5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 البيئة والوعي الجماعي العراقي بعيدا عن ساسة العشرين في المئة هيفاء زنكنة
القدس العربي
في الوقت الذي يستمر فيه ساسة «العراق الجديد» بالصراع على المناصب وكيفية الاستيلاء على أكبر حصة من اموال النفط وعقود الاعمار، يعيش العراقيون سجناء اللحظة. يكاد يكون ارتباطهم بالمستقبل سرابا لولا حرصهم على البقاء احياء من اجل أطفالهم.
ومن يتابع صرخات الاستنجاد والاستغاثة التي يطلقها الناس، يوميا، عبر أجهزة الاعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، سيتساءل عن البلد الذي يقطنونه، وعن الحكومة التي تدير شؤونهم. وسيخطئ من يظن انهم من سكان بلد مدقع الفقر يعاني من قحط الموارد الطبيعية. وسيكون مصيبا من يعتقد ان أولياء الامر فاسدون حتى النخاع وان حياة أبناء الشعب لا قيمة لها لديهم، وانهم يدركون جيدا مدى الخراب العمراني والبيئوي والبشري الذي ألحقوه بالعراق، لذلك أبقى كل واحد منهم أبناءه وكل افراد عائلته خارج «الوطن»، حرصا عليهم، لئلا يمسهم ما يصيب بقية الناس من أمراض ومخاطر.
فقد بات البلد بفضلهم وفضل آبائهم من الغزاة، بؤرة للتلوث، بأنواعه، والامراض والاوبئة، بحيث لم تعد الصفات المستخدمة، عادة، دوليا، مثل «أزمة» لوصف التدهور البيئي، تنطبق عليه. فما يتعرض له العراق من نقص في مستوى المياه والتصحر « كارثة « سيؤدي الى ان تصبح بلاد ما بين النهرين صفحة منسية من التاريخ، حسب منظمة اليونسكو. وهي كارثة يحذر منها خبراء عراقيون من بينهم د. كاظم المقدادي ود. هيثم الشيباني ود. محمد العبيدي. كلهم خبراء بيئة يواصلون رصد الوضع البيئي والكتابة عنه توضيحا وتوعية وتحذيرا، بالإضافة الى تقديم المقترحات الهادفة الى الجهات الرسمية، على أمل توفر النية الصادقة للإصغاء والأخذ بها.
تتسم الصورة التي يوضحها الخبراء بتفاصيل مخيفة. أبرزها شحة المياه وتلوثها والمواد المشعة. شحة المياه أسبابها عديدة، تبدأ بهيمنة إيران وتركيا على مصادرها سواء عن طريق بناء السدود او تحويل مجرى الأنهار. أدت الشحة الى العواصف الترابية وما تسببه من امراض تصيب الجهاز التنفسي. كما أدت الى زيادة سرعة التصحر ووصولها نسبة خمسة بالمئة سنويا. وهي نسبة خطيرة تؤدي انعكاساتها الى اعاقة الزراعة والهجرة وتغيير أنماط العيش وتزايد نسب البطالة. تقع مسؤولية هذا الجانب من الكارثة البيئية على عاتق الحكومة التي لم يكن همها، على مدى سنوات حكمها منذ عام 2003 وحتى اليوم، وضع خطة استراتيجية لإيجاد حل لمشكلة المياه مع الدول المجاورة. وهي مشكلة بجوهرها، سياسية قانونية. وكان بإمكان الحكومة إيجاد حل لها وفق القانون الدولي.
الجانب الآخر المهمل هو اعمار البنية التحتية أي محطات تحلية المياه ومجاري الصرف الصحي، وهي من أهم ما تلتفت اليه الدول، عادة، إدامة وتوسيعا حسب زيادة السكان السنوية. وقد دمر بعضها عام 1991، ونفوس العراق وقتها نصف ما هو عليه اليوم، وتم إصلاحها وتشغيلها أثناء الحصار حتى 2003. حيث لا يوجد سوى 30 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في العراق، تعمل دون حدود الكفاءة المقبولة. بعض المحافظات لا توجد بها محطات. أدى نقص معالجة النفايات والرمي المباشر في الأنهار، إلى مستوى عال من التلوث، مؤديا الى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه. وقد أكدت إدارة صحة البصرة أن مياه الشرب في أكثر من 70 في المائة من المناطق ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري. ورصد البرنامج الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية 60 وباءً في مناطق مختلفة من البلد. فهل يستغرب العالم حين يثور أهل البصرة ضد كل ما يمثل النظام الذي لم يفعل شيئا إيجابيا لهم على مدى 16 عاما تقريبا بل وجردهم، وهم أهل المدينة الغنية بنفطها وتاريخها الحضاري، من كرامتهم، مختزلا إياهم الى استجداء ماء الشرب وإصابة الآلاف منهم بالتسمم والاسهال؟ ارقام المصابين مذهلة. تجاوزت الأسبوع الماضي المائة ألف، حسب دائرة الصحة في البصرة.
ولاتزال المشاكل على حالها، اليوم، على الرغم من المظاهرات والاعتصامات وصرخات المواطنين المطالبة بأبسط حقوق العيش الكريم. وما يزيد الطين بلة هو تبادل الاتهامات بين الوزراء والمسؤولين في الحكومة كمحاولة لتغطية الفساد، وتبييض الوجوه من المسؤولية. فمسؤولو البيئة مثلا يتهمون وزارتي النفط والكهرباء بتلويث البيئة بسبب عدم معالجة مخلفاتهما، حيث تصرف بشكل مباشر الى مياه الأنهر، بينما ترمي الوزارتان المسؤولية على مجالس المحافظات وعدم توفر الميزانية.. الى آخر ذلك من المهاترات التي تهدف الى اشغال المواطنين بدلا من إيجاد الحلول.
وإذا كان المحتل الأمريكي ـ البريطاني هو المسؤول الأول عن التلوث الاشعاعي والكيميائي، سواء عن طريق استخدام اليورانيوم المنضب في قصفه واستهدافه العراق في التسعينيات ثم عام 2003، فأن صمت المسؤولين العراقيين، الذين اشتركوا معه بذريعة « التحرير»، يحملهم المسؤولية أيضا. خاصة وانهم ساهموا بنشر التقارير وإطلاق التصريحات المضللة عن عدم مضار الاشعاع، بالإضافة الى عدم ممارستهم صلاحياتهم لإجبار دول الاحتلال على تحمل مسؤولياتهم القانونية وتنظيف المناطق المنكوبة، بينما تدل كل البحوث والتقارير العلمية الدولية والعراقية المستقلة على تأثير الاشعاع المرعب الذي وصفه عدد من العلماء بأنه يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، والمتبدي، عمليا، بزيادة حالات الإصابة بأمراض السرطان والتشوهات الخلقية للأجنة، والذي يخشى انتقال مضاره جينيا، واستمرار آثاره على مدى أجيال.
ما هو الحل؟ كل الحلول مرتبطة بوضع حد للفساد المالي والإداري والاخلاقي. الفساد المعشش في عقول وأجساد المسؤولين والذي انعكس على حياة الناس بشكل مصائب تبدو وكأن من المستحيل إيجاد حل لها. فما من مشروع، مهما كان حجمه وأهميته الا وامتدت اليه أصابع السراق من اعلى منصب بالحكومة الى أصغره، لتحوله الى هيكل فارغ من الادعاءات والحشو اللفظي، ومشاريع توفير المياه الصاحة للشرب وبناء محطات التصريف وصيانة المجاري والتزود بالكهرباء، واحدة من الأساسيات المهملة تماما. وقد اتخذ المواطنون، في مقاطعتهم الانتخابات ومظاهرات البصرة وبقية المدن، خطوة ايجابية نحو الارتقاء بالوعي الجماعي من المناشدة والترجي الى أخذ زمام المبادرة. وهي خطوة، إذا ما تلتها مبادرات مجتمعية وطنية أخرى، ستؤدي بالنتيجة الى التغيير السياسي الحقيقي وليس تدوير الوجوه الفاسدة، بنسبة انتخاب عشرين بالمئة، كما يجري الآن.
2 لماذا يعترض المعترضون على محمد علاوي عندما يقول: كم من السائرين إلى الحسين (ع) قلوبهم معه وسيوفهم عليه! محمد توفيق علاوي

راي اليوم بريطانيا

عندما بلغ الحسين (ع) الصفاح في مسيرته من مكة إلى العراق لقي الفرزدق قادماً من الكوفة فسأله ( ما وراءك يا أبا فراس )، فقال الفرزدق ( تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) فقال الحسين (ع) ( ما أراك إلا صدقت يا أخا تيم، الناس عبيد المال، والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصو بالبلاء، قل الديانون )؛
هذا كان وضع أهل العراق سنة ستين للهجرة، فما هو وضعهم في الحاضر؛ الكثير من أهل العراق يندبون الحسين (ع) ويبكونه، ويسيروا إليه بالملايين من كافة أرجاء العراق، فكم من هذا البكاء كان صادقاً، وكم من الماشين إليه يحسبون أنهم مأجورون ولكنهم آثمون بمسيرهم
لم يرد الحسين (ع) من البكاء تعاطفاً معه فحسب، فقد بكى عليه تعاطفاً عمر ابن سعد وهو يأمر بذبحه، وبكى عليه أهل الكوفة تعاطفاً حين استقبلوا السبايا، فخاطبتهم العقيلة زينب (ع) ( أتبكون؟ وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها )؛
ولم يرد الحسين (ع) أن نسير إليه لمجرد المسير، بل أراد أن نسير على نهجه وعلى خطاه وطريقه، كما أرادنا أن نبكي ليس تعاطفاً، فالحسين (ع) لم يستشهد من أجل أن ينال تعاطفنا، بل استشهد من أجل القيم التي رفعها ومن أجل منهجه الذي أعلنه ( إنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي رسول ألله (ص) )، فأراد بكاءنا ألماً وتعاطفاً معه للسير على نهجه لمقارعة الظلم والطغيان والفساد ومواجهته بالقسط والعدل والإصلاح وهو ما دعا اليه وأراده في نهضته الجبارة وثورته العظيمة
حري بنا أن نسأل أنفسنا. هل نحن صادقون حينما نقول ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز والله فوزاً عظيما؟؟ ) حري بنا أن نسأل أنفسنا حين نسير إلى كربلاء ( هل إننا ننال بكل خطوة حسنة وتمحى عنا سيئة؟؟ )؛
حري بنا حين نذرف الدموع حزناً على الحسين (ع) أن نسأل أنفسنا ( هل حقاً سنكون يوم القيامة مصداق قول الصادق (ع) / كل عين يوم القيامة باكية إلا عيناً بكت على الحسين (ع) فإنها ستكون ضاحكة؟؟ )؛
إن الذين لا يتورعون عن أكل مال الحرام من عشرات الآلاف من المنتسبين في الدولة من الرشاوى من المواطنين المستضعفين؛ ممن يعتقدون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويذرفون عليه الدمع الغزير، فكأني بالعقيلة زينب (ع) تخاطبهم الآن وتقول لهم كما قالت لأهل الكوفة ( إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها )؛
و أما الذين يدفعون الرشاوى من التجار والمقاولين لتحال إليهم العقود بغير حق، ومن يستلمها منهم من الموظفين في مؤسسات الدولة، بل ما يأخذوه من عمولات على حساب البلد والمواطن ممن يظنون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويسيرون أياماً باتجاه كربلاء، فكأنهم بكل خطوة يخطونها إذا اعتقدوا أن الحسين (ع) سيكون شفيعهم ليغفر لهم ما يتنعمون به من اموال السحت، وإن الله سيغض الطرف عن السرقات من افواه اليتامى والارامل إنما يدعسون على قيم الحسين (ع) ومبادئ الحسين (ع) وأهداف ثورته العظمى فيزيدوه ألماً، وكأني به يخاطبهم،: ( اجلسوا في بيوتكم وكونوا أناساً صالحين فلكم عظيم الأجر، واجركم يقيناً سيكون اعظم بكثير من مسيركم وانتم غارقون بأموال الحرام )، فإنكم بما سرقتموه من قوت المستضعفين إذا اعتقدتم وانتم مصرون على المعصية ان الحسين (ع) سيشفع لكم ويحلل لكم اموال الحرام، فإنكم مخطئون، بل الامر على النقيض، فإنكم بكل خطوةٍ تخطونها، لا تكتب لكم حسنة او تمحى عنكم سيئة بل ستكتب لكم بكل خطوة سيئة وتمحى عنكم حسنة، فالحسين (ع) لم يثر ليسير الناس اليه وليبكوا عليه ويعتبروا المسير سبباً لتحليل الرشاوى والعمولات، وإنما ثار ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فمن تمثل بنهجه نال بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة، نعم قد تظنون ان قلوبكم مع الحسين (ع) ولكن اعلموا انكم بنهجكم هذا فإن سيوفكم عليه، فبئس المنقلب منقلبكم وبئس المثوى مثواكم
لقد اعترض علي بعض المعترضين وقالوا [ انك بما تكتب تثبط الناس عن المسير إلى الحسين (ع) ] فأقول لهم ان هنالك صنفين من الحجب التي تحجب الانسان عن الله، حجب الظلمة وهي الذنوب الواضحة، وهناك حجباً اخرى تسمى بحجب النور كما ورد عن اهل بيت النبوة عليهم السلام، كالمصلي رياءً، فتلك الصلاة تحجبه عن الله؛ الصلاة بذاتها مستحبة، ولكن الرياء لا يكون سبباً لمحو الاجر فحسب بل سبباً يحيل الصلاة المستحبة إلى اثم وحجاب تحجب عن الله، لذلك قال الله تعالى في كتابه الكريم { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } فالله يهددهم بالويل من عذاب شديد في النار، فقد ساوى الله بين عقوبة الساهي والمرائي في صلاته وبين ذنوب عظيمة اخرى كما ورد في عدة آيات في قوله تعالى { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (*) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (*) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } وقوله تعالى { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } وقوله تعالى { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍۢ لِّلْمُكَذِّبِينَ } وقوله تعالى { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍۢ }، فالتطفيف والهمز واللمز والتكذيب والافك من حجب الظلمة والسهو والمراءات في الصلاة من حجب النور ولكن عقابهم متقارب ولعله واحد؛ فمعاوية ابن ابي سفيان على سبيل المثال آثم بصلاته لنفاقه وريائه، مع ان الصلاة بذاتها امر مستحب بل واجب، اما شرب معاوية للخمر فهذا العمل اثم بذاته، وشرب الخمر هنا ايضاً حجاب عن الله ولكنه من حجب الظلمة لأن اصل العمل محرم؛ وكذلك المسير الى الحسين (ع) اعتقاداً من السائر ان ذلك المسير يجيز له اخذ الرشوة ويبقى مصراً على هذا الذنب وإن ذنبه هذا مغفور بسبب مسيره، فهنا المسير سيكون حاجباً عن الله، نعم هذا الحجاب من حجب النور لأن العمل بذاته مستحب وهو غير حجاب الظلمة كأخذه للرشوة، ولكنه اثم وحجاب عن الله، والحسين (ع) يرفض هذا المسير إذا كان هذا المسير سبباً للإصرار على الاثم واكل اموال السحت معتقداً ان ذنبه المصر عليه مغفور بسبب هذا المسير، وهكذا يستحيل المسير المستحب إلى اثم كاستحالة الصلاة إلى اثم كما اوضحه الله في كتابه الكريم، لأنه بهذا المسير سيبرر لنفسه اخذ الرشوة وارتكاب الحرام، اي ان هذا المسير سيزيد الانسان ايغالاً في الحرمة وبعداً عن الله وليس العكس، وكما كانت صلاة الساهي والمرائي سبباً لتهديده بالويل من عذاب جهنم، فهذا المسير سيكون سبباً لزيادة الاثم وعقاب جهنم في الآخرة، ويقيناً هذا الانسان ان بقي في بيته غير سائر الى الحسين (ع) وهو مخلص في عمله ونزيه في تعامله مع الناس فهو مأجور لأنه سائر على خطى الحسين (ع) وعلى منهجه، فأنا لا اثبط الناس، وانما اعرفهم بحقيقة الدين التي يجهلها الكثير من الناس، فأنا فيما اكتب [ آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر ]؛
نصيحتي لكل من يسير هذه المسيرة العظمى إلى كربلاء المقدسة، أن يفكر مع كل خطوةِ يخطوها، بما ذكرناه، إن كان قلبه مع الحسين (ع)؛ ليحكم على نفسه، هل إن سيفه مع الحسين (ع) أم سيفه على الحسين (ع) !!!!؛
3 خيوط اللعبة الأمريكية.. شرق سوريا غرب العراق ربى يوسف شاهين
راي اليوم بريطانيا

بات واضحا ان الأمريكي يدرك أن الاستثمار في منطقة التنف غير ممكن، وخاصة بعد الهزائم التي لحقت بفصائله في محيط المنطقة، فكان لابد من إعادة التموضع ولكن في منطقة أخرى تتساوى استراتيجيا مع التنف، لذلك بدأ فعليا بنقل ميلشياته والتي تقدر بحسب تقارير إعلامية ب11000 مقاتل والمتواجدة جنوب شرق سوريا، ونقل قسما منهم ويقدر عددهم ب700مقاتل إلى قاعدة عسكرية غرب العراق.
أمريكا والعزم في إطالة الحرب
لعل المتابع لمجريات التطورات يدرك ان الأمريكي يسعى لإعادة خلط الأوراق في الجغرافية السورية، واختيار غرب العراق للسيطرة على معبر القائم – البوكمال، فهو بذلك يضمن بقاؤه في سوريا ويعزز قواته وأدواته في غرب العراق، وبذلك يكون قد ضرب بأسيفين يمنع الاتصال بين سوريا والعراق حدوديا، وبالتالي ضَمن عدم الاتصال بين إيران وسوريا عبر العراق، و الذريعة الأمريكية تتلخص في فرض سياسة البقاء، على الرغم من عدم شرعيتها إلا أن مكافحة الإرهاب ذريعة لا بأس بها أمريكياً.
ما الذي ينوي فعله الأمريكي؟
إن من أصعب ما حدث للأمريكي وحلفائه هو الهزيمة التي تكبدوها على الأرض السورية، وهذا لم يكن في الحسبان، فالأمر على ما يبدو كان ظنا منهم أنهم لن يحتاجوا لكل هذا الوقت والخسارة في الأموال والعتاد والجنود والمرتزقة، فكانت الصدمة الكبرى، وهنا توجب على الأمريكي لحفظ ماء الوجه، العمل على إطالة الحرب في سوريا، والعمل على تأخير إعلان النصر ، و الذي عمدا تعمل على تقويضه كلا من أمريكا واسرائيل وتركيا وفرنسا وبريطانيا.
صراع الأقطاب إلى أين؟
وأقصد هنا حتما روسيا وأمريكا، إلا أن الأمريكي وإن كان في الخفاء لديهم صراع بارد مع روسيا ، لكن مع إيران الأمر مختلف، فشبح إيران ومحور المقاومة عموما يرعبهم، وهذا الصراع الاقليمي والدولي لا يقف عند الصراع السياسي فقط، بل على كافة الأصعدة لأنه باختصار “صراع استنزاف”، فالمشروع الأمريكي في المنطقة العربية الساخنة لن يتوقف، وأكبر دليل على ذلك وجود قواعد عسكرية في عدد كبير من الدول العربية وأهمها في منطقة غرب العراق “الأنبار”، والتي تعد منطقة نفوذ أمريكية منذ حرب العراق، ولكن وبالعودة إلى سوريا وحلفائها وما فعلته وتفعله على الأرض، لابد من أن يحسب الحساب لهم، ولذلك تعمل أمريكا على تهيئة ما تبقى من جماعة داعش الإرهابية للزج بهم في معركة مرتقبة في منطقة البوكمال والميادين السورية، وذلك لإحكام الطوق على المنطقة الحدودية بين سوريا و العراق، فأمريكا تعلم أن السوري والروسي مدركين لأهمية البوكمال، خاصة أن الأمريكي يريد زيادة توسع نفوذه لتشمل دير الزور حيث حقول النفط والغاز، وهي بطبيعة الحال ستكون امتدادا لنفوذه في العراق، طبعا هذا ما تطلبه اسرائيل وإن كانت لا تُظهر ذلك، فالرعب الإسرائيلي يكمن من التحالف الثلاثي لسوريا والعراق وإيران، لذلك لابد من وقف هذا الممر، الذي إن تم سيقضي على اسرائيل الأمر الذي لا يمكن ان تتقبله واشنطن، ولهذا عملية خلط الأوراق في السياسة و الميدان لدى امريكا، ما هو إلا لإعادة بسط النفوذ بعد يقينها باقتراب موعد النصر، فالملف الشمال الشرقي لسوريا ورقة يعول عليها الأمريكي والاسرائيلي.
المعركة مستمرة في جميع المناطق التي مازال يدنسها العدو، والصراعات القائمة لابد أن تنتهي و تُفضي إلى نتائج يُرسم من خلالها مصير البلدان في الشرق الأوسط.
4 عادل عبد المهدي والفرصة الأخيرة مصطفى فحص الشرق الاوسط السعودية
لن يتردد رئيس الوزراء العراقي المكلف الدكتور عادل عبد المهدي، في تقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة، إذا ما أصرت القوى السياسية العراقية على مطالبها في الحصول على حصصها الوزارية، كما أنه لن يتردد مستقبلاً في تقديم استقالة حكومته، إذا أقدمت الأطراف المشاركة فيها على عرقلته في تنفيذ مشاريعه، أو حاولت فرض أجندتها عليه، فعبد المهدي الذي اُختير لكونه شخصية مستقلة غير محسوبة على جهة سياسية، لا يُلزمه وجوده على رأس الحكومة حماية مصالح أطراف معينة، ما يسهل عليه الخروج من السلطة بأقل الخسائر والابتعاد عن مستنقع الأزمات التي تراكمت على مدى 15 سنة، وذلك نتيجة صعوبة التعايش الذي قد تواجهه مستقبلاً مع أطراف لم تُقدر حتى الآن حجم المأزق الذي وصلت إليه العملية السياسية، والتي باتت على مشارف نهاية مأساوية، وهي مطالبة الآن بالتخلي ولو قليلاً عن أنانيتها.
ولكن في الوقت الذي يمر فيه الكيان العراقي بأزمة بنيوية، تتمسك هذه القوى بما تبقى من هيكلية الدولة الزبائنية، وتصارع للحفاظ على دورها الريعي الذي يؤمّن لها حضوراً اجتماعياً وسياسياً، على حساب المصلحة الوطنية، فهذه القوى على الرغم من إعلانها أنها ليست متمسكة بالحصول على حقائب وزارية، فإنها تخوض مفاوضات شرسة في الغرف المغلقة من أجل الحصول على غنائم وزارية توفر لها خدمات اجتماعية ووزارات تستخدم من خلالها ملكيات الدولة العامة في مشاريع حزبية خاصة.
فحتى اللحظة لم تتنازل هذه الطبقة السياسية عن مبدأ المحاصصة، لكنها تخلت عن شكلها الكلاسيكي السابق الذي استند إلى أحجام الكيانات العراقية، ولجأت حالياً إلى المحاصصة الحزبية لكي تبرر مطالبها بمواقع وزارية كونها تستند إلى استحقاقات انتخابية، وقد عبر عن هذا التوجه الجديد المتحدث باسم كتلة الفتح النائب أحمد الأسدي، الذي أكد أن «المحاصصة ستكون وفق التحالفات السياسية وليس على أساس حصص المكونات من الشيعة والسنة والأكراد». موقف الأسدي الذي يمثل ميليشيات الحشد الشعبي في البرلمان العراقي يتناقض كلياً مع الموقف الذي روّجت له كتلة الفتح سابقاً بأنها غير متمسكة بالحصول على حقائب وزارية، ويكشف عن نيات مسبقة لعرقلة دعوات الدكتور عبد المهدي إلى تأليف حكومة من شخصيات تكنوقراط مستقلة، خصوصاً أن الرئيس المكلف كان قد أعلن مسبقاً رفضه أي مرشح مستقل من الأحزاب لشغل منصب حكومي، فقد اعتبر عبد المهدي أن «المستقل الذي سيرشَّح عن طريق الأحزاب قد لا يبقى مستقلاً على الأغلب». فشخصية عبد المهدي المركبة والمتعددة التجارب أهّلته لشغل مناصب مهمة في مرحلة المعارضة سابقاً وفي مرحلة السلطة لاحقاً، وتأهله في هذه المرحلة للعب دور المنقذ للطبقة السياسية من الانهيار الكامل.
وفي حال فشله في إدارة فترة انتقالية عنوانها إعادة تأهيل العراق إلى مرحلة ما بعد 2003، ستقع المسؤولية على المنظومة الحزبية والعقائدية التي حكمت العراق 13 سنة، واستطاعت تأسيس دولة عميقة سيطرت على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتمكنت من تعطيل كل الإجراءات الإصلاحية حتى التي أتت من داخل منظومتها الحزبية والتي دعا إليها في السنوات الأخيرة رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي.
وعليه فبعد أن وصلت منظومة المحاصصة الحزبية التي حكمت العراق ما بعد صدام حسين إلى مرحلة السقوط الكامل، وجعلت المجتمع العراقي يواجه واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه الحديث التي تهدد كيانه ودولته، لجأت إلى الاستعانة بعبد المهدي باعتباره الفرصة الأخيرة التي يمكن الرهان عليها في إنقاذ ما تبقى من الدولة 2003، خصوصاً أن عبد المهدي يعد آخر حاكم للعراق من مجلس الحكم الذي شُكل بعد عملية تحرير العراق على يد القوات الأميركية، ويُشكل اختياره آخر فرصة لهذه المنظومة من أجل حفظ ماء وجهها، وفي حال تسببت بإفشاله فإنها تكون قد رسمت نهايتها بنفسها، ففي عراق ما بعد عبد المهدي لن تستطيع هذه القوى السياسية المسلحة التي تحاول ترسيخ فكرة الدويلات داخل الدولة الاستحواذ الكامل على الدولة، ففي اللحظة التي سيضطر عادل عبد المهدي إلى مغادرة موقعه دون إتمام مهمته الصعبة، فإن عراقاً آخر سيتشكل، وستتجه الأنظار هذه المرة نحو ساحات المدن الكبرى أو إلى ثكنات الجيش الذي قد يصبح في نظر العراقيين آخر أمل لعبورهم إلى عراق ما بعد 2003.
فعلى الأرجح أنه في الوقت الذي سيكون عبد المهدي في طريقه إلى مسقط رأسه، سيكون شخص غير مدني يستعد لدخول السلطة، إما عبر ساحة التحرير وإما على ظهر دبابة، ليعلن بداية النهاية لحقبة سياسية قد تعيد مشهد السحل إلى شوارع المدن العراقية.
5 العراق: هل من بصيص أمل؟ جورج منصور الحياة السعودية

استبشر العراقيون بالطريقة الجديدة في انتخاب الرئاسات الثلاث: رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، رئيس الجمهورية برهم صالح، وتكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة. ذاك أن فضاءات جديدة، مشجعة وإيجابية، رسمت لوحة التسليم السلمي والآمن والسلس للمسؤوليات الكبيرة في الدولة، متجاوزة «حصة» حزب تقاتل البعض منه متشبثاً بالسلطة، على رغم تجربته الفاشلة في إدارة الحكومة. وربما كان الشعب يعقد اليوم آمالاً عريضة على قادة «العهد الجديد» من التكنوقراط الذين يمتلكون المؤهلات الكافية المطلوبة، ويتسمون بالاعتدال ويعلنون عن عزمهم وتصميمهم على إجراء التغيير نحو الأفضل.
تُرى هل يستبشر الشعب بحكومة جديدة تطوي الخمسة عشر عاماً من الفشل الذريع في إدارة البلد؟ تجربة خاضتها الأحزاب السياسية المتنفذة، ولم يحصد الشعب منها غير الذل والهوان. هذا ما حدا به الى رفض عودة الأحزاب السياسية التي اعتلت المشهد بعد 2003، مطالباً بشخصيات مستقلة وكفوءة تستلم المشهد السياسي، وتمتلك حنكة سياسية وباعاً في الديبلوماسية وعلاقات واسعة داخلياً وخارجياً، وإرادة وعزماً لازمين لإجراء تغييرات جذرية في مفاصل الدولة، والسير قدماً الى الحكم الرشيد، مع الاستفادة من الأخطاء المتراكمة، لجهة قيادة دفة سفينة العراق الى بر الأمان.
هل ستتمكن القيادة الجديدة من زرع الأمل في نفوس الشعب وإعادة الكرامة المفقودة إليه؟ التحديات كبيرة والضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية أكبر. ولا أحد ينتظر من «القبطان الجدد» تحقيق المعجزات خلال الفترة القريبة المقبلة، لكن الشعب يترقب عملاً جاداً لجهة إصلاح النظام السياسي وتعزيز الاستقرار – أحد الأركان المهمة في طريق تعافي الاقتصاد، واتخاذ حزمة من الإصلاحات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والأمنية، وترميم البنية التحتية وتحسين قطاع الخدمات، بما في ذلك توفير الماء الصالح للشرب وتأمين الكهرباء، والاهتمام بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتوفير فرص العمل، وإصلاح النظام السياسي، ومعالجة التغيير الجغرافي الحاصل في مناطق سهل نينوى وكركوك.
إن العراق في حاجة الى استراتيجية فعالة للتنمية، ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد، وإعادة البناء والإعمار، بخاصة في المدن التي دمرتها الحرب ضد داعش، والى تنمية اقتصادية مستدامة، واعتماد الشفافية ومبدأ المساءلة والإصلاح الإداري، والحد من الفساد في مؤسسات الدولة، وبناء أسس متينة للعلاقة بين بغداد وأربيل مبنية على الثقة المتبادلة واحترام الدستور وحل الإشكالات العالقة، ومنح صلاحيات أكبر لمحافظتي البصرة والموصل للنهوض بالخدمات وإصلاح البنية التحتية وتوفير الخدمات والسكن.
إن العراقيين يترقبون حكومة قوية قادرة على تغليب الهوية الوطنية، وقبر المحاصصة الطائفية، ومحاربة الجريمة المنظمة، والحد من القتل المبرمج للنساء، والدفاع عن حقوق الإنسان العراقي، بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو قوميته أو انتمائه السياسي أو الحزبي أو اتجاهه الفكري.
إن من اولويات الحكومة الجديدة محاربة الفساد، الذي وصلت مستوياته، وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية، الى أن يتبوأ العراق في العام 2004 الموقع الـ129 من بين 145 دولة، وفي عام 2010 جاء في الموقع الـ175 من بين 178 دولة، وفي عام 2017 «أحرز» المرتبة الـ169 من أصل 180. وهذا إضافة الى الحد من الاستئثار بمقدرات البلد وثرواته الوفيرة، وإخراج البلد من دوامة الفشل والأزمات المتواصلة في مفاصل الدولة، والعمل على بناء اقتصاد متعاف والتزام منهج قويم لترميم ما تم تخريبه، وليس الاعتماد على اقتصاد الظل الذي أفرز السوء في توزيع الثروة والدخل، والفساد الذي ولد البطالة، بحيث انحسر دور القطاع الخاص في الإنتاج الوطني.
أما على المستوى الخارجي والديبلوماسي، فقد أصبح العراق مركزاً لصراع القطبين المتخاصمين، الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وما على العراق إلا أن يلتزم بشرعية الدولة المستقلة ودستورها وسيادتها، وأن لا يسمح باستخدام الأراضي العراقية ساحة لتصفية الحسابات، وأن يضع حداً للجارة تركيا في موضوع توغل قواتها في الأراضي العراقية متى تشاء أو تقصف القرى الحدودية وتحرق الأخضر واليابس وتشرّد سكانها.
إن الحكمة اليوم تكمن في أن يصدر البرلمان قراراً بوضع ضوابط للخلافات والاجتهادات المختلفة في مجال تفسير بنود الدستور العراقي ومواده ومعالجة النقاط الغامضة فيه، وتكليف الحكومة الجديدة تشكيل لجنة مختصة لهذا الغرض، من الخبراء والقانونيين، غير الحزبيين أو الموالين لأطراف معينة.
إن الانحياز للشعب وكسب وده وقبوله واحترامه وثقته ودعمه، الركن الأساسي للنجاح في تنفيذ البرنامج الحكومي، لا الاكتفاء بإرضاء الحزب أو الكتلة التي رشحت هذه الشخصيات والرضوخ لمطاليبهم وضغوطاتهم، إذ ليس هناك ما هو أهم من صوت الشعب، وليس هناك ما هو أكثر قوة وتأثيراً من غضبه وسخطه عندما يثور، وتظاهرات بغداد والبصرة خير مثال على ذلك. ترى هل سيصلح العطار، هذه المرّة، ما أفسده الدهر؟