3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 البرلمان العراقي بين الماضي والحاضر فراس الزوبعي الوطن البحرينية

تكاد تكون الظروف التي تأسس فيها أول برلمان عراقي مشابهة للظروف التي تأسس فيها البرلمان الحالي، فأول برلمان تأسس في العراق كان في سنة 1924 وافتتحت أولى جلساته في يوم 27 مارس، تأسس والعراق يرزح تحت الاحتلال البريطاني كما تأسس البرلمان الحالي والعراق تحت الاحتلال الأمريكي، ومثلما قوبل البرلمان الحالي بفتاوى تحرم الترشح والاقتراع، رافق عملية تأسيس البرلمان الأول سيل من الفتاوى التي تحرم المشاركة والاقتراع، وكما أصرت أمريكا وتصر دوماً على المضي في عمليتها السياسية وإجراء الانتخابات في موعدها بالرغم من فشل هذه العملية وجرها الويلات على العراق، أصرت بريطانيا على تشكيل أول برلمان لأنها كانت تنتظر منه المصادقة على معاهدة الانتداب وقد حصل، كذلك جرت محاولات اغتيال لأعضاء المجلس وقتل أحدهم، مثلما اغتيل عدد من أعضاء البرلمان الحالي في بدايات تأسيسه.

الغريب أن هناك تشابهاً كبيراً في نوعية أعضاء البرلمان والمرشحين له في كلا المجلسين فهناك عدد قليل من الشخصيات التي لها تاريخ في العمل السياسي بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية وهناك نسبة من شيوخ القبائل الذين لا علاقة لهم بالسياسة، جاؤوا طمعاً في التفاخر والحصول على منصب يسمح لهم بالاستحواذ على مزيد من الأراضي كما كانت هناك نسبة من الرعاع والنكرات، وكما هو حاصل اليوم من تهكم شعبي بنوعية المرشحين وتفاهة كثير منهم ومهزلة وعودهم للناخبين، وجدنا في الدورات الأولى للبرلمان الأول مرشحاً عن مدينة الكوت يقدم برنامجاً يعد فيه «بتبليط طريق بغداد الكوت بالكاشي والمرمر ورشه بماي المسك والعنبر وزرعه بالورد الأحمر المعطر، وتشجيع المنتجات الوطنية بركوب الخيل والدواب ومنع استيراد السيارات الأجنبية، وتبريد ماء النهر بالصيف وتسخينه بالشتاء، والسعي لمنع تجارب القنبلة الذرية بالبحار حرصاً على سلامة وصحة الأسماك والحيتان واحتراماً لشعور أسماك سدة الكوت»، وغير ذلك من المهازل، كذلك وجدنا أسوأ منه في البرلمان الأخير، وكانوا كلهم مدعاة للسخرية والتهكم من قبل أصحاب الرأي والكلمة، والحقيقة أن وجود هذه النماذج في البرلمان أمر مقصود يتطلبه النظام في كلا المرحلتين لتمرير إما ما يريده المحتل أو ما يريده من يقود البلد، لذا وجدنا كثيراً ممن وصلوا إلى البرلمان في كلتا الفترتين هم من جياع المنصب والمال وأصحاب المكانة والمنزلة المتدنية وهم على استعداد لفعل أي شيء للحفاظ على كراسيهم وعدم خسارتها فهي كراس مليئة بالامتيازات، ومن الجدير بالذكر أن هناك مرحلة أخرى مر بها العراق وهي مرحلة حكم حزب البعث، مرحلة تمت فيها السيطرة على المرشحين فلم نعد نرى تلك النماذج المضحكة، وكان عضو البرلمان مجرداً من الامتيازات، لكن في المقابل كان المرشحون للبرلمان أغلبهم من مرشحي حزب البعث ونسبة قليلة جداً من المستقلين الذين لا يحملون أي توجه سياسي فكري شرط أن يحصلوا على تزكية حزب البعث، هذا يعني أن الحزب الذي يحكم وحده هو نفسه يشرع ويراقب نفسه وحده، ولذلك لم يكن الناس في العراق يشعرون بوجود برلمان من الأساس في تلك الفترة.

والحقيقة أنه منذ تأسيس البرلمان في العراق سنة 1924 وحتى أيامنا هذه لم يعش العراق حياة برلمانية بمفهومها الصحيح، لكن على السلبيات الموجودة في كل المراحل لم تصل مرحلة منها إلى السوء الذي يعيشه البرلمان العراقي اليوم وأعضاؤه ومرشحوه.
2 الأخضر السعودي.. نافذتنا العربية القادمة!!
حمد الشهابي

الايام البحرينية

على ملعب جذع النخلة، وفي البصرة الفيحاء جماهيرنا الرياضية على موعد مع التاريخ بحدث كروي يستحق أن يحمل هذه الصفة بجدارة. إذ سيلتقي منتخبنا الوطني لكرة القدم ونظيره الشقيق الأخضر السعودي بمباراة احتفالية حبّية ودية بكل معاني الكلمة، حيث يحل الأخضر ضيفًا عزيزًا على أرض الرافدين وبين حدقات عيون أشقائه وبيته الثاني العراق، بعد غياب – ولا نقول قطيعة – تجاوز أكثر من ثلاثة عقود لأسباب شتى، آن لها أن تنقشع وتفتح النوافذ والقلوب تسري بها أمواج الحب الخالد مهما تكالبت المحن واستبدّت الخطوب.

في هذه المناسبة استنفرت القوى الخيّرة لنجاح حدث أو كرنفال مع ودّيته لكنه يحمل من يافطة الأهمية ما يدعونا للمضي قدمًا بذات الهمّة التي بدأها وزير الشباب العراقي الاستاذ عبدالحسين عبطان وبقية اخوته في المؤسسة الرياضية القطاعية التي اخذت على عاتقها كسر القيود وإزاحة العوائق التي تقف بين العراق ومحيطه العربي والإقليمي والدولي في واحدة من اهم الخطوات التي نعوّل عليها كثيرًا في حلحلة ملفات وفتح افاق للتعاون العربي العراقي بكل المجالات وإن جاءت من بوابة الرياضة.

اليوم البصرة تزهو بحضور الأشقاء السعوديين ومعهم ضيوف اعزاء مهمّين على المشهد الكروي القاري والعالمي، إذ يتقدمهم الشيخ سلمان بن ابراهيم رئيس الاتحاد الاسيوي لكرة القدم ورئيسا الاتحادين السعودي والمصري وآخرون.. بفرصة ذهبية نأمل أن نحقق الاهداف المتوخّاة من جميع الجهات. وذلك يستلزم من المعنيين التعاون التام بين الوزارة واتحاد الكرة من جهة وبقية المؤسسات الساندة من جهة اخرى. من قبيل محافظة البصرة وجميع دوائرها المرتبطة والمعنية في مهمة ستكون وطنية قبل ان تكن رياضية.

لا نضرب تحت رمل أو نقرأ الكف في التعاطي والقراءة للمشهد وما نتطلع اليه من انعكاسات ايجابية لحدث سيكون تاريخًا. لما يحمله المنتخب السعودي ممثل العرب وآسيا في مونديال موسكو. فضلاً عن الموقعية العربية والدولية التي تحضى بها المملكة السعودية وما يعنيه حضورها الكبير والقوي الى البصرة معززة بوفد إعلامي كبير يعكس الاهتمام من جهة وجدية التأثير الايجابي من جهة اخرى.. نتمنى ان تكون انسيابية دخول وخروج وحضور الجماهير الى الملعب والمباراة منتظمة بشكل حضاري ينسجم مع الجهد المبذول من قبل وزارة الشباب عامة ووزيرها المجتهد تحديدًا وآمالهم وتطلعاتهم لهذا اليوم الذي نريده عرسًا جماهيرًا ترفع به الشعارات الأخوية وتهتف وتعزف به الاناشيد والاهازيج العربية المتحلية بالروح الرياضية والداعية لتعزيز الاخوة العربية العربية عبر فتح كافة القنوات ومعالجة الازمات وإثبات فعل وتأثير الدبلوماسية الناعمة التي نتوخاها من بوابة الرياضة التي أصبحت منارًا للسلام ورمزًا للانفتاح فضلاً عن النجاح.
3 «ولايتي».. البحث عن ظل كسرى!
رشيد الخيّون
الاتحاد الاماراتية

حلَّ «علي ولايتي»، مستشار مرشد الثورة الإيرانية، ضيفاً على بغداد، مشاركاً في مؤتمر تأسيس «المجمع العراقي للوحدة الإسلامية»، وهذا المجمع من رئاسته واضح أنه مجمع حزب «الدعوة الإسلامية»، فرئيسه من عمائم الحزب المذكور و«دولة القانون». غير أن «ولايتي» لا يشعر بأنه ضيفٌ، ليس مِن باب الأخوة أو صِلات الجوار بين العراق وإيران، إنما بغرورٍ كسروي.

يُعطى الحق لولايتي في التهديد من بغداد بـ«عدم السماح للشيوعيين والليبراليين بالعودة إلى الحكم في العراق»، وسط سكوت مطبق من قِبل الأحزاب، وكأن حرمة وطنهم لا تعنيهم، حيث تُنفذ توجيهات الولي الفقيه ولا تُناقش، فالخيوط بيده كافة وفق المادة (110) من الدستور الإيراني «وظائف وصلاحيات القيادة»: يقرُّ تعيين رئيس الجمهورية ويعزله، يعلن الحرب والسلم، يُعين ويعزل القادة العسكريين، والسلطة القضائية، وبيده مؤسسة المال. قرر «ولايتي»، على هامش المؤتمر المذكور، إنشاء فروع لجامعة «أزاد الإسلامية» في المدن العراقية كافة، بعد أن عينه خامنئي أميناً عليها، وهي المنتشرة بسوريا ولبنان، كقوة «ناعمة» لتصدير الثورة.

لا ندري، أي تاريخ قرأه ولايتي، كي يحذر من عودة «الشيوعيين والليبراليين»! ومتى حكم هؤلاء العراقَ، ليُحذر من عودتهم! فإذا كان يقصد فترة عبد الكريم قاسم (قُتل 1963)، فالشيوعيون كانوا قوة في الشارع لشهور، وعندما حدث انقلاب (1963) وجدوا في السجون وأعدموا. مثل سُجناء الشاه الذين أعدمتهم سيوف الثورة، وهذا ما كشفه حسين منتظري (ت 2009). لعل ولايتي سيقول إن نائب الخميني منتظري، والمرجع شريعتمداري (ت 1985)، والمرجع الخاقاني (ت 1985) كانوا شيوعيين أيضاً، لذا ماتوا سجناء منازلهم، سوية مع كيانوري (ت 1999) أمين حزب «تودة»، سجين «إيفين» الرَّهيب.

أرادها ولايتي في خطابه فتنةً، عندما ذَكَّر بفتوى المرجع محسن الحكيم (ت 1970) ضد اليسار (1960)، ولو علم أن هناك فتاوى لقتل أكثر من عشرة آلاف سجين (1963) لأحيا ذكرها، كنا فصلنا قصتها في «الأديان والمذاهب بالعراق ماضيها وحاضرها» (المسبار 2016). يبدو أن ولايتي قد أغاظه تمرد جماعة كانت مخلصة له يوماً، إلا أنها خذلته بحلفها مع الذين سماهم بالشيوعيين والليبراليين، إثر التعاضد في ساحات الاحتجاج ضد الفاسدين المحتمين بالولي الفقيه، بعد أن شتتها إلى جماعات مسلحة تأتمر بأمره.

يؤكد ولايتي في خطاب الفتنة أن العراق «بستان لبلاده»، حكمها، في نظره، حكم الأرض المفتوحة عنوة، يملكُها وما عليها، بأموالها تجاوز خطر الحصار، وأمست سوقاً لصناعته وزراعته، ولساناً له في المحافل الدولية، فكيف يفرط بهذا الملك، الذي فرط به كسرى من قبل. يوم كانت المدائن العاصمة الشتوية، حيث الإشراف على دجلة «أم البساتين». قال والي الجبل في زمنه أبو دُلف القاسم (ت 226هـ): «وإِني امرؤٌ كسرويُّ الفعال/ أُصيف الجبالَ وأشْتُو العِراقا»(المسعودي، مروج الذهب).

حذرَ ولايتي من أميركا، وهو يعلم بفضلها عليه بتسليم العراق على طبق من ذهب، ولدى الفرزدق (ت 110هـ) ما يُعبر به، في لومه لقرار يزيد بن عبد الملك (ت 105هـ)، بولاية أحدهم: «أَأطعمت العراق ورافديه/ فزارياً أحذَّ يد القميص/تفهق بالعراق أبو المثنى/ وعَلم قومه أكل الخبيص» (المبرد، الكامل في اللغة والأدب). هكذا أخذت إيران تتفهق بالعراق مُلكاً مطلقاً، تحارب به أميركا، فحسب ولايتي أنه يُدير «جبهة المقاومة بين العراق وسوريا ولبنان»، وأن هذه الشركة «ستطرد القوات الأميركية من شرق الفرات».

لقد كشف الخطباء من قادة الميليشيات في ذكرى قتل عماد مغنية (23/2/2018)، بالتزامن مع جولة ولايتي التفقدية، متفاخرين بالجهود الإيرانية في دخول كائنات الشر للعراق (2003 وما بعدها)، قال أحدهم ناعياً مغنية: «درَّبَ آلاف الشباب بمختلف الدورات، وبأعلى وأحسن الدورات العسكرية، وتضاعف شباب عِماد من الوحدة الخاصة بالعراق (لاحظ الاسم)، الذين عملوا وبكل جهد من شباب (حزب الله)، الذين حضروا في هذه الساحة» (قناتا آفاق والاتجاه).

أيها العراقيون، قُتل مغنية (2008) بدمشق، بعد أن تحمل من الدماء ما تحمل، وكيف كان يَعبر الإرهابيون زرافات ووحداناً الحدود السورية العراقية! وبرقبة من تُسجل دماء آلاف العراقيين في تلك الفترة! لا بد أن الحاضرين حفل «المجمع العراقي..»، والاحتفال بمغنية، قد مر في ذاكرتهم شريط الحوادث، يومها هددت بغداد بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد دمشق، حيث كان يُجهز مغنية «الوحدة الخاصة بالعراق» و«بأحسن الدورات»! بالتكاتف مع الزرقاوي (قُتل 2006)، وتحت عنوان «المقاومة الإسلامية». كي يأتي ولايتي ليجد: «العراق ليس كاليابان وكوريا الجنوبية». أنت صادق يا ولايتي، فالعراق لن يحظى بما تنعم به كوريا واليابان بظلكم! ظل كسرى الغابر، يُخشى عليه من شيوعيين وليبراليين لا خيل عندهم ولا مال!