1 ليس لدى العراقيين مَن يبكي عليهم فاروق يوسف العرب بريطانيا
المهزومون الطائفيون وفي مقدمتهم نوري المالكي، لم يكذبوا على الشعب، المنتصرون هم الذين كذبوا حين وعدوا الشعب بحكومة عابرة للطائفية.
خان المنتصرون مرة أخرى الأصابع البنفسجية التي ساهمت من غير قصد في صعودهم
إذا صحت الشائعات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي عن التشكيل الوزاري الجديد الذي سيحكم العراق في المرحلة المقبلة فإن ذلك يعني أن كل ما قيل عن السعي إلى تصحيح العملية السياسية وإصلاحها من داخلها هو مجرد هراء وأن نظام المحاصصة الطائفية يحظى بقبول كل الكتل السياسية ومن خلفها الدولة الراعية للعراق الجديد وهي الولايات المتحدة.
في وقت سابق تمنى الكثيرون لو أن الأحزاب التي تخفق في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر تذهب إلى المعارضة في بادرة تخفف من وطأة الشعور المخزي بحقيقة أن العراق تحول إلى غنيمة حرب، صارت الأحزاب التي قدمت مع المحتل الأميركي تتقاسمها في سياق نظرية “لا غالب ولا مغلوب” بعد كل انتخابات يفشل فيها الشعب العراقي في التعبير عن إرادته.غير أن شيئا من تلك الأمنية لن يرى النور.
لقد قرر المنتصرون والمهزومون أن يعودوا بعد مفاوضات شاقة إلى الطاولة نفسها التي بدأت عليها عمليات تشريح الفريسة التي اسمها الرسمي العراق فيما يلمع ذهب ثرواتها في عيون المجتمعين، كونها الكنز الذي استولى عليه قراصنة القرن الحادي والعشرين وفتحوا أبوابه لأتباعهم من العراقيين من أجل أن يمارسوا عمليات النهب في ظل قوانين صارمة تحميهم، بضمنها حصانة دبلوماسية مستلهمة من دستور كُتب بذكاء خبيث وماكر.
الغريب أن المهزومين وفي مقدمتهم نوري المالكي، وهو مخترع واحدة من أكبر ماكنات الفساد في التاريخ البشري، لم يكذبوا على الشعب؛ فهم لم يعدوا بشيء يتنافى مع نزعتهم الطائفية. المنتصرون هم الذين كذبوا حين وعدوا الشعب بحكومة عابرة للطائفية، حكومة تضع نصب عينيها ما يعيد العراقيين إلى زمن الخدمات من خلال اعتمادها على الكفاءات المستقلة التي لا يزال الكثيرون يراهنون على وجودها.
كذب مقتدى الصدر ومعه حيدر العبادي وخلفهما الشيوعي رائد فهمي. فالكفاءات التي ستقع عليها مسؤولية إدارة الدولة في المرحلة المقبلة تتوزع بين الصدريين وحزب الدعوة وفهمي نفسه الذي سبق له أن كان وزيرا لدى نوري المالكي، إضافة إلى ممثلي الحشد الشعبي الذين سيكون عليهم تعديل مسار القرار السياسي إذا ما تعلق الأمر بمصالح إيران في العراق.
كما جرى تزيين الوضع بشخصيات سنية وكردية، عرفت بتاريخها في تكريس الطائفية والعرقية طريقاً للدفاع عن صفقاتها المليارية التي جرت من تحتها أنهار من دماء العراقيين التي لا أحد ينظر إليها بطريقة جادة.
لا كفاءات عراقية إذاً خارج ما يمليه نظام المحاصصة من خيارات ضيقة، حصرت تاريخ العراق التعليمي والتربوي والثقافي والعلمي كله بين قوسي الشهيد الصدر الثاني وبين مقابر آل برزان مرورا بالفئات التي لعبت على الحبال كلها وفازت باللذات من غير أن تمد يداً إلى المنكوبين الذين كانت تتاجر بدمائهم ودموعهم وفجائعهم ونسائهم المعتقلات والمغتصبات.
خان المنتصرون مرة أخرى الأصابع البنفسجية التي ساهمت من غير قصد في صعودهم. غير أن وقع الخيانة هذه المرة سيكون أقسى.ففي ظل وصول الشعب إلى مرحلة الانفجار بسبب الجوع والعطش والبطالة والتهميش ومصادرة حق العيش الكريم فإن العودة إلى النظام الذي أسس لكل تلك المآسي إنما تعبر عن ازدراء الطبقة السياسية الحاكمة للشعب وعدم اكتراثها بمعاناته بل واحتقاره من خلال تذكيره بحقيقة أنه لا يقوى على القيام بشيء يُقلقها ويهددها بالجلاء عن السلطة وهي التي تتمتع بحماية أميركية- إيرانية.
من وجهة نظري فإن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق قد اختارت هذه المرة أن تضع الأقنعة جانبا وتكشف عن وجهها الحقيقي.
“الحماية الأجنبية هي مصدر كل السلطات وليس الشعب”، تلك الجملة هي فحوى ما سيشهده العراقيون في المرحلة المقبلة. وهو ما يعني أن شيئا من مطالبات محتجيهم لن يرى النور. سيبقى الوضع على ما هو عليه، إلا إذا قرر العراقيون عدم انتظار مَن يشفق أو يبكي عليهم وبادروا بأنفسهم إلى تغيير الوضع بما ينسجم مع إرادتهم في الحياة.
2 المباني الخضراء في العراق تقاوم الحرب باميلا كسرواني
البيان الاماراتية
باسمة عبد الرحمن صاحبة «كاسْك» (أي أخضر باللغة الكردية)، أول مبادرة تطمح لبناء مفهوم التصميم والبناء الأخضر في العراق ولتغيير طريقة تخطيط المباني والمجتمعات المحلية وبنائها وصيانتها وتشغيلها.
في بلد دمرته الحروب وفي بلد يصارع المواطنون على البقاء أحياءً، أرادت الشابة العراقية باسمة عبد الرحمن أن تترك بصمتها وأن تساهم، على طريقتها، بتحسين الأوضاع. وتقول لنا: «أنا شغوفة بالمحافظة على البيئة. وبالتالي، أشعر أن هناك دافعاً كبيراً وقوياً من داخلي يجعلني متحمّسة. وأنا مهندسة في الأساس، لذلك أحببت أن أمزج بين شغفي وتخصصي».
وبالفعل، هذه العراقية حصلت على بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 2008. وتخبرنا «ولِدت وترعرعت في بغداد لكن، عام 2006، اضطررت أنا وأهلي على مغادرة بغداد والزحف إلى الشمال بسبب الحرب. أنهيت دراستي في إقليم كوردستان قبل أن أنتقل إلى الولايات المتحدة وأحصل على ماجستير في الهندسة الإنشائية بفضل زمالة دراسية مع وزارة الخارجية الأميركية».
وعند عودتها إلى البلاد، تقول إن «البيئة الموجودة في العراق صعبة لكنني قررت ألا أنتظر أكثر بل أن أتصرف وأحاول أن أكون من الناس السبّاقين». وهكذا، بعد عامين ونصف من عودتها إلى العراق، أسست مبادرة «كاسْك» .
وتضيف «كانت رحلة طويلة وكنت بحاجة للعمل بجدية وأريد أن أعمل في هذا المجال ولكنّه غير موجود في البلد، ولم أرد أن أترك البلد حتى أعود بعد 10 سنوات لأقوم بما أريد».
احتاجت للكثير من الوقت لتجد الشجاعة والثقة لإطلاق مبادرتها إلا أن تفانيها وشغفها حملها على العمل بمفردها على الموقع الإلكتروني في أغسطس 2017 والسير خطوة خطوة إلى الأمام من خلال التواصل مع أصحاب القرار والشركاء والجامعات إضافة إلى تنظيم الندوات وورش العمل مجاناً للتوعية حول أهمية الأبنية الخضراء.
وتطور عمل باسمة عبد الرحمن حيث تطلعنا «بدأت أعمل دورات للطلبة عن استراتيجيات المباني الخضراء وتقليل استهلاك الطاقة. كما أنني على تواصل مع أول زبون مهتم ببناء أول مبنى أخضر ونحن في مرحلة التصميم والمناقشة».
كل ما يتعلق بالهندسة الخضراء والمستدامة ما زال يُبرعم حيث تشير باسمة عبد الرحمن أنه حتى لو أن الموضوع يدرّس في الجامعات لكنه ما زال مفهوماً عاماً ولا عمل حقيقي في هذا الاتجاه.
غير أنها تحافظ على تفاؤلها لاسيما أنها بدأت التعاون، قبل بضعة أشهر، مع جامعة إشك الخاصة في أربيل للبحث بكيفية تحويل المباني الموجودة في شمال العراق إلى مبانٍ خضراء. وتضيف «المباني الخضراء قد تكون مبنية حديثاً أو موجودة أصلاً. هذه استجابة جميلة ومهمة والجميع يرحب بالفكرة لكنّ العمل على أرض الواقع هو الأساس».
ويبقى السؤال، ما هو تعريف المباني الخضراء؟ هنا تجيبنا باسمة عبد الرحمن «هي مبان صديقة للبيئة ومبنية من مواد لئلا يكون لها أثر سلبي على الطبيعة أي المواد تضم، مثلاً، أقل نسبة ممكنة من الغازات المضرة بالأوزون.
ويجب أن تكون صحية لسكان المبنى، أي لا يوجد فيها مركبات عضوية متطايرة التي تبعث مواد كيميائية مضرة بالشخص. كما يجب أن يكون استهلاكها من الماء والكهرباء أقل بكثير: الماء أقل بـ 40% من البناء العادي، والكهرباء أقل بـ 30 إلى 40%».
يبقى الأصعب، بالنسبة لباسمة عبد الرحمن، غياب الدعم لهذه المبادرات في السياسات الموجودة على مستوى البلد ما لا يحفّز القطاعين العام والخاص. إلا أن الأمر لا يمنعها من المضي قدماً بمبادرتها الفردية حيث غالباً ما تحاول إقناع الآخرين بالفوائد المادية إثر اعتماد المباني الخضراء لاسيما للأفراد الذين يتمتعون بعقلية تجارية بحتة في حين تعتمد حجج أخرى مثل الحفاظ على البيئة وأهميتها على الصحة. وتتابع «الطرق التي نمارسها تختلف من زبون إلى آخر».
وترى أن دور الحكومات، لاسيما الحكومة العراقية بغاية الضرورة لدفع الأمور إلى الأمام. وتخبرنا «يملك العراق استراتيجية تطوير وطنية تضم خطة طويلة المدى للأربع سنوات المقبلة للتركيز على مختلف الجوانب المتخصصة في الحفاظ على البيئة وتقليل الأضرار التي تحصل من كل الجوانب عليها ولكن ليس هناك أي خطوة حقيقية بهذا الاتجاه».
وتتابع «هذا المخطط موجود لأن العراق اعتبر من الدول الخمس الأكثر هشاشة في العالم بموضوع التغير المناخي. يجب أن يكون هناك خطوات جدية في هذا الاتجاه».
تعتبر باسمة عبد الرحمن أن هناك توجهاً لا بأس به بمجال المباني الخضراء في المنطقة كما يحصل في دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وتركيا لكن الوضع مختلف في العراق لأن الناس منهمكون بالمواضيع السياسية.
وتقول «في البداية، عندما كنت أتكلم عن هذه الفكرة، كان أول رد يأتي:»في ناس بتموت، آخر شي نفكر فيه هو حماية البيئة«لكنني كنت أجيبهم»نحن نحاول أن نحارب قوى الشر ولا يمنع أننا، في الوقت نفسه، نحافظ على البيئة لأنها ستُحدد، في المدى البعيد، ما إذا كنّا نحن البشر سننجو على هذا الكوكب وهذا أيضا يتعلق بحياتنا.
3 الكتلة الأكثر عدداً مشرق عباس | الحياة السعودية
مع أن القوى السياسية العراقية تستخدم مصطلح «الكتلة الأكبر» بديلاً عن المصطلح الذي نص عليه الدستور وهو «الكتلة النيابية الأكثر عدداً» فإن المقصود من المصطلحين، استمر مثار جدل في العراق، ويكاد يتحول إلى معرقل أساسي للحياة السياسية.
ومعروف أن أزمة «الكتلة الأكثر عدداً» بدأت مع انتخابات عام 2010 عندما فازت القائمة «العراقية» حينها في الانتخابات، متفوقة على قائمة «دولة القانون»، ففسرت الأولى المصطلح بالكتلة الفائزة بالانتخابات، فيما ذهبت الثانية إلى المحكمة الاتحادية التي فسرت المصطلح بأنه يشير إلى الكتلة التي تعلن في الجلسة الأولى للبرلمان، مستندة إلى المادة 76/ أولاً من الدستور ونصها: «يكلّف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية».
جوهر فتوى المحكمة الاتحادية حينها ذهب إلى أن المشرع لو أراد أن تشكل الكتلة الفائزة في الانتخابات للحكومة، لنص على ذلك صراحة، وأن مصطلح «الكتلة النيابية» أخرج المفهوم من القوائم الانتخابية إلى الشروط والاستحقاقات البرلمانية.
قادت الفتوى إلى تحويل مرحلة مداولات مابعد الانتخابات إلى جوهر العملية الانتخابية، وأن هذه المداولات لاتجري بين أحزاب فائزة بل بين الجميع للحصول على أصوات الجميع.
ويمكن الإشارة إلى رؤية قانونية مغايرة تذهب إلى أن النص الدستوري يقيد رئيس الجمهورية باختيار مرشح «الكتلة الأكثر عدداً» في المرحلة الأولى فقط، لكنه يمنحه حرية اختيار رئيس وزراء بديل في حال فشل الأول، وفق نص المادة 76/ثالثاً «يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء…».
وبالطبع يمكن ملاحظة أن المادة لم تشر إلى الكتلة الثانية الأكثر عدداً ولا إلى كتلة أكبر جديدة، بل إن النص لم يشر أيضاً إلى «مداولات «تشكيل ائتلافات حكومية، مفترضاً أن هذه المداولات ستجري في حال أخفق رئيس الكتلة الفائزة.
والدستور العراقي الذي اقتبست العديد من نصوصه من الدستور الألماني، كان وقع في فخ التصرف في الاقتباس من آلية اختيار المستشار الألماني، الذي يتم من قبل رئيس الجمهورية مشترطاً أن يكون الاختيار من دون «مداولات» تسبقه.
وبالطبع أهمل الدستور العراقي عندما اشترط تأسيس «مجلس الاتحاد» كممثل للأقاليم والمحافظات، الذي يقابل مجلس «البوندسرات» أن يشركه في اختيار رئيس الجمهورية، فقصر المهمة على مجلس النواب الذي يقابله في ألمانيا «البوندستاغ»، فيما يمنح الدستوري الألماني خصوصية إضافية لرئيس الجمهورية الذي تختاره «جمعية اتحادية» تضم بالإضافة إلى «البوندستاغ» ممثلي الولايات.
وتقر القوى السياسية العراقية بأن الدستور العراقي يحتاج إلى تغييرات وتوضيحات وإضافات وملاحق، ليتمكن من مواجهة التحديات المستمرة، وواحدة من تلك التعديلات هي إعادة تعريف آلية اختيار الرئيس في ضوء تفعيل «مجلس الاتحاد» وتفسير سياق تشكيل الحكومة وتوضيح «الكتلة الأكثر عدداً»، لكنها (القوى) تعتقد بأن إجراء تعديلات دستورية أمر «شبه مستحيل».
لايمكن إلقاء اللوم في اضطراب مفهوم «الكتلة الأكثر عدداً» على تفسير المحكمة الاتحادية فقط، على رغم أن الانتقادات لتلك الفتوى ترى أن المحكمة لم تنظر إلى روح الدستور وآليات عمل معظم الأنظمة البرلمانية المشابهة.
كما أن ظروف كتابة الدستور، وخريطة المساهمين في كتابته عام 2005، تشير إلى أن المشرع لم يتصور أبداً أن العراق يمكن أن يتجاوز الاصطفافات الطائفية في خيارات الأحزاب انتخابياً، حيث تم صوغ النص للقول إن العراق سيحكم إلى الأبد من قبل ثلاثة أحزاب هي «الحزب الشيعي» و «الحزب السني» و «الحزب الكردي».
وأمام هذا الواقع لايمكن المطالبة بحياة سياسية صحية في العراق، من دون مبادرة البرلمان الحالي إلى طرح ملاحق وتعديلات دستورية إلى الاستفتاء العام كأولى أولوياته، بما يضمن تحديداً واقعياً لآليات عمل النظام برمته، على أساس رؤية جديدة لا تقوم على فكرة دوام أحزاب الطوائف، بل على إنتاج بيئة تنافسية سليمة لاحزاب تتأسس على مشتركات سياسية مغايرة.
4 أخطار التلوث البيئي العراقي على الكويت
حمود الحطاب السياسة الكويتية
صدق الله العظيم: “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون”.
ندوة بيئية بريطانية- عراقية عقدت في بريطانيا لتدارس الفساد في الوضع البيئي العراقي الذي يعيش حالة متدهورة من التلوث التي يصعب وصفها لشمولها كل ما تعنيه كلمة التلوث من المعاني.
العراق، وبخاصة مدن الجنوب مثل مدينة البصرة وماحولها من المدن والقرى، تعرضت لعواصف وزلازل من المؤثرات الكارثية على البيئة والإنسان، ويمتد اثرها لجيرانها الأقرب، الكويت والخليج العربي برمته وإيران بالطبع.
كانت أشدها فتكاً حرب السنوات الثماني بين العراق وإيران، التي أنهكت الحياة بأشكالها كافة في هذا الإقليم نتيجة لمحتويات القنابل والصواريخ التي أطلقت من الجانبين تجاه بعضهما بعضا، وعظم قوتها التدميرية، وأعقبها حرب احتلال العراق للكويت وحرق العراق آبار النفط الكويتية التي كانت من الكوارث العظيمة النادرة التي شهدتها البشرية في حياتها؛ فقد أمطرت السماء الأرضَ بالبترول مدة تقارب العام من الزمن، وصل مداها الى بلاد الشام وتركيا والدول المحيطة، وحتى بلاد الهند، تبعا لتيارات الهواء.
ثم تبعتها الأعمال العسكرية التي نفذها صدام حسين تجاه منطقة الأهوار من تجفيف للمياه وإتلاف للحياة البيئية في تلك المنطقة المائية الخضراء.
الندوة تلك بعثت رسائل استغاثة لكل من يمكن أن تصله أيديهم من الوسائل الاعلامية والـ”إميلات” منذرة بكارثة تحيق بالبيئة العراقية والخليجية لا تتوقف، وستكون لها آثار ضارة جدا على المديين القريب والبعيد للحياة الإنسانية والبيئية المحيطة به.
الأنهار العراقية هي الأخرى ضحية بيئية، وفي الوقت نفسه تحولت كارثة بيئية أخرى حيث التلوث الذي أصابها وهي تصب في مياه الكويت الخليجية العربية، وتضر حتى بمياه الشرب الكويتية المقطرة من الخليج، وكذلك الحال مع الدول الخليجية عموما؛ ولربما كان نفوق الأسماك الخليجية المتكررة أحد مظاهر الثلوث في شط العرب وأنهار العراق الأخرى التي تصب فيه.
العراق في وضع متدهور اقتصاديا أيضا، ولا يستطيع وقف حالة الخطر البيئي الخطير الذي يزحف للكويت وجيرانها وعموم الخليج العربي وإيران، وإذا لم تتكاتف العراق والكويت بالدرجة الأولى، والدول المحيطة بمها بجدية وقوة واستمرارية بمشاريع توقف خطر انهيار الحياة الصحية في المنطقة، فإن المنطقة يصح أن يعلن عنها انها منطقة كارثة.
وعندي اقتراح لا ثاني له لحل أخطر جزء في هذه الكارثة الا وهو انقاذ أنهر العراق من التلوث البيئي، ومنع امتداده للكويت ودول الخليج العربي كلها، وذلك منع مياه شط العرب من أن تصب في الخليج أولا، ومنع مياه الخليج من الطغيان على مياهه وتحويلها مياها مالحة قاتلة لمكونات الحياة فيها، وذلك بإقامة أعظم سد وأهم سد يشهده تاريخ هذه الأنهر والمنطقة برمتها عند مصب شط العرب بالخليج العربي حيث يحتجز السد مياه شط العرب والانهار التي تصب فيه ليرفع منسوبها لاحقا داخل العراق اولا، بما يؤدي لفيضان الانهار من جديد على الأراضي التي حولها ويزيد في نقاوة المياه من الملوحة، ويصب الفائض منه في الأراضي الكويتية، وسيكون بكميات هائلة على مدى سنوات، وذلك في قنوات تمتد من الكويت الى حدودها مع المملكة العربية السعودية وإنشاء سد ثان هناك على حدود السعودية والكويت يقوم بحفظ الماء ثم الاستفادة منه في ري الأراضي الصحراوية واستصلاحها في المملكة العربية السعودية أيضا.
المسألة جادة ومهمة في إقامة سدود تتلوها مشاريع موانىء عراقية عند أم قصر العراقية، وتحسين اوضاعها للصادرات والواردات العراقية كبدائل، وعقد اتفاقات بين بلدان المنطقة حول مثل هذه الشؤون، وتقسيم العمل بين دول المنطقة في ادارة مثل هذه المشاريع التي ستدر المليارات على دول المنطقة كافة… وللحديث بقية مهمة أخرى.