7 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 البيان الشيوعي لصاحبه السيستاني
فاروق يوسف العرب بريطانيا
خيل للعراقيين أن السيستاني هو رجل الحل. أوهموا بذلك بعد أن ضاقت بهم السبل. وهو الوهم الذي ساهم في صناعته ورثة ماركس في العراق. الشيوعيون ساهموا في تكريس مكانة السيستاني منقذا.
أصاب العراقيين بالوهم
انتظر العراقيون، عامة وخاصة، “سادة” و”خدما”، مسلحين ومحرومين، مرضى وأصحاء بيان المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لتوضيح فتواه في “المجرب لا يُجرب” وهي أقصر فتوى في تاريخ الفتاوى الإسلامية.
ولم يكن ذلك الانتظار إلا إشارة جديدة من إشارات تحول العراق إلى دولة دينية، من غير أن يحتاج المعنيون بالأمر إلى أن يعلنوا عن ذلك. لقد تم تنصيب السيستاني من قبل في موقع شرفي لا تطاله الشبهات ولا يتعرض فيه للمساءلة ولا يُرد له طلب وهو ما نصت عليه ديباجة الدستور العراقي الجديد الذي حث السيستاني نفسه العراقيين على التصويت إيجابا عليه.
وليس غريبا أن يكون الولي الفقيه الجديد إيرانيا أيضا. فالعراق في حقيقته بلد واقع تحت الوصاية الإيرانية وإذا ما أردنا أن نكون أكثر صراحة فليس مطلوبا من رجل الدين أن يكون وطنيا في خضم طوفان الحركات والجماعات الإسلامية التي تجمع على إقامة الشريعة العابرة للدول بما لا يقيم وزنا للوطنية والشعور والوعي الوطنيين.
السيستاني بهذا المعنى هو زعيم أمة عابرة للوطنية. ولكن ما هذه الأمة التي تتكون من محرومين ومقموعين ومضللين ومخدوعين ومسروقين وفقراء بالرغم من ثراء بلدهم ومعزولين بالرغم من أن إمامهم صار السيد الذي ينحني له الساسة إجلالا وتستعين بفتاويه دوائر المخابرات العالمية؟
لقد انتظر البؤساء بيان إمامهم الذي اعتقدوا أنه سيكون حبل الخلاص الذي ينقذهم من الفساد الذي يحيط بهم من كل جانب ليدمر حياتهم وبقضي على آدميتهم. خيل إليهم أن ذلك الإمام الصامت سيعينهم في محاربة فقر وجهل ومرض لا يليق بشعب، تعتبر بلاده واحدة من أثرى البلدان في العالم.
غير أن السيستاني كعادته وهو مُجرب من قبل خيب آمال الفقراء من مقلديه من خلال بيان غامض لم يقل شيئا واضحا ومحددا يكن الاهتداء به عمليا حين ساعة الاقتراع. لقد أسدى السيستاني خدمة عظيمة للفاسدين حين لم يسمهم. فهو حقيقة لا يملك ما يؤهله للقيام بذلك. الفاسدون يملكون جيوشا فيما المرجعية لا تملك القدرة على إطلاق رصاصة واحدة.
الرجل أضعف من أن يواجه الفاسدين. هذا إذا افترضنا حسن نيته. ولو كانت المرجعية مخلصة لفقرائها لاعترفت بذلك العجز. غير أن ما حدث بعد ذلك البيان الشبحي هو العكس تماما.
لقد رأيت واحدا من أكبر مضللي الشعب العراقي وهو يتحدث عن بيان المرجعية باعتباره البيان الشيوعي الجديد الذي لم يكتبه ماركس. أفهم أن المغالاة والمبالغة هما طبعان عراقيان غير أنني لا أفهم كيف يصل الإسلاميون إلى مستوى قبيح من الصلافة يؤهلهم لتسويق الرذيلة والخداع والتضليل والقبح بما لا يليق بالعقل السليم.
أنا على يقين أن الشعب العراقي الذي يعز علي أن أصفه بالمسكين سيصدق كل ذلك الهراء إذا قيل في وصف بيان المرجعية، ولكنها الحقيقة التي يجب الاعتراف بها. فذلك الشعب مُختطَف طائفيا.
ليس الفاعل مجهولا هذه المرة. فالمرجعية هي التي اختطفت ذلك الشعب المسكين الذي لم يعد لديه سوى “الله” يتوجه إليه من أجل إنهاء مظلوميته. وكما أرى فإن المرجعية حين امتنعت عن تسمية الفاسدين فإنها غدرت بـ”الله” والشعب معا.
أنا على يقين من أن مَن شبه بيان السيستاني ببيان ماركس وأنجلز لم يقرأ البيان الشيوعي. ذلك لأن البيان الشيوعي بالرغم من عظمة وشعرية بلاغته وأهدافه لم يكن بيانا ديمقراطيا. وهو ما يضع ديمقراطية العراقيين بين قوسين. فإذا كان السيستاني ديمقراطيا حسب التوصيف العراقي يحق للشيوعيين العراقيين أن يخونوا شعاراتهم ويذهبوا إلى التحالف مع تيار ديني متخلف مثل تيار مقتدى الصدر في بلد لا عمال فيه.
لقد خيل للعراقيين أن السيستاني هو رجل الحل. أُوهموا بذلك بعد أن ضاقت بهم السبل. وهو الوهم الذي ساهم في صناعته ورثة ماركس في العراق. ما لا يمكن إنكاره أن الشيوعيين ساهموا في تكريس مكانة السيستاني منقذا. لذلك فإنهم لن يفاجئوا أحدا حين يبصمون بالعشرة على البيان الشيوعي الثاني الممهور بتوقيع السيستاني، إمامهم الجديد.
2 مفهوم مقاطعة الإنتخابات العراقية وأبعادها د. رياض السندي ود. أثير إدريس راي اليوم بريطانيا

هذا هو أول مقال مشترك لكاتبين عراقيين معنيين بشؤون العراق ومسألة الانتخابات فيها، وهو يلقي الضوء على مضمون مقاطعة الانتخابات في العراق، وما هي أبعادها، ولماذا هذه المقاطعة، وأخيرا، ما تأثير هذه المقاطعة لاحقا.
تمهيد
المقاطعة حركة شعبية ظهرت في الأونة الأخيرة في العراق تدعو إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية فيها والتي ستجرى يوم 12 مايو/آيار الجاري لهذا العام، وتصاعدت وتيرتها مع قرب موعد الإنتخابات. وهذه الحركة تمثل اليوم أكثر من نصف الشعب العراقي بإعتراف الجهة المنظمة للإنتخابات في العراق، وهي المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، وتقدر نسبتها ب 53% من مجمع الناخبين. وهذه النسبة وتشكل بحد ذاتها رَدّ فعل صارخ تجاه تدهور الأوضاع في العراق، وعزوف نسبة كبيرة من الشعب عن منح التأييد والشرعية المطلوبة للسلطة والأحزاب القائمة بعد عام 2003.
ويتمسك كل طرف المشاركين والمقاطعين على حد سواء بحججهم لأثبات وجهة نظرهم إزاء الطرف الآخر. فالمشاركين يرون إن المقاطعة من شأنها أن تبقي الفاسدين في السلطة، وعدم إمكانية تغييرهم إلاّ من خلال صناديق الإقتراع، بعد أن إنعدمت إمكانية التغيير من خلال إنقلاب أو ثورة، نتيجة لحل الجيش العراقي العقائدي بموجب قرار الحاكم المدني الأمريكي عام 2003. ويرى المقاطعون إن الفاسدين لم يأتوا عبر صناديق الإقتراع وإنما جاءوا مع الاحتلال، وأنهم موجودون في السلطة منذ 15 سنة، وأن إمكانية تغييرهم عن طريق الإنتخاب شبه مستحيلة في ظل دستور ملغوم، وقانون إنتخابي غير عادل، ومفوضية انتخابات قائمة على المحاصصة الحزبية للأحزاب الكبيرة التي تتمتع بإمكانيات مالية هائلة نتيجة إستحواذها على الثروة في العراق والتي تقدّر بالمليارات، ولديها ميليشيات مسلحة تفرض هيمنتها على الشارع العراقي، كما إن لها إعلام مؤيد لها ويتبنى سياساتها ويدعو لإنتخاب مرشحيها مجددا، وعلى سبيل المثال فقد أنشأ نوري المالكي الذي يتزعم قائمة ائتلاف دولة القانون، 14 قناة فضائية للدعاية الانتخابية لحزبه فقط، واتفق مع إحدى المؤسسات الإعلامية لدعم قائمته مقابل 153 مليون دولار، هذا بالإضافة إلى تأثيرات دول الجوار وفي مقدمتها إيران، في وضع مشابه للإنتخابات اللبنانية التي جرت هذا اليوم، وربما ستحمل نفس التداعيات لاحقاً، خاصة وأن فرص وصول التيار المدني بعد فترة إخفاق الأسلام السياسي في العراق ضئيلة جداً، وهي في رأي اكثر المتفائلين لن يحصد أكثر من 10-15 مقعدا بمن مجموع مقاعد البرلمان، وهي نسبة 4.5%.
وإزاء تناقض الحجج التي يسوقها الطرفين فقد ارتأينا إبداء الرأي فيها.
كيفية المقاطعة
تتمثل المقاطعة اليوم في عدم التوجه إلى صناديق الإقتراع لإنتخاب المرشحين لعضوية البرلمان العراقي في الثاني عشر من الشهر الجاري، وهم 7000 مرشح لشغل 329 مقعدٍ برلماني، بالنسبة للناخبين العراقيين في الداخل، ويومي 10 و11 من الشهر نفسه بالنسبة للعراقيين في الخارج والذين تقدَّر أعدادهم ب (6) مليون عراقي، رغم كل التسهيلات التي قدمت لهم ول (2) مليون عراقي نازح داخل العراق، في إمكانية المشاركة بالإنتخابات بمجرد إبراز أي وثيقة تعريف عراقية.
ويعاني المقاطعون من التفرق وعدم وجود قيادة قادرة على توحيدهم، إضافة إلى إفتقارهم لإمكانيات الفريق الأول المالية الضخمة والميليشيا المسلحة لفرض هيمنتها، وإلى الإعلام المساند لهم، إضافة إلى إنعدام وجود إية جهة دولية لتبني وجهة نظر هؤلاء المقاطعون ودعمهم.
ومع ذلك فقد إستطاعت إحدى المجموعات الشعبية من الإعلان عن نفسها تحت مسمى (مجموعة مقاطعون للإنتخابات في العراق) وقدمت وجهة نظرها الشاملة حول الأوضاع في العراق من خلال البيان الأول لها الصادر يوم 6/5/2018، والذي نشرته وسائل إعلام ومواقع الكترونية عديدة.
لماذا نقاطع؟
المقاطعة سلوك ديمقراطي لا يختلف عن المشاركة في الانتخابات، وطالما إن الانتخاب حق وهذا ما أقره الدستور العراقي فان المشاركة من عدمها قرار يتخذه المواطن المؤهل للانتخاب، السؤال: لماذا ندعو للمقاطعة في الانتخابات البرلمانية المقررة في 12- 5-2018؟ الجواب بسيط: المقاطعة مطلوبة لان القانون الانتخابي غير عادل ومصمم خصيصا لاستحواذ كتل الفساد الحاكمة على نتائج الانتخابات وإذا ما عرفنا إن هذه الكتل متحكمة بالسلطة والثروة والأعلام وترتبط بأجندات خارجية وتتلقى تمويلا خارجيا وأخر داخليا يتأتى بشكل أساس من الفسادين المالي والإداري المستشري بسبب هذه الكتل، ومن خلال كل ما سبق لن تكون المشاركة مجدية بل إنها فقط وفقط أقول ستوفر غطاءا لكتل الفساد الحاكمة دون أي أمل حقيقي بالتغيير.
نتائج المقاطعة
قبل الإجابة على ذلك بودي تناول أشكال يطرحه مناصري الانتخاب وهو: إن عدم المشاركة سيترك المجال لكتل الفساد ومناصريها للانتخاب وبالتالي سيصل حتما هؤلاء الفاسدين مرة ثانية وسينتهي أي أمل للإصلاح، وجواب ذلك لا يحتاج إلا إلى مراجعة بسيطة لنتائج الانتخابات السابقة حيث ارتفعت ونزلت أصوات كتل الفساد خلال الدورات السابقة فمثلا كانت كتلة عمار الحكيم في انتخابات عام 2010، 17 مقعدا بعد أن كانت 40 مقعداً في انتخابات 2006 لتصبح لاحقا 34 في انتخابات 2014، كما إن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي فاز بصعوبة خلال الدورة الانتخابية السابقة عام 2014 ولولا الأصوات التي حصل عليها سلفه نوري المالكي لما فاز إذ لم يتجاوز عتبة أل 6000 الأف صوت في حين انه الأن زعيم قائمة منافسة على المراكز الأولى، فأين ثبات جمهور الكتل الفاسدة مع كل هذا الصعود والنزول؟ الأن، ماذا سيترتب على المقاطعة من نتائج؟ اهم النتائج إن العراقيين الرافضين لكتل الفساد سيقولون وبصوت مرتفع نحن لسنا جزءا من مسرحية إعادة تدوير الفاسدين والفاشلين وسيعبّرون عن ذلك بوضوح من خلال مقاطعة هذه الدورة الانتخابية، كما إن كتل الفساد لن تتردد في التزوير لكنها بحاجة لنسبة مشاركة معقولة لتمارس التزوير وتقليل نسبة المشاركة يجعل ذلك أمراً صعباً جداً، ومن النتائج أيضا إن العراقيين سيبعثون برسالة مهمة للمرجعية الدينية في أن قانون الانتخابات غير عادل ونحن نرفضه ونحتاج إلى وقفة المرجعية لتعديله وان الجماهير مستعدة لقبول المرجعية كقائد حقيقي للإصلاح للوصول بالعراق والعراقيين إلى بر الأمان.
– ما هو مصير المقاطعة لما بعد الانتخابات
سبق القول إلى أن المقاطعة هو موقف سياسي ضد الوضع السياسي في بلد ما، وهو بهذا الوصف لن يستمر إذا ما تحقق لدعاة المقاطعة ما كانوا يصبون اليه من تحسن الأوضاع ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات العامة، وضمان حقوق الإنسان. أو كما يرى المقاطعون، انهم يسعون لإقامة انتخابات حرة ونزيهة تستند إلى قانون إنتخابي صحيح ومفوضية انتخابات مستقلة، ونظام إنتخابي سليم ورصين. والعمل بعد الانتخابات بإجراء إزالة هذه التركة الثقيلة من الخراب والدمار والديون والفساد وتهاوي قواعد المجتمع العراقي.
وفي أسوأ الأحوال فإن هذا الموقف قد يتطور ويتخذ أشكالاً أخرى وتحت أسماء وأوصاف مختلفة للإستمرار بنفس الموقف، لا سيّما وأنهم لم يضفوا الشرعية على السلطة التي صعدت من خلال الانتخابات. فالمقاطعة ليست غاية بحد ذاتها، وإنما هي وسيلة من بين عدة وسائل للتنبيه إلى سوء الأوضاع وتدهورها في العراق في كافة المجالات، كما أشار بيان مجموعة مقاطعون الأول، المشار اليه في أعلاه، بما يوحي بإستمرار الموقف وتطوره إذا بقيت ظروف نشوئه قائمة.
وختاما، فأن إجراء الانتخابات والفوز فيها، لا يعني ضمان بقاءها طيلة الدورة الانتخابية التي أمدها أربع سنوات في العراق، في ظل أوضاع دولية مضطربة في العراق والشرق الأوسط عموما، فالعديد من برلمانات دول المنطقة لم تكمل دورتها، وتاريخ العراق الملكي خير شاهد على ذلك.
3 انتخابات واغتيالات د. فراس الزوبعي الوطن البحرينية
تكاد لا تخلو أي انتخابات سياسية في العالم من المنافسة، فهي قائمة عليها، ويتنوع شكل المنافسة بين المرشحين فمنهم من يعتمد استراتيجية تبنى على إبراز أعماله ومنجزاته للجمهور، ومنهم من يعتمد على استراتيجية إسقاط الخصم إن لم يكن لديه شيء يبرزه، وقد يكون ذلك وفق ما يسمح به القانون أو قد يتجاوزه قليلاً، لكن في العراق الأمر مختلف تماماً.
في العراق يتنافس 7376 مرشحاً ينتمون لـ320 حزباً وقائمة للحصول على 328 مقعداً في مجلس النواب العراقي ومنهم سينتخب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وهذه رابع انتخابات برلمانية تجرى في العراق بعد غزوه واحتلاله في عام 2003، لكن المنافسة على الانتخابات في العراق لا تشبه غيرها في أماكن أخرى وحيث لا أعمال تذكر لأي سياسي أو حزب أو قائمة تمكنهم من اعتماد استراتيجية إبراز المنجزات للجمهور، فكل أعمالهم كانت عبارة عن هدم وسرقات وجرائم، فقد لجأ المتنافسون إلى الاستراتيجية الثانية وهي استراتيجية إسقاط الخصم، لكن إسقاط الخصم هنا يكون بمعناه الحرفي فهو بين اغتيال أو فضيحة جنسية مصورة بالصوت والصورة، ومع اقتراب موعد الانتخابات في كل مرة من المرات الأربع يسقط عدد من المرشحين قتلى في عمليات اغتيال وينجو آخرون، وفي المنافسة للانتخابات أضيف مقاطع فيديوية إلى مكتبة المقاطع الإباحية لمرشحين آخرين، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال، وقد يستغرب كثير من الناس خارج العراق من هذه الأعمال والمنافسة بهذه الطريقة فتأسف الأمم المتحدة وتقلق كعادتها، لكن هذا الاستغراب يزول إذا عرف المتابع أن ممارسة الأحزاب والكتل السياسية لعمليات الاغتيال والتصفية في العراق لأغراض انتخابية هو أمر طبيعي، فهذه الأحزاب والكتل هي في أصلها عصابات وميليشيات لها ذراع سياسي يحكم البلد، والعلاقة بين هذه الأحزاب هي علاقة بين عصابات ولذلك تلجأ هذه العصابات إلى أقصر الطرق للتخلص من منافسيها وهو الاغتيال، كما أن بعض الأحزاب تلجأ إلى عمليات التفجير والقتل الجماعي لإسقاط الحزب الذي يحكم حالاً.
هناك الكل يحارب الكل، والطريف أن الفرقاء السياسيين المشاركين في الانتخابات وقعوا على «ميثاق شرف انتخابي» قبل انطلاق حملاتهم الانتخابية! ثم انطلقت بعدها حملات الاغتيال والفضائح الجنسية، ويبدو أن هذا هو الشرف الانتخابي من وجهة نظرهم! فإذا كان هذا حالهم وهم شركاء في العمل السياسي فما بالك بعلاقتهم مع المواطن ومصالحه ومع البلد وخيراته؟!
4 العراق على خطى لبنان في الارتماء في أحضان إيران!! أحمد بودستور
الوطن الكويتية
قال الشاعر الطغرائي :و حسن ظنك بالأيام معجزة فظن شرا وكن منها على وجل
المثل الإيراني يقول (تغير الحية جلدها لا طبعها) فقد كشف حزب الله عن حقده الدفين وطبعه اللعين ونواياه السيئة عندما احتفل بانتصاره في الانتخابات بإطلاق الرصاص لإرهاب الآخرين واستعراض القوة وذلك بتكسير لوحات عليها صور رئيس الوزراء سعد الحريري بل إن البلطجة بلغت مداها عندما اتجهت المسيرات إلى ضريح رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري ووضع علم الحزب في رقبة تمثال رفيق الحريري الذي كان وراء اغتياله حزب الله وقد اتهمت المحكمة الدولية الجزائية حزب الله رسميا باغتيال الحريري ولذلك وضع رئيس الوزراء الحريري صعب للغاية ويستطيع حزب الله تغييره بما يملك من أصوات في البرلمان بعد الانتخابات الأخيرة .
الجدير بالذكر أن حزب الله مع حليفه التيار الوطني الحر وهو حزب رئيس الجمهورية ميشيل عون يملك 65 نائبا وهذا الرقم يمثل الأكثرية في مجلس النواب اللبناني في حين خسر رئيس الوزراء سعد الحريري ثلث الأصوات فهو اليوم يملك 21 صوتا من أصل 32 صوتا ولذلك من يملك مفتاح تشكيل الحكومة هو حزب الله فهو اليوم كما ذكرت في مقال سابق الآمر الناهي في لبنان فهو صاحب قرار الحرب والسلام خاصة أن الرئيس عون هو حليف لحزب الله وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري كذلك حليف له .
تستطيع القول إن النظام الإيراني هو صاحب القرار في لبنان لأن حزب الله هو مجرد ذنب له وهو اليوم استطاع أن يتوسع ويضم ولاية جديدة للجمهورية الإيرانية هي لبنان وهو لم يسيطر عليها بالحرب ولكن بالانتخابات ولذلك نقول إن النظام الديمقراطي لا يصلح نهائيا في دول تمزقها الطائفية والفئوية والقبلية وكذلك وجود فكر ديني متطرف سواء شيعي أو سني وسوف يكون هدف حزب الله هو التطهير الطائفي لمناطق السنة وتحويلها إلى مناطق شيعية وتهميش الطوائف والديانات الأخرى ولذلك سوف يفقد لبنان صفة التسامح الديني والتعايش المشترك ولن تكون هناك حرية رأي في لبنان الجديد.
ما حدث في لبنان نتوقع أن يحدث في العراق فهناك نفوذ وتغلغل إيراني في المدن العراقية وهناك مال سياسي يضخه النظام الإيراني لدعم المرشحين الذين يمثلون نظام الولي الفقيه وعلى رأسهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكذلك قادة الحشد الشعبي الذين يشاركون في العملية السياسية ولكنهم لازالوا مرتبطين في ميليشيات الحشد الشعبي والتي هي نسخة من حزب الله وهي تحذو حذوه في التأثير على الانتخابات البرلمانية ومحاولة الوصول إلى الأكثرية للتحكم في قرار الحكومة العراقية كذلك مجلس النواب العراقي تمهيدا لتحويل العراق إلى ولاية إيرانية مثل لبنان .
حذرنا في السابق صندوق التنمية الكويتي من منح أي قروض كبيرة إلى لبنان لأنها حتما بعد سيطرة حزب الله سوف تصب القروض في مصلحة حزب الله وبالتالي النظام الإيراني وفي هذا المقال نحذر صندوق التنمية أيضا من منح العراق أي قروض ميسرة وكذلك الحكومة الكويتية بعدم المشاركة في عملية إعادة إعمار للعراق ويكفي ما دفعته إلى الآن لأن هذه الأموال سوف تصب في مصلحة الحشد الشعبي وكذلك النظام الإيراني والشعب الكويتي أولى بكثير من الأموال التي تمنح بقصد تحسين مستوى معيشة الشعب اللبناني والعراقي ولكنها للأسف تذهب للنظام الإيراني الذي يصرفها على تصنيع صواريخ باليستية تضرب بها المملكة العربية السعودية.
إن النظام الإيراني القمعي يلعب لعبة خطيرة لها تأثير كبير على مستقبل الأمة العربية فهو يسعى إلى سلخ دول مثل لبنان والعراق عن محيطها العربي وذلك من خلال صناديق الاقتراع والسيطرة على مجالس النواب والحكومات وليس بعيدا أن تقرر هذه الحكومات إعلان الوحدة الإندماجية مع النظام الإيراني لأنها تملك القرار في العراق ولبنان وأيضا سوريا مستقبلا لو تمت أي انتخابات برلمانية بها .
نعتقد أن على جامعة الدول العربية أن تعلق عضوية هذه الدول لأنها سوف تعترض على أي إدانة للنظام الإيراني وأن عليها أن تحذر الدول العربية الأخرى من تسلل النظام الإيراني إليها ومحاولة التأثير في الانتخابات فهو يلعب بكرت الانتخابات للتأثير على قرارات هذه الدول فهو أشبه بداء السرطان الذي ينتشر في الجسد كانتشار النار في الهشيم وهو أيضا يتميز بسياسة النفس الطويل ولذلك لا بد من تحصين الجبهة الداخلية في الدول العربية للتصدي للخطر الإيراني.
5 إنه موسم الانتخابات مينا العريبي الشرق الاوسط السعودية
دخلنا موسم الانتخابات في المنطقة، من أول انتخابات في لبنان منذ 9 أعوام إلى أول انتخابات عراقية منذ دحر «داعش»، مروراً بعدد من الحملات الانتخابية في ليبيا وتركيا. كل دولة لها خصوصيتها، ولكن في كل حالة تشهد هذه البلدان أجواء ترقب وتساؤل: هل يا ترى سنشهد تغييراً يذكر من خلال صناديق الاقتراع؟ بالنسبة للساسة والمراقبين والصحافيين، الانتخابات فرصة للتحليل والنظر في التطورات الإقليمية والتطلعات الاستراتيجية، أما للمواطن فالهم الأول هو الحصول على حكومة قادرة على إدارة البلد بأمان وتقوده نحو الازدهار. في غالب دول منطقة الشرق الأوسط، الانتخابات العامة تقام على أرض تشهد اضطرابات تهدد أمن البلاد، على أمل أن تجلب صناديق الاقتراع نوعاً من التوافق السياسي يعزز الاستقرار. وهذا التوافق يحتاج إلى زعماء ينظرون إلى المستقبل البعيد ولمصلحة البلد أولا – سمات لا توجد في كثير من الحالات مع المرشحين السياسيين.
النظام الانتخابي مبني على مبدأ أن الشخص الأفضل هو الذي يتم اختياره لتولي السلطة، بناء على الاعتقاد بأن الشعب قادر على اختيار الشخص المناسب. ويواجه هذا المبدأ اختباراً صعباً شبه يومي في دول تعاني من الانقسامات الطائفية والعرقية وأنظمة سياسية هشة تدفع الناخب لاختيار المرشح ليس بناءً على برنامجه السياسي، بل نسبة لطائفته أو عرقه أو عشيرته في دول لم تنضج فيها الأحزاب السياسية بعد. هنا يصبح من الصعب القول إن الشخص الأمثل قد تولى الموقع الملائم.
في الدول الخارجة من نزاعات داخلية أو حروب أهلية، والتي عادة ما تكون نتيجة خلاف حول من يحق له حكم البلاد، تبدو الانتخابات الوسيلة الأمثل لإحداث الانتقال السلمي. وقد شهدنا خلال العقدين الماضيين في العالم العربي، بلورة عملية الانتخاب في الجمهوريات إما لتكون عملية مصادقة على قائد ما من دون منافسة حقيقية، أو لتكون موافقة مستسلمة لنظام حكم معين.
ففي العراق، كانت الانتخابات وسيلة اعتمدتها الولايات المتحدة للتخلي عن مسؤولية إدارة شؤون الدولة التي احتلتها بعد حرب عام 2003، ومن أجل إعادة «السيادة» للعراق. فكانت عملية الاقتراع الأولى تمهد لبلورة نظام حكم في العراق بظروف مضطربة، لم تكن فيها الأجواء مهيأة لخوض الانتخابات بروح ديمقراطية ونضوج للعملية السياسية. على الرغم من عدم رضا نسبة عالية من العراقيين على الأداء الحكومي، كانت نسبة المشاركة في كل انتخابات أعلى من 50 في المائة (أي الأغلبية)، لتدلل بذلك على إيمان العراقيين باختيار صناديق الاقتراع لحكم البلاد بدلاً من حكم الاستبداد أو القتال.
لكن عملية الانتخاب وحدها لا تكفي. فمن دون مؤسسات صلبة تمنع استغلال المواقع الرسمية والمال العام، تتزعزع الدولة. كما أن عدم وجود موظفي دولة مهنيين أكفاء (تكنوقراط) يُسيرون شؤون الدولة بغض النظر عن هوية الحاكم ونوعية الحكم، يعني أن كبار الموظفين يصبحون «موظفي حكومة» يتغيرون مع تغير الحكومة. وهذا يضر بالدولة على المدى البعيد. لقد عانت جمهوريات مثل العراق ولبنان، بنيت العملية السياسية فيها على محاصصة طائفية، من ويلات المحاصصة في الوزارات التي بات بعضها يخدم حزباً أو طائفة معينة أولاً، وبعدها الدولة.
عامل المال السياسي يؤثر على الانتخابات ومن ثم على مسار العملية السياسية برمتها. الواقع أثبت بأنه لا يمكن لأية قوة سياسية أن تتسع ويزداد نشاطها من دون أن يكون لديها دخل مادي كبير. وفي دول لا توجد فيها آليات لجمع المال بطرق منتظمة وشفافة، يصبح الفساد المالي مرتبطاً بالنجاح السياسي. هذه القضية لا تقتصر على العالم العربي. ففي كل دولة يسود فيها التعدد الحزبي وتكون الانتخابات وسيلة لنقل السلطة فيها، مثل الولايات المتحدة، يكون المال السياسي ونفوذ قوى ثرية يلعب دوراً غير صحي أحياناً في العملية السياسية. وغالباً ما نسمع عن أطراف حققت النجاح بسبب الأموال على حساب من يمتلك الشعبية الأوسع. وقد يكون خير مثال على تمويل الحملات الانتخابية بشكل غير سليم، ما يثار حالياً حول الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي من قضية قضائية بخصوص تمويل حملته الانتخابية.
من جهة أخرى، تشهد الدول التي تعاني من آفة الإرهاب محاربة الإرهابيين للانتقال السلمي للسلطة. واستهداف مراكز الانتخاب في ليبيا وأفغانستان خلال الأيام الماضية، وإعلان «داعش» الحرب على الانتخابات في العراق، يظهر مدى خوف المتطرفين من الانتخابات، على الرغم من مشكلاتها. من السهل تعديد النواقص في أي من الأنظمة السياسية المذكورة، ولكن تبقى فكرة الانتقال سلمي للسلطة وموافقة غالبية الشعب على آلية الحكم من الأفكار التي يخافها ويحاربها المتطرفون.
أما في الجمهوريات التي تشهد استقراراً نسبياً، تصبح للانتخابات أهداف أخرى. فعلى سبيل المثال، في تركيا، الانتخابات المرتقبة مغزاها تثبيت سلطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وليس تثبيت النظام التركي الذي شهد خلال القرن العشرين صراعاً بين الحكم المدني وسلطة الجيش. والإعلان المفاجئ مؤخراً عن إجراء انتخابات مبكرة في أنقرة أثار أسئلة حول نيات إردوغان للحقبة المقبلة، بعد أن استطاع أن يُحَجّم معارضيه إثر محاولة انقلاب يوليو (تموز) 2016. هنا دور الانتخابات يصبح لتعزيز موقع الزعيم.
وعلى الرغم من كل هذه القضايا، لمن لم ينتخب في السابق ويحق له الانتخاب، هناك شعور صعب وصفه عند الاقتراب من صندوق الاقتراع. مبدأ أن كل صوت له أهمية، وأن للفرد الواحد إمكانية التأثير في الأحداث من دون اللجوء إلى العنف، مبدأ مهم للغاية. الشعور الفردي بقوة الصوت الواحد، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الدخل المادي، شعور مهم للانتماء للوطن. عسى أن يشعر جميع الساسة بهذا الشعور والسعي لتحقيق التغيير الإيجابي المطلوب.

6 انتخاب لمسارين مشرق عباس الحياة السعودية

سيضطر العراقيون وسط كم هائل من التضليل والإرباك والتداخل إلى تحديد مسار شامل لبلادهم خلال الانتخابات التي ستجري السبت المقبل، من بين مسارات متعددة تجاوزت في هذه النسخة قضايا التمثيل المذهبي والقومي والحزبي، إلى اختيار نمط الحكم وأسلوبه، وطريقة النظر إلى المستقبل. وأزمة الاختيار في العراق مركبة بالفعل، ولم يسعَ طرف سياسي إلى فهمها بعمق لتسهيل مهمة الناخب، بل تعمد الجميع عبر سياسات وتحالفات خاطئة ومرتبطة إلى تشويش المشهد بديلاً عن توضيحه. فعلى مستوى الناخبين في المناطق الشيعية ساهمت التحالفات والتقاطعات السياسية في خلق حالة إحباط غير مسبوقة، من جدوى الانتخابات نفسها، وتم اختصار المشهد في كثير من الأحيان في صراع جناحَي حزب الدعوة (العبادي والمالكي) على السلطة، وعندما اختصر الصراع في رغبة حزب في الحفاظ على مكاسبه واستمرار استئثاره بمنصب رئاسة الحكومة ولم يترجم الى مسارات سياسية واضحة، تتعلق بمستقبل البلاد، فإن كلا الزعيمين ساهم في تضليل الشارع وأربك خياراته. وفي هذا النموذج تحديداً، يمكن ببساطة القول ان الساحة الشيعية يتنازعها مساران، الأول يتعلق بأسلوب الحكم الذي مثلته حقبة المالكي، وكان سيتعزز هذا المسار لو ان الأخير نجح في جمع الأطراف الشيعية المنسجمة معه في قائمة «الفتح» التي تمثل بعض فصائل الحشد الشعبي، او حتى من بين بعض المرشحين والأحزاب المنضوية ضمن قائمة «النصر» التي يقودها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي لم ينجح بدوره في توضيح مساره السياسي بجمع أطراف مثل قائمة «سائرون» و «الحكمة» الى تحالف واضح.

الأكثر ارباكاً ان الأطراف التي تمثل المسارين المشار إليهما تطلق تسريبات عن نيتها التحالف مابعد الانتخابات، لكنها تهمل مجتمعة مقدار التضليل الذي خلفته لخيارات الناخب.
وليس بعيداً عن المسارين المشار اليهما، فإن الساحة السنية بدورها تخضع الى استقطاب ثنائي، احدهما يفهم التغيير في العراق ومع تغيير الواقع السني، بدعم احد المسارين الشيعيين الأكثر تأثيراً في شكل الحكم ونمطه، والآخر مازال ينظر الى الصراع السياسي من زاوية انتظار حسم الصراع شيعياً في الداخل قبل المضي الى فرض شروط واتفاقات مقابل مشاركة السنة في الحكومة المقبلة، وهو الأسلوب الذي طبق مراراً وأثبت فشله.
الساحة الكردية التي لم تغادرها تبعات الاستفتاء، تنقسم بدورها إلى مسار يدعم المضي خلف السياسة التي انتجت الاستفتاء وتداعياته، والتمسك بالخيارات الحزبية التقليدية التي حكمت مزاج إقليم كردستان للسنوات الماضية، أو البحث عن حلول كردية في نطاق حل عراقي شامل.
وعلى وفق هذه الثنائية يفتح المراقبون مجال التأويل للحديث عن ثنائيات (إيران – أميركا) أو (محور المقاومة – محور الاعتدال) أو (الإسلام السياسي – المدنية/ العلمانية)، لكن القضية على رغم التضليل تكتنف معادلات اخرى.
فمسار العبادي وحلفائه من الشيعة والسنة والكرد، سواء الحاليين او المتوقعين ما بعد الانتخابات، والذين يتحدثون عن ان انسجامهم ساهم في تحرير العراق من تنظيم «داعش»، وخلق حالة من الهدوء والثقة الإقليمية والدولية بمستقبل العراق، يتهم بأنه مسار أميركا، ودول الاعتدال العربي، والعلمانيين والمدنيين. ولكن هذه ليست الحقيقة كاملة، تماماً كما ان مسار المالكي والحشد الشعبي وحلفائهم الشيعة والسنة والكرد، ليس مساراً ايرانياً بالكامل، ولا يمثل محور المقاومة بالكامل، كما انه ليس ممثلاً للإسلام السياسي.
القضية تبدو أكثر تعقيداً إذا علمنا ان كلا المسارين يضمان قوى وأحزاباً وشخصيات تتمتع بعلاقات تنسيقية جيدة مع اميركا وإيران والدول العربية وتركيا وأنهما يضمان علمانيين وأحزاب الإسلام السياسي ايضاً، وفي مستويات اخرى يحتضنان فاسدين ومنتفعين ومجربين ايضاً.
ويبدو ان هذا التداخل هو نتاج مقصود، لمنع اكتساح مسار للآخر، وأيضاً منع تحول نظرية الحكم وأسلوبه وآليات عمله إلى متبنيات شعبية. ومع هذا فإن وضوح المسارين وتجربتهما السابقة مازالت قابلة للقياس، والمعادلة الثابتة حولهما تتعلق بمصالح العراق وشعبه، والناخب الحصيف قادر على رغم مستوى التضليل الذي احيط بالعملية الانتخابية، على معرفة اي مسار يحقق المصلحة الوطنية، وأيهما يعمل على تحقيق مصالح الغير.

7 الأحزاب العراقية إذ تغادر الطائفية … إلى المجهول حميد الكفائي الحياة السعودية

قد تكون الانتخابات العراقية المقررة بعد أيام، الأخطر والأكثر غموضاً حتى الآن، لكن نتائجها سوف تحسم، على الأرجح، مسار العراق المقبل وهل سيكون دولة ديموقراطية حقيقية، منسجمة مع شعبها والعالم، أم دولة ضعيفة تتأثر بسياسات الدول الأخرى وغير قادرة على رسم سياسة وطنية تخدم مصالحها.
وتأتي خطورة الانتخابات من الأحداث الجسام التي شهدها العراق خلال السنوات الأربع الماضية والتي استنزفته مالياً وعسكرياً وسياسياً وبشرياً، وساهمت في دفع قوى سياسية معينة إلى الصدارة، لكنها في الوقت نفسه حفزت الجماعات السياسية على مغادرة التحالفات المبنية على أسس طائفية ومناطقية عشوائية، لكنها لم تجد بديلاً عن خطابها الطائفي السابق، فما زالت البرامج الانتخابية غائبة كلياً، بينما أصيب الخطاب السياسي بالهزال والخواء.
غياب التحالفات طائفية، لا يعني أن القوم تحولوا إلى لبراليين أمميين، لكن لأن تلك التحالفات استنزفت فائدتها السياسية وأصبحت مضارها أكثر من منافعها بسبب تزايد وعي الناخبين المبني على تجارب السنوات الثلاث عشرة الماضية، وكذلك بسبب إدراك السياسيين بأن التحالفات الطائفية ليست حقيقية، فالمتحالفون انتخابياً يطعنون حلفائهم في اليوم التالي للانتخابات. وكان ذلك واضحاً في انتخابات 2010 عندما تفرقت مكونات «الائتلاف الوطني» إلى جماعات متناحرة متنازعة على السلطة، ولم تتفق إلا بعد تعرضها لضغوط أميركية وإيرانية استمرت تسعة أشهر، قادت في النهاية إلى تشكيل حكومة الأربعة وأربعين وزيراً التي كانت وبالاً على العراق والمنطقة.
أما بعد انتخابات 2014 فقد امتلكت تلك المكونات الجرأة، مدعومة بموقف المرجعية الدينية، لتتخلى عن نوري المالكي كمرشح لرئاسة الوزراء مختارة حيدر العبادي بديلاً عنه كونه يتمتع بمقبولية وطنية ودولية.
لكن العبادي واجه تحديات جمة كان أولها مواجهة الجماعات الإرهابية المسيطرة على ثلث البلاد، وثانيها الانقسام الطائفي والقومي الخطير الذي كاد أن يفتت العراق كدولة حديثة، وثالثها خواء الخزينة وتراجع عائدات العراق النفطية. لقد ارتقى العبادي إلى مستوى التحديات، فأدار المواجهة بنجاح مستعيناً بالدعم الدولي والإقليمي والشعبي العراقي الذي توفر له دون غيره من السابقين، وحقق النصر على الجماعات الإرهابية، ولكن بكلفة بشرية ومادية هائلة، وأفشل المشروع الانفصالي في كردستان، مستعيدا كركوك إلى الإدارة الاتحادية.
وعلى رغم أن العبادي ينتمي إلى حزب أيديولوجي إسلامي، لكنه أبدى مرونة سياسية عالية، وكانت سياساته أقرب إلى الواقعية والبراغماتية منها إلى الأيديولوجية والطوباوية، مبرهنا على أنه مستعد للعمل ضمن حدود الممكن. لم يسعَ العبادي لتقريب أنصاره أو أقاربه وأعضاء حزبه، كما فعل أسلافه، بل انتهج سياسة وطنية، محاولاً إصلاح ما أفسدته الإدارات السابقة.
وقد جلبت سياسات العبادي التصالحية الهادئة التماسك الوطني للعراق الذي أضعفته سياسات سلفه المتشددة وغير المدروسة، فنال ثقة معظم الأطراف السياسية والمجتمعية والدولية. كما حققت سياساته نجاحاً اقتصادياً في وقت تدنت فيه أسعار النفط إلى النصف، فتمكن من إدارة الاقتصاد ومضاعفة الإنتاج، ما عوض عن انخفاض الأسعار.
لكن هناك حدوداً للسياسات التوفيقية التي اضطر لها العبادي في المرحلة الماضية، وسيكون لزاماً عليه أن ينهج نهجاً أكثر وضوحاً في المرحلة المقبلة، ويتخذ مواقف صعبة ومصيرية. الانقسام الحالي في حزب الدعوة غير قابل للاستمرار، وعلى رغم أن معظم أعضاء الحزب يقفون مع العبادي ويفضلونه زعيماً، إلا أن خصومه ما زالوا أقوياء ما يحتم عليه أن يصارح الحزب بأن التشرذم الحالي يجب أن ينتهي، وعلى الخصوم أن ينسجموا أو يسلكوا طريقاً آخر.
كذلك فإن تحالفه السابق مع جماعات الحكيم واليعقوبي والجعفري والشهرستاني والخزاعي لم يُبنَ على أسس صحيحة بل كان وقتياً هدفه توفير الدعم البرلماني المطلوب لحكومته. لذلك فإن التحالف مع هؤلاء مستقبلاً لن يكون مجدياً، فالتجارب الماضية برهنت على أن هذه الجماعات، خصوصاً (الحكمة)، تسعى للتمدد غير المشروع على حساب الآخرين وهي لا تلتزم بعهود أو مواثيق، بل تقول شيئاً وتفعل نقيضه، وقد سعت إلى إضعاف حزب الدعوة وحكومة العبادي تحديداً، وإقصاء أعضائه وأنصاره من كل المواقع التي تولت إدارتها وأبدلتهم بأتباعها، بينما التزم العبادي الصمت تجاهها.
اتضحت خطط العبادي المستقبلية في تحالفاته الانتخابية، فقد رفض التحالف مع جماعات العامري والحكيم والخزاعي واليعقوبي، وهم حلفاؤه في الحكومة الحالية، بل رفض التحالف حتى مع نوري المالكي، الأمين العام (رسمياً) لحزب الدعوة، وآثر الترشح منفرداً بكتلة سياسية جديدة (النصر) آملاً ألا تلحقه أي من مثالب وأخطاء تلك الجماعات التي يبدو أنها في طريقها إلى التلاشي في المرحلة المقبلة، باستثناء جماعة العامري التي تتلقى دعماً إيرانياً.
لكن العبادي تحالف في الوقت نفسه مع جماعات ضعيفة كجماعة المؤتمر الوطني المنقرضة التي ستعود إلى الحياة بفضله، والتي لا يمكن التعويل على دعمها له فهي لم تثبُت على نهج واضح منذ تأسيسها، ولن يكون العبادي استثناء لتقلباتها. كما إن جماعتي الجعفري والشهرستاني ضعيفتان ومتهرئتان وكانتا قد دخلتا الساحة السياسية في ظروف قلقة وغامضة ولا يمكنهما الاستمرار طويلاً.
التحدي الأكبر للعبادي هو احتمال عزوف الكثير من الناخبين عن التصويت، وهذه مشكلة كبيرة تواجهها كل الكتل المعتدلة سياسياً. الناخبون الملتزمون بأحزابهم سوف يصوتون بقوة، لكن المعتدلين والمترددين قد لا يكترثون للمشاركة وقد لا يُقبِلون بكثافة على التصويت. لذلك فإن المطلوب عاجلاً هو حث المترددين والمشككين بجدوى الانتخابات، عبر خطابات وبيانات وإعلانات من شخصيات دينية ووطنية مؤثرة، على التصويت لأن عدمه سيأتي بالمتطرفين والفاسدين إلى البرلمان والسلطة.
من المتوقع أن يحصل تحالف (النصر) الذي يقوده العبادي على أكثر المقاعد مقارنة بالكتل السياسية الأخرى، لكنه لن يحصل على الغالبية التي تمكِّنه من تشكيل الحكومة. وتكمن الخطورة بالنسبة للعبادي في تحالف القوى المناهضة له، الشيعية والكردية والسنية، بعد الانتخابات مُشكِّلةً الكتلة الأكبر، مستعينةً بفتوى المحكمة الاتحادية لعام 2010، التي أصدرتها بضغط من المالكي إذ مكنته (دستورياً) من تشكيل حكومة الأربعة وأربعين وزيراً الفاشلة. لذلك فإن العبادي سيحتاج إلى التحالف مع كتلتي (سائرون) بزعامة مقتدى الصدر و (الوطنية) بزعامة أياد علاوي، بالإضافة إلى الكتل الكردية المعتدلة كي يتمكن من تشكيل الحكومة المقبلة.