البالغة.
هل ساسة العراق، ومنهم نوري المالكي الموقّع على الاتفاقيتين والميليشيات المدعومة بقانون وتشريع برلماني، وصلت بهم القناعة إلى التساؤل عن جدوى الاتفاقيتين بوجود كل هذه القواعد الأميركية والتثبت من بقائها، أم أن الاتفاقيتين بصدد المراجعة أيضا من الرئيس ترامب؛ والأقسى ربما عدم احترامها لمعرفة الرئيس ظروف توقيعهما ودورهما الفاضح في ترك العراق لقمة سائغة.
ذاكرة العراقيين لا تتسع لمذكّرات الجرائم والإبادات وفرض الإرادات القادمة من حدود مستباحة للجنرال قاسم سليماني، الذي لا يحتاج إلى إجراءات رسمية ودبلوماسية لدخول العراق، لأنه يحظى بوظيفة مستشار لدى رئيس وزراء العراق للشؤون الأمنية منذ ولاية نوري المالكي، على حد ما تفاخر بقوله فالح الفياض.
الميليشيات لا يليق بها ما ترتديه من التعصّب لكرامة العراق والعراقيين، وكان عليها أن تنتفض مع المنتفضين من أهل العراق ولا تنتفض عليهم نصرة لصورة الخميني المحترقة مع قنصلية النظام الإيراني في البصرة.
3 نوري المالكي.. «مختار العصر ومجرم الزمان» محميد المحميد اخبار الخليج البحرينية
الطبع يغلب التطبع.. والأفعى السامة لا تخرج العسل.. والغراب لا يصدر صوت تغريد العصافير.. تماما كما أن (ماء زمزم) لن يطهر جرائم رئيس الوزراء العراقي الأسبق، الإيراني الهوى والهوية «نوري المالكي»، في تسهيل اغتيال وتصفية العقول العراقية والعلماء والضباط وخيرة رجال العراق العربي.
سجل الإجرام والفساد عند «نوري المالكي» كبير ومتضخم، يكفي أن نعرف أنه في أكتوبر الماضي تقدم رئيس هيئة النزاهة العراقي الأسبق وعدد من الناشطين السياسيين بشكوى إلى الادعاء العام ضد نوري المالكي، بتهمة انتهاك حقوق الإنسان، وهدر المال العام أثناء توليه رئاسة الحكومة من 2006 إلى 2014 – كما ذكرت التقارير الصحفية والإعلامية- بجانب مطالبة العديد من العراقيين بمحاكمة «المالكي».. ولكن الثقل الإيراني في العراق كان يحول دون ذلك ويحميه دائما.
مجرم الحرب «نوري المالكي» يستحق أن يحاكم دوليا على جرائمه البشعة ضد الإنسانية، وهو يحاول دائما أن يظهر نفسه بأنه «مختار العصر» كما يحلو لأتباعه أن يلقبوه بذلك اللقب، ولكنه يستحق لقب «مجرم الزمان» لأن يديه الملطختين بدماء أهل العراق الطاهرة، لا يمكن أن تضعه إلا في مصاف «مجرمي الحرب».
مؤخرا وقف المالكي داعما لمنظمة إرهابية ضد مملكة البحرين، والتدخل السافر في الشؤون الداخلية البحرينية، ومع الموقف البحريني الحازم من تصريحاته عاد ليبرر حديثه بأنه لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين، ولم يدع للعنف ولا يشجع أحدا عليه ولكنه كان يدعو للحوار..!! على الرغم من أن حديث المالكي كان مسجلا ومتلفزا.
في يناير 2017 طالب المالكي بوضع البحرين في قفص الاتهام الدولي.. وقد وقف العالم مستغربا «كيف لمجرم حرب أن يتطاول على الآخرين، وهناك ما يثبت دعمه المستمر للإرهاب والإرهابيين، وتشبثه بمنصبه على الرغم من مطالبة الجميع له بالتنحي، حتى أن وزير الخارجية الأمريكي طالبه بأن «لا يؤجج التوتر السياسي».
في شهادته التاريخية على إحدى القنوات الفضائية أكد الشيخ العراقي «رافع الرفاعي»: ((إن كل الأنشطة المعادية للبحرين والسعودية تمت بعلم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وإشرافه)).. وتذكر العديد من التقارير الإعلامية العراقية أن نوري المالكي من أصول يهودية، واسمه الحقيقي نوري كامل العلي، واسمه الحركي جواد المالكي، وهو لا ينتمي إلى عائلة (آل مالك)، وتعود عائلته إلى قبيلة كريضات (نسبة إلى بني قريضة) وهي قبيلة يهودية كانت تسكن في الموصل، ثم تشيعت بعد سقوط الدولة العثمانية في العشرينيات من القرن الماضي، ورحلت إلى محافظة كربلاء.
التاريخ الأسود لنوري المالكي يزكم الأنوف.. وحاضره ملطخ بدماء الأبرياء.. ومستقبله غامض وكئيب وسينال عقابه في الدنيا والآخرة.. وسيتم التخلص منه في «مزبلة التاريخ» بعد أن تنتهي مدة صلاحيته عند أسياده في النظام الإيراني، وبعد أن تضخمت ثروته التي سرقها من قوت العراق والعراقيين، حيث كان يتسلم راتبا شهريا يبلغ (2 مليون دولار) وهذا بشهادة الصحف العراقية نفسها..!!
مملكة البحرين، وكل الدول الخليجية والعربية.. حريصة كل الحرص على «عروبة العراق»، ولكن نوري كامل «المالكي» لا يستحيي ولا يخجل من التطاول على كل عربي داخل أو خارج العراق، طاعة لأسياده الإيرانيين.. فلا يتوقع أحد من هذا المجرم أي حديث إيجابي عن الخليج العربي، وإن حاول أن ينمق عباراته ويجمل كلماته.. ألم نقل في بداية المقال إن الطبع يغلب التطبع.. والأفعى السامة لا تخرج العسل.. وماء زمزم لا يطهر المجرمين.
4 طقوس يهود العراق وليد الزبيدي الوطن العمانية
غابت طقوس يهود العراق من الواقع الحياتي اليومي، لكنها بقيت في الكتب والمصادر الكثيرة التي تتحدث عن تلك الطقوس والعادات، وكانت الطائفة اليهودية تمارس جميع طقوسها، ومن بين تلك الطقوس والعادات، مسألة الذبح، الذي يهتم اليهود بموضوعه، وهنا نتحدث عن أحوال يهود العراق قبيل الغزو الأميركي للعراق بسنتين أو أكثر، فقد كان المسؤول عن الذبح، هو شاؤول ساسون، ويجب حصول الشخص الذي يقوم بعملية ذبح الماشية والدجاج على رخصة من رئيس الطائفة اليهودية في العراق، وثمة شروط لا بد من توافرها في الحيوان المراد ذبحه، ومن أهمها، أن يكون الحيوان سالما، ويمشي بصورة طبيعية، ولا يجوز ذبحه، إذا لم يكن سليما، معافى، وبعد عملية الذبح، يدقق القائم بعملية الذبح بيده أعضاء الحيوان المذبوح، ويتم الضغط على الرئتين، ونفخهما، فإذا ما ظهر أي أثر لقيح، أو خروج دم أو ما شابه ذلك، فلا يجوز أكل لحم هذا الحيوان، إذ إن ذلك يدلل على وجود ملامح مرض ما، وهذه مسألة صحية تماما، وينطبق هذا التشدد على الدجاج أيضا، إذ يتم فحص الجناح وبقية العظام، فإذا تمت ملاحظة أي كسر قديم أو حديث، أو ظهور لون غريب أو ورم ما، فلا يتم تناول لحمه على الإطلاق.
من شروط الذبح الأخرى، أن تأتي السكين على الرقبة مرة واحدة، وإذا لم تنجز مهمتها، فإنه لا يجوز أكل اللحم أيضا. أما بالنسبة للصيد فإنه محرم عند الطائفة اليهودية، ولا يجوز أكل الطيور التي يتم اصطيادها بأية طريقة كانت. ويتم ذبح ما تحتاج إليه الطائفة اليهودية ضمن المجزرة الرسمية التي يتم داخلها ذبح ما يحتاج إليه المستهلكون.
وتؤكد الكثير من المصادر أن اليهود العراقيين الذين هاجروا أو تم تهجيرهم إلى فلسطين، قد حرص الكثيرون منهم على المحافظة على عادات وطقوس سبق وعاشوها في بغداد ومناطق العراق الأخرى، يقول أحد الكتاب عن حياة اليهود العراقيين في (تل أبيب) أبو فخر صقر: السائر في حي رامات غان في تل أبيب يخال نفسه في أحد أحياء الرصافة من بغداد، فأغاني ناظم الغزالي وليلى مراد وعفيفة أسكندر و(أمان يالالي) لا تنفك تصدح من مكبرات الصوت في المقاهي والمقاصف. وروائح الباجة والتكه والتشريب والتمن والمرق والتوابل البغدادية تحلّب الريق في الأفواه وتفعم الأنوف والخياشيم بالأفاويه الهندية. وهذا الحي ليس حيا للهو بتاتا، بل يخفي وراء جدران منازله مآسي إنسانية وتمزقات بشرية شتى، إنه حي اليهود العراقيين الذين اقتلعوا قسرا من ديارهم، وأرسلوا كالقطعان إلى (الدولة الإسرائيلية) (جريدة السفير البيروتية 29/4/2000م).
ما يؤسف له، أن الطقوس والتقاليد ليهود العراق قد تلاشت في بلدهم الاصلي العراق، في حين يحاول الكثيرون منهم المحافظة على تلك الطقوس والتقاليد في داخل إسرائيل رغم مرور عشرات السنين على مغادرتهم مدينة بغداد.