5مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 شيزوفرينيا حكام العراق وسوريا حول «التدخل الخارجي» هيفاء زنكنة
القدس العربي

هناك شيء مضحك إلى حد البكاء في موقف النظام العراقي مما يجري بسوريا، من قصف وقتل للشعب وتدمير للبلد. موقفه من حزب البعث السوري، وأنشوطة التواجد الإيراني ـ الروسي من جهة والأمريكي ـ البريطاني ـ الفرنسي من جهة ثانية، فضلا عن الدول الفاعلة على الارض، من خلال ميليشيات وقوات قتالية و «جهادية» بأحجام تتناسب، طرديا، مع مدى الدعم العسكري و «الإنساني» الذي تتلقاه من عديد الدول، من بينها دول عربية «شقيقة»، تمتد من لبنان إلى السعودية ودول الخليج.
تمتد تفاصيل مهزلة الموقف السياسي، المعبر عنه بتصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري إلى ما هو أعمق من التصريحات بصدد أحداث آنية. تبين التفاصيل موقف حزب الدعوة باعتباره ممثلا للطائفة الشيعية من جهة ومعاديا لحزب البعث الذي حكم العراق لعقود، وإستجارته بالقوى الخارجية لمساعدته على التخلص من النظام. وفر الاحتلال الأمريكي للعراق وقوانين الحاكم العسكري بول بريمر فرصة لا تعوض لحزب الدعوة، مع آخرين، للتخلص الجسدي من حزب البعث عن طريق التطبيق لقانون اجتثاث البعث، ولاتزال حملته في الاجتثاث مستمرة، حيث أصدر، أخيرا، قرارا بمصادرة املاك كل من يشك بانه كان بعثيا، وضمت القائمة اسماء شخصيات غادرتنا إلى العالم الآخر قبل وصول البعث إلى الحكم.
استعادة هذه النقطة مهمة لفهم موقف حزب الدعوة الحاكم، بالعراق، متمثلا بتصريحات اثنين من قيادييه هما العبادي والجعفريّ، الداعم بقوة لنظام حزب البعث السوري سياسيا وعسكريا. لماذا؟ كيف يبرر حزب الدعوة موقفه من نظام البعث السوري وهو الذي لم يدخر سبيلا في الـتآمر، والتفجيرات، ومحاولات الاغتيال، والقتال في صفوف القوات الإيرانية ضد العراقية، للقضاء على حزب البعث العراقي؟ ترى، يتساءل السذج منا، هل هناك بعث أخضر وآخر أسود، للتمييز بين الموقفين، هل هي المهارة السياسية أم انه الولاء الطائفي المتجذر أبعد من الموقف السياسي؟
جوابا، يقول ابراهيم الجعفري في تصريح صحافي بعد اجتماع وزراء الخارجيَّة العرب في السعوديَّة «يجب أن نتكلـَّم بحجم شعبنا، فهذه ليست قضيَّة رئيس، أو وزير، أو رئيس وزراء، أو رئيس جمهوريّة، نحن نُدافِع عن الطفولة، والنساء، والشُيُوخ، والشباب». مما يجعلنا، ونحن نعيش ذكرى مرور 15 عاما على غزو واحتلال العراق، وصدور احصائيات جديدة تدل على سقوط 3 ملايين عراقي نتيجة الاحتلال والإرهاب الناتج عن الاحتلال، إلى التساؤل عن السبب الذي منعه عن الدفاع عن «الطفولة، والنساء، والشُيُوخ، والشباب» العراقيين، ضد غارات «الصدمة والترويع» الأمريكية، عام 2003، مادامت القضية ليست قضية رئيس؟ وتبلغ أقوال ابراهيم الجعفري، مرحلة تضع حدا لأي تساؤل منطقي، حين يقول محذرا أمريكا « هذا النوع من الأسلحة، وهذا النوع من السياسات الخرقاء لا يُمكِن منع تداعياتها، وتأثيرها». مُضيفا قبل ساعات من قصف سوريا «لا نسمح أن تتكرَّر هذه الحماقات».
كيف؟ ما الذي سيقوم به النظام العراقي ليضع حدا لتكرار الحماقات الأمريكية، حسب الجعفري، على الرغم من تعاون حزب الدعوة مع أمريكا، سابقا، عبر سكوته على ضرب العراق بأسلحة سيبقى تأثيرها المميت، على مدى اجيال مقبلة، مثل اليورانيوم المنضب، أو حاليا عبر استمرارية وجود القواعد العسكرية والقصف الأمريكي تحت مسمى «التحالف الدولي»؟ وكيف ستكون العلاقة بين النظامين في ظل التحالفات، والنزاعات الدولية، والاقليمية والعربية، ومع ازدياد شيزوفرينيا الطائفية الدينية والعرقية والقبائلية، والاستعداد للتعاون مع الاجنبي على حساب القطيعة مع ابناء البلد الواحد، المصنفين بالإرهاب، فور اختلافهم مع اي نظام حاكم؟
في 5 كانون الاول/ ديسمبر 2017، قال العبادي، أن الحكومة تمتلك مشروعا كاملا لتأمين الحدود العراقية السورية، وأن القدرة العسكرية الكبيرة التي يمتلكها العراق، في الوقت الحالي، تنافس قدرات دول المنطقة. الا ان هذ التصريح يتناقض مع تواجد فصائل من ميليشيا الحشد الشعبي، التابعة لإيران، داخل سوريا لحماية النظام. ويتناقض مع صرف الحكومة العراقية رواتب المقاتلين البالغة ضعف رواتب مقاتلي الحشد داخل العراق.
ويتناقض مع استقبال الرئيس السوري بشار الأسد، مبعوث رئيس الوزراء مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، في 14 آذار/مارس 2018، واستلامه رسالة شفهية من حيدر العبادي، أكد فيها على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات ولا سيما في الجانبين السياسي والأمني». تدل هذه التصريحات المتناقضة مع الواقع، الذي تتحكم به إيران وأمريكا، كل حسب مصلحته، على ازدواجية المواقف ونجاح الساسة في تبني لغة موحدة، هدفها النهائي تضليل الشعوب أو الاستهانة بها. تضم هذه اللغة مفردات لها وهجها الشعبي، الذي يعود إلى مرحلة التحرر الوطني، مثل «السيادة» و«عدم التدخل الاجنبي». ومن يراجع خطب حيدر العبادي وابراهيم الجعفري سيجد صعوبة في العثور على خطبة بدون هذه المفردات التسويقية.
والحال مماثل لدى معظم ساسة الحكومات العربية، خاصة تلك التي توجد فيها قواعد عسكرية وقوات (عنوانها: مستشارون ومدربون) أمريكية وشركات أمنية خاصة. ومن اتيحت له فرصة الاستماع إلى كلمة مندوب سوريا الدائم لدى مجلس الأمن الدولي بشار الجعفري، يوم السبت الماضي، لأستوقفه تأكيده «أن بلاده لن تسمح لأي تدخل خارجي برسم مستقبل سوريا»، وهو ما يجب ان يكون بطبيعة الحال، لولا انه حاول بذلك، أما استغباء الناس أو تمرير تعريف جديد للتدخل الخارجي، يستثني فيه التواجد الإيراني ومقاتلي حزب الله والقواعد العسكرية الروسية، مما يعيد إلى الاذهان خطاب دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي السابق، يدين فيه التدخل الاجنبي بالعراق متصرفا وكأن العراق ملكا للدولة الغازية أمريكا. هنا، في العراق وفلسطين، علينا التوقف لفهم معنى المساعدة الغربية «الإنسانية» بقيادة أمريكا مع أي شعب عربي، ولنراجع معا قوائم خسارتنا البشرية والمادية كلما أنجز «التدخل الخارجي» واحدا من مهامه «الإنسانية». نتيجة الجرد معروفة: نحن الذين ندفع تكلفة قتلنا.
2 اما كان يجدر بمندوب الكويت ان يلتزم الصمت؟!
حسن علي كرم

راي اليوم بريطانيا

بعيداً عن تعليق مندوب سوريا لدى الامم المتحدة بشار الجعفري على تصويت مندوب الكويت في مجلس الامن السفير منصور العتيبي ضد القرار الروسي ، فالمندوب السوري لم يقل شيئاً يخالف الحقيقة و ان موقف سوريا أبان الغزو العراقي على الكويت كان اصيلاً و مبدئياً و نابعاً من رؤية قيادتها الراحل حافظ الأسد الذي استشعر ان ابتلاع الكويت من قبل صدام حسين ، تهديد لكل المنطقة ، و لم يكتف حافظ الأسد بموقف التأييد للكويت و حسب ، بل شاركت القوات السورية في حرب تحرير الكويت ، بغض النظر عن حجم و دور قواتهم ، لكن كانت مشاركة القوات السورية عملاً مؤثراً ، الامر الذي لا ينبغي ان ننساه نحن هنا في الكويت …
سوريا لم تتعرض لجرثومة او وباء ماسمي بالربيع العربي ،و تالياً لم تكن هناك انتفاضة او حركة او ثورة شعبية داخلية ضد النظام ، انما سوريا تعرضت الى مؤامرة رباعية او خماسية بهدف أسقاط النظام و تعيين نظام إسلامي من جماعات الاخوان ، تحت مسمى الديمقراطية ، لكن النظام في سوريا ادرك الحقيقة مبكراً ، لذا لم يترك فرصة للعصابات الغوغائية المدفوعة من الأطراف المتأمرة كي تحقق أهدافها ، فلقد ادخل المرتزقة و شذاذ الافاق و المغيبون و مدمنو المخدرات و حبوب الهلوسة و المخنثون الى سوريا تحت جناح انهم ثوار سوريون حتى وصلت أعداهم الى اكثر من ١٠٠ فصيل يتقاتل على الارض السورية ، لكنها لم تحقق اي انتصار حقيقي ، لكونهم لم يكونوا ثواراً حقيقيين و لا كانوا سوريين و انما مرتزقة دافعهم المال لا المبدأ ، لقد قضىت سبع سنوات على الحرب في سوريا ، و داخلة السنة الثامنة ، و قد تمتد لسنوات اخرى و لا هناك منتصرٌ او مهزوم …!!
لم تكن الكويت ضد النظام السوري ، و لا كانت من دعاة تغيير النظام ، و لا من الذين تامروا او شاركوا في المؤامرة القذرة على تدمير سوريا ، بل كانت من دعاة السلم و الحل السياسي ، لذلك اذا نأت الكويت عن الازمة السورية ، فذلك دليل على انها ليست مع الشرق او مع الغرب ، و انما مع السلام و حق الشعوب في اختياراتها …
احتلال الكويت مقعداً غير دائم في مجلس الامن ، لا يعني ان هذا التمثيل لئن كان شرفاً ، الا انه ليس حقاً خالصاً للكويت او حقاً خالصاً لمندوبها منصور العتيبي حتى يتمدد و يتربع على مقعده ، و يخطب و يصوت في جلسات المجلس على مزاجه ، او بما تملي عليه أفكاره او بما يتم الاتفاق عليه خلف الابواب ، انما وجود الكويت في مجلس الامن هو تمثيل لكل البلدان العربية ، بمعنى انه يمثل مجموعة الدول العربية بما فيها سوريا ، فهل وافقت الدول العربية على الضربة العدوانية الثلاثية على سوريا ، او هل تشاور منصور العتيبي مع مندوبي الدول العربية لدى الامم المتحدة كي يستشف ارائهم ، ام انفرد بالتصويت و كانه وحيد زمانه ، فباستثناء دولة او دولتين جميع البلدان العربية بما فيها الكويت ليست ضد النظام السوري ، و لا تدعو الى تغييره بالقوة ، و بالتالي تصويت منصور العتيبي في جلسة الجمعة ضد القرار السوفيتي كانت سقطة لم يكن ينبغي الوقوع بها ، بل كان يجدر به ان يندد بالضربة الثلاثية ، لان الضربة لم تكن على اساس القوانين الدولية ، و لا كان هناك مبرر للضربة فيما لم يكن هناك تاكيد جازم على ان القوات السورية قد استخدمت أسلحة كيماوية ، و كان ينبغي إعطاء فرصة للتحقيق المحايد من قبل الخبراء الدوليين …
ان المهزلة بعد القصف العدواني ان تتقدم الدول الثلاث التي شاركت في عمليات القصف الى تقديم قرار إرسال لجنة للتحقيق في الاسلحة الكيماوية المزعومة ، لقدكان العدوان الثلاثي على سوريا هو بمثابة جواز مرور. لترامب كي يكرر مغامراته الحمقاء على دول المنطقة ، و انها نذر حرب قادمة في المنطقة التي اذا حدثت ، فلا تبقي و لا تذر ، فترامب ما برح يهدد ايران على خلفية الاتفاق النووي السداسي الذي يراه غير كاف ، و من جانبها ما برحت اسرائيل تحرض على ضرب ايران ، فيما من جانبها ايران تهدد على جعل المنطقة تحت مرمى نيران صواريخها ، ان سوريا التي غدت حقل تجارب لتجريب الصواريخ و الاسلحة الحديثة ، باتت تهدد امن المنطقة برمتها ، و كان يجدر بالدعوة لإيجاد حل لإنهاء الازمة ، لا لتأجيجها ، ان السوريين ادرى بحكم بلادهم و بنظامهم ، و تالياْ لا هناك حل للازمة السورية غير الحل السياسي ، و هو ما يعني ان يحل السوريون ازمتهم مع بعضهم ، بعيداً عن التدخلات والضغوط الخارجية التي لم تكن الا مزيداً من التعقيد و اطالة امد الحرب ، و اطالة ماساة السوريين…
3 بولتون والعرب
كاظم الموسوي
راي اليوم بريطانيا

يوم 2018/4/9 ذكرى احتلال بغداد عام 2003 يستلم جون بولتون منصبه الجديد، مستشارا للأمن القومي بقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وهو أحد مهندسي وداعمي غزو واحتلال العراق. وكنت قد كتبت هذا المقال عنه ونشر في 16/4/2005 ، قبل 13سنة، واعيد نشره الان للاطلاع.
اثار اختيار الرئيس الأمريكي بوش الابن لجون بولتون إلي وظيفة سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة استياء العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين قبل غيرهم من المتضررين سابقا من عمل بولتون أو مستقبلا. من هو جون بولتون ولماذا تم هذا الاختيار وهذا الاحتجاج عليه؟.
يعد بولتون أحد أبرز زعماء المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، وقد عبر وهو المحامي، وخريج جامعة ييل الأمريكية، دارسا الحقوق فيها، عن استهزائه بالقانون الدولي وبعمل ومواثيق المنظمات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، وبالمحكمة الجنائية الدولية وميثاق روما لها، ولديه أقوال وآراء مشهورة فيها. وخدم في الإدارات المختلفة موظفا بامتياز لتنفيذ المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وقبول كل تكليف له بغض النظر عن مستواه الإداري، وسجله في القضايا الدولية والمتعددة الأطراف التي تعامل معها مزعج ومشهود له بنهاياتها المريحة للاستراتيجية الإمبراطورية، كما أشار العديد من المحللين السياسيين الأمريكيين خصوصا.
شغل العديد من الوظائف المساعدة لوزير الخارجية، وآخرها في قضايا الحد من التسلح والأمن الدولي، وقد اعترض وزير الخارجية السابق الجنرال كولن باول على تعيينه، ولكن الوزيرة الحالية الدكتورة رايس، لم توافق وحسب وإنما قدمته كرجل من مساعديها الجدد في إدارة جانب مهم وحساس من السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وفي تقديمها له ذكرت ما قاله رئيسها بوش في اجتماع الجمعية العامة في ايلول/ سبتمبر الماضي من رغبة بلاده في تمتين العلاقة مع الأمم المتحدة وتعاونها مع أعمالها وتمني النجاح لمهماتها كأساس مهم في الدبلوماسية الأمريكية. وبعد حديث صار متكررا عن أعمال بلادها في نشر الحرية والديمقراطية في العالم، لاسيما في ما يسمونه غربيا الآن بالشرق الأوسط الكبير، وذكرت أسماء بلدان متعددة، لو شرحتها لوقعت في تناقض مع ما تدعيه ووقائع الأحوال فيها، ولكنها وهذه ضمن إطار سياستها الجديدة تعتمد على الصورة التلفزيونية لما تريده واشنطن منها والإيحاء بها أمام العالم، سواء كانت لها يد فيها أو الادعاء بنتائجها. وعند وصولها لتقديم السفير الجديد الذي رشحه رئيسها بوش وصفته بالخبير والدبلوماسي البارع، والشخص المناسب لمهمته في الأمم المتحدة. وأفادت بأنها مع الرئيس بوش اختارا جون بولتون لهذا المنصب لأنه يعرف من أين يؤكل الكتف فيها. وعددت مناقبه في تشكيل تحالفات دولية لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتنفيذ سياساتها.
ما يهم العرب منها ما ذكرت من نجاحاته فيما قام به في التفاوض مع ليبيا لتجريدها من مشاريعها في بناء أسلحة دمار شامل، وفي عمله المستمر لتغيير المنظمة الدولية وادانة عمل وكالاتها ومنظماتها المتعددة التي تقدم خدمات انسانية عامة. والقضية الأخرى الأساسية هو ما قام به عام 1991، حيث كان مفتاح ومخطط الحملة وراء إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم 3379 الذي يعتبر الحركة الصهيونية حركة عنصرية. ومن بعدها عمل خلال فترة 1997- 2000 مساعدا لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر، في قضية الصحراء الغربية.
وفي رده الدبلوماسي على تقديم الوزيرة أعاد تذكيرها بسجله الحافل بمساهماته في المنظمات الدولية وقضايا التعاون والحد من التسلح والأمن الدولي ونقده لسياسات الأمم المتحدة ومنظماتها التي تنتقد الولايات المتحدة باستمرار، ومواقفه منها، ولاسيما قرار عام 1975 الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية وعمله على إلغائه، الذي به مسح اعظم وصمة لحقت بسمعة الأمم المتحدة، كما قال حرفيا.
لماذا كرر بولتون ورايس هذه القضية، التي تهم العرب أساسا، ونضالهم المشروع من اجل حقوق الشعب الفلسطيني العادلة وقرارات الأمم المتحدة، الشرعية الدولية المعترف بها؟. بالعودة إلي القرار وكيفية إصداره تعرف الإجابة عن السؤال وعن مستقبل غيره من الأسئلة المشابهة التي سيقوم بها بولتون في منصبه الجديد.
القرار 3379 صدر عن الأمم المتحدة في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1975 اقر اعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. بالاستناد إلي قرارات سابقة أصدرتها المنظمة عام 1963 داعية إلى القضاء على كل أشكال التمييز العنصري، وقرارها عام 1973 الذي أدانت فيه في جملة أمور التحالف الآثم بين العنصرية والصهيونية، وإعلان المكسيك بشان مساواة المرأة ومساهمتها في الإنماء والسلم عام 1975 والذي أعلن المبدأ القائل بان “التعاون والسلم الدوليين يتطلبان تحقيق التحرر والاستقلال القوميين، وإزالة الاستعمار والاستعمار الجديد، والاحتلال الأجنبي، والصهيونية، والفصل العنصري والتمييز العنصري بجميع أشكاله، وكذلك اعتراف بكرامة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها”. ومعتمدة على ما صدر من دورة رؤساء دول وحكومات الوحدة الأفريقية في آب/ أغسطس 1975 والذي رأى أن: “النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي وجنوب أفريقيا ترجع إلى اصل استعماري مشترك، وتشكل كيانا كليا، ولها هيكل عنصري واحد وترتبط ارتباطا عضويا في سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته”. وكذلك الإعلان السياسي واستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين وتدعيم التضامن والمساعدة المتبادلة فيما بين دول عدم الانحياز اللذين تم اعتمادهما في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز في أغسطس 1975 واللذين أدانا الصهيونية بوصفها تهديدا للسلم والأمن العالميين وطلبا مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية الإمبريالية”. ولهذا عمل بولتون إلى إلغاء هذا القرار في 16 ديسمبر عام 1991، وهنا لابد من التساؤل عن معنى هذا العمل ووصفه وتوقيتاته والانتباه لها ولما وراءها من دلالات سياسية وتاريخية. أليس هذا الإلغاء حاملا لأكثر من معنى وعلى اكثر من صعيد، ولماذا هذا القرار بالذات؟. لاشك في معرفة سيرة حياة ومواقف الذي يحتفي بتعيينه في هذا المنصب وما قدم به وعلى أساسه اختير لهذا الموقع المباشر والمؤثر على مصير المنظمة الدولية وميثاقها وقراراتها، تعكس دلالات عديدة، بل ولها معاني خطيرة وأبعاد أخرى، ليس اقلها أنها تنذر بعواقب شديدة وربما تأثيرات على مصائر شعوب، لا قرارات وحسب. فهو كما وصف بأنه حاد في أحكامه ويُحل الحرام ويحرم الحلال، كما يوصف، وإذا كان هذا موقفه من المنظمة ومن قراراتها فماذا يمكن التوقع منه ومن مواقفه من قرارات أخرى متواصلة مع قرار إدانة الصهيونية وتعريفها واستغلال التغيرات في موازين القوى واغتنام الفرص في إلغاء أو تحوير قرارات الأمم المتحدة رغم كل الملاحظات والاحتجاجات على ازدواجية المعايير في التعامل مع بعضها وبعض تطبيقاتها مع بعض البلدان، وفي خصوص العرب ماذا عليهم أن يتوقعوا من هذا الرجل وماذا يتوجب عليهم من استعدادات لإنجازاته القادمة؟!.
4 استنساخ العراق في سورية!
محمد السبتي
الراي الكويتية

• قبل أيام وتحديدا في 4/9 مرت الذكرى الـ 15 على سقوط النظام العراقي السابق ودخول القوات الأميركية والبريطانية بغداد، ومن ثم إعلان بول بريمر، حاكما عسكريا على العراق، وذلك بعد أن وعدت أميركا بإنشاء ديموقراطية جديدة… وكانت مبررات هذه الحرب وهذا «الإسقاط» تملك الأسلحة الكيماوية و«الجمرة الخبيثة»، وما إلى ذلك من أسباب ساقها الغرب لتبرير حربه، وكانت الصورة التي رسمتها اميركا لشعوب المنطقة أنها لن تقبل بهذه الديكتاتورية في العراق ولا بهذا الاستهتار بحقوق الشعوب ولا بهذه الخطورة بسبب هذه الأسلحة الكيماوية، بعدها أذنت تلك القوات الأجنبية الحاكمة لكل ميليشيات ايران بالدخول والتمركز في الداخل العراقي ثم سمحت لكل أشكال الفوضى أن تعم وانسحبت بعد فترة تاركة حالة عارمة من اللامعقول تأكل في جسد العراق ولا تزال.
• في مقابلة متلفزة للوزير اللبناني غسان سلامة، والذي كان مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة وأحد مبعوثيه للعراق، ذكر أن الخطوات الأميركية في العراق كانت شديدة الغباء، والخبث، فعندما قرر بريمر اجتثات البعث وتم تسريح كل المنتسبين للحزب من وظائفهم وأعمالهم القيادية، تم في إحدى المحافظات تعيين فراش المحافظة التعليمية مديرا للتعليم بها، لأن المسؤولة السابقة كانت بعثية! ومثله قرار حل الجيش والذي يدفع العراق ثمنه إلى الآن بسبب الخطوات التي وصفها سلامة بالغباء فضلا عن الخبث، ومثل هذه القرارات أكثر من أن تحصى.
• تمر هذه الذكرى بما تحمله من كل هذه الشهادات والتجارب والمآلات، والغرب اليوم يقرع طبول الحرب في سورية ويقصف بعض المواقع. وللأسف شعوبنا تنجر نحو هذه الدعايات من دون أدنى تمحيص كما فعلنا سابقا في المثال العراقي.
• من السذاجة أن نصدق أن الغرب يغضب لأجل ضحايا سورية، سواء ماتوا بالغاز السام أم بغيره، هو فقط يتحرك من أجل مصالحه البحتة، لا دخل له بجرائم القتل، وضحايا الروهينغا وغيرهم خير دليل… قبل اسبوعين فقط كانت اميركا تنوي سحب قواتها من سورية لانتهاء أعمالها في هزيمة «داعش» – حسب تصريحهم – إلا في حالة سداد فاتورة بقائهم هناك من دول المنطقة، كما ذكر السيد الرئيس! واليوم هي تقصف سورية انتصاراً لشعبها!
• لا أحد مع القتل والعنف، أكان بغاز سام أو بغيره، إلا أن تسارع الأحداث بهذه الطريقة ينبئ عن خطط مخفية خصوصا وأن أحدا لم يتحقق من صحة هذه الادعاءات لاسيما بعد استقرار الأوضاع ولو نسبيا في سورية واندحار «داعش» وغيرها، وكأنه لا يراد للاستقرار أن يستمر!
• الواضح أن هناك خطة لاستنساخ وضع العراق في سورية.. والأوضح أننا كأمة عربية ما زلنا لا نستوعب الدروس.