1 تركيا وإيران تعلنان حرب المياه على العراق العطشان! أحمد بودستور
الوطن الكويتية
يقول المثل الروسي ( من يرمِ الشوك لدى جاره يرَه ينبت في حديقته ) وجار السوء غالبا مايضمر الشر لجاره ويبحث عن أي وسيلة حتى يعبر عن مشاعره العدائية ويكشف نواياه الخبيثة السيئة حتى يؤذي جاره وينكد عليه وهو ماقامت به كل من تركيا وإيران وهما جارتان للعراق الذي عانى كثيرا من هذه الجيرة.
بالأمس قررت تركيا بدون سابق إنذار ملء سد اليسو الواقع على نهر دجلة الذي ينبع من تركيا وقد كان هذا الإجراء على حساب العراق حيث نقص منسوب المياه في نهر دجلة وخاصة في مدينة الموصل التي هي موعودة بالكوارث والمصائب فبعد كارثة كلاب النار داعش جاءت الآن كارثة نقص مياه نهر دجلة بسبب تصرف أحمق للجارة تركيا.
لايخفى على أحد مايمثله نهري دجلة والفرات بالنسبة للعراق فهما الحياة لهذا البلد تماما كما يمثل نهر النيل لجمهورية مصر وكيف تحاول اثيوبيا أن تقلل من حصة مصر وذلك بعد بناء سد النهضة وطبعا هذا السلوك سواء من تركيا تجاه العراق او اثيوبيا تجاه مصر هو بمثابة إعلان حرب.
مجلس النواب العراقي قرر أن يعقد جلسة طارئة لمناقشة هذه الأزمة الجديدة بين تركيا والعراق والتي إن لم يتم تداركها فهي حتما سوف تتطور وقد تؤدي إلى حرب بين البلدين .
الجدير بالذكر أن هناك أطماعًا تركية في العراق تدعي أن محافظة كركوك الغنية بالنفط محافظة تركية نظرا للجالية التركمانية الكبيرة التي تعيش بها وهي أيضا تحاول أن تنشأ منطقة آمنة على الحدود التركية العراقية لمنع حزب العمل الكردستاني من القيام بنشاط عسكري ضد تركيا من الأراضي العراقية لذلك هي حولت الحدود العراقية إلى ممر دائم للجيش التركي فهي قبل يومين توغلت عدة كيلومترات في شمال العراق بقصد ضرب معسكرات حزب العمل الكردستاني مما أيضا قد يتسبب في اندلاع حرب عراقية تركية بسبب التجاوزات التركية.
الجدير بالذكر أن تركيا لديها خطة لبناء 22 سدا بالقرب من الحدود العراقية التركية وهذا يعني أن يموت العراقيين عطشا وهذه الخطة التركية تهدد الامن المائي للعراق وحتى الأمن الغذائي لأن الزراعة في العراق تعتمد على مياه نهري دجلة والفرات وهذا يعني توقف الانتاج الزراعي ولذلك سوف يفقد العراق الأمن الغذائي والمائي .
من جانب آخر حولت الجارة الأخرى للعراق إيران نهر الزاب وعشرة أنهر صغيرة من أن تصب في العراق وحولتها داخل إيران حتى لتستفيد منها العراق وهذا الاجراء أيضا هو نوع من اعلان الحرب فهناك أراض زراعية ومناطق سكنية تمر بها هذه الأنهر العشرة التي توفر المياه لعدد لابأس به من الأسر العراقية.
اللافت أن حرب المياه التي تشن على العراق من تركيا وايران توقيتها متقارب وكان هناك ترتيب مسبق بين تركيا وايران حول خنق العراق وأشغاله في حرب أخرى بعد أن انتهى من حرب داعش وكذلك تأتى قبل تشكيل الحكومة وكأنها نوع من الضغط على الحكومة العراقية الجديدة لتحقيق بعض المكاسب.
من المفيد القول إن كلا البلدين تركيا وايران لديهما أطماع في العراق نظرا للموارد الطبيعية التي يتميز بها مثل النفط والزراعة والموقع الجغرافي ولذلك هذه الدول تسعى لتقسيم العراق حتى تلتهم إيران جنوب العراق الغني بالنفط والزراعة وكذلك تلتهم تركيا شمال العراق الغني بالنفط والزراعة ويترك وسط العراق الذي يفتقر بمقومات الحياة ليكون هو الجمهورية العراقية.
يقول المثل ( كما تدين تدان ) فقد كان العراق جار سوء للكويت لدرجة أن المقبور صدام قام باحتلال الكويت سنة 1990 وحاول طمس هويتها وضمها للعراق واليوم يعاني العراق من جيران السوء تركيا وايران اللذان يريدان التهام العراق وطمس هويته وهنا نحن لانشمت بالعراق ولكن نعلق الجرس ونحذر الحكومة العراقية والشعب العراقي من الخطر التركي والخطر الايراني لانهما وجهان لعملة واحدة ولديهما أجندات ومشاريع خاصة ليس ضد العراق وحده ولكن ضد الأمة العربية .
2 ترميم المعادلة العراقية غسان شربل الشرق الاوسط السعودية
لائحة طويلة من الملفات الصعبة تنتظر الحكومة العراقية الجديدة التي يبدو أن ولادتها لن تكون سهلة. مثال على تلك المشكلات المعقدة هو ما أثير عن تفاقم أزمة المياه بعد بدء تركيا تشغيل سد «إليسو» على نهر دجلة الذي تحول في بغداد إلى شبه ساقية. ووفقاً لما قاله لصحيفتنا أحمد الجبوري عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي فإن ما يجري «يعد مؤشراً خطراً على حرب مياه مقبلة، الأمر الذي يتطلب من الحكومة العراقية التحرك إقليمياً ودولياً والدخول في مفاوضات جادة مع الأتراك».
مشكلة أخرى تنتظر الحكومة العراقية الجديدة. انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وقرار الرئيس دونالد ترمب ممارسة ضغوط اقتصادية غير مسبوقة على طهران يفتحان الباب لجولة جديدة صعبة من التجاذب الأميركي – الإيراني. وواضح أن العراق قد يكون إحدى ساحات هذا التجاذب وإن كان المسرح السوري يوفر فرصة أكبر للتجاذب الساخن هناك.
هذا من دون أن ننسى المشكلات الكبرى المعروفة وفي طليعتها إعادة إعمار المدن والبلدات التي دمرت أو تضررت بفعل حروب تنظيم داعش والحرب التي انتهت بدحره. ولهذا الأمر أهمية إذ إنه يتصل بإعادة النازحين إلى أماكنهم. وعدم الإسراع في إعادة الإعمار هذه سيؤدي إلى عودة مشاعر الإحباط والغضب لدى أبناء المكون السني وهي المشاعر التي سهلت سابقاً تسلل المتطرفين إلى الواجهة وارتكابهم مغامرات دموية مكلفة كان أبناء هذا المكون في طليعة ضحاياها. يضاف إلى ذلك أن الحكومة الجديدة مدعوة إلى معالجة الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع معدلات البطالة والفقر ومكافحة الفساد الذي تسبب في أوسع عملية نهب للدولة منذ إطاحة نظام صدام حسين.
ولا غرابة أن تعقب الانتخابات النيابية العراقية عاصفة من الاتهامات بالتزوير وارتكاب المخالفات. لا بد من أن نتذكر أن الممارسة الانتخابية الفعلية حديثة العهد في العراق الذي أمضى عقوداً في عهدة الحزب الواحد رافقتها سلسلة حروب منهكة في الداخل والخارج. وبديهي أن تحتاج الممارسة الديمقراطية إلى اختبارات متعددة وعمليات تصحيح متكررة في بلد عاش تجربة احتلال صعبة تبعتها مواجهات دامية بين المكونات. يضاف إلى ذلك أن استقرار التجربة الديمقراطية في مجتمع من المجتمعات مرهون بتحقيق مجموعة من الخطوات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
يبقى أن العراقيين قالوا كلمتهم في الانتخابات ولا بد من احترامها. أعطوا الموقع الأول لتحالف «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر. والموقع الثاني لتحالف «الفتح» الحشدي. وحل ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي في الموقع الثالث. وتراجع ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى الموقع الرابع.
نتائج الانتخابات كانت لافتة أيضاً في المناطق الكردية. توقع البعض أن يوجه الأكراد عبر صناديق الاقتراع رسالة عتاب أو غضب إلى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني رداً على تولي الأخير قيادة الدعوة إلى الاستفتاء على الاستقلال، وما أعقبه من خسائر كردية لمكتسبات تحققت بفعل مشاركة الأكراد في الحرب على «داعش». جاءت الرسالة مناقضة لهذه التوقعات إذ أعطت النتائج حزب بارزاني الموقع الأول بين الكتل الكردية، وهو ما قد يمنحه دوراً بارزاً في لعبة التحالفات لحسم معركة تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان. وسرعان ما تبدل اتجاه الرياح فقد تحركت الكتل الشيعية المتنافسة لاستمالة الكتل الكردية وخصوصاً الكتلة الأكبر بينها.
لا يستطيع العراق مواجهة المرحلة المقبلة بتجاذباتها الإقليمية – الدولية وباستحقاقاتها الداخلية ما لم ينطلق جدياً في عملية بناء الدولة. لا يمكن مواجهة المشكلات والاستحقاقات بمنطق الفصائل والمكونات ونفوذ السلاح والاستقواء. لا بد من عودة إلى منطق الدولة. لا بد من احترام الدستور لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب لترميم المعادلة العراقية وإصلاح ما لحق بالنسيج الوطني بفعل سياسة الإملاء والاستنكاف والجنوح نحو الطلاق. لا بد من ترميم العلاقات الشيعية – السنية، لا على قاعدة توزيع المغانم والهدايا والرشاوى بل على قاعدة الشراكة الوطنية الحقيقية والتساوي في الحقوق والواجبات في ظل المؤسسات ودولة القانون.
تصحيح العلاقات الشيعية – السنية يضعف أصوات الصقور في المعسكرين ويغلق النافذة أمام احتمال قيام نسخة جديدة معدلة من «داعش». ثم إن عملية الترميم هذه تعطي العراق بمجمله حصانة أمام التدخلات الخارجية كلها وتنهي حلم إدارة العراق من الخارج أو اعتباره مجرد ساحة للتجاذب. في موازاة ذلك لا بد من ترميم العلاقات العربية – الكردية استناداً إلى الدستور وما أسفرت عنه الانتخابات. لقد أظهرت سياسة تخويف الأكراد وقطع الرواتب عن الإقليم فشلها ولا بد من إعادة الأكراد شريكاً في بغداد عبر رئيس للجمهورية يعرف العراق والمنطقة والعالم. ترميم المعادلة العراقية يعيد العراق عضواً طبيعياً وفاعلاً في العائلة العربية ويعيده دولة طبيعية في المجتمع الدولي.
ثمة دروس لا بد من تعلمها من التجارب الصعبة التي عاشها عراق ما بعد صدام. أول هذه الدروس أن غياب الدولة يستنزف انتصار المنتصر ويضاعف خسائر الخاسر ويحرم بغداد من حقها في صناعة القرار العراقي. الدرس الثاني أن الإفراط في كسر المعادلة الداخلية يضاعف هشاشة الأوضاع ويبقي باب المفاجآت مفتوحاً على مصراعيه وتجربة سقوط الموصل في يد «داعش» لا تزال طازجة. الدرس الثالث أن العراق المتصالح مع نفسه يستطيع التصالح مع المنطقة والعالم ويمكن أن يشكل عنصر توازن يضبط الشهيات الإيرانية والتركية.
لبنان ينتظر أيضاً حكومة ما بعد الانتخابات. حكومة مدعوة هي الأخرى إلى ترميم العلاقات بين اللبنانيين وترميم فكرة الدولة بعدما تخلعت كثيراً واستبيحت طويلاً. وليس سراً أن اللبنانيين يعانون حالياً من خيبات هائلة من الأحصنة التي راهنوا عليها وخدعتهم.
3 الموصل بعد دجلة حازم الأمين الحياة السعودية
صورة نهر دجلة مخترقاً مدينة الموصل المدمرة، وتوقفه عن الجريان بفعل بدء تركيا تشغيل سد أليسو الذي يحجب أكثر من نصف مياه النهر عن العراق، هي صورة مذهلة في كشفها عن تراكب الكوارث وتعاقبها على ذلك البلد. النهر وقد صار أقرب إلى بؤرٍ مائية راكدة محاطة بأحياء صارت ركاماً، يدفع إلى الاعتقاد بأن الموصل، وهي بمعنى من المعاني هبة دجلة، فقدت سبباً آخر من أسباب بقائها مدينة. العام الفائت دمرت الحرب 90 في المئة من أحيائها القديمة، واليوم يأتي جفاف دجلة ليكمل المهمة، فيما أهلها يقيمون في مخيمات اللاجئين في محيطها.
تركيا قررت تشغيل السد فأوقفت تدفق المياه. دجلة الذي اخترق المدينة، وشكل حاجزاً بين أيسرها وأيمنها صار اليوم مستنقعاً. الجسور الخمسة التي تصل ضفتي النهر في المدينة، والتي لطالما أتاحت لأهل الأيمن مغادرة أحيائهم المختنقة نحو امتدادات المدينة، كان سبق أن فجرتها «داعش»، وهو ما جعل النهر حداً فاصلاً بين موصلين، وجاء الحصار ثم الحرب ليكملا المهمة. أما اليوم وقد جف النهر بفعل سد أليسو، فالمدينة ستكون عرضة لتحولٍ هائل في وظائفها وفي أشكال تصريف ما تبقى من حاجاتها.
نهر دجلة صار أقل من نصفه! والموصل هبة دجلة، والنهر لطالما كان جزءاً من لغة المدينة ومن فهمها لنفسها. يقول الموصلي حين تسأله عن مكان إقامته «منزلي على الشاطئ الأيسر ومنزل أهلي على الشاطئ الأيمن». المدينة أرسلت أجيالها الجديدة إلى الشاطئ الأيسر بعد أن ضاق الأيمن بسكانه. من الأيمن تدفق «داعش» أيضاً، وطاف على المدينة مذكراً بأن الموصل تأتيها الجيوش على نحو ما أتاها دجلة، أي طوفاناً.
دجلة هو الحد الفاصل بين الموصل وبين كل ما أصابها. الأميركيون وصلوا إلى ضفته قبل أن يدخلوا المدينة في العام 2003. «داعش» عبره في العام 2014 حين قدم من الصحراء ووصل إلى أيمنه ومنه قفز قفزته الهوائية الكبرى متجاوزاً الجسور الخمسة. التحالف الدولي الذي خاض الحرب على «داعش» وقف عند ضفته وبقي يحارب تسعة أشهر قبل أن يعبره بعد أن حول الموصل القديمة ركاماً.
الصور المقبلة من الموصل لدجلة تُشعرك أنه صار أشبه بمستنقعات مياه راكدة. والوظيفة الكبرى للنهر ستكف عن تزويد «المُصلاويين» بعبارات النهر التي تملأ لغتهم. ففي لهجة أهل الموصل بعدٌ مائي، وعبارات النهر مبثوثة في كلامهم وفي علاقاتهم وفي أنماط عيشهم.
النهر هائل في جريانه في المدينة، وهذا ما رتّب على أهلها وعلى الجيوش الغازية وعلى النازحين منها حقائق لم تعد اليوم ثابتة. أقيمت مخيمات النازحين في الأيسر وما بعده، ووقفت الجيوش على تخوم الشاطئ الأيمن، وأقيمت حواجز الجيوش والحشود على الجسور بين الضفتين. واليوم أقدمت أنقرة على وقف تدفّق أكثر من نصف مياه النهر. الانهيار الناجم عن ذلك يفوق الانهيار الذي أصاب المدينة بفعل تدمير أكثر من 90 في المئة من أحيائها القديمة، فهو أصاب هذه المرة ما لا تستطيع الطائرات أن تصيبه. أصاب مزاجاً ولغة ووظيفة، والأهم أنه أصاب علاقة المدينة بنفسها، فلم يعد عبور النهر انتقالاً من طور إلى طور ومن زمن إلى زمن ومن جيلٍ إلى جيل. صار النهر مستنقعاً وفَتَحَ الموصل على احتمالات التصحُّر. أهل الأيمن في مخيماتهم غير البعيدة لم تعد المياه تفصلهم عن منازلهم المدمرة. لم يعد الهرب من الصحراء مجدياً.
أميركا غزت المدينة في عام 2003 و «داعش» عبر النهر في العام 2014 وقاسم سليماني وقف بدوره عند ضفة دجلة ومارس عبوراً مضاداً في العام 2016. اليوم أتى دور أنقرة، فالموصل مخلعة الأبواب، كما العراق كله، وما أكثر الزوار غير المحبين، وما أكبر الكارثة وما أسرعها في قيظ هذا الصيف.