1 ملالي إيران.. لا يقرأون التاريخ جيدًا
عبدالمنعم ابراهيم
اخبار الخليج البحرينية
في خطوة تدل على الغطرسة قال مسؤول إيراني مؤخرًا «إن إيران لن تتخلى عن دورها ونفوذها في الشرق الأوسط» بصدد الرد على أمريكا المطالبة إيران بالحد من توسعها المليشياوي في عدد من الدول العربية وتحديدًا سوريا ولبنان والعراق واليمن.. أما (أحمد خاتمي) عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء النظام فقد قال في خطبة الجمعة الأخيرة: «إن إيران لم ولن تتخلى عن تأييد ودعم الجماعات (الموالية).. ونحن نعتبر حزب الله (اللبناني) حركة شريفة ومدافعة عن حرمة الوطن»!
ويبدو أن هذه الغطرسة الإيرانية وتمسكها بالتدخل في الشؤون العربية وتشكيل المليشيات المسلحة الموالية لها في كل الدول العربية ستكون سببًا مهمًّا في اندلاع مزيد من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية داخل إيران للإطاحة بالنظام الحالي.. ففي اليوم نفسه الذي خطب فيه (أحمد خاتمي) في المسجد مدافعًا عن التسلح الإيراني وتطوير الصواريخ الباليستية، كانت مدن إيران تنتفض من جديد ضد النظام وتطلق الصرخات نفسها «الموت للدكتاتور.. الموت لخامنئي».. وتكررت الاحتجاجات العاصفة في (طهران) و(الأهواز) و(أصفهان) و(تبريز)، و(كرمنشاه)، و(توسيركان) في محافظة همدان.
إذن نحن أمام مشهد درامي جديد.. ثورة شعبية إيرانية تطالب بالرغيف ومكافحة الفقر والجوع والغلاء لتصل إلى المطالبة بإسقاط النظام الثيوقراطي الديني المتزمت.. بينما كبار الملالي يرفضون التخلي عن النفوذ الإيراني العسكري في عديد من الدول العربية، ويتمسكون بصرف مليارات الدولارات على الأحزاب والمليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتمويل خلايا إرهابية في البحرين والسعودية والكويت.
وفي علم السياسة لا يمكن الجمع بين النقيضين (ثورة جائعين في الداخل) مقابل (بذخ مالي وعسكري في الخارج)!.. هذا التناقض هو أحد أسباب سقوط روسيا القيصرية، وسقوط (الاتحاد السوفيتي).. ولكن ملالي إيران ليس لديهم علم بالسياسة الدولية وأخذ العبر من دروس وتجارب التاريخ للشعوب الأخرى.. كل ما يملكونه هو مزيد من القهر والعقاب والإعدامات للمحتجين والمتظاهرين من أبناء وبنات الشعب الإيراني!.. لكن هذا لم ولن يكون حلاًّ ناجعًا لقمع الثورة الإيرانية، بل سيكون سببًا آخر لاندلاع مزيد من الثورات العاصفة.. إنهم لا يقرأون التاريخ جيدًا.
2 أنا وصدام حسين ـ السندباد الترجمان خالد القشطيني
الشرق الاوسط البريطانية
اعتاد نظام صدام حسين على عقد مهرجان شعري كل سنة يعرف بالمربد، وكان يقام في موقعه التاريخي، مدينة البصرة. وهو بعث لتلك المأثرة من التاريخ العربي. فبعد ظهور الإسلام وانتشار المسلمين في الأمصار، اضمحل شأن سوق عكاظ وزال من الوجود. ولكن حل محله هذا الأثر المجيد على بعد ما يقارب ثلاثة أميال من البصرة، وربما في ديار الزبير، المعقل لانطلاق الفتوحات الإسلامية شرقاً.
وقد سمي المكان بالمربد، نظراً لأنه كان موقعاً لتجميع الإبل، أي تربيدها. وحيثما سار العرب سار معهم ديوان الشعر. فبعد انقراض سوق عكاظ توجه أهل الأدب والشعر إلى هذا الموقع في العهد الأموي، وحولوه إلى سوق لما سمي بشعر النقائض. وكان ممن ارتاده الفرزدق وجرير. وفضلاً عن الشعر، تحول في العهد العباسي إلى موقع للمعرفة والأدب. فكان ممن ارتاده الفراهيدي والجاحظ والمقفع والكندي وسواهم من كبار أهل العلم والمعرفة.
خطر لأدباء العهد الصدامي، وبصورة خاصة الشاعر والأديب شفيق الكمالي، محرر مجلة «آفاق عربية»، أن يحيوا هذا الجزء المندثر من تاريخ العراق فأسسوا هذا التقليد، وهو مهرجان المربد، أولاً في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد. ولم يفت على صدام حسين أن ينشر رعايته لهذا الحدث. واعتاد على إلقاء كلمة في المناسبة.
«أستاذ خالد. يريدونك اليوم أن تترجم للإنجليزية كلمة السيد الرئيس التي سيلقيها بالمناسبة»، قالت لي إحدى موظفات وزارة الإعلام. وكانت كل كلمة نطقت بها ضربة موجعة هزت أعصابي. وكان خوفي طبعاً من أن يتكرر الطلب، اليوم كلمته في مهرجان المربد وغداً خطابه في الكلية الحربية، وتتكرر الطلبات حتى أجد نفسي سجيناً معتقلاً في العراق من حيث لا أدري ولا مخلص لي منه. فبقدر عشقي لبغداد كان قلقي من أن أكون سجيناً فيها.
«آسف يا سيدتي. فأنا مغادر غداً إلى لندن. وحجزت مكاني في الطائرة، وأحتاج بعض الوقت حتى أسلم على أهلي وأصحابي هذه الليلة».
«والله ما أدري. قل لهم ذلك. يعني ممكن يغيرون لك موعد الطيارة».
جلست في مطعم الفندق، ورحت أردد مع نفسي كل ما قيل عن هوى نهر دجلة وسماء بغداد. وكم جرني ذلك العشق إلى المغامرة في اختراق هذا السجن الكبير لصدام حسين لمجرد الشوق لأسواق بغداد وشواطئها ولقاء أصحابي وأنسبائي فيها على وجبة من وجبات السمك المسقوف. يلعنك الله يا سمك بغداد.
«أستاذ خالد، أكيد راح تحضر ندوة اليوم. تسمع قصائد كثيرة. عبد الرزاق عبد الواحد وغيره. لكن مع الأسف الرئيس ما راح يلقي كلمة اليوم».
يا روحاه! لن يتكلم الرئيس ولن يكلفوا هذا العبد البريء بشيء. سأركب طائرتي وأرحل بسلام. وكانت آخر زيارة لي لمدينة صدام ومربدها.
3 الكويت تطلق سهم إعمار العراق
سكينة المشيخص
اليوم السعودية
وصل العراق إلى مرحلة عميقة من السوء التنموي بسبب الشحن المذهبي وتطفل الإرهابيين وفي مقدمتهم داعش في الأرض العراقية بتطرف قاتل ومدمر للإنسانية والحياة، ولكن استيعاب العقل العراقي لما وصلت إليه بلاده من تدهور وانهيار أسهم في استدراك الحال والقفز على المأساة التي نتجت عما سبق ذكره، خاصة بعد التخلص من التنظيم الإرهابي واستئصاله من الخريطة التي تمدد فيها بدموية بشعة استباحت أي حق إنساني.
يتجه العراق خلال الشهر إلى مؤتمر إعادة الإعمار الذي تستضيفه دولة الكويت، ولذلك عدة دلالات، أولها أن البلد تعافى من ويلات الجحيم الإرهابي ويمكنه أن ينطلق في المسار التنموي ليستعيد سيرة العراق الآمن المطمئن بكل حضوره الاقتصادي والفكري والثقافي والحضاري والمجتمعي الذي قدّم نخبة عكست ما عليه الشعب العراقي من وعي ونموذج إنساني فاضل، وثانيها يتعلق بالدولة المستضيفة للمؤتمر، وهي دولة الكويت التي تثبت دوما أنها حمامة السلام في المنطقة، وقد قفزت على متاعبها من حكام العراق السابقين الذين ظلت تدعمهم وتقف بجانبهم وهم يطمعون فيها حتى أن أخيرهم تجرأ على محاولة احتلالها.
الكويت ظلت تقف إلى جانب الشعب العراقي في كل أوقاته السيئة، وها هي اليوم في ظل أجواء ديموقراطية واستقرار تعمل على تعزيز أمنه الوطني والاقتصادي وحفظ الاستقرار الذي تحقق أخيرا من خلال إعادة الإعمار الذي ينتقل بالتنمية إلى ما يجعل العراقيين يستعيدون حياتهم ويعملون على تنمية وتطوير وبناء بلادهم، وذلك لأن المعادلة بسيطة للغاية وهي أن أمن واستقرار العراق ينعكس إيجابا على البلدين وكامل المنطقة، ومن الأهمية أن يعود العراق بحضوره في المشهد العربي والإسلامي؛ لأنه إضافة حقيقية في وقت تستعر فيه الصراعات والتوترات.
مؤتمر إعادة إعمار العراق يبحث تأمين العمليات الإنسانية في المناطق المحررة من تنظيم داعش، كما يتضمن أبعادًا تنموية ينبغي أن تسهم في تأسيس عراق جديد حيوي في محيطه العربي والإسلامي، ويعمل شعبه الواعي على الاستمرار في دوره الإيجابي لكل المجتمع الدولي لأن جذوره الحضارية تمنحه طاقة هائلة في أن يسهم ذلك الإسهام الرفيع، ولعل الكويت بتنظيمها لهذا المؤتمر تؤكد أنها أكبر من أن تستسلم لمرارات الماضي وتتعامل من خلالها، فقد أثبتت أن الكبير يتسامى ولا يتوقف عند التاريخ.
4 مؤتمر المانحين ومعاناة العراقيين مؤيد رشيد
الوطن السعودية
دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة والإمارات والكويت، تحاول جاهدة التخفيف عن معاناة الملايين من العراقيين الذين دمرت مدنهم نتيجة أسباب كثيرة كانت محاربة داعش من بينها
دولة الكويت الشقيقة ستستضيف مؤتمرا عالميا للمانحين في منتصف فبراير الجاري يهدف إلى حشد الدعم لجهود إعادة الإعمار في العراق وبدعم خليجي وعربي ودولي، وحسب مصادر عراقية، يحتاج إلى مئة مليار دولار لإعادة إعمار المدن المدمرة.
المنح والمساعدات والودائع والقروض والتبرعات المادية والعينية هي كلها تمثل إشكالا ووسائل للتعاون الإنساني بين البشر، وهي أشبه أو أقرب ما تكون إلى المقايضة التي اخترعها الإنسان للتعايش وتبادل المنفعة مع أخيه الإنسان، ولكن المقايضة هنا ليست تبادلية بحتة، وإنما هي عملية مقايضة للسلع والخدمات في مقابل قيمة إنسانية.
ولكن الأصل هنا هو «وصول» تلك المساعدات بكل أشكالها ومسمياتها إلى مستحقيها كهدف أساسي وهو الغاية منها، ولذلك صارت هناك آليات وضوابط تنظيمية من قبل الجهات المانحة وبعض المنظمات الإنسانية حول العالم لأجل تحقيق هذا الهدف.
قناة «فوكس نيوز» تناولت الأمر وكما أوردته في تقرير لها الشهر الماضي حيث تخشى أن الكثير من المانحين قد يترددون في الاستثمار في العراق، وهي دولة غنية بالنفط، وتعد من بين الدول التي تعاني من الفساد، وفقا لبيانات منظمة الشفافية الدولية، حيث حذرت المنظمة من مخاطر ذلك على المجتمع.
وتتشارك معها تلك المخاوف وكالة «اسوشييتد برس الأميركية» في تقريرها الذي نشرته في 25 /1 /2018 حول مؤتمر المانحين، والذي أعربت فيه عن نفس المخاوف، وأن العراق مطالب بتقديم ضمانات للدول المانحة بعدم ذهاب الأموال إلى غير مستحقيها.
المؤتمر بحد ذاته هو مبادرة إيجابية، ولكنه سيكون بلا جدوى في ظل غياب الضمانات اللازمة لإنفاق تلك الأموال على الإعمار بشكل فعلي، وهو أمر من المؤكد سيثير تخوف الجهات المانحة، ولتلافي هذه الإشكالية، لابد من اعتماد آلية للإشراف المباشر من قبل الدول المانحة وعبر اعتماد شركات عربية وعالمية لتنفيذ مشاريع إعادة البناء، بهدف القضاء نهائيا على حلقات الوسطاء والعمولات منعا للفساد.
وتلاقي هذه المخاوف صدى كبيرا في الشارع العراقي، والذي يشكو من الفساد وغياب الخدمات، وتفشي البطالة مع غياب كامل للأمن.
الكثير من العراقيين يرون أن الأجدر بالذين لم يحرصوا على أموال العراقيين، أن يسهموا وبجدية في عملية إعادة الإعمار، بدلا من استجداء الآخرين ليطلبوا منهم إعمار ما خربوه بأيديهم، ويرون أن مبالغ مؤتمر المانحين ربما لن تحقق أهدافها في حال غياب الشفافية، ويأملون أن تعي المنظمات الدولية وكل المانحين ذلك للحيلولة دون تكراره.
الدكتورة سلام سميسم الخبيرة في الشأن الاقتصادي في حديث لوكالة «عين العراق نيوز»، رجحت حصول العراق على 10 مليارات دولار من مؤتمر المانحين المنتظر عقده في الكويت وحسب تقديرها، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية كافة احتياجات إعادة الإعمار في محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى، وأن من واجب الحكومة المساهمة بشكل فعال في إعادة الإعمار، وحذرت من أن وجود حلقات الفساد ونفوذها سيجعل التلاعب بهذه الأموال أمرا محتملا، وبالتالي لن تحقق النفع العام، وهذا أمر يثير المخاوف.
وقد ناشدت «اليونيسيف» السلطات في العراق والمجتمع الدولي، على أثر زيارة إلى الموصل قام بها نهاية العام الماضي المدير الإقليمي لليونيسيف جيرت كابيلير، داعية إلى إنهاء جميع أشكال العنف حتى يتمكن الأطفال وأسرهم من العيش في أمان وكرامة، ومواصلة تقديم المساعدة الإنسانية، بما في ذلك المساعدة في المخيمات والمستوطنات غير الرسمية، وتشجيع الاستثمارات طويلة الأجل في قطاع التعليم، والاهتمام بالأطفال بشكل خاص لأنهم يمثلون مستقبل العراق.
وقال بيان لصندوق إعمار المناطق المتضررة في العراق والذي يرأسه «الدكتور مصطفى الهيتي» وهو أكاديمي معروف ومشهود له بالكفاءة، إنه ناقش في اجتماع حضره كل من فريق عمل البنك الدولي، وممثلين من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الشيخ أحمد علي الصباح، والمدير الإقليمي عبدالله المصيبيح، الاستعدادات لعقد مؤتمر المانحين، والذي يشمل النواحي التنظيمية، وتحديد مقترحات التوقيتات والمحاور الرئيسية له، والمتحدثين وقائمة المدعوين وتوقعات مخرجات المؤتمر وآليات متابعة تلك المخرجات.
لا يخفى على أحد أنه وفي ظل هذه الظروف الصعبة والتي تعاني منها بلادنا العربية وبشكل متفاوت، ينظم مثل هذا المؤتمر، ليكون تعبيرا عن التضامن العربي مع الشعب العراقي، فدول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة والإمارات والكويت، تحاول جاهدة التخفيف عن معاناة الملايين من العراقيين الذين دمرت مدنهم نتيجة أسباب كثيرة كانت محاربة داعش من بينها.
سكان المخيمات وكل المشردين والمهجرين والمغلوبين على أمرهم من الضعفاء الذين باتوا لا حول لهم ولا قوة، والملايين من الأطفال، يتطلعون بعيون ملؤها الأمل والرجاء، ويناشدون الدول والجهات المانحة، وكل الدول والمنظمات الإنسانية، ألا يسمحوا لهذه الأموال والمنح والمساعدات والقروض بكل أشكالها، من الذهاب إلى غير مستحقيها لتضيع ولا تحقق أهدافها الإنسانية، وكما ذهب الكثير منها وضاع على مدى الخمسة عشر عاما الماضية، فما فائدة المساعدات مهما بلغت إن لم تؤد الغرض والنتيجة الإنسانية المرتجاة؟