6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 استقلال العراق: عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ… جلبير الأشقر
القدس العربي

يوم الثالث من تشرين الأول/أكتوبر هو يوم «عيد الاستقلال» في العراق، احتفالاً بالاستقلال المزعوم الذي منحه الاستعمار البريطاني للبلاد في عام 1932، عندما كان يحكمها نظام ملكي أرساه البريطانيون مثلما أرسوا سواه في الخليج النفطي ومدن الملح المحيطة به. وكان استقلالاً صوريّاً بامتياز، إذ احتفظت بريطانيا في البلاد بقواعد عسكرية وبحرّية تجوّل قواتها على الأراضي العراقية، كما احتفظت بإدارة ميليشيا خاضعة لها عُرفت باسم قوات «الليفي» (Levies)، وقد تشكّل معظمها من أبناء الأقليات وفق سياسة التفريق الاستعمارية المعهودة. ولن ينتهي الوجود البريطاني المباشر على أرض العراق سوى في عام 1955، تداركاً لصعود النقمة الشعبية المناهضة له الذي سوف يؤدّي رغم ذلك إلى تهليل الجماهير بإطاحة النظام الملكي من قِبَل «حركة 14 تموز» (14 يوليو) الانقلابية بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.
وكم يلائم سؤال ابن الكوفة الشهير مناسبة «عيد الاستقلال» العراقي الراهن: «عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ… بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ»؟ والحال أن الردّين يجوزان: فالعيد يعود اليوم على العراق بما مضى، لكن ببعض التجديد. إن استقلال العراق اليوم استقلالٌ صوريّ مثلما كان قبل ستة وثمانين عاماً. فمنذ أن رحلت عنه رسمياً القوات الأمريكية في نهاية عام 2011 وهو يقبع تحت وطأة ميليشيات تديرها جارته إيران التي جدّدت مطامع الإمبراطورية الفارسية بحلّة طائفية، كما تسيطر على سمائه قوات جوّية تديرها الولايات المتحدة. وبين الإمبراطورية والإمبريالية، يقع العراق بين فكّي كمّاشة تجعل استقلاله وهماً لا غير، وربّما بما هو أسوأ ممّا كان الأمر عليه إثر الاستقلال المزعوم في عام 1932.
أما التجديد، فهو تحديداً أن عراق اليوم ليس خاضعاً لسيّد واحد، بل لسيّدين، ويُقرَّر مصيرُه ليس في عاصمة واحدة، مثل لندن في الأمس، بل في عاصمتين: طهران وواشنطن. لا بل يسرح ويمرح على أراضي عراق الحاضر لا مفوّضٌ سامٍ واحد، بل اثنان: أحدهما الإيراني قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «حرس الثورة الإسلامية» والمُشرف على عمليّات إيران الخارجية؛ والآخر الأمريكي بريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة داعش. والحقيقة أن السيادتين الإيرانية والأمريكية على العراق، بالرغم من العداء المُعلن بين الدولتين، إنما تعاونتا على حكم البلاد منذ عام 2006، أي منذ أن تبدّلت موازين القوى داخل العراق من جرّاء تقلّص النفوذ الأمريكي وتصاعد النفوذ الإيراني. وقد نجم ذلك التحوّل عن انفجار الأوضاع واشتعال النزاع الطائفي إثر تفجير ضريح الإمامين العسكريين في سامراء في شباط/فبراير من العام ذاته.
وكان نوري المالكي أول نتاج للتعاون بين سيّدي العراق، عندما جيء به رئيساً للوزراء خلفاً لإبراهيم الجعفري الذي أرادت واشنطن التخلّص منه، وكذلك طهران، لقربه من التيّار الصدري. وبعدما مالت كفّة الميزان نحو طهران بعد إتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011، توتّرت علاقة واشنطن بالمالكي فوجدت فرصة للتخلّص منه بموافقة طهران المُرغمة عندما اجتاح تنظيم داعش الأراضي العراقية. فقد خلق ذاك الاجتياح حاجة ماسة إلى قوات جوّية قادرة على صدّ التنظيم والإسهام في دحره، ما لم تكن إيران قادرة على توفيره.
فجيء حينئذٍ بحيدر العبادي، الأقرب إلى واشنطن منه إلى طهران، ثمناً للتدخّل الجوّي الأمريكي. وقد قبلت إيران بالعبادي طالما كانت مطمئنة إلى علاقتها بواشنطن في ظل إدارة باراك أوباما، غير أن الأمر تبدّل بعد وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، ثم نقضه الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه مع إيران وتصعيده التهديد والوعيد والضغوطات على اختلاف أنواعها إزاء طهران. وقد باتت حال العراق مثل حال لبنان، لا تتشكّل حكومته إلّا باتفاق الأوصياء عليه، وهو سرّ الأزمة الحكومية الراهنة في البلدين.
عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ…
2 حكومة عراقية انتقالية وربما مؤقتة
سلام سرحان
العرب بريطانيا

يمكن القول رغم مواقف المتشائمين المبررة، إن اختيار رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان في العراق فيه الكثير مما يدعو للتفاؤل. فقد تمت تلك الاختيارات، بعد مخاض شاق، بطريقة تكسر الاصطفافات الحزبية والطائفية والعرقية. ويمكن اعتبار تشتت النواب في القائمة الواحدة وتصويتهم بشكل فردي، خطوة جيدة، بعد أن انقسمت معسكرات الشيعة والسنة والأكراد لأول مرة منذ عام 2003.
لاحظنا أن الخروج من مرحلة المحاصصة وفتح أبواب محاسبة الآلاف من الفاسدين والجيوش التي تقف خلفهم، عملية شاقة خاصة في ظل سقوط إيران في طريق مسدود، يمكن أن يؤدي إلى نهاية النظام، وهو ما أرجح حدوثه قريبا وربما في العام الحالي.
شاهدنا المخاض الشاق وكيف تم تسميم مياه البصرة وتفجير العنف بأصابع خفية بعيدة عن المحتجين المسالمين، حين لاح احتمال تشكيل حكومة بعيدة عن نفوذ إيران، ولذلك كان لا بد من مرحلة انتقالية تتناسب مع حجم الخراب المتغلغل في جميع مفاصل الدولة.
كاد البلد يسقط في حرب مفتوحة لو مضت كتلة سائرون وحلفاؤها في معركة كسر العظم وأصروا على ما يريده معظم العراقيين، وهو الانتقال إلى حكومة مدنية تنهي عصر الطائفية وتقصي الميليشيات والقوى السياسية الموالية لإيران وتفتح أبواب محاسبة الفاسدين.
ما حدث هو أكثر من نصف ذلك كمرحلة انتقالية مؤقتة بفضل الخوف من غضب الشارع العراقي خاصة في وسط وجنوب العراق. وسوف تتبلور هذه المرحلة الانتقالية مع اتضاح مسارات أزمة إيران وطريقها المسدود. كما ستتبلور بالتوازي مع مخاض المنطقة، وضمنها ملفات سوريا ولبنان وحتى القضية الفلسطينية والأزمة في تركيا.
وفي تقديري فإن المنطقة اقتربت من نهاية مرحلة الإسلام السياسي، وقد يحدث ذلك بسرعة تفوق التوقعات إذا سقط حجر واحد من أحجار الدومينو، وخاصة إذا كان ذلك هو حجر الولي الفقيه الإيراني. كمرحلة انتقالية، وربما مؤقتة، يمكن أن يكون عادل عبدالمهدي خيارا مقبولا لرئاسة الحكومة بدل الدخول في حرب مفتوحة وانزلاق البلد إلى الفوضى.
سيقول كثيرون إنه تقلب كثيرا في انتماءاته الحزبية، ولكن ينبغي أن نعترف بأن ذلك ليس أمرا نادرا بين البشر، إضافة إلى أنه كان مبتعدا عن الحلبة السياسية والانتماء الحزبي منذ فترة طويلة. يحسب له أنه يفهم في آليات عمل الاقتصاد، وأنه اشترط عدم تدخل الأحزاب في اختيار الوزراء وأكد إصراره على اعتماد معيار الكفاءة. وسيكون الشارع العراقي هو الحكم.
ينبغي الإشارة أيضا إلى أنه يكاد يكون الوحيد، الذي استقال مرتين وتخلى عن إغراءات منصبيْ نائب رئيس الجمهورية ووزير النفط حين طالب المحتجون بذلك.
أما برهم صالح فينبغي أن نلاحظ أنه تغير ونضج كثيرا بعد المواجهات الشرسة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
من الواضح أنه أصبح في مواقفه الأخيرة يراهن على دولة مدنية. وينبغي من باب فتح صفحة جديدة ألا نستدعي بعض مواقفه القومية مثل تصويته في الاستفتاء، لأنها مواقف غريزية لا يمكن إنكارها إضافة إلى أنه ابتعد عنها بواقعية ومنطق مدني متماسك.
أما رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فإن انتخابه لا يخلو من صفقة مريبة. ويمثل محاولة من معظم النواب ورؤساء الكتل لتخفيف إمكانية محاسبتهم وفتح الأبواب أمام رفع الحصانة عنهم. ومن الواضح أن الميليشيات وبقية المعسكر الإيراني هي التي اختارته للمنصب لمنع وصول خالد العبيدي.
كما أن الأحزاب الكردية رأت في الحلبوسي خيارا أفضل لقيادة الجدل في البرلمان في ملف المناطق المتنازع عليها. وأرادت إبعاد العبيدي ابن الموصل الذي يعرف الأبعاد الاجتماعية لتلك المناطق. أعتقد أن بقاء الحلبوسي في منصبه لفترة طويلة أمر مستبعد. وحين تهدأ العاصفة بعبور المهل الدستورية وتشكيل الحكومة سوف تتبلور اصطفافات جديدة في البرلمان، وقد تتمكن من عزله من منصبه، خاصة في ظل وجود اتهامات كبيرة له بالفساد.
بقليل من الواقعية وحساب مخاطر الانزلاق في الصراع المسلح والسقوط في الفوضى، يمكن أن ننظر إلى تلك الخيارات على أنها مرحلة انتقالية جيدة للعبور إلى مرحلة جديدة. وقد تكون كل تلك الخيارات مؤقتة إذا لم تتمكن من الاستجابة إلى ما يريده معظم العراقيين، الذين لم تكن رسالتهم أكثر وضوحا في أي وقت مضى.
3 حكومة عراقية ضعيفة يحميها الحشد الشعبي
فاروق يوسف العرب بريطانيا

ليس من السابق لأوانه الحكم بالفشل على التحول الذي شهده نظام الحكم في العراق. فبعد أن ساد الاعتقاد أن خروجا نسبيا من نظام المحاصصة في اتجاه حكومة كفاءات هو الحل الذي ستلجأ إليه الأحزاب الحاكمة هناك، لا لإخراج العراق من متاهته بل على الأقل للإيحاء بأن هناك نوعا من الاستجابة لمطلب التغيير الذي رفعه المحتجون، هاهي الكرة تعود إلى منطقة التسويات والصفقات المريبة بين الكتل السياسية نفسها، من غير أن يكون لأصوات الناخبين أي أثر يُذكر.
لقد طويت صفحة الصراع على الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تقديم مرشحها لمنصب رئيس الوزراء من خلال مناورات سرية أشرف عليها قاسم سليماني، ممثل الولي الفقيه في العراق.
وإذا ما كان الكثيرون قد عوّلوا على وضع نهاية لحكم حزب الدعوة الذي استمر لإثني عشر عاما، فإن ذلك الحدث الإيجابي قد فقد قيمته التاريخية من خلال وصول شخصيات ضعيفة إلى المناصب الثلاثة الرئيسة في النظام السياسي (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء) لن يكون في إمكانها أن تحدث انقلابا في بنية ذلك النظام القائم على تقاسم المغانم، وهو ما يعني استمرار ماكنة الفساد في العمل بأقصى طاقتها.
لقد غادر حزب الدعوة الحكم من غير أن تؤثر تلك المغادرة على سيطرته على مفاصل الدولة التي أسسها على مقاسه بما يجعله قادرا على إدارتها خفية، من غير أن يسبب ظهوره العلني إحراجا لأحد من الفرقاء الذين أعلنوا في أوقات سابقة تململهم من هيمنته المطلقة على شؤون الدولة.
وكما هو واضح فإن عصر المناداة بالإصلاح قد انتهى بالرغم من أن شيئا ملموسا يمت إلى الإصلاح بصلة لم يحدث. كانت هناك جعجعة حاول البعض من خلالها أن يملأ الفراغ بوعود للإصلاح، تبين في ما بعد أنها مجرد فقاعات تجريبية لم يكن القصد منها سوى الانحراف بزوايا النظر عما يتم التخطيط له على مستوى إعادة إحياء مشروع نظام المحاصصة، لكن بطريقة تبعد الشبهات عن الأحزاب الرئيسة.
فالواجهة اليوم والتي ستستمر لأربع سنوات مقبلة تتصدرها ثلاث شخصيات تنتمي إلى أضعف الكتل السياسية، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى أن تخضع لإملاءات الكتل القوية التي ستنال حصتها من الغنائم كاملة، من غير أن تتصدر المشهد ولن يقع على مسؤوليتها شيء مما يمكن توقعه من صدام مع الشعب الذي صار على يقين من أن مطالبه بالخدمات وبتحسين ظروفه المعيشية لن يتم النظر إليها بطريقة جادة.
بهذه الصيغة تكون إيران قد حسمت الأمور لصالحها بشكل كامل من غير أن تدفع بالتيار الموالي لها إلى موقع الصدام الذي سيحتله آخرون، هم ليسوا أقل ولاء لها غير أنهم لا يرفعون شعاراتها علنا بالرغم من أنهم لا يملكون الإرادة ولا القدرة على الوقوف ضد تمددها وهيمنتها على القرار السياسي في مرحلة قد تؤدي بالعراق إلى أن يكون ساحة حرب تجريبية بينها وبين الولايات المتحدة، التي يبدو انسحابها من الساحة العراقية كما لو أنه جزء من مشروع العقوبات.
ما حدث في العراق على مستوى سياسي لا يمكن حصره بهزيمة ما سمي بمشروع الإصلاح ومحاربة الفساد المستشري في بنية الدولة، بل بتجاوز ذلك إلى رسم صورة كالحة لمستقبل العراق، حيث يتحتم على الحكومة العراقية بسبب ضعفها أن تعود في كل قراراتها، الداخلية والخارجية، إلى قاسم سليماني باعتباره مرجعا، يحفظ لها بقاءها في خضم ما يمكن أن يشهده الوضع الداخلي من تدهور جراء التراجع عن مشروع الإصلاح.
فسليماني هو الذي سيدير دولة الحشد الشعبي التي لن تكون في المرحلة المقبلة دولة ظل، بقدر ما ستكون دولة حماية تطوي هيمنتها على الشارع كل أحلام العراقيين بالتغيير والانتقال إلى دولة مدنية.
4 وسام الدبلوماسية الشعبية العراقية
محمد عارف
الاتحاد الاماراتية

أقيمت يوم الجمعة الماضي في السفارة العراقية بموسكو مراسيم منح «ميخائيل بوغدانوف»، نائب وزير خارجية روسيا، ومبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميدالية ذهبية مكتوباً عليها بالعربية والروسية «جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي الروسي» وصورة «نوّار» الذي تحمل الجائزة اسمه، وفي الوجه الآخر للميدالية صورتا النخلة (رمز العراق)، وشجرة «البيريوزا» (رمز روسيا). وحضر الحفل سفراء عرب معتمدون في موسكو، ومسؤولون في وزارة الخارجية الروسية. وفي التفاتة فريدة اعتبر السفير العراقي، حيدر العذاري، الجائزة «وسام الدبلوماسية الشعبية العراقية». فمبادرة الجائزة صدرت من «ضياء نافع»، عميد «كلية اللغات» في جامعة بغداد سابقاً، وأحد أبرز الأكاديميين العرب المختصين بالأدب واللغة الروسيين.
ولو أن عشرة بالمائة، وحتى واحد بالمائة من التدريسيين الجامعيين العرب المتقاعدين، ينشطون مثل «نافع» لأحدثوا ثورات معرفية في العالم العربي، رغم مغادرته بغداد عام 2006 إثر اغتيال اثنين من أبناء شقيقته في حملة تصفية المترجمين العراقيين. وغربة «نافع» من قصص نخبة أكاديمية عراقية لا تُقهر، أعادت تأسيس نفسها، وبناء جدارتها، وفعلت المستحيل لخدمة بلدها، ضد التشريد، والتهجير، ومهانة العوز، وتعب سن التقاعد. وعندما توفي فجأة ابنه الوحيد طبيب العيون «نوّار»، توقعتُ أن تكون هذه نهاية، ليس فقط إبداعات «نافع»، بل ربما حياته، وحياة «فالا» أم نوار، زوجته الروسية العراقية جداً. ولم يخطر ببالي قط أنها ستشاركه حياة مبدعة تجعل صورة ابنهما وساماً عالمياً.
و«من بغداد إلى روسيا مع ابن فضلان» عنوان مقالة منشورة هنا في 5 مايو 2011 قارنتُ فيها رحلة «ابن فضلان» عام 921 ميلادي، مبعوثاً من الخليفة العباسي المقتدر، ورحلة «نافع» مبعوث شعبه لإقامة «مركز الدراسات العراقية» في «جامعة فورونيتش» الواقعة على مسافة أكثر من 500 كيلومتر عن موسكو. وسيتدبر بنفسه هناك، في أعماق روسيا، الحصول على زمالات دراسية جامعية للعراقيين، وتنظيم احتفالات وتماثيل لابن فضلان، وللشاعر الجواهري، ومشاريع متعددة الثقافات، كشهاداته العلمية: ماجستير الأدب واللغة الروسية من جامعة موسكو، ودكتوراه من جامعة باريس، وموضوع كلتا الشهادتين الأديب الروسي «أنطوان تشيخوف» الذي تنسبه لنفسها الثقافات حول العالم.
ويستعيد «نافع» سرور سفير مصر في موسكو، مراد غالب، عندما التقاه في ستينيات القرن الماضي، وعلم أنه يدرس الأدب الروسي، «نحتاجه للحوار مع الروس». و«غالب» الذي أصبح فيما بعد وزير خارجية مصر، حظي باحترام وإعجاب الروس لإتقانه اللغة الروسية ولمعرفته الممتازة بالأدب الروسي. وندرك في كتابات «نافع» أهمية الأدب الروسي التاريخية، الذي استنهض به «ستالين» الروس ضد الغزو الألماني (أنتم يا شعب «تولستوي»، و«غوغول» و«دستوييفسكي»، و«تشيخوف»). ويجعلنا «نافع» نفهم ما فات على صحفيين غطوا «قمة دول آسيا الوسطى» الأسبوع الماضي، دهشوا لتصفح بوتين، وهو يتناول عشاءه، رواية «يغفيني أونيغين» لأشهر أدباء روسيا «بوشكين».
وإذا كانت الحياة قد فرضت على هذا الأكاديمي العراقي المبدع نثر معرفته عبر البلدان والمؤسسات، فسيبدع نثرها بنفسه يومياً تقريباً في كتب، وصحف، ومدونات، ودردشات «فيسبوك». وبالأدب الروسي يستكشف حوار السياسات والحضارات العالمية، وبه يساهم في مؤتمرات دولية للترجمة، والاستشراق، ويتابع -كالأب المكلوم- الحياة الأكاديمية في جامعة بغداد.
وسيرة «نافع» الأكاديمية رواية لا مثيل لها، شتات كتابات من حياته في موسكو، وباريس، و36 عاماً من التدريس في «كلية اللغات» بجامعة بغداد، حيث نال الأستاذية، ووضع سبعة مؤلفات، منها معجم روسي عربي سياسي، وكتاب «الأمثال الشرقية بالروسية»، ومختارات شعرية عالمية يترجمها عبر الروسية، بينها للشاعر الصيني القديم «باي هوا»: «المجد لِلّيل المليء بالعظمة، لقد محا كل الحدود بين البشر، وأضرم الكثير من القناديل فوق البشر».
5 ذكرى الحرب العراقية الإيرانية رشيد الخيون الاتحاد الاماراتية

يوم السَّبت قبل الماضي (22/9/2018) أجرت القوات المسلحة الإيرانية استعراضاً بمناسبة مرور ثمانية وثلاثين سنةً على إشعال الحرب العراقية- الإيرانية، هذا التَّاريخ حسب الرواية الإيرانية، وأيده الاجتياح الكبير للجيش العراقي داخل العمق الإيراني.
أما العراق فظل يعتبر الحرب قد بدأت قبل ذلك، وقدم الشكاوى للأمم المتحدة ضد التحرشات الحدودية، ناهيك عن التظاهرات التي اجتاحت المدن الإيرانية مِن أجل قيام دولة إسلامية بالعراق، والبرقية التي أُذيعت من الإذاعة الإيرانية، التي طلب بها قائد الثَّورة مِن محمد باقر الصَّدر(أعدم 1980) عدم مغادرة العراق لقيادة الثورة الإسلامية، وتلك قصة مشهورة. فمن يتحدث عن الحرب عليه حساب تلك المقدمات.
ظل العراق، حتى 2003، يحتفل بنهاية الحرب لأنه جنى الانتصار، مع الخراب الذي أصاب البلدين، بينما إيران تحتفل ببدايتها، وبين البداية والنّهاية ثماني سنوات مُهلكة للزَّرع والضَّرع. كان للحرب أن تقف لكن آية الله الخميني (ت1989) رفض ذلك، ففي حسابه أنه سيصل إلى القُدس عبر كربلاء!
لم تنته الحرب مِن جانب إيران، لأن عواقبها على العراق ما زالت تفعل فعلها، فعندما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية فرض العقوبات على إيران، برزت المناكفات بين العراقيين بخصوصها، أحزاب وشخصيات دينية، نشأت داخل إيران وحاربت مع الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي، وهي الآن على دست السُّلطة العراقية، طالبت العراق بتعويض «الجمهورية الإسلامية» (هكذا عنوانها عندهم) عن خسائرها في الحرب.
وبناء على كل ما سبق يتعين على السياسيين الإيرانيين أن يُراجعوا سياساتهم، في ما يخص تصدير الثَّورة، فوجود «حزب الله» بلبنان خلق لإيران خصوماً، ومن داخل الطائفة الشِّيعية نفسها، مع علمنا بأن أول مَن خرج على تطبيق فكرة ولاية الفقيه الفقيهان: محمد جواد مغنية (ت1979)، ومحمد مهدي شمس الدِّين(ت2001)، وبعدها عُزل السَّيد علي الأمين عن القضاء الشَّرعي (2008) بسبب تأكيده على الولاء للوطن اللبناني، ومواجهة مصادرة حزب الله للطائفة.
أما العراق فالقضية أبعد مِن ذلك، فإذا كان الوجود الإيراني بلبنان ممثلاً بـ«حزب الله»، فبغداد والبصرة وبقية المدن العراقية تئن تحت أكثر مِن حزب وميليشيا تابعة للولي الفقيه، ولأن العراقيين (حسب المنطق الإيراني لا عهد لهم) أخذوا يُكاثرون الميليشيات، وكل ميليشيا لها ارتباطها الخاص، مِن عصائب ونجائب، وأن أحزاباً عندما يتحدث قادتها مِن داخل بغداد تتوهم وتسأل نفسك: هل هؤلاء ببغداد أم بطهران؟! وهم مثلما تقدم لا يلفظون إيران باسمها الرَّسمي إنما بالجمهورية الإسلامية فقط، على أنها ممتدة إلى العراق.
غير أن مقدار الكراهية لإيران أخذ يتصاعد، والشَّاهد التظاهرات التي انطلقت بالبصرة، وأسفرت عن حرق مقرات الأحزاب الدِّينية، وتحطيم القنصلية الإيرانية. ليُقال ما يُقال بأن تلك (مؤامرة) أميركية، أو البعض الآخر جعلها (مؤامرة) إيرانية، لكن علينا بالحدث نفسه، حتى إذا فعلتها الميليشيات نفسها، فإنها دليل أن هناك مخاوف إيرانية غير مخفية. يعلم «حزب الله» اللبناني والأحزاب الدينية والميليشيات بالعراق أن وجودها مرتبط بوجود نظام ولاية الفقيه، فقد أشرقوا بشروقها وسيغربون بغروبها، لهذا لا قيمة للمواطنة عندهم.
عودة على بدء، تداولت عبارة «دار السَّيد مأمونة» بين العراقيين، قديماً وحديثاً، يُنقل عن رئيس وزراء العراق نوري السَّعيد (قُتل1958) كان يقولها لمَن يخبره عن وجود حركة ما ضد النِّظام، ويقصد بالسَّيد الملك فيصل الثَّاني (قُتل 1958)، فهو مِن نسل آل البيت، حتى عصفت العواصف بالدَّار وحصل ما حصل.
قبل ذلك نصح بها منجم آخر خلفاء العباسيين المستعصم بالله (قُتل 1258 ميلادية): أن الخلافة لا يسقطها المغول ولا غيرهم إنها «دوحة النُّبوة»، ولما دخلوا إلى عِقر دار الخلافة، سألوا المنجم سُليمان شاه عمَّا نصح به الخليفة، وجعله مطمئناً في قصره، فأجابهم بالقول: «لقد كان الخليفة مستبدًّا برأيه، منكود الطَّالع، فلم يستمع لنصح الناصحين» (الهمذانيّ، جامع التواريخ- تاريخ هولاكو).
أخشى أن السَّيد علي خامنئي، قد ركن وقرت عينه بنيابة الإمام، على أنها «دوحة النُّبوة»، وهو نائبها، وأن الثَّورة الإسلامية بإيران لعموم العالم الإسلامي، ممهدة للمهدي المنتظر، مِن دون النَّظر لِما حوله مِن المخاطر. غير أن الأعداء والمنسحبين قد تكاثروا ويتكاثرون، ولا يكن مطمئناً لهذا الخلود الكاذب، فقبله العباسيون أخطأوا الحساب، ففي أول يوم تسلموا السُّلطة قال خطيبهم: «اعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم» (الطَّبري، تاريخ الأمم والملوك)، لكن الخلافة التي بدأت بوهم الخلود انتهت بمشورة المنجم سليمان شاه (قُتل 1258ميلاية). فلا يظن أن دار السَّيد مأمونة، وينشغل عمَّا يجري حوله في الدَّاخل والخارج، والوقت أزف وحانت المراجعة، اليوم وليس غداً.
6 أميركا vs إيران: المواجهة في العراق وسورية ولبنان عبدالوهاب بدرخان الحياة السعودية

الحملة الأميركية ضد إيران هيمنت على المناخ الدولي، واستطاع دونالد ترامب تتويجها في الأمم المتحدة، سواء بخطابه أمام الجمعية العامة أو بترؤسه الجلسة الخاصة لمجلس الأمن. أصبح العنوان: أميركا في مواجهة إيران… وهذا يحقق لقادة النظام الإيراني ما ادّعوه دائماً وما قدّموا به «تجربتهم» كدولة أولى ووحيدة لا هدف لها سوى «مقاومة الاستكبار» وإلحاق هزيمة تاريخية به. كان الملالي يردّدون أن العالم معهم طالما أنه يكره أميركا ويعاديها، ولعلهم يجدون في «المواجهة» الحالية مع أميركا أكبر دعاية تتحقّق لهم ولنهجهم في مراحل سابقة، لكن ظروفهم تغيّرت ولم يعد في إمكانهم أن يواصلوا تضليل ذواتهم وأتباعهم. بالطبع، لديهم قدرة على الإيذاء والتخريب، وقد أثبتوها في العراق وسورية واليمن ولبنان، لكنهم برهنوا في العراق خصوصاً أنهم لا يقدمون في المقابل سوى إذكاء الانقسامات ومنع قيام الدولة. ثم إن خيبتهم الكبرى ظهرت جليّة في الداخل، إذ أهدوا الى شعبهم «الحرس» والصواريخ ومشروع القنبلة النووية لكنهم عجزوا عن توفير الحياة الطبيعية والعيش الكريم.
تأتي «الفرصة» لإيران كي تتحدّى أميركا في أسوأ ظرف داخلي، مع أن الظرف الدولي هو الأفضل على الإطلاق. فاستراتيجية تحجيم النفوذ الإيراني التي تبنّاها ترامب استُبقت أو أُرفِقت بسلسلة عقوبات تربك حلفاء أميركا وأصدقاءها فضلاً عن خصومها، بل ترعبهم وتهدّد بمفاقمة أزماتهم المالية والاقتصادية، كما أنها تضع السياسات الدفاعية الغربية ذاتها في اختبار صعب. لا يمكن أن يتوفّر لإيران مناخ دولي أكثر ملاءمة، فالعلاقات بين واشنطن والعالم هي الأكثر توتّراً واضطراباً منذ زمن، لكن ثمّة ثلاث ظواهر: الأولى، أن جمهور ترامب يسانده ويحول حتى دون ذهاب خصومه الجمهوريين بعيداً في معارضته طالما أنه يجيّر قراراته لـ «أميركا أولاً» و «أميركا أقوى» ولـ «استعادة» أموال يعتقدها منهوبة. والثانية، أن العطب المالي والاقتصادي الذي أصاب إيران، بسبب عقود من العقوبات، بدّد قدرتها على استغلال الوضع الدولي لتمرير مغامراتها. والثالثة، أن الخلافات المتزايدة بين الدول الكبرى، القوية والغنية، جعلت اللعبة أكبر من إيران كما جعلت أزمتها أكثر عمقاً وخطورة من أن تعالجها بالاعتماد على ميليشيات خارجية نشأت على التعصّب المذهبي وأكسبها سلاحها غير الشرعي تخلّفاً سياسياً فصارت عنواناً لعدم الاستقرار في مجتمعاتها.
هل ترى طهران «بارقة أمل» في تمايز مواقف أعضاء مجلس الأمن عن موقف ترامب، وفي حضوره، وهل تكتشف في هذا الخلاف ما يلاقي طموحاتها، وهل تستخلص أن العالم منقسم بين غالبية معها تريد الحفاظ على الاتفاق النووي و «أقليّة» تقتصر على أميركا وتريد اتفاقاً آخر؟ الجواب جاء من ترامب نفسه: «ليس مهمّاً ما يفكّر فيه قادة العالم في شأن إيران، فالإيرانيون سيعودون إليّ، وسيحصلون على اتفاق جيّد، كما أعتقد». في الواقع السياسي، ليس هناك ما يؤيّد حجّة ترامب المقتنع بأن تجربته مع كوريا الشمالية (بوساطة مباشرة من كوريا الجنوبية، ومساهمة غير مباشرة من الصين) يمكن أن تتكرّر مع إيران، وليس واضحاً أي جهة يمكن أن تتولّى التوسّط والتسهيل. لذلك، يسخر الملالي من لا واقعية ترامب في رهانه على قرار إيراني بالتفاوض مع أميركا، لكن خياراتهم الأخرى مكلفة وغير مضمونة العواقب. كان هذا التفاوض سيكون طبيعياً وسلساً مع إدارة باراك أوباما التي قدّمت الكثير (لقاء الاتفاق النووي) وافترضت أن إيران ستنتهز الفرصة لفتح صفحة جديدة معها. اختارت طهران أن تضيّع فرصة أوبامية سهلة ومواتية لتجد نفسها أمام فرصة ترامبية لا تملك سوى أن ترفضها، لكن «المواجهة» مع أميركا، طالت أم قصرت، ستكون مؤذية لإيران، وربما تضطر المرشد علي خامنئي، هو الآخر، لتجرّع «كأس السم».
كانت لهجة ترامب الاستقوائية موجّهة عملياً إلى روسيا والصين، كذلك إلى الأوروبيين، فعقدة الاتفاق النووي بملابساتها الديبلوماسية أصبحت وراءه، أما مشكلة البرنامج النووي الإيراني فأضحت جزءاً من استراتيجيته لتغيير السلوك الإيراني، وهو ما تعتبره طهران سعياً إلى تغيير النظام نفسه، أي أن نظامها وسلوكها متلازمان. وإذ دأبت روسيا والصين الموقّعتان على الاتفاق النووي دأبتا على أقصى الاستغلال للتنافر الأميركي – الإيراني، قبل الاتفاق وبعده، وتتهيّآن لتحقيق مكاسب من المواجهة المقبلة. ما لا تعترف به طهران أن الدول الأوروبية الثلاث، الموقّعة أيضاً على ذلك الاتفاق، تدافع عنه كعقد دولي يجب احترامه وليس عن إيران أو عن استغلالها الاتفاق، وتدافع عن مصالح أتاحها لها الاتفاق وليس عن السياسات الإقليمية لإيران أو عن برنامجها الصاروخي الذي تنقل منتجاته إلى الحوثيين في اليمن و «حزب الله» في لبنان وبعض «الحشد الشعبي» في العراق. كل ذلك يعني أن طهران لا تستطيع الرهان على أي دعم من «الشركاء» في الاتفاق مهما بلغ استياؤهم أو عداؤهم لأميركا ترامب.
عدا إصرار الرئيس الأميركي على العقوبات التي ستضرب القطاع النفطي الإيراني، وهو ما تعتبره طهران خطاً أحمر، فإن مستشاره للأمن القومي جون بولتون والممثل الأميركي الخاص بسورية جيمس جيفري يؤكدان الآن عدم مغادرة المنطقة «طالما أن القوات الإيرانية خارج الأراضي الإيرانية». وفي ذلك تحدٍّ واضح لروسيا وحض لها على التعاون لـ «إخراج إيران» أو تحمّل العواقب التي لا تفيد الأساليب العسكرية في التخلص منها. فللمرّة الأولى يصدر تهديدٌ أميركي للنظام السوري إذا لم يتعاون مع «إعادة كتابة الدستور تمهيداً لإجراء انتخابات»، إذ قال جيفري أن «شغلنا الشاغل سيكون (عندئذٍ) جعل الحياة أسوأ ما يمكن لهذا النظام المتداعي وسنجعل الروس والإيرانيين الذين أحدثوا هذه الفوضى يهربون منها». صحيح أن هذا مجرد كلام لكنه يعبّر عن سياسة أميركية غير مسبوقة في الأزمة السورية، وتكمن خطورته في أن التعقيدات الداخلية للأزمة لم تُحسم عسكرياً، وفي أن منظومة العقوبات تريد التحكّم في الحسم السياسي.
هذا ينطبق إلى حدٍّ كبير على العراق، فمهما بلغ الولاء لإيران فلن يجرؤ أي رئيس حكومة على مطالبة الأميركيين بالمغادرة، مع ما يستتبع ذلك من عزل وعقوبات يصعب تحمّلها وتداعيات كارثية على دولة لم تنهض بعد وعلى بلد يعاني من صعوبات في الخروج من نكبته «الداعشية». الفارق بين النفوذَين الأميركي والإيراني هو تصوّر كلٍّ منهما لمصلحته ومدى تواؤمها مع مصلحة العراق والشعب العراقي. فالأميركي ارتكب أفدح الأخطاء في المرحلة السابقة لكنه يريد الآن للدولة وجيشها ومؤسساتها أن تسود، وإذا تحقّق ذلك فإن ضمانته وحدها يمكن أن تجتذب المساهمات الدولية في إعادة الإعمار. أما الإيراني فلا يرتاح إلا بوجود ميليشياته وبتغوّلها على الدولة واختراقاتها المؤسسات وترهيبها لمكوّنات المجتمع كافةً، ولعل أحد أهم أهداف إيران إبقاء العراق في نوع من العزلة الإقليمية والدولية. والمؤكّد أن العراق سيكون البؤرة الرئيسية للمواجهة التي ربما يشكّل إغلاق القنصلية الأميركية في البصرة أول وقائعها، فإيران لا تعتبر إخراج الأميركيين ممكناً فحسب بل حتميّاً لإحراز «النصر» وإحباط حملة ترامب عليها.
لا شك في أن بقاء الأميركيين في سورية يستدعي مواصلة إسرائيل هجماتها على الوجود الإيراني، لكن اذا استمر التجميد الروسي لهذه الهجمات وإذا أصرّت موسكو عليه فإن الأميركيين والإسرائيليين سيعتبرون أن روسيا أصبحت في حال تحالف مع إيران وسيبحثون عن سبل أخرى لملاحقة نشاطات التسليح الإيرانية. ولا يستبعد الكثيى من المصادر تشكيل فرق خاصة من فلول فصائل المعارضة للقيام بعمليات تستهدف الإيرانيين وقد تشمل لاحقاً مواقع للنظام والروس. لكن تحريم الأجواء السورية على إسرائيل دفعها أكثر إلى النظر في اتجاه لبنان، مستندة إلى إعلان «حزب الله» بلسان أمينه العام أنه حصل على أسلحة متطوّرة وصواريخ دقيقة. وليس التقرير الإسرائيلي الأخير عن نشر «حزب الله» صواريخه في مناطق آهلة بالسكان، بمعزل عن مدى صدقيته أو عدمها، يشكّل خطوة أولى في بناء ملف قضية لتبرير أي عمل حربي يستهدف «الحزب» وصواريخه لكنه سيُكلف لبنان وشعبه دماً ودماراً. أما العقوبات التي أعدّها الكونغرس الأميركي ضد هذا «الحزب» فهي خطوة مساندة للخطط الإسرائيلية لكنها في الوقت ذاته ضربة قاسية للاقتصاد اللبناني.