8 مقالات عن العراق يوم الاربعاء في الصحف العربية

1 الميليشيات الإيرانية في برلمان العراق بعد الاستراتيجية الأميركية حامد الكيلاني العرب بريطانيا
نتائج الانتخابات ذهبت في المحصلة إلى خماسي الميليشيات الطائفية، بأحزابها وشخصياتها ومرجعياتها السياسية والدينية المجربة منذ 1979، بما ارتكبته من خيانات عظمى أدت في نهاية المطاف إلى ابتعادها عن قيمها الوطنية وعن بيت العراق.
ميليشيات إيرانية في البرلمان
الانتخابات النيابية في العراق، إذا افترضنا أنها جرت في أجواء من الشفافية تم فيها تصفير التزوير والتلاعب وسرقة الأصوات مع غياب أي علامة استفهام ودون أي زيادة في نسب التصويت العام، فإننا بصدد نسبة 55 بالمئة من الذين يحق لهم التصويت امتنعوا عن الإدلاء بأصواتهم. فهل للأكثرية الممتنعة صدى يعبر عن صوتها الذي قرر أن يحتجزه النظام السياسي ويجرده من الثقة وحق تمثيله العددي وإدعاء الإنابة عنه.
ولأن انتخابات 12 مايو 2018 كانت فضيحة بكل معنى إشهار التزوير والخروقات وشراء الذمم، وتخطيها إلى التهديد بالاغتيالات مع تجميل نسبة التصويت التي لم تصل حسب منظمات الرصد المستقلة إلى 20 بالمئة أو في أعلى مؤشراتها إلى 25 بالمئة؛ بمعنى أن 75 بالمئة من الناخبين عضّوا أصابعهم ندما على تصويتهم في الدورات الانتخابية السابقة التي أنجبت لهم زعماء فاسدين وحكومات فاشلة.
نتائج الانتخابات ذهبت في المحصلة إلى خماسي الميليشيات الطائفية، بأحزابها وشخصياتها ومرجعياتها المجربة منذ 1979، بما ارتكبته من خيانات أدت إلى ابتعادها عن قيمها الوطنية وعن بيت العراق حين فرطت بأوشال بقايا كرامة شخصية، وعندما ساهمت في تمريغ كرامة العراقيين وتاريخ العراق بعار الاحتلال الأميركي، أي أن نتائج الانتخابات تنحسر في فوز الميليشيات الإيرانية منضبطة كانت أو غير منضبطة.
التغيير إن كان يحمل بصمات التظاهرات في ساحة التحرير فهي تحسب للتيار المدني والشيوعيين تحديداً بما حصل فيها من تجاوزات وفض اعتصامات أحياناً بالسكاكين، انتهت إلى تبنيها من قبل تيار ديني مشارك في السلطة له ميليشيات معروفة بإنجازاتها في إشاعة الرعب رغم تفاوت القرارات والانقلابات في تحريك جماهير التيار ومعظمهم من الفقراء والمهمّشين.
لكن عن أي حزب شيوعي عراقي يتحدثون ويتحدث علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني الذي تحامل على الشيوعيين والليبراليين قبل الانتخابات أثناء زيارته بغداد، لمعرفته أن لهم تحالفات مع بعض المحسوبين عليهم في إشارة تنبيه إلى عدم رضا ولاية الفقيه على مثل هذه التوجهات التي تلامس ما يجري من انتفاضة الفقراء والمضطهدين من مكونات الشعوب الإيرانية.
يعتقد ولايتي أن الحزب الشيوعي في العراق مازال موشوما بثورية جيفارا ونضاله ومثاليته، وأن قادة الفكر الأممي يدسون فكرهم وأنوفهم في الحراك الشعبي وبمفاصل الأحزاب والتيارات القديمة والناشئة من إقليم كردستان إلى الاحتجاجات في بغداد، أو في مدن الفرات الأوسط أو في هتافات جنوب العراق أو في أصوات بغداد الحرة.
القوة المهيمنة تدرك أن الحكومة المقبلة هي أضعف حكومة من حكومات الاحتلال لأنها نتاج برلمان فاقد للشرعية
ليعتقدوا ذلك، فالجميع أحرار لكننا في العراق رأينا كيف أن الشيوعيين يدخلون مع المحتل الأميركي إلى العراق وإلى البرلمان “فرحين” بمنجزات الحاكم المدني بول بريمر ومجلس حكمه وعمليته السياسية، وتآلفهم مع الأحزاب الطائفية واحتفالاتهم، وكل ذلك وغيره من المتداول في يوميات الحزب الشيوعي في العراق بعد الاحتلال والتي ربما لا تكفي لوصف تقاسم المنافع والمكافآت الخاصة والتقاعد الخاص والنفسية المغلقة على سجون مشتركة جمعتهم بالمنتمين إلى أحزاب طائفية ومنها حزب الدعوة.
تجاربنا الإنسانية ونحن نتحدث عن العراق، تؤكد لنا أن اللهاث خلف كرسي الحكم لن يؤسس لمشروع الدولة الوطنية المفقودة، فالحزب الشيوعي مصاب هو الآخر بجذام السلطة ولو بأحلام تولي إحدى شخصياته منصب رئيس الوزراء لأول مرة بأفضال فوز تحالفهم مع تيار رجل دين.
ليطمئن علي أكبر ولايتي ولتطمئن إيران، وكما صرح وزير خارجيتها في عدم ممانعتهم لأي رئيس وزراء تختاره الكتل البرلمانية في تفاهماتها. مصدر عدم الممانعة يعود إلى إدراكهم بأن خراج العراق بالمطلق في الظروف الراهنة يعود إلى نظام الولي الفقيه، فاليد الانتخابية ممدودة للجميع وهي تصافح الميليشيات القادمة بقوة إلى البرلمان رغم مسميات الاعتدال والميول الوطنية أو التوازن في العلاقات الإقليمية، لأن الحقيقة كامنة في أن الميليشيات هي مشروع نظام ولاية الفقيه ولن تكون مشروعا مستقلا للعراق.
القوة المهيمنة تدرك أن الحكومة المقبلة هي أضعف حكومة من حكومات الاحتلال لأنها نتاج برلمان فاقد للشرعية، وفي وقت صعب بعد تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ووضوح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، وانكشاف الضعف الإيراني في السياسة والتسليح على مستوى الصراع العسكري في المنطقة، أو في تعاطيه مع الأزمات الداخلية أو حتى في قدرته على حماية معلوماته أو وثائقه الأمنية.
رغم النقد والملاحظات على المشهد الانتخابي في العراق الذي اتسم بظاهرة التفاف الميليشيات واستغلالها للمفاهيم الديمقراطية كغطاء شرعي للتغلغل في العملية السياسية، إلا أن الفرص التاريخية تقترب أحيانا من شخصيات معينة تستطيع، لو أرادت، أن تذهب إلى آخر المنعطف في تثبيت مواقفها دون أن ترضخ لمناخ سياسي عام أو إملاءات من هذا الطرف أو ذاك.
لكن ذلك لن يكون مع انسداد الأفق السياسي والاجتماعي بنفايات النظام الإيراني وعملائه لغياب الثقافة والضمير ونكران الذات من زعماء العملية السياسية وضعف قدرتهم على استحضار المستقبل برؤى حضارية وإنسانية للخروج من هذا المكب الهائل للإشكالات والعقد التاريخية الذي أنتج أفواها تلوك يومياً كرامات الناس وتحرض على زعزعة سلمهم المجتمعي، ثم تكافأ على ذلك بمقاعد برلمانية تحاول أن تقدم لنا مشروعا لبناء الدولة الوطنية المقبلة.
بعد عقوبة نسبة 75 بالمئة وفوز الميليشيات بما تبقى من نسبة الأصوات، هل نحن مقبلون على صمت مقلدي مرجعية جيفارا على أعتاب الوصول المذل مع الميليشيات إلى مقاعد البرلمان والسلطة، أم أن أصوات 75 بالمئة من الشعب وبقليل من التحفيز تكفي لطمر كل النفايات؟
2 “عرَّاب” الحكومة العراقية بمواجهة طهران وواشنطن!! وليد صبري الوطن البحرينية

يمضي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مساره الجديد متحدياً واشنطن وطهران، ومصمماً على أن يكون له دور بارز في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، خاصة وأنه خصم أمريكا منذ وقت طويل وفي نفس الوقت معارض بارز للنفوذ الإيراني في العراق، لكنه لن يصبح رئيساً للوزراء، ليس لأن إيران لا تريده وتقف حجر عثرة أمام حصول تكتله على المنصب، بل إنها قبل الانتخابات أعلنت صراحة أنها لن تسمح لكتلة الصدر بحكم حليفها الوثيق العراق، ولكن لأنه لم يرشح نفسه في الانتخابات. إلا أن فوز كتلته «سائرون» المتحالفة مع شيوعيي العراق، تضعه في موقف قوي خلال المفاوضات، وذلك بعد حصول كتلته «سائرون» التي يتزعمها على 54 مقعداً برلمانياً بزيادة 12 مقعداً عن «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي الذي حصل بدوره على 42 مقعداً برلمانياً، بينما سبقته كتلة «الفتح» بزعامة قائد ميليشيات «بدر» هادي العامري، بنحو 5 مقاعد لتحصد 47 مقعداً في البرلمان القادم، في حين حل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في المرتبة الرابعة وبخسارة نحو 63 مقعداً عن المجلس السابق، حيث حصد المالكي 26 مقعداً برلمانياً، إضافة إلى أنه حصد هو شخصياً أصوات أكثر من مائة ألف عراقي. في الوقت ذاته، حصدت اللوائح السنية نحو 35 مقعداً، فيما حصل الأكراد على أكثر من 50 مقعداً.
ويرسم اللقاء الأخير الذي جمع زعيم التيار الصدري برئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، بعد أقل من 24 ساعة من إعلان فوز كتلة الصدر بالانتخابات البرلمانية، ملامح الائتلاف الجديد الذي يجري تشكيله، فيما تشير التحليلات إلى احتمال أن يضم الائتلاف زعيم الكتلة الوطنية إياد علاوي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، لا سيما وأن العبادي يحظى حتى الآن بصفة «المرشح التوافقي».
وسوف يكون الائتلاف الجديد ضربة لكل من واشنطن وطهران على حد سواء، خاصة وأن الأخيرة كان لها تأثير مباشر في اختيار رئيس الحكومة العراقية في السابق، لا سيما وأن الصدر موضع إشكال لكل من أمريكا وإيران على حد سواء. والأولى لن تنسى «جيش المهدي» الذي أسسه الصدر وخاض معارك دامية ضد القوات الأمريكية في النجف في أغسطس 2004، أدت إلى مقتل نحو ألف من أنصاره، لذلك اعتبرته واشنطن من أكبر التهديدات التي تعوق استقرار العراق. والثانية لا تنسى المواقف العدائية لسليل آل الصدر المعروفين بزعامتهم الدينية ذات الاحترام الواسع في الشارع الشيعي العراقي، وآخر تلك المواقف كانت استدارته وزيارته لكل من السعودية والإمارات.

لذلك سارع هادي العامري زعيم كتلة «الفتح» الموالية لإيران، إلى لقاء الصدر في حين وصف الأخير اللقاء بأنه «يأتي في إطار مشاورات شاملة حول تشكيل الحكومة»، خاصة وأن كتلة «الفتح» بزعامة العامري حلت في المرتبة الثانية فيما يرأس الأخير ميليشيات «بدر» المسلحة والتي تنضوي ضمن ميليشيات «الحشد الشعبي»، حيث يعد أحد أقوى الشخصيات في العراق، كما أنه يحتفظ بعلاقات قوية مع إيران منذ عقود وقبل سقوط نظام صدام حسين في 2003، حيث استمر في قتال الأخير لنحو عقدين من طهران.
وقبل لقاء العامري بالصدر، سارعت إيران إلى إرسال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني إلى العراق، لإجراء لقاءات واجتماعات مع ساسة بغداد من أجل حثهم على تشكيل حكومة جديدة تنال رضا «ولاية الفقيه» في إيران، في حين أن سليماني أبدى اعتراضه خلال الاجتماعات على التحالف مع «سائرون» وقائمة عمار الحكيم، ونائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
وإذا كانت إيران متمسكة بالحفاظ على نفوذها في العراق، أحد أكبر حلفائها في الشرق الأوسط، من خلال تشكيل حكومة تحافظ على مصالح طهران، إلا أنه بإصرارها على إزاحة الصدر فهي تفجر صراعاً شيعياً شيعياً، بين من تدعمهم، ومن يدعمون الصدر، وبالتالي تحدث إيران شرخاً في الشارع الشيعي العراقي، لا سيما وأن الصدر كان واضحاً بعد إعلان نتائج الانتخابات من أنه لن يتعاون مع كل من هادي العامري وخصمه اللدود نوري المالكي، حيث أكد الصدر أنه لن يتحالف إلا مع حيدر العبادي والأكراد والسنة، وشدد الصدر على أنه «غير مستعد لتقديم تنازلات لإيران عبر تشكيل ائتلاف مع حليفيها العامري والمالكي». وإذا كانت واشنطن وطهران تلقيان بثقلهما في المعترك العراقي لتحديد من يقود الحكم في العراق، إلا أن خلافهما الرئيس حول الاتفاق النووي سيؤثر على توافقهما بشأن عراب الحكومة الجديدة.
ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات الماراثونية لتشكيل الحكومة في العراق لعدة أشهر، نظراً لعدم فوز أي كتلة انتخابية بأغلبية مطلقة، بيد أن الدستور العراقي يلزم بتشكيل الحكومة في غضون 90 يوماً من إعلان النتائج الرسمية.
* وقفة:

إيران تفجر صراعاً شيعياً شيعياً بإصرارها على إزاحة الصدر من المشهد السياسي العراقي فيما يصر «العراب الجديد» على التحالف مع السنة والأكراد والعبادي بمواجهة خصومه حلفاء طهران المالكي والعامري!!
3 فرصة نادرة في العراق… قد تضيع من جديد مينا العريبي
الشرق الاوسط السعودية

تتواصل المشاورات بين القيادات السياسية في العراق حول التحالفات الجديدة التي ستؤمن تشكيل الحكومة المقبلة وسط ضغوط داخلية وخارجية متعددة. فكل طرف يريد أن يؤمن مصالحه والخوف من أن تضيع مصلحة العراق خلال عملية المساومة الجارية. وهي عملية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العمل السياسي العراقي بسبب النظام البرلماني الذي فرض على العراق بعد حرب 2003 وانقسامات الأحزاب مما يجعل خروج حزب واحد بأغلبية تشكل الحكومة شبه مستحيل. المشاورات الجارية حول قيام ائتلاف جديد لتشكيل الحكومة تعطي رجل الدين مقتدى الصدر الأولوية مع تقدم قائمته «سائرون» بـ54 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان. ومن المفارقات أن تعلق الآمال اليوم على الصدر لإخراج العراق من مأزق الفساد وعسكرة المجتمع وتشكيل حكومة تكنوقراط، بعد أن كان من أبرز الداعمين للتسليح خارج الدولة من خلال جيش المهدي المنحل.
اليوم، هل يمثل الصدر رجال الدين أم الشعبويين أم الشيعة أم الإصلاحيين أم المسلحين؟ هناك الكثير من التناقضات قد لا نجدها إلا بدولة مثل العراق، مما تجعل الصدر قادراً على تمثيل كل هؤلاء، ولو جزئياً. التزامه بخط مكافحة الفساد والهوية العراقية قبل كل شيء جعل شعبيته في تصاعد بين فئات مختلفة ذات توجهات متعددة. اقتحام البرلمان العراقي والمنطقة الخضراء من قبل الموالين للصدر عام 2016 كانت نقطة مفصلية للصدر ومؤيديه، إذ وجدوا إقبالاً شعبياً للتحرك ضد فساد الطبقة الحاكمة حتى وإن كانت عملية الاقتحام نفسها مرفوضة من حيث مبدأ احترام الدولة. ولكن إذا كان المخول لقيادة الدولة فشل في احترامها، من الصعب فرض ذلك على من تضرر منها. منذ 2016 أصبح الصدر الصوت الأعلى ضد الفساد والمطالبة بحكومة يقودها المختصون والتكنوقراط. واليوم، الفرصة أمام الصدر لتحقيق وعود مكافحة الفساد وبناء الدولة. المعارضة تختلف عن الحكم، وينتظر العراقيون من الصدر، ومن يتحالف معه، ألا يفشلوا في اختبار الحكم، كما حصل في السابق.
عاش العراقيون مثل هذه الأجواء قبل 8 أعوام، عندما فازت قائمة «الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وكانت «الوطنية» تعد الناخب بتخطي الانقاسامات الطائفية. إلا أن المشاورات بين الكتل السياسية، وبدعم من طهران وبتخلٍ من واشنطن، أدت إلى عودة نوري المالكي للحكم وبتأييد من أحزاب إسلامية شيعية مدعومة من إيران. وكانت تبعات ذلك وخيمة على العراق.
اليوم التوقعات بنهوض بغداد من خلال حكومة قادرة على تخطي التحديات الأمنية والخدمية والمالية رهن الائتلاف الذي سيشكله الصدر، والذي يجب أن يفي بوعود التخلي عن الطائفية والاعتماد على الكفاءات في الحكومة. بعد لقائهما الأخير، تعهد الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي بتشكيل حكومة «أبوية»، أي تكون عابرة للطائفية والاختلافات الداخلية وغير مفسدة، تعتني بالمواطن وترعاه. لكن المجتمعات والاقتصادات المتطورة تعتمد على أنظمة حكم متقدمة وبرامج سياسية ناضحة للتطور. تعبير «الأبوية» أثار تساؤلات من أن تكون الحكومة تعتمد على شعارات «الإبوة» بدلاً من نظام مبني على حقوق المواطنين ومسؤولياتهم.
من أبرز نتائج الانتخابات التي أحدثت تغييراً في التوازنات داخل الأحزاب الشيعية الإسلامية، فوز لوائح مثل لائحة «النصر» للعبادي العابرة للطائفة، وحصول وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، وهو من منتسبي الجيش ومن أبناء الموصل، على أكبر عدد للأصوات في الموصل من خلال لائحة العبادي، الأمر الذي يعد ذا دلالات إيجابية.
لكن هناك مؤشرات تثير القلق؛ أبرزها محاولة جهات إسلامية شيعية مدعومة من إيران أن تفرض نفسها على الائتلاف الحكومي. وقد فشلت جهود المالكي حتى الآن في تشكيل «حكومة أغلبية» (أي أغلبية شيعية إسلامية)، وهي كانت من وعوده الانتخابية. وقد تراجعت حظوظه مع تراجعه في النتائج الانتخابية.
لا شك أن حصول المالكي على عدد من الأصوات يثير الانتباه، ولكن في الواقع تراجع عدد الاصوات له من عدة مئات الآلاف في الانتخابات السابقة إلى 100 ألف هذه المرة.
إلا ان إيران لديها عناصر أخرى تدعمها قد تدخل التشكيل الحكومي، وستعمل على فرض الانقسامات الطائفية من جديد. فقد أسرعت طهران بإيفاد قائد «فيلق القدس» والمسؤول عن عمليات إيران العسكرية الخارجية قاسم سليماني إلى بغداد، سعياً لفرض وجود القوى التي تدعمها إيران في المرحلة المقبلة. على رأس القائمة هادي العامري الذي يقود لائحة «الفتح» التي تمثل عناصر «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، والتي حصلت على المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد في البرلمان. وعلى الرغم من التوقعات الأولية بأن يكون تحالف الصدر مع رئيس الوزراء العراقي العبادي وعدد من القوائم التي تمثل تنوعاً سياسياً وعرقياً وطائفياً، إلا أن خطر الخروج بائتلاف من الأحزاب الشيعية الإسلامية قد يجعل شريحة كبيرة من العراقيين ترفض هذه الحكومة. كما أن السعي للقضاء على الفساد والمحاصصة الطائفية يعتمد على ائتلاف متنوع مبني على برنامج سياسي بعيد عن المسميات الطائفية.
وتحرص إيران على تثبيت موقعها في العراق مع زيادة الضغوظ الإقليمية والأميركية عليها. وبالتزامن مع وجود سليماني في العراق، يتجول المبعوث الأميركي الخاص بريت مكغريك بين بغداد ومدن عراقية أخرى سعياً للتأثير على العملية السياسية. إيران ستزيد من جهودها في العراق وستسعى لمحاربة واشنطن هناك، وهذا ما ينذر بفترة عصيبة على العراق إن لم تنجح القوى السياسية العراقية بمواجهة طهران. وفي خطابه عن إيران يوم الاثنين، قال مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي في خطابه «دعم سيادة العراق ودعم نزع سلاح الميليشيات الشيعية» من المطالب الأميركية من إيران. وهناك اليوم 12 مطلباً أميركياً تتمحور حول موقع إيران في المنطقة، حيث قال بومبيو إن العقوبات الأميركية ستفرض لأنه «لا يمكننا أن نواصل تمويل قاسم سليماني».
سليماني، الذي برز في العراق ويتجول في أراضيه وأراضي سوريا، لن يفوت فرصة في تثبيت مصالح طهران. المطلوب ألا يفوت العراقيون وجيرانهم العرب الفرصة الحالية لتشكيل حكومة يمكنها أن تثبت الهوية العراقية وتسعى لصد التوسع الإيراني. الفرصة لن تتكرر.
4 انتخابات العراق: ربما مستقبل أفضل جهاد الخازن
الحياة السعودية

قبل إعلان الترتيبات النهائية للانتخابات البرلمانية في العراق، بدا أن ائتلاف «سائرون نحو الإصلاح» الذي يقوده مقتدى الصدر ويضم الشيوعيين هو الفائز، فله أكثر من 58 مقعداً في البرلمان الذي يضم 328 نائباً.
بعد «سائرون» هناك تحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري، ثم «ائتلاف دولة القانون» بقيادة نوري المالكي، ثم «الوطنية» بقيادة أياد علاوي، ثم «النصر» بقيادة حيدر العبادي، و «القرار» بقيادة أسامة النجيفي، وأخيراً «الحكمة» بقيادة عمّار الحكيم.
مقتدى الصدر شاب له من العمر 44 عاماً يريد حكومة جامعة غير حزبية، وتحالفه مع الشيوعيين وقادة وطنيين علمانيين يعود إلى سنة 2005، ولعل شعار تحالفه في الانتخابات يكشف ما يعتبره أولويات فقد كان عن الفساد والإرهاب.
في كردستان العراق تنافست الأحزاب الكردية المعروفة، وحلّ الاتحاد الوطني الكردستاني أول في السليمانية، والحزب الديموقراطي الكردستاني أول في أربيل، وبعده الاتحاد الوطني. رئيس الوزراء حيدر العبادي فاز في الموصل التي حررت من إرهابيي داعش في تموز (يوليو) الماضي.
أكتب وأتذكر الزعيم الكردي البطل جلال طالباني، فقد كان صديقاً عزيزاً قبل سقوط صدام حسين وبعده، وخلال عمله رئيساً للجمهورية. حاولت أن أراه وهو في مرضه الأخير، ومنعتني متطلبات العمل، إلا أن ذكراه باقية، فقد كان زعيماً وطنياً كردياً، وزعيماً عراقياً عمل لخير العراقيين جميعاً.
الآن أقرأ أن مسعود بارزاني، زعيم الأكراد، ونيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، أرسلا التهاني لمقتدى الصدر لتقدم ائتلافه في نتائج الانتخابات. الصدر تلقى تهنئة أيضاً من عمّار الحكيم.
الناخبون في العراق يتجاوزون 18.2 مليون شخص، وعدد الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة لم يتجاوز 44 في المئة، ما يعني هبوطاً كبيراً عن انتخابات 2005 التي شارك 70 في المئة من الناخبين فيها.
المهم الآن أن ايران موجودة في العراق ومثلها تركيا والولايات المتحدة وأنصار مقتدى الصدر هتفوا ضد إيران بعد إعلان فوزهم، ولا أحد في العراق يريد وجوداً لتركيا أو الولايات المتحدة. حكومة رجب طيب أردوغان تحارب الأكراد في تركيا وقد تابعتهم داخل العراق، وأنا أنتصر للأكراد في تركيا والعراق وإيران، فهم يستحقون دولة مستقلة، إلا أنني لا أعرف إن كانوا سيحصلون عليها يوماً. هم غالبية في أجزاء من شرق تركيا وشمال العراق وموجودون في إيران ومناطقهم متواصلة جغرافياً ويمكن أن تُربط في دولة جديدة.
ما سبق كله في عالم الغيب، فأقول إن العراق بلد يملك موارد طبيعية لا يوجد مثلها في أي بلد آخر في الشرق الأوسط. هناك دجلة والفرات وسهول توفر إنتاجاً زراعياً يكفي أهل العراق جميعاً ويبقى منه للتصدير. ثم هناك مخزون بترولي كبير للاستهلاك المحلي والتصدير، وهو قادر على إخراج العراق من جميع مشكلاته الحالية لو أحسِن استعماله وخلا من أي فساد أو سرقة.
أصدق مقتدى الصدر عندما يتحدث عن مكافحة الفساد، ثم أجد أن موقفه يواجه المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران في بلده. كان الرئيس دونالد ترامب وعد بسحب القوات الأميركية من العراق، وهي محدودة العدد جداً، ثم تراجع. أرى أن قاسم سليماني، رئيس «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، وصل إلى بغداد ليفرض شروطاً على مقتدى الصدر، وهو سيقف في وجه سياسة الصدر وأيِّ إصلاحات يريد أن تجرى في المرحلة المقبلة، لأنها ستكون ضد مصلحة إيران.
أسجل أنني مع شعب العراق، ولست ضد أحد في الشرق الأوسط سوى إسرائيل، فأرجو أن تجتمع دول المنطقة ضد إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة انتصاراً للفلسطينيين، ودفاعاً عن مصالحها في مواجهة غزو خارجي سافر.
5 ما بعد الانتخابات في العراق! كاظم الموسوي الوطن العمانية
” هذه الفترة الزمنية حرجة، لما يمر به العراق وما يرسم له من مشاريع ومخططات وصراعات. وقد تكون واحدة منها، والأبرز فيها، هي زيادة في التفريق والتفتيت داخل كل القوى والتيارات المشتركة في العملية السياسية والانتخابات والدستور، من جهة وشحن الاصطفاف بينها وترغيب بعضها ضد الأخرى وترويج عمليات استبدال كامل بينها او بين مكونات العملية السياسية والمجتمع. ”
انتهت الانتخابات التشريعية في العراق يوم 2018/5/12 وأعلنت النتائج النهائية فجر يوم 2018/5/19 دون أحداث أمنية أو تفجيرات كبيرة كما حصل في المرات السابقة، الا أن هذه الانتخابات مثلما تميزت عن سابقاتها في بعض الظواهر التي أشرنا لها في مقال سابق، تميزت بعزوف شعبي ملفت، خلاف ما سبقها، واستمرار التجاذبات والتوترات البينية بين أغلب الفاعلين في المشهد السياسي.
حسب مفوضية الانتخابات التي أعلنت ان نسبة المشاركين في الاقتراع بلغت 44.5 بالمئة وهي نسبة أقل من سابقاتها اولا، وقليلة مقارنة بالاستعدادات والدعاية والاعلان والحث والتوجيه من مختلف المصادر ثانيا، ورغم بعض الشكوك فيها، الا أن نسبة المشاركة ، بكل الاحوال، تقدم رسالة انذار شعبي للسياسيين والمرشحين والقوائم التي شاركت في الانتخابات. وتحذير مسبق او مؤكد على اختيار العزوف ورفض المشاركة في الاقتراع. ورغم أن الدستور العراقي لا يضع سقفا للنسب او أرقاما واحصاءات تحدد شرعيتها وتتطلب الوصول اليها، فهي بما حملت ستمر ويجري الإقرار بنتائجها والتصديق عليها في الفترة المقررة دستوريا. وتبين النسبة المتدنية للمشتركين في الانتخابات ضعفا واضحا في حالة الرضا الشعبي وصعودا واضحا في الاحباط وخيبة الأمل الجماهيرية من العملية السياسية والوعود والرهانات الحزبية او البرامج التي طرحتها التيارات المشتركة فيها. ومن جهة أخرى فإذا عدنا إلى الأرقام والاحصاء وقارناها فيها فستكون النتائج بكل ما يعلن أمرا مربكا للوضع والإقبال الشعبي. فالمفوضية أعلنت أن عدد المواطنين الذين يحق لهم التصويت في العراق ما يقارب 24 مليونا وأنها أكملت توزيع بطاقات الانتخابات الجديدة على ما يقارب النصف من هذا الرقم، اي انها مسبقا أبعدت نصف المقرر مشاركتهم في التصويت، وان النسبة التي أعلنت تعني انها من هذا النصف، الذي استلم البطاقات الانتخابية، ليكون في الاخير الحاصل اكثر من الثلث من النصف، وبهذا تكون الحصيلة النهائية غير مشجعة واصعب ظرفا. هذا في باب الارقام والاحصائيات، وهي وقائع غير مريحة ولا تعبر عن حيوية الراي العام أو الشعب العراقي. واذا عدنا إلى ما أعلن من نتائج وما صاحب او شاب بعض الأماكن وصناديق الانتخابات فيها والتأجيل والتأخر في الاعلان وتناقض التصريحات وتصاعد الاحتجاج او المطالبات باعادة العد والفرز في بعضها او في نسب منها، فان ما أشرنا إليه في بروز ظاهرتين على الأقل في هذه الانتخابات، وما وصفت به، وهما اشتراك قائمتي سائرون والفتح، وما حملتا من سمات تفرقهما عما عليه القوائم الاخرى، سواء الجديدة أو القديمة، ومعهما او بدونها تطبخ مخططات كثيرة وسيناريوات عديدة لما بعد نتائج الانتخابات، ولكنهما مؤشران عليها أو فاعلتان فيها.
هذه الفترة الزمنية حرجة، لما يمر به العراق وما يرسم له من مشاريع ومخططات وصراعات. وقد تكون واحدة منها، والابرز فيها، هي زيادة في التفريق والتفتيت داخل كل القوى والتيارات المشتركة في العملية السياسية والانتخابات والدستور، من جهة وشحن الاصطفاف بينها وترغيب بعضها ضد الأخرى وترويج عمليات استبدال كامل بينها او بين مكونات العملية السياسية والمجتمع. وهو يبرز بصورة فاضحة في ما تقوم به الكثير من وسائل الاعلام والتواصل ببث وتسريب مكنوناتها وما تحمله في داخلها وما تريد منها الجهات الساعية لتنفيذ تلك السيناريوات والمخططات. وللاسف تخترق بعض هذه النشاطات والفعاليات وتكرارها عقول او قلوب حتى بعض المشتركين في الانتخابات او العملية السياسية أو مواطنين لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وياخذون في ترديد بعضها او نشر وتوزيع وحتى التعليق عليها بما يدفعها او يؤيدها، وهي في الاخير لا تبتعد عن اشاعات ودسائس وسياسات منظمة ومقصودة للتشويه وغسيل الأدمغة وحتى كي الوعي فيها.
مشاركة القائمتين بما تحمله من مواصفات متفردة، لأول مرة تبرز في عملية انتخابات، وكلتاهما، او الاغلب فيهما، كانتا جزء من التحالف الوطني الحاكم في العراق طيلة الفترة السابقة وحتى ما قبل هذه الانتخابات الاخيرة، ولكن قدمت كل منهما طروحات متباينة عن ما معروف عنها، بل ومناقضة لما كانت عليه، لاسيما في مساعي السلطة والتغيير في مساراتها والعلاقات السياسية الداخلية والخارجية وتقبل التاثيرات او النفوذ الخارجي، الأجنبي اساسا.
أية قراءة لمسيرة كلتا القائمتين والقيادات المؤثرة فيهما او الحاسمة تقول بأن البرامج التي طرحتها قد لا تأخذ مسارها الصحيح بعد الوصول إلى السلطة وكرسي الحكم وكعكة الثروة. اذ ان البارز فيهما هو التأكيد على التغيير، ومحاسبة الفساد ومواجهة التحديات الاخرى، المعروفة او المتخفية حاليا. كما تكشف من الان صراعاتها مع التاثيرات او الضغوط الاجنبية عليها وعلى مستقبل العملية السياسية واسس بنائها او تركيبها. وتجربة حزب الدعوة الإسلامية الحاكم وما تعرض له وما اصابه من انشطارات وعناوين مختلفة وتفتيت أركانه يقدم المثال ويبين الجواب على مآلات ما ينتظم و يخطط من سياسات قد تغير الخارطة السياسية ومن يكون كبش الفداء لما يحصل بعد كل ذلك. وتعكس من زاوية أخرى قدرات او امكانات القيادات ورغائبها في الإدارة والتسلط والاستحواذ على المكاسب، ومن ثم التورط فيما تؤاخذ به العملية السياسية والعمل على تغطيته والتهرب من تحمل المسؤولية فيه، قانونيا واخلاقيا.
الحراكات الجارية واللقاءات المستمرة والتصريحات المختلفة تكشف أن قيادتي القائمتين ستلعبان دورا كبيرا في تشكيل صورة الحكم في العراق، واي مشروع او مخطط هو القادر على أخذ زمام الأمور والاستفادة من دروس تجربته وعبر التاريخ وصبر الشعب ونضال التحرر الوطني والسير في صناعة صفحات جديدة فعلا. وبالتأكيد ستكون قدرات القائمين على التيارات والأحزاب الفائزة والتي ستستمر وتشترك في مجلس النواب، البرلمان العراقي، وفي الحكومة أو تتوزع الوظائف في السلطات الثلاثة، والعوامل الكثيرة التي لعبت في رسم الاعراف السابقة فيها ستواصل الان مسار الحكم ولكن ينبغي أن يكون مع خطط جديدة لأوضاع جديدة وأحوال لم تعد كما هي، او مستمرة بنفسها دون تغيير فعلي واصلاح متكامل وتنمية مستدامة، وغيرها من التحديات المباشرة على مختلف الصعد …
6 هل يكون الكُرد..«جَوْكَر» اللُعبة السياسيّة في العراق؟ محمد خروب
الراي الاردنية

عاد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق السابق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ليكون جزءاً مهماً من المشهد العراقي، في ظل مساعٍ حثيثة من الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية لاستمالته, كون حزبه فاز بـ(27) مقعداً, مما يجعله رقما صعباً في حال عدم نجاح المنخرطين في مفاوضات تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر (مقعداً165 من 329) بلورة كتلة كهذه، تتيح لها تسمية رئيس الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية، وفق «برنامجها» الذي سيكون هو الآخر عقبة كبرى امام قيام مثل هذه الكتلة, وسط معارك تصفية حسابات ومؤامرات مُعلنة وأخرى تدور في الخفاء، يصعب تجاهل الدور الذي تلعبه قوى خارجية اقليمية ودولية بهدف تجيير المكاسب السياسية التي ستتحقّق في حال فوز حلفائها المفترَضين أو الحقيقيين في قيادة المرحلة العراقية الجديدة. مرحلة ستكون مختلفة عن تلك التي سبقت انتخابات 12 أيّار الجاري، وخصوصاً عناوين الصراع الإقليمي الذي كان داعش يتصدره طوال السنوات الثلاث الماضية، فيما محاصَرة ايران اميركيا وعربياً, بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي ومسعاها المُعلَن لتشكيل «تحالف دولي» لمواجهة النفوذ الإيراني الإقليمي واغلاق كل مصادر التمويل, عبر فرض المزيد من العقوبات عليها، رغم المحاولات الأوروبية – التي قد لا يُكتب لها النجاح – الرامية إلى إبقاء الاتفاق قائماً وعدم السماح لواشنطن بأن تكون «شرطي العالم.. الاقتصادي».
بارزاني الذي ليس لحزبه حليف كردي (حتى الآن) استعاد في رسالة «للرأي العام» بعض مفردات خطابه القديم (الذي تبنّاه قبل استفتاء 24 أيلول الماضي, وكان كارثياً في نتائِجه) متمنيا ان تتم مراجعة العلاقات بين اربيل وبغداد بعيداً عن التصعيد والتوتر، معتبرا ان «اوضاعاً جديدة استجدّت بعد الانتخابات», داعياً ان تكون الانتخابات بداية مرحلة جديدة. مُذكّراً بأن السبب الرئيسي لجميع المشكلات السابقة وقرار «شعب» كردستان لإجراء الاستفتاء «يعود الى عدم التزام حكومة بغداد بالدستور وديباجته الواضحة, التي تنصّ على ان وحدة العراق اختيارية. مُشدّداً على أنه بذلك «يكون الاستفتاء وحق تقرير المصير, حق دستوري وطبيعي لشعب كردستان».
رسالة بارزانية واضحة العنوان والمصقود بها حيدر العِبادي, الذي قاد الحرب على الاستفتاء ونتائجه, ما الحق بالتالي هزيمة بـ»كاك مسعود»، واسهم ضمن أمور أخرى، في انهيار التحالف الكردستاني الذي قاده حزبا بارزاني وطالباني (الديمقراطي والاتحاد الوطني). إنهيار استمر حتى الان، على نحو يحول دون بروز كتلة برلمانية كردية ذات صوت واحد ووزن سياسي يصعب تجاوزه او القفز عليه. الامر الذي دفع بنائبه وابن أخيه نيجرفان بارزاني, لدعوة جميع الاطراف الكردية الى «رصّ الصفوف» انطلاقا من مصلحة شعب كردستان وتنحية كل الخلافات الداخلية جانباً. مبدياً استعداد حزبه للجلوس معاً والحوار لوضع برنامج عمل مشترَك, من «أجل مشارَكة مؤثرة لكردستان في الحكومة العراقية المقبِلة».
دعوة تستبطن شعوراً بالضعف, وان كان حزب بارزاني حافظ على قوته البرلمانية التي كان عليها في برلمان 2014 ، فيما حسمت احزاب كردية اخرى منافِسة موقفها بعدم التحالف مع حزب بارزاني, وبخاصة حركة التغيير التي تراجَع تمثيلها الى خمسة مقاعد, بل ان حركة جديدة نشأت مؤخراً هي «حراك الجيل الجديد» بزعامة شاسوار عبدالواحد استطاعت الحصول على اربعة مقاعد, ولم تتجاوز عدد مقاعد الاتحاد الوطني (شريك بارزاني في التحالف السابق) الى 18 مقعداً. ما عكس تراجع قوة هذا الحزب, ليس فقط بعد رحيل مؤسسه وقائده التاريخي (مام جلال) وانما ايضا بانشقاق احد ابرز قادته وهو برهم صالح, وتشكيله تحالف «الديمقراطية والعدالة» حيث تحصّل على «مقعدين» وهما بالتأكيد سُحِبا من رصيد حزب طالباني، فيما ترشح أنباء عن احتمال «عودته» للتحالف مع حزب بارراني, عبر مفاوضات بدأها الرجل القوي فيه المُلاّ بختيار في اربيل. اذا ما وعندما… تُكتَب للتحالف الكردستاني «المنهار» العودة, فان الكتلة البرلمانية الكردستانية ستكون ذات دور كبير في تقرير مستقبل المناورات والمشاورات الدائرة لتشكيل «الكتلة الاكبر» وبالتالي يمكن للكرد انتزاع مكاسب مهمة, في ظل الحديث عن تفكّك محتمل بل اكثر من محتمل لكتلة حيدر العِبادي (الذي هو خصم معلَن للكرد… اقلّه حزب بارزاني) لصالح التحالف المتوقّع بين إئتلاف دولة القانون (نوري المالكي) وكتلة الفتح (برئاسة هادي العامري كممثل عن الحشد الشعبي واسع النفوذ) وهو تحالف قد يُغري بارزاني بالانضمام اليه, كون علاقاته جيدة مع المالكي (الذي هو خصم كتلة «سائرون» التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر) وربما ايضا نكاية في العِبادي, والإسهام في محاولات ابعاده عن تجديد ولايته.
المشهد العراقي يتميز بالسيولة وانعدام الثبات على المواقف والوعود, وبخاصة تلك التي تُبذل في اللقاءات المتلفزة, كاللقاء الذي جمع العِبادي بالصدر والأخير بهادي العامري, علماً ان الصدر كان وضع «فيتو» على التحالف مع هادي العامري (كتلة الفتح) ونوري المالكي (دولة القانون). وكان الاخير قاد حربا شعواء ضد جيش المهدي التابع للصدر, في ما عُرِف حينذاك بـ»صولة الفرسان», ولم تنجح المحاولات التي بذلت لمصالحتِهما.
في السطر الأخير…يكاد التمثيل الكردي في مجلس النواب الجديد, يصل الى «60» مقعداً. لكنه غير مُوحّد. وثمة احتمال وارد – وإن ليس مؤكداً –بعودة تحالف «الديمقراطي والاتحاد الوطني» ما يعني 43-45 نائباً. وهي «كتلة» يخطب ودّها كثيرون. ويبقى انتظار ما اذا كان كاك مسعود سيُبقي على خطابه القديم, الذي اعاد إحياءه في بيانه الاخير؟ ام أنه سيأخذ في الاعتبار المعطيات الجديدة التي ترتبت على الغاء نتائج الاستفتاء, وتراجُع خطاب الإنفصال وانهيار تحالفاتِه الإقليمية وبخاصة مع.. تركيا؟….الأيام ستُخبرنا.
7 العراق للعراقيين.. سلطان عبدالعزيز العنقري المدينة السعودية
إنه العراق، ياسادة، الذي مزقته الطائفية والمذهبية، واجتثاث نظام البعث الذي أتى به العميل الإيراني نوري المالكي الذي استولى على قرابة 800 مليار دولار أمريكي من خزينة الشعب العراقي. المالكي يجتث بجرة قلم نظام حزب البعث في العراق وفي الوقت ذاته يصفق بل ويستميت في الحفاظ على نظام حزب البعث في سوريا وكأن مؤسس حزب البعث في العراق مختلف عن مؤسس حزب البعث في سوريا، فالمؤسس واحد هو ميشيل عفلق؟!. العراق سلمه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على طبق من ذهب للإيرانيين مع شيك مصدق يقدر بـ 150 مليار دولار لكي يرغم حضارة بأكملها أن ترتمي بقوة الدولارات والدعم الأمريكي لإيران، وقامت إيران بتعيين ممثل الولي الفقيه العميل نوري المالكي رئيساً لوزراء العراق لكي يفصل العراق العظيم، الذي يحتضن حضارة من أعظم الحضارات في العالم حضارة وادي الرافدين، نقول: لكي يفصله عن محيطه العربي، ويضم العراق لإيران لكي يفعل به الشاذ خامنئي ما يشاء. الانتخابات العراقية الأخيرة حققت فوزاً ساحقاً لتيار الصدر (سائرون)، والذي حصل على 54 مقعداً، يحتاج للحصول على 165 مقعداً، في مجلس النواب العراقي المؤلف من 329 مقعداً، لتشكيل حكومة تكنوقراط ديمقراطية بعيداً عن الطائفية، كما أشار إليه مقتدى الصدر. بعبارة أخرى أكثر دقة إن العراق للعراقيين وليس لإيران وممثلي إيران وعلى رأسهم هادي العامري (الفتح)، ونوري المالكي (القانون) بشرطين: الأول وهو عدم الرضوخ للضغوط الإيرانية والابتزاز الإيراني ممثلاً بالمجرم الإرهابي قاسم سليماني على الأحزاب،والذي أرسله على عجل خامئني، والشرط الثاني الالتزام بنتائج الانتخابات النهائية والتي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات وفرزت بتقنية عالية. فمقتدى الصدر الآن أمامه خياران لاستبعاد الموالين لإيران العامري والمالكي. الخيار الأول هو تشكيل تكتل بالتحالف مع عمار الحكيم (الحكمة) 19 مقعدا، وإياد علاوي 21 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني 25 مقعداً، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني 18 مقعداً، وتحالف القرار أسامة النجيفي 14مقعداً، والجماهير الوطنية 7 مقاعد، والأنبار هويتنا 6 مقاعد، وقائمة كوران 5 مقاعد ليصبح إجمالي المقاعد 169 مقعداً تخوله لتشكيل حكومة بعيداً عن حزب الفتح هادي العامري (الحشد الشعبي) وبعيداً عن نوري المالكي (القانون) المواليين لإيران، وبعيداً عن حيدر العبادي (النصر). الخيار الثاني هو التحالف مع العبادي (النصر) 42 مقعداً، والحكمة عمار الحكيم 19 مقعداً، وإياد علاوي (الوطنية) 21 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني 25 مقعداً، وتحالف القرار أسامة النجيفي 14 مقعداً، والاتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعداً ليصبح له الأغلبية في البرلمان بعدد 193 مقعداً من أصل 329 مقعداً مجموع مقاعد مجلس النواب العراقي لكي يجعل بالفعل العراق للعراقيين بحكومة وحدة وطنية تعيد للعراقيين حضارتهم التي دمرت واختطفت من قبل باراك أوباما والشاذ خامئني.
8 انتصار الوطنية العراقية
حمادة فراعنة
الدستور الاردنية

وأخيراً، ها هو الشعب العراقي بمكوناته المختلفة ينتصر بوطنيته وينحاز لها على حساب العناوين الأخرى، ويضع المدماك الواقعي والحقيقي على طريق استعادة عافيته عبر انتخابات مجلس النواب يوم 12 أيار، أول انتخابات بعد هزيمة داعش، وثاني انتخابات بعد هزيمة الاحتلال الأميركي سنة 2011 .
أول مظاهر الوطنية العراقية فوز قائمة “سائرون” التي يقودها مقتدى الصدر الذي سبق وأن قاتل الأميركيين عند احتلالهم للعراق وأخرجهم بالتعاون والنضال المشترك مع باقي المكونات العراقية : مهزومين، وانتصر على الإيرانيين عند رفضه أن يكون إمعة وأداة تنفيذية لبرامجهم التوسعية على حساب الشعب العراقي ومصالحه وأمنه وقومياته العربية والكردية وغيرهما، ولذلك كافأه أغلبية العراقيين وحصل على موقع القائمة الأولى بخمسة وخمسين مقعداً، وحصلت قائمة تحالف الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري على 48 مقعداً، وإئتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي على 47 مقعداً، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي على 26 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني على 25 مقعداً، والوطنية بزعامة إياد علاوي على 21 مقعداً، والحكمة بزعامة عمار الحكيم على 19 مقعداً، وحزب جلال الطالباني الإتحاد الوطني الكردستاني على 18 مقعداً، وتحالف القرار العراقي بزعامة أسامة النجيفي على 11 مقعداً من أصل عدد أعضاء مجلس النواب 392 مقعداً، الذي يُعتبر أعلى سلطة في الدولة وتتمثل فيه كافة المكونات العراقية، ولدوره الدستوري في انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفريقه اعتماداً على تحالف الأغلبية العددية في البرلمان.
والظاهرة الثانية التي سجلها مقتدى الصدر تحالفه مع الشيوعيين، وشكلوا قائمتهم المشتركة كدلالة رمزية ليس فقط على الحس الوطني والخيار الإستقلالي، بل إرساء قيم ومفاهيم التعددية السياسية الفكرية بما يتعارض مع سلوك أحزاب التيار السياسي الإسلامي بكل تنويعاته من الإخوان المسلمين إلى أحزاب ولاية الفقيه، وداعش والقاعدة، الذين لا يقبلون الأخر بصرف النظر عن هويته الفكرية والعقائدية والقومية والمذهبية، وهذا التوجه لدى مقتدى الصدر تعبير عن فهمه للضرورات العراقية وتوجهاتها الكامنة في رفض الأحادية والتسلط والتفرد، وقراءة منه لهزائم أحزاب التيار الإسلامي، وفشل تنظيماتهم ليس فقط داعش والقاعدة في سوريا والعراق، بل وتراجع الإخوان المسلمين ومراجعاتها الفكرية والسياسية في تونس والمغرب والأردن وطالت حركة حماس في فلسطين.
أما الظاهرة الثالثة والأهم فهي عدم قدرة أي قائمة في الفوز بالأغلبية البرلمانية التي تسمح لها بتشكيل الحكومة منفردة أو بفرض سياساتها على باقي المكونات العراقية، فالنتائج ستفرض تقاطع القوائم والبحث عن الشراكة الضرورية في اختيار رئيس الوزراء المقبل ونيل ثقة البرلمان، إضافة إلى الشراكة السياسية في التعامل مع العناوين الثلاثة: العالم العربي، والإقليمي تركيا وإيران، والدولي.
نتائج انتخابات البرلمان العراقي مهما بدت سلبية والاحجام الشعبي عن التصويت وتدني مستوى المشاركة، ولكنها قدمت خطوة إضافية لحركة التحرر العربية في الإعتماد على صناديق الاقتراع في اختيار السلطة وتداولها، وهو ما نتطلع إليه في عالمنا العربي وما سبق وأن افتقدناه، وهي أحد عناوين سبب هزيمة العرب المتكررة أمام العدو القومي المتفوق: المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي.