مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 ضم الحشد للجيش أم ضم الجيش للحشد؟] سوسن الشاعر
الوطن البحرينية

أي قرار يعزز من حضور الدولة المدنية في العراق نشجعه في البحرين، وتشجعه كل الدول الخليجية وبشدة لأنَّ «عراقاً مدنياً» يعني باختصار شديد عراقاً متصالحاً مع جيرانه، وهذا ما يهمنا دون الدخول في تفاصيل تلك الدولة المدنية إلا بالقدر الذي يعزز ويكرس العلاقة المتصالحة مع العراق.

وقرار ضم «الحشد الشعبي» للقوات الأمنية النظامية العراقية الذي اتخذه العبادي الأسبوع الماضي يصب في هذا الاتجاه، لأن العديد من فصائل هذا الحشد تعمل لحساب إيران بشكل واضح وصريح وبلا لبس وتأتمر بأمر قاسم سليماني لا بأمر وزارة الدفاع العراقية أو بأمر القوات المشتركة، وفي ذلك تهديد لأمن دول الخليج، وأي قرار يضع تلك القوات تحت إمرة وزارة الدفاع العراقية فإن تشجيعنا لهذا القرار ينطلق من مصالحنا الأمنية كدول مجاورة..

إنما تكمن الإشكالية فقط فيما إذا كان «الضم» سيكون لصالح القوات النظامية من حيث العقيدة العسكرية ومن حيث التنظيم والهيكيلة والتراتيبية والموازنة، أم أن «الضم» سيكون لصالح الحشد وستكون قيادات الحشد أعلى تراتيبية؟

هذه التفصيلية التي تبدو شأناً داخلياً عراقياً صرفاً هي التي تهمنا وتعنينا في دول الخليج لأنها توضح موقف العراق من الأمن الخليجي وموقف العراق من المصالحة مع دول الجوار.

فسيتبين من معرفة مواقع قيادات في الحشد -بعد الضم- عليهم الكثير من علامات الاستفهام كجمال جعفر إبراهيم والملقب ب«أبو مهدي المهندس» قائد فيلق بدر والمصنف على قائمة الإرهاب أمريكياً والمتهم بالضلوع في عدة تفجيرات في الكويت والمتهم بتولي تعذيب الأسري العراقيين في إيران في الثمانينات إبان الحرب العراقية الإيرانية ويعد «المهندس» أحد المطلوبين للسلطات القضائية الكويتية والأمريكية والشرطة الدولية بعد اتهامه بتفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في ثمانينات القرن الماضي.

وفي ذلك الوقت حكم على المهندس وزمرته بالإعدام غير أنه نجح في الفرار من الكويت باستخدام جواز سفر باكستاني متجهاً إلى إيران.

ووجهت إليه المخابرات الغربية اتهامات بمحاولة اختطاف إحدى طائرات الخطوط الجوية الكويتية عام 1984، ومحاولة اغتيال الأمير الكويتي جابر الصباح.

وكان حزب الدعوة قد تبنى تلك التفجيرات حينها، في محاولة لضرب الدعم الكويتي للعراق في حربه مع إيران خلال حرب الثماني سنوات.

بعد تشكل الحشد الشعبي تم اختيار المهندس كنائب لقائد الهيئة ودأب على المشاركة الميدانية في المعارك.

مازال أبو مهدي نائباً لهيئة الحشد الشعبي، ومازال مسؤولاً عن موازنتها، وبناء على ما سبق فإن موقع مثل تلك القيادات في الجيش النظامي العراقي بعد قرار الضم سيحدد موقف الجيش العراقي مستقبلاً.

تلك قيادات كان لها دور في التأجيج الطائفي وارتباطها مع إيران ارتباط التابع ومصنفة إرهابياً ودورها في تعذيب أفزاد الجيش العراقي وفي اقتحام المدن ذات الغالبية السنية وما صاحبها من جرائم تعذيب وتهجير مما دفع باشتراك القوات الأمريكية وعدم دخول الحشد لتلك المدن أثناء تحريرها من داعش.

لا يجب أن تتحرج دول الخليج من سؤال الإخوان العراقيين عن موقع قيادات مثل المهندس والعامري بعد قرار الضم؟ لا من باب التدخل في الشؤون الداخلية، إنما من باب قياس وتقييم جدية التحول للدولة المدنية والرغبة الحقيقية والجادة في تقليص النفوذ الإيراني.
2 يوم الحرب الأول وليد الزبيدي

الوطن العمانية

في الوقت الذي كان قادة البيت الأبيض والبنتاجون، ينتظرون بفارغ الصبر، ما يؤكد دقة الهدف الذي انتخبوه في ضربتهم الأولى لمدينة بغداد، فجر الخميس العشرين من مارس 2003، والذي قالت مصادرهم الاستخبارية، إن الرئيس العراقي صدام حسين وخمسة من كبار مساعديه يجتمعون فيه، وقت إصابة ذلك المكان، وهو القصر الرئاسي في منطقة الدورة، بجانب الكرخ من العاصمة العراقية، الذي يقع وسط بساتين النخيل، وبينما كان كبار القادة الأميركيين، ينتظرون وصول الأخبار السارة لحظة بلحظة، وكان العالم أجمع، يرقب تطور الأحداث في العراق بعد صدور أول بيان أميركي، في ذلك الوقت، كان صدام حسين، يتجول بسيارة نوع مرسيدس، من موديل الثمانينات في منطقة شارع أبو نؤاس، الذي يطل على منطقة القصر الجمهوري، من الضفة الشرقية لنهر دجلة، وتتبعه سيارة واحدة نوع بك اب، ولم يكن معه في السيارة، إلا الشخص الذي يقودها، وكان السائق يعتمر الكوفية الحمراء بدون عقال، وأمضى صدام حسين في ذلك المكان ما يقارب الخمس وأربعين دقيقة، كان يتجول اثناءها في الفروع المؤدية إلى شارع الكرادة الموازي لشارع أبو نؤاس، ثم يعود بعد مدة، إلى ذلك الشارع، في المسافة المحصورة بين فندق الميرديان والجسر المعلق.
توقف صدام حسين عدة مرات، عند المفارز التي كانت منتشرة هناك، والمكونة من مجاميع من حزب البعث وبعض أفراد الأجهزة الأمنية، ويقول شهود عيان، إن صدام حسين، كان يتابع البيانات الأميركية من خلال إذاعة البي بي سي، ويستمع إلى التقارير، التي تبث عن أول ساعات الحرب على العراق، وكان يغطي الأحداث من الجانب العراقي لإذاعة ال بي بي سي الصحفي العراقي المخضرم الاستاذ صبحي حداد.
كان أفراد هذه المفارز أول من تأكد من عدم دقة البيان الأميركي، الذي استمعوا إليه، بعد القصف مباشرة، وسقط خلاله (40) صاروخا نوع (توماهوك)، كما شاركت في الهجوم الأول قاذفتان من طراز (اف 117) وهي المعروفة باسم (الشبح)، والقت قنابل من نوع (جيه.دي.أي.ام) الموجهة بالأقمار الاصطناعية، وتزن الواحدة (2000) رطل.
توقع البعض، داخل العراق وخارجه، أن يكون صدام حسين، قد أعد خطابا، أو عدة تسجيلات لخطابات، تتلاءم وطبيعة الهجوم الأول، الذي تشنه القوات الأميركية، ويتم بثه، لتفادي أي طارئ محتمل، لكن لم يتسلم العاملون في تلفزيون العراق، ولا القناة الفضائية العراقية، أي تسجيل من هذا النوع، ولم يجهز حتى صيغة الخطاب، وربما بدأ كتابة خطابه، داخل السيارة، التي كان يتجول بها في شارع أبو نؤاس وفي المناطق القريبة منه.
في تلك الأثناء، لم تكن القيادة العراقية على علم بساعة الصفر، ولكن، وكما ذكر بعض الضباط، فإن التعليمات صدرت يوم الأربعاء 19-3-2003، إلى كافة القطعات، تؤكد أن الهجمات، قد تحصل هذا الليل، ورجح بعض الضباط، أن يبدأ القصف في ساعة مبكرة، وقبل انتهاء فترة الإنذار، الذي ينتهي في الساعة الرابعة صباحا بتوقيت بغداد، أي قبل أكثر من ساعتين من شروق الشمس في سماء العاصمة العراقية.
لكن بعد مرور ساعة على انقضاء المدة، شعر الكثير من العراقيين، الذين سهروا الليل بانتظار بدء الضربة الأولى، بأن الهجوم قد يتأخر، وربما يحصل في أي وقت، في تلك الأثناء.
منذ الساعات الأولى من يوم العشرين من اذار- مارس 2003 اصبح العراق تحت القصف الشامل والواسع والعنيف. ليزداد القصف مع كل ساعة جديدة.