نشرت حركة “حماس” يوم الخميس صورا لثمانية جنود اسرائليين قالت إنهم شاركوا في عملية التوغل التي نفذتها قوات خاصة إسرائيلية في قطاع غزة في الأسبوع الماضي، والتي انتهت بتبادل لإطلاق النار ومقتل جندي إسرائيلي وسبعة مسلحين فلسطينيين.
وتم نشر الصور على شبكات التواصل الإجتماعي مرفقة بعنوان البريد الإلكتروني ورقمي هاتف للجناح العسكري للحركة الحاكمة لغزة، “كتائب عز الدين القسام”، دُعي من لديهم معلومات حول العملية بالتوجه إلى الحركة من خلالها.
وتم أيضا نشر صور مركبتين استُخدمتا من قبل جنود القوات الخاصة الإسرائيلية خلال التوغل.
على الرغم من أنها منتشرة على الإنترنت، لا يمكن لوسائل الإعلام الإسرائيلية نشر الصور بأمر من الرقيب العسكري، الذي صادق على نشر الصورة الغير واضحة المستخدمة في هذا المقال.
في بيان عام غير مألوف للغاية، دعا الرقيب أيضا الإسرائيليين إلى عدم مشاركة المعلومات حول عملية التوغل، حتى لو كانوا يعتقدون أنها ثانوية.
وقال الرقيب “تعمل حماس الآن على تفسير وفهم الحادث الذي وقع داخل غزة في 11 ت2، وكل قطعة معلومات، حتى لو اعتبرها الناشر غير مضرة، قد تعرض أرواحا للخطر وتمس بأمن الدولة”.
عملية التوغل، التي قُتل خلالها ضابط إسرائيلي برتبة لوفتنانت كولونيل – الذي يمكن نشر الحرف الأول من أسمه بالعبرية فقط، “م” – وأصيب ضابط آخر فيها تطورت إلى معركة بالأسلحة النارية ومطاردة سيارات في شوارع غزة.
واضطرت وحدة القوات الخاصة إلى التراجع بسرعة، واستدعت غارات جوية ووحدة النخبة 669 للبحث والإنقاذ لإخلائها بواسطة مروحية.
في وقت سابق من الأسبوع تمكنت شبكة “حداشوت” الإخبارية من الحصول على تسجيلات محادثة عبر اللاسلكي بين مقاتلي حماس، من دون أن تشير إلى مصدرها وامتناعها عن بث التسجيلات الصوتية، “من أجل عدم الكشف عن المصدر”، بحسب ما قالته الشبكة الإخبارية.
ولم تؤكد السلطات الإسرائيلية، التي التزمت الصمت الكامل تقريبا حول طبيعة ونتائج التوغل، صحة هذه التسجيلات.
بحسب ما بثته حداشوت، أثارت فرقة القوات الخاصة الإسرائيلية شبهات مسؤولي أمن في حماس، عناصر شرطة على الأرجح، الذين رأوا السيارة تمر من أمامهم على مشارف مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.
وقال أحد المسؤولين عبر جهاز اللاسلكي، بحسب التسجيل: “إلى جميع القوات والمواقع، سيارة فولكسفاغن زرقاء تسير بشكل مشبوه وبسرعة كبيرة بالقرب من الجامعة الإسلامية”.
وأضاف: “هناك أشخاص مشبوهين في المركبة. إنهم خطرون. اقتربوا بحذر”.
من الواضح من الحديث المذكور أعلاه أن قوات حماس في هذه المرحلة لا تزال تعتقد أنها تتعامل مع عصابة إجرامية، أو ربما جماعة ميليشيا لا تخضع لسيطرتها.
وفقا لرواية الأحداث التي عرضتها حداشوت، بدأت قوات حماس بتتبع المركبة، وسرعان ما انخرطت في مطاردة لها عبر شوارع خان يونس. وفي الوقت الذي طاردت فيه مركبة تابعة لحماس القوة العسكرية الإسرائيلية من الغرب، قامت وحدات أخرى تابعة للحركة بوضع حواجز على الطرق إلى الشرق.
في مرحلة معينة، فتح أحدهم النار. ولم يتضح من تقرير حداشوت من قام بذلك، ولكن تقارير سابقة من غزة قالت إن حماس تعتقد أن القوة الإسرائيلية فتحت النار أولا.
بعد ذلك عاد إرسال حماس اللاسلكي، وفقا للتسجيل. “لقد مرت السيارة عبر حاجزنا وتم إطلاق النار علينا من المركبة. إلى جميع القوات، احتشدوا في هذا الموقع. على الجميع الوصول إلى المنطقة للتعامل مع هذا الوضع”.
فقط في هذه المرحلة، بعد أن اعتقدت القوة التابعة للجيش الإسرائيلية إن أمرها كُشف وبدأت عملية إنقاذ للجيش الإسرائيلي، أدرك المسؤولون في حركة حماس بحسب التقرير أنهم يتعاملون مع إسرائيليين.
ويقول أحد الأصوات عبر اللاسلكي: “طائرت مقاتلة تمر فجأة من فوقنا. على الجميع توخي الحذر”، وبعد وقت قصير: “أصغوا جيدا لتعليماتنا. إنهم يهود”.
“هناك أربع طائرات مقاتلة فوقي. لقد كان هناك قصف بالقرب منا. الطائرات قادمة من الشمال. لقد هاجمت إحدى السيارات [التابعة لحماس]. اختبئوا. أغلقوا على اليهود. لا تسمحوا لهم بمغادرة [قطاع غزة]”.
في هذه المرحلة تقريبا، أصيب بجروح قاتلة القائد الإسرائيلي في الميدان، اللفتنانت كولونيل “م”، بنيران حماس.
وتوقف الجنود الإسرائيليون عن الفرار وخرجوا من المركبة لمواجهة قوة حماس التي طاردتهم. ولاحق الجنود الإسرائيليون الفرقة التابعة لحماس ونجحوا كما يبدو بقتل جميع أعضائها. بعد ذلك قامت مروحية إسرائيلية بإطلاق صواريخ دمرت المركبة التابعة لحماس، بحسب التقرير.
وأصيب ضابط إسرائيلي عاد إلى مركبة الإسرائيليين لسحب جثة “م” بعيدا في تبادل إطلاق النار.
وتحت العين اليقظة للمروحية الإسرائيلية التي كانت تحوم في الجو، نجحت القوة الإسرائيلية بالفرار مشيا على الأقدام باتجاه موقع هبوط مروحية الإنقاذ.
هذه الرواية، التي تم استخلاصها من إرسال اللاسلكي لعناصر حماس، تشير إلى أنه تم كشف العملية من قبل أكثر من مجرد دورية تابعة لحركة حماس. فور اكتشافها، شمل الرد الإسرائيلي، الذي أشاد به في الأسبوع الماضي القادة الإسرائيليون الذين وصفوه ب”البطولي”، كما بيدو منع خطف الجنود الإسرائيليين، والنجاح في إخراج العنصر الذي قُتل خلال العملية والضابط المصاب.
وأفاد التقرير أن المسؤولين في حركة حماس اعتبروا أن المعركة كانت فاشلة، لأن الهدف الرئيسي منها – بحسب التقرير في حداشوت – كان الإمساك بالجنود الإسرائيليين الذين كادوا أن يضعوا أنفسهم في قبضة حماس.
وأثار هذا التوغل ردا عنيفا من حركة حماس التي أطلقت حوالي 500 صاروخ وقذيفة هاون باتجاه البلدات والمدن الإسرائيلية في 12 و13 نوفمبر، قبل أن تتوصل إسرائيل والحركة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية.
وأدى اتفاق وقف إطلاق النار بدوره إلى إستقالة وزير الدفاع حينذاك، أفيغدور ليبرمان، احتجاجا، وأسبوع من الفوضى السياسية، سعى خلاله رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو إلى الحفاظ على سلامة إئتلافه ذي الأغلبية الضئيلة في الكنيست وتجنب التوجه إلى إنتخابات مبكرة.