اسيوشتدبرس:المانحون مكرهون على الاستثمار بالعراق ويخافون ان تذهب اموالهم للفاسدين

نشرت وكالة “اسوشييتد برس” الامريكية، اليوم الخميس، تقريرا تناولت فيه مؤتمر المانحين المزمع عقده قريبا في الكويت، فيما بينت ان العراق مطالب بتقديم ضمانات للدول المانحة بعدم ذهاب الاموال الى “الفاسدين”.

وتقول الوكالة في تقريرها إن “العراق يأمل الحصول على مليارات الدولارات خلال مؤتمر المانحين الذي سيعقد الشهر القادم لتمويل حملة إعادة الإعمار بعد حربه المكلفة ضد تنظيم داعش، ولكن الكثير يتخوفون من الفساد المتفشي في البلاد الذي من شأنه أن يقوض هذه المناشدة”.

وتضيف الوكالة في تقريرها، إن “دولة الكويت المجاورة ستستضيف مؤتمرا عالميا للمانحين في منتصف شباط يهدف الى تحشيد الدعم لجهود إعادة الإعمار في العراق، ودعم كل من الامم المتحدة والولايات المتحدة والسعودية هذه المبادرة، ولم يتم الاعلان بعد عن تفاصيلها”.

ونقلت “اسوشييتد برس”، عن مسؤولين عراقيين، تقديرهم بأن العراق سيكون بحاجة الى 100 مليار دولار لحملة إعادة الإعمار لما بعد الحرب ضد داعش، وكانت الموصل التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق، أكثر المناطق تضرراً جراء تلك الحرب، واستناداً لدراسة تمهيدية أجرتها الامم المتحدة فإن هناك ما يقارب 40000 بيت في الموصل بحاجة لإعادة بناء أو تأهيل.

ويقول ذنون قادر، أحد أهالي الموصل، بحسب الوكالة، انه يعمل لإزالة الانقاض والاحجار من أحد أحياء المدينة القديمة حيث كان يعيش هو وعائلته.

ولا يتوقع قادر “التمكن من اعادة بناء البنى التحتية للمدينة من دون مساعدة خارجية”، ولكنه يقر بأن الكثير “يتخوف من سوء إدارة الحكومة”.

وقال قادر “نحن لا نريدهم أن يسرقوا الاموال المخصصة لكل مشروع.. الطريقة الوحيدة لعمل ذلك هو أن تكون هناك لجنة نزيهة تباشر بإعادة الإعمار، حتى لا يكون هناك أي طرف او مجموعة تتمكن من استغلال الوضع”.

ويقول طه عبد الغني، عضو مجلس محافظة الانبار، وفقا لـ”اسوشييتد برس”، ان “الحكومة غير قادرة على إعادة إعمار اي شيء”، معبرًا عن أمله في ان “تتولى الدول المانحة هذه المهمة لسد الفراغ”.

ولكن كثيراً من المانحين قد يكونون مكرهين ورافضين للاستثمار في العراق الذي أدرج بحسب مؤشر منظمة الشفافية العالمية ضمن قائمة أكثر البلدان فسادا في العالم، وحذرت منظمة الشفافية مؤخرا من ان “مخاطر الفساد تتفاقم في العراق بسبب ضعف قدرة الحكومة على استيعاب سيل أموال المساعدات”.

ويستذكر الكثير مليارات الدولارات التي تدفقت إلى العراق بعد الغزو الاميركي عام 2003 والتي ضاع أغلبها في صالح الفساد.

كما ما يزال أهالي مدينة بغداد، التي بقيت بعيدا عن الخطوط الامامية في الحرب ضد داعش يعانون من الانقطاعات المعتادة للطاقة الكهربائية ويشكون تردي الخدمات العامة.

وبعد زيارة أخيرة له للموصل يقول غيرت كابيلير، المدير الاقليمي لمنظمة الطفولة في الامم المتحدة في العراق، إن “الحكومة العراقية لن تكون قادرة على مواكبة احتياجات ومتطلبات إعادة الاعمار الضخمة بمفردها”.

لكنه يضيف انه “يتوجب عليها ان تبرهن بأنها أهل لهذه المهمة وأن تقوم بالمساهمة ببعض التمويلات من نفقاتها الخاصة”.

وأضاف كابيلير، وفقا للوكالة، “سندعو المجتمع الدولي إلى ن يكون كريماً ولكن نأمل ان يؤدي هذا الكرم الى إحداث تغيير واضح وليس فقط رمي كثير من الاموال على العراق”.

وأشار مسؤول كبير في وزارة الاعمار والاسكان والبلديات الى ان “هذه المرة سيكون الوضع مختلفاً”.

وقال وكيل الوزارة جابر عبد خاجي: “أنا أتفق على أن الاموال في السابق كانت تبذر في مشاريع غير مهمة وغير ضرورية وبطرق بعيدة عن الشفافية، لكن الآن هناك متابعة حثيثة ومراقبة وحسن إدارة ستؤدي الى نتائج أفضل”.

الاولوية الأكثر إلحاحاً الآن هي في إعادة إعمار السكن والبنى التحتية ليتسنى لأكثر من 2 مليون شخص مهجر بسبب الحرب ان يعود لمسكنه.

ولكن عضو الامم المتحدة كابيلير، يقول ان “عملية التنمية المستدامة تحتاج الى استثمار أكبر لصالح مواطني البلد”.

ويؤكد كابيلير، وفقا لـ”اسويشتد برس”، قائلاً “جميل أن تكون هناك جسور وطرق أنيقة يتم بناؤها ولكن إذا لم يرافق ذلك استثمار في مجال التربية وتهيئة أفضل المدرسين ــ طالما ان العراق لم يضع في أولوياته الاستثمار في مجال التنمية الفكرية والقدرات البشرية ــ فإن هذا البلد سيذهب نحو المجهول”.