3 مقالات عن العراق يوم الاثنين في الصحف العربية

1 التيار الاسلامي الصدري واختبار جديد.. وتحديات الحكم الضخمة عبد الجليل الزبيدي
راي اليوم بريطانيا

قضي الامر الذي فيه تستفتيان ..التيار الصدري قائد المرحلة المقبلة ..وامامه امتحان صعب وحزمة من المشكلات الاقتصادية والسياسية والامنية .. فهل ينجح ؟
وهل سيتحول هذا الفوز وتجربة الحكم للتيار الصدري الى فخ حينما يفشل باعتباره تيار اسلامي شعبوي حوزوي ؟
قبله وطيلة خمس عشرة عاما اخفقت حكومات الحركة الاسلامية في اغلب المستويات الاساسية والمهام الستراتيجية الاقتصادية والسياسية والامنية وان هذا الاخفاق قد تسبب في تصدع صورة عريقة تعود الى ستة عقود من تاريخ العمل الحركي والدعوي ( حسبما خرجت به استطلاعات رأي عشوائية ) وايضا طبقا لما تكتنزه مخيلة الفرد العراقي من صور اسطورية للمخلص الآتي بعد رحيل نظام صدام حسين .
اما الطبقة المتوسطة والمتعلمة العراقية فليس لديها ما تقيسه في محاسبة الاسلاميين ( الحكام الجدد) سوى المقارنة مع التجارب الاسلامية الناجحة بدرجات في كل من ايران وماليزيا وتركيا.
ويقول خبراء علم الاجتماع ان الجمهور العام والنخبة في العراق يعتمد اسلوب الاسقاط والانعكاس العشوائي في اطلاق الاحكام على الاشياء وبصورة عاطفية وانفعالية وذلك مع غياب المعايير المنطقية والعلمية التي تتنافر مع ( رهاب) الخوف من المستقبل المجهول .
فهل يدرك الزعيم مقتدى الصدر جسامة وعظمة وخطورة المسؤولية؟؟ لان في هذه المرة سينسحب الفشل ليس فقط على النخبة كما في التجربة الحركية بل سينعكس احباطا على جمهور الشارع الاوسع وهو ما يهدد الحركة الاجتماعية المذهبية الايمانية التقليدية بما في ذلك اهتزاز العلاقة مع مؤسسة المرجعية .
وليس غريبا هذا الامر على المجتمع العراقي، فهذه الحالة مر بها المجتمع في اربعينيات القرن العشرين حينما اعتكفت الحوزة النجفية على نفسها بعد عودتها من المهجر ، فحصل انحسار في المعتقدات الايمانية بحيث استغل الفراغ الحزب الشيوعي الذي تحول الى حزب الشارع بسرعة لافتة . ..
احد الدعاة الحركيين ممن خاضوا محنة الداخل والصراع مع النظام الاستبدادي السابق ، سالته وقبل خمسة عشر عاما : لم رفضت المناصب ولماذا اعتكفت مقابل الآتين من رفاقك من الخارج ؟!
اجاب قائلا : ارى في الامر خدعه وما يحدث هو هرولة للسلطة حيث قفز الدعاة من منبر الوعظ والارشاد الى كرسي الحكم من دون النزول من خلال جمهور المتفرجين .!!
صديقي ذهب اكثر من ذلك وقال : ان ما يحصل جنون لان العراق ما بعد 2003 ليس مؤهلا لادارة مباشرة من قبل الاسلاميين ولاسباب كثيرة ..
قلت : وماهي هذه الاسباب؟ اليست الشعارات اللتي رفعت في اغلب الانتفاضات والحركات الثورية في العراق كانت اسلامية ؟
قال: ان امة خرجت للتو من سجن الكبت الى الحرية والانعتاق من الصعب قيادتها عبر اطر تنظيمية وادارية بما في ذلك اطر الحكومة والدولة ، وان الطامة الكبرى هي في ( فخ ) الديمقراطية الذي جرى تصميمه لاضعاف مركز السلطة وتفكيك منظومة القوة السياسية والقانونية في العراق ..
ثانيا : وهو الاهم هو ان نظام البعث وطيلة 35 عاما نجح في قطع رؤوس القيادات الارشادية والتوعوية الميدانية والتي تظهر طبيعيا وتلقائيا في اي مجتمع مسلم . وبذلك نجح النظام في خلق تدين لدى الامة عاطفي وشعاراتي وعشوائي وغير منظم وغارق في الطوباويات الى حد الخرافات التي تزدهر في المجتمعات المنغلقة والتي حرمت من التسديد والتشذيب في السلوك والمعتقد .
ولذلك تجد العلاقة الحالية بين الجمهور والقيادات الاسلامية بما فيها المرجعيات تقوم على اساس الزعاموية التي تشتغل على صدمات العقل الجمعي وليس التدين المؤطر والمؤدلج الذي اشتغل عليه الزعيم نجم الدين اربكان طيلة ثلاثة عقود واسس قاعدة شعبية متدينة ومؤدلجة في المجتمع التركي ومهدت للفتى رجب طيب اردوغان وعلى اساسها قفز الى السلطة بسلاسة وظلت تلك القاعدة متماسكة ورصينة وتسنده الى اليوم .
صديقي اختتم اجابته قائلا : ان اللعبة في العراق تقضي على مايبدو ، باسقاط المشروع الاسلامي بمفرداته واحدة تلو الاخرى وفي غضون عشرين عاما ، لان ما يخطط لمستقبل العراق غير الذي هو عليه الان . ( الى هنا انتهى الاقتباس من كلام صديقا الداعية الزاهد ) .
وبغض النظر عن صحة او عدم صوابية صديقنا الداعية . يبدو مما سبق ان التيار الاسلامي بل وحتى المؤسسة الدينية ولاسيما الشيعية منها انها واقعة في دائرة الاستهداف، وعليه ؛ هل سيتمكن السيد الصدر ورفاقه في المشتركة الاسلامي انهاء لعبة الاستهداف؟
وماهي امكانية المراجعة باتجاه اعادة انتاج وعي حركي اسلامي معتدل ويوازن مابين الثوابت ومابين المستحدث من المتغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمع العراقي واللتي افرزتها تجربة السنوات الخمس عشرة الاخيرة ؟
2 تساؤلات حول الانتخابات العراقية شملان يوسف العيسى الشرق الاوسط السعودية

جاءت النتائج الأولية للانتخابات العراقية التي جرت يوم السبت، 12 مايو (أيار) الحالي، بتقدُّم «سائرون»، الذي يتزعمه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في عدة محافظات، بينها بغداد وواسط والمثنى وذي قار، بالحصول على 54 مقعداً، وتلاه في المركز الثاني «تحالف الفتح» الذي يضم 18 كياناً وفصيلاً سياسياً تمثل فصائل الحشد الشعبي، أبرزها «منظمة بدر» بقيادة هادي العامري، وقد نال 47 مقعداً.
وجاء ترتيب «تحالف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي في المرتبة الثالثة بالحصول على 44 مقعداً، وجاء ترتيب «تحالف دولة القانون» بقيادة نوري المالكي في المرتبة الرابعة بالحصول على 25 مقعداً، وجاء في المركز الخامس «القائمة الوطنية» بقيادة إياد علاوي متحالفاً مع رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ونال 21 صوتاً، وتلاه «تحالف الحكمة» برئاسة عمار الحكيم ونال 19 مقعداً.
ماذا تعني هذه النتائج الأولية للانتخابات العراقية التي شارك فيها 11 مليون ناخب من مجموع الناخبين العراقيين الذين يُقدَّر عددهم بـ24 مليون ناخب؟!
التساؤلات حول النتائج كثيرة، والإجابات ستكون صعبة؛ هل نتائج الانتخابات الأولية تدعو إلى التفاؤل أم إلى التشاؤم بمستقبل العراق واستقراره؟ هل تتغير توجهات الحكومة العراقية بعد إعلان النتائج الأخيرة نحو حكومة وطنية أم تبقى المحاصصة السياسية كما هي في السابق؟ وماذا تعني هذه النتائج بالنسبة لعلاقة العراق بكل من واشنطن وطهران؟ وماذا تعني النتائج في توجه العراق وعلاقته مع العرب بشكل عام والخليج بشكل خاص؟
كل المؤشرات الجديدة تشير إلى تقدم التيارات السياسية التي تبنت مشروع الإصلاح المدعوم من المرجعية الشيعية بالنجف، وأبرزها تقدم مقتدى الصدر الذي شارك الحزب الشيوعي والأحزاب اليسارية العلمانية التي تسعى إلى تحقيق دولة مدنية ذات نهج وطني.
كما تشير إلى تراجع الأجنحة الحليفة مع إيران، وعلى رأسها «تحالف دولة القانون» برئاسة نوري المالكي… لكن تقدم لائحة «ائتلاف الفتح» بزعامة هادي العامري المتحالف مع إيران قد يكون عقبة أمام الإصلاحات الجديدة.
يبقى السؤال: مَن الذي سيشكل الحكومة القادمة؛ هل سيكون مقتدى الصدر أم العبادي أو ائتلافاً جديداً يضم التنظيمين؟ من الصعب الآن الحديث عن المفاوضات أو التحالفات لتشكيل الحكومة القادمة.
الجميع ينتظر النتائج النهائية، وحجم أعداد كل تنظيم حزبي في البرلمان الجديد… كما ستخضع الحكومة الجديدة إلى معايير الحكم الفعال والأسس الوطنية بعيداً عن الاستئثار بالحكم أو المحاصصة السياسية البغيضة… الزعيم مقتدى الصدر أعلن أنه سائر نحو التغيير وتكوين حكومة قوية وأبوية.
حتمية التغيير باتجاه الإصلاح أمر طبيعي، لأن مقاطعة الانتخابات بأعداد كبيرة، إذ بلغ عدد المقترعين 11 مليوناً من 24 مليون ناخب عراقي مسجل، أي أن نسبة المشاركين في الانتخابات كانت 44.5 في المائة من مجموع الناخبين، وهذا دليل قاطع على أن الشعب العراقي قد سئم من السياسيين الفاسدين والعقلية السياسية التي تدير البلد منذ عام 2003… ضعف المشاركة دليل قاطع على خطورة الوضع القادم في العراق وخطورة استمرار سياسة المحاصصة الطائفية ورموز الفساد الذين أفقروا العراق ونهبوا خيراته، وهو دولة نفطية غنية بالموارد المتعددة.
شركاء العراق الدوليون بدأوا يدعمون النتائج التي من شأنها إضعاف حلفاء إيران إلى حد كبير داخل العراق، والسؤال: إلى أين يتجه العراق في الصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة…؟! طهران لديها قوة ونفوذ وتأثير سياسي قوي على الأحزاب والميليشيات الشيعية، وعلى رأسهم هادي العامري قائد «الحشد الشعبي»… أما بقية رؤساء الأحزاب الموالية لإيران فقد أسقطهم الشعب العراقي والمرجعية الدينية في الانتخابات.
الولايات المتحدة لديها دور فعال في العراق، خصوصاً دورها المتميز في محاربة الفساد والقضاء على تنظيم «داعش».
الولايات المتحدة وإيران لديهما مصلحة في إبقاء الأوضاع في العراق كما هي؛ فكلا الطرفين يدعم حكومة العبادي المعتدلة.
وأخيراً، ما مستقبل العراق بعد الانتخابات؟ المتفائلون يرون أن نتائج الانتخابات ممتازة أفرزَتْ تغييرات جذرية على مستوى الحكم والحكومة، فالشعب العراقي ازداد دعمه السياسي ورفض استمرار حكم الفاسدين والمتاجرين بالدين، لذلك اختار الإصلاحيين أملاً في تحول العراق إلى دولة مدنية ناجحة.
المتشائمون أو الواقعيون يرون أن الانتخابات وحدها لن تُحدِث المعجزات، فنجاح الديمقراطية يتطلب تغيرات مجتمعية عميقة تفرز شعباً يؤمن بالعدالة والمساواة واحترام الآخر.
نأمل أن تدعم دول مجلس التعاون العراق بقوة لأن استقرار العراق هو الضمان الوحيد لاستقرار المنطقة.
3 مزاج الرئيس بوش المتعكر وليد الزبيدي الوطن العمانية

بينما صوّرت وسائل الإعلام الأميركية الحرب بأنها ستكون ” خاطفة” فقد تصوّر غالبية العراقيين أن الحرب ستكون ” طويلة” وأن الوصول إلى بغداد سيأخذ مدة ليست بالقصيرة، لكن سرعة تقدم القوات الأميركية لم تغير كثيرا من قناعات الشارع العراقي المسبقة، في حين تأثر المزاج الأميركي بذلك التأخير في إنهاء الحرب.
في الاول من أبريل 2003 تم الإعلان للمرة الأولى، عن الحالة النفسية، التي يعيشها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وقالت وسائل الإعلام الأميركية، وهي تصف الرئيس الأميركي بقولها واستناداً إلى مشاهدات من داخل البيت الأبيض، إلى أن بوش اصبح متعكر المزاج وساخطاً على منتقدي العمليات العسكرية. كما أن المقربين من بوش قالوا، إن سير العمليات في العراق، أثر كثيراً على مزاجه، وأنه من النادر رؤيته وهو يمازح الموظفين، بل إنه كثيراً ما يسخر منهم، وذهب البعض من أصدقائه إلى أنهم يشعرون بالقلق على الرئيس.
وبينما لم تنشر وسائل الإعلام العراقية، أي شيء عن يوم الرئيس صدام حسين، وكان هناك نوع من التعتيم الكبير على حركته ونشاطاته، فإن وسائل الإعلام الأميركية، نشرت نتفاً من اليوم التقليدي للرئيس الأميركي، وذكرت، انه يبدأ يومه بقراءة الصحف، ويحصل في الساعة السادسة من صباح كل يوم من مستشارته لشؤون الأمن القومي على تفاصيل ما يحصل في جبهة الحرب، عبر الهاتف. أما بعد الساعة الثامنة، فأنه يعقد اجتماعاً لمجلس الأمن القومي.
وذكر قريبون من الرئيس صدام حسين، أنه كان يتابع تطورات الحرب من خلال التقارير العسكرية، التي تصله بصورة متواصلة، كما حرص على أن تكون هناك الأطباق اللاقطة (الستالايت) في الأماكن التي يتواجد فيها، والتي تم إعدادها خصيصاً قبل بداية الحرب بأكثر من أسبوع. في حين كان الرئيس بوش يعبر عن غضبه من المراسلين وهو يتابع تغطيات الحرب من خلال التلفاز، ولم يخف انزعاجه الشديد من الجنرالات المتقاعدين، الذين كانوا يشككون علناً في تكتيكات الخطة العسكرية.
أما في ميدان الحرب، فقد كانت الأمور تسير باتجاه آخر، خاصةً في الجانب العراقي، ولا يدرك خطورة هذا الاتجاه، إلا الذين كانوا في داخل ميدان المواجهة، والذين يتنقلون لسبب أو لآخر، بين المدن العراقية، ويشاهدون بأم أعينهم حجم القصف والتدمير العنيف والمتواصل، الذي تتعرض له قطعات الجيش العراقي بصورة عامة، وقوات الحرس الجمهوري على وجه الخصوص. وإذا تمكنت البيانات العسكرية العراقية وبعض التصريحات من رفع المعنويات لدى المقاتلين العراقيين بنسبة بسيطة، خلال الأسبوع الثاني من الحرب، فيمكن القول، إن بداية الأسبوع الثالث، هي نقطة التحول الأهم في الحرب، رغم إن الجبهة الداخلية العراقية، ظلت متماسكة، ولم تظهر بوادر قوية، تشير إلى تفكك الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية الأخرى.
لكن التطورات التي بدأت تقفز إلى واجهة الأحداث منذ بداية الأسبوع الثالث للحرب، لا يمكن فصلها، عن الذي حصل على ارض الواقع داخل العراق، خلال الأسبوعين الأولين من الحرب.
لكن بصورة عامة فمنذ الأيام الأولى، وحتى انتهاء القصف في التاسع من أبريل، كان المراسلون والمعلقون يصحون صباح كل يوم ليبثوا خبراً تكون مقدمته متشابهة تماماً، يقول: لقد عاشت بغداد ليلة مرعبة، ولم تشهد مثيلاً لها في الأيام السابقة، بسبب القصف الشديد، هذا يعني أن الذي يستطيع أن يُقَّيِمْ حقيقة ما يجري، ليس الذي يسمع الأخبار ويشاهد ألهبة النار والدخان المتصاعد، عبر شاشات الفضائيات، وإنما الذي يدرك ما يحصل، الذي تهتز الأرض من تحته، وترتج الجدران والأبواب والشبابيك، حتى يتخيل المرء أنها ستنقلع من أماكنها.