3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 رسائل جولة الرئيس برهم صالح العربية عادل الجبوري راي اليوم بريطانيا

في مقال له، حظي بأنتشار واسع في مختلف وسائل الاعلام الالكترونية، تحت عنوان “الاصلاح الداخلي والتكامل الاقليمي”، كتب الرئيس العراقي برهم صالح قائلا، “ان العراق يسعى الى بناء أفضل العلاقات مع عمقه العربي والخليجي، والتعاون مع اشقائه في إرساء قواعد حسن الجوار والتكامل الاقتصادي والنهوض الثقافي المشترك، كما تجمع بين العراق والجمهورية الاسلامية الايرانية روابط علاقات متينة، نطمح الى تنميتها وتقوية أسسها لتكون بدورها مثالاً للتعاون من أجل نماء واستقرار المنطقة، وان علاقات متميزة تربط العراق بتركيا تحمل بدورها آفاقاً مفتوحة للتطور، وهذا ما يعزّز فرص سلام ناجز تستحقه المنطقة وشعوبها”.
ويؤكد الرئيس صالح في مقاله، ايضا “ان مصلحتنا الوطنية تكمن في حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض سياسة المحاور، والتمسك بالدور العراقي المحوري في بناء منظومة أمن إقليمي يستند الى الاحترام المتبادل للسيادة وحقوق شعوب المنطقة، وان التعاون والتكامل الاقتصادي والثقافي والأمني والانمائي، هي مفاتيح أساسية للنهوض بمنطقة الشرق الأوسط برمتها، عبر استبدال لغة الخلاف بالاتفاق، والتناحر بالتعاون، والبناء على المشتركات، قبل الوقوف أمام الخلافات”.
ولان توقيت نشر المقال جاء متزامنا مع بدء اول جولة خارجية له منذ توليه رئاسة الجمهورية في الثاني من شهر تشرين الاول-اكتوبر الماضي، فقد بدأ واضحا ان الرئيس الجديد اراد ان يطلق من خلاله عدة رسائل لمن سيزورهم، وليشرع فيما بعد بترجمتها الى واقع عملي على الارض، في ذات الوقت ربط الرئيس التكامل الاقليمي بين قوى المنطقة بالاصلاح الداخلي، سواء بالنسبة للعراق او جيرانه واشقائه، وفي هذا الشأن يقول “من الممكن ان تكون هذه المرحلة هي البداية الحقيقية لخروج العراق من دوامة أزماته، وبالتالي الاسهام في تجاوز المنطقة بالكامل لأزماتها، والطريق بات أكثر وضوحاً لدى العراقيين نحو الضفة الاخرى، وهو مرتبط بأستحقاقات داخلية، وأخرى خارجية متبادلة مع الأشقاء والجيران ودول العالم، والقيادة العراقية الجديدة في المستويات التشريعية والتنفيذية تمتلك الرؤية الواضحة لمثل هذه الاستحقاقات”.
ومع ان الكثير من الجدل والسجال قد اثير حول الجولة الاقليمية المبكرة والسريعة والمكثفة للرئيس العراقي، التي جاءت بعد اقل من شهر ونصف الشهر على توليه المنصب، واستغرقت ثمانية ايام، وشملت كل من الكويت والامارات والاردن وايران والسعودية، الا انه في الاطار العام، كان من المهم ان ينطلق حراك سياسي عراقي على مستوى عال تجاه الفضاء الاقليمي، وبما ان رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي، اكد انه لن يقوم بأية سفرة خارجية قبل انجاز جملة من الاولويات الداخلية الملحة، فأنه من المفيد والضروري جدا ان يبادر رئيس الجمهورية الى المبادرة للتحرك، وبالتالي تهيئة الاجواء والارضيات والظروف المناسبة، لتعزيز علاقات العراق مع محيطه العربي والاقليمي من جانب، ومن جانب اخر الشروع بحلحلة المشاكل والازمات، واعادة بناء الثقة بما يرسخ ويكرس المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة بين الاطراف المعنية.
ومن تابع بدقة تفاصيل مباحثات صالح في كل من الكويت وابو ظبي وعمّان وطهران والرياض، لاشك وجد انه في كل عاصمة من العواصم التي زارها، طرح رسائل قد تكون مختلفة عن ما طرحه في العواصم الاخرى، ارتباطا بطبيعة ومستوى العلاقات التي تربط بين بغداد وكل واحدة من تلك العواصم، وما هو قائم من عقد واشكاليات بحاجة الى حلول ومعالجات واقعية وعملية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، اكد صالح من العاصمة الايرانية طهران على “ان العلاقات الوثيقة بين الشعبين العراقي والإيراني، أتاحت مجالات منقطعة النظير للعراق وإيران لضمان مصالحهما المشتركة، وذلك في ظل القواسم المشتركة الدينية والثقافية والعقائدية والإرادة الراسخة لقادة البلدين”، مع الاشارة الى عدم قبول العراق بالاجراءات التي تتعارض مع الأمن الإقليمي، والمسببة في تقويض استقرار وامن بعض الدول، أو إضعافها عبر فرض العقوبات اللاقانونية”، وهذا تعزيز وتجديد للموقف العراقي الرافض للعقوبات الاقتصادية الاميركية ضد ايران.
بينما شدد الرئيس صالح من العاصمة السعودية الرياض على ضرورة التعاون من اجل مكافحة الفكر المتطرف-وهي اشارة ضمنية الى الفكر الوهابي التكفيري-والتعاون الجاد بين مختلف دول للحفاظ على السلم الاجتماعي في المنطقة، وحماية المجتمعات العربية من ذلك الفكر الظلامي المتخلف.
والى جانب رسائل صالح الخاصة بكل عاصمة من العواصم التي جال عليها، فأنه اطلق رسائل عامة تعني وتهم الجميع، من قبيل، رغبة بغداد في ان تكون عامل تفاهم واتفاق لا تقاطع وصراع، وان تدخل بشراكات حقيقية بناءة بعيدا عن سياسات المحاور والمحاور والمضادة.
ومن قبيل، ان السلام والاستقرار في العراق مرتبط بالسلام والاستقرار في سوريا واليمن وعموم بلدان المنطقة.
ومن قبيل، ان التنمية والتقدم يتطلب اهمية العمل المشترك والتكامل بين الجميع، والبحث عن نقاط الالتقاء والنأي عن نقاط الافتراق.
ولاشك ان الاطراف الاقليمية التي حرصت على مد جسور التفاهم والتعاون مع العراق منذ وقت مبكر، ستجد في ظروف ومعطيات المرحلة الجديدة فرصة مؤاتية ومناسبة جدا لتعزيز ما تحقق من خطوات ايجابية ومهمة بمختلف المجالات والاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية، خلال الخمسة عشر عاما المنصرمة، بما يخدم مصالحها ومصالح العراق على السواء.
وستجد الاطراف التي كانت سببا وعاملا في عرقلة مسيرة التقدم والاصلاح السياسي والاقتصادي والامني في العراق، نفسها ملزمة بتصحيح سياساتها وتعديل مواقفها، ومغادرة عقد الماضي، والتحرر من مخاوف الحاضر، وتجنب الوقوع بأفخاخ هواجس المستقبل.
ولاخلاف على حقيقة، ان الفرصة الراهنة للانطلاق الى الامام، وبناء الثقة، تبدو فرصة ذهبية، لابد من استثمارها وعدم التفريط بها، لاسيما وان المخاطر والتحديات كبيرة وكثيرة، بحيث لم تعد شعوب ودول المنطقة تحتمل وتتحمل المزيد من الماسي والكوارث والويلات.
لذلك ينبغي الرد على الرسائل الايجابية العراقية بالافعال لا بالاقوال فقط.
2 العراق أم إيران أولاً؟ عائشة المري الاتحاد الاماراتية

في أول موقف معلن لرئيس الحكومة العراقية الجديد تجاه العقوبات الأميركية على إيران، صرح عادل عبد المهدي بأن «العراق ليس جزءاً من منظومة العقوبات الأميركية على إيران، وأن بغداد غير ملزمة باحترامها»، وذلك بعد بدء سريان المرحلة الثانية من العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران في الخامس من نوفمبر الجاري، والتي تشمل قطاعات الطاقة والمصارف والنقل البحري، كما تشمل 50 بنكاً إيرانياً مع فروعها، وأكثر من 200 شخصية، وعدداً من السفن في قطاع النقل البحري الإيراني، إضافة إلى شركة الخطوط الجوية الإيرانية، وأكثر من 65 طائرة من أسطولها. وهو تصريح يناقض تصريح رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي الذي أكد في أغسطس الماضي أن «العراق لا يتعاطف مع العقوبات الأميركية على إيران، لكنه سيلتزم بها لحماية مصالحه».
وقد أثارت تصريحات عبد المهدي، ردود أفعال متفاوتة وتساؤلات لا تتوقف حول الكيفية التي سيتعامل بها العراق مع العقوبات في ظل التباين بين موقفي العبادي وعبد المهدي من طهران وواشنطن، ومدى التأثير الإيراني على سياسة بغداد، وما إذا كان العراق سيصبح رئة إيران في زمن العقوبات؟
ونظراً للتداخلات الإيرانية العراقية المعروفة، من المتوقع أن تؤثر العقوبات الأميركية بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي، حيث تميل كفة الميزان التجاري لمصلحة إيران، إذ بلغ حجم التجارة بينهما العام الماضي نحو 12 مليار دولار معظمها لمصلحة إيران. وتتكون أغلب الصادرات الإيرانية إلى العراق من مواد غذائية (فواكه وخضراوات وحبوب)، ومواد بلاستيكية وسيراميك ومواد بناء.. مقابل 700 مليون دولار صادرات عراقية إلى إيران.
الاختراق الإيراني للعراق واضح، ولا يخفِي الساسةُ العراقيون علاقاتِهم القوية بإيران. أما الفصائلُ المسلحة والمليشيات العراقية المدعومة من طهران، فقد هددت علناً بالعمل على خرق العقوبات ومدّ إيران بما تحتاجه من معونات، لتخفيف تأثير العقوبات عليها. لذلك ستحاول الحكومة الإيرانية جعل العراق متنفساً لها للالتفاف على العقوبات، وستساعدها أذرعها السياسية والعسكرية في التأثير على قرارات الحكومة العراقية حيال العقوبات.
وقد سبق للحكومة العراقية أن سعت لاستثنائها من العقوبات، وكنتيجة مباشرة لاعتماد العراق على إيران في مجال الكهرباء والسلع الاستهلاكية المستوردة، ظهرت مخاوف من حدوث أزمة في العراق نتيجة لتطبيق العقوبات الأميركية على إيران. وقد استطاعت بغداد الحصول على استثناء محدد من تطبيق العقوبات بعد مفاوضات بين مسؤولين عراقيين وأميركيين، حيث أعطت الولاياتُ المتحدةُ العراقَ فرصةَ 45 يوماً حتى يجد حلاً تدريجياً للتوقف عن استخدام النفط والغاز الإيرانيين.
وفي ظل انقسام المواقف السياسية العراقية، وحالة الفساد المستشري، يتوقع أن يتحول العراق إلى ممر لتمكين إيران من استيراد سلع محظورة عليها بموجب العقوبات الأميركية، بل وأن تسعى طهران لتحقيق مكاسب اقتصادية أكبر لمصلحتها في العراق، وأن تقوم بتصدير سلعها على نحو أوسع وأن تقبض أثمانها بالعملة الإيرانية من داخل العراق لخرق الحصار وتخفيف الضغط على الداخل الإيراني.
والواقع أن العراق لا يملك رفاهية خيار عدم تطبيق العقوبات، رغم المهلة الأميركية لبغداد واستثنائها المؤقت من استخدام الدولار في تعاملاتها التجارية مع طهران.
لذلك ستشهد المرحلة المقبلة انخفاضاً في حجم التبادل التجاري بين بغداد وطهران، رغم اعتماد الأسواق العراقية بشكل كبير على المنتجات الإيرانية، الأمر الذي سيؤثر على هذه الأسواق. لذا فقد أصبح موقف الحكومة العراقية من العقوبات على المحك، وسيظل السؤال مطروحاً في ظل العقوبات الأميركية على إيران: المصالح العراقية أم الإيرانية أولا؟
3 العودة الى «داعش»
مشرق عباس الحياة السعودية
تنظيم «داعش» يعود بشكل تدريجي لمحاولة ضرب الامن في المناطق التي خسر السيطرة عليها في العراق، والقلق من تحركات التنظيم بدأ يساور الجميع، الى درجة اعلان حملات عسكرية جديدة، او المطالبة باخرى، او توجيه اللوم الى تراخي القوى الامنية، او توتر الاجواء السياسية.
لكن معطيات عميقة كان لابد من مراجعتها بعد تحرير المدن عسكرياً من عناصر التنظيم يتعلق بعضها بعدم وجود اية ستراتيجية لمعالجة الاثار التي تركتها الحرب القاسية والمدمرة، وتخص اخرى العودة للتفكير بعقل «داعش» والبحث عن خياراته وفرصه والاليات التي يمكن ان يعتمدها لاستعادة توازنه بعد الضربات الكبيرة التي وجهت اليه. وليس سراً ان قضية «اعمار المدن المحطمة» لم يكن سوى شعار سياسي جذاب جرى استخدامه وقت الانتخابات، وسمح بتسلق طبقة سياسية على ظهر تلك المدن لافتتاح مزاد على المناصب الحكومية، والبحث عن اية فرصة لامتصاص المال الشحيح المخصص لموازناتها، فيما اصبحت عودة العائلات النازحة واصلاح منازلها مهمة الناس انفسهم، يستدينون المال وتبيع النساء مصوغاتها لاصلاح شبابيك المنازل.
لقد اشاحت بغداد بوجهها تماماً عن المدن المتضررة والمخيمات، منشغلة بصراع احزابها وخائفة من تداعيات انتفاضة البصرة، لكنها افترضت ان بامكانها عبر حركة علاقات عامة غير مكتملة ان تدفع المجتمع الدولي لتبني مشروع «مارشال» عراقي يتحمل تكلفة اعادة الاعمار، حتى انها حرمت مدينة كبرى مثل الموصل من موازنتها لعام 2019 على امل الحصول على مبلغ 30 بليون دولار الذي اقره مؤتمر الكويت على شكل مساعدات ومشروعات وديون مسهلة، وهو الافتراض الذي لم يتحقق، وليس بالامكان تحقيقه في المدى المنظور كما يبدو.
الصراع السياسي حرم العراق من فرصة اشراك العالم في اعمار الموصل والمدن الاخرى، وشك المانحين بنزاهة المنظومات الحكومية العراقية المجربة بالفساد والحكومات المحلية المستعدة لسرقة علب حليب الاطفال من افواه النازحين والطبقة السياسية المعنية باستخدام حرب الشعارات لتمرير مكاسبها، قاد الى تعثر كل ماكان يمكن عمله لتغيير البيئة الفاسدة التي يدرك الجميع انها نموذجية لعودة «داعش».
في التفاصيل، لم يكن «داعش» يفكر بحرب نهائية دفاعاً عن المدن التي احتلها، وقد تم التنبيه مراراً الى ان التنظيم عمل في وقت مبكر على حماية قياداته وتغيير آليات عمله، واستثمار الظروف الموائمة لزرع خلايا نائمة حتى في اوساط النازحين انفسهم.
أحد قيادات التنظيم وهو «صيد ثمين» من المفترض ان يتم الكشف عنه خلال الايام المقبلة بعد اعتقاله في قلب بغداد على يد المخابرات العراقية التي لاحقته في دول مختلفة، تؤكد المصادر انه كشف عن منظومة اجراءات اعتمدها «داعش» في وقت مبكر لتغيير نمط عمله والتحول من مسك الارض الى حرب العصابات ومنها الى عمليات الذئاب المنفردة.
المعلومات تؤكد ان تغييراً شاملاً حدث في هيكلية «داعش» وان جيلاً من القيادات الوسطية حل محل القيادات الرئيسية، وان الخلايا التي دفع بها التنظيم في اوساط النازحين والمهاجرين وحتى في اوساط الحشد الشعبي والقوى الامنية والاحزاب السياسية تعود بهدوء لترتبط خيطياً استعداداً لاستئناف عملياتها، وتهيء بذلك البيئة التي تتيح اعادة فرض النفوذ على المدن.
خطورة «داعش» في قدرته على التكيف مع الظروف التي يواجهها، وهو يفعل ذلك في العراق منذ سنوات، ويمتلك الخبرات والعلاقات في الاوساط المختلفة لضمان التكيف.
ان التحذير من عودة نشاط «داعش» يستند الى معطيات جدية وليس مجرد مخاوف، والدولة العراقية التي قاومت التفتت وانتصرت على «داعش» ولو بتكلفة باهضة، عليها حماية هذا الانتصار ، عبر مجموعة اجراءات لاتقف عند حدود رعاية المتضررين والغاضبين من الاهمال ومنع استقطابهم، واطلاق اليات تدقيق امني للعائدين الى المدن، بل وقبل ذلك قطع الطريق امام مشروعات سياسية مريبة، تحاول استعادة اجواء الشحن الطائفي وتقويض فرصة تشكيل حكومة قوية ومتماسكة قادرة على وضع ستراتيجية طويلة المدى لمحاربة «داعش» واغلاق الثغرات امامه.