7 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 العراق.. حكومة إنقاذ أم إبرة تخدير
د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

بالون الاختبار أو إبرة التخدير، التي سموها حكومة إنقاذ عراقية هي تسريب يراد من ورائه غايات تضر بمصلحة العراق، خدع به بعض حسان النية وركض وراءه بعض من علق الآمال بمنصب في عراق مريض، دون أن يفطن إلى أنه يركض وراء سراب، وأن ما راوده ما هو إلا أحلام عصافير.
جاء في خبر أسند إلى مصدر حكومي أن العراق يتجه نحو تشكيل حكومة إنقاذ وطني لفترة محددة، في ظل التعقيدات بالبلاد. والمسوغ لإطلاق مثل هذا الخبر، هو اتساع الاحتجاجات وسقوط عشرات الضحايا، وتزايد الخلافات بين الأحزاب حول تشكيل الحكومة، وعودة نشاط تنظيم الدولة ببعض المناطق واستمرار عمليات الخطف والقتل.
والمصدر الذي أسند إليه الخبر أكد أن “واشنطن وضعت سيناريو جديدا يتضمن تقديم حكومة إنقاذ برئاسة حيدر العبادي وقادة وطنيين”، لافتاً إلى “وجود اتصالات متواصلة وجهود حثيثة بين الجانب الأميركي وقادة عراقيين داخل العراق وخارجه”.
ولا يجادل أحد في أن حكومة إنقاذ وطني مطلب رئيسي للتحركات السياسية، بل إن الجميع يتطلع إلى حكومة الخلاص، وهو ما نلاحظه اليوم من انتشار الحركات الخلاصية والمهدوية، ولكن شعار الإنقاذ هذا مسرب، ومعلوم أن التسريبات واحدة من أدوات السياسة والإعلام، ومن أركانها وضع أسماء تحظى بالقبول العام. إنها ليست مجرد شائعة عابرة بل هي معدة مسبقا غايتها التنويم والتخدير، لكن الغاية النهائية منها إحباط الحراك الوطني وتشتيته.
من ناحية أخرى فإن الإنقاذ هو الأمل، الذي تحلم به مجاميع من الناس تترقب الخلاص بعد أن سكنها اليأس ونال من عزيمتها الموت، فلا أسهل من أن تداعب آمالها لتخدعها في النهاية. ثم إن من سرب هذه الخدعة وروجها ونشر أسماء الشخصيات التي تتكون منها حكومة الإنقاذ، أعلن أن الشعب العراقي هو الذي اختار هذه الأسماء دون أن يذكر كيف اختارها الشعب وأين؟
يقول أحد من ورد اسمه في التشكيلة الحكومية المسربة “بعد أن ركل شعب العراق بأقدامه مسرحية الانتخابات بمقاطعتها، وبعد محاولات الالتفاف والخداع للعملاء والجواسيس على إرادة الشعب، ثار أهلنا في الفرات الأوسط وجنوب العراق الثائر وكحق طبيعي لا بد أن تتوج ثورتهم بحقوق تتعدى رغيف الخبز وماء الشرب، فانبثقت عنهم حكومة إنقاذ تم تحديد وتسمية شخوصها وقيادتها الوطنية بقيادة ابن العراق البار الفريق أول الركن عبدالواحد شنان آل رباط وثلاثة نواب له وخمسة عشر وزيرا دون علمه أو استشارته ولا حتى استشارة أو أخذ رأي أي من أعضائها، وإنما جرى تكليفهم من قبل الشعب لإنقاذه من الظلم والطغيان”.
لاحظ كيف أن الشعب اختارهم وهو لا يدري، وكل جهة سواء كانت في الحكم أم خارجه تأخذ ختم الشعب وتوقع به قراراتها والشعب لا يدري. النائبة صفية السهيل من القائمة العراقية تستخدم اسم الشعب وتقول إن حكومة الإنقاذ الوطني أمر يرفضه الجميع لأنه يخرج عن حدود الأطر الديمقراطية، التي شرعها الشعب، سواء في استفتائه على الدستور أم انتخابه لمن يمثله ويجب على الجميع احترام رأي الشارع العراقي.
السياسي الكردي محمود عثمان كان أكثر صراحة عندما قال إن مصطلح حكومة الإنقاذ أطلقه إياد علاوي وأن الكتل الأخرى لا تعرف ما الذي كان يعنيه علاوي من هذا المصطلح، مضيفا أن “على الجهة التي تطالب بتطبيقه أن توضح ما الذي يراد منه، وأنه لا يحق لأية جهة فرض نوع الحكومة على القادة السياسيين حتى لو كانت الأمم المتحدة”.
الشعب الذي يتحدث الجميع باسمه من دون أن يكون له رأي في ما يتحدثون به، يعرف طريقه فقد بدأ بمقاطعة الانتخابات وأعقبها باحتجاجات كبيرة وواسعة على الفشل والفساد ومصادرة إرادته هذه السنوات العجاف كلها، ويعرف كيف يصل إلى أهدافه ويحقق ما يريد.
2 التخبطات الكردية ورئاسة الجمهورية؟! حيدر هشام راي اليوم بريطانيا
لا يخفى على احد، ان منصب رئاسة الجمهورية هو حصرا للمكون الكردي، لذا فان القوى السياسية الكردية ما زالت في طور اختيار المرشح الذي يرونه الانسب لهذا المنصب.
وعلى الرغم من ان الجلسة البرلمانية التي ستعقد غدا الثلاثاء الموافق (٢٥ ايلول ٢٠١٨)، من المقرر ان يتم فيها اختار شخصية الرئيس، الا ان الاحزاب الكردية ما زالت في مرحلة الخلافات، حيث تعيش القوى الكردية اليوم حالة من الانشطار وعدم التألف خاصة بين الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني – الاتحاد الوطني الكردستاني).
الحزبان الرئيسيان اللذان ذكرا اعلاه، كانا يعتمدان من العام ٢٠٠٥ على عرف سياسي محدد يقضي بان يكون منصب رئاسة الجمهورية من نصيب حرب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني منصب رئاسة اقليم كردستان، الا ان هذه الدورة الانتخابية وبعد حسم حزب الاتحاد مسالة الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية واختياره لـ”برهم صالح”، ظهر الحزب الديمقراطي برأي مغايراً مقرراً المنافسة على ذات المنصب بترشيحه “فؤاد حسين” لدخول خط المنافسة على رئاسة الجمهورية.
وبعد هذه الخلافات التي عصفت في الاحزاب الكردية وفي لحظة غير متوقعة، ظهرت الى الساحة وبشكلاً مفاجئ مرشحة جديدة تنافس جميع المرشحين الاخرين على هذا المنصب الرئاسي وهي النائبة السابقة عن التحالف الكردستاني بالبرلمان العراقي سروا عبد الواحد ، لتكون بذلك أول امرأة ترشح نفسها لهذا المنصب.
“عبد الواحد” بعد دخولها لهذا المعترك السياسي، فهي دخلت منافسة مع شخصيات كردية اخرى بارزة منهم (برهم صالح المرشح عن الاتحاد الوطني الكردستاني – فؤاد حسين المرشح عن الحزب الديمقراطي الكردستاني – وسردار عبدالله المرشح عن كتلة التغيير”.
وتعرف المرشحة الجديدة “سروا عبد الواحد” بمعارضتها الشديدة لعائلة “مسعود بارزاني” وتطلق عليها لقب “العائلة الحاكمة”، وعارضت “عبد الواحد” المشروع الذي اقترحه “بارزني” بشأن انفصال اقليم كردستان عن الدولة العراقية، مواقفها اتجاه “العائلة الحاكمة” كما تسميهم قد تجعل حظوظها للفوز باهتة وضعيفة لاسيما ان منصب رئاسة الجمهورية يعطى لشخص لابد وان تتم الموافقة عليه من قبل الحزب ” الديمقراطي الكردستاني ” بزعامة ” مسعود البارزاني ” وحزب “الاتحاد الوطني” بزعامة الراحل “جلال الطالباني”.
تبقى أخيراً مسألة واحدة وهي، من سيكون الانسب للفوز بمنصب رئاسة الجمهورية العراقية؟ وهل سيتمكن الفائز من تحمل الضغوطات ومسؤلية هذا المنصب؟ ، الاجابة ربما تثبتها الايام المقبلة، بعد ان تحل زعزعة الاختيار ويتم الاتفاق على الشخص الأنسب، إذ منذ اللحظة الاولى لجلوس الفائز على “الكرسي” سيبدأ التاريخ بتدوين وكتابة اسطر ربما قد تكون كما نأملها وتخط بأحرف من ذهب، وتشهد على انجازات وتغير حال العراق إلى الافضل.
3 إيران تنهار من الداخل
سعد راشد
الوطن البحرينية

الكبت لدى الشعب الإيراني ولد الانفجار بعد استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في فرض عقوباتها من الحزمة الأولى وانهيار العملة الإيرانية مقابل الدولار وقيام بعض الدول بخفض مستويات استيراد النفط الإيراني وذلك تمهيداً واستعداداً منها للقرار المقبل المتعلق بفرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية لتشكيل حصار اقتصادي عنيف على النظام الإيراني.
عوامل كثيرة أشعلت الساحة داخل إيران، بسبب أن النظام الإيراني يرفض التنازل عن برنامجه النووي الذي كشفت الاستخبارات بأن طهران مازالت مستمرة في برنامجها وأن هناك انتهاكاً واضحاً للاتفاق النووي، إضافة إلى أن الاتفاق يجعل الإدارة الإيرانية في وضع نفوذ على مناطق التأزيم كسوريا ولبنان والعراق، وبالتالي تحركت الإدارة بواشنطن بضرورة وقف هذا النفوذ الذي يهدد مصالح أمريكا بالمنطقة.
وبعد مضي أكثر من شهر من فرض العقوبات الأمريكية على إيران حتى بدأت الأوساط الداخلية في طهران تشتعل غضباً لعدم وجود أي حلول ممكنة، في ظل هدر الأموال الإيرانية للخارج في تمويل ودعم «حزب اللات» اللبناني والحوثيين باليمن، والخوض في حروب داخلية في سوريا على حساب تجويع الشعب الإيراني.
ولعل هجوم حركة الأحواز على الحرس الثوري في مدينة الأحواز الذي كانت تشهد العرض العسكري السنوي بمناسبة ذكرى الحرب «العراقية-الإيرانية» والذي أدى لسقوط 29 قتيلاً من الحرس الثوري، هي بداية الحراك الداخلي الحقيقي في مواجهة النظام الإيراني الذي تعود أن يقمع الشعب ويسفك دماءه في أي تظاهرات تنادي بإصلاحات داخل النظام، وأتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات داخل إيران وبتنظيمات أكثر عنفاً في ظل استمرار نظام الملالي على نهجه القائم على تصدير الثروات مقابل تجويع الشعب.
كما أن التوقعات القادمة جميعها تذهب نحو إضعاف إيران من الداخل، حيث أشرت لذلك في أكثر من مقالة، أن فرض العقوبات على إيران لا يعني إضعافها بالشكل المطلوب لترضخ للشروط الأمريكية في تعديل الاتفاق النووي الجديد، بل إن الضغط عليها من الداخل الإيراني وبالتحديد في إضعاف الحرس الثوري الذي يعتبر الدرع الواقي لنظام الملالي هو ما سيجعل إيران وأعوانها ترضخ للمطالب المتعلقة بوقف تمويل الإرهاب وصياغة اتفاق نووي جديد يمنع طهران من تصنيع القنبلة النووية، والتخلص من مفاعلاتها النووية.
وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية يجب أن تضع الحركات المناضلة ضد النظام الإيراني نصب أعينها، لأنها ستكون إحدى مفاتيح الضغط على النظام، كما أن الدعم الإعلامي هو الأهم في هذا الجانب في إظهار جرائم الحرب التي يرتكبها الحرس الثوري داخل إيران وخارجها وما أسفر عن تهديد المصالح الأمريكية وعرقلة مسيرة دعم استقرار منطقة الشرق الأوسط، وما يسببه كذلك من تأثير في إضعاف الجهود الأممية في إرساء السلم والأمن الدوليين.
وفي النهاية، إن إعلان حركة الأحواز عن تبنيها الهجوم المسلح على الحرس الثوري الإيراني أمر لا يدعو للاستغراب بعد سلسلة من التظاهرات الشعبية السلمية المطالبة بتعديل السياسات الخارجية والداخلية للنظام الإيراني التي لاقت جميع أنواع القمع والتعذيب للمتظاهرين، غير أن الحرس الثوري لن يصمت عن هذا الهجوم بل سيستنفر قواعده للرد عبر عمليات قمع جماعية في قطاع الأحواز، في المقابل فإن الملف الإيراني قد يشهد تطورات نوعية قبيل فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية التي من شأنها خلق فوضى أكثر داخل إيران.
4 انتفاضة الماء في البصرة 2/‏1 بدر عبدالملك الايام البحرينية

لا تحدث الانفجارات السياسية والاجتماعية من فراغ، كما أنها تنبع كحالة ثورية في المجتمع من تراكم عدة عوامل تكون الظروف المعيشية الصعبة هي عود الثقاب، الذي يشعل الحريق العام في المجتمع، فتجد جموع الشعب وخاصة الجماعات الشابة في حالة انتفاض عفوي لم يتم الاتفاق عليه بين أطراف حزبية أو فئوية، حيث ضغوطات الحياة اليومية وحدها وامتهان الانسان الحياتي الى حد العطش والجوع والبطالة تدفع تلك الجموع نحو التظاهرات والاندفاع للشارع العام، ثم تتسع عمقا، بحيث تجتذب تلك الانتفاضة الطاقات الغاضبة والمتضررة بشكل حاد بطبيعة تلك الازمات.
لم تكن انتفاضة البصرة مجرد أزمة غياب الامن الاجتماعي لحياة الناس، وليس لغياب الخدمات اللائقة تماما من المحافظة، وليس لمجرد أن الفساد المستشري في بنية المؤسسات الرسمية وغير الرسمية صارت مستفحلة، كما أن البطالة وضنك العيش لم تعد وحدها خنجر السلطة والفساد الرابض على كيان مدينة غنية بالنفط في العالم، في وقت لا يحظى سكانها برغيف نظيف ممزوج بالكرامة وماء نظيف يجنبهم الموت عطشاً، في زمن لا يمكن تخيل بلد متعدد بالانهر يشحذ سكانه قطرات الماء من أجل معيشتهم.
كان الماء ذروة الغضب وليس الغضب نفسه، فالبصرة ظلت لمدة شهور طويلة تكتم أنفاسها وغيظها من حادثة تلوث المياه والعبث الايراني وموت اكثر من 22 ألف إنسان في البصرة من تسمم المياه.
لم يكن ذاك الحدث قدرياً ولا عابراً ولا غضب آلهة السماء الدلمونية، وإنما فعلا مقصودا تقف وراءه الايدي الاثيمة، التي لم تعجبها سماع هتافات جديدة بعد 15 سنة من السيطرة الايرانية في البصرة، ما سمعته حكومة قم اثناء الحملات الانتخابية وبعد انتصار قائمة الصدر وتراجع حصة المالكي ومن يوالون ايران: «ايران بره بره» تلك الهتافات وغيرها كان بمثابة الطعنة القاتلة لنظام الملالي في البصرة، بل ولم تكن كل المليشيات الموالية لايران سعيدة بالنتائج الانتخابية في صيف 2018. ذلك المؤشر الجديد في خطاب الشارع العراقي والبصراوي تحديداً، افزع حكومة ايران، التي تعتبر البصرة والعراق بوابتها الاساسية للمرور للعالم العربي خاصة لبنان وسوريا، وفقدان ذلك الجيواسترايجي العراقي معناه، أن كل ما راهنت عليه ايران خلال تلك السنوات من بعد سقوط صدام، يكاد يكون بنيان هش يقف على كثبان من الرمل، وان الحلم الايديولوجي المذهبي يترنح مع أصوات المتظاهرين في البصرة، والذي أمتد لشهور عديدة وتكثف بشكل خاص منذ 14 يونيو، ولكنه في الاسبوع الاول من سبتمبر كان انفجاراً مدوياً لابد وإن خيوطه كامنة بين بغداد كحكومة معلقة وطهران كحكومة قلقة أن تفقد مكانتها الاساسية في تشكيل الحكومة القادمة.
وكما نقول إن الهتافات والازمة في البصرة ولكن مفتاحها الحقيقي في بغداد، فهناك في العلن والسر أصوات تعكس صوت قم، وترى أن حكومة حيدر العبادي لا يمكن أن تكون الحكومة القادمة، فكل توجهات وآراء العبادي – رغم سلبياته – لا تعجب ولا تتناسب مع طهران والمليشيات التابعة الى ايران، فقد أعلن العبادي اكثر من مرة ان للعراق سيادته وهويته العربية، واقترابه من السعودية رسالة لا تثلج قلب طهران وساستها، وإبعاد العراق من نفوذ قم وهيمنتها، لا يمكن ان تدعه يمر بسهولة دون الانتقام والتخريب والعبث، فقد شيدت جمهورية الملالي في ربوع العراق خلال هذه الفترة بيوت من العناكب والثعابين، لكي تلدغ لدغة الموت عند اللحظة المناسبة، فكانت أول حالة انتقام هي تحريك شارع البصرة الى آخر مداه عن طريق خنقه بالتسميم والعطش، فكنا امام سيناريوهات منفلتة مشبوهة ومشاهد حريق ونهب وتخريب تجاوز مداه فعل المتظاهرين العزل خلال الشهرين الماضيين، حيث كانوا يخرجون بسلمية وعفوية وصدور عارية تندد بصوت عال شعارات واضحة في هويتها الوطنية موجهة اصابع الاتهام لازلام ايران الفاسديين ولرجالات الدين التابعين لهيمنة قم. كان على الحرس الثوري الايراني والمليشيات العراقية الموالية لايران أن تحرق البصرة برمتها، لكي تجد عذراً عاجلاً بخلق ازمة نفطية في البصرة وازمة سياسية في بغداد، بحيث تتشكل حكومة من كل الاطراف بما فيها ازلام ايران في الحكومة القادمة، فشمشون في قم مستعد على الدوام هدم المعبد على رؤوس الجميع دون رحمة وهو يصرخ: «عليّ وعلى أعدائي يا رب». هكذا لغة الحقد والانتقام تولد حينما يخسر المهزوم معركته.
5 طهران تُعاقب العبادي مصطفى فحص الايام البحرينية

الموقف الصارم الذي أطلقته المرجعية الدينية الشيعية في النجف عشية الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في الشهر الماضي، بأن «المجرَّب لا يجرَّب»، فُسر على أنه موجّه ضد معظم الطبقة السياسية العراقية التي شاركت في حكم العراق بعد 2003، خصوصاً أحزاب الإسلام السياسي الشيعي التي فشلت في إدارة الدولة، وقد راهن كثيرون على أن يكون هذا الشعار فرصة لإحداث تغيير بات ضرورياً في الشارع الشيعي، خصوصاً بعد أزمة البصرة الأخيرة، لكن من الواضح أن هناك من خطط ليطبق شعار المرجعية على رئيس الوزراء حيدر العبادي فقط، الذي على الأرجح قد خرج من السباق على منصب رئيس الوزراء، لكن الأطراف الداخلية والخارجية التي استغلت شعار المرجعية وقامت باستهداف الدكتور العبادي لم يكن هدفها فقط إبعاده بوصفه شخصية سياسية عن تولي المنصب، بل أرادت إنهاء مسار سياسي داخلي وخارجي أسس له العبادي، ومنع تكراره أو حتى السماح لمن سيخلفه بمتابعته، وذلك لأهداف ومصالح تفرضها جهات عدّت أن المسار السياسي الذي قاده العبادي في العراق يُضر بنفوذها، لذلك قامت بإطلاق أدواتها الذين يتقنون لعبة التفاصيل رداً على محاولة بلورة شبه قرار سيادي عراقي ببعد شيعي أسس له التحالف الرباعي الشيعي: «الصدر – الحكيم – العبادي – علاوي» إضافة إلى النجيفي والمطلق، يرجح الشراكة الوطنية خارج المحاصصة الطائفية والعرقية، مما دفع بقوى عراقية مدعومة من طهران إلى القيام بانقلاب مضاد هدفه تعطيل هذا المسار الذي كاد ينطلق في 3 سبتمبر الحالي.
فمنذ ذلك التاريخ وإضافة إلى أحداث البصرة التي أعقبته، تخوض طهران معركة إعادة هيمنتها على العراق، بهدف قطع الطريق على أي محاولة عراقية تحاول خلق هامش وطني استقلالي يلبي طموحات ومطالب الشعب العراقي، خصوصاً في المناطق الشيعية، بعدما كشفت مظاهرات البصرة التي حرفت عن مسارها عن حجم الاحتقان الذي يسود الشارع الشيعي؛ حيث كادت تشكل البصرة موطئ قدم لوطنية شيعية عراقية مدركة لخصوصياته الجغرافية والديموغرافية واحتياجاتها الاقتصادية والعقائدية التي تتسبب بقلق استراتيجي طويل الأمد لطهران.
عملياً؛ بعد خراب البصرة اقتربت طهران من تحقيق «انقلاب قصر» داخل القوى الشيعية المهيمنة، وكسبت الرهان حين لجأت إلى فرض للحوار بين الأقوياء، وتمكنت مؤقتاً من إعادة تدوير خسارتها منطلقة من فكرة أن القوة التي يملكها أتباعها قادرة على تعطيل الكثرة المعترضة التي أفرزها الشارع، فقامت بتعطيل التحالفات وسَعَت إلى تحقيق ما يمكن تسميته «تفاهم الأقوياء (الصدر – العامري)» الذي رسخ مفهوم سلطة القوة لقوى ما دون الدولة.
لم تتمكن طهران من الدفع لإزاحة العبادي لولا تواطؤ عراقي داخلي عبرت عنه رغبة بعض القيادات الكردية في معاقبة العبادي على ما عدّته استخداماً للقوة، من أجل إفشال الاستفتاء على الاستقلال، إضافة إلى إخضاعه محافظة كركوك إلى سلطة الحكومة المركزية وعدم خوضه في تفاصيل الحل النهائي للمناطق المتنازع عليها. هذه الدوافع حملت جزءاً كبيراً من القوى الكردية على التصويت للمرشح المدعوم من «كتلة الحشد الشعبي» لمنصب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في وجه مرشح «كتلة الإصلاح» شريك العبادي في «تحالف النصر» خالد العبيد، فوصول الحلبوسي عبر أصوات من يمكن وصفهم بـ«اليمين الشيعي» و«اليمين الكردي» يعزز الشك بأن جزءاً من سُنّة العراق تواطأ مع طهران لمساعدتها في الالتفاف على المتغيرات السياسية والاجتماعية التي يشهدها الوسط الشيعي العراقي، التي كان من الممكن أن يتكئ عليها العبادي لو تمكن من الوصول إلى ولاية ثانية، في بلورة مشروعه الذي أعاد التوازن للعلاقات بين العراق وجواره وتمكن من إعادة بناء مؤسسات الدولة العسكرية التي تحولت إلى عامل يجمع العراقيين، فقد تمكن العبادي من حماية التحولات البنيوية التي شهدها الجيش، وإعادة إنتاج عقيدته القتالية التي حققت تماسكه وحولته إلى رمز للوحدة الوطنية.
خرج العبادي عن الطوق الإيراني فأخرجته طهران من المنافسة، عشية مواجهة مفتوحة مع واشنطن تريد تحويل العراق إلى ممر آمن للالتفاف على العقوبات، وهي تبحث عن من يلبي شروطها في مرحلة يصعب عليها فيها القبول بتسوية متعادلة مع واشنطن. ولكن الشروط التي رفضها العبادي لن يستطيع بديله تطبيقها، وإن قبل بها فستجعل العراق في موقع الخصم لواشنطن التي ستعدّه شريكاً كاملاً لطهران وستطاله عصا العقوبات، وسيصيبه ما سوف يصيبها، أما إذا رفض، فسيكون مصيره مصير العبادي.
6 «الأحواز»… القادم أعظم!
صالح القلاب الجريدة الكويتية

“اللهم لا شماتة”… وعلى كبار المسؤولين في طهران أن يدركوا أن عملية “الأحواز” الأخيرة هذه قد جاءت بعدما طفح الكيل، وأصبح عرب هذه المنطقة العربية المحتلة منذ عام 1939 يعانون اضطهاداً قومياً كمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وربما أكثر، فالعنف يؤدي إلى عنف مضاد، ويقيناً أن هذا الذي جرى أمس الأول واستهدف عرضاً عسكرياً لـ”حراس الثورة” كان من قبيل التخويف واستعراض القوة، سيتكرر في هذه المنطقة ومناطق أخرى متعددة… و”سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
لا هي “دول إقليمية” ولا الولايات المتحدة ولا أي “شيطان أكبر”! منْ يقف وراء هذا الهجوم، الذي سيتكرر في هذه المنطقة ومناطق أخرى بالتأكيد، بل هو الاضطهاد القومي والطائفي الذي بات يمارسه هذا النظام وحراس ثورته و”باسيجه” على مَنْ مِنَ المفترض أنهم إخوان في الدين وشركاء في المسيرة استقبلوا ثورة فبراير (شباط) 1979 بالهتافات وإقامة الأفراح والليالي الملاح على أساس أنهم تخلصوا من محمد رضا شاه ومن استبداده ومن مخابراته (السافاك)، التي ارتكبت جرائم ضد هؤلاء وضد الشعب الإيراني كله لم ترتكبها أي من أنظمة العالم الأكثر استبدادية وظلامية.
كان الرئيس الراحل ياسر عرفات قد بادر مسرعاً وهرولة لزيارة إيران بعد انتصار الثورة بأيام قليلة، وبالطبع فإن هدفه كان الحفاظ على الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب اللبناني، الذي هو منطقة شيعية، ولو عاماً أو عامين نظراً لأن عملية السلام مع الإسرائيليين كانت قد شهدت تحركات جدية. وقد تقصد أبو عمار أن تشمل زيارته تلك منطقة “الأحواز” العربية، وحقيقة وقد كنت أحد الذين رافقوه في هذه الزيارة قد لمست مدى تأييد العرب “الأحوازيين” لهذه الثورة وترحيبهم بها، والمراهنة على أنها لن تكون للفرس وحدهم ولكن لهم ولأشقائهم الأكراد والآذاريين، وباقي الأقليات الدينية والقومية والمذهبية المتعددة والكثيرة.
وكانت المفاجأة أنه بعد أقل من شهر واحد قد ردّ النظام الذي راهن كثيرون على أنه سيكون واعداً وللإيرانيين كلهم على “تظاهرة” مطلبية لأكراد “كرمنشاه” بهجوم دموي قام به الـ”سافاك” الثوري بتعليق بعض المتظاهرين على أعمدة الكهرباء وتركهم على هذا النحو أكثر من أسبوع، ليكونوا عبرة للآخرين ولأبناء الأقليات الأخرى الذين أدركوا أن هذه الثورة ليست ثورتهم، وأنَّ القادمين طائفيون ومذهبيون ومتعصبون قومياً وعلى أساس أن إيران للفرس وحدهم وأن الفرس فوق الجميع.
لا “داعش” الإرهابي، الذي هـو حليف إيـران التـي ثبـت أنهـا هي التي نـقـلت أبو بكر البغدادي من مخبئه في العراق إلى مكان “آمن” في أفغانستان، له علاقة بهذا الهجوم ولا غيره من التنظيمات الإرهابية التي كلها “مربط خيولها” في طهران، وستثبت الأيام لا بل إنه ثبت من اللحظات الأولى أن أبطال هذا الهجوم، الذي استهدف عرضاً عسكرياً استفزازياً وتخويفياً، هم عرب “أحوازيون” وأن ما قاموا به بكل هذه الجرأة والشجاعة هو البداية، وأن القادم سيكون أعظم، وأن الثورة على الظلم الطائفي والمذهبي والقومي أيضاً قد بدأت بهذه العملية بالفعل، وأنها بالتأكيد لن تقتصر على “الأقلية” العربية، بل إنها ستكون كردية وآذارية وبلوشية وأيضاً “لورية”!
7 عودة العراق للأمة العربية بعد غزو 2003 السياسة الكويتية

من أبجديات علم الاجتماع أن الإنسان السوي لايستطيع العيش منفردا أو معزولا عن المشاركة والتآلف وسط مجتمعه ، وهذه الحقيقة واقع لا يختلف عليه اثنان ، ولن تنجح وتستمر جهة أن ترغم وتجبر أخرى على الإصغاء لما تقرر وتحاول مشاركتها قسرا في سيادة سياستها وشؤونها ، واميركا حملت على عاتقها هذه السياسة المرفوضة تماما ورغبت بإملاءاتها على دول لن تقبل بها ، وهذه الطريقة ابتزاز جديد تترأسه اميركا في مقدمة الدول ، وقد فقدت اميركا اتزانها من دون أن تحسب أن نتائج هذه التصرفات غير محمودة وتستدعي سوء التفاهم والنفور وتتطور لما لا يُحمد عقباه لكسرها الأعراف الدولية والتقاليد الديبلوماسية.
عندما يستعصي المصطلح السياسي على ترجمة الاحترام ويغيب عن تصرفات متزنة ،فهذا أول مسمار في نعش العلاقات والصداقة ، خصوصا بعد التجربة التي أحبطت الجميع ابتداءً من غزو افغانستان واحتلال العراق والآتي مؤشرات غير مريحة لما سبق فعله .
إن المدرك لما حدث في احتلال العراق لديه قناعة أنه قبل انسحاب أميركا من بغداد فقد سلّمت العراق كعهدة بالسماح لإيران بالتواجد ،وهذا جلب للمنطقة صراعا إيديولوجيا بين مذهبي السنة والشيعة على مبدأ فرق تسد ، الهدف منه تمزيق النسيج العربي وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد .
لقد جعلت أميركا في الآونة الأخيرة نصب عينها العداء لدول الخليج ،ومشاركة دول الخليج لها في اثارة مشكلات مع إيران رغم الحروب الاقتصادية التي دامت اكثر من خمسة وثلاثين عاما في حرب اقتصادية وحظر على التجارة معها ، رغم أن ايران بعد مؤتمر فيينا بين دول “مجموعة 5+1” ومفاوضات النووي ورفع الحصار عنها أدخلت ضحايا الحادي عشر من سبتمبر في ابتزاز ايران.
والحق واضح أبلج صريح أن ايران هي الراعية لقادة القاعدة بعد غزو اميركا وسقوط كابل ،وَمِمَّا يؤسف له أن اعضاء الكونغرس اقحمواالمملكة العربية السعودية في مطالبة تعويض لضحايا برجي التجارة ،رغم أنها اول من تعرّض للإرهاب بتحريض قطري في اول تفجير للقاعدة بمدينة الخبر . إن رهان أميركا على مسيرتها السوداء سوف يسبب لها الخسارة مع أصدقائها لما تنتهجه من سياسية عمياء بلا بصيرة أو تفكير .