1 نريد الوطن… عن أي وطن يتحدثون؟ هيفاء زنكنة القدس العربية
المظاهرات مستمرة بالعراق. ثمن المشاركة باهظ يدفعه الشهداء بحياتهم والاحياء بمخاطرتهم بحياتهم. على هامشها، تستمر تصريحات الساسة ورجال الدين المصطفين سوية في ادانتهم العنف والفساد، كأنهم ليسوا غارقين فيهما حتى النخاع، وكأن الضحايا يتساقطون نتيجة عنف غزا العراق من المريخ. بعيدا عن رطانة الساسة والمرجعية وحرباوية مقتدى الصدر والميليشيات، انطلقت اصوات، ربما لأول مرة، مؤيدة للمتظاهرين، بعد ان مشى اصحابها في ظل الحائط فترة طويلة. لم يعد الظل كافيا للحماية من اشعة الشمس الحقيقية. هناك، ايضا، اصوات حافظت على موقفها المبدئي ومساندتها للشعب، بأساليب متعددة، من بينها البرامج التلفزيونية المتهكمة من الساسة بشكل يثير الضحك. ولعل أكثر البرامج نجاحا في هذا المجال هو برنامج « بشير شو» (على القناة الالمانية العربية) من اعداد وتقديم أحمد البشير الذي يتناول هموم الناس ومشاكلهم الناتجة عن الوضع السياسي، بشكل نقدي ساخر، لم يكن معروفا لدى العراقيين، سابقا.
لم يتهاون البرنامج، يوما، في وقوفه مع مطالب الناس، وهنا مصدر قوته، محافظا، في الوقت نفسه، على مضمونه الساخر وروح النكتة التي ازدادت، مع ازدياد النكبات الهابطة على رؤوس المواطنين، الا ان احدى حلقات البرنامج المهداة إلى «مظاهرات العراق. إلى البصرة وكربلاء والنجف و بغداد والمثنى وذي قار والى كافة المحافظات» كانت خالية من شحنة الضحك المنتظرة. فهل نهب ساسة الفساد الضحكات بعد ان عجزوا عن اسكات البشير، وبعد ان ادركوا قوة السخرية وقدرتها على كسرها حاجز الخوف والاضطهاد والقمع عن طريق تحطيم سطوة الشخصيات المهيمنة ووضعها بحجم يصبح من السهل الضحك عليه.
«يوم بلا ضحك هو يوم ضائع»، يقول تشارلي تشابلن، والضحك، على قساوة الواقع، هو الذي جعلنا البشير، نشاركه فيه، عبر برامجه. فما الذي دفعه إلى التخلي، ولو في حلقة واحدة، عن الضحك؟
انه ذلك الخندق العميق، الذي يفصل عموم الشعب العراقي عن الحكومة، والذي عجز الشعب عن عبوره للامساك بالحكومة، لأسماعها مطالبه. وهو بالضبط عكس ما يجب ان يكون. فالطبيعي ان تقوم الحكومة بتلبية مطالب الشعب، لأنه واجبها وليس منة على الشعب أو احسانا، وان تردم الهوة التي قد تقوم بينهما، في حالات الفساد والظلم وعدم تطبيق القوانين واحترام حق المواطنة. وهذا ما لم يحدث، بالعراق، في ظل حكومات ما بعد 2003. وان كان هذا لا يعني تبرئة نظام ما قبل 2003 من المسؤولية. فالمواطن خاسر بكل المستويات. اذ امتهنت، على مدى 15 عاما الاخيرة، كرامته ولم يتم توفير الخدمات الاساسية الموعودة له، ولم تراع حقوقه كإنسان، وتبخر حق التعبير عن الرأي أمام ناظريه، وكيفية التعامل مع المتظاهرين، سابقا وحاليا، أفضل دليل على ذلك.
من الطبيعي، اذن، ان يلجأ البشير، كما غيره من الاعلاميين المتضامنين مع المحتجين، إلى التحليل السياسي ورصد يوميات المظاهرات، وخطب ومقابلات الساسة، وكتابات المدونين، لغربلة الاخضر من اليابس، في ظل تسفيه المظاهرات و«الفوضى الاعلامية والتعتيم الحكومي، والصراعات السياسية، واستغلال مطالب الناس»، حسب تعبيره. فالسخرية والنكتة، ابنتا الاحباط واليأس والخوف والفقر والجوع والظلم، الناميتان كأداتين للمحافظة على البقاء، تراجعتا، لفترة وجيزة، ازاء الغضب، المباشر، الذي لم يعد بالامكان كبته. الغضب العارم الذي جعل الاحتجاج فعلا جسديا يستدعي ازاحة العوامل المسببة له، ومن بينها، الساسة وميليشياتهم ومراجعهم، الذين أهانوا واحتقروا كل خلية بشرية تنبض بالكرامة. ولم يستطع البشير الا ان يتوقف ليراجع مع عموم الناس أفضل السبل للتعامل مع باعة القيم والاخلاق والوطن. الوطن؟
يصرخ المتظاهرون من كافة الاعمار «ما نريد ماء او كهرباء.. هذه مسألة وطن… مسألة وطن… نريد الوطن». الوطن؟ ماهو الوطن؟ في «عائد إلى حيفا» يتساءل الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، عن الوطن، قائلا: «يا صفية، هل تعرفين ما هو الوطن؟ الوطن هو ان لا يحدث هذا كله»، مشيرا إلى عودة بطل القصة إلى شقته المحتلة، في حيفا، فيلتقي بابنه الذي فقده في خضم الاحتلال، ليجده وقد صار جنديا في الجيش الصهيوني.
الوطن، اذن، في حالة العراقيين، هو الا يحدث كل هذا الامتهان لكرامتهم وهم اهل احدى أغنى الدول بالمنطقة. هو الا يستخدمه الجشعون الفاسدون ذريعة لنيل المنح والهبات والقروض، بينما يستجدي هو الحد الادنى من ضروريات الحياة، من حقوقه، من سراق تغولوا إلى حد سرقة الضحكات. هو ان يحطم الاصفاد التي البسوه اياها، باسم الدين تارة، ومحاربة الإرهاب تارة اخرى، لاجباره على القبول بالأمر الواقع. هو الا يصغي لباعة الترويع والترهيب من المظاهرات لأنها قد تقود إلى خروق دستورية، وعنف غير مشروع، وشعارات تحريضية. ولنستعيد ما قاله نلسون مانديلا، رجل السلام والحقيقة والمصالحة، حين فشلت الطرق السلمية في تغيير الواقع المهين لإنسانية الانسان: «ان المقاتل من أجل الحرية يتعلم بالطريقة الصعبة أن الظالم هو الذي يحدد طبيعة الصراع، وغالبا ما لا يجد المستضعف بديلا سوى استخدام نفس أساليب الظالم».
الوطن، اذن، هو ان يخرج العراقي إلى الشارع لأنه ملكه، وان يضع اصابعه بعيون كل من ساعد على اغتصاب البلاد ونهبها وتخريبها. خراب تستر عليه إفساد الناس بالوظائف المؤقتة والوهمية، بفتات الأموال المنهوبة، المعطرة، بفتاوى دينية، حتى استنفدت أموال الدولة وبدأ التقشف وصراع اللصوص الكبار على الغنيمة المتضائلة، فلم يعد هناك الكثير للفتات. الأمل، الآن، في صمود الجماهير المتظاهرة، إذا ما انضم اليها بقية ابناء الشعب، من أجل الحرية والكرامة فالحرية «لا تقبل التجزئة..لأن القيود التي تكبل شخصاً واحداً في بلادي إنما هي قيود تكبل أبناء وطني أجمعين»، كما يذكرنا الراحل مانديلا والعالم يحتفل بمئوية ميلاده.
2 العبادي يطوق المظاهرات في العراق بالمظلومية حامد الكيلاني
العرب بريطانيا
ربط المظلومية بالمحتجين إساءة لهم يراد منها ضخ المزيد من وقود الفتن الطائفية والنفخ فيها لإيقاد أحقاد المشروع الإيراني في عقول وذاكرة المتظاهرين، ولإعادة إنتاج عقلية حزب الدعوة بأمراضه المتفشية.
تهديدات باغتيال داعمي الاحتجاجات
الأحزاب السياسية في العراق مع ميليشياتها والمنتفعين منها ومن أوجه نشاطاتها، ظهرت عليهم علامات فقدان الأعصاب والذعر من استمرار المظاهرات والاحتجاجات وبوادر الاعتصامات، إذ طفت على السطح تهديدات معلنة وفجّة حد إشهار نيات الاغتيال والتصفيات الجسدية ورصد داعمي الاحتجاجات في تجنيد فاضح لمهمات لم تعد تكتفي بالمتابعة والردود المشينة أو المحبطة في مواقع التواصل الاجتماعي المغلفة عادة بالطائفية.
على الرغم من عدم بلوغ الاحتجاجات الشهر الأول من عمرها، إلا أن ثمارها وقطاف دروسها أبلغ وأعمق أثرا من إجراءات حكومية تستهدف إخماد جذوة الغضب وقطع الطريق على انتقال شرارة الثورة الشعبية الكبرى من مدينة لأخرى ومن قرية لأخرى ومن بيت لبيت.
خوف ورعب قوى الاحتلال الإيراني ونظامه السياسي الذي هبط فجأة في المنطقة الخضراء سيئة السمعة مع عار الاحتلال الأميركي؛ يوجبان على المتظاهرين الانتقال إلى مرحلة متقدمة تستمد طاقة الشباب لرفد الاحتجاجات بالوعي المتجدد، ومراقبة أسباب التراجع في أماكن معينة وتغذيتها بتنشيط وترصين أهدافها بأجوبة مقابلة لما تطرحه السلطة والأحزاب والميليشيات من حلول تبسيطية وهامشية في غاياتها المعروفة والمكشوفة من صعود على كتف المتظاهرين وإعلاء أصواتها بسرقة الشعارات وتسويقها وترويجها، لدرجة يكادون معها أن يقدموا أنفسهم كثوار لإدانة جرائم عمليتهم السياسية بحق تاريخ ووحدة وتضامن شعب العراق.
رئيس وزراء حكومة حزب الدعوة يصف الاحتجاجات بالثورة، ربما سقطة كلام عابر كالمعتاد في دولة التناقضات وتشظي الصلاحيات وضبابية المسؤوليات وتعدد منابر التصريحات لكنه يستطرد ليصفها بـ”ثورة المظلومين”، وهنا لا بد وأن يستشعر الثوار دورهم ومكانتهم وما أدى إليه تواصل المظاهرات والإصرار على سحب مبررات العنف وما يهيأ من قبل الأجهزة الأمنية ومن الميليشيات المتغلغلة فيها أو من ردود فعل الميليشيات المباشرة.
ربط المظلومية بالمحتجين إساءة لهم يراد منها ضخ المزيد من وقود الفتن الطائفية والنفخ فيها لإيقاد أحقاد المشروع الإيراني في عقول وذاكرة المتظاهرين، ولإعادة إنتاج عقلية حزب الدعوة بأمراضه المتفشية مع غيره من أمراض الأحزاب الطائفية بين صفوف شعبنا بعد الاحتلال.
المظاهرات تسلقت بصعوبة منصة الإعلام العالمي واستحوذت على انتباه قادة دول كبرى في مرحلة مفصلية من تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط. أحداث لا نستبعد أن تكون فيها الاحتجاجات السلمية وارتفاع سقفها بل انفتاحها نحو فضاء التغيير الشامل، جزءاً من رسم سياسات وتوزيع مهمات دولية؛ بما يملي على المتظاهرين انضباطا عاليا يقتفي أثر الثورات الإنسانية في تعاطيها مع المطالب والحريات، وبما تشكله من ضغط يهيئ الأجواء لمستقبل جديد للعراقيين يبدأ بتهشيم قواعد حكومات الاحتلال المتتالية ويقوض صروحها ويعالج الانقسامات المجتمعية الخطيرة؛ خاصة بعد تفجر نقمة الشعوب في الداخل الإيراني على نظام الملالي ومشروعه الدموي.
لذلك فإن تحجيم الثورة بالمظلومية والفقر وحصر مطالبها بالخدمات، سيذهب إلى تثبيت ركائز مضافة لعملاء الاحتلال وأحزابهم لسنوات مقبلة في حال جفاف الأفكار عند حدود الصيف أو نضوبها قبل التنسيق لتحريك العراقيين جميعا، وعندها يمتلك الشعب زمام الرهان على مصيره لتفويت الفرصة على صالات قمار السياسة المحلية من التلاعب بأوراق موضوعة أساسا على طاولات العلاقات بين الكتل السياسية والاقتصادية العالمية، وما يجري بينها من ترتيب للأوضاع في دول مازالت رواياتها مفتوحة النهايات وتخضع للمساومات والحوار في أعلى مصادر القرارات الدولية.
إقالة أي وزير في حكومة حيدر العبادي المنتهية ولايته وتحت أي إطار، لا تعدو إلا مقايضة مخادعة لمطالب إقالة ومحاسبة جماعية لحكومات الاحتلال لما اقترفته من سرقات وانتهاكات مجتمعية وخيانات عظمى وَطّنَت الناس على الخوف والكراهية بشرعنة مفاهيم خارجة عن الأعراف وتقاليد وواجبات المواطن والمواطنة، وهو ما صنع من العمالة للأجنبي عملا يوميا لا يحاسب عليه القانون ولا تنتفض ضده حكومة أو برلمان أو قضاء، بل إن النماذج السياسية المتوفرة في السلطة تتفاخر بعمالتها وتعرضها كمنجز انتخابي لها.
تنظيم داعش ولكل من يتناسى مجازر الإيزيديين ومذابح الموصل ومأساة تحريرها، متوفر حسب الحاجة والطلب، والسويداء وضحايا جبل العرب والكرامة حاضرون بقوة؛ والنظام في العراق خاضع لإرادة الإرهاب الإيراني، والأميركان بقلب المنطقة الخضراء، والروس في قلب الشام مع قواعدهم والميليشيات عند كل باب، وهي في بغداد المحتلة وغيرها من مدن العراق تشكل مقاطعات أمنية تتقاسم النفوذ الخاص رغم أنها تشترك في واجباتها العامة بولائها للمرشد ولمرجعياتها العقائدية والمالية.
ثورة أبناء الجنوب بصمودها ستنتزع العراق من مخالب فرق الموت وسلطتهم، وما تباشير الاعترافات والاعتذارات إلا مقدمات لانهيار الأحزاب الطائفية، وتفتتها والبراءة من أفعالها، علاوة على ما هي عليه الآن من تخلف وجمود وتحجر وانغلاق في الرؤية للحياة.
النظام السياسي في العراق تهزمه المرأة وتلاحقه الآداب والثقافة والفنون، وتطارده الطفولة والشيخوخة كما اللعنات؛ إنهم يفرون ويهربون من الموسيقى والأغنيات.
لذلك على المتظاهرين العراقيين أن يجتهدوا لابتكار وسائلهم في تحشيد الإبداع في مواجهة العنف، وعلى العالم أن يتدبر استيعاب فكرة هزيمة أسلحة الميليشيات وآليات مكافحة “الشعب”، أمام إرادة عراقية شعبية تنشد لثقافة الحياة في كل ساحات المظاهرات.
ترتكب حكومة حزب الدعوة خطايا العنف واستدعاء الفتن بصلاحيات الميليشيات وتجاربها للإجهاز على الثورة عند الحاجة، وبما أن التعجب ليس عراقياً، فالاحتجاجات تتعرض إلى هجمات فساد لشراء أصوات المتظاهرين كما حصل في شراء الأصوات الانتخابية، لكن هذه المرة بتشكيل زمر إحباط بأموال قليلة ووعود توظيف مع تعميم فكرة مظلومية المحتجين وإدعاء الاستجابة لكل مطالبهم إلا في “الإساءة للنظام”.
3 العراق لن يتعافى إلا إذا تخلّص من القفازات الإيرانية عبدالمنعم ابراهيم اخبار الخليج البحرينية
العراق يمر هذه الأيام بمجموعة أزمات سياسية واقتصادية وأمنية عاصفة.. وكلها قابلة للحل لو رفعت (إيران) يدها عن القرار السياسي العراقي، وأوقفت تدخلها في الشؤون الداخلية في العراق.. لكن إيران لن تفعل ذلك، لأنها مازالت تعتبر (العراق) غنيمة حرب بعد سقوط نظام صدام حسين!
أمس نشرت «أخبار الخليج» عبر مراسلها في بغداد «الدكتور حميد عبدالله» تقريرًا عنوانه (قوى عراقية موالية لإيران تخطط لعرقلة التعاون بين «بغداد» ودول الخليج العربية بدوافع طائفية).. وذكرت المعلومات أن هناك اتفاقات واسعة بين العراق من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى، لدعم منظومة إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق بمادة الجازولين وأن هناك شحنة من مادة زيت الوقود أهدتها الكويت إلى العراق مازالت عالقة في المنفذ الحدودي في البصرة، بسبب قيام عناصر في دائرة الجمارك بفرض رسوم جمركية على الشحنة! وتسربت معلومات من داخل وزارة الكهرباء العراقية بأن السفير الإيراني في بغداد (ايرج مسجدي) قد زار الوزارة واجتمع مطولاً مع وزير الكهرباء العراقي (قاسم الفهراوي) الذي أقاله رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) لاحقًا، لأن (الفهراوي) كان ضمن الفريق الذي يخطط لإفشال الاتفاقات الفنية في مجال الطاقة بين العراق ودول الخليج.. وكانت إيران تخطط لإفشال (العبادي) وحرمانه من الحصول على ولاية ثانية من خلال قطع الخط الإيراني المغذي لمنظومة الطاقة الكهربائية في العراق في لحظة حرجة انتفضت فيها المدن الشيعية بسبب انقطاع الكهرباء في ظروف جوية قاسية تتجاوز فيها الحرارة أحيانًا الخمسين درجة مئوية.
إذن إيران سوف تظل تعبث بالعراق حتى يرضخ لقراراتها السياسية وتأتي إلى كرسي رئيس الحكومة بشخص موالٍ لها وينفذ توجيهات المرشد الأعلى الإيراني (خامنئي)، ويطلق يد (قاسم سليماني) قائد فيلق القدس الإيراني في كل الأراضي العراقية.
والعراق عليه الآن أن يستفيد من التجربة اللبنانية التي طالما ردد زعماؤها شعار (النأي بالنفس) عن الدخول في الصراعات الخارجية العربية، ولكن في النهاية كان (حزب الله اللبناني) هو الذي يحكم لبنان ويسيطر على الأجواء والمنافذ الحدودية وعلى القرار السياسي في (الدولة)!
إذا أراد العراق حقًّا أن يكون (سيد نفسه) عليه أن يقطع كل القفازات التي تستخدمها إيران للسيطرة على (الدولة) العراقية.. وإلا فسوف يصبح نسخة مكررة من لبنان!
4 سيناريو “أم المعارك” قد يتكرر مع “أم الحروب” علي شاهين الجزاف الوطن البحرينية
التهديدات شديدة اللهجة والحرب الكلامية المتبادلة بين واشنطن وطهران والتي ارتفعت وتيرتها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة تفعيلها للعقوبات الاقتصادية على طهران، وصلت تلك التهديدات في الوقت الراهن إلى أوجها، بعد انتقاد شديد وتهديد وعيد وجهه الرئيس الإيراني حسن روحاني لأمريكا وتدخلاتها في المنطقة ، وقوله على الحرب – إن وقعت – بين بلاده والأمريكان بـ”أم الحروب”، وهو ما رفضه الرئيس الأمريكي ترامب وهدد هو الآخر عبر “تويتر” بأن إيران ستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ، وأن بلاده لن تقبل كلمات إيران التي وصفها بالمختلة عن العنف والموت.
لا يمكن التسليم بأن نهاية هذا التراشق الإعلامي بين واشنطن وطهران هي الحرب، حتى وإن خرجت لنا تقارير إعلامية تكشف عن استعداد أمريكي لضرب المنشآت النووية الإيرانية، مثل تقرير هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية الأمريكية “أيه بي سي” التي حددت بداية شهر أغسطس موعداً لتوجيه تلك الضربة الأمريكية لإيران وذلك نقلاً عن مسؤولين أستراليين، وهو ما نفاه رئيس الوزراء الأسترالي ثم وزير الخارجية الأمريكي الذي اعتبر تلك المعلومات “نسيج من الخيال”.
وبغض النظر عن مدى صحة تنفيذ التهديدات لكلا الطرفين الأمريكي والإيراني من عدمها، إلا أنني أعتقد أن سيناريو حرب الخليج الثانية “حرب الكويت” قد يتكرر – مع اختلاف الظروف والأسباب طبعاً- إن استمر الوضع متأزماً، فإيران تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة خاصة التواجد الإسرائيلي ولو أني أميل إلى أنها لن تجرؤ على المساس بشعره من هذا الكيان المحتل، إلا أنها في الظاهر دائماً تحشر إسرائيل ضمن تهديداتها لأمريكا، وهو ما فعله العراق أيضاً على عهد رئيسه الراحل صدام حسين الذي نفذ تهديده على ارض الواقع، فضرب إسرائيل بالصواريخ وكذلك فعل مع دول الخليج العربي بعد غزوه للكويت، ومن التشابه بين الطرفين الإيراني حاليا والعراقي سابقاً، اسم المعركة، فالعراق اطلق على حرب الخليج الثانية “أم المعارك”، والرئيس الإيراني يصف حرب بلاده مع أمريكا إن وقعت بـ” أم الحروب”.
ومن الشبه أيضاً، دخول قوات عربية خلال حرب الخليج في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت ولجم العراق الذي كان يهدد الأمن والسلم الدوليين آنذاك، ويتكرر هذا التحالف حالياً، حيث توجد بوادر قوية لتشكيل قوات للتحالف تضم أيضاً دول عربية بقيادة الولايات المتحدة، وهو تحالف أمني عربي / أمريكي ضد إيران يحد من تدخلاتها في المنطقة، وأطلق عليه مسمى “ناتو الشرق الأوسط” وهي النسخة العربية لقوات شمال الأطلسي، وقد طرحت فكرة تشكيلها منذ زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية قبل نحو تسعة شهور، وتتسارع الأنباء هذه الأيام إلى تنفيذ هذه الفكرة، بل إن الرئيس الأمريكي يرغب في عقد اجتماع بشأن هذا الناتو خلال أكتوبر المقبل، ومن أبرز أهدافه تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل: دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية، وذلك حسبما نقلته وكالة “رويترز”.
إن الظروف الحالية تجعل من سيناريو حرب الخليج الثانية قد يتكرر هذه الأيام، ولكن هذه المرة ضد إيران وليس العراق، وربما يكون كل ذلك كما وصفناه بمجرد حرب كلامية وتراشق إعلامي قد لا يقود إلى تحقيق أو تغيير شيء بشأن النظام الإيراني، ولكن إذا أردنا أن نحلل الأمر من باب “المصالح” فإن الولايات المتحدة ترى في نظام إيران مهدداً لمصالحها في المنطقة، ويحق لها بالتالي أن تدافع عن مصالحها، وفي المقابل فإن دول المنطقة وتحديداً الخليج العربي ترى في النظام الإيراني مهدداً لأمنها واستقرارها وعانت من هذا النظام على مدى أربعين عاماً في تدخله بشؤونها الداخلية، وبالتالي من حق هذه الدول أيضاً الدفاع عن أمنها واستقرارها ضد هذا النظام الذي يرغب في نزع السلام والأمان من المنطقة ويبسط نفوذه فيها.
5 الغزو العراقي يبقى للتاريخ كلمته!! حسن علي كرم الوطن الكويتية
أجبرني السفير العراقي في الكويت السيد الهاشمي الذي دعا الحكومة الكويتية ، إلى مسمى الغزو الصدامي بدلاً من الغزو العراقي ، أقول أجبرني لكي أعود الى مراجعة قرارات مجلس الأمن في شان أحداث الـ 2 من أغسطس 1990 ، جميع القرارات الصادرة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ليس هناك ذكر لاسم صدام حسين ، و إنما الحكومة العراقية ، فما حدث في فجر ذلك اليوم الأسود لم يكن قرارًا من صدام حسين و حسب ،إنما قرار اتخذته الحكومة العراقية و من الجيش العراقي الذي تمركزت قطعاته على تخوم الحدود الكويتية قبل الاجتياح الآثم …
صحيح أن صدام حسين كان مستبداً و لم يكن للمؤسسات الدستورية أي مرجعية مقابل قراراته ورأيه ، لكن يبقى لتلك المؤسسة على الأقل وضعاً قانونياً أمام العالم ، فعلى سبيل المثال الاعتراف بحدود الكويت وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 833 / 93 عرض على مجلس الشعب الذي هو بمثابة البرلمان و تم التصويت عليه و حاز بالموافقة من غالبية الأعضاء ما عدا عضو واحد ، ثم حاز القرار على موافقة الحكومة العراقية و وقعه صدام حسين و بقية الترويكا البعثية …
ربما اتخذ صدام حسين قرار غزو الكويت ، لكن لم يعتلِ صدام الدبابة و يجتاح حدود الكويت ، إنما من قام بالجريمة الجيش العراقي ، عندما اجتاح الحدود بالدبابات و المصفحات و حاملات الجنود و الطائرات و عندما صحونا من النوم فوجدنا الجيش الشعبي العراقي و النخبة العراقية قد احتلت الشوارع و الأحياء و الأسواق و مؤسسات الدولة ، نعم هناك من يزعم الغزو كان قرارًا من صدام حسين ، و نحن أيضا نتفق أن الغزو كان قرار صدامياً ، و لكن ماذا يرد هؤلاء عندما يحتل أكثر من 5 مليون عراقي بين يوم و ليلة الكويت و يحولونها إلى إقليم عراقي ، و ما رد هؤلاء على كلمة صدام حسين صبيحة انسحاب القوات العراقية المحتلة من الكويت عندما قال ليتذكر العراقيون أن العراق احتل الكويت ، و لم يقل أن صدام احتل الكويت أو أمر بغزو الكويت …؟!
ربما الأشخاص يرتكبون جرائم ، و لكن الدول تبقى مسؤولة أمام القانون ، هتلر غزا أوروبا و سبب كوارث حرباً عالمية ، لكن بقيت ألمانيا حتى يومنا هذا تدفع ثمن جريمة هتلر …
ثم ماذا إذا اتخذت الحكومة الكويتية بمقولة السفير العراقي ، وغيرت مسمى الغزو من الغزو العراقي إلى الغزو الصدامي ، هل يضمن السيد السفير ألا يخرج علينا مجنون ليطالب الكويت بالتعويضات جراء الأضرار التي طالت العراق على جريمة فردية لا شأن للعراق الدولة و المؤسسات الدستورية و الشعب العراقي بها ، خصوصاً و للتذكير أن هناك من طالب الكويت بالتعويضات جراء القرارات الأممية و بخاصة قرارات المقاطعة و الحصار الاقتصادي ، و هناك من طالب الكويت بدفع تعويضات على الغزو الأمريكي أبريل 2003 لبغداد ، على الرغم من أن دخول الأمريكان للعراق كان بطلب من المعارضة العراقية ، و لو لم يكن دخول الأمريكان العراق و إسقاط النظام الاستبدادي ، لكان العراق إلى يومنا هذا و ربما إلى مئة سنة قادمة يرزح تحت نير الاستبداد و الحكم الفردي ، الغزو كان جراء فعل إجرامي نفذته دولة مستقلة على دولة جارة مسالمة و مستقلة و عضو في الأمم المتحدة ، و القرارات الأممية كلها صدرت باسم الحكومتين العراقية و الكويتية ، و ليست بأسماء أشخاص ، فالعالم لا يعترف بالأشخاص باعتبار الأشخاص زائلون و الدول باقية …
قد نتناسى الغزو ، لكن لن يتناساه التاريخ ، ذلك لأن التاريخ سجل الزمن …
6 الغزو عراقي وليس صدامي مع تقديري للسفير واحترامي!!
أحمد بودستور
الوطن الكويتية
جاء في الحديث الشريف (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) فقد أثارت مطالبة السفير العراقي علاء الهاشمي بتغيير تسمية الغزو العراقي في المناهج الدراسية والخطاب الإعلامي إلى(صدامي) ردود فعل واسعة وغاضبة على المستويين النيابي والشعبي فقد وصفت هذه التصريحات الاستفزازية والتدخل بالشؤون الداخلية للبلد.
المثل يقول (الدماء لا تتحول إلى ماء) والشعب الكويتي فقد شهداء لازالت ذكراهم ماثلة أمام أعين ذويهم وكذلك المواطنين والمواطنات ولايزال جرح الغزو العراقي مفتوحا ونازفا يتجدد مع كل ذكرى للغزو والتي تصادف يوم الخميس القادم 2/8 ومن مساوئ الصدف أن تصادف ذكرى الغزو كذلك يوم الخميس الأسود الذي سيظل محفورا في ذاكرة الشعب الكويتي أبد الدهر .
أنا شخصيا من المواطنين الذين صمدوا في الكويت ولم يغادروها إلى بلد آخر شأن كثير من المواطنين نزحوا إلى دول أخرى وخاصة المملكة العربية السعودية خوفا على حياتهم وأعراضهم ولهم العذر في ذلك ولذلك أعتبر نفسي شاهدا على كارثة الغزو .
في اليوم الثاني من الغزو ذهبت بجولة مع صديق إلى منطقة الشويخ وكذلك معسكرات الجيش في الجيوان وقد شاهدت الباصات العراقية تحمل أشخاصا مدنيين عراقيين وكانوا يتوقفون عند المعسكرات وينزلون من الباصات ويدخلون المعسكر ليتم تزويدهم بملابس عسكرية وكذلك أسلحة وعندما سألت عنهم عرفت أنهم الجيش الشعبي.
أيضا شاهدت سيارات التاكسي العراقية تحمل مدنيين عراقيين وهؤلاء قدموا للكويت من أجل السرقة فهم يستأجرون سيارات للنقل لوري أو هاف لوري لسرقة كل مايمكن سرقته لأن الكويت كانت مستباحة للعراقيين.
السؤال الذي أريد أن أوجهه للسفير العراقي هل الجيش الشعبي هو من العسكريين أو المدنيين العراقيين والذي انضم له في الكويت كذلك مدنيين من الخونة من جنسيات أخرى عملوا في الكويت وأكلوا من خيرها ولكنهم كما يقول المثل (الكحل في العين الرمدة خسارة) .
فهم مرتزقة مأجورون أيضا ماهو رد السفير على المدنيين العراقيين الذين كانوا يأتون للكويت من أجل السرقة مما اضطر رجل دين عراقي من إصدار فتوى بتحريم شراء البضائع المسروقة من الكويت لأنها تعد أرضا محتلة مغتصبة.
أيضا أنا شخصيا سافرت إلى العراق مع صديق بعد شهر من الاحتلال ووصلت إلى بغداد وسكنت في فندق القدس وكانت خلفه أرضا كبيرة مسورة كلها سيارات كويتية مسروقة ناهيك عن السيارات المسروقة التي رأيتها في شوارع بغداد بلوحات كويتية فهو مايؤكد أن هؤلاء الذين سرقوا من الكويت هم من المدنيين العراقيين ولذلك نقول أن الغزو عراقي وليس صدامي.
ختاما نقول أن الكويت رغم الجرح الغائر الذي يتحدى الزمن والآلام الكثيرة بسبب الغزو العراقي فقد انهارت الكويت نفسيا و تدمرت المباني والمرافق والبيوت ومنشآت ولولا لطف الله ووقفة الأصدقاء في العالم وخاصة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لكانت الكويت ولاية عراقية ولكانت شطبت من التاريخ والجغرافيا ورغم كل ذلك سارعت الكويت لتقديم المساعدة للعراق كلما احتاج لذلك وآخرها تزويده بالمشتقات النفطية لتشغيل محطات الكهرباء وكذلك تزويده بمولدات كهربائية ولكن لم تثمر كل هذه المساعدات والمواقف الإنسانية من اقتلاع مشاعر الحقد والكراهية وزراعة مشاعر المحبة مكانها لأن الطبع يغلب التطبع وكما قال أبوالطيب المتنبي في أبياته الشهيرة (إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا) .
7 الغزو الجديد… والرمال المتحركة! تركي العازمي الراي الكويتية
استكمالا للمقال السابق٬ بعد غد تحل الذكرى الـ 27 للغزو العراقي الغاشم… وهنا أذكر ما حصل في أواخر العام 1990 عندما زارنا سفير الكويت في واشنطن المرحوم الشيخ سعود الناصر، وكان اللقاء في فندق الكوبلي في بوسطن وبعدها اتصل بي الملحق العسكري آنذاك الأخ فهد العدواني – رحمة الله عليه – طالبا التطوع مع الجيش الأميركي… وتطوعنا عندما تخلف كثير من أحبتنا، ولن أخوض في تفاصيل التطوع لسبب واحد، وهو ان الكل أصبح بطلا وسطرت البطولات وباتت ذكرى الغزو وعيد التحرير والاستقلال محطة لمسيرات وحفلات وأمسيات و… إلخ.
تدخل الدواوين والكل مشغول في متابعة حالة «التحلطم» الذي يعد غزوا جديدا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وقروبات الواتس اب.
يتخرج الطلبة من الثانوية العامة وتحصيلهم العلمي سيئ وعندما يتقدمون للجامعة أو التطبيقي يجدون صعوبة في الحصول على التخصص الذي يرغبون به وإن كانت نسبهم تجاوزت 80 في المئة، والجميع يعرف السبب!
الكل أصبحوا مستشارين… والعلاج غير متوفر والبعض لا يجد سريرا في المستشفى والتشخيص «لك عليه».
طرق مزدحمة، أسواق، مجمعات، مشاريع بعضها سكني وشاليهات وهمية، أبراج تجارية، زحمة في كل مكان، شرطة تبحث عن مجرمين، غسيل أموال، شركات وهمية «ورقية»، شهادات مزورة، عمالة هامشية، بطالة مقنعة، شركات نصب واحتيال، تفريخ للهيئات واللجان، تفشي الرشوة والعمولات، وتركيبة سكانية هلامية… وعلى هالمنوال.
هذا هو الغزو الجديد الذي تعرضنا له بعد أن أوكلت مهمة الإصلاح للرويبضة «الشخص السفيه/التافه» غير القادر على تولي أمور العامة…
الغزو الجديد… ترويج للسفاهة في وسائل التواصل الاجتماعي… تولية المناصب وفق معايير باطلة واحتكار مجموعة معينة كل خيوط اللعبة السياسية، الإعلامية، الاقتصادية، والكل يعرف ذلك حق المعرفة وهكذا إلى أن دخل دائرة التحلطم أفراد من الأسرة الحاكمة… ماذا تبقى؟
الزبدة:
في ذكرى الغزو الـ 27… نحتاج لمن يضع سياجا حاجبا بيننا وبين الرمال المتحركة التي ستدمر الوحدة الوطنية وتعزز التفرقة وتخلق جيلا مختلفا… ما يثار في الدواوين لا يعد بالون اختبار٬ إنه مؤشر إلى بلوغنا مشارف الهلاك والدمار: فما هو الحل؟
إن كتب أحبتنا عن سوء الأوضاع والحاجة إلى الإصلاح الفوري وإعادة هيكلة شاملة للنسيج الاجتماعي والعمل المؤسسي وطرق اختيار القياديين والنواب وصاحوا بأعلى صوتهم «كفى عبثا»، قيل عنهم «معارضة» أو«هذول ما عليكم منهم… شيبون»!
ليقولوا ما يطيب لهم من تبريرات واهية٬ فالمطلوب سواء أعجب أصحاب القرار والمحيط بهم، لا يتعدى اتخاذ قرار جريء يبعد كل قيادي متدني الأداء. استبدال الكادر الاستشاري الذي لم يعالج قضايانا منذ 27 عاما. الاهتمام بالعنصر البشري وإصلاح التعليم ورفع مستوى الخدمات الصحية وتحسين الثقافة التي اكتسبها البعض كمحصلة لسوء إدارة المؤسسات وزج كل متجاوز على المال العام في السجن مع إعادة المبالغ.
استبدلوا الرويبضة بالكفاءات، وفعلوا القوانين وتصالحوا في ما بينكم قبل أن يقضي علينا الغزو الجديد وتغطينا الرمال المتحركة… الله المستعان.
8 الحِسَاباتُ الخَاسِرةُ: (العراقُ) أنْمُوذَجاً…! حسن بن فهد الهويمل الجزيرة السعودية
لست أدري من الذي جرَّ قلمي إلى وحل السياسة, وسمومها اللافحة, وجعلني أتذكر محاورة (المُتَنَبِّي) لِحِصَانه:
(يَقُولُ بِشِعْبِ بوَّانٍ حِصَانِي
أعَنْ هَذَا يُسَارُ إلى الطِّعانِ)
لقد كنت تحت دوحة الأدب, والأدباء الوارفة الظلال, مثلما كان (المتنبي) وحصانه في (شِعْبِ بَوَّان). وفجأة وجدتني في أتون السياسة, وتقلباتها المذهلة.
ومثلما كان (ابن تيمية) عالمَ فقهٍ, وعقيدةٍ, فجعلت منه (الحملات الصليبية), و(حروب التتار) خطيباً, حربياً, مفوهاً. يحرض المؤمنين على القتال. جعلت مني مغامرات السياسة, ومقترفاتها كاتباً يجالد في سوحها.
من المسلّمات أن القارئ النَّهِم: إما صانعٌ لِفِكْرِ غيره, أو هو مَصْنوعُ الفكرِ من غيره. فمنا من تصنعه مقاعد الدراسة, ومنا من تصنعه تجارب الحياة. ومنا من يصنعه مقروؤه الحر, ومكتبته التي شكلها على عينه. وآخرون تتنازعهم المُشَكِّلات.
الأخطر من ذلك كله اختطاف أحدنا من مساره الذي ارتضاه لنفسه, وحَمْلِه على نَسْفِ مسلماته, وانصياعه لدعاة السوء على أبواب الفتن.
ومثلما تُخْتَطف الأفكار, يُخْتَطفُ الأناسي. حتى (الإسلام) لم يسلم من الاختطاف.
وكم من مُصْلِحٍ جاهد, وجالد لاستعادته, وتجديده, ولو لم يتكرر اختطافه, لكان الناس أمة واحدة.
وَقَلَّ أن يكون الاختطافُ حميداً. وحين يتعرض (الإسلام) للاختطاف, يكون شاملاً, أو جزئياً. مرحلياً, أو دائماً. تعاطفياً, أو اعتقادياً. مباركة, أو عملاً متفانيا.
ومشاكلُ الفكر, والسياسة بحرٌ لجي, لا نهاية لعمقه, ولا تقارب بين شطآنه.
وحَمَلةُ الكلمة كـ(المتنبي), و(كافور):
(أَبَا الْمِسْكِ: هَلْ فِي الكَأْسِ فَضْلٌ أَنَالُهُ؟
فَإِنِّي أُغَنِّي مُنْذُ حِينٍ, وَتَشْرَبُ)
الراصد للحراك الفكري, والسياسي يصاب بالذهول, فهو أمام تحولات سريعة مفاجئة. وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين وصف الفتن بقطع الليل المظلم. بحيث: (يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً, ويُمْسِي كافراً, أو يُمْسِي مُؤْمِناً, ويُصْبِحُ كافراً, يَبِيعُ دِيْنَهُ بَعَرَضٍ مِنَ الدَّنُيا).
فالتحولات المفاجئة, من أشراط الساعة: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا).
وحين أجد نفسي في أتون السياسة, تتبدى لي جهالات, لا يحتملها عقل, ولا يكاد يسيغها فكر. ومع ذلك تظل سيدة المواقف, وكأنها القول الفصل, وفصل الخطاب. لا لشيء إلا لأن اللعب السياسية المتحكمة تريد ذلك. ولا تتيح فرصة للتفكير السليم, والقول الحر.
الدولة – أيُّ دولة – حين تكون مع الحق, والصدق, والعدل. تكون غريبة الوجه, واليد, واللسان.
ومهما امتَلَكْ (الكاتب الحر) من الحكمة, والصدق, والعدل فإنه يغرِّد خارج السرب: (وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ). وللسياسة قبورٌ مَرْمُوسٌ فيها الأحياء.
هذه السياسة الظالم أهلها استحوذت على بعض حَمَلَةِ الأقلام, وكشفت عن عوار المضلين منهم, الذين يتبعون الشهوات, ولا يصدقون إلا قليلا.
ومتى كانت المقدمات خاطئة, فإن المسيرة ستظل مُعْوَجَّةً, والنهاية مؤسفة.
في هذه الأتون, تتراءى لي مشكلة (العراق) العصية على كل قراءة. (العراق) مهما كانت أوضاعه. هو عزيزٌ علينا: أرضاً, وإنسانا. وهو في النهاية مصدر الفتن ما ظهر منها, وما بطن. منذ أن كان, وحتى يرث الله الأرض, ومن عليها.
وليس أدل على ذلك من تمني العراقيين بمختلف طوائفهم, وأجناسهم, ودياناتهم عودة (صدام حسين) الذي أذاقهم لباس الجوع, والخوف, قتَّل أبناءهم, وأذل نساءهم. وزج المنطقة كلها في فتنة عمياء, لما تزل آثارها قائمة.
الفخ الإعلامي الموجه, يمارسه (المجوس) المتنفذون, والمنفذون لأقذر اللعب. وأمانيهم تشكيل وعي الأمة على مرادهم الطائفي, التوسعي.
وكل ما يُقال من كل الأطراف كذبٌ صراح. فالمستبد, والمنفذ يفترضان أحداثاً, ومشاكل ليست قائمة. كدعوى (الإرهاب الإسلامي).
فرض على الشعب العراقي الانقسام على نفسه. و(المجوس) يستغلون هذا الانقسام, ليحققوا طموحاتهم المستحيلة.
إنهم يحلمون باستعادة (العراق), كولاية شيعية, تأتمر بأمرهم, وتنفذ تطلعاتهم. وهذا من المستحيلات.
مشكلة (العراق) في الوجود (الإيراني), والحكم الطائفي, الذي لا يضمن وجودَه إلا الحبلُ المجوسي, المُبَارَكُ من (الغرب).
(العراق) دولة عربية, إسلامية, لها سيادتها. ومن حق شعبها أن يُقِرَّ ما يشاء, ويختار من يشاء, ويدير شؤونه بنفسه. لا يقبل الإملاءات, ولا التوجيهات, ولا التدخلات.
نعم مكوناته السكانية مختلفة, ولكنها قابلة للتعايش, والتصالح, والتعاذر متى خرج من أرضه (المجوس) الذين عاثوا فيه فساداً, وأذاقوا أهله من السنة, والشيعة أشد العذاب. فهم حاقدون على (العنصر العربي), وأحلامهم الطائشة تَعِدُهم, وتمنيهم بعودة (إمبراطوريتهم), و(صفويتهم).
لقد بذلوا الأموال, والأفعال, والأقوال, وأضاعوا شعبهم, وأذاقوه الذل, والهوان, والخوف. وما زالوا في مربعهم الأول.
ولما تزل الأوهام تحشوا أدمغتهم, والأحلام تدفع بهم في أتون الفتن, والإعلام المسيطر المجند يوهم الدهماء بأن العصابات الإرهابية هي التي تدير دفة الحوادث في العراق.
لن يهدأ (العراق) وعلى أرضه مجوسي فارسي واحد. فهل يتداركون أنْفُسهم, أو يتفانون؟
مشكلة الأمة العربية في التدخلات (الغربية), المتقنعة وراء الطائفيات, والأقليات. ومن ظن غير ذلك ضاع, وأضاع. لا أمن, ولا استقرار في ظل الحكم الأجنبي, والاستبداد الطائفي, وتسلط الأقليات.
من جاء من غير العراقيين, ليفرض عليهم شيئاً من ذلك فهو (إرهابي) متقنع بِمُسَمِّيات موهمة.
الأمة العربية قاومت الاستعمار منذ (حملة نابليون), وقاومت الظلم, والإهمال منذ (الخلافة العثمانية). وإشكاليتها في التدخلات الإقليمية, والخارجية.
والخطابات القائمة, والمتداولة مصنوعة على عين المستبد, ولم تكن بإرادة عربية.
ولو أن الدول الكبرى تخلّت عن (إيران) لتعود إلى حدودها, لاستقام أمر الأمة, وصلح شأنها. ولكنها السياسة المتبرجة, المائلة, المميلة, التي اختطفت الأفكار, والأناسي, واستنزفت الجهد, والمال, والوقت:
{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ}.
لقد حق وعده, فخلطهم في الفتنة ليقتتلوا.
9 غداً ذكرى الغزو العراقي سعود السمكة صحيفة السياسة
غداً هو الثاني من أغسطس الذكرى اللعينة لذلك الخميس الأسود من عام 1990 حيث دخلت جحافل تتار القرن العشرين قادمة من جار الشمال، القطر العراقي الشقيق، معلنة سقوط كل المعاني الاخلاقية والروابط الانسانية، والقواعد البديهية التي تربط الجار بجاره، والشقيق بشقيقه، ومعها المشروع العربي الحلم الذي تحلم به الجماهير العربية من المحيط الى الخليج، وهو مشروع الوحدة العربية، حيث غرس العراق بعدوانه الخميسي سكينه في خاصرة ذلك الحلم الجميل ليقطع دابره حتى في الحلم، بمعنى ان العراق بتلك العدوانية الخسيسة الآثمة يريد أن يقول لجيل الشباب العربي: إذا كنتم تحلمون يوماً ما في القادم من الزمن أن يأتي يوم يتوحد فيه العرب ليشكلوا بما يملكونه من ثروات تتمثل بالسعة الجغرافية، وغزارة المياه والثروات الطبيعية والبشرية، وطرق مواصلات، تربط القارات ومناخ فيه فصول عدة في فصل واحد، وقوة ذاتية يحسب لها حساب في اوساط الامم، فإن عليكم من اليوم “الخميس الثاني من اغسطس 1990” ان تنسوا هذا الحلم الى الابد لأنني ، أي العراق، جئت بهذا الحلم وذبحته من الوريد الى الوريد من خلال ما قمت به من عدوان على شقيقي الصغير في مساحته الكبير في كرامته وكبريائه وشعبه فقتلت وعذبت وهتكت اعراضا وارتكبت من الجرائم بحق الانسانية لم يرتكبها آي مجتمع انساني في التاريخ البشري ،حيث كنت اعتقل الشباب البريء علاوة على جريمتي التي قمت بها بغزو بلادهم، وترويعهم وتشتيت شملهم، وآتي بهم إلى جوار مساكنهم وأطلب من أهلهم الاستعداد لإطلاق سراحهم ،وحين يقبل
الاهل فرحين بسلامة ابنائهم من الاذى، واذا بالاوغاد افراد جيش العراق ينزلونهم من السيارات معصوبي الأعين ثم يطلقون عليهم النار امام اعين اهاليهم وهم يصفقون ويضحكون ، ثم يركبون سياراتهم ويعودون ادراجهم تاركين وراءهم اجسادا شابة في مقتبل العمر تتخبط بدمائها امام اعين آبائهم وامهاتهم واخوانهم وأطفالهم.
نعم صدام حسين قد يكون مجرم العصر وعميلا ومتآمرا ومصنوعا خصيصا لتدمير المشروع العربي ،لكن الذي نهب المساكن ،ودمر دور العبادة ،وعاث فسادا في مؤسسات الدولة، ونهب وسرق، ودمر على الصعيد الميداني ،وهتك الاعراض وقتل الابرياء، وصال وجال في طول البلاد وعرضها، وارتكب ابشع الجرائم، لم يكن صدام حسين بل ضباط وافراد الجيش العراقي بشتى مسمياته وتشكيلاته ومخابراته، وحين جد الجد وتحركت جحافل الامم المتحدة الشرعية الدولية واذا بالاشاوس جنود الشيطان يفرون كما الجرذان حين بدأت تقصفهم نيران عاصفة الصحراء.
تركوا سلاحهم الذي دفع سعره الشعب العراقي من دم قلبه هدفا لنيران دبابات وطائرات قوات عاصفة الصحراء.
هذا الجيش لم يفر فقط ويترك سلاحه من الكويت ويغادر هربا وهو مهزوم ،بل عاود المشهد نفسه في داخل العراق حين دخل عليه تنظيم “داعش” بجيشه المتواضع عدة وعتادا حيث ترك سلاحه وبلاده وشرفه العسكري وهرب من امام عصابات بالكاد تعرف الف باء القتال!
سعادة السفير العراقي يطلب منا ان ننسى الغزو العراقي ونسميه الغزو الصدامي.
لا ،يا سعادة السفير الشعب الكويتي لم يتلق التعذيب والقتل و النهب والسلب وهتك الاعراض من صدام حسين فصدام لديه مشروع عدواني على الكويت، وقد نفذه، لكن الذي سرق ونهب وقتل وعذب وهتك الاعراض هو الجيش العراقي والامن العراقي والمخابرات العراقية وبعث العراق وسفراء العراق لكن هؤلاء مجتمعين هم من ارتكبوا أبشع الجرائم ضد الشعب الكويتي!
ثم انت ياسعادة السفير كيف تطلب من الشعب الكويتي ان ينسى تلك الجريمة التي ارتكبها العراق وان تختصرها فقط بصدام حسين؟
الان صدام حسين اصبح خارج هذه الدنيا ورغم هذا فإن هناك اليوم في العراق ما زالت آثاره وهي آثار لا تقل خطرا عن الغزو، حيث المناهج الدراسية العراقية وبخاصة تلك التي تدرس للمراحل الاولى تعج بمسميات ومفردات تسيء للكويت، لاستقلالها وسيادتها وتغرس روح العداء والعدوانية في نفوس الناشئة العراقية ضد الكويت والكويتيين؟
لذلك نحن الكويتيين من جانبنا سوف نبقى كما كنا رغم الجرح الغائر الذي ما زال ينزف على شهدائنا واسرانا ومفقودينا ننظر الى الشعب العراقي كشعب شقيق، وسوف نبقى الى جانبه نساعده حتى يتجاوز عقباته ،الا اننا لا نستطيع ان ننسى الا حين ينسى العراق الى الابد احلامه بأن الكويت كانت ولو لثانية من الزمن محافظة عراقية، فالكويت يا معالي السفير منذ ان قامت وهي ارض كويتية وارض مسطحة جرداء لا ماء فيها ولا زرع يوم كان العراق اغنى أغنياء العالم يومها لم يكن احد في العراق التفت الى الكويت ليعطف على اهلها بقطرة ماء الا ان هذه الصحراء البور بفضل الله سبحانه ،ثم جهد حكامها واهلها غدت عروس الخليج وحين غزاها العراق عام 1990 سخر الله لها المجتمع الدولي ليطرد العراق بفضل ما تقوم به من صنائع المعروف غطت به جميع القارات ، والحمد لله رب العالمين.