6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 الولد المشاغب والفتات الشيوعي
فاروق يوسف العرب بريطانيا

هل يحتاج الصدر إلى منبوذين لأسباب دينية لينافس بهم الأحزاب الطائفية التي لا تقبل الاعتراف بشرعية أفكار متدينين ينتسبون إلى مذهب إسلامي مختلف، فإذا بالصدر يصدمهم بمَن لا يعترف بالدين قاعدة للحياة؟
هل يحتاج الصدر إلى منبوذين لينافس بهم الأحزاب الطائفية

بتحالفه مع الشيوعيين سجل مقتدى الصدر هدفا على فريقه. في العام 2005 أحرق أعوانه مقرات للحزب الشيوعي العراقي بحراسها.

كانت تلك الجريمة البشعة ضربة تلقاها الشيوعيون العراقيون بصمت، غير أنها وضعت حدا لكل التكهنات التي كانت تميل إلى أن المخطط الأميركي في العراق يقوم على أساس استدراج أحزاب الإسلام السياسي، بفرعه الشيعي، إلى السلطة، ومن ثم الخلاص منها بسبب فشلها في الحكم واستبدالها بأحزاب “مدنية” ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي يمتد عمره إلى أكثر من ثمانين سنة.

حين أحرقهم الصدريون انحصرت أحلام الشيوعيين في ما تراه قيادتهم مناسبا لها. وهو الفتات الذي عُرض عليهم.

لقد استفاد الشيوعيون أفرادا من ذلك الفتات. حصل الكثيرون على حقوقهم التقاعدية التي صاروا يستلمونها في بلدان إقامتهم من خلال احتساب سنوات نضالهم في أوروبا سنوات خـدمة في الـدولة العراقية.

من خلال ذلك الإنجاز انتهت مرحلة مهمة في تاريخ الحزب الشيوعي. لقد تم الاعتراف بأعضائه مواطنين، بعد أن كانت تطاردهم تهمة “الشيوعية كفر وإلحاد” التي قيل إن المرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم قد أفتى بها قبل حوالي ستين سنة.

ولكن ماذا عن مقتدى الصدر؟

سيضحك السيد حين تصل إليه استنتاجات المحللين التي يصر أصحابها على أن الصدر صار يتفهم ضرورة قيام الدولة المدنية، كما لو أننا أمام نسخة عراقية من “محمد عبده” المصري.

لا يعاني الصدر من مشكلة في الانتخابات القادمة. إنه مطمئن إلى أن تياره سيحصل على نسبة مريحة يؤكد من خلالها حضوره في توليفة الأحزاب الحاكمة. وهو ليس مضطرا إلى التحالف مع الشيوعيين الذين لا يشكل وجودهم رقما في العملية الانتخابية.

ثم هل يحتاج مقتدى الصدر إلى منبوذين لأسباب دينية لينافس بهم الأحزاب الطائفية التي لا تقبل الاعتراف بشرعية أفكار متدينين ينتسبون إلى مذهب إسلامي مختلف، فإذا بالصدر يصدمهم بمَن لا يعترف بالدين قاعدة للحياة؟

تلك الصدمة هي الغاية الأخيرة لمقتدى من تحالفه مع الشيوعيين. فإضافة إلى أن السيد مقتدى الصدر ضمّهم تحت عمامته لينهي بذلك استقلالهم، فإنه نجح في أن يضمهم إلى تياره من منطلق هداية الضالين.

سيبدو مقتدى الصدر زعيما معاصرا، عابرا لعقدته الدينية. وهنا بالضبط يكمن نفعه الذي سيخسر من خلاله الشيوعيون سمعتهم باعتبارهم دعاة للفصل بين الدين والدولة

من السخف التفكير في أن رجل الدين الشاب يفكر في الدعوة إلى إقامة دولة مدنية لن يكون له مكان فيها.

لقد سبق لمقتدى الصدر أن دعا لإقامة حكومة كفاءات، وحرض جمهوره على اقتحام مجلسي النواب والوزراء للمطالبة بذلك. وكانت النتيجة التي تمخض عنها ذلك الحراك حكومة كفاءات حزبية، لم تخرج عن نطاق نظام المحاصصة الرث الذي دمّر العراق بفساده.

ربما يتمنى الشيوعيون لو أن السيد استعملهم دمى في اللعبة الانتخابية. وهو ما يمكن أن يفعله لكن في الحدود الدنيا.

يعرف الصدر أن تحالفه مع قوى سياسية مدنية لا يفرض عليه التزامات يجب عليه أداؤها بعد الانتخابات. فهو لن يتعهد بشيء في ظل خلوّ السوق الانتخابية من مشاريع سياسية مؤكدة. فالصراع على السلطة في العراق يكاد يكون محسوما، وتوزيع المقاعد في مجلس النواب هو الآخر لا يمكن القفز على حقيقة أن هناك آلية تتحكم به بمعزل عن أصوات الناخبين.

لذلك يمكن القول إن لعبة الولد المشاغب هي ما أغرت الصدر في القبول بالتحالف مع الشيوعيين. تلك ورقة جديدة يرميها على طاولة التحالف الشيعي ليفاجئ بها خصومه.

لا يراهن مقتدى على شعبية الحزب الشيوعي في حد ذاته. فهو يعرف أن لا أحد من الشباب وهم أغلبية الناخبين يعرف شيئا عن الشيوعية، غير أن استضافة الشيوعيين في قوائمه ستضمن له أسبابا جديدة، يبدو من خلالها مختلفا عن سواه من زعماء الأحزاب الشيعية.

من خلال تلك الأسباب سيبدو مقتدى الصدر زعيما معاصرا، عابرا لعقدته الدينية. وهنا بالضبط يكمن نفعه الذي سيخسر من خلاله الشيوعيون سمعتهم باعتبارهم دعاة للفصل بين الدين والدولة.
2 عن عودة “داعش” الى العراق!
كاظم الموسوي

راي اليوم بريطانيا
سقطت دولة تنظيم “داعش” عسكريا في المناطق التي كان يحتلها ويتحكم فيها، على الأراضي العراقية والسورية. اعتراف دولي بذلك، بعد اعلان رسمي محلي. ولكن هل انتهى تنظيم “داعش”؟!. لم يقل أحد ذلك، بل إن الكثيرين دعوا إلى مواصلة الحرب على الصعد الأخرى. بقاء “داعش” في خلايا نائمة أو أفراد موزعين وحتى مجموعات مختفية مؤقتا لا ينكره أحد ايضا. الجهات الداعمة والمؤسسة والموفرة لكل الممكن لبقائه او استمراره قائمة. بل متزايدة علنا وسرا. وهذه ليست جديدة لمثل هكذا تنظيم وامتداداته وجذوره.
التصريحات التي صدرت ونشرت من أشخاص أو جهات مسؤولة سابقا عن عودة “داعش” والتحذير منها، تثير الإنتباه وتستدعي التفكير بها، لاسيما وانها تصدر من أطراف متصلة بما حصل بشكل أو آخر. بمعنى الدور والمسؤولية والموقف والمحاكمة.
محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، الذي هرب من المدينة عند دخول عصابات الارهاب وترك المدينة وهو القائد المسؤول، بحكم منصبه، عن كل الوحدات العسكرية التي كانت في المدينة، وقدرت اعلاميا بأربع فرق عسكرية، والأهم فيها فرقة من الشرطة المحلية، من أبناء المحافظة، مزودين بكل أنواع الأسلحة والتدريب الأمريكي لهم.
في تصريحات له وتدوينات على صفحته في الفيس بوك، كتب ان اغتيال آمر كلية الأركان السابق في الجيش العراقي اللواء الركن انور الدانوك العبيدي يعد بداية المرحلة الأولى من تنفيذ خطة تنظيم داعش الارهابي الجديدة. واضاف في تدوينته ان الخطة ستبدأ باستهداف الحشود السنية، مرجحا ان تنشط هذه العمليات في أطراف كركوك وديالى وجنوب الموصل ومدينة الموصل. وأكد النجيفي ان تنظيم داعش يسمي المرحلة الاولى بصيد الغربان وهي واحدة من اربع مراحل تنتهي بعمليات ضخمة ينوي تنفيذها تباعا، داعيا الحكومة العراقية الى تغيير سياستها في محاربة الارهاب والعمل على ترصين الوحدة الوطنية قبل ان يستفحل امر الارهاب مرة اخرى. وكان تنظيم داعش الارهابي اعلن مسؤوليته عن مقتل العبيدي في قرية تل خديجة بناحية الرشاد التابعة لقضاء الحويجة جنوب غربي محافظة كركوك. كما أوردته بعض وسائل الإعلام المحلية، يوم 2018/2/1 . وهذه الكلمات اشارات واضحة تبين معرفة بتفاصيل وخطط وبيانات تلفت الإنتباه وتدعو إلى السؤال، وفي كل الأحوال الحذر والمواجهة والتصدي وعدم التفرج والتمهل حتى تضيع الفرصة، مهمات رءيسة.
من جهته أعلن جهاز الأمن في إقليم كوردستان _ العراق، اعتقال عدد من عناصر تنظيم ” داعش” في حلبجة، بعد ظهور مجموعة من التنظيم في المنطقة في الآونة الأخيرة، مؤكداً القضاء عليها ووضع حد لتهديداتها. وأفاد بيان صادر عن جهاز الأمن، “باعتقال عضوين من التنظيم هما شقيقا الإرهابي (دلشاد باوه نوري)، ويدعيان (ش . م) و (م. م)، فضلاً عن مجموعة من الإرهابين والمشتبه بهم”. وأشار البيان إلى أنه بملاحقة هذه المجموعة من داعش في حلبجة تم إحباط ثالث محاولة لتنظيم “داعش” خلال الأسابيع القليلة الماضية الرامية لزعزعة الأوضاع في الإقليم. وأوضح البيان أن “أغلب عناصر المجموعة وعددهم يتجاوز الـ20 كانوا من الكرد مع وجود بعض المسلحين العرب”، مشيراً أنه “بعد السيطرة على جبل بمو بالكامل، أُرغم الإرهابيون على التسلل للأراضي الإيرانية”.
ولفت البيان إلى أن القوات الأمنية الإيرانية قتلت 5 من عناصر المجموعة، واعتقلت 16 آخرين، فيما قتل 3 أفراد من القوات الأمنية خلال العملية. وذكر جهاز الأمن في إقليم كوردستان في بيان أن “مديرية أمن السليمانية، تواصل عملها من عمليات البحث والتفتيش والتعقب بغية حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، حيث أن جهاز الأمن على علم بوجود العديد من المخططات الإرهابية الأخرى، لزعزعة أمن الإقليم، وقد تم اتخاذ جميع الإستعدادات لمنع تحقيق أهدافها”. (رووداو – أربيل 2018/2/3) وهذه الاشارات والبيانات هي الأخرى تعرض دليلا ملموسا ومشاركة واضحة تقتضي المتابعة والإنتباه والإجراء السريع قبل أن تستفحل وتصبح مأساة أخرى.
لعل ما سبق يقدم ما يؤكد على الاخبار التي أشارت إلى عودة “داعش” الى العراق. فالمصادر والمعلومات والوقائع تثبت ذلك، وتدل عليه. يزيدها بالتاكيد ما يصدر عن مسؤولين امريكان وما لهم من إطلاع وخبرة في الموضوع بأكمله. وهذا ما نقلته صحيفة خليجية تصدر في لندن (2018/2/3) عن نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في قوله لعدد من وسائل الإعلام إن “خطر داعش لا يزال قائما رغم هزيمته عسكريا”، مبينا ان “رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن في الأول من كانون الأول/ ديسمبر الماضي القضاء على ما يسمى بخلافة داعش في العراق، لكن هذا لا يعني أن التنظيم لا يشكّل مشكلة، حيث ستظل فلول داعش مشكلة مستمرة”. واضاف سوليفان الذي زار كلا من العراق وأفغانستان، “لا يمكننا أن نغفل عنها ولا يمكننا أن نكرر الأخطاء التي ارتكبناها في الماضي عندما قللنا من التنبه، وتم سحب القوات الأميركية بالكامل من العراق”. وهل تحتاج هذه الأقوال الى توضيح او تفسير؟!.
ما لم يختلف عليه الآن احد هو أن تنظيم “داعش” لم ينته كليا، لان الاسباب التي اوجدته او سهلت له أو رعته لما تزل تدير الأعمال التي يرتكبها باشكال أخرى في المنطقة. اي ان مهامه لم تكتمل وان دواعيه مستمرة. وهنا مكمن الخطر ليس في عودته، افرادا او اعمالا، بل في توليده واستمراره تنظيما إرهابيا مسلطا على المنطقة ومستقبلها. وهو ما يتطلب ليس الإنتباه والحذر وحسب وانما الاصرار على الانتهاء منه والقضاء عليه كليا مع تلك الجهات والمصادر والدول المعروفة الارتباط به، اسما ومسرحا وتمويلا وإدارة وتسهيلات وتغاضيا واعلاما وغيرها عبر المكان والزمان. بدون ذلك تصبح قضية عودته مسألة مفروغا منها. وهنا الخطر الفعلي منه ومن تجديد ثيابه وظروفه وإمكاناته.
3 إعادة إعمار العراق بين مدريد والكويت
نجاح عبدالله سليمان الحياة السعودية

تعود بداية الجهود الدولية لإعمار العراق، إلى ما بعد حرب العام 2003، وسارت جنباً إلى جنب مع جهود الإصلاح الاقتصادي. وقد تمّ تنفيذ مشاريع دولية لترميم محطات مياه الشرب ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وإنتاج الكهرباء وإنشاء مستشفيات ومدارس ومساكن وأنظمة للنقل. وتم تمويل جزء كبير من العمل لإغاثة صندوق إعادة إعمار العراق، وسلطة التحالف الموقتة.

وكان مؤتمر مدريد لإعادة إعمار العراق في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2003 حدثاً مهماً في هذا الصدد؛ إذ حضره ممثلو أكثر من 25 دولة. وتم تجميع الأموال خلال المؤتمر بمعرفة الأمم المتحدة والبنك الدولي. وفي حين أن جهود إعادة الإعمار أنتجت بعض النجاح، نشأت مشكلات على الأرض مع تنفيذ المشاريع المدرجة، لاعتبارات أمنية، ولتفشي الفساد وعدم كفاية التمويل وضعف التنسيق بين الوكالات الدولية والمجتمعات المحلية. وبعد 15 عاماً انطلق في الكويت في منتصف شباط (فبراير) 2018 مؤتمر إعادة إعمار العراق الرامي إلى جمع أموال من المانحين الدوليين لدعم جهود بناء المناطق المتضررة من الحرب. استمر المؤتمر ثلاثة أيام بحضور ممثلي عشرات الدول ومئات المنظمات والشركات ورجال الأعمال، وراهن العراق خلاله على الدول المانحة، خصوصاً القطاع الخاص، للحصول على تعهدات مالية ضخمة. خُصص اليوم الأول للخبراء في إعادة الإعمار وللمنظمات غير الحكومية، واليوم الثاني للقطاع الخاص، واليوم الأخير لإعلان المساهمات المالية للدول المشاركة، وتعهدت منظمات دولية غير حكومية مع بدء المؤتمر بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 330 مليون دولار، وإن كانت كلفة الإعمار قد تتجاوز 88 بليون دولار.

تصريحات مدير «صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية» مصطفى الهيتي جاءت صريحة وكاشفة، إذ قال إن «العراق بدأ أولى خطوات إعادة الإعمار، إلا أنه لم يتمكن من إنجاز سوى واحد في المئة منها حتى الآن». وأشار الهيتي في أولى جلسات المؤتمر إلى «وجود 2.5 مليون نازح بحاجة للمساعدة، وإلى نحو 138 ألف منزل متضرر، فيما لحق الدمار بأكثر من نصف هذا العدد جراء الحرب».

كذلك وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي، صرح بأن بلاده بحاجة إلى 88.2 بليون دولار لإعادة بناء ما دمرته الحرب، فيما أشار المدير العام لوزارة التخطيط العراقية قصي عبد الفتاح إلى أن إعادة إعمار العراق تتطلب جمع 22 بليون دولار في شكل عاجل، و66 بليون دولار أخرى في المدى المتوسط. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي توقّع في كانون الثاني (يناير) الماضي أن يكلف المشروع الضخم لإعادة إعمار البلاد 100 بليون دولار، وهو المبلغ الذي كان يأمل العراق أن يجمعه من مؤتمر الكويت.

المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت أن «مؤتمر الكويت يوفر منبراً رئيسياً لإعادة تأكيد أهمية العودة الطوعية والآمنة والمستدامة للنازحين العراقيين، وكذلك لجمع الموارد لدعم جهود الحكومة في تحقيق هذا الهدف». وقال ممثل المنظمة في العراق برونو غيدو: «نحن نتحمل مسؤولية جماعية في مواصلة دعم العراق في هذه المرحلة الحاسمة ويجب ألا نترك شعب العراق في وضع حرج». وناشدت منظمة يونيسيف الدول المشاركة في مؤتمر الكويت الالتزام بدعم استعادة الخدمات الأساسية للأطفال في العراق.

بالتزامن مع مؤتمر إعادة إعمار العراق، عقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» اجتماعاً في الكويت بحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان. وعشية الاجتماع، وصل لودريان إلى بغداد للتباحث مع المسؤولين العراقيين حول إعادة الإعمار وضمان الاستقرار، وقال عند وصوله إلى المطار إنه جاء للتعبير عن دعم فرنسا لجهود العراق في هذا الصدد، وأضاف: «سنكون دائماً إلى جانبكم كما فعلنا لدى مشاركتنا في التحالف الدولي». ورأى البعض أن على أميركا تحمل العبء الأكبر في هذا الشأن، بما أنها الدولة التي قادت عملية تدمير العراق، وخرقت في سبيل ذلك المواثيق والقوانين الدولية، وفي مقدمها تحريم انتهاك السيادة الوطنية للدول.

نعم، هناك دول أخرى تتحمل المسؤولية الأخلاقية في ما يتعلق بإعادة إعمار العراق بسبب مشاركتها في جريمة غزوه، ولكن هذه الدول كلها ما كانت لتقدم على هذه المشاركة لو لم يكن هناك ضغط أميركي كبير عليها لإضفاء الطابع الجماعي على العملية العسكرية. وقد يكون المؤتمر توجهاً كويتياً لدعم العراق وتضميد جراحه، بعد أن تمزّق هذا البلد على أسس عرقية ومذهبية، ويبقى الأمل معقوداً على الآلية التي سيتم تطبيقها في توزيع المساعدات ومشاريع الإعمار، وبما يضمن إخراج العراق من أزمته.

التصور بأنه حال عقد المؤتمر، فإن أموالاً ستجمع وتسلم للحكومة العراقية، هو تصور ساذج، وغير مطلع على ميكانيكية مؤتمرات من هذا النوع، فهي ليست أفضل الوسائل، لكنها مبادرة حسن نيات من المنظومة الدولية، باستعدادها لإعادة إعمار بلد عانى طويلاً التدمير الممنهج. شارك في المؤتمر ممثلو 76 دولة، و107 منظمات دولية وإقليمية، و51 صندوقاً ومؤسسة تنموية، ونحو 2000 جهة قطاع خاص، وغطاه أكثر من 400 إعلامي من أنحاء العالم، ويُعد ذلك نجاحاً من هذا الجانب بالنسبة للكويت، حيث كسبت احترام العالم، وللعراق، حيث كان قادراً على التفاعل بجدية بتقديم مشروعات تبدو أكثر احترافية مما سبق. المبادرة الكويتية، أياً كانت نتائجها، ستنعكس إيجاباً لمصلحة الطرفين؛ الكويتي والعراقي، بالدرجة الأولى، بغض النظر عن الآراء المسيَّسة التي لا يعنيها أن يظل العراق في وضعه الغارق في الديون (130 بليون نهاية السنة، وفق آي أم أف)، ولا يعنيها أن يظل العراق مدمراً، بل تعنيها الغلبة السياسية لفئة على فئة. على صانع القرار العراقي إدراك أن الأموال التي يمكن أن يحصل عليها من الدول تتأتى في الغالب من إيرادات دافعي الضرائب، وبالتالي لا يمكن أن يضحي صانعو السياسات في الدول المشاركة بناخبيهم وجماهيرهم في دفع أموالٍ لمؤسساتٍ يرونها في أغلبها فاسدة. والسؤال طرحه البعض: مؤتمر لإعمار العراق أم لسرقة المانحين؟ فمن غير المتوقع أن تتسلّم الحكومة العراقية ما تحلم بالحصول عليه نقداً، لا لشيء إلا لأن ذلك النقد من وجهة نظر الجميع سيذهب إلى أرصدة الأحزاب التي تتقاسم ثروات البلد في ظل نظام المحاصصة.

يبقى أن الإشكالية لم تكن قط في عقد المؤتمر، وقد نجحت الكويت فيه، كاسرة حواجز كثيرة وكبيرة. الإشكالية أنه لم تكن هناك إجابة واضحة عن أسئلة مثل: كيف ستدار الأموال، ومَن سيتولى التنسيق بين الأجهزة المستثمرة المتعددة؟ وكيف سيتم التعامل مع ملف الفساد الضارب في العمق؟ وما مقاييس الإنجاز؟ وكيف ستدار حملة إعادة الإعمار، وهل ستلتزم بمبادئ العدالة وعدم التمييز والتفرقة المناطقية أو العرقية أو الإثنية أو المذهبية، وكيف سيتم التعامل مع الحالة الأمنية والميليشيات المتعددة، وتأثير دول الجوار؟ تلك أسئلة مشروعة ومعقدة. فهل نجد إجابة عنها عند صانعي القرار في العراق؟
4 آخر أسبوع قبل الغزو وليد الزبيدي

الوطن العمانية

رغم تسارع الأحداث، ودخولنا من نهر إلى شاطئ، ثم إلى بحر ومحيط هائج، خلال أيام معدودات، إلا أنه لابد من التوقف ملياً عند الأسبوع، الذي سبق الحرب، فقد شهد ذلك الأسبوع، تحركات واسعة جداً على الساحة السياسية، وتسارعت عمليات لجان التفتيش في البحث عن الأسلحة برئاسة هانزل بليكس، خاصة ما يتعلق بتدمير آخر ما تبقى من الأسلحة العراقية وهي صواريخ (الصمود 2) وعمليات استجواب العلماء العراقيين، على انفراد.
في 13 آذار – مارس 2003، وصل مجلس الأمن إلى طريق مسدود، بعد نقاشات طويلة وواسعة بين الأطراف المعنية بالقضية العراقية، وكانت لندن قد عرضت ستة شروط بشأن نزع أسلحة العراق، وقوبلت تلك الشروط برفض فرنسي-روسي-صيني-ألماني، وقال وزير الخارجية الفرنسي أن تلك الشروط تندرج ضمن ما أسماه في حينها بـ (منطق الحرب).
في ذلك اليوم، بدأت تتحدث بعض الأوساط السياسية العراقية، خاصة في أروقة وزارتي الإعلام والخارجية، عن احتمالات توجيه إنذار نهائي للعراق، من قبل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، لكن لم يتكهن أحد بطبيعة ذلك الإنذار، وأعتقد البعض، أن الإنذار قد يتضمن الطلب من الرئيس العراقي التنحي عن السلطة، وتردد أن نجله الأصغر قصي صدام حسين، قد يكون البديل، ضمن حكومة مؤقتة، ثم يجري الإعداد لمؤتمر وطني موسع تشترك فيه قيادات من المعارضة العراقية في المنفى.
طبعاً لم تخرج هذه التكهنات خارج النقاشات والحوارات الداخلية، ومن غير المسموح أن تشير إليها وسائل الإعلام الرسمية، سواءً على شكل تسريبات أو تكهنات، ومن الواضح أن هذه التكهنات جاءت على خلفية رفض العراق استقبال اللجنة العربية، التي قررت زيارة بغداد، ليبقى الحوار عبر الخطابات مع واشنطن، وليس عبر الوفود، التي قد تطرح ما هو أقسى، خاصة تردد في ذلك الوقت عن مبادرات لاستضافة صدام حسين في بعض دول الخليج.
في ذلك اليوم الذي ظهرت فيه مواقف دولية رافضة للمنطق الأميركي-البريطاني، أعلن العراق، أنه سيسلم الأمم المتحدة تقريراً عن غاز (في أكس)، كما أنه سيسلم تقريراً ثانياً عن الجمرة الخبيثة (انثراكس).
كانت تعتقد الحكومة العراقية، أنها بخطواتها المتسارعة هذه، إنما يشكل ذلك مصدر ضغط كبير على الإدارة الأميركية، وأن كسب المزيد من الوقت، قد ينجم عنه الدخول في مناورات، من شأنها إضعاف الجبهة المضادة المتألفة في ذلك الوقت، من (الولايات المتحدة وبريطانيا وأسبانيا).
أما الإدارة الأميركية، فقد تحركت باتجاهين، فمن ناحية قال وزير الخارجية كولن باول، أنه من المتحمل عدم التصويت على قرار ثانٍ، وهذا إعلان صريح، على أن واشنطن قد تشن الحرب، دون الحاجة إلى موافقة الأمم المتحدة، إلا إن آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض رجح أن تستمر المشاورات لمدة أسبوع آخر، هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد العسكري، فقد أبرزت وسائل الإعلام الأميركية، ونقلت عنها الفضائيات العربية ووسائل الإعلام الأخرى، أن البنتاجون بدأ بنشر قاذفات نوع (بي 2) ستيلث، وأمرت أكثر من (12) مدمرة قاذفة للصواريخ بالتوجه من البحر المتوسط إلى الخليج.
في تلك الأثناء أعلنت واشنطن يوم (13/3/2003) عن تسمية مراسلي قناة (CNN) و(BBC) لتغطية أخبار الحرب على العراق، وازداد الزخم الكبير من طلبات الشبكات والمراسلين، الذين وصلوا إلى العاصمة الأردنية، للوصول إلى بغداد وكان هناك من يقول أنها استحضارات وسائل الإعلام وآخرون في الأروقة العراقية فسروا ذلك أنها مؤشرات قرب اندلاع الحرب على العراق.
مئات الصحفيين والعاملين في فرق تلفزيونية دولية بدأت بالتقاطر على بغداد ، أنها مقدمات الحرب بدون شك.

5
العرب في الذهنية الفارسية
عبدالله العولقي
مكة السعودية

يمثل الجنس العربي هاجسا في الذهنية الفارسية كثقل مقلق لها عبر التاريخ، من حيث الإحساس بالنقص تجاه الحضور العربي كمكون فاعل وصانع للحضارة الإنسانية، على عكس نقيضه الفارسي المصنف حضاريا كمستهلك، ولعل ثنائية «العرب والفرس» في الحضور التاريخي في العراق بدأت بانتشاء الفرس لاندثار الحضارة البابلية العربية قديما في بلاد الرافدين، ثم احتلالهم لجغرافيتها، وبالتالي استيلاؤهم لحضارتها استهلاكا أعقبه استياء أعظم في ذاكرتهم الذهنية بعودة الحضارة العربية مع الفتح الإسلامي الذي يمثل لتلك الذهنية بؤسا تجتره أجيالهم بالتعاقب كذكرى مريرة، ولعل أوهامهم الادعائية اليوم بالسيطرة على العواصم العربية الأربع يتمثل كإعادة تاريخية بين الثنائية للسيطرة على بابل، ولذا نجدهم حريصين جدا على التغيير الديموجرافي ككسر زمني لقاعدة التاريخ يعيد نفسه، ولكن ما يحدث اليوم في الداخل الإيراني من احتجاجات شعبية بدأت توهن النظام من قواعده، كما أن تعامل الملالي اليوم مع النفسية العربية ينم عن جهل في إدراك كينونتها التي تواجه اليوم أثقالا من الأزمات المتعاقبة والمتراكمة في بلدانها، والمنكوبة بمؤامرات الربيع العربي والتي ما إن تتعالج من أزماتها حتى تنتفض عروبتها الأصيلة، وينتخي الإباء المعهود تاريخيا في كينونتها وحينها سيعود ذلك الثقل التاريخي قلقا وكابوسا على الذهنية الفارسية من جديد كتكرار تاريخي لفتح العراق.

الإشكالية الفارسية الإيرانية مع العرب اليوم هي إشكالية عرقية أولا في جوهرها، ثم تأتي كإشكالية دينية مذهبية بدرجة ثانية كأداة معينة على أوهام التوسع والاحتلال، ولذا استخدموا وبمكر فارسي معنى التقية في «المذهب الشيعي» كتأصيل لعنصريتهم تجاه العرب ومدخل سياسي لاجتياح الجغرافيا العربية، كما أن تأسيسهم لثقافة الخرافة والأسطورة في عمق المذهب الشيعي ساهم في تعدياتهم السافرة على التاريخ، ولعل إسقاطهم العرق الفارسي في أساطير صفويتهم على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه كمخالفة تاريخية مفضوحة وهو الهاشمي العربي القح له دلالة على الغيرة المتأججة في نفوسهم ضد العنصر العربي.

كما أن احتلالهم اليوم للأحواز العربية، ومحاولاتهم البائسة طيلة ثمانية عقود من طمس الهوية العربية عن جغرافيا عربستان، ومنعهم عربانها من التسمي بأسماء أجدادهم العربية، وتغييرهم أسماء المدن والشوارع والمعالم إلى مسميات فارسية، لها ذات الدلالة، علما بأن أغلبية الأحواز يدينون بالمذهب الشيعي، إلا أنهم محرومون من الوظائف العليا في الدولة، بل يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وهنا تتضح الصورة بجلاء حول عقدتهم مع العرق أولا مثلما تفرق أجندتهم اليوم بين شيعة العراق العرب ونظرائهم الفرس!.

الأدبيات الإيرانية تصور الإنسان العربي بأبشع السمات وأقذعها، ويعد شاعرهم «فردوسي» الأب المنظر لشعوبيتهم الحديثة تجاه العرب، ولذا تجد الذهنية الفارسية في ظاهرها تتعامل مع العرب ومتعلقاتهم كبدو يتضادون مع أبجديات الحضارة، وأما في باطنها فهي تعي معنى العرب كتاريخ حضاري مجيد ودور محوري حاضر وحاضنة للديانة «الإسلام».

ولعل لغتهم الفارسية التي تتشكل أنماط حروفها بالرسم العربي وكذلك عباراتهم التي يتفوهون بها في مجالسهم وصحافتهم وإعلامهم تتأسس جملها على الكلمات العربية، بالإضافة إلى مضمون تراثهم المرتكز على اللغة العربية كوعاء حاضن لثقافتهم بعد انقراض الفارسية كلغة مكتوبة، ولا يخفى على القارئ الكريم دور اللغة في تشكيل الوعي والثقافة لدى جمهورها، ومن هنا يأتي دور العقدة النفسية المتشكلة في الذهنية الفارسية تجاه هيمنة اللغة العربية على لسانهم.

وفي التاريخ الحديث، شكلت «عاصفة الحزم» أزمة جديدة في عمق الذهنية الفارسية أصابتها بمتلازمة حديثة من العقدة العربية، وشكلت بعدا تاريخيا مهما حينما بترت أياديها عن العمق الاستراتيجي للعرب، وأعادت صياغة مفهوم «العرب» كهاجس تاريخي وأبدي في الذهنية الفارسية، ولا غرو أن علمنا أن عالم التاريخ ومثقف الجزيرة هو قائد هذه العاصفة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، ومنفذها ومهندسها هو نجله وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، وحفظ بلادنا ورعاها من كل سوء.

6 غياب إيران لم يفاجئ أحدا
محيميد صالح آل شرمه
مكة السعودية

لم يثر غياب إيران عن مؤتمر الكويت لإعادة بناء ما دمرته الحرب في العراق أحدا، بسبب قناعة جماعية بأن طهران لا تولي أهمية لقضايا البناء والنهضة وتنمية الإنسان، وانصرفت بالكامل للتدمير والهدم وزعزعة استقرار الدول وتهديد حياة الأفراد. فالنظام الذي أتى في أواخر سبعينيات القرن الماضي محمولا على أكتاف ثورة دموية وانقلاب عسكري، لا يوجد له أثر إيجابي، حتى في الدول التي استطاع فيها تكوين جماعات وأحزاب موالية له، مثل العراق ولبنان، فكل مساهماته في تلك الدول لم تتجاوز تشكيل الميليشيات الطائفية، وتسليحها بترسانات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات والصواريخ.

المؤتمر الذي عقد خلال الأسبوع الماضي حضرته كافة الدول المحبة للسلام، والمنظمات الدولية، والجهات المانحة، وقدم وفد العراق تقارير وإحصاءات بكل ما تحتاجه بلاده حتى تنهض من جديد، فتجاوب الحضور، وفاقت قيمة التعهدات والقروض 30 مليار دولار أمريكي، إلا أن الغائب الأبرز كان هو إيران، التي لم يفتح الله عليها بأن تبعث ولو أحد وزرائها أو نوابهم، ومع أن عدم التجاوب الإيراني لم يكن مفاجئا ولم يثر دهشة أحد، إلا أن البعض كان يتوقع مجرد المشاركة ولو بوفد قليل الأهمية. لكن يبدو أن ذلك النظام فشل في الحصول حتى على فتات من مساحيق يجمل بها صورته أو يواري بها سوءاته.

لذلك فإن الدهشة التي عبر عنها كثير من السياسيين والإعلاميين حول ذلك الغياب ليست مبررة، لأن هذه هي عادة نظام الملالي، الذي إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا سنجد أن مواقفه في كل الأوقات، ومع كافة الدول التي يرتبط معها بعلاقات وطيدة تصب في هذا الاتجاه، وأن دعمه ينحصر في تدريب العناصر الخارجة على القانون، وتجييش الميليشيات، وزرع الألغام والعبوات الناسفة، وهذا هو ما يفعله حاليا في اليمن، فالتقارير والإحصاءات تؤكد أنه لم يسارع إلى تقديم أي من أنواع الإغاثة أو المساعدة المالية أو العينية، حتى لعملائه الحوثيين، وأخلف وعوده التي قدمها لقادة التمرد قبيل القيام بانقلابهم على الحكومة الشرعية، عندما تعهد بتقديم 4 مليارات دولار كوديعة، وتوفير المشتقات النفطية لمدة عام كامل. وما أن ابتلع الحوثي وأعوانه الطعم، وقاموا بمغامرتهم الطائشة، حتى أدار لهم نظام الولي الفقيه ظهره، ونكص عن وعوده، بل ورفض قادته مناقشة الموضوع عند زيارة وفد الحوثيين طهران.

حتى في الداخل الإيراني، لم يقم النظام بإنجاز أي مشاريع تضاف إلى حصيلة إنجازاته، بل إن الأوضاع الاقتصادية تراجعت بصورة ملحوظة، وبات الشعب الذي كان قبل مجيء أعوان الخميني من أكثر شعوب المنطقة رخاء، يصنف في عداد الشعوب الفقيرة، بعد أن تراجعت قوتهم الشرائية، وتناقصت مصادر دخلهم، ليس لضعف في اقتصاد بلادهم، بل لسوء إدارة حكامه، الذين وجهوا تلك الثروات الطائلة لزرع الأزمات في دول الجوار، وتعميق النزعات المذهبية القديمة، دافعهم في ذلك أحقاد قديمة، ورغبة في إعادة إمبراطورية غابت ولن تر الشمس مرة أخرى. وعندما ثار الشعب المسكين أكثر من مرة على أوضاعه البائسة، ورفع شعارات تطالب بتحسين ظروفه، وتوجيه الأموال لإسعاده، بدلا من صرفها على جزار سوريا، وديكتاتور لبنان، ومجرمي اليمن، لم تجد حكومة الملالي سوى استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين.

وإن كان قمع المتظاهرين العزل، واغتيال بعضهم واعتقال الآخرين كافيا لإخماد ثورتهم هذه المرة، فإنه لن يكون كذلك في المرات المقبلة، لا سيما أن تزايد الظلم واستمرار الجبروت وتواصل المعاناة وتراجع مستوى المعيشة لن تدع لهم خيارا سوى المطالبة بحقوقهم وبعلاقات حسنة مع جيرانهم، بعد أن أجبرت الظروف مئات الآلاف منهم على اتخاذ المقابر سكنا ومكبات القمامة مكانا للبحث عن الغذاء.