6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 مراحل محو الذاكرة بالعراق هيفاء زنكنة
القدس العربي

تراجع الاهتمام الإعلامي العربي والدولي، بالعراق، بلدا وشعبا، في السنوات الأخيرة، إلى حد لم يعد يذكر الا في الصفحات الداخلية كخبر ثانوي قلما يسترعي الاهتمام. تزداد سطوره أو مساحته الإعلامية، فقط، حين يصاحبه تفجير يتجاوز عدد ضحاياه حدا معينا. للإحصائيات، في هذه الحالة، جاذبيتها الخاصة. كأن هناك كتيب إرشادات تم توزيعه على أجهزة الاعلام يتضمن كيفية طمر احتلال بلد وتدميره بأسلوب تدريجي، ناعم، لا يخدش ضمير المواطن.
أمريكيا، هناك حرص عام على تطمين المواطن بأن ما تقوم به حكومته أخلاقي يهدف إلى نشر السلام ولو عن طريق الحروب. يحتل الاعلام دورا أساسيا في هذه العملية. يبين مقال نشره موقع « تروث آوت» ان أفضل وأسرع طريقة اتبعت لمحو جريمة غزو العراق واحتلاله من ذاكرة الشعب الأمريكي، هي عبر تقليص الاهتمام الإعلامي تدريجيا. كانت تغطية صحيفة «النيويورك تايمز»، الامريكية، لأحداث العراق، مثلا، قبل انسحاب القوات قد بلغت 1848 مقالة عام 2006. ونشرت 1350 مقالة عام 2007 ثم انخفض العدد إلى 359 في 2011.
تقليص الاهتمام لم يتم عبر تقليل المقالات، فحسب، ولكن من خلال التحكم بنوعيتها ومصادرها. فاقتصار التغطية الصحافية على تداول الاخبار والتحليلات الجاهزة (بعد ترجمتها فيما يخص العالم العربي)، من وكالات انباء يعمل معظمها، في ظل سياسة «محاربة الإرهاب»، جعل المصادر الأولية المعتمدة للأخبار، هي القيادات العسكرية والرسمية وليست الصحافة، المستقلة. مما أدى إلى ضمور الصحافة الاستقصائية.
وبينما دفع تحول العراق إلى ساحة حرب، مستديمة، إلى ابتعاد الصحافيين حفاظا على حياتهم، وحقق تهديد الصحافيين المستقلين، واستهدافهم، منذ أيام الاحتلال الاولى، نجاحا يحسب للمحتل الامريكي أولا ولميليشيات الأحزاب الحاكمة ومافيا الفساد، ثانيا.
عربيا، حتى في البلدان التي تظاهرت شعوبها، بحماس، في الفترة السابقة للحرب، وساهمت بأكبر مظاهرة شارك فيها الملايين من جميع ارجاء العالم، ولأول مرة قبل الحرب، يلاحظ خفوت الأصوات او اختفاؤها. وتظهر الصورة بأكثر الوانها قتامة، عند مرور الذكرى السنوية لشن الغزو والاحتلال، حيث يفترض استعادة الذاكرة الشخصية والجماعية للجريمة الكبرى، فتمر الذكرى، كما في السنوات الأخيرة، بدون ان تلاحظ.
حيث مرت ذكرى الغزو، في العام الماضي، كأنه سر يجب ان يبقى طي الكتمان.
الجانب الآخر الذي يتستر عليه الاعلام الغربي والعربي، بتعاون سياسي محلي، هو خروقات حقوق الانسان التي يعيشها المواطن بشكل يومي. بدءا من الاعتقال والتعذيب والاعدام وانتهاء بفرض العقوبات الجماعية. هناك سيرورة منهجية لمحو المسؤولية عن جهات إجرامية معروفة، هي جزء لا يتجزأ من الحكومة العراقية والأحزاب المشاركة فيها، بذرائع تتغير وفق الحاجة مع إبقاء صخرة «الحرب على الإرهاب» جاثمة على الصدور. يحاول عدد من المنظمات الحقوقية الدولية اختراق حاجز التضليل عبر تقاريرها الموثقة للانتهاكات والجرائم الا انها تبقى، على أهميتها، هامشية بالمقارنة مع أجهزة الاعلام التي تحتل مركزا، عاليا، في سلم أولويات الميزانيات العسكرية والحكومية.
لهذا تكاثرت أجهزة الاعلام بسرعة نمو نبات الفطر وبالتحديد القنوات الفضائية. اذ يكفي ان تتجول بين القنوات الفضائية حتى تجد ان القنوات العراقية تحتل حيزا كبيرا بالمقارنة مع بقية البلدان. وهي، كما أجهزة الاعلام العربية، تعتمد على وجبة الاخبار الجاهزة من وكالات الانباء العالمية، كما بقية الدول العربية، وان كانت، والحق يقال، تتجاوزها بإضافة وصفة المحاصصة الطائفية والعرقية والميليشياوية.
في الأسابيع الأخيرة، مثلا، تحدث العديد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين عن ضرورة إبقاء القوات الامريكية في العراق إلى ان «يتم القضاء على داعش نهائيا»، أي لأجل غير مسمى، مما يذكرنا بالمعاهدة الاستراتيجية التي تم توقيعها مع الإدارة الامريكية عام 2011، وتمنح الإدارة الامريكية حقوقا تنزع كل مفاهيم السيادة عن العراق لأجل غير مسمى. سارع مكتب رئيس الوزراء، إلى اصدار بيان يكذب التصريحات، وان القوات الامريكية ستشرع بالانسحاب، فقامت أجهزة الاعلام العراقية والعربية بنشر البيان، كما هو بدون ان تقوم بتدقيق صحة الادعاء او اضاءة جوانب لم يتطرق اليها البيان، أو تقديم معلومات تساعد المواطن على معرفة، ما يجري فعلا، أو تشجيعه على تمحيص ما يقدم له. بعد يوم من اصدار بيان مكتب رئيس الوزراء، قامت الإدارة الامريكية بتكذيب التكذيب، مؤكدة بقاءها في العراق. وكان موقع «غلوبال ريسيرج» الأمريكي، قد أكد، في 23 كانون الثاني، وجود ستة قواعد عسكرية للولايات المتحدة في العراق وليست هناك نية لأغلاقها. ودخل قائد مليشيا «عصائب الحق» على الخط ليصدر إنذارا إلى القوات الامريكية بتحويل حياتهم إلى جحيم في حال بقائها إلى ما بعد الانتخابات.
يساهم النقل الإعلامي الحرفي لهذه البيانات والتصريحات، من التباس الصورة لدى المواطنين، ويزداد الامر سوءا حين يتم بثها بلا تحليل موضوعي يوفر للمشاهد أرضية التفكير واثارة التساؤل. هنا يصبح الصمت، بمعنى عدم التحليل وابداء الرأي، تواطؤا في مسار التجهيل المتعمد ومحو الذاكرة الذي أسست له الصحافة الغربية، بامتياز منهجي، منذ تسعينيات القرن الماضي، استعدادا لغزو العراق، حسب مشروع القرن الأمريكي الجديد.
«ان الحرب على العراق من أكثر الجرائم خطورة، بلا شك، ضد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية»، يقول الدبلوماسي السويدي المخضرم سفيركر آستروم. جريمة أدركت الشعوب ضررها، مسبقا، فخرج عشرت الملايين للاحتجاج عليها في كل بلدان العالم قبل ارتكابها وبعده، مما أسهم، بشكل غير مباشر، في دعم المقاومة العراقية التي أفشلت مشروع القرن الأمريكي، واضطرته لترحيل اكثر من 185 الف جندي أمريكي من العراق.
استدعى طمس هذه الجريمة من دول العدوان تحويل الأنظار، بمراحل، تصنيع أكاذيب كبرى. كانت المرحلة الأولى اكذوبة أسلحة الدمار الشامل والخطر الماثل على أوروبا، وحقوق الإنسان والنساء، والثانية أكاذيب محاربة القاعدة و«فلول النظام السابق» التي اتهمت بها المقاومة العراقية الشعبية. ثم جاءت مرحلة فرق الموت التي اشعلها السفير الأمريكي جون نيغروبونتي وقائدا الفرق الخاصة اللذان عملا معه في السلفادور، كاستل وجون ستيل لتصور الصراع طائفيا واثنيا في العراق. بعد فترة، أنقذت الولايات المتحدة جلدها عبر انشاء عملية سياسية طائفية بالتجاذب مع إيران. مع انتفاضة الربيع العربي، عادت أمريكا فجرت العراق في ساحة الصراعات الإقليمية والدولية الأكبر تحت لافتات طائفية من جهة ولافتات محاربة إرهاب تنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة اخرى.
الآن، في مسار محو الذاكرة، يقوم الاعلام المؤدلج، بالترويج اليومي، لأكذوبة ان كل الدمار الذي شهده العراق منذ التسعينيات وسنوات الحصار، وغزو 2003، والتعامل الوحشي مع المدن في مجرى التعامل مع المقاومة العراقية، هو نتيجة الحرب على تنظيم « الدولة الإسلامية» بما يضمنه ذلك من التغاضي عن المسؤولية القانونية الدولية والأخلاقية.
من هنا حاجتنا إلى استمرار تذكير أنفسنا والعالم بحقائق التاريخ القريب، لا رغبة بالانتقام ولكن لنعيد للعدالة مفهومها الحقيقي ولئلا تتكرر الجرائم.
2 الكويت حاملة لواء “إعمار العراق”!!
وليد صبري
الوطن البحرينية

ليس غريباً على الكويت قيادة وحكومة وشعباً، كرم الضيافة الخليجية العربية، في أن تستضيف تلك الدولة التي غزاها واستباحها صدام حسين قبل نحو 30 عاماً، مؤتمر إعادة إعمار العراق وإحياء الاقتصاد المتهالك في البلاد، خاصة في مرحلة ما بعد هزيمة تنظيم الدولة «داعش»، بعد حرب استمرت أكثر من 3 سنوات ضد التنظيم المتطرف.

ومن المتوقع أن يحضر الاجتماع الذي يستمر على مدار 3 أيام، من الإثنين إلى الأربعاء، نحو 2000 شخصية اقتصادية، و1800 شركة، يمثلون نحو 70 دولة، فضلا عن البنك الدولي، لبحث فرص مساعدة العراق، في عملية إعادة إعمار مناطقه التي دمرتها الحرب على «داعش»، بتكلفة تصل إلى 100 مليار دولار، في حين يرأس وفد العراق رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويضم نحو 100 مسؤول عراقي يمثلون مختلف الوزارات والمحافظات والهيئات والشركات العامة والخاصة، فضلاً عن ممثلي منظمات المجتمع المدني.

وبحسب الهيئة الوطنية للاستثمار العراقية، فإن هناك نحو 157 مشروعاً متوفراً لجذب الاستثمارات في المؤتمر، بينما تقدر الكلفة الإجمالية للمشروعات بنحو 100 مليار دولار.

وفي مقابل الموقف الخليجي والعربي المشرف للكويت، تلقت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إشارات من دول كبرى تؤكد فيها رفضها دفع أموال نقدية للحكومة العراقية خلال مؤتمر الكويت، وفي مقدمة تلك الدول، أمريكا، في خطوة اعتبرها محللون ومراقبون ضربة كبيرة جديدة لمكانة الأخيرة على الساحة الإقليمية والدولية، بينما يبدو أمراً منطقياً في ظل تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية في 2016 إنه إذا انتخب «سينتهي عهد بناء الدول»!!

وقد تسبب حجم الفساد الذي يعاني منه العراق، بطريقة مباشرة، في خشية الدولة المانحة من أن تدخل تلك الأموال في حسابات كبار المسؤولين العراقيين، أصحاب المراكز والسلطة والنفوذ، بدلاً من صرفها على إعادة إعمار البلاد، لاسيما وأن ثاني أكبر بلد مصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بعد السعودية، بإنتاج يومي يبلغ 4.4 مليون برميل، يحتل المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر فساداً في العالم وفقاً لمؤسسة الشفافية الدولية، بينما تحتاج البلاد إلى إعادة بناء المنشآت التي تعرضت للتدمير خلال الحرب ضد التنظيم المتطرف، وأبرزها، مطار الموصل، فضلا عن استثمارات جديدة لتعزيز وتنويع الاقتصاد من خلال تطوير قطاعي النقل والزراعة وصناعات البتروكيماويات والمصافي النفطية، وإعادة بناء المنازل والمستشفيات والمدارس والطرق والأعمال والاتصالات.

وبالرغم من أن العراق يتمتع بمزايا عديدة منها البنية التحتية القوية وعدم وجود قيود على تحويلات العملة للخارج بالإضافة إلى ربط الدينار العراقي بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أنه أحد الدول التي تتمتع بأكبر عائد على الاستثمار في العالم، وفقا لتصريحات رئيس بعثة مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي في العراق، زياد بدر، إلا أن، عملية إعادة إعمار البلاد تواجه سلسلة من التحديات، أبرزها الفساد المالي والاداري المستشري في البلاد، سواء من خلال السرقات المباشرة، أو عن طريق دفع الرشى لمراكز قوى سياسية ومسلحة هدفها في المقام الأول ابتزاز المستثمر، إضافة إلى سوء الإدارة والتخطيط، والبيروقراطية، والشروط التعجيزية التي يواجهها المستثمر الأجنبي في بيئة توصف بأنها «طاردة للاستثمار»، خاصة مع سيطرة إيران على مراكز صنع القرار في العراق، سواء في الحكومة أو البرلمان، ودعمها للميليشيات الطائفية المسلحة، منذ سقوط نظام صدام حسين وما تبعه من احتلال امريكي للبلاد قبل نحو 15 عاماً.

وقد منحت الكويت العراق فرصة ذهبية باستضافة المؤتمر، من خلال إمكانية ضخ عشرات مليارات الدولارات عبر الاستثمارات الشاملة، من أجل النهوض بالبلاد، والقضاء على البطالة بتوفير فرص عمل لملايين الشباب، وإنهاء نزوح ملايين المواطنين، خاصة أهل المناطق السنية، وإنهاء عقود من العنف السياسي والطائفي، ومحاولة احتواء السنة الذين يشعرون بالظلم والاضطهاد من سياسات الحكومات المتعاقبة التي يقودها الشيعة، والاهتمام بأطفال العراق، خاصة مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» أن طفلاً من بين كل 4 أطفال في العراق «ربع أطفال البلاد»، يعيش في فقر فيما يحتاج نحو 4 ملايين طفل للمساعدة نتيجة الحرب على «داعش»، في حين أن نصف مدارس العراق بحاجة إلى إصلاح خاصة أن العملية التعليمية تعطلت وأدت إلى حرمان أكثر من 3 ملايين طفل من التعليم. وربما تفسر تلك الإحصائيات القاسية، تصريحات المدير الإقليمي لمنظمة «اليونيسيف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيرت كابيلير التي أكد فيها أن «الأطفال هم مستقبل العراق»، معتبراً أن «مؤتمر الكويت من أجل العراق فرصة لقادة العالم لإظهار استعدادنا للاستثمار في الأطفال واستعدادنا للاستثمار في إعادة بناء عراق مستقر».

* وقفة:

مؤتمر إعمار العراق يكشف الموقف الخليجي والعربي المشرف للكويت في وقوفها إلى جانب أشقائها في حين تستنزف واشنطن وطهران ثروات العراقيين تحت سمع وبصر حكومة العبادي!!
3 «داعش»..«أداة» لأطراف حاربته!
عبد الوهاب بدرخان
الاتحاد الاماراتية

بدأت عملياً الحرب التالية ضد تنظيم «داعش» بأشكال مختلفة، إذ تتعارض أحياناً أو تتداخل جهود الأطراف التي حاربته حتى إنهاء سيطرته الفعلية المباشرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا، وتنطوي أحياناً أخرى على اتهامات متبادلة بين هذا الطرف وذاك بأن هناك استخداماً لمقاتلي «داعش» وخبراتهم في معارك دائرة حالياً، تحديداً في سوريا. ولعل الذين يراقبون مستقبل التنظيم أو مصيره يحارون في تفسير بعض الظواهر المستجدة، كدخول «دواعش» إلى محافظة إدلب، ويشتبهون بأنهم من الجناح الذي يرعاه النظامان السوري والإيراني، أو كالعودة غير المؤكدة لعناصر من التنظيم إلى سرت بعد عام من طردهم نهائياً من المدينة على أيدي قوات «عملية النظام المرصوص» الموالية لحكومة الوفاق في ليبيا.

في غضون ذلك يبدو «ما بعد داعش» في العراق عملية بالغة الصعوبة بسبب انسحاب المقاتلين الى مناطق تراوح بين سلسلة جبال حمرين وبين صحراء الأنبار امتداداً إلى الحدود السعودية، لكن هناك جيوباً وتستدعي مطاردات في الحويجة وكركوك وديالى، بالاضافة إلى استمرار التحرّي عن«الخلايا النائمة» والمحاكمات للعناصر التي أمكن اعتقالها. ولا يكاد يمضي يوم من الاعلان عن قتلى للتنظيم في محافظات عدة. ولعل الجديد عراقياً تزايد الحديث عن جماعة «أصحاب الرايات البيضاء» التي تُعتبر «شبحاً» أصغر حجماً من «داعش»، لكنه بات يُؤرق القوات الأمنية. أما في مصر فبدأ قبل أيام تنفيذ خطة «المجابهة الشاملة» ضد الارهابيين في مناطق عدّة بينها شمالي سيناء ووسطها والدلتا والظهير الصحراوي غربي وادي النيل. ومن الواضح أن الهدف هو الانتهاء من الارهاب الذي استشرى على نحو خطير منذ منتصف عام 2013 غداة سقوط حكم جماعة «الإخوان».

رافقت المرحلة الأولى والرئيسة من «الحرب على داعش» اتهامات واشتباهات شتى لو صحّت جميعاً لأمكن القول إن كل الأطراف المتدخّلة في سوريا تورّطت بشكل أو بآخر في ظهوره قبل أن تنتقل إلى محاربته، إمّا عبر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يلقي بمسؤولية انتشار «داعش» وتوسّعه على النظامين الايراني والسوري خصوصاً وعلى تركيا بدرجة أقل، أو عبر التحالف الآخر الذي قادته روسيا مع ايران ونظام دمشق وقد استخدم «الحرب على الارهاب» عنواناً للحسم العسكري للصراع السوري والإبقاء على نظام بشار الأسد. غير أن مجريات تلك الحرب في الرقّة ومحيطها أظهرت في أيامها الأخيرة سعياً محموماً من دول غربية عدّة لـ «سحب دواعشها» الذين أرسلتهم للانسلال في مهمات محدّدة داخل صفوف التنظيم. وهذا ما أتاح لروسيا أن تتهم الولايات المتحدة مراراً بأنها تدعم «داعش»، أو بالأحرى تستخدمه، إذ أن استعادته أكثر من مرّة مواقع سبق أن طُرد منها أو عرقلته عمليات لحلفاء روسيا ما كانت لتتم لو لم يتلقَّ معلومات استخبارية.

ثم ها هي العملية التركية في عفرين تخلط الأوراق وتحاول إثبات أن هناك ارهاباً آخر كان ناشطاً سابقاً ضدها وزاد قوّةً بالدعم الاميركي للأكراد لمقاتلة «داعش»، معتبرةً أنه يتمثّل بأكراد «بي كي كي» (حزب العمال الكردستاني) التركي وفرعه السوري «ب ي د» (حزب الاتحاد الديمقراطي) الذين تقول إنهم يشكّلون خطراً كبيراً على أمنها واستقرارها. لكن اللافت أن العواصم الإقليمية التي تشارك أنقرة مخاوفها، أو حتى العواصم الغربية التي تقول علناً إنها تتفهّم هواجسها، تخوض معها جدلاً في شأن تصنيف الحزبين أو معاملتهما كمنظمتين إرهابيتين، بل إنها لم تُبدِ اهتماماً بتقارير مفادها أن الأكراد دفعوا إلى القتال في عفرين أعداداً من سجنائهم «الدواعش» لقاء وعود للمحليين والأجانب منهم بإزالة أسمائهم من لوائح الإرهاب.

إذا لم تكن الحقائق عن ظهور «داعش» حظيت برصد دقيق في حينه فإن تحوّلاته الراهنة تستحق الرقابة والتمحيص، فالوقائع برهنت أنه كائن استخباري قابل لإعادة الإنتاج بدليل أن كل الدول احتفظت بأسرارها عنه. ويكمن الكابوس المتجدّد، وفقاً لتقرير للأمين العام للأمم المتحدة، في أن التنظيم لم يُضرب في ليبيا ومصر بالقوة القادرة على إضعافه كما حصل في سوريا والعراق، ولذلك يرى أنطونيو جوتيريتس أن «داعش» يجد باستمرار سبلاً لمعاودة الظهور من دون أن يسعى إلى غزو الأراضي والسيطرة عليها، بل يتكيف مع التطورات ويركّز على مجموعات أصغر وأكثر حماسًا من الأفراد الملتزمين. أما الحلقة المفقودة دائماً فهي المكافحة السياسية، والبعض يقول الفكرية، للإرهاب. ذاك أن الحؤول من دون عودة “داعش” أو ما يشبهه لا بد أن يكون بمعالجة الظروف التي سهّلت ظهوره.
4 بين إعمار العراق وإعمار البدون
غانم النجار
جريدة الجريدة الكويتية

سينتهي “المؤتمر الدولي لإعمار العراق” دون أن نعلم بالدقة نتائجه، فهذا أمر طبيعي لمؤتمرات من هذا النوع. اعتدت المشاركة، كخبير مستقل، في الكثير من مؤتمرات المانحين بعدد من دول العالم، وهي في مُجملها أداة لا تحقق المُراد منها. فحالما يبدأ المؤتمر، تتعهد الدول بدفع مبالغ معيَّنة أمام الإعلام، لكنها تغادر موقع المؤتمر دون أن تدفع شيئاً. وعندما يحسب الحاسبون الحصيلة النهائية المدفوعة يُصابون بخيبة أمل. مؤتمرات المانحين حققت نتائج باهرة، قليلة، لكنها تبقى إحدى الوسائل التي ليس هناك بديل عنها.

المؤتمر الحالي مختلف عن سابقيه، فهو مؤتمر تطغى عليه الصبغة الاستثمارية، فمؤتمرا المانحين لسورية، واللذان تبنتهما الكويت، وساهمت فيهما بمئات الملايين من الدولارات، كانا للمانحين فقط، وجاءا بطلب من الأمم المتحدة. وربما كانت الكويت هي الدولة الوحيدة التي أوفت بالتزاماتها كاملة، وسلَّمتها لهيئات الأمم المتحدة.

المؤتمر الحالي أثار جدلاً على وسائل “التناحر الاجتماعي”، ليس في الكويت فقط، لكن في العراق أيضاً، وهو أمر متوقع، بين مؤيِّد ومعارض ومشكك، وبين مؤلف لروايات “أرسين لوبين”. وككل الأمور، سينتهي المؤتمر ويذهب كلٌّ إلى داره، وسينتقل الناس إلى قضايا جدلية أخرى. الموضوع كُلُّه قائم على فرضية أن مؤتمراً كهذا سيسهم في إعادة إعمار العراق، وبالتالي المزيد من الاستقرار.

إعادة الإعمار ليست “كبسة زر” تتجمَّع لها الأموال وتنتهي القصة. فلدينا في الكويت مشاريع كثيرة يستغرق بناؤها وتكلفتها أكثر مما استغرقه بناء الأهرامات، ومشروع جامعة الشدادية ليس إلا واحداً منها. يحدث ذلك في بلد مستقر متوافر به المال. أما إذا كان الوضع مضطرباً، وغير مستقر، وتتجاذبه الدول، ومؤشرات الفساد كبيرة، كما هي حال العراق، فإن المسألة تصبح أكثر تعقيداً. ومع كل ذلك، أظن أن عقد المؤتمر مفيد للكويت، ولمستقبل الاستقرار بالمنطقة، كما أنه مفيد للعراق، فلا ندرك معنى المستحيل حتى يتحقق.

الإشكالية الأخرى، أن متخذ القرار كان الحكومة، دون إشراك الناس، على الأقل في البُعد المعلوماتي والطبيعة الاستثمارية للمؤتمر، وطبيعة العبء المالي المتوقع أن تتحمَّله الكويت، والذي سيتجاوز بكثير بند “الزهور”. كما أنه كان من المفترض نشر المعلومات الخاصة بدعم الكويت للعراق في السابق، حتى لا تختلط الأمور، وحتى لا يتعامل البعض وكأن المسألة مبتورة ولا سوابق لها.

مكسب آخر للكويت تحقق بقدوم هذا العدد الكبير من الدول والشركات والمنظمات الدولية والإعلاميين، حتى حاز خبر المؤتمر الصدارة بين الأخبار العالمية، مع التقدير الضمني للدور الرائد الذي تلعبه الكويت في مضمار تقريب الناس والأمم، ودورها الإنساني، وهو أمر مستحق للكويت أن تفخر به، في كثير من الجوانب، لكنه يثير “المواجع” في جوانب أخرى. فالملاحظ على وضع حقوق الإنسان، وخاصة في قضايا حرية التعبير وتعريض العشرات للسجن، أنها تتراجع بانحدار سريع.

أما خارج إطار المؤتمر، فقد كنت أظن أن فكرة الإعمار قد تسحبنا من أيدينا إلى الحالة البائسة التي يعيشها البدون في تيماء والصليبية وغيرهما، والتي لن يتخيَّل أحدٌ أنها موجودة في الكويت، لكن لا يبدو أن ذلك على سلَّم الأولويات.

إعمار العراق، إن نجح في تحقيق أهدافه القريبة والبعيدة المدى، ونأمل له أن ينجح، يجب أن يرغمنا على صياغة مشروع حقيقي لإعمار البدون، فقد تم تدمير أحلامهم، والعصف بمستقبلهم، وتكسير آمالهم، وبالذات الشباب.

بعد أن انتهينا من مؤتمر إعادة إعمار العراق أظن أنه آن أوان التفكير جدياً في إعمار البدون، وفي ذلك سيتحقق إعمار حقيقي داخل الكويت ينعكس على أمنها واستقرارها، وقبل هذا وذاك إنسانيتها.
5 100 مرشح لرئاسة الحكومة في العراق

مشرق عباس
الحياة السعودية

كل المتنافسين على رئاسة الحكومة في العراق ينتمون إلى الأحزاب الشيعية التقليدية، ليس فقط لأن العملية السياسية العراقية لم تفِ أبداً بوعودها حول عدم تقاسم المناصب بين الطوائف ولا يتوقع أن تفعل قريباً، بل لأن تلك الأحزاب مازالت تعتقد بأحقيتها في نيل أهم منصب تنفيذي، يكاد معنى الانتخابات البرلمانية برمتها يتمحور حول اختياره.

100 نائب أو وزير أو مرشح للانتخابات نصفهم من داخل حزب «الدعوة» الذي ينتج رؤساء الحكومة منذ عام 2006 ينتظرون أن تقود خلافات سياسية وصراعات وتسويات إقليمية ودولية لرفعهم إلى سدة الكرسي الأكثر نفوذاً في العراق.

وقد يبدو الأمر طبيعياً، فلا حساب على الأحلام والطموحات السياسية، لكنه في الجوهر يكشف عن هشاشة البيئة السياسية العراقية، وافتقار الأحزاب التي تمارس العمل السياسي منذ سنوات طويلة إلى التقاليد الحزبية، فيما تغيب مفاهيم القيادة والرؤى المشتركة والبرامج والأهداف التي تمنح أي حزب أو تيار سياسي سمته وخصوصيته.

انتقال أشخاص بين الأحزاب والتقلبات والانشقاقات والتحالفات تعكس في ظاهرها حراكاً وتفاعلاً وتطوراً، لكن الجوهر واحد، فغياب المبادئ المشتركة، يجعل التنقل بين الأحزاب بمثابة مسابقة مستمرة للشخصيات المختلفة المنشغلة بالبحث عن فرصة أفضل أو مال أكثر، والأمر ينطبق على البرامج ذات الطابع المدرسي التي تطرحها الأحزاب في الانتخابات، وهي مستنسخة واحدة عن الأخرى، مثلما أن التحالفات والانشقاقات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة، كشفت في شكل لا لبس فيه أن في إمكان أي حزب التحالف انتخابياً مع أي حزب من دون أن يرتب ذلك تراجعاً عن أي مبدأ معلن!.

في الغالب إن الشخصيات نفسها التي تعيد الانتخابات تدويرها منذ 2003، ترى أن المصادفات والخلافات السياسية داخل «حزب الدعوة» التي أنتجت إبراهيم الجعفري ومن ثم نوري المالكي وحيدر العبادي، بإمكانها أن تدفع برئيس حكومة جديد من الحزب نفسه في الغالب، وفي حدود ضيقة من أحزاب الإسلام السياسي الشيعية الأخرى.

وهذه الشخصيات نفسها لن تتوانى عن التحالف مع العبادي، مثلاً على أمل بأن يمنحها فائض أصواته المتوقعة، لكنها تجري في الكواليس اتصالات مع القوى السنية والكردية، ومع الأحزاب والتيارات الشيعية الأبعد عن منصب رئاسة الحكومة، لغرض تسجيل أسمائها في قوائم المرشحين البدلاء المحتملين.

والأمر ينطبق على رئاستي الجمهورية والبرلمان أيضاً، وعلى آمال تراود القوى الكردية والسنية التقليدية بالحصول على شروط تفاوض أفضل تفرض على رئيس الوزراء القادم أياً كان، وعلى نسبة من الوزارات والمديريات والهيئات، في كعكة الحكومة الكبرى تمكنها من الاستمرار مالياً حتى عام 2022.

تلك ببساطة خريطة معظم الأحزاب العراقية التي لم تنشغل في الغالب بإيجاد تقاليد عمل وتنظيم، ولا بناء قواعد شعبية رصينة، فهي لاتثق بجمهورها، ولهذا تلجأ إلى قانون انتخابي مفصل على مقاسها، وحيل تقليدية للتحذير من عودة البعثيين، والإرهابيين، وتشكيل الجيوش الإلكترونية من على منصات مواقع التواصل الاجتماعي أملاً بكسب مقاعدها.

ولأن البناء هش وغير رصين، فإن كواليس السياسة في الأيام الأخيرة كشفت عن فوضى غير مسبوقة، لاتنقصها المواقف الساخرة، فمعظم الأحزاب مازالت تبحث حتى قبل يوم من إغلاق تسجيل المرشحين عن أي مرشح محتمل، وتخوض سباقات ومنافسات لسرقة مرشح ديني أو عشائري أو رجل أعمال أو وزير أو نائب، من هذه القائمة الانتخابية وتلك، وبعض المرشحين فتحوا مزادات بين الأحزاب لاختيار قائمتهم النهائية.

ومع أن المنافسة قد تكون شديدة خلال الانتخابات، والنتائج المتوقعة تشير إلى صعوبة تجاوز أي تحالف حاجز الـ50 مقعداً، وقد نشهد انهيارات سياسية لقوى كسبت مقاعد في الدورات السابقة، فإن المجتمع السياسي العراقي يرى أن الانتخابات الحقيقية ستجرى بعد تاريخ 12 أيار(مايو) المقبل، وهي انتخابات الكواليس، حيث سيتنقل الفائزون بين الأحزاب لتشكيل كتل جديدة، وتبدأ مزادات سرية ومعلنة واتصالات إقليمية ودولية لحسم منصب رئيس الوزراء، الذي تصبو إليه عيون 100 شخص في الأقل.

6 العراق والخطة المتكاملة للإعمار
ذكاء مخلص الخالدي
الحياة السعودية
أعلنت وزارة التخطيط العراقية في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، وضع خطة متكاملة لإعمار العراق تمتد لعشر سنوات وبكلفة 100 بليون دولار. وستُموّل من مصادر متنوعة، أهمها ما ترصده الحكومة ضمن موازناتها الاستثمارية. لكنها تطمح أيضاً إلى الحصول على منح واستثمارات، لدى تقديم الخطة إلى مؤتمر الكويت الدولي المقرر عقده في 12 شباط (فبراير) الجاري.

منذ تغيّر نظام الحكم في العراق قبل 15 عاماً، تتحدث الحكومات المتعاقبة عن إعادة الإعمار والتنمية المتوازنة من طريق توزيع الإنفاق الاستثماري في شكل عادل بين محافظات القطر، حتى لا تبقى جهود التنمية محصورة بالعاصمة بغداد وبعض المدن الكبيرة. لكن هذا الهدف لم يتحقق حتى في أحسن الظروف المتاحة، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة باستثناء ما كان يحصل عليه إقليم كردستان من مخصصات تجاوزت في أحيان كثيرة استحقاقات، لأسباب سياسية.

واتهمت أخيراً محافظة المثنى الحكومة المركزية بإهمالها وتهميشها وتأخر إنجاز المشاريع والخدمات، بسبب عدم التزامها دفع الأموال المتفق عليها للمحافظة، ما تسبّب بتوقف مشاريع الطرق والجسور الرابطة بين المدينة وضواحيها. وتُعتبر شكوى محافظة المثنى واحدة من أخرى كثيرة، تقدمت بها محافظات أخرى في أوقات مختلفة.

ويُعزى عدم استفادة المحافظات من إنفاق التنمية وحتى ذلك الجاري على الخدمات اليومية كالنظافة والصيانة، وكما هو مصرح به على كل المستويات مثل البرلمان ورئاسة الوزراء والرأي العام، إلى انتشار الفساد في شكل لا سابق له في تاريخ العراق الحديث.

وتكشف الجهات الرسمية باستمرار عن صفقات ومشاريع وهمية كثيرة، ما يعني أن ليس هناك بالفعل مبالغ تُصرف على التنمية. أضف إلى ذلك، إنَّ كل السياسات الاقتصادية التي تبنّتها الحكومات المتعاقبة، لم تصبّ في اتجاه بناء اقتصاد وتحقيق تنمية اقتصادية، فضلاً عن استبعاد ممارسة نشاط اقتصادي مستدام في ظل فقدان الأمن. إلا أن ظروفاً كهذه تشجع على ازدهار نشاطات غير شرعية، مثل التهريب وتجارة المخدرات والاحتيال. فمهما تحاول الدولة كما يفعل العراق حالياً، لتشجيع القطاع الخاص العراقي والاستثمارات الأجنبية على الشراكة مع القطاع العام لتنفيذ مشاريع اقتصادية، لا يُتوقع لها النجاح، لأنَّ الاستقرار الأمني والشفافية هما الشرطان اللذان يبحث عنهما المستثمر الوطني والأجنبي.

لذا، فإن الأمل الذي تعقده الحكومة العراقية حالياً في الحصول على بعض المنح والاستثمارات من مؤتمر الكويت هذا الشهر، هو في رأينا تفاؤل ليس في محله. إذ بعد انخفاض أسعار النفط، أصبحت دول الخليج النفطية في وضع لا تستطيع فيه تقديم مساعدات مثل السابق، وتحولت موازناتها إلى العجز. كما توجد دول في المنطقة تستحق أكثر المساعدات والإنفاق على إعمارها، مثل مصر ولبنان والأردن وسورية واليمن، لذا من الصعب أن يتوقع بلد نفطي كالعراق تدفق الأموال إليه على شكل منح واستثمارات، وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه، هو بعض القروض التي تزيد من عبء الدين الخارجي.

في ضوء ما ذُكر أعلاه، ليس أمام الحكومة العراقية سوى حل واحد يتمثل بالاعتماد على مواردها لتنفيذ خطة الإعمار، ويمكنها ذلك بأقل من عشر سنوات ومن دون الحاجة إلى الاقتراض أو الأمل في مِنح ومساعدات، قد يكون من الصعب تحقيقها، وذلك إذا أقرّت تخصيص 50 سنتاً أي نصف دولار من قيمة كل برميل نفط يصدّر يومياً لكل محافظة من أصل الـ 17 بعد استثناء العاصمة بغداد، كما هو مبين في الآتي، يصدّر العراق حالياً 3.5 مليون برميل من النفط يومياً، 3.5×0.5=1.8 مليون دولار، حصة كل محافظة من صادرات العراق النفطية اليومية، تصبح الحصة لكل محافظة سنوياً،

1.8×365=657 مليون دولار، و1.8×17=30.6 مليون دولار حصة كل المحافظات من الصادرات يومياً.

30.6×365=11.2 بليون دولار حصة كل المحافظات من إيرادات النفط سنوياً باستثناء العاصمة.

وعلى افتراض أنَّ سعر برميل النفط هو 45 دولاراً، وهو المعتمد في الموازنة لهذه السنة، فإنَّ 3.5×45=157.5 مليون دولار حصة الحكومة من صادرات النفط يومياً.

157.5–30.6=126.9 مليون دولار يومياً حصة الموازنة العامة من صادرات النفط بعد اقتطاع حصة المحافظات.

126.9×365=46.3 بليون دولار حصة الحكومة من صادرات النفط سنوياً، بعد استقطاع حصة المحافظات.

لذلك، إذا خُصّص مبلغ 11.2 بليون دولار سنوياً لتنمية المحافظات (باستثناء بغداد)، يكون المبلغ الكلي المطلوب لإعادة الإعمار 100 بليون دولار، سيؤمّن بأقل من عشر سنوات كالآتي،

100÷11.2=8.9 سنة يستطيع العراق خلالها إعادة الإعمار من دون ديون أومنح أو استثمارات خارجية.

لكن السعر الحالي للنفط الذي يزيد على 60 دولاراً للبرميل، حتى أنه كسر حاجز 70 دولاراً قبل أيام. وفي حال توقعنا بقاءه بحدود 65 دولاراً للفترة المتبقية من السنة، سيدخل إلى الموازنة العامة 20 دولاراً إضافياً عن كل برميل يصدّر يومياً:

3.5×20=70 مليون دولار إضافي يومياً.

70×365=25.6 بليون دولار إضافي سنوياً.

46.3 +25.6=71.9 بليون دولار حصة الموازنة العامة بعد استقطاع حصة إعمار المحافظات.

ويمثل المبلغ الأخير إيرادات الموازنة من صادرات النفط فقط، ولا يشمل الصادرات الأخرى والضرائب والرسوم والمبالغ المستَقطعة من تمشية المعاملات الحكومية. من هنا وبقليل من حسن التخطيط تستطيع الحكومة العراقية، تحقيق الكثير من إيراداتها النفطية وغير النفطية، ومن دون الحاجة إلى المساعدات وإلى مزيد من القروض. وإذا تمكّنت الحكومة من جذب الاستثمارات الوطنية الخاصة والأجنبية للمساهمة في إنماء العراق، من خلال تحقيق الاستقرار الأمني وضبط الفساد أولاً، فهي ستضمن ازدهاراً اقتصادياً وتنمية لكل أرجاء العراق.