1 قائمة طويلة من تجارب العراق على جدار النكسة حامد الكيلاني العرب بريطانيا
عقد ونصف من عمر حكومات الاحتلال في العراق ومازال التدافع وقحا على الانتخابات بشراء الأصوات والذمم والمناصب الحكومية، بالتزوير أو بالتهديد أو بالترغيب.
إدمان على تجريب المجرب
سنة 1963، لو اقتطعناها من تاريخ العراق ووضعناها كشريحة تحليل تحت عدسة مجهر تشخيص وتطور أعراض حالة العراق، لاكتشفنا طبيعة الممارسات وكمية المعالجات الخاطئة وحجم الإدمان على تجريب المجرب إن كان المقصود بالمجرّب قادة أو زعامات أو أيديولوجيات أو حتى أفكارا أثبتت فشلها بكارثية تطبيقاتها على حياة الناس، وبالذات في لحظات الحماسة وبواكير نشوة استلام السلطة. فبعد مجزرة قصر الرحاب الدموية صبيحة 14 يوليو سنة 1958 جرب العراقيون سحل وتقطيع أوصال بعض الشخصيات، في نزعات متوحشة تم إدراجها كحالة تعبير فوضوي عن غضب شعبي ضد تحالفات الحكام مع قوى أجنبية استعمارية لسرقة ثروات ومصير العراق ومصادرة إرادته الوطنية الحرة.
لكن سرعان ما تمددت تجربة السحل بعد سنة واحدة فقط من عمر الثورة، وهذه المرة بحبال الحزب الشيوعي في العراق رغم تاريخه ونضاله الطويلين من أجل العمال والفلاحين والكادحين عموما، لكن محاولة تقربه من السلطة أودت به إلى ارتكاب مذابح مروعة في الموصل، يحق لنا اليوم أن نصنفها كمدرسة متميزة بالإجرام لا تقل أبداً في بشاعتها وفظاعتها عن انتهاكات وإرهاب ووحشية تنظيم الدولة والميليشيات.
في 8 فبراير 1963 الموافق 14 رمضان سالت دماء غزيرة على بوابات وزارة الدفاع في بغداد بعد تظاهرات طلابية توجتها أجهزة الأمن بإلقاء طلاب من فوق بناية كلية الآداب. لكن يظل السؤال هل كان بالإمكان عدم إعدام الزعيم أو الرئيس السابق؟
تجريب المجرب استمر طيلة 9 أشهر فقط انتهت في 18 نوفمبر من سنة 1963 بمجازر في عدة مقرات للحرس القومي كان أفدحها في الفلوجة، وهذه المرة بأوامر من قائد الانقلاب عبدالسلام عارف الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية.
المأزق أو الخانق العراقي هو في عدم استغلال لحظة القوة في التغيير، وهي أزمنة قصيرة عادة تشبه لحظة فتح بوابة سقاية المزروعات أو النهر لإرواء الأرض الجافة وإطفاء الظمأ، لحظة تتدفق فيها الرسائل والبلاغات إلى الأزمنة التالية، ومن خلالها يمكن قراءة الأحداث للانعطاف بحركة أي تغيير عن مواضع المطبات المهلكة وتجنب الشظايا الخطرة المتناثرة والقادمة من ذلك الماضي القريب والمعاش.
من مفارقة دفتر عذابات السجون في العراق هو ما حصل من لقاء وتجمع بين السجناء من الشيوعيين وسجانيهم من البعثيين بعد 18 نوفمبر 1963، والغريب في الأمر أن مراكز التوقيف في الأيام الأولى لم تشهد انتقاما أو عراكا بين النزلاء القدماء والجدد منهم، بل كانت أجواء استقبال فيها من التشفي بقدر ما فيها من المرح أيضاً، اتسمت بترديد أغنية عراقية للمطربة وحيدة خليل تختصر المهزلة يقول مذهبها، مذهب الأغنية “سبحان الجمعنا بغير ميعاد”.
ما جرى بعدها في السجون، أو العراق عموما، كان تكراراً لإلغاء الآخر على مستوى سياسة الأحزاب التقدمية مع انكسار نفسي وتراجع رممه رحيل الرئيس عبدالسلام عارف بحادث سقوط طائرته المروحية بعد إقلاعها من البصرة في حادث مريب، ومجيء الفريق عبدالرحمن عارف شقيق الرئيس إلى السلطة، اتسمت فترته بالهدوء المجتمعي وشهدت إطلاق جميع السجناء السياسيين على دفعات، وعدم التوقيع على إعدام أي عراقي إلى أن وقعت نكسة الخامس من يونيو 1967.
في واقع حال الشعب العراقي من غير المعقول تفسير هذا التدافع المزري لمجرد الحصول على امتيازات الرواتب أو التقاعد، فالجزء الغاطس من الثراء مجهول الهوية ومتعدد المصادر، لكنه ليس خافياً، يضاف إليه ما تحمله تلك الكراسي من مشاريع ونكسات مقبلة للعراق ولأمتنا العربية
النكسة كانت بمثابة مهماز ألهب الأمة العربية تنبيهاً لتستيقظ من غفوتها، ومن تخلف أدواتها وإعلامها وتسليحها وأجهزتها الإدارية والأمنية، ومن فقدان وحدة قرارها وشتات اقتصادها وتباين سياساتها وتفاوت رؤاها رغم ملامح تقارب الشعوب النفسي واستعدادها للتضحية في المعارك الكبرى.
كانت النكسة حاضرة في العراق في مجرى تغييرات يوليو 1968 دون إراقة الدماء ولأول مرة يغادر رئيس الدولة السابق منصبه دون عنف، لتبدأ مرحلة على علاتها لكنها أثمرت بعد تفاصيل قصيرة على تجريب زراعة مساحة فارغة من السياسة بالتفاهمات وبشيء من مظاهر الديمقراطية والاهتمام بحقوق الإنسان والأقليات، مع إصدار قانون الحكم الذاتي للأكراد والتوجه نحو الإعمار بنهوض بادٍ للعيان بعد تأميم شركات النفط بمظاهر تنمية انفجارية غير مسبوقة.
بمعنى إن السبعينات من القرن الماضي في العراق وفي معظم سنواتها أرادت أن تختار دروبا ومناهج إنسانية في مقاومة الوسائل المجربة التي لم يجن منها العراق إلا الاقتتال وسفك الدماء والفقر والمراوحة في الأزمات، ومن جانب آخر أرادت هضم واقع النكسة على المستوى المحلي لصياغة نواة دولة حديثة تقوم على إرسال البعثات العلمية وتطوير الجامعات والمعاهد وإطلاق المشاريع العامة والخاصة وحمايتها ودعمها.
نود أن نشير إلى أن أي نظام سياسي بإمكانه صناعة التغيير نحو الأفضل على قياس الخدمات التقليدية والبنى التحتية الأساسية في حياة أي دولة معاصرة، وتوفير شروط العيش الملائمة للتجمعات البشرية بغض النظر إن كان نظاماً دكتاتوريا أو ديمقراطيا أو رئاسيا أو برلمانيا أو تحكمه العلمانية أو الليبرالية أو مؤدلجا بأفكار ومرجعيات خاصة.
المهم أن تؤدي الحكومة والنظام السياسي واجباتهما باحترام مهمتهما في فرض القانون وسيادة العدل ورعاية المواطنين ومواكبة التطور وتنظيم العلاقات مع الدول والدفاع عن السيادة.
ونحن على أبواب ذاكرة النكسة الحاضرة بيننا بتعاظم الخسائر الفلسطينية يبدو لنا العراق بتجاربه المعاشة مدرسة يُفترض أن تنهل منها الأجيال الجديدة في أمتنا العربية باعتباره سارية ترتفع عليها راية الإيمان بالإمكانات العلمية والمعرفية في كل دولة عربية، مقرونة بعدم السماح لإنتاج تجريب المجرب الفاشل والفاسد في حياة المواطنين لتدارك أسباب السقوط في فخ الحماقات على اختلافها بالتدبر والفطنة واليقظة، كي لا تتم جرائم سحل الشعوب وبيع الأوطان في مزاد السلطات وديمقراطية الميليشيات ومشاريع التغيير السكاني والإبادات وتقاسم نفوذ الدول الكبرى.
عقد ونصف من عمر حكومات الاحتلال في العراق ومازال التدافع وقحا على الانتخابات بشراء الأصوات والذمم والمناصب الحكومية، بالتزوير أو بالتهديد أو بالترغيب؛ في دلالة صارخة على حجم فساد وسرقات وغايات الفوز بكراسي البرلمان، إن على المستوى الشخص أو الحزبي أو الطائفي.
في واقع حال الشعب العراقي من غير المعقول تفسير هذا التدافع المزري لمجرد الحصول على امتيازات الرواتب أو التقاعد، فالجزء الغاطس من الثراء مجهول الهوية ومتعدد المصادر، لكنه ليس خافياً، يضاف إليه ما تحمله تلك الكراسي من مشاريع ونكسات مقبلة للعراق ولأمتنا العربية؛ لكن عليهم جميعاً أن ينتبهوا إلى أن ثمة يوما لهم أو سنة سيقتطعهم فيها الشعب الذي يتوعدونه بالحرب الأهلية ليضعهم تحت عدسة مجهر التشريح.
2 العراق والعراقيون بين خيارين احلاهما مر سعد ناجي جواد راي اليوم بريطانيا
الان وبعد ان انتهت الانتخابات وما صاحبها من مهازل، وبعد ان ثبت بما لايقبل الشك انها كانت عملية شابها الكثير من التزوير والتلاعب بمخرجاتها، وتكاثرت الطعون بنتائجها، و من أطراف كثيرة بدأت بالأطراف الخاسرة و أعضاء في المفوضية (المستقلة؟) للانتخابات نفسها ، وأعضاء في البرلمان المنتهية مدته، وخاصة الخاسرين لمقاعدهم، والذين تحوم حول الكثير منهم شبهات فساد كبيرة، وكذلك حول العديد من الفائزين، وانتهت بتقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ولجنة مستقلة من الحكومة السويدية، ولا تزال نتائج تحقيق اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء الحالي للنظر في اداء المفوضية وفِي الشكاوى الجدية التي قدمت ضدها، لم تظهر بعد. و لم يبق لدى كل المدافعين عنها، سواء كانوا مستفيدين من هذا التزوير او متبرعين، بسذاجة او بانحيازات عنصرية او طائفية، ما يقولونه دفاعا عنها. لان اي تبرير يقدمونه سيكون مضحكا اكثر من سابقه. ويشمل ذلك كل من قال ان هذه هي عملية (ديمقراطية) ناجحة ، او من ادعى بان من حذّر من التلاعب بنتائجها هو شخص معادي (للعملية الديمقراطية) او من اتهم المشككين بنزاهتها قبل حصولها بانه شخص مغرض. الامر الملفت للنظر ان الأطراف الخارجية المتهمة بأنها كانت تريد الانتخابات وتدير مسارها خلف الكواليس، بل وتدعم أطراف معينة فيها، وخاصة ايران والولايات المتحدة، لا تزال تلتزم الصمت ولا تعلق بشيء. وأصبح الجميع الان ينتظر ما سيصدر عن مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية من قرارات بشأن المصادقة على النتائج او رفضها، او الرد على الطعون الكثيرة والخطيرة التي قدمت ضدها، علما بان الطعون التي قدمت للمفوضية، المتهمة الاولى بالتلاعب والتزوير و بيع محطات انتخابية بالكامل او اخفاء محطات اخرى واظهار نتائج لها، او ما قُدِمَ من إثباتات بان بعض النتائج كانت اكثر من عدد الذين يحق لهم التصويت، فإنها ردت ببساطة بان هذه الطعون غير صحيحة و رفضت اجراء اي اعادة للفرز بصورة يدوية، حتى بعد ان تم الكشف عن ان الأجهزة الالكترونية التي تم الاعتماد عليها قد جرى التلاعب بها او انها لم تعمل بالكفاءة التي ادعت المفوضية انها تتميز بها قبل الانتخابات، وهذا الاتهام صدر عن رئيس الوزراء الحالي، بالاضافة الى الجهات الاخرى التي تم ذكرها أعلاه . اما عمليات التزوير في انتخابات الخارج فقد تم توثيق بعضها بالصوت والصورة، من خلال الأفلام الكثيرة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
ان عدم صدور اي قرار قضائي لحد الان بشأن العملية يعني ان القضاء، ومن ورائه من يحاول ان يسيّره بالطريقة التي يرغب بها، اصبح في موقف لا يحسد عليه. فإذا ما تم اعتماد النتائج، وهو ما مرجح ان يحصل، فهذا يعني ان العملية أنتجت برلمانا، والذي سينتج حكومة، جاء بالتزوير وأوصلت أناسا لا يحضون بتأييد الناخبين. ناهيك عن ان هؤلاء الفائزين بالتزوير معروف مسبقا كيف سيكون ادائهم في السنين الأربع القادمة. وأما اذا ما اتخذت المحكمة خطوة في الاتجاه الاخر وأبطلت النتائج او بعض منها فان نتيجة ذلك قد تكون قتال دام بين المليشيات التي تمتلكها الجهات ( الفائزة) في هذه الانتخابات. ولقد بدأت بوادر مثل هذا الشيء تظهر بشكل تصريحات واضحة وعلنية. فقادة احد الأحزاب صرحوا بأنهم لن يتنازلوا عن مقعد واحد فازوا به. وأنهم لن يسمحوا بإعادة الفرز او العد اليدوي، وقادة تكتل اخر هددوا بأنهم سيحاربون اي اتجاه لالغاء الانتخابات، وتشارك في هذا الرأي كل قادة الكتل الفائزة الكبرى تقريبا. كما ان بوادر الاستعداد للجوء الى العنف قد بدأت ايضاً من خلال مهاجمة مقرات احزاب او محاولة فض اعتصامات رافضة للنتائج باستخدام السلاح والتفجيرات، كما حدث في كركوك موخرا.
النتيجة الكارثية الاخرى انه حتى وان اعتُمِدت النتائج وشُكِلَ البرلمان الجديد فان الحكومة الجديدة ستأتي اضعف من سابقاتها، للسبب البسيط ان اية محاولة لتشكيلها يجب ان تعتمد على توافق أربعة كيانات في الأقل، وربما اكثر. ومعلوم كم هي متنافرة هذه الكيانات.
هناك دلائل تشير الى ان الطرفين الأكثر تأثيرا في ما يجري في العراق، ايران والولايات المتحدة، ومن خلفهما الدول والجهات المتحالفة مع اي منهما، مرتاحين للنتائج، لان كل منهما قد نجح، من وجهة نظره، في منع الطرف الاخر من ان يحصل على الأغلبية. وان كل طرف سيبدا منذ الان إعداد الخطط لتقليم نفوذ الطرف الاخر، سواء عن طريق الدعوة الى انتخابات مبكرة بعد سنة او سنتين، او عن طريق تغيير المسار بالقوة. وان هذا يعتمد على الصراع بين الطرفين في مجال الاتفاق النووي او تحجيم الدور الايراني في المنطقة والعقوبات الجديدة ، الى غير ذلك من المسارات التي قد يتجه اليها هذا التنافس.
ومهما كانت النتائج فان الطرف المتضرر الاول سيكون العراق والعراقيين. وسيكون ماساويا اذا ما حصل التنافس على أراضيهم. وفِي انتظار ما سيحدث، فان على العراقيين الذين كانوا يمنون النفس بان الحكومة القادمة ستعلن حربا لا هوادة فيها على الفساد وستعيد لهم الخدمات او ستحسن من حياتهم اليومية، عليهم ان يضعوا أمنياتهم على الرف، وان يوطنوا نفسهم على العيش مع الفساد والفاسدين والمؤتمرين باوامر خارجية لسنين اخرى تضاف الى السنين الخمس عشرة السابقة. وهذا لا يهم عند من يدافع عن ما جرى في العراق منذ الاحتلال البغيض ولحد هذا اليوم، لأنهم يَرَوْن في ذلك ( تحول ديمقراطي) صحيح، حتى وان ظل يكرر نفس الوجوه، والتي اوصلت البلاد لان تكون الأكثر فسادا وفشلا والأقل أمانا وتوفيرا للخدمات لمواطنيها من بين دول العالم، وحسب الإحصاءات الدولية. وستظل معاناة العراقيين مستمرة حتى تظهر من بينهم حركة او قيادة وطنية قادرة على ان تطيح بالوجوه الفاسدة والفاشلة وتنتهج نهجا وطنيا مستقلا. لقد أنجب العراق في السابق الكثير من هذه الشخصيات والحركات التي لم تصلح الأمور في العراق فقط وإنما انارت الدرب للعرب جميعا، وبالتاكيد فان بلاد الحضارات قادر على ان تظهر غيرهم في المستقبل المنظور إن شاء الله.
3 عن الحكومة العراقية القادمة وخيبة من يراهن عليها عوني القلمجي راي اليوم بريطانيا
لاول مرة يتوصل فيها عموم العراقيين الى حقيقة الانتخابات، وما انطوت عليها من اكاذيب، وكيف جرى تمريرها طيلة سنين الاحتلال العجاف بطرق ملتوية ومخادعة، الامر الذي دعاهم الى العزوف عنها ورفض المشاركة فيها، لتقتصر على احزاب السلطة واتباعها ومريديها والمنتفعين منها. ولا يغير من هذه الحقيقة مشاركة فئات من المظلومين الذين يتعلقون بأية وسيلة كما يتعلق الغريق بقشة.
هذا الرفض يدل على مستوى عال من الوعي، وليس على ردة فعل كيدية. فبالاضافة الى توصل العراقيين الى حقيقة هذه الانتخابات، فهم لم يتاثروا بكل الجهود التي بذلتها هذه الاحزاب لتشجيع الناس على الاشتراك بالانتخابات، ولا اهتموا بالاموال الطائلة التي صرفتها، والالة الاعلامية التي وظفتها وحملات التغني بمناقبها. بالمقابل، وهذا هو الاهم، فان هذا الشعب لم يخضع، كما جرت العادة، لسحر فتوى المرجعيات الدينية، وعلى راسها مرجعية علي السيستاني، التي طالبت الناس بالاشتراك بقوة بالانتخابات، تحت عنوان مضلل ومخادع “لا تجربوا المجرب”، وكأن لسان حالهم يقول لهذه المرجعيات حسنا، لقد جربنا الانتخابات ثلاث مرات، وعلى مدى خمس عشر سنة، لم تجلب لنا سوى هذه الوجوه الكالحة ومعها كل هذا الدمار والخراب الذي حل بالبلد واهله. فعلام اذن الاشتراك في الانتخابات؟
هذا الحدث المهم وضع اركان العملية السياسية وراعيها الامريكي واتباعه ملالي طهران في حيرة من امرهم، مما دعاهم الى التحرك السريع باتجاه لملمة القوائم المشتركة في الانتخابات للاتفاق فيما بينها، على امل استعادة ثقة العراقيين بهذه الانتخابات والتعويل على نتائجها، كما لجاوا الى استحضار وسائل الغش والخداع، التي كان من بينها اطلاق البرامج التي تبشر بعراق جديد يشبه الجنة الموعودة التي تفيض لبنا وعسلا. ولم تكن قائمة سائرون، التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر، والمتحالف مع عدد من الشيوعيين وبعض الشخصيات المدنية، بعيدة عن هذا المشهد. فجرى التركيز عليها ووصفها بالمنقذ الذي سيملا الارض عدلا وقسطا بعد ان ملئت جورا وظلما!!!!
ولكي لا نطيل اكثر، سنترك هؤلاء مع محاولاتهم البائسة، ونفتح سجل هذه الانتخابات الاسود والنتائج الماساوية التي ترتبت عليها، فامريكا وبعد التطبيل والتزمير لهذه الانتخابات والتعويل على نتائجها، ستضعها لاحقا وبكل تاكيد تحت اقدامها، فلقد سبق لامريكا فعل ذلك مرات عديدة، حيث اسقطت نوري المالكي بطريقة مذلة ومهينة، وحرمته من “استحقاقه الانتخابي” كمرشح اول لرئاسة الوزراء سنة 2014، واستبدلته بالمدعو حيدر العبادي، مثلما اسقطت من قبله ابراهيم الجعفري، وهو مرشح الكتلة الفائزة في انتخابات عام 2005، وكما منعت اياد علاوي من تشكيل الحكومة، وهو الفائز الاول في انتخابات سنة 2010. بل قامت امريكا بتشيكل الحكومة داخل مبنى السفارة الامريكية في بغداد، وعلى عينك يا تاجر كما يقول العراقيون. ودعكم من الحديث عن هيمنة ايران المطلقة على العراق والتحكم بمصيره وتشكيل الحكومات وفق اجندتها. فما تحصل عليه ايران من حصة في هذه الحكومة او تلك، هي منحة تقدمها امريكا مقابل ما قدمه ملالي طهران من مساعدات لاحتلال العراق، وما يقدموه من جهود لتنفيذ مخطط تدمير العراق دولة ومجتمع.
بمعنى اخر اكثر وضوحا، فان الانتخابات الثلاث السابقة لم يكن لها اي دور، لا من قريب ولا من بعيد، في تشكيل تلك الحكومات العتيدة، بصرف النظر عن كونها نزيهة او مزورة، وانما هي وسيلة او “عدة الشغل” لاضفاء صفة الديمقراطية والشرعية على هذه الحكومات العميلة، ليجري الوصول الى تمرير نظام المحاصصة الطائفية والعرقية لتكون الاساس في تشكيل الحكومة القادمة، وبالتالي فان امريكا بالدرجة الاولى ستاخذ على عاتقها القيام بهذه المهمة.
ومع ذلك دعونا نذهب بالاتجاه المعاكس، ونفترض جدلا بان الفاسدين قد نفخ الله في صورتهم، وانزل على قلوبهم السكينة والرحمة وارادوا التكفير عن ذنوبهم، ترى باي دولة سيحكمون؟ فما يسمى بالدولة الوطنية الديمقراطية في العراق هي كذبة كبرى، فالحاكم المدني بول بريمر قد بنى دولة تعتمد على العصابات والمليشيات المسلحة، وقد حمى هذه الدولة المسخ بمؤسسات هشة اساسها المحاصصة الطائفية والعرقية وقضاء فاسد ودستور ملغوم،على العكس مما هو ثابت في مواصفات الدولة الوطنية، التي تقوم على المؤسسات والفصل بين السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويضمنها دستور متوازن وقانون يحمي الامن والمواطن ولا يفرق بين لون او مذهب او دين او طائفة او قومية، بل حتى النظام الذي يدعي بانه نظام برلماني لا وجود له في العراق سوى بالاسم، حيث يفترض فيه ان يشكل الحزب الفائز الحكومة بتكليف من رئيس الجمهورية بعد انتخابه في اولى جلسات البرلمان الجديد، ويقبل الخاسر بموقع المعارضة لتكون مهمته مراقبة اداء الحكومة ومحاسبتها واستغلال اخطائها، او تقصيرها، على امل الفوز بالانتخابات القادمة.
ايها الناس دوسوا باقدامكم على كل هذه المحاولات البائسة وثقوا تماما، بان المراهنة على تحول الفاسدين الى مصلحين ضرب من الخيال، وان تغيير مواقع هذه الوجوه او الاتيان بوجه جديد لا يغير من الامر شيئا، فالكتل الفائزة التي ستتفق على تشكيل الحكومة هي ذاتها الفاسدة والمجرمة والعميلة التي تصدرت العملية السياسية طيلة سنين الاحتلال العجاف، وهي ذاتها التي ارتكبت الجرائم وسرقت المال العام وعرضت البلد الى مخاطر المنظمات الارهابية، الى حد السماح لبعضها بالسيطرة على العديد من المدن العراقية التي تشكل ثلث مساحة العراق، كما حدث مع المنظمة الارهابية التكفيرية داعش.
ايها الناس، ابصقوا على شعارات هؤلاء الفاسدين والمسميات التي يطلقونها على الحكومة القادمة، من قبيل حكومة وطنية شريفة ونزيهة، او حكومة توافقية بين مكونات الشعب العراقي، او حكومة ديمقراطية ، او تكنوقراطية، او عابرة للطائفية، او حكومة ابوية ، او حكومة وطنية مستقلة لا امريكية ولا ايرانية، فالحكومة القادمة وما سبقها من حكومات ما بعد الاحتلال هي حكومات عميلة بامتياز.
بالمقابل وعلى الجهة الاخرى، فان امريكا لا تفكر اطلاقا في تقديم مثقال ذرة من الخير للعراق واهله، بل على العكس من ذلك تماما، فهي لم تتكف بكل هذا الدمار والخراب، بل لم تزل تطلب المزيد، ومن دون عراق مدمر ومخرب، وشعب جائع ومريض، ووجود دولة مليشيات، وغياب القانون، وفرض نظام محاصصة طائفية وعرقية، وبنى تحتية محطمة لن تتمكن من تحقيق مخططها الغادر، اما من يعتقد بان امريكا شعرت باخطائها او سلمت العراق الى ايران على طبق من فضة، وتريد اعادة الامور الى نصابها الصحيح، فهو اما ساذج او مدلس، فالمحتل عبر تاريخه الاسود، وبصرف النظر عن جنسيته والدولة التي ينتمي اليها، لم يجلب للبلد المحتل سوى الدمار والخراب، والا بماذا نفسر حرص امريكا على بناء عملية سياسية اساسها المحاصصة الطائفية وحكومة حرامية وانتخابات مزورة وبرلمان مشوه ودستور ملغوم؟
اقول قولي هذا للذين راهنوا ولا زالوا يراهنون على العملية السياسية، او على مقتدى الصدر وقائمته سائرون، وشجعوا الناس على الاشتراك في الانتخابات تحت ذريعة اصلاح العملية السياسية، او تحت حجة اللعب على التناقضات او اختيار الاقل سوءا، اقول ان مراهناتكم فاشلة، فهذه العملية وضعت كسلاح لخدمة المحتل، وان متزعميها مهما اختلفوا فيما بينهم، فانهم في نهاية الامر اصدقاء وحبايب، وكل همهم السباق فيما بينهم لتقديم خدمات اكبر للمحتل، ليكون كالمحظية الاولى، والفوز بالجاه والمال لاطول مدة ممكنة. هذه الظاهرة ليست عراقية او استثناء عراقي، وانما هي سمة العملاء في كل زمان ومكان.
نعم الطريق الوحيد لاستعادة استقلال العراق وسيادته الوطنية وتحقيق طموحات الشعب العراقي بالحرية والتقدم الاجتماعي والعيش الكريم هو طرد هؤلاء الحرامية والفاسدين، واسقاط العملية السياسية برمتها واقامة حكومة وطنية مخلصة ونزيهة وكفوءة. تعيد للعراق استقلاله وسيادته الوطنية، وتحقق للشعب العراقي كامل مطالبه المشروعة، وكل ذلك لن يتم، رغم مشروعيته المطلقة، الا من خلال العودة الى الانتفاضة الشعبية واستخدام الحق المشروع في اللجوء الى كافة الوسائل السلمية والكفاحية بما فيه حق الدفاع عن نفسها بقوة السلاح، واي مراهنة اخرى من قبيل اصلاح العملية السياسية من داخلها او من خلال انتخابات جديدة او عبر مظاهرات مطلبية او ممارسة ضغوط اقليمية او تدويل القضية العراقية كما يقال، مراهنة لا تستند الى دليل او منطق.
ان الشعب العراقي العظيم قادر على خوض مثل هذه التجربة الوطنية، كما حدث في السابق مرات عديدة، وثورات الشعب العراقي الباسلة ضد الاستعمار البريطاني وضد حكوماته العميلة تؤكد هذه الحقيقة، بدا بثورة العشرين المجيدة، ومرورا بثورة 1941 ، وانتهاءا بالانتفاضات التي حدثت في عام 1948 52 و56 والتي توجت بثورة 14 تموز الخالدة 1958. وحدهم اصحاب العقول القاصرة، والتفكير المحدود ينكرون قدرة الشعب العراقي على الانتفاضة السياسية او المسلحة، بل لا اجازف اذا قلت باني ارى قريبا وبوضوح رايات الانتفاضة ترفرف في عموم ارض العراق .
4 كيف تغيرت نظرة العرب للاتحاد السوفيتي الشيوعي الى روسيا البوتينية؟ ما سر الصراع ععلت شرق سوريا وغرب العراق؟ د. شهاب المكاحله
راي اليوم بريطانيا
قبل عدة أيام كانت لي مداخلة في مركز بحثي من الفئة العليا في صناعة القرار الاميركي وخصوصا في دهاليز البيت الابيض والخارجية الاميركية والدفاع بعنوان: “كيف غيرت روسيا نظرة العالم العربي لها من شيوعية الى بوتينية؟”.
كان العنوان لافتا للانتباه لدى الكثير من السياسيين الاميركيين الذين يهتمون بالشأن الروسي والشرق اوسطي هذه الايام. ولعل بعض اعضاء الكونجرس ومجلس النواب ممن تحدثوا لي عقب المداخلة بصفة شخصية: كيف أحدث بوتين هذا الانقلاب؟ وكيف فشلت واشنطن في ردعه؟ قد اصيب بالدهشة من أن هذا الكلام يأتي من شخص عربي.
قلت لهم: من لا يقرأ التاريخ لا يعرف الحاضر ولا المستقبل. في أواخر أيلول / سبتمبر 2015 ، عادت روسيا إلى مسرح الشرق الأوسط عندما تدخلت القوات المسلحة الروسية ، بناء على أوامر من الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا بعد تلقي طلب رسمي من الحكومة السورية في الصراع في سوريا. وكان خطاب بوتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة (UNGA) السبعين في عام 2015 تعبيراً واضحاً لا لبس فيه عن السخط الروسي إزاء الحالة المزرية التي وصلت لها العلاقات الدولية، ولا سيما فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأشرت الى من سألني من السياسيين الاميركيين الى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا جاء بعد يومين فقط من خطاب الرئيس بوتين للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أشار إلى الغرب عامة بأن لهجة التصعيد والوعيد قد ولت بلا رجعة وأن المسارغير المستقر للشرق الاوسط لم يعد مقبولاً وأن روسيا لن تقف مكتوفة اليدين تشاهد انهيار منظومة دول الشرق الاوسط وسط توقعات برسم حدود جديدة للدول تحت سيطرة الجماعات الارهابية التي عبر جزء منها من روسيا الى العراق وسوريا لما في ذلك من تداعيات خطيرة على روسيا نفسها لقربها الجغرافي من البؤر المتوترة في الشرق الاوسط.
العزم الروسي أخذ العالم الغربي عامة، والولايات المتحدة على وجه الخصوص ، على حين غرة. بعد ذلك ، قلل الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أهمية ما تقوم به روسيا في سوريا، قائلاً إن روسيا ستواجه هزيمة شديدة في سوريا. واليوم ثبت أن عودة روسيا إلى الشرق الأوسط كانت ناجحة وسط نكسات غربية قللت من مصداقية الناتو والدول الغربية.
بعد مرور عامين ونيف على التدخل الروسي في سوريا، حقق الجيش السوري انتصارات كبيرة وتم تحجيم الارهاب بل عززت مكانة روسيا عسكريا في الشرق الاوسط وزادت من ثقة العالم العربي بالصناعات العسكرية الروسية. فكان التدخل الروسي في سوريا ناجحا على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري.
إن النجاحات الدبلوماسية الرئيسية لروسيا شملت الاتفاق مع إيران وتركيا على إنشاء عدة مناطق لخفض التصعيد في سوريا بمساعدة الاردن والحكومة السورية والولايات المتحدة.وقد نحجت موسكو في خلق تقارب ولو كان تكتيكيا بين انقرة وطهران وموسكو في القضية السورية مع رفض من الكثير من دول المنطقة لهذا التقارب. باختصار نحجت روسيا الاتحادية بعد غياب دام اكثر من عشرين عاما عن الساحة الدولية في التخطيط لتحالف يشكل تهديدا للمصالح الغربية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما يمهد الطريق لوجود روسي اكبر في المنطقة مستقبلا.
لقدجعلتعقودمنالتدخلاتالأميركية في العراق ومن ثم ليبيا وسوريا، جعلتالولاياتالمتحدةفيموقفالملامعلىكلما يجري. اليوم ما عادت النظرة الى سوريا على انها الاتحاد السوفيتي الشيوعي الذي يسعى الى احتلال العالم العربي والاسلامي فكريا وثقافيا وعسكريا بالمد الشيوعي ولكن اصبحت النظرة الى موسكو على أنها ند لواشنطن على الساحة الشرق اوسطية على اقل تقدير، وما يكنه الكثيرمن العرب من تقدير للرئيس الروسي بوتين الذي حقق شعبية كبيرة لدى الشباب العربي ممن باتوا يعتبرونه قائدا حقيقيا حريص على بلده وهو الذي اوقف انهيار روسيا بعد ان تفكك الاتحاد السوفيتي.
قلت لعدد من اعضاء الكونجرس هنا في واشنطن ومعظمهم من الجمهوريين إن الكثير من العرب ينظرون الى روسيا اليوم كصمام امان وهذا الامريعود الفضل فيه الى الازمتين الاوكرانية والسورية. ولدى طلبهم كيف يمكن للولايات المتحدة ان تعود بقوة الى الشرق الاوسط، أجبت على واشنطن أن تعي أن المشرق العربي هو الاهم من كل الاقاليم العربية. وأشرت الى أهمية كل من لبنان والعراق والاردن وفلسطين كونها جميعا تقع على مفرق الطرق بين ايران وتركيا والخليج وافريقيا واسرائيل. وفي تلك المنطقة سر لا يعرفه أحد: في شرق سوريا وغرب العراق وتحديدا في شرق الفرات الى قاعدة التنف ثلاثة مصادر طبيعية: اولها النفط وثانيها السيليكون والثالث الكوبالت. أما النفط فهو الذي سيحدد سعر النفط العالمي بعد اشهر إذا ما توقفت الحرب في سوريا فكميات النفط التي اكتشفتها الصين في تلك المنطقة تعادل انتاج الكويت والامارات معا. فإذا ما استقرت سوريا والعراق وسمح لهما بالتقاط انفاسهما سيتمكنان معا من انتاج يومي يعادل ما تنتجه روسيا او الولايات المتحدة او السعودية. وهنا يدخل العامل الاهم على خط الانتاج: 11 -12 مليون برميل نفط يوميا هو تقريبا ما تنتجه روسيا والولايات المتحدة والسعودية. فإذا ما تمكن العراق وسوريا من اعادة الاستقرار الى ربوعهما فإن عملاقا نفطيا آخر قد نشأ. وهو منافس حقيقي للنفط العالمي خاصة وأن الابار المكتشفة هي من النفط الخفيف. سيرتفع النفط حتى نهاية هذا الصيف الى حدود 100 دولار للبرميل ولكن إذا ما عاد العراق وسوريا الى الانتاج الفعلي من تلك الابار فإن العرض سيزيد والسعر سينخفض نظرا لانخفاض الطلب العالمي لوجود بدائل ما قد يصل بالنفط الى سعر دون الثلاثين دولارا وهو ما لا يريده عمالقة النفط.لذلك يريدون اطالة امد الحرب او الحصول على ضمانات من أن استقرار العراق وسوريا لن يؤثر على سعر النفط العالمي لانهما لا بد وان يتلزما بالكوتا الحالية وهو ما ترفضه دمشق وبغداد اليوم.
وفيما يتعلق بالسيليكون، فإنه اليوم عماد التكنولوجيا الحديثة وهذا المصدر لا يتوافر الا في صحراء العراق وسوريا. فهل عرف العرب اليوم لماذا اشعل العالم حربا في العراق وسوريا؟ ولماذا تصر الدول الكبرى على السيطرة على شرق سوريا وعلى المناطق المحاذية لها من الجانب العراقي؟
اما المصدر الآخر فهو الكوبالت الذي يستخدم في صناعة بطاريات الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية واللوحات الرقمية والاجهزة الالكترونية كما انه يعتبر مستقبل شركات الاتصالات العالمية. بالعربي، هناك في صحراء سوريا والعراق “سيليكون فالي” (Silicon Valley) طبيعي يمكن سوريا والعراق من السيطرة على العالم في هذين المصدرين النفيسين.
نعم هذا هو الواقع اليوم. روسيا تعرف ما تريده وأين تبدأ والولايات المتحدة كذلك على الرغم من تخبط سياساتها بسبب تخبط سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب عالميا. عرف الروس كيف يدخلون الى العالم العربي عبر تاجيج المشاعر وتأليب الرأي العام ضد الغرب وكذلك فعل الغرب تجاه روسيا. ولكن كانت الغلبة في سوريا للروس لغياب تصور شامل اميركي لحاجات المنطقة وفقدان الكثير من العرب الثقة بما يقوله سياسيوها.
5 باقة ورد وتحية الى الطالبة ياسمين العراقية العربية كاظم الموسوي راي اليوم بريطانيا
أمام ما قدمته الطالبة المتخرجة من جامعة بوسطن الأمريكية، ياسمين لواء يونس، في كلمتها نيابة عن الطلبة الخريجين لهذا العام 2018 يلزم أن تقدم لها التهنئة بتخرجها مع باقة ورد وتحية شكر وتقدير، والافتخار بتفوقها وشجاعتها. لقد عبرت بصوتها الحماسي وكلماتها المعبرة عن روح الشباب العربي، وهي تتخرج في الجامعة الأمريكية وامام آلاف الطلاب، حسب مقطع الفيديو الذي نشرته الجامعة الأمريكية وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات العربية. رحبت ياسمين بالضيوف باللغة العربية، اهلا وسهلا، وهنأت المسلمين برمضان كريم. واستذكرت مرابعها الاولى، بغداد والعراق، وترجمت اسمها ياسمين، الوردة العربية في أجواء الجامعة الأمريكية في بوسطن.
لماذا لاقت الترحيب الواسع في وسائل التواصل الاجتماعي في العالم؟. بالتاكيد لانها قالت كلمات بسيطة ولكنها معبرة، عنها وعن عائلتها ووطنها، وشكرت من ساعدها وحضر هذا الحفل الكبير، ولانها توشحت بالوان العلم العراقي والكوفية الفلسطينية. ولانها ختمت رسالتها، في شعارين مهمين لها، شرحا معنى ودلالة وشاحها وايصاله لمن سمعها وينقل صورتها في الفيديو ووسائل التواصل، ناطقة بفضاء انساني وموقف شجاع: “حياة السود ليست رخيصة.. الحرية لفلسطين”، لتكسب حقا تصفيقا حارا من قبل الحضور الجامعي والاهالي. ارادت بقولها: الحرية لفلسطين من على منبر جامعة بوسطن الامريكية، وحياة السود ليست رخيصة، التذكير وتقديم رسالة احتجاج ضد العنصرية وقتل السود في بلاد تمثال الحرية.. صرخة طالبة عراقية عربية في وجه التعصب والتشدد والاستهانة بالقوانين والعدالة، واعلان تضامن واضح ومفتوح مع الانسان بلا حدود ومع الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة والمشروعة ورفضا لقرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب وتصريحاته عن فلسطين المحتلة.
هل هناك اجمل من هذه المفردات في حفل تخرج جامعي في بوسطن الأمريكية ووسط تصفيق حار وارتياح تضامني مع حياة السود الامريكان خصوصا وفلسطين العربية المحتلة؟. هذه الكلمات وحدها لها معانيها ودلالاتها وهي في موقفها ومكانها تقدر بالكثير وتشهد بوعي عال وادراك كبير لما تعنيه الكلمات وما تنشده وما تحمله وما تقوله.
الاوساط الطلابية الجامعية في أكثر الجامعات الأمريكية لا تصمت امام القضايا العادلة والمشروعة ولا تمرر لمن يعتدي عليها، وعليهم في التذاكي والمحاضرة، وهذا ما حصل ايضا مؤخرا في فيديوهات عديدة انتشرت لنشاطات السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، في الجامعات الأمريكية. وكيف يقابلها الطلبة وردات فعلهم، حيث يصرخون بوجهها ويحملونها مسؤولية خداعها ومواقفها المنحازة والمتطرفة ضد حقوق الشعوب وقضاياها المشروعة، ويعلنون تضامنهم الصريح وتاييدهم للكفاح التحرري لكل الشعوب.
ياسمين باقة ورد لك وتحية من القلب.
6 الصدر والتحوّلات الإيجابية للعراق
ميلو كوميرفورد البيان الاماراتية
يعكس التغيير الزلزالي في الانتخابات العراقية التي جرت أخيرا تحولات هيكلية عميقة في المجتمع العراقي. وفاز حزب مقتدى الصدر بأكبر عدد من مقاعد النواب، على الرغم من أنه لم يكن يمثل الأغلبية. لكن تحوله الواضح من رجل دين مناهض للغرب وموالٍ لإيران إلى قومي مناهض لطهران والفساد، هو جزء من صورة أوسع للتغيير في البلاد وفي جميع أنحاء المنطقة.
وفي الوقت الذي يتعافى فيه العراق من صراع مدمر مع داعش، ويعطي فكرة جديدة لمكانته في المنطقة بما في ذلك إعادة تقييم علاقته بإيران المنبوذة على نحو متزايد، والتشكيل المحتمل لائتلاف بين الصدر رجل الدين القومي ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، لا يبدو ملائما. لكن هناك تناغم كبير في أولويات العبادي والصدر.
وأي تحالف بين المسؤولين سيعتبر لحظة مهمة بالنسبة للعراق والشرق الأوسط والسياسات الغربية في المنطقة، حيث إن الصدع في السياسة الإقليمية ينتقل بعيداً عن الطائفية البغيضة، ويميل إلى الاختيار بين التحديث والتطرف. لقد شكل صعود الصدر من زعيم ميليشيا طائفية ومعارض للاحتلال الأميركي إلى بطل شعبي الموضوع الرئيسي في الانتخابات العراقية.
ومثل الصدر، الذي ينحدر من عائلة دينية، مشهدا إسلاميا بارزا واتسم بقدرته على الإقناع على النقيض من الميليشيا الشيعية الطائفية الأخرى كجيش المهدي، وقد خاض تحولات سياسية بشأن تحالفات العراق بلغت ذروتها في عقده اجتماعات رفيعة المستوى مع القيادة السعودية.
وتحوّل الصدر هو بحد ذاته يعتبر مؤشرا على تحول أوسع لدى الناخبين العراقيين، بعيدا عن التصويت الأيديولوجي القائم على الهوية نحو البراغماتية والرغبة في الحكم الفعال.
وتشير استطلاعات الرأي التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن الناخبين يتخلون بشكل متزايد عن الهوية الطائفية البغيضة، ويتحولون بدلاً من ذلك إلى القومية التي تسعى إلى التخلص من أغلال التأثيرات الخارجية والمصالح الدولية.
يبدو أن تمرد داعش الذي دمر شمال العراق وغربه لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة كان له أثر في جمع أشتات دولة العراق التي عانت من الحصار الشديد، على النقيض مما توقع الكثيرون.
لكن على الرغم من النجاح الذي حققه العراق في مواجهة آفة الطائفية والتشدد، إلا أن القيادة الجديدة لا يجب أن ترتكز على أمجادها السابقة، ما لم يتم التعامل مع الدوافع الكامنة وراء التشدد الذي تمثل بداعش والميليشيات الشيعية، فالتظلم الطائفي، وتسييس الدين، والحكم الفاسد، كل ذلك يخاطر بإعادة ظهور التهديد الذي مثله داعش.
وعلى الرغم من الإشارات المتفائلة الناجمة عن الانتخابات، تواجه الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها تحديات كبيرة. ستكون الأولوية معالجة الفساد وإعادة بناء اقتصاد العراق. وتعني تعهدات هذه الحملة، ورسالة «العراق أولاً»، أن الصدر استطاع تجاوز الانقسامات الطائفية، حيث وجدت استطلاعات الرأي أن أكبر مجالات الدعم له كانت في المجتمعات المختلطة من الشيعة والسنة والأكراد وغيرهم.
وبالمثل، فإن دور الصدر بشأن التغلغل الإيراني في العراق له أهمية كبيرة، ويرجع ذلك عادة إلى إدراكه أن طهران لها تأثير مزعزع للاستقرار في البلاد. وعندما زار الصدر السعودية الصيف الماضي أخبر المسؤولين أن الشيعة في العراق لن يكونوا امتداداً للثورة الإيرانية، وطالب في زيارته بأن يكون السعوديون والعرب أكثر حضوراً في المشهد العراقي.
لقاء الصدر الأخير مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو جزء من إعادة تنظيم أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، بعيداً عن المصالح الطائفية المتنافسة، باتجاه التحديث والإصلاح من جهة، مقابل أولئك الذين يثيرون الانقسام الطائفي والعنف المتطرف من جهة أخرى. وفي حين ينظر إلى الصدر على أنه مناهض للغرب، فإن الواقع يبدو أكثر تعقيدًا.
ويعتقد أنه أصبح يحبذ بقاء القوات الأميركية في العراق، نظراً لتأثيرها على استقرار العراق، وفي ضوء تفضيله الواضح للتعاون مع العبادي، الذي كان شريكاً حاسماً في محاربة التحالف الدولي ضد داعش، يبدو أنه منفتح على بناء الجسور مع الغرب.
كما أدان الصدر تدويل التشدد الشيعي، قائلا في مقابلة أجريت معه أخيرا إن حكومة الولايات المتحدة كانت على صواب في تسمية الميليشيا العراقية التي تدعمها إيران والتي تقاتل في سوريا على أنها إرهابية. والتحدي بالنسبة للغرب يكمن في تحديد موقف الصدر تجاه العراق الذي يجب أن يمثل قوة رئيسية وشريكًا حاسمًا.
ومن المرجح أن الصدر يصمم علاقته مع القوى الغربية، مستخدما العبادي كغطاء، لكنه سيحتاج بوضوح إلى دعم غربي ليس أقله لإعادة إعمار بلد دمره العنف المتطرف. إن السجل السياسي النظيف هو نقطة بداية جيدة. الصدر لديه ماضٍ مشرف وهو يجسد العراق المتغير.
8 الموصل ترمّـم ما دمّره «هولاكو» العربي
سليم نصار الحياة السعودية
عندما سقطت «الرقة»، عاصمة تنظيم «الدولة الإسلامية»، أعلن رئيس وزراء العراق حيدر العبادي أن حلم أبو بكر البغدادي قد تبخر مع الدولة الجديدة التي أقيمت فوق الأراضي العراقية والسورية.
وأعلنت قوات سورية الديموقراطية (قسد) أن «الرقة» قد تحررت بفضل قوات كردية، وبمساندة قوات أميركية. وما لم تذكره «قسد»، في حينه، هو أن القوات الأميركية سمحت لعناصر «داعش» بالهرب والتسلل الى خارج سورية وسط حاجز عسكري محصن.
ولما حاولت «قسد» اعتقال الفارين، منعتها القوات الأميركية بحجة أن البغدادي ليس بينهم، وإنما هو سارع بالهرب قبل دخول قوات التحرير.
وظل البغدادي لغزاً محيراً منذ سمح للآخرين بتصويره مرة واحدة فقط، وكان ذلك في تموز (يوليو) سنة 2014، عندما خطب في جامع الموصل بعد سقوط المدينة. ومنذ ذلك الحين وزعت وكالات الأنباء خبر مقتله ست مرات. كذلك، ادعت واشنطن أن طائراتها العسكرية قصفت مواقع في سورية كان من المفروض أن يختبئ البغدادي فيها. ولما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية رفع قيمة المكافأة من عشرة ملايين دولار الى 25 مليوناً، ازدادت الإشاعات حول عمليات اعتقاله. ثم تبيّن لاحقاً أنه هو الذي كان يشترك في ترويج حكايات وفاته. كل هذا بغرض خلق بلبلة تؤدي الى نجاته من الاعتقال أو القتل. وقد وقعت مجلة «تايم» في هذه المصيدة عندما نسبت الى مصدر مطلع وفاة البغدادي مسموماً من طعام دسّته له واحدة من زوجاته.
وحقيقة الأمر أن الأرقام التي نشرتها الصحف التركية والعراقية حول عدد أتباعه كانت تتفاوت بين الخمسين ألف مقاتل والأربعين ألفاً. وذكرت أن التونسيين وصل عددهم الى خمسة آلاف «داعشي» هربوا من بلادهم على دفعات من دون أن يمنعهم الأمن العام التركي من التسلل للانضمام الى مَن سبقوهم!
صحيفة «واشنطن بوست» كتبت مرة تقول: «إن أبو زيد العراقي، الذي اعتقلته سلطات بغداد، اعترف بأنه عمل مستشاراً للبغدادي مدة تزيد على السنة.» كذلك اعترف أيضاً بأنه حيّ في مكان ما، ويعمل على تغيير خطة التنظيم الإرهابي بهدف تجنيد جيل جديد ينشط من ضمن خلايا سرية متناثرة في أماكن قريبة وبعيدة مثل أفغانستان وليبيا، والصحارى غير المأهولة في الجزائر والسودان.
عقب فشل مشروع الدولة السنيّة التي حاول البغدادي مع فلول جيش صدام حسين زرعها في وسط العالم العربي بحيث تمنع تمدد طهران باتجاه البحر الأبيض المتوسط… عقب ذلك الفشل، قرر زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» تغيير استراتيجية توجهاته بطريقة تحافظ على أتباعه المنتشرين في كل مكان. وعليه، طلب من مجموعاته الإرهابية التمدد في مختلف الدول، كونها فقدت الأرض التي انطلقت العمليات منها.
يقول «داعشي» ملتزم إن البغدادي الذي كان أستاذاً جامعياً قبل أن يصبح إرهابياً، قرر في وقت مبكر خلق جيل من الشباب لا يؤثر فيه اختفاء الأرض والدولة. لذلك جرب أيضاً ألا يكون هو الممثل الأوحد للقوة المركزية في التنظيم، وأن يختار ممثليه في الخارج ممن يتقنون فن القيادة المستقلة.
وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تؤكد أن البغدادي ما زال على قيد الحياة، وأنه منشغل في إدارة العمليات ورسم الخطط الطويلة الأمد. وقد ذكرت في تقريرها نهاية السنة الماضية أن الإطار العقائدي الذي اقترحه يتعلق بكيفية تحويل الخلافة الى دولة مؤثرة في محيطها. وربما عهد الى بعض مساعديه إعادة النظر في وضع هذا الاقتراح قبل وضعه موضع التنفيذ.
الملاحظ من رصد مواقع عمليات «داعش» أن هذا التنظيم حريص على مهاجمة العراق وسورية، باعتبارهما تمثلان الدولتين الأساسيتين اللتين انبثق عنهما. ويشير مجمل الهجمات التي نفذها في هاتين الدولتين الى أن خلاياه الإرهابية ما زالت فاعلة وناشطة.
وكشفت خلية «الصقور» الاستخباراتية العراقية عن تفاصيل مثيرة بشأن إحباط مخططات إرهابية لتنظيم «داعش» كان ينوي تنفيذها خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وأعلن مدير عام مكافحة الإرهاب أبو علي البصري أن موظفيه أسقطوا أكبر عمليات كانت تستهدف العاصمة بغداد وكافة المحافظات خلال الدورة الانتخابية.
وتعتبر هذه الانتخابات الأولى التي شهدها العراق، منذ إعلان الحكومة استعادة مختلف المناطق التي سيطر عليها «داعش» في السابق.
وذكر مركز الإعلام الأمني في العراق أن طائرات من طراز (إف-16) قد دكت مقر قيادة «داعش» داخل الأراضي السورية. وجاء في البيان أن الضربة نُفذت وفق توجيه القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.
على صعيد آخر، أكدت مصادر إعلامية إنشاء واشنطن قاعدة عسكرية متقدمة في ريف دير الزور الشرقي بغرض تسهيل وصول الإمدادات الى قوات سورية الديموقراطية. ويبدو أن الهدف من بناء هذه القاعدة تسهيل وصول الدعم اللوجستي الى «قسد» عقب تجديد المعارك ضد تنظيم «داعش» في المنطقة.
والمعروف أن «قسد» باشرت مطلع الشهر الماضي شن حملة «عاصفة الجزيرة» التي تهدف الى إنهاء وجود تنظيم «داعش» في ريفي دير الزور الشرقي والحسكة الجنوبي، والمناطق الممتدة على طول الشريط الحدودي العراقي-السوري.
في شهر رمضان المبارك يكثر «داعش» من العمليات الانتحارية، لاقتناع عناصره بأن قتل الكفّار في هذا الشهر الفضيل يؤمن للمنتحر مكاناً في الجنة. وهذا ما يفسر ظاهرة الإكثار من العمليات التي ينشط فيها التنظيم الإرهابي.
قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إنه أحصى أخيراً مقتل 76 من الجيش السوري وحلفائه بينهم مقاتلون روس وإيرانيون. والثابت أن عدداً كبيراً من عناصر التنظيم وصل الى ليبيا، ووجد الحماية لدى الجماعات المعارضة بقيادة «القذافيين.»
ومن عدد لا يتجاوز تشكيله ألفي عنصر، بدأ «داعش» هجماته ضد القوات المصرية المنتشرة في سيناء. ويُشاع أن جماعة «الإخوان المسلمين» أمنت للإرهابيين الطرق اللوجستية بحيث تحولت محافظة شمال سيناء الحدودية الى بؤرة للتوتر الدائم.
وقد أظهرت التحقيقات التي أجرتها الدولة المصرية مع أعضاء تنظيم يحمل اسم «تنظيم ولاية سيناء»… أن مبايعة «داعش» تمت منذ سنة 2014.
وبين الاعترافات المسجلة، ما يثبت أن هذه الجماعة تلقت تدريبها في معسكرات «التنظيم» في سورية عندما كان الجزء الأكبر من تلك البلاد خاضعاً لسلطة أبو بكر البغدادي. ولما أصدر النائب العام المصري اتهاماته للإرهابيين ذكر أنهم شكلوا 43 خلية، وارتكبوا 63 عملية.
لهذه الأسباب وسواها ترى استخبارات الدول الأوروبية أن تنظيم «داعش» فقد السيطرة على سورية والعراق، ولكنه ظل يحتفظ بخلايا متفرقة قادرة على إلحاق الأذى بأكثر من سبعين دولة عربية وأجنبية. وقد ظهر نشاطه جلياً في ليبيا وأفغانستان وفرنسا وبلغاريا ورومانيا وباكستان وآسيا الوسطى.
بقي أن نذكر أن طلاب وطالبات الجامعات العراقية يعملون منذ فترة على إنقاذ ما تبقى من تراث «الموصل» المدينة الأولى التي ظهر فيها تنظيم أبو بكر البغدادي.
وكان الحافز الأول الذي شجع رغد حمادي ورفيقاتها على إطلاق حملة إنقاذ التراث، التأكد من وجود أكثر من ثلاثين ألف كتاب تحت الركام، وهذا أمر يذكّر العرب بـ «هولاكو» الذي أحرق كل مكتبات بغداد.
ومعروف أن البغدادي أعلن من الجامع النوري قيام دولة الخلافة. والثابت أن منارة الحدباء المائلة قد تعرضت للتدمير مثلها مثل جامع النوري الكبير.
وبعد أشهر من إعلان الحكومة العراقية السيطرة الكاملة على الموصل، عادت الحياة الى بعض أحيائها. ولكن جانباً كبيراً من المدينة القديمة لا يزال مدمراً بسبب المعارك الشرسة. كل هذه التداعيات حصلت بسبب احتلال العراق على أيدي القوات الأميركية، أو بسبب تدمير آخر معقل حصين يمكن أن يهدد أمن إسرائيل ويعرقل هيمنتها على فلسطين!