6 مقالات عن العراق في الصحف العربية اليوم الخميس

1 إيرانيو الولاء أميركيو الطباع
فاروق يوسف العرب بريطانيا

أنصار إيران في الميليشيات وفي مجلس النواب يطالبون برحيل القوات الأميركية فيما تلتزم إيران جانب الصمت.
تقاسم المصالح بين واشنطن وطهران

“القوات الأميركية باقية في العراق بل إن حلف الناتو سيعزز وجوده هناك أيضا”. يتوقع البعض أنه خبر سيء في الوقت الذي لا يكترث العراقيون العاديون به.

صار حضور القوات الأميركية مفردة من مفردات المزاد السياسي المفتوح على “مفاجآت” الانتخابات المقبلة. هناك مَن أفصح عن نيته رفع السلاح لمقاومة قوات الاحتلال الأميركي. وهو انتباه متأخر من قبل ميليشيات شيعية تدين بوجودها في العراق للاحتلال الذي تنوي مقاومته.

أما مجلس النواب الذي يعيش أيامه الأخيرة، فقد رفض ما كان موافقا عليه في أيامه الأولى.

لقد اكتشف النواب أن وجود القوات الأجنبية يمسّ بالسيادة الوطنية، فقرروا أن يطالبوا الحكومة بإنهائه.

أما الحكومة فإنها ليست في حاجة إلى أن تقف حائرة بين طرفين لا خصومة بينهما. فهي إضافة إلى أنها تعرف كل شيء، ما خفي من المسألة وما ظهر، فإنها تدرك أن خصومها يلعبون في الوقت الضائع، بل خارج الملعب.

أنصار إيران في الميليشيات وفي مجلس النواب يطالبون برحيل القوات الأميركية فيما تلتزم إيران جانب الصمت.

ليس سرا أن إيران تعيش أزمة مزمنة مع الولايات المتحدة. في المقابل فليس سرا أيضا أن كل ما يجري في العراق ومنذ سنوات طويلة إنما هو محصلة اتفاق أميركي إيراني.

إيران موجودة في العراق بموافقة أميركية، فهل تحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة إيرانية من أجل الإبقاء على قواتها في العراق؟

ذلك سؤال لا يتعلق بالسيادة الوطنية في سياق المعادلة السياسية الواقعية في العراق. فالعراق وفق ذلك السياق بلد محتل. أما المشاهد الصورية في ما يتعلق بالانتخابات والأحزاب وتقاسم السلطة وتداولها ديمقراطيا، فكلها موجّهة إلى رأي عام ليس له أي تأثير على المعادلات السياسية.

لقد تقاسم الطرفان (إيران والولايات المتحدة) المواقع والاختصاصات والامتيازات وليس هناك ما يعكّر مزاجهما.

إن صرح مسؤول إيراني بأن بغداد ستكون عاصمة الإمبراطورية الفارسية فإن الإدارة الأميركية لا ترد، وحين يؤكد قائد عسكري أميركي بأن الولايات المتحدة تنوي زيادة عدد جنودها في العراق فإن إيران لا تستنكر ذلك.

هناك تنسيق بين الطرفين على أعلى المستويات، هو ما لا يتناقض مع نقاط الخلاف بينهما. “هل هما عدوان حقا؟” سؤال لا قيمة له في عالم المصالح الذي طحن العراقيين من غير أن يفهموا فقرة واحدة من فقراته.

فهل علينا أن نصدق أن الأطراف التي تدعو إلى رحيل القوات الأميركية لم تطلّع على ذلك الاتفاق ولم تره مجسدا على الأرض؟

هناك الكثير من الكذب الذي يُقال في العراق. كذب يكشف عن امتهان أصحابه لكرامة العراقيين من خلال إيهامهم بوجود مبدأ السيادة الوطنية.

واقعيا فإن السيادة الوطنية في العراق منتهكة لا بسبب وجود القوات الأميركية الذي نص عليه اتفاق استراتيجي بين الحكومة العراقية والحكومة الأميركية فحسب، بل وأيضا بسبب وجود ميليشيات مسلّحة موالية لإيران تم إلحاقها بالدولة عنوة تحت عنوان “الحشد الشعبي”.

وإذا ما كانت تلك الميليشيات تناصب الحضور العسكري الأميركي العداء علنا، فإنها في السر تخدمه. ذلك لأنها تضع نفسها في خدمة المشروع الإيراني الذي هو بمثابة الجزء المكمّل لمشروع الاحتلال الأميركي. في كل الحالات فإن الشعب العراقي يخرج من اللعبة مضحوكا عليه.

أعداء أميركا في الداخل العراقي هم أصدقاؤها في الوقت نفسه. ذلك لأنهم لا يجدون ضررا في الهيمنة الإيرانية التي ما كان لها أن تقع لولا موافقة أميركية. بعد كل هذا هل هناك أمل للعراق في أن يخرج من متاهته؟

العراق بلد ضائع لأن شعبه تعرّض لأكبر عملية تيه وتزوير في التاريخ. لقد صار على العراقيين أن يكذّبوا كل ما يُقال لهم. وهو ما لا يقوى عليه إنسان، لأن الحياة حينها لن تكون ممكنة.

ليس من الإنصاف مطالبة شعب بأكمله بالانتحار، لذلك صار ضروريا أن يعي الشعب العراقي أنه قد وقع ضحية لعبة يديرها أفاقون لا شأن لهم سوى تمرير الوقت من أجل سرقة المزيد من ثرواته.
2 المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واسرائيل د.باسل حسين نائب مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية
صحيفة العراق
ما سأقوله ليس مقاربة سياسية بل قانونية صرفة فقانون العقوبات العراقي يمنع التعاقد مع اي شركة اجنبية تتعامل مع” اسرائيل” لكن المفوضية العليا “المستقلة” للانتخابات خالفت القانون العراقي على نحو واضح وصريح حينما تعاقدت مع شركة اندرا الاسبانية في تجهيز البرمجيات والخوادم وبطاقات الناخبين بمبلغ يقال انه بحدود (166) مليون دولار بعد ان تعاقدت بمبلغ يناهز (100) مليون دولار نظير اجهزة العد والفرز من شركة ميرو سيستمز الكورية والتي تناولتها في مقالات سابقة وبينت فيها عن اشكالية في وجود الشركة ومكانتها المالية ومنتجاتها فضلا عن العيوب التي اخذت على الاجهزة و فشلها في انتخابات قيرغستان الرئاسية لعام 2015 وهي نفس الاجهزة التي زودت بها الشركة المفوضية على الرغم من ادعاءاتها غير الدقيقة بانها صنعت خصيصا للعراق.
وعودا على بدء،، فشركة اندرا الاسبانية تعد احد اكبر الشركات المزودة للانظمة الالكترونية لوزارة الدفاع الاسرائيلية ، وهي في تحالف مع شركة هيرلي الاسرائيلية منذ عام 2000 , ونشر تقرير مؤخرا عن مساهمة الشركة في الصراعات في مناطق متعددة ومنها الشرق الاوسط.
وقد سالت الخبير القانوني الاستاذ جمال الاسدي ان كانت للمفوضية قد ارتكبت مخالفة قانونية في تعاقدها مع ضركة اندرا الاسبانية من عدمها فاجاب مشكورا بالراي القانوني الاتي :

ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعقدها مع شركة اندرا الاسبانية قد خالفت المادة ( 172) من قانون العقوبات العراقي التي تخص التبادل التجاري والتي تنص على
(( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على عشرة الاف دينار او باحدى هاتين العقوبتين:
1 – كل من قام مباشرة او عن طريق بلد آخر في زمن الحرب بتصدير بضاعة او منتوج او أي مال آخر الى بلد معاد او قام باستيراد ذلك منه.
2 – كل من باشر بنفسه او بواسطة غيره في زمن الحرب عملا تجاريا غير ما ذكر في الفقرة السابقة مع أي فرد مقيم في بلد معاد او مع أي من رعايا ذلك البلد او ممثليه او وكلائه او هيئاته.
ويحكم بمصادرة الاشياء محل الجريمة في جميع الاحوال فان لم تضبط يحكم على المجرم بغرامة تعادل ثمن الاشياء موضوع الجريمة.))
واضافة الى شلك فان المفوضية قد خالفت كل التعليمات والانظمة والتعاميم السابقة ، واخرها التعميم الصادر من الامانة العامة لمجلس الوزراء في 11 / 6 / 2015 والذي ينص على ((وجهت الامانة العامة لمجلس الوزراء، اليوم الخميس، القطاعات والمؤسسات الحكومية بحظر التعامل مع الشركات الاجنبية التي تتعامل مع اسرائيل، وفيما اشترطت وزارة التخطيط على شركات المقاولة توقيع تعهد خطي بعدم التعامل مع اسرائيل، اكدت فسخ العقد وتحمل الجهة المخالفة للتبعات القانونية كافة.))
وهذا الراي القانوني الي قدمه الخبير القانوني الاستاذ جمال الاشدي يكشف بما لا يدع للشك بأن المفوضية العليا للانتخابات قد خرقت القوانين والتعليمات العراقية بالتعاقد مع شركة اندرا الاسبانية وبالتالي على البرلمان والاجهزة الرقابية والقضاء القيام بواحباتها..
اعلم اني ادخلت نفسي في عش الدبور ، لكن اعتقد ان سلطة المثقف ونفوذه يكمن في عنصر الضمير .
3 فالح عبد الجبار.. ومواجهة الانحطاط
رشيد الخيّون
الاتحاد الاماراتية

إن لم يصنف الباحث العراقي، في علم الاجتماع، فالح عبد الجبار (1946 -2018) كتبه العشرين، لكفاه كتابه «العِمامة والأفندي سوسيولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الدِّيني»، أطروحته الأكاديمية (جامعة لندن- كلية بيركبك)، به وببقية مؤلفاته والمئات من بحوثه ومقالاته وترجماته تأهل أن يكون أحد أبرز كُتاب وباحثي جيله، من عراقيين وعرب.

ودّع الباحث فالح عبد الجبار متابعيه على الهواء، داهمه الموت وهو يدلي بآخر حديث عن السياسة والمجتمع العراقي لقناة «الحرة» ببيروت. رفع يده كأنه يُلقي إشارة الوداع، وما هي إلا ساعات وتنعيه الأخبار، إلى جوار المركز الذي أسسه وفرط بصحته من أجل إنتاج الدِّراسات والبحوث، والدورات الطُّلابية على مدى أربعة عشر عاماً «معهد الدِّراسات العراقية».

ليس سهلاً، في هذا الوقت بالذات، مع وجود إمكانية التجاوز على جهود الآخرين عبر وسائل التقنية الحديثة (قطع ولصق)، بروز باحث جدير بالتقدير، وعلى وجه الخصوص في العلوم الإنسانية، التي لا تُحصر في غرف المختبرات والمعادلات الرياضية، إنما مختبرها الحياة والواقع الاجتماعي، وما فيها من إمكانية التسطيح والنقل غير الأمين، يتعلق صدقها على أمانة الباحث، لشعوره بثقل المهمة. أقول هذا لكثرة ما يؤلف ويُلفق، فكم حامل لقب باحث ومفكر وخبير استراتيجي لكنه عالة على جهود غيره.

لهذا، وفي أحوال العراق المتردية ثقافياً وفكرياً، لما مرَّ به من حروب وحصارات واجتياحات، يُفتقد باحث صدوق مثل فالح عبد الجبار، ومع أن الجميع بعد غيابه دعوه بالمفكر، لكنه لم يغتر باللقب، والسبب أن النَّاس جميعاً يُفكرون.

مِن أبرز الصِّفات التي تميز أمثال باحثنا أنه يغوص في أعماق الظاهرة، لا يترك نفقاً إلا ودخله باحثاً عن المعلومة، وكم عرّض نفسه لمخاطر الموت بسبب شرايين قلبه المتعب.

بدأ معجباً بعلي الوردي (ت 1995)، لكنه بعد النضج أشار إلى الثلمات في منهجه، دون أن يتعالى على أسبقيته وريادته في سبر أغوار المجتمع العراقي. تحمس للباحث حنا بطاطو (ت 2000)، في كتابه «العراق»، وهو يفتش بين أكوام الأضابير المرمية بلا عناية، عن معلومة ليبني عليها صفحات.

أُعجب فالح عبد الجبار بالشَّيخ محمد حسين النائيني (ت 1936)، ورسالته «تنبيه الأُمة وتنزيه الملّة»(النَّجف 1909)، واعتبرها ناقوس التحرر من الاستبداد بالمنطقة، وكتب دراسات ومقالات وشارك في ندوات لهذا الموضوع. أتذكر عندما قدمنا برنامجاً بمناسبة انتهاء القرن العشرين، واستضفنا متحدثين عن أعلام القرن، تحدث فالح عن النَّائيني، وكانت قضية الرسالة «الحركة الدستورية»(1906). مع أن مصنفها تخلى عنها وسعى إلى إتلافها (الأمين، أعيان الشِّيعة).

كم كان سعيداً عندما قدمتُ له ترجمة غير التي ترجمها صالح الجعفري (ت 1979)، قام بها مع دراسة معتبرة الباحث السُّعودي توفيق السيف. وبمناسبة مرور مئة عام على الحركة كلفني المعهد الذي يديره فالح عبد الجبار بتصنيف كتاب بالمناسبة (النِّزاع على الدستور بين علماء الشيعة المشروطة والمستبدة).

أعطى فالح عبد الجبار صحة قلبه، وهو العليل، للبحث والدراسة، وأخذ منه المجتمع العراقي جلَّ وقته وجهده، خلال عشرين عاماً الأخيرة. قدم لمن يريد تصحيح شأن العراق تفسيراً للطبقات والفئات الاجتماعية وأدوارها. أعطى صورة عن تشابك المصالح بين الطبقات الاجتماعية، رجال الدين والأحزاب السياسية وأدوارهم وأقطاب السلطة. كان الملك فيصل (ت 1933)، عند فالح، هو الأحق بالتقدير، هذا، لما يتولى الباحث الصَّادق شأناً لا يخضع لعقيدة أو رأي، وفالح لم تحبسه الأيديولوجيا في كهفها. عَرف أستاذ علم الاجتماع والمشرف على أطروحته سامي زبيدة كتاب «العِمامة والأفندي» بجملة ذات دلالة: «أشبه بوليمة معرفية لكلِّ دارسٍ للعراق أو المنطقة، كما لكلِّ قارئ عليم فضولي» (من تقديم الكتاب).

منذ ظهوره ثقافياً (1974) وحتى غيابه (2018)، لم ينقطع فالح يوماً عن الكتابة والبحث والترجمة، فإضافة إلى ما كانت تنشره له المجلات والصُّحف، ترك ثروة تؤسس وتربي جيلاً، غطاه غبار الانكسار، وهذه عناوين بعض ثروته: «المادية والفكر الديني المعاصر»، «في الأحوال والأهوال.. المنابع الاجتماعية للعنف في الثقافة العربية»، «الديمقراطية المستحيلة»، «معالم الخرافة والعقلانية في الفكر السياسي العربي»، «ما بعد الماركسية»، «الديمقراطية»، «التوتاليتارية»، «بنية الوعي الديني والتطور الاجتماعي»، «فرضيات حول الاشتراكية»، «المجتمع المدني».

غاب فالح عبد الجبار في عز عطائه العلمي، نعم رحل وهو في الثانية والسبعين، لكنه ظل متوقد الذِّهن نشطاً. فقدته جمهرةٌ من الباحثين الشباب، وكان يصرف وقتاً وجهداً، بشخصه ومعهده، في إعدادهم، بلا منة ولا كلل. لفظ أنفاسه وفي ذهنه قائمة من المشاريع البحثية، فشعاره: «التغيير بعد التفسير». هذا، والسبق لأبي العلاء المعري (ت 449هـ): «تقِفونَ والفُلكُ المُسخَّرُ دائرٌ/ وتقدِّرونَ فتَضحكُ الأقدار» (لزوم ما لا يلزم).

فالح عبد الجبار فقدناك باحثاً مخلصاً دؤوباً.
4 كنت في بغداد (6)
خالد بن حمد المالك
الجزيرة السعودية

هذه هي الحلقة السادسة والأخيرة من سلسلة مقالاتي عن العراق، أنهي بها هذه الانطباعات بالحديث عن نقابة الصحفيين العراقيين، بقيادة النقيب السيد مؤيد اللامي، فقد زرنا مقر النقابة، واطلعنا على منشآتها، وتعرَّفنا على تاريخها، والتقينا بزملاء المهنة، وتناولنا الغداء في جزء من مساحتها الخضراء، ووقعت مع النقيب اتفاقية للتعاون بين هيئة الصحفيين السعوديين ونقابة الصحفيين العراقيين.

**

حدثنا النقيب عن أن أكثر من عشرين ألف إعلامي منتسبين للنقابة، وأن النقابة تمنح أرضاً لكل عضو فيها، ضمن مجموعة من المحفزات لهم، ويقول إن لدى النقابة استثمارات كثيرة تجعلها قادرة على خدمة وسائل الإعلام، وقد لاحظنا أن النقابة تتمتع بكل عناصر القوة للتأثير على القرار في العراق والدفاع عن الإعلاميين.

**

وكانت النقابة بنقيبها والمسؤولين فيها قد تفرغوا تماماً ليكونوا في خدمة ضيوفهم رؤساء التحرير الذين يمثلون هيئة الصحفيين السعوديين، يرافقنا النقيب في كل زيارة، بل في كل خطوة، كما فعل ذلك سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ عبدالعزيز الشمري، وكان النقيب يتأكد بنفسه ويتابع دون أن يعتمد على غيره من أن كل وسائل الراحة موفرة لنا، وأن إقامتنا في بغداد مغرية كما كان يردد دعوته لنا للعودة لها مرة أخرى.

**

وبهذه الروح، وهذا السخاء في التكريم والكرم، مضت أيامنا في عاصمة الرشيد سريعة ومريحة ومشجعة فعلاً للعودة لها مرة أخرى، وقد تم بحسب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين النقابة والهيئة أن تكون هناك زيارات متبادلة للرياض وبغداد كل ستة أشهر للإعلاميين من هنا ومن هناك، وذلك ضمن التوجه الذي تقوده قيادتا البلدين لتحرير العلاقة الثنائية من كل ما شابها خلال الثلاثين عاماً التي مضت.

**

ومع كل التقدير على كل ما لقيناه من حفاوة من زملائنا في العراق، ومن اهتمام وحفاوة من كل القيادات العراقية، وهو ما نعتبره اهتمامًا وتقديرًا ومحبة لقيادة وشعب المملكة العربية السعودية، فإن مرافقة السفير السعودي لنا ومتابعته لكل خطواتنا طيلة مكوثنا في العراق كان له أبلغ الأثر في شعورنا بأن لنا أخاً عزيزاً وسفارة ناجحة في أداء ما هو مطلوب منها في مرحلة مهمة لرسم العلاقات السعودية – العراقية الجديدة.

**

ومن المهم أن أشير إلى دور وزارة الثقافة والإعلام وإلى وزيرها الدكتور عواد بن صالح العواد في إنجاح هذه الزيارة، بدعمه وتشجيعه وحرصه على أن تكون من حيث التنظيم والإعداد والتسهيلات التي تسبق بدء الزيارة مدخلاً لنجاحها، وهكذا تم تأمين طائرة خاصة بتوجيه من الوزير عواد لنقل أعضاء الوفد إلى بغداد والعودة بهم بعد انتهاء الزيارة، وكذلك متابعته يومياً لتحركاتنا للتأكد من أن الأمور تسير كما وجه معاليه بذلك قبل مغادرة الوفد باتجاه العاصمة العراقية.

**

شكراً في نهاية الكلام عن الزيارة للعراق قيادة وشعباً، شكراً للزميل نقيب الصحفيين العراقيين، شكراً للزملاء الإعلاميين في العراق، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وسوف نستكمل في الرياض قريباً ما بدأناه في بغداد من مناقشات ومباحثات مع زملائنا الإعلاميين، وتوقيع اتفاقية تعاون لإنجاز مهمتنا الإعلامية في دعم التقارب والتفاهم بين بلدينا.
5 أيام ” الصدمة والترويع” الأميركية
وليد الزبيدي
الوطن العمانية

استحوذت “الصدمة والترويع”على مساحات واسعة من الإعلام الموجه للعراق، منه الأميركي والغربي ومنه العربي أيضا، وكان الهدف من ذلك انهاك العراقيين نفسيا قبيل بدء الحرب، وبدون شك حققت هذه الحملة النفسية نجاحا كبيرا.
فرض مصطلح الصدمة والترويع (Shock and awe) هيمنة كبيرة على الأوساط السياسية والبحثية والعسكرية في الولايات المتحدة والعراق، وطرق هذا المصطلح أسماع الملايين في مختلف أرجاء العالم، لكن المستهدف الرئيسي من كل ذلك هو الشعب العراقي، وأصدر (هارلان اولمان Ulman) كتاباً بهذا الصدد، وهو استراتيجي أميركي له علاقات قوية بدونالد رامسلفيد وزير الدفاع وديك تشيني نائب الرئيس جورج دبليو بوش، وجاء كتابه بعنوان (الصدمة والترويع: إنجاز الهيمنة السريعة) وذكر فيه ما نصه .. أننا نريدهم أن يتراجعوا ولا يحاربوا خلال دقائق، وليس أيام من خلال ضربة مهولة تشبه قنبلة هيروشيما.
في الواقع، أن هذا المفهوم، هو الذي بُنيت عليه الحرب، استناداً إلى ما قاله مسؤول أميركي لقناة (CBS) الأميركية، الذي ناقش الموضوع معه باستفاضة كبيرة مذيعها الشهير دان راذر، الذي سبق وزار العراق والتقى الرئيس العراقي صدام حسين لمدة ثلاث ساعات.
وضع العراقيون الأفكار والتصورات والقناعات، التي كانت تسيطر عليهم قبل عدة أيام، وراء ظهورهم، ولم يعد هناك أي مجال للحديث عن مسألة الاحتمالات في وقوع الحرب من عدمه، وبدأت تنهال على العراقيين مرة واحدة أكداس الحرب النفسية، التي سبق والتهمها العراقيون طيلة الأشهر المنصرمة وبكثافة غير مسبوقة، خاصة ما يتعلق بأنواع الأسلحة المتطورة جداً، والكم الهائل من التصريحات التي تم تسريبها عبر وسائل الإعلام، التي تتحدث عن حرب خاطفة. لدرجة أن البعض تصور، أن الحرب الأميركية، قد تستغرق يوماً أو عدة أيام، وهذا ما أوحى به الإعلام الأميركي، ونستطيع القول، أن العراقيين قد فهموا موضوع (الصدمة والترويع) بصورة غير دقيقة، وأخذوا الصدمة على أساس أنها تمثل حجم الضربة العسكرية الأولى، أو على الأقل في اليوم الأول، ولم يستبعد البعض، أن تستخدم القوات الأميركية، أسلحة محرمة لتحقيق هدفها في إحداث الصدمة عند العراقيين، وسرت شائعات بين الناس، عن نية الولايات المتحدة استخدام قنابل نووية تكتيكية صغيرة، لقصف مناطق معينة، مثل المواقع الرئاسية ومقرات القيادة والتوجيه، وأماكن انتشار قوات الحرس الجمهوري، وحتى بعض الأحياء السكنية، أن استدعت ذلك اشتراطات تحقيق الانتصار الأميركي، وحضرت في ذاكرة الكثيرين مدينتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، عندما قصفتهما بالقنابل الذرية عام 1945. لهذا لم تكن الأيام الأولى من الحرب سهلة، ولكي نفهم الصعوبات الحقيقية، التي زخرت بها أفكار وتصورات ومشاعر العراقيين، لابد من دراسة تفصيلية، لموضوع (الصدمة والترويع)، التي يجب الاعتراف بأنها حققت الكثير من أهدافها، مرتكزة في نجاحها إلى الذكاء في اختيار المصطلح والترويج له، قبل فترة مناسبة من شن الحرب، والخروج عن الاصطلاح التقليدي، المستخدم في الحروب المعروفة في العالم بتسمية (الحرب النفسية)، وتوظيف وسائل الإعلام في تحقيق ذلك على نطاق واسع.
يضاف إلى ذلك التفوق العسكري والتكنولوجيا المتطورة، مع التذكير باستمرار بما شاهده العراقيون من قدرات عسكرية خلال أيام حرب الخليج الثانية عام 1991، والتأكيد على التطورات التقنية في حرب الألفية الجديدة، التي أطلقوا عليها تسمية الحرب الإلكترونية، إضافة إلى (أم القنابل) التي دخلت على خطوط التهيئة لهذا النوع الجديد من الحرب النفسية.
لكن سنكتشف لاحقا أنه بقدر ما نجحت أميركا في”الصدمة والترويع ” فأن جيشها قد تعرض لـ” صدمة وترويع “عراقية على أيدي المقاومين الذين واصلوا هجماتهم ضد قواتهم وعلى أوسع نطاق خلال سنوات الاحتلال.

6 هل يُقاطِع كُرد العراق … «العملية السياسية»؟
محمد خروب
الراي الاردنية

عادت «المسألة الكردية» الى صدارة الاحداث العراقية المتلاحِقة بل والمتوتِرة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والتي من المقرّر أن تتم في الثاني عشر من أيّار الوشيك، وسط غموض وارتباك في التحالفات والإصطفافات بين مكونات الطيف السياسي والحزبي, المحمولة على أبعاد طائفية ومذهبية وأخرى ذات صلة بما يجري في الإقليم, ومحاولات عواصم عربية و غير عربية استعادة أدوار مفقودة لها على الساحة العراقية, وأخرى لتعميق هذا الدور افقيا وعاموديا, وثالثة لإيجاد دور لم تستطع حتى الآن بلورته أو توفير ارضية ثابتة له.. فضلا عن مسألة استمرار وجود قوات أطلسية واميركية على اراضيه,رغم قرار البرلمان بعدم السماح بوجود اي قوات اجنبية في العراق.

يبرز في الأثناء ارتفاع حدة التوتر حدود التشنّج في علاقات الحكومة المركزية واقليم كردستان العراق، وخصوصا بعد اقرار البرلمان العراقي ميزانية البلاد للعام 2018 بتخفيض حصة اقليم كردستان الى 6ر12% بعد أن كانت ومنذ الإحتلال الأميركي للعراق حتى العام الماضي 17%.. الأمر الذي اثار موجة من ردود الفعل, أكثرها لفتاً للإنتباه عودة رئيس الاقليم السابق زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني الى الاضواء, عبر تصريحات تستبطن الدفاع عن مواقفه السابقة وتبرير ما كان أقدَم عليه بإصرار وعِناد لافتين, عندما أجرى استفتاء الخامس والعشرين من أيلول الماضي, الذي اطاح كل»مكتسبات» الإقليم السياسية والاقتصادية وخصوصاً الجغرافية والإدارية, على نحو جسّد هزيمة شخصية لِـ»كاك مسعود» الذي راودته أوهام «الزعيم المؤسِّس» لأول دولة كردية مُستقِلة بعد تجربة جمهورية «مهاباد» في العام 1946 بعمرها القصير الذي لم يستمر سوى احد عشر شهراً، تجربة فاشِلة.. قادها قاضي محمد مع والده الراحل مصطفى بارزاني.

مسعود بارزاني وبعد إقرار ميزانية العراق للعام 2018 دعا «القوى السياسية الكردية لِاتّخاذ موقف موحَّد رداً على خفض بغداد نسبة حصة اقليم كردستان من الموازنة، معتبِراً ما حصل بأنه «خرق واضح لمبادئ الشراكة والتوافق والتوازن ومبادئ الدستور, واضطهاد مخطّط له ضد شعب كردستان». مُستعيداً خطابه ومواقفه القديمة بالقول: «آمل أن تُظهِر الخطوة الأخيرة, الكثير من الحقائق للداخل والخارج، وآن الأوان ان تجتمع الأطراف الكردية لاتّخاذ قرار مشترك، رداً على خطوة مجلس النواب».

صحيح ان حكومة الإقليم اعلنت رفضها الموازنة، وصحيح ان نيجرفان بارزاني رئيس هذه الحكومة, رأى في الموازنة «إهمالاً لحقوق الأكراد، وخرقاً واضحاً لمبدأ الشراكة مع الإقليم».إلاّ أن دعوة رئيس الإقليم السابق تكتسب أهمية استثنائية، رغم عِلمه ان مواقف القوى السياسية الكردية في الاقليم مُتباعِدة, وان الجدل الدائر بينها ما يزال يركِّز على تداعيات الاستفتاء وآثاره السلبية المدمِّرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الاقليم ومعظمها – إن لم يكن كلّها – يتحمّل كاك مسعود وحزبه, مسؤولية الانهيارات والهزائم التي لحقت بشعب الإقليم, ومكانته ودوره في داخل العراق وخارجه على حد سواء.

فهل ثمة إمكانية لمقاطعة كرد العراق العملية السياسية, على أبواب انتخابات ستكون حاسمة, إن لجهة تحديد الأوزان والأحجام للقوى السياسية والحزبية التي برزت بعد الإحتلال, وخصوصاً إثر هزيمة داعش، ام لجهة المستقبل السياسي لشخصيات سياسية وحزبية هيمنت على المشهد العراقي منذ العام 2003، وانخرطت في مواجهات وصراع محموم على السلطة, قبل اعلان «دولة داعش» وخصوصاً بعد انهيارها وهزيمتها؟.

ستكون خطوة انتحارية يُقدِم الكُرد عليها, اذا ما قاطعوا العملية السياسية ونأوا بأنفسهم عن «معركة الانتخابات»، شبيهة بالخطوة الكارثية التي قادها مسعود بارزاني عبر استفتاء 25 أيلول الماضي، فضلاً عن حقيقة أن مقاطعة كردية «شاملة» لا تبدو مؤكَّدة, إذ ثمة انقسامات حادة في الصف الكردي (غير الموحّد أصلاً) وحال إنعدام الثقة التي ما تزال تحكم العلاقة المتوتِّرة بين الحزبين «الكبيرين»… الديمقراطي والاتحاد الوطني, رغم تعرّض الأخير لانقسامات وانشقاقات, كانت آخرها خروج القيادي فيه.. برهم صالح, وتشكيله حركة اسماها «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة». وفي الآن ذاته عودة الدفء الى علاقة حركة التغيير «غوران»التي انشقّت عن الاتحاد الديمقراطي وبين الأخير, بسبب تقارب وجهات النظر إزاء عدد من القضايا والملفّات, وبخاصة بعد رحيل مؤسس الحركة نيشروان مصطفى.

توتر علاقة حكومة الإقليم مع الحكومة المركزية في بغداد، سيكون له بالتأكيد تأثير على العملية السياسية، وبخاصة إذا ما اتّخذت القوى الحزبية والسياسية الكردية موقفاً موحداً إزاء رفض الموازنة، واصرّت على عودة النسبة القديمة، مع استبعاد الحديث عن مسألة رواتب موظفي الإقليم التي تعهّدت بغداد بتأمينها, فاستغلّت بعض القوى العراقية داخل البرلمان القضية, للضغط في اتجاه تخفيض نسبة حصة الإقليم لأهداف سياسية واخرى انتخابية وثالثة انتقامية, لها صلة بالجدل الدائم والمستمر حول النسبة القديمة (17%) التي تقول تلك القوى انها عالية وكبيرة لا تتناسب وحجم الاقليم السُكّاني, او دوره الإنتاجي في الاقتصاد العراقي.

من المؤسف أن ما يجري الآن في العراق على اكثر من صعيد, هو نِتاج «طبيعي» لسياسة المحاصصة الطائفية والعِرقية التي اقرّها «قادة» العراق منذ العام 2003، بدعم وتشجيع من الاحتلال الأميركي, وسط حملات تحريض طائفي ومذهبي لا تتوقّف ما ادّى ويؤدّي (في النهاية) الى انهيار التحالف أو الشراكة بين القوى الشيعية والكردية التي اقتسمت كعكة السلطة, وربما تبرز الآن معادلة جديدة على انقاض القديمة لتصبح شراكة شيعية ـــ سُنيّة ليتم دحر الكرد إلى الخلف, في لعبة بائسة ومفلِسة لن تجلب للعراق.. سوى المزيد من النكسات والإنكسارات.. والتراجع.