6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 السيستاني يبدد أمل العبادي د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

من يفهم في صياغة المرجعية لخطاباتها عرف أن السيستاني وأد أمل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي في ولاية ثانية كان يصارع للحصول عليها، حتى لو اضطره ذلك للخروج من حزب الدعوة.
رأس الفساد في العراق
وأخيرا نجحت صرخات المحتجين العراقيين في الوصول إلى مسامع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الذي أدرك خطورة الموقف وسارع لإنقاذ شعبية مرجعيته، التي جعلها من أفتى سابقا بانتخابهم وحماهم على كف عفريت، حتى أن من كانوا يقدسون المرجعية خرجوا في الجنوب العراقي، قبل سنوات، يهتفون “باسم الدين باكونا الحرامية”، و”قشمرتنا المرجعية وانتخبنا السرسرية”، ومعنى الأول لمن لا يعرف اللهجة العراقية “باسم الدين سرقنا اللصوص”، ومعنى الثاني “خدعتنا المرجعية وجعلتنا ننتخب سيئي الخلق”، وتلك سابقة لم يشهدها تاريخ المرجعية كله، حتى جاءت خطبة الجمعة 27 يوليو 2018 في كربلاء، التي حملت إلى مقلدي السيستاني تأييده للاحتجاجات الشعبية بلغة مخاتلة تحمل أكثر من معنى ويراد منها الشيء وضده.
من يفهم في صياغة المرجعية لخطاباتها عرف أن السيستاني وأد أمل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي في ولاية ثانية كان يصارع للحصول عليها، حتى لو اضطره ذلك للخروج من حزب الدعوة، إذ قال ممثل المرجعية في كربلاء، عبدالمهدي الكربلائي، إن على رئيس الوزراء القادم أن يتحمل كامل المسؤولية عن أداء الحكومة وأن يتمتع بالشجاعة والقوة ويجب تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الكابينة الوزارية المقبلة والمناصب العليا والدرجات الخاصة، مؤكدا أن على الحكومة الحالية أن تحقق “بصورة عاجلة مطالب المتظاهرين وتخفيف معاناتهم وشقائهم، وأن تتشكل الحكومة القادمة بأقرب وقت ممكن بأسس صحيحة بكفاءات فاعلة وصحيحة ويتحمل رئيس الحكومة كامل المسؤولية ويكون حازما وقويا ويتسم بالشجاعة لمكافحة الفساد المالي، وهو ما يعاني منه البلد ويعتبر ذلك واجبه الأول ومهمته الأساسية ويشن حربا لا هوادة فيها على الفساد”.
وهذه صفات لا يتوافر عليها العبادي، الذي سبق للمرجعية أن منحته دعمها عند توليه ولايته، فخرج إلى الناس يقول سنضرب الفساد بيد من حديد، ثم لم يفعل شيئا، حتى راجت بين العراقيين طرفة تقول إن العبادي عرف خلال أقل من 24 ساعة أن التظاهرات الشعبية فيها مندسون، ولكنه طوال مدة ولايته المنتهية لم يقدم فاسدا واحدا إلى القضاء، ويلاحظ من هذا الكلام أن المرجعية الشيعية باركت، في الوقت نفسه، المعالجات الترقيعية، التي يتخذها العبادي تاركة المعالجات الجذرية لرئيس الوزراء القادم.
من خلال هذه اللغة المخاتلة، والتي تصور وكأن المقاطعة لم تحدث فعلا، وإنما ستحدث، أعفت المرجعية نفسها من الاعتذار لمقلديها والاعتراف بما وقعت فيه من أخطاء قادت إلى هذا الثمر المر
وتريد المرجعية أن تكون وسطا بين الحكومة والأحزاب المتسلطة لتحوز على رضا الجميع، عندما قال ممثلها في خطبة الجمعة “لقد نصحنا كبار السياسيين مرارا وتكرارا بأن يعملوا للإصلاح ويمتنعوا عن حماية الفاسدين”، مستدركا “كما نصحنا المواطنين كلما حلت الانتخابات أن الإصلاح والتغيير نحو الأفضل هو مطلب الجميع وحاجة ماسة للبلد لن يتحقق إلا على أياديكم وإذا لم تعملوا له بصورة صحيحة فإنه لن يحصل”.
ولم ينس العراقيون كيف كرست المرجعية حكم الأحزاب الطائفية عندما حرّمت على مقلديها زوجاتهم إن هم لم ينتخبوا تلك الأحزاب، وكيف أسهمت في ولادة دستور غير عراقي هو الآن أساس أزمات المواطن، بل لم ينس امتناعها عن إعلان الجهاد على المحتل.
اتهم النائب عن التحالف المدني الديمقراطي فائق الشيخ المرجعية الشيعية، في تصريح صحافي، بدعم الفساد عن طريق تدخلها في الشأن السياسي منذ 2003 لغاية اليوم، وقال إن مرجعية النجف وعلى رأسها السيستاني هي رأس الفساد في العراق.
وفي حركة مضللة للتقليل من القرار الشعبي بمقاطعة الانتخابات، طالب ممثل المرجعية أن يرعى قانون الانتخابات أصوات المنتخبين ولا يلتف عليها وأن تكون المفوضية مستقلة ولا تخضع للمحاصصة الحزبية، محذرا من أن عدم توفير هذين الشرطين سيؤدي بمعظم المواطنين للعزوف عن هذه العملية، ولكن مثلما يعلم الجميع لم تجر الأمور مثل ما تمنتها المرجعية وسعت إليها، بل استمرت وازدادت أزمات معظم المواطنين.
ومن خلال هذه اللغة المخاتلة، والتي تصور وكأن المقاطعة لم تحدث فعلا، وإنما ستحدث، أعفت المرجعية نفسها من الاعتذار لمقلديها والاعتراف بما وقعت فيه من أخطاء قادت إلى هذا الثمر المر، كما أنها أرادت أن تحمي نفسها بعد أن وصلت غضبة التظاهرات الساخطة إلى عقر دارها وإلى قرب بيت السيستاني نفسه، من انقلاب مقلديها عليها وهم رأس مالها، وهو أمر إن حدث، سيكون فراقا ما بين المرجعية ومقلديها، إذا ما استمر المقلدون لا يجدون لصيحاتهم صدى في إصلاح يقنعهم، واستمرت المرجعية في صمتها المثمر للفاسدين.
2 لا يا “قيصر” الساهر كلامك هذا ليس كافيا.. لماذا لا تحضر الى بغداد؟ د. فاضل البدراني راي اليوم بريطانيا

بداية عذرا لعشاق القيصر كاظم الساهر، فالمشاهير ملك الناس جميعا، ولكل منا الحق ان يمارس العتب بطريقته، و لا يعتب الا المحب ،كاظم السهر كان سفيرا ،وتمتع بهذا الموقع الدبلوماسي بإطاره الانساني الرفيع الذي منحه اياه الشعب قبل 20 عاما، قبل ان يتحول الى قيصر والقياصرة هم القادة التاريخيين الاشداء وان كان المسلمون لا يسمون به كثيرا، وقيصر: اسم علم روماني اطلق على اسم ملك الرومان: CESAR، وهو لقب مثل كسرى الفرس ونجاشي الحبشة. ويوليوس قيصر إمبراطور روما معشوق كليوباترا (ت 44ق.م). ونحن اطلقنا على ساهرنا القيصر باعتباره فانه بحق كبير في كل شيء، انما القيصر الساهر اختار له اوطان أخرى بعيدة على حساب وطنه وجمهوره ،وسمة القياصرة يكونوا بين شعبهم في اوطانهم اكثر شدة وقوة وشهرة.. أيها الساهر عليك ان تتلمس حرارة عتبنا عليك جميعا، اهلك ومعجبيك ومحبيك وابناء ديرتك، وعاصمتك وطلابك وزملاءك واقاربك وجيرانك ،تراب وطنك وحضاراته وتراثه ولهجاته ومدنه وازقته ومناطقه الاعظمية والكاظمية والكريعات والكرادة والمنصور وغيرها ..كل ذلك الذي تستعين به عندما تختار مفردات اغانيك والحانك على اكبر مسارح الغناء العالمي.
ايها القيصر قصة بلادك قصة حزينة من البداية للنهاية ،هكذا قالت مراجع الكتب، ومحنته الأخيرة نجح فيها المحتلون والاعداء الغاشمون في بعثرة وتدمير كل ما كنت تستعين به من مفردات وصفية في أغانيك من ماديات حضارية وتراثية اجتماعية لتحافظ على نجوميتك وتاجك الذهبي ( تاج القياصرة) ذهبت في اطار برنامج الخراب الشامل (الأمري صهيوني) بين التدمير والنهب والسلب، وفشل فيها أصناف السياسيين من قادة احزاب ورأسماليين، اخذوا يرحلون خلافاتهم ونفاياتهم، وهضم لحقوق الشعب حتى تراكمت وصارت جبل يصعب اختراقه، الى حد أصبح الماء والكهرباء والدواء والغذاء حقوق يتظاهر من اجلها الشعب، بينما هي استحقاقات اساسية لا منية لأحد منهم فيها، فهي موجودة في موارد نهري والارض أو هي تأتي من اثمان ما اكرمنا به الباري عز وجل من مصادر طاقة ومعادن متعددة وزراعة وغيرها..
تألمت من كلامك وانت تتحدث في غضون30 ثانية عن معاناة بلادك (العراق) وفي كلام عابر على هامش الحفل الذي أقيم مؤخرا تموز 2018 في ( بيت الدين) بلبنان ولن ابخل عليك في ذكر النص الخاص بك (ان الكهرباء للأسف لا توجد في العراق، وادعو المسؤولين العراقيين الى الاهتمام بالشعب العراقي ،فهذا الشعب العظيم رغم معاناته هو مبدع وخلاق ورائع ومحب وانساني ويحمل رسالة لكل العالم بالمحبة والسلام) .
ايها القيصر العراقي البعيد ،الجميع يعلم بالمعاناة ويعلم بابداع العراقيين ورسالتهم الانسانية وصبرهم وتحملهم حتى درجة الحرارة التي تبلغ في تموز وآب حوالي 60 درجة مئوية بينما يجلسون يشربون الشاي الحار أن كنت تتذكره في مخيمات النازحين او في بيوتهم التي لا تزورها الكهرباء سوى وقت قصير من النهار والليل، بينما آخرين في بلدان (الميوعة والنزاكة) بكندا وفرنسا وهولندا يفارقون الحياة تحت وطأة 30 درجة مئوية. ليلة اسهر ايها القيصر الساهر من اجل شعبك وانشد بلحنك للعراق وستحرك ضمير العالم الحي والامم المتحدة وعشاق الفن الراقي الذين منحهم العراقيون سفيرا انسانيا عالميا، لا يحمل جواز بلد معين ثم قيصر كبير …
العازف الكبير نصير شمة عاود الحضور الى العراق وعزف في مواجع الالم واماكن التفجيرات وبين براكين الدماء العراقية النازفة في الكرادة والمنصور وزيونة، وتبنى مشاريع خدمية في مبادرات اطلقها عبر العود الذي اعتبره الشرفة التي يطل عبرها الى العالم .
أيها القيصر الساهر يكفي البعد، فالعراق ليس صحراء حتى يطول فراقك عنه، انه موطن الجمال والشعر والحب والغزل واللحن الشجي ، بغداد تعتب عليك يا قيصر،، بغداد عيون المها بين الرصافة والكرخ جلبنا الهوى من حيث ادري ولا ادري ، بغداد شهريار وشهرزاد، ودجلة والفرات، والف ليلة وليلة. فلماذا لا تحضر لبغداد او في مهجرك تطلق صرخة ضمير انسانية تؤازر فيها الشعب الذي مزقته آلة الحرب وابتلي بمن لا تملك من الثقافة (…..) سوى النهب والسلب والتدمير لما تبقى من بقايا اثار حضارات بلاده، ومحتل غاشم يبدو أن زمن الخلاص منه يستغرق زمنا طويلا. لا يا قيصر كلامك هذا ليس كافيا .
3 إلى أين يسير العراق؟ عبدالله الأيوبي اخبار الخليج البحرينية

من المؤكد أن آفة الفساد والبيروقراطية واستئساد المصالح الفئوية والحزبية الضيقة تقف وراء مجمل الأوضاع المعيشية والخدمية التي تعاني منها جميع محافظات العراق، بغض النظر عن تفاوت درجات المعاناة بين هذه المحافظة أو تلك، وبأن العوز المادي ونقص الخدمات، وانعدامها في أحيان كثيرة، إلى جانب انتشار البطالة بين الشباب في مناطق العراق المختلفة، تقف وراء الاحتجاجات التي تفجرت في الآونة الأخيرة في محافظات العراق الجنوبية التي يبدو أنها حتى الآن متواصلة في نطاق المطالب المعيشية والحياتية الضرورية بالنسبة إلى المواطن العراقي، مع بعض الرشقات السياسية التي تظهر هنا وهناك، وهي رشقات طبيعية وحتمية أيضا، وقد تكون هي المقدمة المنطقية لما يمكن أن يأتي بعد المطالب المعيشية والخدمية، ذلك أن هناك أسبابا جوهرية تقف وراء ظهور هذه الأوضاع المعيشية الصعبة، وبالتالي فإن معالجة هذه الأوضاع لا يمكن أن تنجح من دون معالجة الأسباب. فهناك خلل كبير في تركيبة المنظومة السياسية العراقية التي تشكلت بعد جريمة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والتي تسببت في الانهيار شبه الكامل للمنظومة الاقتصادية والمعيشية في العراق إلى جانب المشاكل الأمنية والصراعات السياسية والعرقية والمذهبية التي طفحت على سطح بلاد الرافدين، إلى جانب تنفيذ المشروع الأمريكي الخطير الذي استهدف الكيان السيادي العراقي برمته تنفيذا لنظرية «الفوضى الخلاقة» التي كشفت أهدافها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس. كل هذه العوامل ساهمت مساهمة كبيرة في تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في العراق وأوصلته إلى الحالة التي أدت إلى هذه الانتفاضة المعيشية التي تشهدها بعض محافظات الجنوب.
صحيح أن الحراك الذي تشهده هذه المحافظات العراقية في الوقت الراهن، هو حراك مطلبي، اقتصادي ومعيشي وخدماتي، لكن الصحيح أيضا، بل والمؤكد أن هذه المطالب ليست سوى مقدمات لمطالب أخرى تستهدف بالدرجة الأولى اجتثاث الأسباب التي أدت وتسببت في ظهور هذه المشاكل الاقتصادية والمعيشية، أي الفساد السياسي المستشري في التركيبة العراقية الحالية، وانشغل قادة هذه التركيبة بترتيب أوضاعهم الداخلية بهدف عدم تضييع أو خسارة أي مكسب، سياسي أو مادي، حصلوا عليه بعد جريمة الغزو الأمريكي.
فالمطالب المعيشية الجماهيرية، عادة ما تتحول إلى مطالب سياسية، وفي أحيان كثيرة، مطالب جذرية، فتجارب التحركات المطلبية الجماهيرية في العديد من الدول تؤكد ذلك، والعراق لن يكون استثناء، فعندما تفتك آفة الفساد ببطون شريحة واسعة من الشعب، ويجري تبذير الثروة الوطنية، بواسطة العبث السياسي والحزبي، عندها لن تكون لقمة العيش هي وحدها التي يمكن أن تقنع أصحاب هذه البطون بالعودة إلى مساكنها، فإذا كان «تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام»، كما يقول كارل ماركس، فإن هذا البحث عندما تطول مدته ويتحول إلى بحث جماعي، كما هو حاصل في العراق الآن، فإنه لن ينحصر في مطلب الطعام فقط، وإنما سوف يتعداه إلى مطالب أخرى، سياسية بكل تأكيد.
فالعراق بحاجة ماسة إلى إعادة بناء سياسي واقتصادي واجتماعي كبيرة، فما أفرزته جريمة الغزو الأمريكي من خراب، وما تسببت في الحرب على الإرهاب من خسائر وشروخ مجتمعية خطيرة وكبيرة، إلى جانب الدور السلبي الذي لعبته الأحزاب السياسية بمختلف انتماءاتها، الدينية والمذهبية والعِرقية، كلها عوامل لعبت أدوارا مؤثرة وكبيرة في تأزم الوضع المعيشي الذي أدى إلى هذه الانتفاضة الجماهيرية التي لم يشهدها العراق من قبل من حيث طابعها المطلبي المعيشي والخدمي، فالمواطن العراقي الذي عانى كثيرا خلال السنوات التي تلت الغزو الأمريكي لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الأعباء، وخاصة أنه يرى كيف تهدر ثروات الشعب الطبيعية، فيما الأحزاب السياسية مستمرة في صراعات المصالح الحزبية السياسية التي لا تمتّ بأي صلة إلى مصالح المواطن العراقي.
فالتحركات المطلبية العراقية مرشحة للتصاعد والاتساع، وخاصة بعد ورود أنباء عن سقوط قتلى وجرحى واعتقالات في صفوف المحتجين، فمثل هذه الخسائر البشرية يفترض ألا تقع أثناء التعامل مع مطالب معيشية وخدمية مشروعة، فحفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة شيء، ومنع المواطنين من التعبير عن سخطهم ورفضهم لانتشار آفة الفساد والعبث بالثروة الوطنية وصرفها في غير مكانها المناسب شيء آخر، فمثل هذه الأخطار التي وقعت فيها الأجهزة الرسمية المعنية، من شأنها أن تصب المزيد من الزيت على نار الاحتجاجات وتزيد ألسنتها اشتعالا.
لا أحد يتمنى للعراق أن ينزلق في صراعات داخلية عنيفة، فما عانى منه الشعب العراقي وما تعرض له خلال السنوات التي سبقت الغزو الأمريكي، والمتمثل في الحصار الخانق الذي تعرض له على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاما متواصلة، وما واجهه بعد جريمة الغزو من بطش وأعمال إجرامية على أيدي الجماعات الإرهابية المختلقة، تكفي لأن يتعظ حكماء العراق وأبناؤه المخلصون لتجنيب بلدهم وشعبهم مزيدا من المآسي والخسائر البشرية والمادية، لكن ذلك بالدرجة الأولى يتوقف قبل كل شيء على مدى إدراك السلطات العراقية وتفهمها لمشروعية المطالب وأحقية المواطن العراقي في الاستفادة من ثرواته الوطنية، من خلال التصدي الجدي لآفة الفساد ووضع حد للمصالح الفئوية الضيقة، التي تسببت فيما آلت إليه الأوضاع في العراق من مصاعب ومشاكل كثيرة وكبيرة أيضا.
4 مقتدى الصدر والدور «اللغز» سعيد الحمد الايام البحرينية

تحالف مع الشيوعيين ووالده اخصم خصومهم ولن نقول «أعدى اعدائهم»، فازت قائمته ومعه «الرفاق» فنساهم أو تناساهم، ليستقبل عمار الحكيم وهادي العامري وحيدر العبادي وما تبقى من عمامات قم وطهران لينسق معها ومعهم.
ردد اتباعه بالوراثة ما قال «حكومة عربية» ثم مال إلى الدعوة وتفاهم مع الحشد واستدعى إلى مدينته بقايا ميليشيات بدر «العامري» فانحاز إلى الطائفة وعينه على طهران يغمز لها بغمرة تفاهم.
وقف متفرجا في شرفة مدينته «الثورة» يتفرج على تظاهرات الجنوب وبغداد وباقي المحافظات دون ان يحرك اصبعه لجماهير مدينته المسحوقة فقرا وعوزا بان تنضم إلى المطالب المعيشية الشعبية العارمة التي لم تبق حجرا على حجر، سوى احجار مدينته التي ورث زعامتها من والده.
ارتدى في جميع خطبه يوم الجمعة «كفنه» تقليدا لوالده لكنه خلع الكفن حين خرجت التظاهرات وعمت الاحتجاجات واحتسى قدح الشاي بحضور الدعوة وبدر والحشد الشيعي الإرهابي وبدر التي باركت صمته في زمن الكلام.
لم يدلِ بتصريح واحد يتيم في حق الشعب العراقي في ابدال الساسة والعمائم التي تاجرت بفقره وجوعه وبطالته، واغمض مقتدى عينيه ينتظر «وحيا» من طهران لم ينزل بعد.
يعطي اشارة للعواصم العربية ويتجه إلى قم الايرانية، يلمح ولا يصرح انه يعارض مبدأ ولاية الفقيه ثم يمارس مع شعب مدينته كل اشكال الوصاية والقمع والاضطهاد تماما كما الولي الفقيه القابع في قم.
يوصي امام الكاميرات والفضائيات والصحف بالوحدة الوطنية ونبذ الطائفية ثم يجلس في كواليس الحوزة ليهاجم عائشة زوج الرسول ويهاجم صيام السنة بعد عيد الفطر مباشرة، وهي السنة التي درجوا عليها.
في ذكرى وفاة والده اقام حفلا خطابيا كبيرا دعا إليه هادي العامري الذي قاتل ضد العراق وقاد جيشا جرارا ضد بغداد ليلقي خطابا في الذكرى وكأنه يستفز الشعب العراقي العربي من أجل ان ينال رضا ومباركة طهران وليرسل اشارة واضحة انه «باق على عهده ووعده لها».
جيش المهدي ولواء اليوم الموعود واكبر تيار شيعي في العراق التزم بأوامر الزعيم الوارث للزعامة من والده محمد صادق الصدر، فجلس في المقاهي يحتسي الشاي مثل زعيمه ويتابع التظاهرات الشيعية في الجنوب وبغداد وكأنه يتابع مباريات كأس العالم.
وراثة العمامة من والده ووراثة المرجعية والموقع مكنته من التحكم في أكبر تيار شيعي لا يخطو خطوة إلا بفتوى ممهورة بتوقيعه ما عزز سلطته وسطوته، وهو ما تفهمه طهران وتدركه قم تماما فتلاعبه في ملعب الصفقات وتمرر كلاما سيبدو للبعض خروجا عن سرب طهران لكنه مجرد ورقة مساومة لتعزيز السلطة والمكانة في بغداد وعموم العراق.
الوريث مقتدى يلعب بأوراق الورثة التي آلت إليه ووصلته سهلة فاختفى اشقاء له من المشهد فلا مصطفى ولا مؤمل ولا مرتضى اشقاؤه لهم دور أو حتى ذكر في وجود اوامره.
السؤال الكبير الذي يخيم على مدينته ويسكن حنايا شعبها الكبير العدد«هل مقتدى مؤهل ذهنيا لان يقود بهذه السلطة والتحكم باكبر تيار شيعي في العراق».
بطبيعة الحال هذا السؤال الحاد كالخنجر مغروس ومكتوم في قلوب شعب مدينته وفي حناياهم مضمر ومسكوت عنه وربما ممنوع حتى أن يحلم به الفرد منهم في احلامه خشية وخوفا وهلعا ان عرف انه حلم به.
سؤال آخر، من يعتمد على من؟؟ تيار الكبير يعتمد عليه ام ان مقتدى يعتمد على تيار الخاضع لأوامره؟؟.
في النهاية مقتدى لن يخرج من عباءة طهران وقم فهل فهم «الرفاق» ذلك حين تحالفوا مع من باعهم؟
5 العراق والحروب الحمقاء جيمس زغبي الاتحاد الاماراتية

قبل خمسة عشر عاماً انقضت، كنا لا نزال في المراحل الأولى من الاجتياح والاحتلال الأميركي للعراق.. تلك الحرب التي غيرت كل شيء. وعندما أنظر حالياً إلى الشرق الأوسط، أشعر بحزن جامح، بينما أفكر في ذلك التأثير الغامر والجائح للحرب في بلاد الرافدين على أميركا والمنطقة وشعوبهما. وكان «المحافظون الجدد» قد بدؤوا يدفعون إدارة بوش دفعاً من أجل شنّ الحرب على العراق بعد الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 مباشرة، زاعمين أن على أميركا أن ترد بقوة ساحقة على تلك الهجمات المفزعة كي تظهر أنه لا يمكن العبث بأمن الأميركيين. ومن وجهة نظرهم، كان إظهار القوة الحاسمة ضرورة لترسيخ الهيمنة الأميركية دون منازع، ولتفادي أي تحرك نحو عالم متعدد الأقطاب مثلما حدث إبّان الحرب الباردة.
ولابد من التأكيد أن الحرب التي ترتكز على الأكاذيب، ولا أقصد الأكاذيب حول البرنامج النووي لصدام حسين أو ارتباطه بالإرهابيين الذين نفّذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وإنما الافتراءات الخبيثة: كالقول إن «الحرب ستكون مجرد نزهة»، و«لن تتطلب الدفع بأعداد كبيرة من الجنود أو إهدار الموارد»، و«ستنتهي سريعاً، وسيتم استقبالنا استقبال الفاتحين»، و«سيصبح في العراق نظام ديمقراطي»، و«الشرق الأوسط سيتحول بأسره». والآن، بعد مرور 15 عاماً، ثبتت صحة زعم واحد من تلك المزاعم، وهو أن «المنطقة ستتحول بأسرها»، لكن ليس على النحو الذي تصوره المحافظون الجدد!
ومرة أخرى يجدر بنا تأكيد مدى الدمار الذي سببته الحرب، فالحرب نفسها كشفت انقسامات عميقة في المجتمع العراقي، ولم يسهم الفشل المتشح بالجهل للاحتلال الأميركي سوى في تعميق تلك الانقسامات. ومع تفكك الوزارات والجيش العراقي، سقطت الدولة في الفوضى، مع شنّ الميليشيات الطائفية المتنافسة لحرب أهلية حامية. وأسفر ذلك عن تشريد الأقليات الدينية المستضعفة وحركة نزوح ضخمة للمدنيين، أصبح ملايين منهم لاجئين أو نازحين. وحدث ذلك كله على مرأى ومسمع من إدارة بوش و«المحافظين».
ومن التبعات الخرقاء الأخرى لتلك الحرب انتشار التطرف، فـ«القاعدة» لا تزال بعيدة عن الهزيمة، بل استفحل خطرها وتحولت إلى صور أخرى أحدث وأشد فتكاً، في داخل العراق والدول المحيطة به.
وفي ظل ضعف العراق وتصدعه، وجدت إيران موطأ قدم استغلته لصالحها، ولا تزال إيران تعبث بأمن العراق. وبعدما ظلت مدحورة لفترة طويلة بسبب منافستها بغداد، تسعى طهران إلى التوسع خارج حدودها. ومن خلال التربح من نزعة العداء المتزايد لأميركا والتوترات الطائفية في الدول الأخرى، تجرأت إيران على التدخل في الشؤون الإقليمية. وجعل ذلك دول المنطقة تشعر بالحاجة إلى مواجهة هذا التهديد الإيراني المزعزع والمتنامي. وبالطبع، جرّأت حرب «المحافظين الجدد» إسرائيل على المضي قدماً في أجندتها العدوانية لإخضاع الفلسطينيين، والتوسع في سياساتها الاستيطانية.
والولايات المتحدة، التي كانت تعتبر قوة عظمى مهيمنة بعد انتصارها في الحرب الباردة، وجدت نفسها متورطة في حرب لا يمكنها الانتصار فيها، وأوهنت الخسائر جيشها وأضعفت معنوياته. ولم تعد واشنطن تحظى بالمصداقية ذاتها في العالم العربي نتيجة لفشلها الدامي وسلوكها النابي في العراق، ورفضها المستعصي لمواجهة حليفتها وعميلتها إسرائيل.
وتغافل المحافظون الجدد عن الواقع في الشرق الأوسط أدى في الحقيقة إلى ميلاد «شرق أوسط جديد»، لكنه على النقيض تماماً من ذلك الذي كانوا يتخيلونه. فمع انزلاق المنطقة إلى عدد من الأزمات الجديدة والحروب المديدة، أضحى تأثر حرب العراق أكثر وضوحاً، لاسيما في ظل عبثية إيران في هذه الحروب كافة، ومع لعب تنظيم «القاعدة» والتنظيمات المتفرعة منه لدور جديد ودامي في كل من العراق وسوريا. وقد ظهرت كل من روسيا وتركيا الآن كلاعبتين في المنطقة، مع دفاع كل منهما عن ما تعتبر مصالحها.
6 عندما كان العراقي خليجياً عبدالله بن بخيت الرياض السعودية

تشكلت صورة ذهنية عن إنسان اسمه المواطن الخليجي، اقترنت هذه الصورة من جهة بالنفط ومن جهة أخرى بالاستقرار السياسي والاجتماعي، صارت تتمثل في الذهن بالثوب أو الدشداشة وبقية الملابس المعروفة عند أهل الخليج والتي تميزهم عن بقية العرب، ويمكن أن نعيد تطوير إحساس أهل الخليج بتقاربهم وارتباطهم إلى كرة القدم،
اقترح الأمير خالد الفيصل في أواخر الستينيات عندما كان المسؤول عن رعاية الشباب فكرة مسابقة في كرة القدم ونفذت في العام 1970 في دولة البحرين باسم كأس الخليج العربي ثم عقدت الجولة الثانية من البطولة في المملكة، وتتالت بعد ذلك دورات الخليج.
بدأت هذه الدورة بأربعة منتخبات هي المملكة والبحرين وقطر والكويت. وفي السنوات التالية انضم إليها دول أخرى عمان والإمارات والعراق، بانضمام العراق شعر الخليجيون أن ما يميزهم كخلجيين ليس فقط الدشداشة ولكن كثيراً من التقاليد، كان العراق قبل انضمامه للخليج يصنف ضمن عرب الشمال أو الهلال الخصيب، بسبب الموقع الجغرافي ونظام الحكم وارتداء العراقيين في المشهد الرسمي الملابس الفرنجية، ولكن مع بداية دورة الخليج بدأ العراق يظهر وجهه الخليجي أكثر وأكثر حتى في الملابس، ساعد على ذلك امتلاك العراق مخزوناً نفطياً سرع في التنمية شابه به بقية دول الخليج، ناهيك عن اللهجة العراقية التي تشبه لهجات الخليج وخصوصاً الكويتية، كانت كل الظروف والأحداث تقرب العراق من مجلس التعاون الخليجي، اقترح عدد من الكتاب التحاق العراق بمجلس التعاون الخليجي الذي انطلق العام 1981.
عندما اندلعت الحرب بين العراق وإيران وقفت دول الخليج إلى جانب العراق ومدته بالمال والسلاح والدعم السياسي والإعلامي، انتهت الحرب وعاد الجنود إلى منازلهم وبدأ الشعب العراقي يلملم أشتاته التي تبعثرت، لكن الآفة التي أصابت العراق في العام 1958 فيما عرف بانقلاب عبدالكريم قاسم ظهرت مع أول خلاف، فشل صدام حسين في الخروج من عقلية العسكر التي أوصلته للحكم رغم أنه لم يكن عسكرياً، حلت الرعونة مكان الحكمة فانقض بجيشه على الكويت دون أن يدرك أن الكويت جزء من الخليج لينسف كل جسور العراق مع الخليجيين.
من يظن أن الاحتلال الأميركي هو سبب تغلغل إيران في العراق لم يفكر في جذور المشكلة، الغزو الأميركي للعراق هو ثمرة غزو صدام حسين للكويت، وغزو صدام حسين للكويت هو ثمرة انقلاب 1958 فكان من نتائجه أن فقد العراق تماسكه وفقد مناعته كدولة ذات سيادة.
اليوم إلى أي حد يمكن تصنيف العراق دولة خليجية، تمزق العراق إلى ثلاثة كيانات ثقافية وصراع طائفي شبه مسلح، يسعى لاعبو هذا الصراع إلى دفع العراق بعيداً عن محيطه الخليجي على المستوى الثقافي وليس السياسي فقط. الارتداد الشعبي الدائر اليوم داخل المكون العراقي المتمثل في نقد الطائفية والتشهير بالتدخل الإيراني هل ينطوي على يقظة تعيد العراق إلى عراق السبعينات الخليجي؟