القنصلية الالمانية في اربيل ترد على دير شبيغل وتعترف بالفساد

أكدت القنصلية الألمانية لدى إقليم كوردستان، “اعتماد سياسة جديدة في منح تأشيرات الدخول لا تتساهل مع الفساد فضلاً عن اتخاذ إجراءات لمنع الاستخدام السيء لتأشيرات الدخول”، تعليقاً على تقرير نشرته مجلة دير شبيغل تضمن إفادات للاجئين أكدوا شراءهم “الفيزا” من القنصلية مقابل مبالغ مالية.

وقال مصدر في القنصلية : “اتخذت القنصلية الألمانية في أربيل في كانون الأول/ديسمبر 2017 عدة إجراءات جديدة وذلك كاستجابة عاجلة للمؤشرات الأولية التي ظهرت لنا، من أجل القضاء على أي استخدام سيء لإجراءات الحصول على الفيزا، وقد تم إبلاغ الشرطة الاتحادية الألمانية على الفور بالأمر”.

وتابع: “وزارة الخارجية الألمانية تعمل عن قرب مع الجهات المسؤولة لإجراء تحقيق شامل في المسألة”.

ومضى بالقول: “نتبع سياسة لا تتساهل بتاتاً مع الفساد والجرائم الأخرى في المهام الدبلوماسية”، مبيناً أن “الادعاء العام في برلين يعمل الآن على التحقيق في الأمر، لكن وزارة الخارجية لا تدلي بأي تصريح بشأن التحقيقات المتواصلة”.

يشار إلى أن لاجئين سوريين أدلوا بمعلومات لمجلة (دير شبيغل) الألمانية تفيد بأنه جرى في القنصلية الألمانية بأربيل تلقي أموال لقاء منح تأشيرات سفر إلى ألمانيا، وأظهرت وثائق السلطات المعنية، بعد نشر هذه المعلومات، أن هذه المسائل قد تثير اضطرابات جدية بالنسبة للقنصلية العامة ومسألة منح التأشيرات للاجئين.

وأظهرت تحقيقات القنصلية العامة أن 24 طلباً (للحصول على فيزا) تم التلاعب بها، وقد يكون ذلك هو سبب منح التأشيرات بطريقة غير قانونية، وهناك مؤشرات تثير الشك في أن العدد أكبر من هذا، مبينةً: “القنصليات والسفارات الألمانية، توضع باستمرار تحت أنظار التحقيقات في الفساد أو التلاعب في منح التأشيرات، وقد تم ملء العجز في الكادر في أغلب الأحيان بموظفين محليين بأجور أقل من نظرائهم الألمان”.

وتقول المجلة أن “هذه التجارة في أربيل انطلقت من عدد من المقاهي، حيث كان يلتقي المهربون واللاجئون. كانت أسعار التأشيرات مختلفة، تبدأ بألفي دولار أمريكي وصولاً إلى ثلاثة عشر ألفاً. وحسب تحقيقات دير شبيغل، كان هناك حراس عراقيون يتحدثون الألمانية، يقومون بالتوسط بين قسم التأشيرات في القنصلية الألمانية والمهربين، ما يظهر أن لهؤلاء الموظفين تأثيراً على سير عملية منح التأشيرات”.

وأدلى لاجئون سوريون بمعلومات لمجلة (دير شبيغل) الألمانية تفيد بأنه جرى في القنصلية الألمانية بأربيل تلقي أموال لقاء منح تأشيرات سفر إلى ألمانيا، وتشير المجلة إلى أنه رغم إجراء تحقيقات مستمرة في هذه المسألة، فإن الشكاوى لم تصل إلى مقاصدها وأن الأوراق سحبت من عملية التحقيق.

وتقول دير شبيغل: “لم يعد المال مشكلة بالنسبة إلى (جاسم م) الذي لم يلتق عائلته وأولاده منذ سنوات. فقبل اندلاع المعارك (في منطقتهم) في العام 2015، هربت زوجته وأولاده إلى ألمانيا، وحاول جاسم الذهاب إلى ألمانيا للمّ الشمل مع عائلته، لكن كل محاولاته باءت بالفشل، ليجد نفسه عالقاً في أربيل – العراق”.

وقال جاسم لدير شبيغل: “انتظرت كثيراً (الالتحاق بعائلتي)، لكن الانتظار لم ينفع، لذا قررت الذهاب إلى ألمانيا”، مضيفاً “هذه المرة يجب أن لا يكون ثمّ خطأ، مهما كان الثمن (للوصول إلى ألمانيا)”.

في خريف العام 2017، التقى جاسم شخصاً في أحد مقاهي أربيل، وقال له إن هناك طريقة مضمونة للوصول إلى ألمانيا، ونسبة نجاحها كبيرة جداً، وأنه “يستطيع استحصال فيزا (تأشيرة سفر) ألمانية له”، وبواسطتها يستطيع السفر إلى ألمانيا بالطائرة.

اتفق جاسم مع المهرب على دفع 12000 دولار له لقاء الفيزا، وأن يدفع المبلغ بعد أن توضع الفيزا على جواز سفره، وأخبره المهرب أنه يمكنه طلب حق اللجوء في ألمانيا حال وصوله إليها وأن هذه الفيزا ستسهل له الوصول إلى ألمانيا بلا مشاكل.

انقطاع جاسم عن عائلته أفقده الأمل تماماً، ولهذا يقول لو أنه (المهرب) طلب 15000 أو 20000 دولار لم يكن ليتردد في دفع المبلغ في سبيل اللحاق بأولاده.

حقق المهرب ما وعد به، وحصل جاسم على جواز سفر عليها صورته مع استمارة من المهرب، كان جاسم قد تقدم في 18 تشرين الأول 2017 بطلب الفيزا إلى القنصلية الألمانية بأربيل من خلال برنامج القبول الدولي وحصل بعد أسبوعين على الفيزا (من القنصلية الألمانية في أربيل).

في 21 تشرين الثاني، طار جاسم من بغداد إلى إسطنبول، ثم إلى ألمانيا، ولم يواجه مشكلة عند تدقيق جواز سفره، وكانت الفيزا حقيقية.

بعد الوصول إلى ألمانيا، لم يعد جاسم بحاجة إلى جواز السفر الذي يحمل التأشيرة، وفي المطار الألماني جاء شخص إلى جاسم (46 عاماً) وأخذ منه جواز السفر، وكان ذلك بناء على اتفاق مسبق بين جاسم والمهرب في أربيل، وهكذا حقق جاسم ما كان يبغي.

الفيزا لقاء ثمن، نظام فاسد قائم على معاناة اللاجئين، وتظهر قائمة سرية بالملفات المشبوهة أن ملف جاسم مجرد واحد من العديد من تلك الملفات.

وأظهرت وثائق السلطات المعنية، بعد نشر هذه المعلومات من قبل دير شبيغل، أن هذه المسائل قد تثير اضطرابات جدية بالنسبة للقنصلية العامة ومسألة منح التأشيرات للاجئين، وقد استغرق التحقق من شكوى طويلاً وربما لم يستغرق الكثير من الوقت.

أظهرت تحقيقات القنصلية العامة أن 24 طلباً (للحصول على فيزا) تم التلاعب بها، وقد يكون ذلك هو سبب منح التأشيرات بطريقة غير قانونية، وهناك مؤشرات تثير الشك في أن العدد أكبر من هذا.

القنصليات والسفارات الألمانية، توضع باستمرار تحت أنظار التحقيقات في الفساد أو التلاعب في منح التأشيرات، وقد تم ملء العجز في الكادر في أغلب الأحيان بموظفين محليين بأجور أقل من نظرائهم الألمان.

ويقول محقق عمل لسنوات على الفساد في البعثات الأجنبية: “هناك أيضاً اختلاف في الثقافة… وهناك طرق أخرى في البلاد الأخرى”، والتركيز هو على المال، ويقول المحقق: “منذ أن تمكنوا من توزيع الكراريس في كل أنحاء البلاد، تغير الوضع بعض الشيء”.

وحسب هذا المحقق، فإن عدد طلبات الفيزا المشبوهة في أربيل موضع تساؤل، ويظهر أنه ملف خاص، ويظهر من اللقاءات التي أجرتها دير شبيغل مع عدد من اللاجئين، وكذلك وثائق المكتب الفدرالي للمهاجرين واللاجئين والوثائق المحلية للسلطات، صورة شبكة تهريب خبيرة مع موظفين فاسدين في القنصلية ومساعدين لهم في ألمانيا.

انطلقت هذه التجارة في أربيل من عدد من المقاهي، حيث كان يلتقي المهربون واللاجئون. كانت أسعار التأشيرات مختلفة، تبدأ بألفي دولار أمريكي وصولاً إلى ثلاثة عشر ألفاً. وحسب تحقيقات دير شبيغل، كان هناك حراس عراقيون يتحدثون الألمانية، يقومون بالتوسط بين قسم التأشيرات في القنصلية الألمانية والمهربين، ما يظهر أن لهؤلاء الموظفين تأثيراً على سير عملية منح التأشيرات.

أدخلت تلك الطلبات في نظام منح التأشيرات في القنصلية العامة وتم تسجيل الطلبات، ويبدو أن منفذي هذه العمليات استغلوا نقاط الضعف في نظام العمل في القنصلية: فكان قليل من الموظفين يتعامل مع عدد كبير من طلبات الحصول على تأشيرات، لهذا وفي أحسن الأحوال لم يكن بإمكان هؤلاء إلا إلقاء نظرة سطحية على الطلبات.

كما في حالة اللاجئ السوري (رشيد م) الذي كان قد طلب مكاناً من خلال نظام القبول في تشرين الثاني 2017، حيث يظهر كيف أن منفذي العملية تدخلوا في ذلك، فهناك مطلبان للمشاركة في برنامج القبول:

أولاً، يجب أن يكون للمتقدم أقارب في ألمانيا، يتعهدون بالإنفاق عليه طوال فترة وجوده في ألمانيا، لكن في قضية الرعاية المشبوهة لرشيد، لا يوجد اسم شخص معين، بل عنوان بريد إلكتروني لموقع خدمي.

ومع ذلك، فإن وثائق طلب الفيزا من جانب السوريين انتقلت إلى مرحلة ما قبل تصديق التأشيرة، بدون التصديق عليها، أي بدون موافقة الخبراء في ألمانيا ولا تقييم في أربيل، في حين لا تمنح التأشيرة بدون تصديقها من ألمانيا.

حصل رشيد على الفيزا، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى ألمانيا في الوقت المحدد، حيث انتهت صلاحية الفيزا في مطلع كانون الأول، عندما واجه المسؤولون عن الأمر في القنصلية العامة مشاكل، الأمر الذي أدى إلى مراجعة شاملة لعمليات منح التأشيرات وإلغاء النظام الذي أحاطت به شبهات احتيال.

ومع أن الدائرة المشبوهة في القنصلية العامة ضيقة، لكن الوثائق التي تم جمعها لم تخضع للتحقيق لفترة طويلة. كما لم تعرف أسماء المهربين الذين اتصلوا باللاجئين، ولم يتم الكشف عن المتعاونين معهم، الذين تسلموا جوازات السفر الخاصة بالسوريين الذين وصلوا فعلاً إلى مقاصدهم.

منذ بداية العام الحالي، عمل محقق خاص تابع للشرطة الاتحادية في القنصلية الألمانية ورفع تقريراً تحقيقاً إلى المشرفين عليه في ألمانيا، وأعلمت المراكز الرئيسة للشرطة الاتحادية في (بوتسدام) مكتب الادعاء العام في برلين به في فصل الصيف. لكن تحقيقات دير شبيغل وحدها هي التي أثارت الموضوع بصورة جدية.

في تشرين الأول، وبعد عام من ظهور حالات التلاعب، بدأ مكتب الادعاء العام بالإجراءات، وكشف قسم الجرائم المنظمة بعض الأمور مؤخراً حول التهريب المشبوه للأجانب ضد مجهول، ومع ذلك يبدو أن التحقيق الكامل في هذا الملف صعب للغاية.

وعن سبب عدم الكشف عن المسألة قبل ظهور تحقيقات دير شبيغل، تقول الشرطة الاتحادية الألمانية أن الأمر كان بحاجة إلى تحقيقات كثيرة وتقييم ملفات كثيرة.

وتقول وزارة الخارجية أنها تلقت معلومات عن هذه الخروقات في أربيل، في تشرين الثاني 2017، وأنها اتخذت إجراءاتها، لمنع تكرار حصولها، وأسرعت في تبليغ مسؤولي التحقيق في القضية بها.

وتقول الوزارة أنها حالت دون منح المزيد من هذه التأشيرات المشبوهة في أربيل، لكن معلومات دير شبيغل تقول إن الحراس المحليين مازالوا يمارسون عملهم في حماية القنصلية العامة.

وفي كل الأحوال، لم تؤد هذه الأمور المشبوهة باللاجئين إلى الكذب بخصوص طريقة وصولهم إلى ألمانيا، وكشف أغلبهم بصدق عن كيفية وصوله عندما تقدم بطلب اللجوء.

في أواسط 2017، عندما تقدم اللاجئ السوري (دلبرين) بطلب اللجوء، قال لعضو في المكتب الفدرالي للاجئين والمهاجرين إن مهرباً أخبره بتأمين فيزا له في القنصلية العام بأربيل لقاء 3000 دولار أمريكي، وأنه استخدم تلك الفيزا للوصول إلى دوسلدورف، وفي نهاية جلسة التحقيق، قال دلبرين إنه يريد البقاء في ألمانيا ليعيش بسلام ويبني نفسه.