1 دستور يكتبه العراقيون هو ضمانة التغيير
د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا
وجود دستور فاسد وملغوم، باعتراف شخوص العملية السياسية أنفسهم، لا يمكن إلا أن يوصل إلى الفساد ونتائج ملغومة مهما ادعى من يرشح نفسه من حسن نية وأنه جاء للتغيير والإصلاح.
الأمور محكومة بقواعد وقوانين
تنقسم آراء العراقيين حول الانتخابات النيابية المقبلة، فهناك من يرى وجوب مقاطعتها، وهو تيار عريض ومسوغاته تبدو مشروعة إذ لم تبن طابوقة واحدة في العراق، بل استمر الهدم بسبب صراع الكتل وما يسمونها المكونات نتيجة دستور ملغوم شرّع المحاصصة، وهناك من يرى أن المشاركة مهمة لتغيير الوجوه والإتيان بوجوه جديدة قد تكون أصلح.
لكن متابعة دقيقة للدعايات الانتخابية المنتشرة في الشوارع، توحي بحقيقة أن لا برنامج انتخابيا لأي مرشح، أو لنقل لا شيء واضحاً سوى شعارات هلامية أو غائمة وخطوط عريضة لأهداف تحتمل مجلدات في الوصف، وُضعت إلى جانب الصور الملونة وتقدم للمشاهد انطباعا بأن هدف المرشحين هو الفوز بأي شكل من الأشكال مستخفين بعقول الناخبين بتلك الشعارات غير المفهومة أو غير الواضحة، بل استعمل بعض المرشحين الخرافات في تسويق نفسه، فهناك مرشح جاءه النبي (ص) أو فاطمة الزهراء (ع) في المنام وطلب منه الترشيح، ووصفت مرشحة، ثبت فسادها في الماضي، نفسها بأنها سفينة نوح وجاءت لإنقاذ الشعب العراقي، ومع أننا نتمنى، برغم كل ما وصفناه من شعارات مطاطة وانعدام البرامج وخطط العمل للمرشحين الذين سيفوزون، أن يكونوا جديرين فعلا بتمثيل مصالح شعب يحلم بمن يمثله تحت قبة البرلمان تمثيلا نيابيا، لا تمثيلاً دراميا، يحمل همومه ليضعها أمام أصحاب القرار في السلطة التنفيذية، ويسلط الضوء على المشكلات التي يعاني منها والتي تبدأ بأبسط ما يمكن أن يقال عنه القوت اليومي، ولا تنتهي بحلم مواطن بفرحة تغزو قلبه وتفتح عينيه على مستقبل معافى من الهموم لأبنائه من بعده.
لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فالأمور محكومة بقواعد وقوانين، فبناء أسس فاسدة توصل إلى نتائج فاسدة، ووجود دستور فاسد وملغوم، باعتراف شخوص العملية السياسية أنفسهم، لا يمكن إلا أن يوصل إلى الفساد ونتائج ملغومة مهما ادعى من يرشح نفسه من حسن نية وأنه جاء للإصلاح. وعليه لا بد من عدم التصويت لمن جربهم الشعب وأثبتوا فشلهم، ويجب استبعاد هؤلاء وسد الطريق أمام وصولهم إلى البرلمان، “فالمجرب لا يجرب”، حسب تعبير المرجعية الدينية في النجف، وليصوت المواطن لغير هؤلاء متمسكا بحقه الدستوري بالتصويت النزيه.
نرى الآن الجيوش الإلكترونية التابعة إلى الجهات الفاسدة تفسر قول المرجعية الرشيدة ونداءها للناخب إن المجرب لا يجرب، وإن المواطن عليه انتخاب قائمات شريفة نزيهة لم تلوث يدي أصحابها وأعضاءها بالمال العام وأن المرجعية لم تحدد الأسماء، لذلك فإن قادة الكتل الفاسدة لا تشملهم فتوى المرجعية بوصفهم هم من أنقذ العراق من داعش وليس أولاد الفقراء والشرفاء ممن فدى العراق بنفسه تاركين عوائلهم تبحث عمن يعيلها أو يعطف عليها، وهم مختبئون في المنطقة الخضراء وفي منازلهم المحصنة بالكونكريت وجيش من السيارات التي ترافق مواكبهم معتبرين أنهم هم من حقق النصر، وأنهم هم من جعل العراق خلال عقد ونصف منذ الاحتلال يصل إلى مصاف الدول المتقدمة والمواطن العراقي أسعد مواطن في العالم.
إن من ينتخب فاسدا وسارقا أو ينتخب قائمة أعدها شخص فاسد هو أشد على الناس من داعش ويحمل صفة أخرى هي النفاق لأنه لا يريد أن ينهي الظلم والفساد ويساعد ويدعم الظالمين والفاسدين.
المرجعية قالت المجرب لا يجرب يعني أن من وضعوا العراق في هذا الموضع وأهدروا المال العام ومن كانوا السبب في دخول داعش إلى العراق ومن جعل العراق ضيعة لدول الجوار، هم من قصدتهم المرجعية في قولها.
وعليه فإن مقولة المرجعية الدينية “المجرب لا يجرب” يجب أن تطبق في الانتخابات البرلمانية لأن الأشخاص المجربين من قادة الكتل السياسية الذين لم يفلحوا، ولن يفلحوا، هم مجربون بالفعل لأنهم قادوا السفينة وأمسكوا بالدفة، ثم أغرقوها في بحر متلاطم، ولم يتركوا من فرصة للنجاة إلا بالتخلص منهم، وتركيز الجهد في خانة العمل المنظم الذي يشرف عليه العارف، وليس المتحمس للحصول على المال والمكاسب.
إن بنا حاجة إلى التغيير والتخلص من هؤلاء الذين أشبعونا قهرا وأساءوا إلى الدولة وإلى السلطة وإلى التاريخ، ولا يتأتى ذلك إلا بإرادة شعبية قوية لقهرهم، وإبعادهم عن الميدان السياسي لكي لا يعودوا يتمتعوا بتلك المكاسب كما هو ديدنهم الذي تعودوه في السنوات الماضية، وبعد أن امتلأت كروشهم من السحت الحرام الذي نهبوه من خزينة الدولة، وجعلوا الشعب يعاني من تبعاته ونتائجه. لكن الأهم من ذلك كله بناء عملية سياسية عراقية وكتابة دستور بأياد عراقية، لأن ذلك فقط هو ضمانة تحقيق الإصلاح والتغيير والتقدم المنشود.
2 حول بيان المرجعية الدينية في النجف الأشرف بشأن الانتخابات العراقية سعد ناجي جواد راي اليوم بريطانيا
كعادتها التي اتبعتها المرجعية منذ بداية الاحتلال، أصدرت المرجعية الدينية رأيا تلاه ممثلها في مدينة كربلاء المقدسة في خطبة الجمعة. وهذه المرة بشأن الانتخابات القادمة في العراق. وكالعادة ايضا اختلفت الاّراء حول هذا الرأي والموقف. فهناك من مجّدٓ هذا الموقف واعتبره نموذجيا، وهناك من اعتبره، على الرغم من إيجابياته، لا ينسجم مع ما يجري على ارض الواقع. لا بل ان البعض اعتبره موجها الى شريحة معينة ولا علاقة بالمكونات الاخرى به. وفِي الحقيقة ان يصدر مثل هذا البيان من مرجعية يكن لها عدد غير قليل من العراقيين الاحترام والتقدير هو امر إيجابي. ولكن ومن اجل البناء على هذه الإيجابية ، ومن اجل مصلحة ومستقبل العراق الحبيب يجب مناقشة هذا الامر بموضوعية. وأتمنى ان تتسع الصدور لما ساقول.
ابتداءا لابد من القول ان على المرجعية ايضا تقع بعض المسؤولية عما وصلت البلاد اليه منذ 2003، فهي اولا سكتت عن الاحتلال ولم تصدر فتوى بمقاومته، كما فعلت المرجعبة قبل وأثناء ثورة 1920، و معها كل المراجع الكبار في الكاظمية وسامراء وبعقوبة. وهي ايضا استقبلت، ان لم نقل رعت بصورة مباشرة وغير مباشرة، أعدادا كبيرة من (السياسين) الذين أتوا مع الاحتلال. ولم تتوقف عن استقبالهم الا في وقت متاخر، وبعد ان اصبحتَ رائحة فساد وطائفية وعنصرية هؤلاء القادمون تزكم الأنوف. لا بل ظهر علينا من قال انتخبوا فلان لانه (ابن المرجعية) او من ادعى ان اخر قد استوزر لانه ابن ممثل المرجعية في احدى المحافظات. كما انها بَارَكْت الدستور الجديد، السيء والمًُقٓسِم للعراق، بعد ان كان في مقدورها ان تدفع باتجاه كتابة دستور أفضل وبيد العراقيين. فالكل يعلم كيف ان سيء الصيت بول بريمر، والذي كان مصمما على اعلان الدستور وبدون الرجوع للعراقيين، كيف انه ارتعب عندما أعلنت المرجعية بان الدستور الجديد يجب ان يكتب من قبل العراقيين فقط، واضطر الى ان يشكل وبسرعة لجنة من ( العراقيين) لكي يقول ان العراقيون هم من كتب الدستور. ولم تستمر المرجعية بمتابعة هذا الامر وتعديل مساره. وعندما خرج الدستور بصيغته السيئة لم تدعُ الى رفضه. كما ان المرجعية سكتت عن استخدام رموزها في الانتخابات الاولى بالتحديد، بل وحتى الثانية. وانها سكتت عن من رٓوّجٓ لأقوال مفادها ان (الشخص الذي لا يٓنتٓخِب تعتبر زوجته طالق)، الى غير ذلك من ( الفتاوى) التي ابتدعها الفاسدون والسيئون والذين ادعوا انها صادرة عن المرجعية.
وبالعودة الى البيان يجب ان نقول ابتداءا انه احتوى على نقاط إيجابية عديدة، وإثنتان بالتحديد تكتسبان أهمية عالية. الاولى هي ان البيان لم يحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، بل ترك ذلك لتقديرهم. والثانية، وهي الأهم، انه طالب بضرورة الاطلاع على المسيرة العملية للمرشحين ورؤساء القوائم، لاسيما من كان منهم في مواقع المسوولية في الدورات السابقة من الفاشلين و والفاسدين والمخادعين. كما أوضح بأن المرجعية تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين والقوائم المشاركة. وعلى ضرورة ان يتم التنافس وفق برامج اقتصادية وتعليمية وخدمية واضحة وقابلة للتنفيذ. كما أعاد البيان تكرار عبارة المُجٓرٓب لا يجرب ولو بصورة غير مباشرة. وبصورة غير مباشرة ايضا انتقد قانون الانتخاب المعمول به حيث قال انه لا يقود الى النتائج المرجوة اذ يفترض فيه ان يكون عادلا و يرعى حرمة أصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها. وهذه كلها أمور جيدة و مطلوبة. وتختلف عن مواقف سابقة او بالأحرى سكوت سابق عن ما كان يجري. ولكن تبقى الملاحظات الاساسية على البيان واردة. فاولا جاء البيان والراي متاخرا بل ومتأخرا جدا، و ثانيا انه كان عاماً في اكثر جوانبه. فالكثير من الملاحظات التي وردت في البيان كان يجب ان تذكر قبل اول انتخابات او قبل التي تلتها. فالاعتراض على مسالة عدم الاعتماد على الدعم الخارجي كان يجب ان يصدر منذ ان تم الإعلان عن موعد الانتخابات الجديد، بل وحتى قبله. لقد وصل الامر ببعض ممثلي بعض القوائم ان يتحدثوا علنا عن مبالغ استلموها من الخارج لدعم حملتهم الانتخابية. والكل يعلم كيف ان غالبية المرشحين ( يحجون) الى عواصم مجاورة لكي تدعم ترشيحهم. وان هذه العواصم أعلنت صراحة دعمها لمرشحين معينين، وفِي الغالب فاسدين وطائفيين، وكذلك الامر في الحديث عن الابتعاد عن الشخصنة والشحن القومي والطائفي، حيث كان يجب التاكيد عليه منذ اول انتخابات عامة في 2005، هذا الشحن الذي مزق المجتمع العراقي وترك فيه اثارا سلبية كبيرة لا تزال نتائجها وممارساتها مستمرة لحد الان. ثم ان صيغة التعميم افقدت البيان بعض من أهميته، بدليل ان كل روؤساء القوائم، وهم جميعا متهمون بكل هذه السلبيات او بعض منها، سارعوا وبسرعة فائقة الى اعلان تأييدهم المطلق لهذا الموقف، وكانهم يقولون للناخبين بأنهم غير مشمولين بهذه السلبيات والملاحظات، والكل يعلم انهم هم المقصودون بها بصورة مباشرة لفسادهم وإثرائهم من السحت الحرام، او بتقاضيهم رواتب عالية جدا، او باعتمادهم على الشحن القومي والطائفي، هذا الشحن المستمر لحد هذه اللحظة.
ان خطورة الوضع العراقي تستوجب، بالاضافة الى التشخيص الدقيق ان يتم تسمية الأشياء بمسمياتها، وكذلك الأشخاص والقوائم التي اعتمدت ولا تزال تعتمد الشحن القومي والطائفي، وتتستر على الفاسدين بل وتحميهم. نعم يبقى الأمل قائما عن طريق تضافر جهود الغيارى، كما ورد في البيان، ولكن وبعد ان تم شراء الأصوات وسرقة إعداد كبيرة من البطاقات الانتخابية، واستغلال معاناة النازحين، والضحك على البسطاء من الناس، هل تنفع هذه النصائح؟ وهل سيستطيع الغيارى ان يفعلوا شيئا ولم يبق على موعد اجراء الانتخابات الا اياما قليلة؟ ومع وجود مفوضية للانتخابات غير مستقلة وغير محايدة؟ وفِي ظل الإمكانيات المادية الهائلة للفاسدين؟ و بدعم من وتدخل سافر لأطراف خارجية كثيرة يهمها ان يبقى العراق ممزقا وضعيفا؟ ان جميع الموشرات والدلائل تشير الى ان القوائم والوجوه (المُجٓرٓبٓة والفاشلة) نفسها، او في غالبيتها العظمى، ستعود لتصدر المشهد السياسي مرة ثانية، والسؤال هو اذا ما حصل ذلك وعاد المُجٓرٓبون الفاسدون والطائفيون والعنصريون والفاشلون الى الحكم ثانية هل ستقف المرجعية موقفا حازما منهم هذه المرة وتقول بأنها لن تسمح لهذه الوجوه بتشكيل الحكومة الجديدة ؟ او هل ستدفع باتجاه ان يأخذ القانون والقضاء العادل مجراه في محاسبة الفاسدين من اجل استرداد ما نهبوه طوال الخمس عشرة عاما السابقة؟ هذا ما هو مطلوب وهذا هو الامتحان الحقيقي لموقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف بالذات، وكل المرجعيات الاخرى، دينية كانت ام علمانية.
3 هزائم العراق وانتصارات الحزب
سعيد السريحي
عكاظ السعودية
فضيحة سقوط الموصل في يد «داعش» دون أن يطلق الجيش العراقي رصاصة واحدة دفاعاً عنها، حالت دون أن يظفر رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بتجديد رئاسته لمجلس الوزراء، غير أن تلك الفضيحة لم تحل بينه وبين أن يبقى قريباً من مركز السلطة متوارياً تحت منصب نائب الرئيس ومن ثم ترشيح نفسه مرة أخرى لرئاسة الوزراء في الانتخابات العراقية القادمة، بل لعل تلك الهزيمة الشنعاء للجيش العراقي نفسها وسقوط الموصل بيد «داعش» قد تكون هي إنجازه الأكبر الذي حققه خلال فترة رئاسته، ذلك أن ما بدا هزيمة للعراق لم يكن في واقع الأمر، حين تبينت النتائج إلا انتصارا للحزب الذي ينتمي إليه المالكي والذي يعمل وفق أجندة طائفية لا يتورع عن الجهر بها، ذلك أنه لم يكن بإمكان تجييش شيعة العراق وتمكين الحشد الشعبي الطائفي بفتوى من السيستاني والاستعانة بإيران وتسهيل دخول ميليشياتها إلى عمق المناطق السنية في شمال العراق دون تسهيل دخول «داعش» إلى الموصل ومن ثم تبرير ما حدث بعد ذلك بما في ذلك تهجير سنة العراق من مناطقهم وتغيير البنية السكانية للمنطقة، وهو ما يؤكد على أن سقوط الموصل في يد «داعش» دون أدنى مقاومة، بل بأوامر عليا بانسحاب الجيش العراقي منها إنما كان خطة محكمة انتهت نتائجها إلى انتصار للحزب على حساب هزيمة العراق وتشريد السنة من مواطنيه من مناطقهم.
وإذا كان ذلك كذلك فليس بمستبعد أن يعود المالكي مرة أخرى إلى رئاسة الوزراء ليكمل مخطط تسليم العراق لإيران واستكمال المخطط الذي يهدف إلى تكوين جبهة شيعية تمتد من قم حيث المرجع الشيعي إلى حارة حريك حيث حزب الله الذراع الإيرانية في لبنان مرورا بدمشق وبغداد، جبهة شيعية لا تواجه إسرائيل كما يدعي خطباؤها وإنما تواجه السنة في المنطقة كما واجهتهم في شمال العراق، سواء كانت مواجهة مباشرة أو عبر وسطاء من الجماعات الإرهابية التي كانت «داعش» نموذجاً منها.
4 الطائفية وإيران خالد السهيل الاقتصادية السعودية
إشكالية العالم العربي، ليست في تعدد المذاهب والأطياف والأديان. الإشكالية في استغلال التنوع الثري، وتحويله من مصدر ثراء ولقاء وعناق، إلى مصدر قلق وافتراق ونشر للفتنة والتحريش.
عقب سقوط نظام شاه إيران ساد وضع كانت فاتحته حربا أكلت الأخضر واليابس، وأفضت تلك الحرب العراقية – الإيرانية إلى استقطاب طائفي شديد، مع إصرار متواصل على تصدير الثورة إلى بقية دول الإقليم، عبر تنظيمات على غرار ما يسمى “خط الإمام” وسواه من تنظيمات بدأت في ضخ خطاب مأزوم تجاه الآخر وتحويله إلى حالة إرهاب.
في المقابل، كانت التيارات الإسلاموية الأخرى التي احتفت في مجلاتها وخطبها وخطاباتها بالتغيير في إيران واعتبرته نموذجا للثورة الإسلامية المنشودة تؤسس لنموذجها المقابل.
لم يتنبه أحد في ذلك الوقت إلى أن هناك توأمة بين التشدد السني والشيعي. ورغم خطابات الكراهية التي كان يرسلها هذا الطرف تجاه الطرف الآخر، لكن احتضان إيران للقاعدة والتنسيق مع الإخوان والتفاهم مع حماس أمور لا تخفى على أحد.
لقد أوجدت إيران في بلدان مثل سورية واليمن حالة استقطاب مؤلمة من خلال الميليشيات الحوثية وحزب الله وسواه من تشكيلات شيعية، كل هؤلاء يخدمون بعضا، و«القاعدة» و«داعش» تخدمانهم أيضا، من خلال إيجاد حالة استقطاب لدى جمهور الطيفين تستثمرها طهران.
لذلك يمكن قراءة تصريحات الدكتور العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي باستحضار الصورة التي أفرزتها الحالة الإيرانية. يقول الدكتور العيسى في خبر نشرته «الشرق الأوسط» أمس إن عقلاء الشيعة ضد المشروع الطائفي الإيراني، ويرونه مسيئا حتى للمذهب الشيعي “والمذهب الشيعي بريء منه”.
أضاف العيسى “السنة ليس بينهم وبين إخوانهم الشيعة صراع ولا صدام أبدا، بل يؤمنون بسنة الخالق سبحانه في الاختلاف والتنوع والتعدد”. هذا خطاب مهم جدا.