6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 «رعاية الماضي وتدمير المستقبل»: شراكة النفط البريطانية والمتحف البريطاني حول العراق هيفاء زنك
القدس العربي

ما الذي اراده عدد من الناشطين حين دخلوا المتحف البريطاني وأدعوا بانهم لجنة ترحيب من شركة النفط البريطانية بريتيش بتروليوم (BP) ووقفوا يتبادلون الانخاب وهم يشربون، بدلا من النبيذ والشمبانيا، أقداحا من «النفط»، اثناء العرض الخاص المقام للصحافيين خلال افتتاح واحد من اهم المعارض عن حضارة آشور بعنوان حيث افتتح المتحف البريطاني اخيرا معرضا بعنوان «أنا آشور بانيبال ملك العالم ملك آشور» عن الامبراطورية الآشورية، ومركزها نينوى، شمال العراق؟ ما علاقة شركة النفط بالمتحف العريق؟ ولم الاحتجاج على معرض يبين للعالم حضارة وتراث العراق بعيدا عن السياسة والحروب؟
النقطة التي استرعت انتباه الناشطين ودفعتهم إلى تنظيم الاحتجاج بشكل مبتكر الاحتجاج هي وجود شركة النفط البريطانية «بريتيش بتروليوم» كجهة ممولة للمعرض. «ووفقاً لوثائق الحكومة البريطانية الصادرة في عام 2011، كانت شركة بريتش بتروليوم مستقتلة للدخول إلى العراق قبل غزو عام 2003، حيث «مجال النفط الكبير». إن تركيز الشركة على اهتماماتها ضمن خطط الغزو البريطانية يجعلها متواطئة في حرب أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من العراقيين وتشريد الملايين، حسب تصريح الناشطين.
المسألة، اذن، أعمق بكثير من مجرد دعم جهة ما لنشاط ثقافي ـ حضاري بريء يهدف إلى التعريف بالحضارة وبناء الجسور بين الشعوب. ومبادرة الناشطين الاحتجاجية ليست نزوة مؤقتة بل سيرورة عمل يحمل أبعادا تضيء جوانب متعددة من نشاطات وفعاليات ثقافية ـ فنية، غالبا ما يتم تسويقها بشكل «انساني ـ حضاري». هذه النشاطات تقع ضمن ما يمكن توصيفه بانه جزء من عولمة «الاحتلال». اذ يقوم المحتل بتخريب بلد ما، ثم يسارع إلى «التبرع» بمساعدته «انسانيا» و«اعادة» بنائه بعد ان يجني عقودا خيالية، عرفانا بالجميل من الساسة المحليين، الفاسدين، الذين قام بتنصيبهم. هكذا أصبح احتلال الدول الغنية بمواردها، كالعراق، مهنة/ صناعة مربحة إلى أقصى حد، وأقلها تكلفة خاصة بعد أن أقنع المحتل، وهو خليط من سياسيين وصناعيين وتجار اسلحة وشركات نفط احتكارية وأكاديميين، الساسة العراقيين برعاية ما بذره من فتن عرقية ودينية ومذهبية.
للترويج لهذه الصناعة المؤسساتية العالمية، ولئلا تتهمهم شعوبهم بان دماء الشعوب المستعبدة تلطخ ايديهم بالدماء، يضطر محتكرو صناعة الاحتلال والحروب، إلى انجاز بعض «الاعمال الخيرية» لأهل البلد المحتل، معتمدين في الغالب على سذاجة أو طيبة أو خبث بعض من يعمل عندها في أقسام الإعلام والثقافة. فهناك جدوى دعائية واضحة مثلا في مساعدة خمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة أو جلب ضحية تفجير في البلد الذي خربوه إلى أوروبا للعلاج، او جلب أكاديمي لحمايته من «الحرب الاهلية» في بلده، أو اقامة معرض عن «السلام» في سفارة بلد الاحتلال أو، على المستوى العالمي، رعاية مؤسسات ثقافية، ذات سمعة جيدة. هذه نماذج من نشاطات، شهدناها بصدد العراق منذ احتلاله، عام 2003، وصاحبتها تغطية إعلامية واسعة، تهدف إلى تبييض افعال الجهات المساهمة في الاحتلال وما سببته من خراب. وليس هناك مثالا افضل، في الوقت الحالي، من التعاون القائم بين «بريتيش بتروليوم بي بي» والمتحف البريطاني.
قام المحتجون اثناء تواجدهم داخل المتحف باستقبال بشرب «شمبانيا النفط» لجلب الانتباه إلى العلاقة المشينة بين شركة النفط والمتحف البريطاني الذي «يسهّل تبييض أعمال الشركة في العراق، من خلال السماح للشركة برعاية معرض يقدمها كراع حميد وحارس للتراث العراقي» حسب بيان وزعه الناشطون توضيحا لاسباب احتجاجهم. من بين الاسباب الأخرى: مسؤولية بريتيش بتروليوم وشركات نفط أخرى عن التلوث البيئي ومنه تلوث المياه. كما أدت سياسة الشركة في تشغيل العمال الاجانب بدلا من العراقيين إلى تفاقم تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، اذ بينما يمثل قطاع النفط 89٪ من ميزانية الدولة و99٪ من عائدات التصدير العراقية، إلا ان 1٪ فقط من الوظائف تمنح للعراقيين.
لم يكتف الناشطون بالاحتجاج على الدور الذي يلعبه المتحف البريطاني في استخدام الثقافة والتاريخ العراقيين لتغطية أعماله المشينة، وتبييض ممارسات شركة النفط، فقط، بل اعلنوا تضامنهم مع المتظاهرين في داخل العراق من اجل اساسيات الحياة ثم أوضحوا مطالبهم من المتحف البريطاني، المتضمنة إنهاء رعاية وتمويل شركة بي بي لمعارض المتحف البريطاني وبالتالي عدم الترويج لشعارات الشركة في المتحف. وقام الناشطون باعادة صياغة شعارات الشركة الترويجية وتقديمها بمضامين تفضح سياستها في العراق. من بين شعارات الناشطين المبتكرة، بذكاء، وقاموا باطلاقها باسم الشركة: «نحن على استعداد للقيام بكل ما يلزم للحفاظ على السيطرة على ثروة المنطقة ومواردها» و«نحن سعداء لأننا كنا قادرين على وضع اهتماماتنا في قلب غزو المملكة المتحدة للعراق عام 2003»، ولعل الشعار الاكثر اقترابا من واقع ما حققه الغزو هو «رعاية الماضي وتدمير المستقبل».
وبينما أكد متحدث باسم المجموعة أهمية أن ينهي المتحف رعاية الشركة، أثار في الوقت نفسه تساؤلا في غاية الاهمية حول وجوب افصاح المتحف عن «كيفية الحصول على القطع اللازمة لهذا المعرض»، خاصة وان القطع الأثرية المنهوبة من العراق منتشرة بأمريكا واوروبا وتباع، أحيانا، بشكل علني في المزادات العالمية، وكان آخرها الجدارية الآشورية المنهوبة من قصر ملكي آشوري، بمحافظة نينوى، قرب الموصل، شمال غرب العراق، ويعتقد أنها تعود للفترة 883 ـ 859 قبل الميلاد، وتم بيعها بمزاد كريستي بنيويورك.
«لن نسمح باستغلال الثقافة العراقية، خاصة، من قبل الجهات التي ساهمت في هذا الدمار»، كرر الناطق باسم المجموعة الجريئة التي نجحت في اثارة الاهتمام بقضية جوهرية يحاول الكثيرون اخفاء حقيقتها تحت ستار رعاية الثقافة والفن والحضارة والمساعدة الإنسانية. وهي حقيقة غزو العراق من أجل الهيمنة على نفطه كسبب أولي. واذا كان المساهمون في تدمير العراق قد خدعوا الناس لفترة الا ان دماء الضحايا الابرياء ستبقى ملتصقة بأيديهم « وﻟـﻦ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻛﻞ ﻋﻄﻮر الجزيرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣـﻦ إزالة رائحتها»، اذا ما استشهدنا بمقولة ليدي ماكبث، البطلة الشكسبيرية، التي اصابتها لوثة مرأى دماء ضحيتها على يديها.
2 العراقيون بلا وطن في دولة الميليشيات
حامد الكيلاني
العرب بريطانيا

باستمرار العملية السياسية في العراق وتركها دون كوابح للإيقاف الإجباري من قبل الدولة المحتلة، ونعني بها الولايات المتحدة الأميركية خاصة بعد التصريحات المتكررة للرئيس دونالد ترامب منذ حملته الانتخابية بخطأ الاحتلال، ستزداد العملية السياسية سوءا بفسادها المستشري ومخازي السلطة وتقاسم المنافع المالية وما يتفرع منها كشبكة على صعيد الإدارة والاستحواذ على المناصب وتفاصيل يومية غير مرئية لكنها تطفو على السطح بعمليات إرهابية وحرائق واغتيالات وتهجير عوائل أو تجويعها، أو بفضائح تمتد إلى الخارج بالعمل الدبلوماسي وفوضوية التعيينات واحتكارها وما يصدر من انتهاكات تسيء إلى صورة العراق الذي مازلنا نراهن على عودته في لحظة فاصلة.
كتاب حكومات الاحتلال الإيراني بغلافه الأميركي؛ تضاف له مع الدورات الانتخابية فصول من الفساد والجرائم والإبادات والتخريب، ودائما بمقدمة تتحدث عن الآمال العظيمة للشعب اليائس بذات الذين جربهم، مرارا وتكرارا، من الأحزاب الطائفية بولائها العقائدي الثابت الذي لا يرى في حكم العراق سوى مزيد من الدعم لمشروع ولاية الفقيه الإيراني في تصدير الإرهاب إلى الأمة العربية.
العراق بالنسبة لهؤلاء مرتهن لمجموعة إجراءات سياسية ولو تحت سقف الإدارة الأميركية، وذلك من بعض منطق المناورة في التعامل مع الديمقراطية الدخيلة، أو مباركة تفتيت مؤسسات الدولة، أو تهميش الآخر على منوال قوانين الاجتثاث أو ما هو أشد فتكا وأثرا في الاستهداف المجتمعي وتهيئة الأجواء والظروف لولادة الإرهاب وبرامجه وبما يستدعي وجود الميليشيات وملحقاتها.
العراقيون صار لزاما عليهم التوقف المفاجئ السريع والمباغت لخلق واقع من الصدمة طالما راهنت على استحالته قوى سياسية ومذهبية وثقافية روجت لموت مفاهيم الثورة والإيمان بقدرة الشعب، أي شعب، على إحداث الفارق ووضع حد لمهزلة التخادم بين الاحتلالين الأميركي والإيراني، رغم الفوارق الجوهرية بينهما.
تستند تلك القوى إلى تغير وسائل الإعلام والاتصال، أي بنظرتها إلى البيان رقم واحد بما يعنيه من انتهاء صلاحية الثورات لتعدد الأصوات والأصوات المضادة، متناسية عن عمد تعددية مصادر الخطر الذي تشكله الدولة أو النظام السياسي في دولة كالعراق، اجتمعت على التناقضات في ركوب الشخصيات الأكثر تطرفا وطائفية على ظهر الاحتلال الأميركي وسلاحه، ثم محاولتها الانسلاخ عنه برفع سلاح الميليشيات تحت بند المقاومة ومحورها الذي تمكن مؤخرا من فرض هيمنته داخل البرلمان وفي تشريع القوانين المسبقة لحمايته من أي دولة مقترحة غير دولته.
في الفكر السياسي تتعرض دول كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة إلى انتقادات حادة تطال التشريعات الديمقراطية الراسخة في هذه الدول من باب تطور حقوق الإنسان وتجاوزها إلى مرحلة الحقوق الأساسية الملزمة كحق التعبير أو المشاركة في الانتخابات وغيرها من سمات باتت تعرف بنماذج الإقدام في انتشال الناجين من تحت أنقاض الحرب العالمية الثانية، أي إنها قياسا إلى الحاضر أكاذيب صغيرة أملتها فترة انتشاء بنهاية المأساة وبداية مرحلة استقرار وبناء مختلف ما عاد منسجما مع خطى الألفية الثالثة.
استقرار القوانين والمفاهيم بما تحول منها إلى أعراف، لن يترك النوافذ مفتوحة أمام القوانين لتجد لها متسعا من الانفتاح على مستقبل أكثر شمولية، قد تتعلق به دول، ومنها العراق، مازالت تعاني من تبعيتها لنظام دولة تقتدي بروح ونص سلطة الميليشيات في فرض شرعيتها أو إطالة أمد وجودها، ولو بكذبة تتبنى حداثة النظم السياسية وما جادت به الديمقراطيات في صياغة التقدم للمجتمعات الأكثر تمدنا.
نريد القول إن أوروبا والولايات المتحدة واليابان والصين وروسيا، عرضة للانتقاد في قوالبها السياسية، وبعضها بمثابة أيقونات للنظم السياسية والإنسانية، لكنها مع التطور تحولت إلى مجموعة وثائق رسمية تتراكم فيها القوانين والمعايير إلى درجة التمادي في استلاب المواطن ومصادرة حياته وجهده وبذات تلك الأيقونات أو الأنظمة؛ يحصل ذلك مع مفارقة حقوق الإنسان بما مهدت له من مصائب كبرى على خطى الاحتلالات المتعددة، وهي رائجة اليوم في تصريف مبادرات السلام على أنقاض الإنسان وبقاياه حيث تبدو كلمة الحقوق بلا معنى.
الأغلفة المتعددة لن تنقذ العراق من نصه السياسي المتخلف؛ وإذا كانت دول عريقة في نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عرضة للانتقاد والمراجعة حد الارتباك في توجهات مواطنيها أو ناخبيها أو بثغرات ديمقراطيتها، فإن دولة كالعراق بما مرت به من محن، عليها أن تعود إلى نتاجات النص السياسي والإنساني لتجارب شعوب ما بعد كارثة الحرب العالمية الثانية للدول المهزومة أو المنتصرة في الحرب، فالباعث لديهما كان مشتركا في النزوع إلى المصالحة مع الحياة أولا.
3 إيران المفيدة في أزمتها
فاروق يوسف العرب بريطانيا

ما لا يقبله التفكير العادي أن تكون العقوبات الأميركية المفروضة على إيران مفيدة للحكومة العراقية. ولكن هذه هي الحقيقة. فكما كان متوقعا فإن تلك الحكومة ستجد من يمد لها يد العون لتكريس وتطبيع تبعيتها الاقتصادية لإيران.
صارت تلك التبعية ضرورية لغير جهة دولية تسعى إلى أن لا تأخذ تلك العقوبات طريقها إلى التنفيذ العملي بشكل كامل. وما من ممر طبيعي لتجريب تلك المحاولة سوى العراق، بحكم أن الحكومة العراقية مرضي عنها أميركيا، إضافة إلى أنها على استعداد لتقديم كل شيء من أجل أن لا يمس ضرر إيران، حتى لو كان ذلك الـ”كل شيء” العراق نفسه.
لا توجد في العالم حكومة تضحّي بمصالح شعبها مثلما تفعل الحكومة العراقية. وهو ما يغري جهات عديدة في العالم بأن تجعل من العراق مجسها لاختبار موقف الولايات المتحدة في ما لو تورطت (تلك الجهات) بعلاقة مع إيران هي بمثابة خرق لنظام العقوبات.
وإذا ما كان البعض من العراقيين قد تخوف من أن يكون العراق ساحة نزاع محتملة بين إيران والولايات المتحدة، فإن أحدا لم يتوقع أن يتحول العراق إلى ملعب تجري فيه التسويات الأميركية مع أطراف عالمية عديدة من أجل إنقاذ إيران من الوقوع في هاوية العقوبات. وهو ما ساعدت عليه هيمنة الميليشيات الموالية لإيران على الأوضاع في العراق، الأمر الذي يجعل أي قرار تتخذه الحكومة العراقية رهينا بما تفرضه تلك الميليشيات عليها من إملاءات.
في البدء لم يخف الكثيرون خشيتهم من أن تتحول الحدود العراقية – الإيرانية إلى منافذ لتهريب العملة الصعبة، غير أن ما هو مطروح اليوم من اقتراحات بإمكانه أن يضفي على ذلك التهريب طابعا رسميا من خلال التشجيع الذي تتلقاه الحكومة العراقية من جهات عديدة في العالم، لكي تزيد من حجم استيرادها من إيران، مستغلة نظام الإعفاء المؤقت الذي قد يطول أجله، وهو أمر مرتبط بتقديرات الجهات المختصة في الولايات المتحدة.
ومن غير المستبعد أن تلجأ الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات لإفراغ السوق المحلية من البضائع الأساسية في محاولة منها لابتزاز صاحب القرار الأميركي من أجل السماح بفتح الحدود أمام الصادرات الإيرانية، وبالأخص ما يتعلق منها بالطاقة والغذاء والدواء. وهو ما سيؤدي تدريجيا إلى أن يتحول العراق إلى واحد من أهم المنافذ التي تمكن النظام الإيراني من الاتصال اقتصاديا بالعالم الخارجي.
غير أن ذلك كله لا يمنع المافيات الرسمية التابعة للأحزاب بالقيام بتصدير النفط الإيراني من خلال العراق، وهو ما يتطلب إنشاء شبكة معقدة من العلاقات، وهو ما لا يصعب القيام به على جماعات الفساد المتنفذة داخل الدولة العراقية والتي تراكمت لديها خبرة في مثل ذلك النوع من العلاقات بسبب تعاطيها في السوق العالمية الخفية بثروة، تُعدّ بالمليارات.
فـ”تهريب النفط العراقي” ظاهرة مسكوت عنها. فلمَ لا يتم مثلا تهريب النفط الإيراني عن طريق الموانئ العراقية؟ شيء من هذا القبيل يمكن توقع حدوثه، ولكن الأكثر انسجاما مع تطلعات الأحزاب الموالية لإيران أن يتم توريط الحكومة العراقية في القيام بتصدير النفط الإيراني. وهو ما لا أعتقد أن الحكومة العراقية ستكون قادرة على رفضه.
ولكن ما الذي ستربحه الحكومة العراقية من كل هذه الفوضى؟ حينها ستكون الأزمة الإيرانية محور اهتمام المؤسسات العراقية، وسيكون من حقها بسبب انشغالها بتلك الأزمة أن تركن جانبا كل ما يتعلق بالعراق.
ذلك كلام غير معقول يمكن تصديقه إذا ما تعلق الأمر بالعراق المحكوم من قبل أحزاب موالية لإيران، بل ليس لديها من تتعامل معه سوى إيران.
ذلك ما يعني أن الحكومة العراقية ستجد لها منفذا تتملص من خلاله من واجباتها الخدمية، التي هي في الأساس غير قادرة على القيام بها بسبب سياساتها الاقتصادية المرتبطة بنشاط مافيات الفساد. يومها سيكون العراق نافعا لإيران التي ستكون مفيدة لحكومته فقط.
4 العِراق.. «الحوار بوابة التَّعايش»
رشيد الخيّون
الاتحاد الاماراتية

تَنادى حريصون، مِن مختلف الطَّوائف العراقية، رجال وطلبة دين ومدنيون، مِن الشِّيعة والسُّنَّة، مِن آل بحر العلوم وآل الخوئي وآل طه والسامرائيين، وقساوسة وباحثين في الصَّابئة المندائية والإيزيدية، وأئمة مساجد وخطباء، إلى مؤتمر «الحوار بوابة التَّعايش»، وهذا اللقاء، الذي عُقد في «المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء»(اختتم في 8/9/2018)، بجامع الإمام أبي حنيفة، وقبل ذلك عُقد في كنيسة الكلدان، و«مندي» (معبد) المندائيين.
سارت تلك الجهود متوازية مع رياح السّموم الطّائفية، ونعلم الخطورة التي حفت بدعاة «التَّعايش»، يوم أصبحت الطَّائفية قاعدةً والدَّعوة إلى التَّعايش هي الشَّواذ، وسار في ركابها مثقفون، مِن كُتاب وباحثين وفنانين وشعراء، وهبت على الأطفال، دخلت الصفوف مع المعلمين والمناهج، فالصورة كانت قاتمة، لا تلمع فيها أنوار لدعاة السلم الاجتماعي.
جاء في بيان اللقاء أو المؤتمر الآتي: «تأكيد مبدأ سيادة القانون، وبناء دولة المواطنة من دون تمييز، مِن خلال حكومة عادلة قوية بعيدة عن التأثيرات السِّياسية، ومواجهة خطابات الكراهية، وتشريع قانون يُجرم التَّحريض عليها، ومواجهة الفساد بحزم ومعاقبة الفاسدين، وحماية المتظاهرين السلميين، وتحقيق مطالبهم في البصرة وبقية المحافظات، مع تأكيد ضرورة حماية الممتلكات العامة، التي هي مُلك الشَّعب، ووضع برنامج عملي مِن أجل إيجاد الحلول للمشكلات التي تُعيق بناء السّلم الاجتماعي، وضرورة إقرار العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات للمواطنين كافة، وحصر السِّلاح بيد الدَّولة على نحو يضمن حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم».
ربَّ سائلٍ يسأل: إن هذه المطالب سياسية، فما علاقة دعاة التَّعايش بها؟! أقول: كيف سيكون تعايش ومواطنة، والسِّلاح غير محصور بيد السُّلطة، والفساد ينخر في المجتمع والدَّولة؟ ما قيمة التعايش الذي هو أول أبجديات الديمقراطية، إذا سالت دماء المطالبين بالماء والدَّواء في ساحات الاحتجاج؟
لا يُبنى التَّعايش، ليتجاوز مفهوم التَّجاور بلا صِلات واعتراف متبادل، إذا ظل يُحسب على مواقف سياسية. فعلى سبيل المثال، ورد في كلمة أحد المشاركين، والتي وصلتني مِن جنابه، وغير مخول بذكر اسمه، أن الإمام أبا حنيفة النُّعمان (ت 150ه) أيد الثورات العلوية، وكان تلميذاً لدى الإمام جعفر الصَّادق(ت 148ه). أراد بهذا الكلام تشجيع المذهب الآخر للتعاطف مع مذهبه.
أعطي الحق لصاحب الكلمة، وأثمن نيته وجهوده الصَّادقة، لكن لنفترض أن أبا حنيفة لم يسند الثورة الزَّيدية، ولم يقف بكلمة مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (قُتل145ه)، في الحرب مع أبي جعفر المنصور (ت158ه)، وأنه لم يكن تلميذاً لدى الصَّادق، فهل يبطل التَّعايش بين المذهبين؟!
وبالفعل تلك التَّلمذة غير ثابتة، فهما مختلفان أولاً في الفقه والرأي، ذلك إذا كان الإمام الصَّادق يمثل الفقه الإمامي المعروف، وثانياً أتى بها ابن أبي الحديد (ت656ه) في «شرح نهج البلاغة»، وهو المعتزلي الشَّافعي، حباً بالعلويين وأئمة الفقه السُّني كافة معاً، أما القول: «لولا السنتان لهلك النُّعمان»، كإشارة لتلك التلمذة لمدة سنتين، فقد جاءت متأخرة جداً، أول مَن طرحها الفقيه شاه عبد العزيز الدَّهلويّ (ت1823)، في كتاب أُختصر بـ«التُحفة الاثني عشرية»، مِن قِبل محمود شكري الآلوسي (ت1924)، لتأكيد أن فقه الصَّادق هو فقه أبي حنيفة نفسه. أما أستاذ أبي حنيفة فهو حماد بن سليمان، وظل شيخه حتى مماته (120ه)، وكلاهما مِن مدرسة الرَّأي، وإخلاصاً له سمى أبو حنيفة ولده حماداً.
القصد مِن هذا، يتطلب التَّعايش قبول الاختلاف، ليس بالضرورة أن يكون هناك اتفاق، فاختلاف الآراء وأسلوب العبادة يضمنه التَّعايش، في حال عدم إشغال الدِّين بالسياسة، وإذا يُراد أن توظف آراء أبي حنيفة في التَّعايش، فيكون الأخذ بأنه صاحب رأي، وقال بمساواة الدِّماء بين البشر، واعتبر المسجد مفتوحاً لغير المسلمين، وقال للمرأة الحق أن تكون قاضية، في ما تصح بها شهادتها، على خلاف بقية المذاهب.
كانت جهود هذه الثَّلة، المجتمعة في جامع أبي حنيفة، من العمائم والقلانس والأفندية، كوةً للنُّور، وسط ظلمة الكراهية، المدعومة بالسِّلاح والفتاوى، وخطاب الشَّرِّ، وهي مدعوة أن يؤسس للتعايش فكرٌ واضحٌ، يفصل بين السِّياسي والدِّيني، بين المواطنة وعقائد المواطنين، فالمواطنة حق الجميع، ضمن الحدود الجغرافية للوطن، والعقيدة الدِّينية أو المذهبي حق الفرد، فهذا عصر الدولة الوطنية الذي بدأ من أكثر مِن قرن، وبه انتهى عصر الإمبراطوريات، المبنية على العقيدة الدِّينية والمذهبية، والتي نجد الإسلام السِّياسي، يسعى لإعادتها، على أساس الشمولية.
إن التَّعايش المقصود، حق الإنسان في وطن لا فضل لأكثرية على أقلية فيه، ولا لأقلية استحواذ على الأكثرية تحت القوة. كان مكان اللقاء أهلاً لتكريس التَّعايش، والوضع حرج، بحاجة لساسة وفقهاء وخطباء، مِن أمثال مَن قال فيه بصير المعرة، قبل أكثر مِن ألف عام: «فالعِراقيُّ، بعده، للحِجازِ/يّ قليلُ الخِلاف سَهْلُ القِيادِ/ وخطيباً، لو قام بين وُحُوشٍ/عَلم الضَّاريات بِرَّ النُّقادِ/راوياً للحديث، لم يحوج المعْ/رُوف مِن صِدقهِ إلى الأسْنادِ» (سِقط الزَّند).
5 العراق.. البوابة الشرقية ! خالد السليمان
عكاظ السعودية
كان العراق يوصف خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية بأنه البوابة الشرقية للعالم العربي، في إشارة لأهمية العراق في حماية شرق العالم العربي من الخطر الإيراني!
ورغم أن تلك التسمية كانت ضمن الشعارات التي تداعب بها الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي مشاعر وعواطف الجماهير، إلا أن سقوط العراق بعد الاحتلال الأمريكي وتقدم القوى الطائفية المتحالفة مع إيران لملء فراغ السلطة والسماح للنفوذ الإيراني بالتحكم بالعراق، جعل الأمر يبدو وكأن البوابة الشرقية للعرب خلعت من مكانها!
وللأسف أن غياب دول الخليج العربية عن المشهد العراقي طيلة سنوات احتلاله ثم «طأفنته» قد ساهم في تشكيل واقع مكن إيران من فرض نفوذها بواسطة أحزابها ومليشياتها، وهو ما زاد من أزمة العراق خاصة مع ثبوت فشل الطائفية في تحقيق أي نجاح لبلد متعدد الطوائف والأعراق كالعراق! مؤخرا عملت دول خليجية وعلى رأسها السعودية على تدارك ما فات، ومد الجسور تجاه العراق لمساعدته على الخروج من أزمته وخلق التوازن اللازم ليعود العراق العربي بكل مكوناته التي شكلت إرثه الحضاري في الماضي وتشكل اليوم طوق نجاته نحو شواطئ آمان المستقبل!
والرئيس العراقي برهم صالح الذي التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس الأول في الرياض يمنح بما يملكه من تاريخ سياسي وثقافة عالية وفهم عميق لأسباب أزمة العراق والمنطقة دفعا كبيرا لمواصلة بناء علاقات العراق مع جيرانه العرب ومد الجسور التي تقطع الكثير منها بسبب سوء إدارة حكومة نوري المالكي، قبل أن تبدأ عملية ترميمها في عهد خلفه العبادي، ويتوقع أن تتسارع وتيرة ترميمها مع حكومة رئيس الوزراء الجديد عادل عبدالمهدي!
العراق العربي يستعيد اليوم هويته التي أراد الفرس سرقتها، والبوابة الشرقية ستعود لتستند على جدار خليجي عربي متين!
6 منطقة صناعية حدودية أردنية عراقية
خالد الزبيدي
الدستور الاردنية

الاتفاق الاردني العراقي لتأسيس منطقة صناعية اردنية عراقية خطوة غاية في الاهمية لخدمة اقتصاديات البلدين، ويؤسس لإحياء المنطقة الحدودية التي يمكن ان تخدم مستقبلا سوريا والسعودية، فالقطاع الخاص الاردني لديه طاقة مهمة للبدء بالمشروع لاسيما وان مستثمرين جهزوا منطقة ببنية تحتية اولية من طرق وابار للمياه الجوفية، والمنطقة منظمة ومسجلة لدائرة الاراضي، ويمكن طرح المشروع للقطاع الخاص في البلدين لاطلاق المشروع وتقديم حوافز ضريبية وجمركية لإكساب المشروع مصداقية إضافية توفر احتياجات العراق، وتنشّط الصناعات الاردنية والخدمات المساندة من نقل بري وبنوك وشركات تأمين وفنادق وخدمات مساندة، وهذه مجتمعة توفر المزيد من فرص العمل الجديدة امام الباحثين عن فرص عمل منذ سنوات.
تأسيس منطقة صناعية بمواصفات خاصة تكون اقرب الى المحافظات الغربية العراقية، خصوصا وان العراق مقبل على ورشة عمل لإعادة البناء، مما يحول المنطقة الصناعية الى ماكينة عمل نشيطة تساهم في تلبية احتياجات العراق، وفي نفس الوقت يمكن الشروع في تأسيس منطقة حرة تجارية بين البلدين تساهم في تحسين الاداء الاقتصادي للبلدين، فالمنطقة الحدودية الصحراوية تحتاج الى اهتمام إضافي فهي تقع على مفترق طرق بين اربع دول ( الاردن العراق سورية والسعودية) وتستطيع بناء تجربة استثمارية واقتصادية تحول الصحراء الى منطقة حيوية توفر كل الخدمات من صناعة وتجارة وترويح.
تعطيل التنمية او إعاقتها في عدد من دول المنطقة جراء صراعات داخلية مدعومة خارجيا دفعت بالمنطقة وشعوبها الى الوراء عشرات السنوات، فالحاجة تستدعي الانتباه الى ان الفرص مواتية بعد السنوات العجاف السابقة، وان افضل حل للخروج مما كانت فيه المنطقة بالبناء والنماء، ويمكن الاستفادة من تجربة الاوروبيين في حربين عالميتين احرقت البشر والشجر والحجر، ولم يخرج الاوروبيون من تداعيات الحربين الا بالعمل الاقتصادي والتعاون بين الشعوب والدول الاوروبية، لذلك تحولت اوروبا الى ثاني اكبر سوق في العالم وتنافس شرقا وغربا في شتى المجالات، وهذه التجربة لازالت ماثلة امامنا، فالحروب آفة النمو.
التركيز على التنمية في العراق وسورية والاردن سيؤدي خلال سنوات الى مكافحة البطالة والفقر وبلوغ نمو مستدام، وان المعضلات الكبيرة التي تواجه المنطقة سببها زيادة الانفاق على حروب عبثية، هدرت الاموال والانسان بينما العالم يتسابق في الابداع والابتكار من اجل تحسين القيمة المضافة وزيادة الانتاجية واسعاد البشر، لذلك ان رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة كما يقول المثل الصيني..لذلك المطلوب من الجميع حكومات وقطاعا خاصا تقديم افضل ما لديه لانجاح التجربة فالمرحلة تحتاج كل الجهود ..وهذا هو المطلوب.