3 مقالات فقط عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 الأقاليم تخريب للتظاهرات
د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

الدعوة إلى إنشاء إقليم البصرة ستُمنى بالفشل الذريع لوضوح الأصابع الإيرانية عليها أولا، ولأن المجلس الذي يدعو إليها فاسد كله وهو من ضمن من انتفضت عليه الجماهير.
السخط والاحتجاج والغضب الشعبي أكبر من كل الوسائل
مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية الواسعة، التي انطلقت من البصرة وعت مدن الجنوب العراقي ووسطه، جاءت مطالبة مجلس محافظة البصرة بتحويل البصرة إلى إقليم إداري أو ما يسمى “إقليم البصرة”، على غرار إقليم كردستان العراق.
ويسوّق المجلس مطالبته تحت ستار المطالبة بتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات سيما الكهرباء ومعالجة ملوحة المياه، لكن الواضح أن هذه المطالبة جاءت لشق صف المتظاهرين وإفشال مظاهراتهم واحتجاجاتهم، وإشغالهم بأمر ليس في وارد ما يطالبون به.

مشروع إقليم البصرة قديم، وكان ممن نادى به لأسباب طائفية وبتحريض إيراني عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السابق، ويخمّن بعض الناشطين أن من يدعو إليه الآن هو زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إنقاذا للعملية السياسية من السخط الشعبي الذي يحيق بها وإحياء لمشروع والده.
وبرغم أن الدستور العراقي، الذي فرض بعد احتلال العراق، يمنح حرية للمحافظات، أو لمحافظات عدة، بتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد إجراء استفتاء شعبي تجريه مفوضية الانتخابات، ويجب أن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين في تلك المحافظة، ليكون الإقليم إداريا على غرار إقليم كردستان العراق، وبرغم أن المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، سعد الحديثي أكد أن “الحكومة الاتحادية لا يمكنها منع إنشاء إقليم البصرة، إذا كانت الآليات المتبعة لتحويل المحافظة الغنية بالنفط، إقليما، لا تتعارض مع القانون والدستور، فيما عد أن الأوضاع الحالية تتطلب التأني في طرح هذا المشروع”، إلا أن مطالبة مجلس محافظة البصرة بإنشاء إقليم البصرة هي مطالبة غير قانونية لأن مجالس المحافظات انتهى عملها منذ يونيو من العام 2017 ولا يترتب لأي قرار تصدره أثراً قانونياً، كما أفتى الخبير القانوني طارق حرب.
إن المتظاهرين يطورون أساليبهم لتصعيد احتجاجاتهم، وبالمقابل فإن الحكومة تتوسل بشتى الوسائل لتهدئة الأوضاع المتأزمة في المحافظات الساخطة وفي العاصمة بغداد، عبر القمع واستعمال القوة المفرطة في مواجهة المحتجّين السلميين وعبر إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بنحو متتالٍ، حزمة مشاريع خدمية وإصلاحات إدارية وتوفير فرص عمل للبصرة والمثنى وذي قار والنجف ومناطق أخرى، عدا عن إعلانه تخصيص نحو 5 تريليونات دينار عراقي (نحو 4 مليارات و200 مليون دولار) حتى الآن، منها 3 تريليونات ونصف التريليون للبصرة، والأخرى المتبقية للمثنى وذي قار والنجف، لإنفاقها في إكمال مشاريع متوقفة منذ عام 2014 تتعلق بالماء والكهرباء، بالإضافة إلى 800 مليار دينار أعلن عنها لمصلحة مشروع معالجة أزمة السكن في البلاد، وفي تسريب لم يتأكد بعد أن العبادي أعطى أحد شيوخ قبيلة آل أزيرج في الناصرية مبلغ 100 مليون دينار عراقي و100 درجة وظيفية ليعاونه في تهدئة المتظاهرين، في حين استعملت الحكومة مع المحافظات السنية أسلوب التهديد بالمادة “4 إرهاب” إن هي فكرت في التظاهر تضامنا مع المحافظات الوسطى والجنوبية.
لكن هذه الوسائل لن تجدي، فالسخط والاحتجاج والغضب الشعبي أكبر من هذه الوسائل ويعي المتظاهرون أن ما سيأتي من مبالغ مهما كانت طائلة إلى محافظاتهم، فإن الفساد الإداري والمالي سيلتهمها ولن يبقي لمحافظاتهم من الجمل إلا أذنه، كما يقول المثل العراقي.
كما أن الدعوة إلى إنشاء إقليم البصرة ستُمنى بالفشل الذريع لوضوح الأصابع الإيرانية عليها أولا، ولأن المجلس الذي يدعو إليها فاسد كله وهو من ضمن من انتفضت عليه الجماهير، فالعلة ليست في الحكومة الاتحادية وحدها، وإنما الخراب والفساد يعمّان العراق كله ولن يجدي جزء صالح في ماكينة عاطلة خربة.
يقول عضو مجلس محافظة البصرة محمد المنصوري، في تصريح صحافي إن إقامة إقليم البصرة لن يحل المشكلات التي تعاني منها المحافظة، بسبب تدخل الحكومة المركزية بكل مفاصل المدينة وخصوصا المنافذ الحدودية ووزارة النفط والنقل، في حين أن “الحكومة المحلية تفرض سيطرتها فقط على البلدية والبلديات وأما الوزارات الأخرى فتتحكم بها السلطات الاتحادية في بغداد”.
إن منظومة صالحة كاملة تحلّ محلّ المنظومة الفاسدة كلها هي العلاج لما يعاني منه المواطن من جنوب العراق إلى شماله ومن غربه إلى شرقه، وأما ما عدا ذلك فشنشنة عرفها الناس من أخزم.
2 ليس لمثلكم أن يعتذر!
فراس الزوبعي
الوطن البحرينية

لماذا يعتذر السياسيون في العالم لشعوبهم؟ وما هي فائدة الاعتذار؟ وأي نوع من السياسيين يعتذر؟
الاعتذار أحد الأداوت التي يستخدمها السياسيون في العالم ليراجعوا من خلاله مواقفهم ويستجيبون لمطالب جمهورهم الذي انتخبهم ويبنون من خلاله لأنفسهم وأحزابهم صورة ذهنية إيجابية عند الناس، وبالتالي يحسنون صورتهم ويزيدون من شعبيتهم من خلال التعاطف معهم كونهم اعتذروا، ويحاولون بالاعتذار إرضاء وتعويض جمهورهم وناخبيهم، خصوصاً وأن أغلب البشر يعدون الاعتذار شجاعة، طبعاً هذا إذا أذنب السياسي أو ارتكب خطأ تقديرياً بعمله السياسي، يحدث ذلك بأكثر الحالات عندما يخفي السياسي حقائق عن ناخبيه وجمهوره أو يتعمد تضليلهم… أما أي نوع من السياسيين الذين يعتذرون فالواقع أن السياسيين الذين يعتذرون في الغالب هم السياسيون الذين يتقدمون إلى مواقع المسؤولية عبر الانتخاب، هؤلاء من يفكرون بالاعتذار ويناقشه لأنه حريص على إعادة انتخابه أو انتخاب حزبه، أو يخشى من عواقب قانونية.
ومؤخراً على خلفية المظاهرات المستمرة حالياً في العراق، ظهر زعيم ميليشيا وقائمة انتخابية حصلت على مقاعد كثيرة في البرلمان، وبصورة ما قدم أعذاراً للشعب، بدا هذا الاعتذار وكأنه محاكاة لما يحدث في دول الغرب، فهل لهذا الاعتذار قيمة؟ الواقع بالنسبة للوضع في العراق فهذه الثقافة ليس لها أي وجود ولا أي حاجة من الأساس، فمنذ أن تأسس العراق بمفهوم الدولة الحديثة سنة 1921 وحتى هذي اللحظة وليس هناك سياسي وصل إلى موقع المسؤولية بالانتخاب ليخشى على سمعته أمام الناخبين أو سمعة حزبه، فالمسؤولون في العراق كلهم إما وصلوا بتعيين من الاحتلال أو بانقلاب عسكري، والصنفان ليسوا بحاجة الاعتذار على أي خطأ، لإنهم ليسوا بحاجة إلى فوائده أصلاً مع أنهم ارتكبوا فظائع وحروباً وأخطاء أعادت البلد إلى حقبة ما قبل التاريخ، كما أنهم غير مستعدين لتحمل النتائج المترتبة عليه.
ثقافة الاعتذار السياسي هذه لا يمكن أن تتحقق في العراق إلا بعد أن تترسخ الممارسات الديمقراطية الحقيقية وليس الشكلية، فالممارسة الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق باستيراد الدولة لعدة آلاف من لترات الحبر المخصص للانتخابات، وتنظم انتخابات تسميها العرس الانتخابي أو العرس الديمقراطي، وقبل العرس وبعده مفخخات هنا وخطف وقتل هناك وعصابات مسلحة تشكل قوائم انتخابية تعود نفس الوجوه التي أتى بها المحتل الأمريكي والإيراني قبل 15 سنة وتسمي هذي ديمقراطية، لذا لكل من يحسب نفسه على السياسيين في العراق، يمكن القول: ليس لمثلكم أن يعتذر.
3 أمن الخليج واضطرابات العراق عادل المطيري الانباء الكويتية

تبرهن الدراسات الأمنية الحديثة على أن خطر الغزو أو الحرب التقليدية بين قوتين أو «دولتين» بدأ بالتراجع في سلم أولويات المخاطر الأمنية في أغلب دول العالم.

الحروب الحديثة – على الأغلب – تحدث بين دولة أو دول من جهة، وجماعات مسلحة من جهة أخرى، مثال الحروب الأخيرة كحرب اليمن، والحرب العالمية على داعش بالعراق وسورية، تلك الجماعات أو التنظيمات تسمى أحيانا بـ «التنظيمات تحت الوطنية»، لأنها لا تمثل الدولة التي توجد بها، وتسمى أيضا بالجماعات «العابرة للقوميات»، لأن تأثيرها يتعدى أوطانها، بل أحيانا ترتبط تلك الجماعات بعلاقات مع دول أخرى تدعمها، وتتحكم بها عن بعد.
«القاعدة»، و«داعش»، وحزب الله، وميليشيات الحشد الشعبي، أحد أهم تلك التنظيمات العابرة للدول، والأكثر تهديدا لأمن المنطقة والعالم، فالتنظيمات الشيعية تقف وراءها دول وحكومات، كما أن تأثير تلك التنظيمات واضح على الحياة السياسية في العراق ولبنان ومصادرتها القرار الحكومي فيهم، بينما لا دليل مؤكدا بأن تنظيم «داعش» ومن قبله القاعدة يتمتعان بدعم دولة معينة، ولكن من المؤكد أن هناك من يستفيد من كلا التنظيمين بطريقة غير مباشرة، وعلى غرار لعبة الشطرنج، حيث يسمح لـ «داعش» بالتقدم خطوة أو خطوتين، ليقوم اللاعب الآخر باكتساح رقعة الشطرنج أو المنطقة!
إذا كانت المصائب لا تأتي فرادى، فكذلك الأخطار الأمنية في منطقتنا لا تأتي منفردة، بل تأتي حزمة واحدة، حتى أنك لا تعلم من أتى قبل الآخر، أو من كان سبباً ومن كان نتيجة للآخر، كالطائفية، والإرهاب، والدولة الفاشلة، الأكيد أن التدخل الأميركي في العراق اعتمد على كارت الإرهاب، وعندما ضعف هذا السبب أشعل الأميركان الطائفية، بل ومؤسسوها في هيكل السلطة العراقية «المجلس الانتقالي» إبان الاحتلال الأميركي للعراق، ليتحول العراق إلى دولة فاشلة، وها هي المنطقة تجني ثمار ما زرعه الأميركان. إن انهيار السلطة السياسية أو «الدولة الفاشلة» في اليمن وسورية وليبيا، نتيجة انتشار الحروب الأهلية ذات الطابع الإثني والطائفي والإرهاب، سواء إرهاب الجماعات، أو إرهاب الدولة، جعل تلك الدولة الفاشلة مصدرة للإرهاب والطائفية والجريمة المنظمة والهجرات والنزوح السكاني للدول المجاورة، وما يمثل ضغوطا أمنية وسياسية واقتصادية على دول الإقليم.
ولعل الاضطرابات الأخيرة في العراق، والتي تهدد الدولة العراقية بالانهيار مرة أخرى، نبهت الإقليم بأن هناك احتمالا أن تشتعل الأوضاع السكانية في العراق، مما يعني هجرة ونزوح عدد كبير من العراقيين إلى الدول المجاورة، بالإضافة إلى سيطرة الجماعات المسلحة على المناطق المجاورة لحدود دول مجلس التعاون الخليجي، لتبدأ بمناوشاتها وتهديدات للمنطقة ونشر الإرهاب فيها، مما يحتم على دول مجلس التعاون أن تتعاون فعلا، بدلا من أن تتنازع مع بعضها البعض.
الخاتمة: التهديدات الأمنية التي يتعرض لها الأمن القومي العربي والخليجي بالتحديد هي تهديدات أمنية جديدة (غير تقليدية) كالإرهاب والطائفية، وربما سيضاف لها قريبا الهجرات المكثفة، نتيجة للنزوح السكاني الإنساني لها من دول الجوار، وتحتاج دول الخليج إلى وسائل جديدة للتعامل معها، وهي أصعب من مخاطر التهديدات التقليدية، والذي يكفي لمواجهتها شراء الأسلحة أو عقد اتفاقيات أمنية مع دولة عظمى، ولذلك وجب التنبيه.