1 إيران تعتقد أنها أنهت الدور الأمريكي في المنطقة نظام كمشكي الوطن البحرينية
عملت إيران منذ بداية الثورة الخمينية في الخفاء «من وراء الكواليس» لتحقيق هدف بغيض لا يمكن لأي دولة مسلمة أن تفعله، وهو حرب الشيعة على السنة أو التوسع الشيعي، ونصّبت نفسها القائم على نصر الشيعة ضد السنة، ولكن من أجل ماذا؟ فلم تلجأ هذه الدولة إلى أسلوب عقلاني تحبذ فيه الدين والمذهب إلى نفوس الآخرين، فتركت الدين والقرآن المشترك وركزت على المذهب فقط، وخلقت الأجواء في بلدها من خطابات سياسية وعنصرية وطائفية ووسائل الترفيه والمتعة والفتاوى المفبركة التي لم نسمع عنها في السنوات الـ10 الماضية بتاتاً، وأطلقت مئات الآلاف من أجهزة غسيل المخ المبرمجة في بلدان العالم بشكل عام، وفي دول الخليج بشكل خاص، لعلها تتغير نظرة النفوس الضعيفة من المسلمين من الدين إلى المذهب ومن شعارات تدعو إلى الوحدة والتكاتف لضرب إخوانهم في الدين.
إيران تلعب بالنار وعلى حساب شعبها المتحضر العريق المظلوم المسلوب حقه في العيش، فهم على سذاجتهم لا يعرفون ما هو المذهب ولكنهم متمسكون بحسن الجوار مع إخوانهم الخليجيين، وهم يشكلون أكثر من 99% من الشعب الإيراني العريق، وإن ما نقرؤه في الصحف ونشاهده في التلفاز وما نسمعه من تحركات ومظاهرات مؤيدة للحكم، فهو من الملالي والحرس الثوري، الذين لا يشكلون حتى 1% من الشعب، والذين يعتبرون أن ما يفعلونه وظيفة يستمدون منها أكل العيش، والكل على علم بذلك، ومن يرفع رأسه يُقطع.
وهذا الأسلوب المتبع في إيران حالياً لإطالة عمر الملالي، حيث إنهم يعملون على غرار الحملة الصفوية قبل 550 عاماً.
في تلك الفترة إيران كانت دولة سنية من الدرجة الأولى، وبالغدر والقتل والنفاق والتشريد وتغيير المذهب استطاع الصفويون تحويل هذه الدولة من سنية إلى شيعية، وقتلوا واضطهدوا كثيراً من البشر بمئات الآلاف، كما هجّروا الملايين من عرب السواحل «الهولة»، إذ لم يتمكن الصفويون من إبادتهم فلجؤوا إلى دول الخليج من الكويت إلى عمان.
الآن وبعد إنهاء استعمال التقية الصفوية مع أوباما وإعادة صفوفهم، يعتقدون أنهم أنهوا الدور الأمريكي في المنطقة، ولقد حان وقت السلاح للسيطرة، كما فعل أسلافهم الصفويون.
وبدأت إيران تستغل خيرات الشعب في بناء ترسانة نووية وصواريخ باليستية على الأرض وزيادة أتباعها من المرتزقة الذين تم شراؤهم بالمال، وخصوصاً الأفغان وشعوب آسيا الوسطى الفقيرة، وهي على علم أن العملية معكوسة.
فالإسلام في دول العالم وخصوصاً المذهب السني في تزايد، وفي الفترة الأخيرة شاهدنا مئات الآلاف من السياسيين والعلماء والمفكرين في العالم أسلموا، ومازال العدد في تزايد، والخير يرجع إلى حبيبتنا وشقيقتنا الكبرى المملكة العربية السعودية التي انتشلت الكثيرين من الظلمات إلى نور الهداية، حيث إن الإسلام هو دين التسامح والأخلاق وحسن الجوار.
وأما الأرقام الإيرانية فهي في تناقص، رغم أن هيمنة وضغوطات الملالي والحرس الثوري على الشعب المسكين في تزايد من الخوف والرعب المزروع في نفوسهم.
الآن إيران وبعد أن خسرت هدف التوسع المذهبي، بدأت بالتوسع الأرضي لتعوض الخسارة التي منيت بها في السنوات الـ40 الماضية، ولكن رب العالمين وقف لهم بالمرصاد، إن الله يُمهل ولا يُهمل.
انظروا إليها وكيف اصطدمت بالعبادي في العراق، حيث رفض رفضاً قاطعاً التواجد الإيراني في العراق التي جاءت بـ«الجمبزة» لحماية المقدسات الشيعية، وسحب البساط من تحت مقتدى الصدر، لتقضي على مداخيلها واحتلال العراق.
وفي سوريا قامت روسيا بسحب البساط من تحت أرجلها، بعد أن دفعت إيران المليارات لاحتلال سوريا، وفشلت، ويتم الآن طردها، وبإذن الله ما هي إلا أشهر قليلة وسوف ترجع أدراجها ويسلم الشعب السني السوري من شرورهم، والذين يشكلون 98% من سوريا.
أما بالنسبة لليمن وبعد أن رصدت المليارات ودرّبت وتبنت وغسلت أدمغة أفراد وزودتهم بالسلاح والعتاد والأموال على حساب شعبها المغلوب على أمره، جاء التحالف العربي يقول لإيران أخرجي من منطقتنا واتركينا في سلام، إذا أردتِ أن تتوسعي فاليمن بلد محرَّمٌ عليكم ومكانه موجود في قلب كل عربي، أما «حزب اللات» فلا «يعبّره» أحد، انتهت أيامه، وجيشه الجبار الذي تأسس لقتل الإسرائيليين، قتل ملايين المدنيين السُنة العزّل في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وجيشه الآن في مرمى صواريخ أمريكا وإسرائيل، وسوف يحترق بالضربات الجاهزة، أو تذبل من نفسها بعد غلق صمامات التمويل من أنابيب مموليه.
انظروا يا شعوب العالم العربي والإسلامي، إيران وفي هذه الأيام العصيبة تريد أن تنقذ نفسها من الورطة التي هي فيها، وبدأت تسيّر رحلات مكوكية من قبل رئيسها ووزرائها والحرس الثوري وملاليها، إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن لإملاء شروطها عليهم لتعويض الخسائر التي تكبدتها، ومن لا يستجيب -بعد أن ورطتهم في هذه الحروب الطاحنة- فتقطع عنهم الكهرباء والماء والأسلحة، مع أن إيران لا مال لها، وأسلحتها مجمدة لا تستطيع تحريكها ومكشوفة للقصف في أقرب وقت، ومن الممكن أن تدمر في ساعات؛ ولكن ما شأن الشعب المسكين المغلوب على أمره الذي لا دخل له في الموضوع؟ لكنها ديكتاتورية وعناد الملالي وداء العظمة والرهبة التي خلقوها في نفوس الشعب الإيراني، يعتقدون أنهم باستطاعتهم أن يأخذوا الدور الأمريكي في المنطقة، فهم لا يبالون بمنطق الدبلوماسية وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
شعوب العالم سئمت من الحروب والتدخلات الإيرانية في شؤون الآخرين، وإن أمريكا لن تتنظر من الآن وصاعداً لتجد عدوها اللدود يتوعد ويهاجم حلفاءها وأصدقاءها الاستراتيجيين.
فسوف تكون هناك ضربة استباقية لجميع منصات الصواريخ الاستراتيجية والمفاعلات النووية، وتشل حركاتها.
فضلاً عن ذلك، الحصار الاقتصادي الذي قصم ظهر الحكومة الإيرانية من جرّاء نواياها الشريرة التي أرهقت اقتصادها، فبعد أن كان الدولار الأمريكي يساوي حوالي 5 تومانات إيرانية، الآن الدولار الأمريكي يساوي 130 ألف ريال إيراني.. الملالي يقبضون بالدولار الأمريكي غير متأثرين والشعب يتعامل بالتومان الإيراني وعلى وشك الانهيار.
وفي 4 نوفمبر 2018 تشير توقعات إلى أنه من الممكن أن تفلس إيران على وقع عصيان مدني وهروب الملالي والحرس الثوري بما تبقى لديهم من المال، واستلام المعارضة الحكم من قبل زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي وبمساندة معارضي الداخل أمثال مير حسين موسوي ومهدي كروبي «الله يرحمك يا شاه إيران، الذي أحب إيران من قلبه وحافظ على شعبه وتراب وطنه وتراثه، وكان نعم الجار وحريصاً على الصداقة وحسن الجوار، ولم يتدخل في شؤون الآخرين».
أتمنى أن يكون ذلك درساً للحكومات الخليجية لن ينسوه، وألا نكرر ضرب مَن هو داخل صميمنا، وأن نعد العدة ونعرف من معنا ونكرمهم، ومن ضدنا فنستأصلهم من جذورهم وننفيهم.
وما دام هناك أيادٍ تمتد من الحكومة إلى البعض، فهناك في المقابل البعض مستعد أن يمد يديه إلى الحكومة.
دعونا نستغل هذه الفرصة ونرجع إلى أفضل مما كنا، وعفا الله عما سلف.. «البحرين تستاهل».
2 الشيخ الوائلي وتعهّد الحسينيات عبداللطيف بن نخي الراي الكويتية
وفقني الله لحضور مجالس حسينية عدة، خطب فيها الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله، وهو خطيب بدأ تحصيله الديني في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، ثم أتبعها بالدراسات الاسلامية في كليات أكاديمية، انتهت بحصوله على درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية في جامعة القاهرة.
اشتهر الشيخ باتباعه منهجية علمية، في تحليله واستعراضه لأحداث واقعة كربلاء. فكان يرى أن الفاجعة لم تكن وليدة يومها، وجذورها تصل إلى يوم البعثة النبوية الشريفة. لذلك استعرض مرارا سير الصحابة في خطبه، ضمن تحليلاته للثورة الحسينية.
للأسف شبكة الإنترنت لا تحتضن إلا القليل من مقاطع الفيديو الخاصة بخطب الشيخ. وبالرغم من ذلك، اطلعت على عدد من خطبه المتاحة على الشبكة، التي تتضمن سرداً لجوانب من حياة بعض الصحابة، حين كان السرد التاريخي مسموحاً في الكويت. ولكن اليوم، ذات الطرح مجرّم وفق المادة 19من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر.
أي أنه، لو كان الشيخ الوائلي حيا يرزق، وأراد أن يشارك في مجالس هذا العام، لمنع من دخول الكويت، بسبب عدد من تلك المقاطع. لا شك أن هذه المعلومة صادمة للعديد من روّاد الحسينيات، خصوصا الجيل الذي لم يحضر المجالس التي خطب فيها الشيخ. المراد أن التطبيق الفعلي للمادة القانونية جرّم بعض خطب الشيخ الوائلي المشهور بطرحه العلمي.
ضمن محاولتي لمعالجة أزمة منع كتاب نهج البلاغة، في مقال الأسبوع الماضي، ناشدت البرلمان بإعادة صياغة تلك المادة القانونية، بعد أن استعرضت المخالفات الدستورية في صياغتها، وما ترتب عليها من تقييد لحرية البحث العلمي والحريات الدينية، فضلا عن كونها تميّز بين الطوائف، في حق تحصين رموزها الدينية. وكذلك أشرت إلى أن عددا من خطباء الحسينيات أبعدوا أو منعوا من دخول الكويت، بحجة مخالفتهم تلك المادة.
وفي مقال هذا الأسبوع، بعد ضجة مانشيت صحيفة «الراي» بشأن تعهد الحسينيات عدم المساس بالصحابة، أجد نفسي مضطرا إلى تجديد مناشدتي البرلمان – وبالأخص النواب الذين شرعوا المادة 19- بتعديل صياغتها، لتكون أكثر توافقا مع نص وروح الدستور، ولكي نعالج جذريا الأزمات الطائفية التي تتجدد مع كل موسم عاشوراء. للأسف الكثير من السياسيين والخطباء والمثقفين، وغيرهم من المعنيين بأمور الحسينيات، عوضا عن معالجة الجذور المحفزة لتكرار تلك الأزمات، من خلال اجتثاث الشوائب الدستورية في صياغة المادة القانونية؛ تبنوا حلولا ترقيعية على حساب التراث الحسيني. ولذلك نجد اليوم، أن معظم الجيل الجديد، لم يتلق في الحسينيات، المعارف الأساسية حول سيرة وحياة أهل البيت، أو أنه تلقّاها مبتورة. وفي ذات الوقت، هذا الجيل غير قادر على استدراك ذلك النقص المعرفي – في التراث الحسيني – بمبادرة ذاتية، لأنه بصورة عامة لا يقرأ.
لا أستبعد أن صياغة المادة 19 تأثرت بحالة الاحتقان الطائفي التي كانت سائدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام العراقي، الذي كان من نتائجه إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة، وتحرير العراقيين من القيود البعثية على الشعائر الحسينية. والنتيجة الأخيرة كانت لها تبعات أشد على حالة الاحتقان في الكويت. المهم، أن تلك المرحلة قد انتهت، لذلك فإن مبررات استمرار المادة القانونية بذات الصياغة قد انتفت.
كما أشرت في مقال الأسبوع الماضي، إلى ان قطار العودة إلى ثقافتنا التعددية الأصيلة قد تحرك متجها إلى رؤية كويت جديدة 2035. وهذا يتطلب من المعنيين بالثقافة المجتمعية، مؤسسات حكومية وهيئات المجتمع المدني، كل من موقعها ووفق امكانياتها، مضاعفة جهودهم لترسيخ التعددية في الكويت.
فمن جانب، يفترض أننا نمارس ونعلّم من حولنا، احترام حق «الآخر» في تحصين رموزه الدينية، وبصورة لا تتعارض مع حق «أي منا» في حرية ممارسته شعائره الدينية. ومن جانب آخر، علينا أن نستوعب الفرق الشاسع بين العرض التاريخي والنقد الموضوعي والتحليل العلمي، وبين السب والطعن والسخرية. لذلك، أناشد الجميع المشاركة في مشاريع نشر التعددية، ثقافة وممارسة، في مجتمعنا. «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
3 انتفاضة البصرة سلطان ابراهيم الخلف الانباء الكويتية
استعان الأميركان بإيران في الإطاحة بالنظام البعثي وأطلقوا يدها في العراق لدعم السلطة الطائفية فيه. وبالمثل استعان الروس بإيران في دعم نظام الأقلية الطائفية فيه لقمع الشعب السوري. منذ البداية اكتشف الشعب السوري خطر التدخّل الإيراني الذي يهدد بطائفيته غالبية الشعب السوري وانحيازه لنظام الأقلية الطائفي القمعي وصار في إدراك الشعب السوري أنه عدو لا يمكن القبول به على الأرض السورية، وقد أثبتت السنوات الماضية التي شهدت دمارا واسعا لمدن سورية وقتلا وتهجيرا لشعبها صدق حدس الشعب السوري. لكن الشعب العراقي لم يكتشف خطورة التدخل الإيراني إلا (بعد خراب البصرة) حسب المثل المشهور، وصارت لديه الآن قناعة بأن التغلغل الإيراني الطائفي في العراق وتورطه في الصراعات السياسية والعسكرة الطائفية كانت كلها أسباب في انتشار الفساد الحكومي وضياع أموال الدولة العراقية على حساب المواطن العراقي الذي يعاني من البطالة وارتفاع الأسعار والحرمان من نعمة الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والاستعمال، وهو ما دفع العراقيون في البصرة إلى الانتفاضة ضد حكومتهم وإلى حرق مقر القنصلية الإيرانية في البصرة التي تشهد تغلغلا إيرانيا واسع النطاق لا يوجد له مثيل في باقي المدن العراقية، ومقار الميليشيات التابعة لها. فإذا أضيف إلى ذلك دعوة النظام الإيراني رعاياه إلى مغادرة البصرة فورا يكون بذلك العراق قد دخل مرحلة من التوتّر الخطير مع النظام الإيراني ولا يستبعد أن تشهد الساحة العراقية مواجهة عنيفة بين الشعب العراقي والنفوذ الإيراني بعد المظاهرات التي سقط فيها قتلى وجرحى من الشعب العراقي الذي كان يطالب بمكافحة الفساد وتوفير ضرورات حياته اليومية والتخلص من الوجود الإيراني (إيران بره بره والبصرة تبقى حرّه). ربما يعذر أهل البصرة على انتفاضتهم فهم يعيشون فوق بحيرة من النفط ويخترق مدينتهم شط العرب لكنهم محرومون كباقي العراقيين من مردود مبيعاتهم النفطية ومواردهم المائية وأشغلتهم إيران في صراعاتها السياسية وتدخلاتها في شؤونهم الداخلية التي لم تجلب إليهم غير المعاناة وتدهور أوضاعهم المعيشية.
4 إيران: الحرب على العرب عبد حامد الحياة السعودية
منذ تسلم حكام إيران السلطة في هذا البلد الجار للأمة العربية، في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي، بدأوا إشعال فتيل الحرب على العرب، وكانت البداية هي العدوان الغاشم على العراق، وعلى رغم أن القيادة العراقية في حينها عرضت على إيران وقف الحرب منذ الأسبوع الأول على اندلاعها والجلوس إلى طاولة الحوار لتسوية النزاع بما يضمن حق الطرفين، إلا أن حكام إيران رفضوا هذا العرض رفضا قاطعا، متذرعين بأسباب شتى، كما هو موقفهم اليوم تماما من الصراع الدائر في اليمن، الكل يعلم جيدا أن الحوثي ليس سوى أداة ينفذ ما تأمر به ولاية الفقيه في إيران، كما أن حكام هذا البلد هم من استباحوا تراب سورية واقترفوا فيها من المآسي والأهوال ما تشيب لهوله الولدان، وهم من يقف وراء كل ما يحصل في لبنان من تعطيل انتخاب حكومة واستشراء الفساد بكل ألوانه في هذا البلد، وهم من زودوا الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة لاستهداف بلاد الحرمين الشريفين، وبذلك يؤكد حكام إيران عداءهم للإسلام والمسلمين أيضا.
نحن نعلم جيدا كما يعلم العالم أن ايران عدو تاريخي للأمة العربية، لكن من المؤلم والموجع حقاً أن يقف حكام دولة عربية إلى جانب حكام هذا البلد في وقت يخوض فيه التحالف العربي حربا طاحنة معه منذ أكثر من ثلاثة اعوام، ويقدم دماء زكية طاهرة من خيرة أبنائه دفاعا عن الحق العربي والشرف العربي والكرامة العربية، وحكام هذه الدولة العربية الشقيقة يشاهدون يوميا ما تقترف الاذرع الإيرانية من مجازر مروعة وجرائم لا أخلاقية قذرة بحق فلذات أكبادنا وأمهاتنا الغوالي في سورية والعراق واليمن، وما ينفذون من عمليات إجرامية بحق قوات الأمن في البحرين والمملكة العربية السعودية ومصر بقصد زعزعة أمن واستقرار هذه الشعوب وإشاعة الفوضى العارمة فيها، ليسهل لهم بعد ذلك تحقيق أحلامهم المقيتة وأطماعهم بالتوسع والتمدد على حساب الحق العربي والسيادة العربية، ولكن سيسحق التحالف العربي كل مشاريعهم العدوانية هذه بكل تأكيد.
5 هل أَطْلَقَ «العِبادي»… النارَ على قدمَيه؟ محمد خروب الراي الاردنية
تراجعت حظوظ رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته حيدر العِبادي،في التجديد لنفسه لولاية ثانية،بعد فشلِه في المحافظة على تفاهمات»غير مضمونة»مع زعيم كتلة سائرون مقتدى الصدر،الذي بات يُطالِب باستقالة العِبادي وليس فقط فكّ التحالف الهشّ معه،إثر ارتكاب زعيم قائمة النصر(العبادي) سلسلة من الاخطاء،راكمها منذ تسرّع للتجاوب مع العقوبات الأميركية على إيران،مُعلناً انه وإن كان يُعارِضها (…) إلاّ انه يلتزم تطبيقها،ما اثار حفيظة انصار طهران على الساحة العراقية.وما ان اكتشَف المردود السلبي لتسرّعه هذا،حتى حاول دون جدوى،استدراك الامور بتفسير ضعيف زاد من حجم النقمة عليه،لتبدأ حملة مُركّزة استهدفت قطع الطريق عليه،اسهمت احتجاجات»البصرة» في تقليص خياراته،وبخاصة بعد سقوط قتلى بين المتظاهرين واستخدام قوات الشرطة والقوى الامنية عنفا مُفرِطا تجاه المُحتجّين،واخفاق العبادي وبعض فريقه الوزاري في تقديم حلول مُقنِعة لمشكلات وازمات المدينة العميقة،أسهمَت ضمن امور اخرى،في ارتفاع وتيرة الغضب الشعبي وصلت ذروتها في حرق مبنى محافظة البصرة وخصوصا القنصلية الايرانية في المدينة الجنوبية،التي تُنتِج آبارها النفطية نحواً من 60% من مجمل صادرات العراق النفطية،لكنها تعاني انهيارا في مرافِقها العامة وخدماتها الاساسية،وافتقادها البنى التحتية وماء الشفة والكهرباء وارتفاع نسبة البطالة والفقر.الامر الذي انعكس غضبا على»كل»القوى والمكونات السياسية والحزبية،التي وجدت في»ورّطة»العبادي فرصة لاستعادة مكانتها المتدهوِرة،وإن كان جمهور البصرة لم يقبِض»بيانات»تلك القوى المكونات بِجدِّية.
عودة العِبادي مرة اخرى الى المدينة الجنوبية الثائرة،لم تنجح في احتواء الموقف وبخاصة بعد المواجهة الكلامية الصاخبة داخل البرلمان العراقي بين العِبادي ومحافظ البصرة،في جلسة انتهت الى تراجِع مكانة العِبادي في «بورصة»الاسماء المقترحة لرئاسة الحكومة الجديدة.كان في مرحلة سابقة يتقدّم الصفوف ويبدو واثقا من التجديد لنفسه.والأسوأ ان قوى وقوائم كانت ترى فيه خياراً مقبولاً عليها،مثل سائرون (الصدر) والحِكمة (الحكيم) راحت تُطالِبه بالإستقالة.
اللاعبان الرئيسيان على الساحة العراقية والاكثر تأثيرا ونفوذا هما الولايات المتحدة وإيران،ويبدو ان الاخيرة هي الفائزة (حتى الان) في الصراع المحتدم بينهما على»ترئيس»الأقرب لأحدِهما،والمُستعِد للتعاون او الاصطفاف الى جانبها،في هذه المرحلة التي تشكِّل الساحة العراقية ميدانا اساسيا في المواجهة المتدحرِجة بين واشنطن وطهران،والتي قد تنزلق الى حرب مفتوحة،اذا ما وعندما بدا لطهران ان العقوبات الاميركية (الاقسى) التي سيبدأ تطبيقها في شهر تشرين الثاني المقبل,تُشكِّل خطرا كبيرا على اقتصادها ودروها الاقليمي.
من هنا… يُمكن النظر الى التصريح المنسوب لحيدر العبادي ومفاده»اننا لن نضحي بمصالح الشعب العراقي من اجل ايران»مثابة اعتراف بالهزيمة وفقدان الامل،بمواصلة تأثيره من خلال الموقع التنفيذي الاول في التركيبة العراقية القائمة على المحاصصة الطائفية والمذهبية والعِرقية،التي ارتضتها»النُخبة»السياسية والحزبية الحاكمة،التي جاءت على ظهور الدبابات الاميركية الغازية.كما تحضر هنا ايضا مقولة قيس الخزعلي،زعيم»عصائب اهل الحق»وأحد ابرز الشخصيات السياسية الشيعية في العراق، الذي عقّب على إعلان العِبادي،نجاحه مع قائمة سائرون والحكمة وائتلاف الوطنية في تشكيل الكتلة الاكبر (الإصلاح) التي تُؤهِلُه البقاء رئيساً للوزراء قائِلاً باستخفاف: من يَضحَك أخيراً ..يضحَك كثيراً.
موجز القول: العِبادي في طريقه الى خسارة فرصته لولاية ثانية،إذ ثمة كثيرون يريدون تصفية الحساب معه،في مقدمتِهم كرد العراق،الذين لن ينسوا له»الحرب»التي شنّها عليهم،مستفيداً من الخطيئة التي ارتكبها مسعود بارزاني بتنظيم استفتاء 25 ايلول الماضي،فضلا عن انصار وحلفاء ايران،وايضا اعلان نوري المالكي منافِسه في حزب الدعوة (ينتمي له الطرفان)عدم ترشُّحه للمنصب،ما اسهم في تهيئة الاجواء لقطع الطريق على مَنْ يتهمِه خصومه بانه «رجل اميركا»و»مندوب صاحبة الجلالة في العراق»(اشارة الى جنسِيّته البريطانِية)،فيما تواصِل واشنطن جهودها لعرقلة اي تفاهم بين قائمة الصدر»سائرون»و»الفتح» (هادي العامري) وقائمة نوري المالكي»ائتلاف دولة القانون» في (كتلة البناء).
المشهد العراقي سيكون أكثر وضوحاً يوم بعد غدٍ السبت،عندما يعود مجلس النواب للإنعقاد.