7 مقالات عن العراق في الصحف العربية والاجنبية يوم الاثنين

1 «أبناء البغدادي».. في الرقة والموصل

خليل علي حيدر
الاتحاد الاماراتية

روت إحدى الصحف رحلة أحد صغار «الدواعش» من «أشبال الخلافة» واسمه محمد رمضان.. وتحوله إلى قاتل دموي معروف بلقب «أبو المجد». كان «أبو المجد» مع التنظيم في دمشق وريفها، وفي حمص وريفها، ولم يحرم دير الزور من صولاته. لكنه، أضافت الصحيفة، «ختم جهاده في دوار الدلة وسط الرقة، كآخر العهد بالقتال في صفوف التنظيم، حيث رابط على مشارف هذا الدوار شهراً، مستخدماً رشاشه الكلاشينكوف».

سقطت قرية «محمد رمضان» في قبضة التنظيم، أضافت صحيفة «القبس»، مثل غيرها من القرى الفقيرة البائسة في منطقة الرقة. واستولى «داعش» في قريته أولاً على المدرسة التي كان يتلقى فيها الطفل دروسه، ويخطو من ساحاتها أولى خطواته في التحصيل العلمي. وفي المدرسة نفسها بدأ التنظيم إعداده مع غيره وتجنيده.

«محمد أخبرنا أن والده كان يعمل في البناء كعامل يكد لتأمين قوت العائلة، لكنه عاد إلى القرية وقرر الانضمام إلى «داعش»، هروباً من الفقر الذي لطالما لازمه. والذي كان يعتقد أن «داعش» سينقذه من بؤس الفقر والحاجة، ومثلما قرر الانضمام شجعني أنا أيضاً على الالتزام بالدورات الشرعية التي يقيمها التنظيم في المدرسة، وهذا الأمر لعب دوراً مفصلياً في انضمامي إلى أشبال الخلافة». [13-11-2017].

وتوالت دورات إعداد اليافع «الداعشي» أبو المجد، تلقى خلالها «دروساً منهجية حول الكفار، وتعذيب الكفار للمسلمين وضرورة الانتقام وكيفية هذا الانتقام، وكل ذلك عبر الدروس المكثفة وأفلام الفيديو».

بدأت بعد ذلك دورة تدريب عسكرية. في تلك الدورة كان أبو المجد، وعمره الآن لا يزيد على 14 عاماً، يستعجل الزمن ليتخرج ويحمل السلاح وينخرط في الجهاد: «كنت أحلم بالموت في سبيل الله ليرزقني الله الجنة، كنا نخضع لدورات ودروس قاسية وتطبيقات عملية بالأسلحة الحية، وكل من يمتنع عن تنفيذ المهام كانوا يطلقون عليه النار كعقوبة. لقد شاهدت بنفسي الكثير من الأطفال الذين تم إطلاق النار عليهم».

كُلف أبو المجد بالقتال ضد «وحدات حماية الشعب الكردية»، وكانت هذه بداية تغير فكره كما يقول. «فقد أقنعنا داعش بأننا أفضل بني البشر أخلاقاً وإنسانية، بينما أقذر الأعمال ظهرت في أعمالنا القتالية، ورأيت بنفسي أنني لم أكن سوى سالب ناهب لحياة الناس وأموالهم».

زار الطفل الداعشي أحد سجون داعش ذات مرة، «وفي أقبية التعذيب تناهى إلى مسامعي أنين التعذيب وصرخات النساء. ومن كوة الجدار استرقتُ النظر فإذا بجلاوزة السجن يضربون بالسياط ظهور النساء المعلقات بالسقف من أيديهن.. يا إلهي، أليس جسد المرأة عورة كما كانوا يقولون لنا، فلماذا تلك النساء عرايا في معاقل التنظيم».

فتى «داعشي» آخر في الرابعة عشرة من عمره كذلك، «محمد أحمد»، الفتى العراقي الذي كان يسكن مع عائلته شرقي الموصل في إحدى القرى، عندما سيطر التنظيم على المدينة في يونيو 2014.

لم ينتظر محمد طويلاً، بل سارع إلى التطوع في صفوف التنظيم المتطرف، وتقول صحيفة الشرق الأوسط 14-2-2017، إنه «أصبح بعد تلقيه تدريبات مكثفة على جميع أنواع الأسلحة، أحد أخطر مسؤولي وقناصي التنظيم».

يقول «الداعشي» القناص محمد: «أعجبني مسلحي التنظيم وأسلحتهم وملابسهم، وشجعني أبي على الانتماء إليهم وبالفعل انتميت إلى صفوفهم وأرسلوني بعد أيام إلى مدينة الرقة السورية، وهناك أدخلوني في معسكر كبير للأطفال كان فيه آلاف الأطفال». تلقى تدريباً واسعاً مع الآخرين في كل مستلزمات إعداد الإرهابي وصناعة الموت، وشمل ذلك «كيفية استخدام جميع الأسلحة وكيفية صناعة العبوات الناسفة وتفخيخ المباني والسيارات وتنفيذ الهجمات الانتحارية وعمليات الاغتيال والتعذيب وخوض المعارك داخل المدن. كنا نجرب عمليات الذبح والإعدام على معتقلين لدى التنظيم ومسلحين خارجين عن أوامر داعش».

تصف القوات العراقية «محمد» بأنه خطير جداً حيث شارك في عمليات إجرامية كبيرة. ويقول عن نفسه «عندما تخرجت من المعسكر كنت ضمن أحد أفضل قناصي التنظيم. أشرفتُ على مجموعة كبيرة من عمليات التنظيم داخل الموصل وأطرافها من عمليات قنص وقتل، وكذلك أشرفت على إدارة كثير من نقاط التفتيش، وعمليات تعذيب واعتقال المواطنين والمخالفين لقوانين «داعش».

بين التقرير الصحافي أن التنظيم «كان يلجأ إلى إغراء الشباب والأطفال والمراهقين بالأموال والأسلحة والسيارات، ويؤكد لهم أنهم سيعيشون بين صفوف مسلحيه برفاهية، لكن بعد تجنيدهم بفترة قصيرة كانوا يبلغون من تورط معهم من هؤلاء الأطفال والشباب أن هناك نقصاً في جبهات القتال وعليهم أن يتوجهوا إليها وإلا سيُعدمون بتهمة عدم إطاعة الأوامر، وافتتح التنظيم مع سيطرته على الموصل العام 2014، العشرات من المعسكرات التدريبية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاماً، وأهم اثنين من هذه المعسكرات «الفاروق» و«أشبال الخلافة، في تنفيذ العمليات الانتحارية والهجمات المسلحة وفي المعارك مع القوات العراقية».

كيف ألقت القوات العراقية القبض عليه؟ قال علاء خالد، أحد مقاتلي الجيش العراقي لـ«الشرق الأوسط» إن قواتهم ألقت القبض على الفتى محمد أحمد و 4 آخرين كانوا معه أثناء خروجهم مع العائلات التي نزحت من إحدى القرى التابعة لناحية النمرود، وأوضح خالد: «سكان القرية أبلغوا عن محمد وأدلوا بمعلومات مهمة عنه للقوات الأمنية. وبعد إلقاء القبض عليه دققنا بالمعلومات التي كانت بحوزة الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الوطني، واتضح أنه أحد المطلوبين للقوات الأمنية»، مضيفاً: «ألقي القبض عليه وهو يسير بين مجموعة من نساء القرية وكان معه 4 آخرون من مسلحي التنظيم المتورطين في عمليات إرهابية». كانت لهؤلاء الصغار مهام أخرى.. لا تقل خطورة!

يقول كاتب التقرير من الموصل «دلشاد عبدالله»: «بحسب شهود في المناطق المحررة من الموصل، كان التنظيم يستخدم هؤلاء الأطفال إلى جانب مهامهم العسكرية عيوناً تابعين له في مناطق سكناهم، وللتجسس على أهلهم. وتعرض هؤلاء الأطفال إلى عمليات غسل الدماغ لدرجة جعلتهم يعتقدون أن خليفة «داعش» الإرهابي أبوبكر البغدادي، هو والدهم».
2 السيستاني وخيبة الأمل بالانتخابات
محمد برهومة
الحياة السعودية

حين تأسس مجلس التنسيق السعودي – العراقي في آب (أغسطس) 2017، تفاءل محللون استراتيجيون بأن يكون فرصةً للعراق لإحداث انزياحات فارقة قد تصل إلى حدّ الانضمام إلى منظومة «مجلس التعاون» الخليجي، وكعضو له أهمية اقتصادية وجغرافية وسياسية وأمنية خاصة. لكن حتى الآن، ظهر أن هذا التأسيس كان خطوة جزئية لم ترقَ إلى الطموح الذي عبّر عنه أولئك المحللون.

ومع أن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، الذاهب إلى منافسة انتخابية حامية في أيار (مايو) المقبل، يراهن في حظوظه على إنجاز حكومته في شأن هزيمة «داعش» عسكرياً، وفي التغلب على موضوع الاستفتاء في كردستان، وتحسين علاقات العراق مع جواره ومحيطه العربي، وزيادة التناغم مع الجانب الأميركي، فإن توتر العلاقات الإيرانية – الأميركية، وعدم ترسيم علاقة جيدة بين طهران وواشنطن في عهد ترامب، قياساً في الأقل على ما كانت عليه الحال زمن إدارة أوباما، سيُخفِّض من جرعة التفاؤل العربي والأميركي، على حدّ سواء، بحيدر العبادي، أيْ من حيث مدى قدرته على اجتراح استقلال كافٍ عن محور طهران وأولوياتها الخارجية.

وعلى رغم أنّ بعض الأمل راودنا ونحن نرصد في السنوات الأخيرة تصاعد امتعاض العراقيين من سياسات ومواقف الأحزاب والتيارات الدينية – الطائفية الفاسدة في بلاد الرافدين، إلّا أن الظاهر حالياً أن استعدادات وتحالفات القوى والأحزاب العراقية للانتخابات العامة المقبلة لا تُقدِّمُ لذاك الأمل روافع سياسية وأدوات شعبية تحمله. فالتيار المدني العراقي، في ظل التشظي السياسي والانتخابي، واحتدام الارتهانات الشخصية والطائفية والقومية، يبدو ضعيفاً أو لا يتوافر على القدرة على تقديم مشروع وطني بديل. وترجّح قراءات بأن موقف كتلة إياد علاوي المتردد من استفتاء كردستان قد أضعف حظوظه في المواجهة الانتخابية المقبلة؛ وهي مواجهة يتصدّرها حدة الاستقطاب، فيما تأتي المواقف الوسطية والتوافقية، والحديث عن تيار عراقي وطني مستقل عن التناقضات الإقليمية في مرتبة أدنى.

التوجّه الأميركي لتشديد الاتهامات لإيران بزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، بالتالي فرض مزيد من العقوبات عليها وعلى «حزب الله»، تجعل حيدر العبادي يتجه إلى اتخاذ موقف «الحياد» حيال الصراع الأميركي – الإيراني من جهة أو الصراع الإيراني – السعودي من جهة أخرى. وقد أعلن العبادي في (20/2/2018) أن هناك «نزاعات إقليمية، وكل دولة تريد تحقيق مصالحها على حساب الأخرى، لكن العراق لن يسمح باستغلال أراضيه ضد إيران». بعد ذلك بيومين حذر «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، من الاستجابة إلى طلب القوات الأميركية بإبعاد «الحشد الشعبي» عن مناطق وجود قواعدها في العراق، معتبراً أن هذا الأمر «يُمهّد إلى عودة الاحتلال».

«موازين قوى» كهذه قد لا تسمح للانتخابات العراقية المقبلة بأنْ تجلب «تغييراً» أو إصلاحاً منتظَراً. المؤشرات والشروط غير متوافرة لذلك حتى الآن، وهو ما لاحظه المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بحضه الشعب العراقي على إجراء «تغيير سياسي» خلال الانتخابات العامة المقبلة، وتأكيده أن «التغيير قد يواجه صعوبات وتعقيدات وإرادة معطلة، لأنه يتصادم مع مصالح آخرين يحاربون الإصلاح».

الحقيقة أن هذه الوضعية التي ينبّه إليها السيد السيستاني هي الشرارة التي أطلقتْ الاحتجاجات العربية، وبعد سبع سنوات نجد أن الواقع العنيد يزداد عناداً: موازين القوى وأدوات النفوذ فرّغتْ الانتخابات من محتواها، والانتخابات وقوانينها تُعطي حياةً أخرى لتلك الموازين، وحين نُقلِّبُ النظر سنتأكد أنّ هذا ليس حال العراق وحده، أليس كذلك؟

3 عن العراق وشعب العراق أتحدث محمد آل الشيخ الجزيرة السعودية

مباراة كرة القدم الودية التي أقيمت في مدينة البصرة، بغض النظر عن نتيجتها، كانت قراراً صائباً، يدل بالفعل على أن العرب عموماً قد استيقظوا من حالة السبات التي اكتنفتهم بُعيد الأحداث الدامية والعنيفة عقب ما يسمونه (الربيع العربي)، والذي لم يمزق الشمل العربي فحسب، وإنما مزق العقل العربي أيضاً، وجعل الأذناب يتصرفون، وكأنهم يملكون الأمر والنهي، فيشترون بأموالهم الذمم، ويمونون الميليشات، ويجلبون شذاذ الآفاق القتلة من كل حدب وصوب، ليثيروا الفتن تلو الفتن في كل أرجاء العالم العربي، وفي النهاية، يتفاخرون على رؤوس الأشهاد، بأن ميلشياتهم (يحتلون) أربع عواصم عربية.

صحيح أن العراق العربي ألقى به الآفل (باراك أوباما)، عن قصد وتعمد، في الحضن الفارسي، لكن السؤال الذي يثيره هذا التصرف الأوبامي الشنيع، أين كان العرب، ولماذا بقوا يتفرجون ولم يحركوا ساكناً، رغم أن الضرر لا يلحق فقط بعراق العرب، وإنما يمتد إلى كل الدول في المنطقة، وبالذات الدول المتاخمة للعراق، وعلى رأسها دول الخليج.

الذئب الإيراني وجد العراق الجريح وحيداً، مثل لقمة سائغة فابتلعها، لذلك فإن الترحيب منقطع النظير الذي لاقاه الفريق السعودي في البصرة من قبل الجماهير العراقية، كان مؤشراً يحمل كثيراً من التفاؤل الذي يؤكد أن المواطن العراقي، مهما كانت الطائفة أو المذهب الذي ينتمي إليه، مازال عربياً أصيلاً، تجري العروبة في عروقه، وأن (النعرات الطائفية) التي أثارتها داعش والقاعدة من جهة، والحشد الشعبي والميليشيات الإيرانية من الجهة الأخرى، كانت مجرد ظاهرة عابرة ومؤقتة، لم تؤثر في عمق المزاج العراقي، فما لبث العراقيون إلا أن عادوا إلى عرينهم العربي، رغماً عن أنوف الطائفيين والمذهبيين ودعاة الكراهية، الذين يعرف العقلاء أنهم يعملون ويقبضون ويُحرضون لمصلحة أعداء العرب من الخارج.

ويعزز هذه المؤشرات أن مجموعة من رؤساء تحرير الصحف والصحفيين، برئاسة الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الجريدة كانوا قد سبقوا هذه المباراة، وقاموا بزيارة إلى بغداد الرشيد ولقوا من الحفاوة والتعامل العراقي الكريم، من كل المستويات، ما أثلج صدورهم، وجعلهم يطمئنون إلى أن العراق بخير، بل وبألف خير، وأعظم وأكبر من الإرهابيين المتأسلمين من كلا الطرفين، شيعة كانوا أم سنة.

وليس لدي أدنى شك أن الفرس الصفويين قد أُصيبوا بعد هاتين الزيارتين في مقتل، فعزل العراق وشعب العراق -كما كانوا يطمحون- عن محيطه العربي، وسلخه عن انتمائه، ظهر بوضوح أنه هدف مستحيل؛ فرغم الجراح، ورغم أن العراقيين، قد تضرروا من التجاهل العربي المعيب أثناء احتلال العراق من الأمريكيين، إلا أنهم نسوا كل هذه الأخطاء المريرة، التي كان يندى لها جبين كل عربي؛ ودعوني أقول وبلغة العرب الأقحاح، رفعوا في البصرة وقبلها في بغداد، القول العربي المأثور في قواميس بني يعرب (عفا الله عما سلف)، وهكذا هي شيم الكبار.

وبهذه المناسبة دعوني أشكر صاحب المبادرة المستشار، ورئيس هيئة الرياضة، معالي الأستاذ تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، الذي وظف الشأن الرياضي، لخدمة هذا المسعى السياسي للم الشمل، الذي نتفق جميعاً على أهميته القصوى لنا ولهم على حد سواء. قبل أن أختم أريدكم أن تقارنوا بين تعامل قادة تنظيم الحمدين في قطر، أهل الغدر والخسة والدناءة والمؤامرات وبين العرب الأقحاح في العراق، فالأسواق دائماً حين تتعافى تطرد فيها العملة الأصلية العملة المزيفة.

إلى اللقاء،،،
4 خالد بن حمد المالك
كنت في بغداد (3)

الجزيرة السعودية

الصورة الانطباعية الأولى لمشهد بغداد لم تتغير كثيراً بين اليوم الأول والأخير من زيارتنا للعراق -بغداد تحديداً- فقد لاحظنا حركة طبيعية في الشوارع، وازدحام الطرقات بالسيارات مع شيء من الالتزام بنظام المرور، مع وجود نقص حاد في إشارات المرور، وخلو كثير من المناطق من الجسور والأنفاق، مما كان سيخفف من بطء حركة سير السيارات في الشوارع، لو أنه تم إقامتها، غير أن الحروب المتكررة أخذت الأخضر واليابس من موارد هذه الدولة النفطية، فمن الحرب العراقية – الإيرانية، إلى غزو صدام للكويت واحتلاله لها، إلى تدخل التحالف الدولي وطرده من الكويت، وملاحقته في العراق، قبل أن يتم الغزو الأمريكي في العام 2003م التي قضت على ما تبقى من جماليات في بغداد، مع نهب للآثار وكل ما يرمز إلى التراث والحضارة والتاريخ العراقي.

* *

أعني أننا من خلال تجولنا في بغداد، وإن لم نكن -زملائي وأنا- في تجوالنا راجلين، إلا أننا لاحظنا أن المحلات التجارية كانت أبوابها مشرعة إلى ما بعد منتصف الليل، وأن هناك على ما يبدو قوة شرائية معقولة نسبة لكثافة المرتادين لهذه المحلات كما شاهدناها، غير أن بغداد تبدو أنها بحاجة إلى غسيل من آثار الحروب، فقد بدت لي شاحبة ومتأثرة من الظروف القاسية التي مرت بها، وتحتاج مبانيها وأنفاقها وشوارعها وميادينها إلى صيانة وتجديد وإعادة شيء من وهجها الذي كان، كما تحتاج إلى إضافات تحديثية تستجيب لمتطلبات العصر، حيث تبدو بغداد كما لو أن أي جديد أو إصلاح في عمارتها وكأنه لم يمسها منذ عقود.

* *

لكن مع هذا، فكل من التقيناهم من العراقيين كانوا على درجة عالية من التفاؤل، وأن ما شغل العراق بعد انتهاء حكم البعث، وخروج القوات الأمريكية من البلاد، هو القضاء على الإرهاب، وطرد داعش، وبناء مؤسسات الدولة، وبخاصة الجيش الذي تم تسريحه بالكامل خلال سنوات تولي الحاكم الأمريكي لمقاليد الأمور في البلاد، مع التلويح بصعوبة أن يتم تحقيق الإصلاحات بما فيها الضرورية في فترة زمنية قصيرة، ففضلاً عن انخفاض أسعار النفط، فإن 75% من ميزانية العراق تصرف رواتب لموظفي أجهزة الدولة، و5% تستقطع لصالح الكويت تنفيذاً للقرار الدولي بسبب الأضرار التي لحقت بالكويت بسبب احتلال صدام لها، وهناك التزام بأكثر من10% للمجموعة الأوروبية أيضاً، مما سيجعل بغداد ولسنوات قادمة عاجزة عن تحسين ما ألحقته مغامرات صدام من آثار سلبية على العراق بالكامل وليس في بغداد فقط.

* *

على أن تفاؤل العراقيين يبقى -مع ذلك- في مكانه الصحيح، فهناك توجه جيد، وخطوات ملموسة، وتصميم قوي على عدم الاستسلام للحالة الحالية، وأن العراق بمثل ما هزم داعش، وكما أنهى ظاهرة التفجيرات التي مست كل مفاصل الدولة، وذهب ضحيتها الكثير من الشهداء المدنيين الأبرياء، فالدولة قادرة على أن تلملم جراحها، وتعود من جديد دولة قوية ومهابة وداعمة للتوجه العربي، ومستعيدة مكانها الطبيعي بين أشقائها، وقد بدأت فعلاً خطواتها هذه بتحسين علاقاتها مع جيرانها من العرب، وخصوصاً مع المملكة التي تحدث عنها كل من التقيناهم من المسؤولين بمحبة وتقدير وحرص على أن تعود أقوى بكثير مما كانت عليه في أي فترة من فترات الحكم في العراق.
5 منتخبنا في البصرة

عبدالله الفرج
الرياض السعودية

بعد أسابيع من إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم رفع الحظر عن الرياضة الكويتية بجهود كبيرة لهيئة الرياضة السعودية بقيادة تركي آل الشيخ والتي حظيت بتقدير المسؤولين والشعب الكويتي استقبل العراقيون منتخبنا في مباراة ودية على أرض البصرة عنوانها الرئيس «دارك.. يالاخضر» بعد غياب طويل لاستضافة هذا البلد العظيم للمباريات الرسمية. معاني ودلالات مهمة للحضور السعودي في العراق، تعامل معه الأشقاء باهتمام كبير وجعلوا منها فرصة للاحتفال بتأهل المنتخب السعودي لكأس العالم 2018 بروسيا، فرحة عراقية كبيرة رزت مع الساعات الأولى لإعلان تركي آل الشيخ حضور منتخب السعودية واللعب على أرض العراق، فكثفت وزارة الشباب والرياضة العراقية جهودها واستعداتها للمباراة المرتقبة؛ فكان بالفعل الحدث الأهم لبلد عانى ويلات الحروب والفتنة عقوداً؛ بدليل الحضور الجماهيري الذي فاق 60 ألف متفرج، وسط أجواء أخوية آمنة. الحدث الرياضي كشف ما يكنه الشعب العراقي من محبة وتقدير لأشقائهم في بلاد الحرمين؛ الذين ما دخلوا العراق اليوم إلا لأهداف سامية لخدمة رياضتها وشبابها، ودعم حقهم في رفع الحظر الدولي.

كان الحدث مهماً ومؤثراً على الرياضة العراقية ومساعيها لرفع الحظر عن ملاعبها الغائبة عن واجهة الأحداث منذ الثمانينات الميلادية، بادرة رائعة ومسؤولة من رئيس هيئة الرياضة، الذي يسجل حضوراً قوياً في تطوير رياضة الوطن، والرفع كذلك من شأن الرياضات في الوطن العربي؛ على الرغم من أنه قريب عهد بتولي المسؤولية، الهم الخليحي والعربي لا يغيب عن السعوديين في شتى المجالات، نتحدث عن الكويت قبل أسابيع وقريباً سيفرح العراقيون الذين لن ينسى أبناؤهم وشبابهم 28 فبراير اللقاء التاريخي بالبصرة، خسر فيه «الأخضر» نتيجة مباراة ودية؛ لكنه كسب محبة كل أبناء الرافدين.

6 صُنعت في أميركا وفقدت في العراق ديفيد يكس
مجلة (فورين بوليسي)

سحبت الشركة الأميركية التي تقوم بعمليات إصلاح الدبابات عراقية الصُنع من طراز «إم 1 أيه 1 ابرامز» العراقية العديد من منسوبيها من العراق بعد أن وقع ما لا يقل عن تسع من المدرعات في يد الميليشيات المؤيدة لإيران. والآن، قد تعطل العديد من الدبابات العراقية بسبب الحاجة إلى الصيانة، مما قد يُعرض للخطر الحملة الجارية حاليا ضد مقاتلي «تنظيم داعش».
وبينما انسحب «داعش» من مناطق واسعة من العراق، كان يسيطر عليها في وقت سابق، تواصل مجموعات متنقلة من المسلحين شن هجمات على القوات العراقية وحلفائها. وأسفر هجومهم بالقرب من مدينة «الحويجة» في منتصف فبراير عن مقتل 27 من أفراد المقاتلين من أجل بغداد.
اشترى العراق 140 طائرة من طراز M1s مقابل 2 مليار دولار اعتبارا من عام 2008 من أجل إعادة تجهيز بعض الوحدات المدرعة التي كانت تشغل سيارات سوفيتية الصُنع، والتي دمّر الكثير منها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عندما غزت العراق عام 2003.
وكجزء من عملية بيع الدبابات، توسَّط البنتاجون في ترتيب يقوم بموجبه عمال من شركة «جنرال ديناميكش لاند سيستمز»، التي تقوم بتصنيع «أبرامز»، بصيانة دبابات العراق وإصلاح أضرار المعركة وتدريب الميكانيكيين العراقيين على إصلاح المركبات نفسها. وقد دفع الجيش الأميركي لشركة جنرال ديناميكش 320 مليون دولار للقيام بهذا العمل اعتبارا من عام 2012.
وفي أواخر ديسمبر 2017، غادر معظم مقاولي جنرال ديناميكش العراق فجأة. وقال أحد المقاولين لمجلة «فورين بوليسي»: لقد تم إبلاغنا بأن حكومة الولايات المتحدة أغلقت البرنامج في ذلك الوقت، كما تم إرجاع عدد قليل من طائرات «M1s» لحوزتنا. وأوضح المقاول أن عشرات الطائرات العراقية من طراز M1s ليست «جاهزة لمعركة ما». وهذا يُمثل انخفاضا كبيرا في القوة النارية للجيش العراقي.
وكانت طائرات «M1s» مع أفراد الطاقم ومدافع 120 ملم في غمرة القتال، عندما اجتاحت داعش شمال غرب العراق في صيف عام 2014. استولى داعش على عدة طائرات من طراز M1s، مما أجبر الطائرات الحربية الأميركية على استهدافها في ضربات جوية.
وفي فبراير 2018، اعترف الجيش الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية أخيرا بأن القوات الموالية لإيران تقوم باستخدام طائرات M1s. ووفقا لما ذكره متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية فإن المليشيات الموالية لإيران استولت على بعض طائرات MIs التي سبق أن استولى عليها تنظيم داعش.
وقال مقاول شركة جنرال ديناميكش إن الجيش العراقي لا يستطيع الحفاظ على الدبابات دون مساعدة أميركية، وإن ما يصل إلى نصف عدد طائرات العراق «M1s» في انتظار إصلاحها.

7 العَودُ أحمدُ يا بغداد محمد الثبيتي
المدينة السعودية

سرَّني كمواطن عربي عودة التقارب السعودي العراقي والذي تمثل في حراك ثلاثي الأبعاد بدأه وزير الخارجية قبل عام من الآن بزيارة للعراق لتنقية الجوانب السياسية من الشوائب التي علِقت بها إبِّان العقود الماضية، وتبعه قبل أسبوع قيام وفد إعلامي رفيع المستوى للتنسيق في ما يخص الآليِّات الإعلامية التي كانت ولا زالت سبباً في تأجيج الصراع بكافة مساقاته ناهيكم عن تغييب الحقيقة وتضليل الرأي العام، وكانت الثالثة هي إقامة مباراة دولية ودية بين المُنتخبين الشقيقين لإشعار الشباب وهم وقود المُستقبل بأهمية تقاربهم من خلال النشاط الأكثر ممارسة لهم.

لقد أيقظت هذه الأنشطة بارقة الأمل في تدشين عهد جديد يُخلِّص العراق العربي من التبعية العمياء للمد الصفوي الحاقد على كل ما هو عربي والساعي بكل ما أوتي من قوة لاستعادة الإمبراطورية الفارسية عن طريق إذكاء أتون المذهبية الطائفية كغطاء يُغلِّفه لتحقيق غاياته التي يأتي مبدأ «تصدير الثورة» في أعلى أولوياتها، واستطاع بخبث أن يُسوِّق له بتخطيط مدروس ومنهجية علمية ودعم مادي لا محدود ولوجستي مُثير، الأمر الذي حقق لها مكاسب تمثلَّت في زعزعة الأمن في بعض الدول العربية كما حدث للعراق بعد سقوط صدَّام وزرع أجندة له في لبنان واليمن وشرق السعودية مسوِّقين «أُكذوبة» أن المعتقد الديني هو الدافع الذي يجمعهم، والحقيقة أن ملالي إيران متلبسون بهذا الوشاح لتمرير مشروعهم السياسي على حساب الفهم القاصر لأتباع المذهب الشيعي.

«أنْ تأتي متأخراً أفضل من ألاً تأتي أبداً» هكذا أرى حال العراق بعد أنْ وَعَى قادته السياسيون أنَّ عِقدين ونصف من الارتماء في أحضان إيران وتنفيذ سياساتها الهوجاء لم تُحقق لبلادهم سوى الدمار والتهجير وتوقف التنمية ومواكبة التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم من حولهم، وأنَّ الحل المنطقي لا يكمن في عُزلتها الإجبارية عن مُحيط إخوتها العرب، بل يكون في التحرر من الربق الذي أحكم سيطرته الإيرانيون على مفاصل صُنع القرار في مؤسسات الدولة، بل أوصلوا أتباعهم المُدجنين إلى مواقع اتخاذ القرار ليكونوا هم المتحكمين في مُقدرَات العراق وإشغال العراقيين في التناحر السني الشيعي حتى حوّلوه من بلد غني بثرواته النفطية والزراعية إلى بلد يقتات على الخارج في سد رمق جوعه.. فهل يُعقل هذا يا عرب العراق؟!.