5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 بقايا الأقليات في العراق
فاروق يوسف العرب
في مرحلة ما قبل الاحتلال كانت الأقليات العراقية تعيش هانئة بنعمة المواطنة التي فقدتها حين تم توزيع العراقيين بين طوائفهم، وهو ما نص عليه الدستور الذي كتب برعاية أميركية.

تعرّضت الأقليات الدينية والعرقية في العراق إلى عمليات تهجير منظم عبر السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي. لقد تواطأت جميع الأطراف على تنفيذ ذلك البرنامج الذي لم يكن ليخفى على أنظار سلطة الاحتلال أو الحكومات العراقية المتعاقبة.

وإذا ما كان تنظيم داعش قد بطش بالإيزيديين بعد أن تخلي الجيش العراقي عن الموصل عام 2014، فإن عمليات تهجير المسيحيين من قراهم ومدنهم في سهل نينوى قد بدأت منذ عام 2004. قبل ظهور داعش بسنوات تعرّضت كنائس المسيحيين في بغداد والبصرة والموصل للتفجير، وكانت مواكب المصلّين القتلى مدعاة لتفكير المسيحيين في ما يمكن أن يبعد عنهم شبح الموت المجاني في حرب لم يكونوا طرفا فيها.

أما الصابئة المندائيون، وهم من سكان العراق الأصليين، فقد وقعوا أثناء الحرب الأهلية التي نشبت بين عامي 2006 و2007 فريسة طمع المتحاربين، فنهبت أسواق الذهب التي يملكونها وتعرضوا للتهديد بالقتل إن لم يغادروا بيوتهم، وهكذا حلت بهم لعنة النزوح والتشرد فغادروا العراق وهم يعرفون أنهم لن يعودوا إلى أرض أجدادهم مرة أخرى.

لقد وقع الكثير من التزييف حين أُلقيت تبعة تلك الجرائم العنصرية على عاتق التنظيمات الإرهابية التي فتح لها الأميركان حدود العراق لها، كما حدث مع تنظيم القاعدة في حين أن الوقائع كلها تؤكد أن جماعات دينية ذات نزعة طائفية قد افتتحت لها مقرات وحسينيات في قرى لم تكن مأهولة إلا من قبل المسيحيين. وقد كان مشهدا مضحكا أن يشارك المسيحيون في المواكب الحسينية بموكب خاص بهم، كان ذلك السلوك العبثي بمثابة نوع من براءة الذمة دفعا للقتل.

ما حدث للإيزيديين صدم العالم، وإن كان قد كشف عن ارتباك المجتمع الدولي وهو يغلب عجزه عن القيام بشيء قد يغضب الأميركان على قيمهم الإنسانية التي وضعت على الرف زمن كان المسيحيون والصائبة والشبك والتركمان يتعرضون للاضطهاد والترويع والقتل لأسباب عنصرية.

وصلت صرخة الإيزيديين بعد أن تم سبي نسائهم وعرضهن في أسواق النخاسة الدولية وهو عار كان من الممكن أن يُلحق بصور العار السابقة وتتم التغطية عليه لولا أن الولايات المتحدة كانت راغبة في تسليط الضوء على جانب من الإسلام السياسي بحثا عن مكاسب اقتصادية.

لقد تم تدمير الأقليات في العراق إلى الدرجة التي صار فيها سنة العراق وأكراده عبارة عن أقليتين مستضعفتين. جرى تدمير الأولى، فيما يتم التخطيط لتدمير الثانية في سياق خطة إيرانية لا أعتقد أن شيعة العراق سيخرجون منها سالمين. فمن اليسير أن يتحوّل أتباع مقتدى الصدر إلى أقلية في أي وقت فيتم سحقهم وهكذا الأمر بالنسبة للآخرين.

لذلك يمكن النظر إلى العرض الذي تقدّمت به الولايات المتحدة وألمانيا من أجل إنفاق بضعة ملايين لتحسين أحوال الأقليات في العراق من جهة كونها نوعا من الفكاهة السوداء.

ما تبقى من أقليات أثنية ودينية في العراق تصلح لأن يتم تخليدها في متحف مدام توسو. لقد تم تدمير فسيفساء العراق بطريقة منظمة عبر سنوات، كانت منظمات الأمم المتحدة تنقل فيها الآلاف من العائلات العراقية إلى بلدان اللجوء مدفوعة بقدر هائل من الشفقة.

من جهتها فإن الولايات المتحدة استقبلت الهاربين من العراق لأسباب دينية بقدر استعراضي من الحنان، بالرغم من أنه كان بإمكانها أن تمنع وقوع المجازر التي تعرضت لها الأقليات العراقية.

فالمناطق التي شهدت تلك المجازر كانت خاضعة بشكل كامل لسلطة الاحتلال. في ما يتعلق اليوم بالحديث عن الأقليات في العراق، فإنه ليس سوى جزء من نفاق سياسي، يُراد من خلاله توجيه الأنظار إلى أماكن لم تعد ذات قيمة في المسألة العراقية من أجل أن لا تُرى المشكلات الراهنة.

الأقليات العراقية صارت جزءا من الماضي الذي جرى تدميره بقوة الاحتلال. ففي مرحلة ما قبل الاحتلال كانت تلك الأقليات تعيش هانئة بنعمة المواطنة التي فقدتها حين تم توزيع العراقيين بين طوائفهم وهو ما نص عليه الدستور الذي كُتب برعاية أميركية.
2 دواعش يتظاهرون في شوارع طهران!

د. محـمـــــد مـبــــارك
اخبار الخليج السعودية

اتهم الحرس الثوري الإيراني حزب «البعث» العراقي وعائلة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بالوقوف خلف موجة الاحتجاجات التي عصفت بالنظام الإيراني واجتاحت مدنه خلال الأسبوعين الماضيين. وكان النظام الإيراني قد اتهم قبل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وقال إنهما قد فشلتا في إسقاط النظام الإيراني من خلال هذه الاحتجاجات، كما اتهم النظام الإيراني أيضًا المملكة العربية السعودية بالضلوع في هذه الاحتجاجات. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل جاء النظام الإيراني أيضًا على ذكر تنظيم «داعش»، واعتبر أن عناصر «داعش» متورطون أيضًا! فقط من يستطيع أن يتخيل عناصر تنظيم «داعش» الهاوية للقتل وقطع الرؤوس وسفك الدماء وهم يتظاهرون في شوارع طهران؟! إنها قمة الإسفاف والاستهزاء من قبل النظام الإيراني بالشعب الإيراني.

كل هذه الاتهامات التي وزعها النظام الإيراني على مختلف الأطراف، تدل على أنه يعيش أزمة فعلية، وأن الرعب يتملكه. وتؤكد هذه الاتهامات أيضًا أن الشعب الإيراني قد نفد صبره تجاه هذا النظام، وأن الشعب يقود بنفسه حركة الاحتجاجات ضد الملالي، ولذلك فإنه لا وجود لمتهم محدد عند النظام الإيراني، ويحاول كل يوم أن يجد عدوًا وهميًا، أو أن يخيف الإيرانيين بإقحام أطراف خارجية في حراكهم الشعبي.

وفي أثناء هذا التورط الإيراني في الداخل، وما قد ينجم عنه من تطورات، تحشد الدول الأوروبية المستنفعة من العقود الاقتصادية والتبادل التجاري مع النظام الإيراني جهودها في محاولة لثني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته المحتملة -خلال اليومين القادمين- رفض الاتفاق النووي والخروج منه، ما لم يتمكن الكونجرس الأمريكي من الوصول إلى صيغة تضمن توسيع نطاق الاتفاق ليتضمن الرقابة على السلوك الإيراني، بما في ذلك تمويل ودعم الإرهاب، وبرنامج الصواريخ الباليستية.
3 انتخابات العراق
د. شملان يوسف العيسى
الشرق الاوسط السعودية
الانتخابات التي ستجرى في العراق خلال شهر مايو (أيار) المقبل أثارت جدلاً وخلافات بين السياسيين في العراق قبل أن تبدأ.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يصر على أن تجرى الانتخابات في موعدها يوم 12 مايو المقبل، وقد تقدم بطلب إلى المحكمة الاتحادية لإصدار فتوى دستورية حول تأجيل الانتخابات.
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري يسعى إلى تأجيل الانتخابات حتى نهاية العام الحالي، ويدعمه في ذلك معظم القوى السنّية والكردية وبعض القوى الشيعية. والسنّة يوضحون أن طلبهم التأجيل يعود إلى حقيقة وجود مليونين من سكان المناطق المحررة من تنظيم داعش ما زالوا يعانون من التهجير، وأن إجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف سيصب في مصلحة قوى محددة.
تجدر الإشارة إلى أن القوى السياسية في العراق أحبطت إقرار قانون الانتخابات الذي تم تداول ثلاث نسخ منه خلال الأشهر الأخيرة في البرلمان العراقي؛ إحداها من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، والثانية من مجلس الوزراء، والثالثة قدمها أعضاء في البرلمان.
نقطة الخلاف الأخرى في الانتخابات العراقية تتمحور حول قرار مجلس الوزراء العراقي بمنع الأحزاب السياسية من خوض الانتخابات في حال كانت لها أجنحة مسلحة.
وتأتي هذه الخطوة لمنع هادي العامري عضو مجلس النواب وقائد «فيلق بدر» من خوض الانتخابات. كما يوجد سياسيون يقودون فصائل مسلحة سيتم منعهم من المشاركة؛ منهم قيس الخزعلي رئيس «عصائب أهل الحق»، وأبو مهدي المهندس عضو البرلمان وحزب الدعوة وهو يعد من تيارات «الحشد الشعبي»، وأوس الخفاجي الأمين العام لـ«قوات أبي الفضل العباس».
الولايات المتحدة الأميركية تؤيد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وتؤكد أنها ستدعم العراق لوجيستياً ومادياً للمساعدة على إقامة الانتخابات بشكل نزيه وحر.
السؤال: هل يمكن أن تحقق الانتخابات العراقية الأمن والاستقرار في هذا البلد المنكوب؟ القوى السياسية الفعالة في العراق لا تزال ترفض تحقيق الوحدة الوطنية والاتفاق على أجندة سياسية محددة لإنقاذ العراق. يبدو أن حزب الدعوة الذي يدير العراق اليوم، وهو متحالف مع الأحزاب والميليشيات الشيعية، يرفض فتح المجال لأي حركات أو منافسة حرة من قوى وأقليات عراقية غير شيعية مثل السنّة والمسيحيين والآشوريين والأكراد وغيرهم؛ فالقوى السياسية الشيعية ترفض قبول حكومة أو برلمان لا تتحكم به القوى الشيعية.
الديمقراطية العراقية الوليدة تم تشويهها بوجود قوى وأحزاب غير ديمقراطية أصلاً… هل يعقل أن يكون في العراق اليوم أكثر من 200 حزب سياسي، وكلها غطاء لأحزاب وميليشيات عسكرية تخوض الانتخابات برفع شعارات وفتاوى دينية لخداع الجماهير العراقية أو شراء أصواتهم وتخريب ذمم الناس البسطاء؟
مشكلة العراق اليوم ليست بالدعوة للانتخابات في وقتها كما تريد الحكومة أو تأجيل الانتخابات كما يريد السنّة والأكراد. تكمن مشكلة العراق في غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما عدا في إقليم كردستان الذي يتمتع باستقلال ذاتي منذ عام 2003، والذي حقق إنجازات ممتازة في المجالين السياسي والاقتصادي قبل أن يدب الخلاف بين التيارات الكردية ودعوة بعض القوى للاستفتاء حول الاستقلال عن العراق.
لا يمكن للعراق وديمقراطيته أن يحقق النجاح والاستقرار الاقتصادي من دون القضاء على الفساد في الجهاز الحكومي، فالعراق بلد غني بثرواته النفطية والبشرية والزراعية، لكنه فقير رغم وجود قوى وأفراد عراقيين يؤمنون بوحدة وطنهم وشعبهم ولا يفرقون بين شريحة وأخرى بسبب الدين أو المذهب أو القومية أو المناطقية. كل حملات مكافحة الفساد في العراق فشلت بسبب مشاركة أعضاء في الحكومة والبرلمان والأحزاب فيها.
سيعقد في الكويت الشهر المقبل مؤتمر دولي لإعادة إعمار العراق برعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.
السؤال: كيف يمكن جمع الأموال لإعادة إعمار العراق في دولة لم يتفق قادتها على وقف الفساد في بلدهم ولم يهتموا طوال الـ14 عاماً الماضية بتنمية بلدهم وبالخدمات الكهربائية والمياه والتعليم والصحة والطرق… وغيرها؟
هنالك توجه دولي نحو أن تتم إعادة إعمار العراق عن طريق الأمم المتحدة، بحيث تتولى صناديق إعمار دولية مسؤولية إعادة الإعمار، لأنه لا أحد يثق بالقيادات العراقية الموجودة.
نتمنى للعراق الأمن والاستقرار في ظل حكومة وطنية تراعي مصالح شرائح المجتمع العراقي كله.
4 أبعاد انسحاب «شل» من حقل مجنون
وليد خدوري

الحياة السعودية

يشكل انسحاب شركة «رويال دتش شل» من عقد تطوير حقل «مجنون» النفطي في محافظة البصرة، حدثاً ذا أبعاد جيواستراتيجية وصناعية مهمة. إذ يشكل التخلي عن تطوير هذا الحقل العملاق انعطافاً تاريخياً مهماً في دور النفط لاحتلال العراق عام 2003. فقد كشف تحقيق «تشيلكوت» أن شركات النفط البريطانية الكبرى طلبت مراراً من حكومتها أن تؤمن لها، بعد احتلال العراق، حصة مهمة في تطوير الحقول العراقية، إضافة الى إنهاء نظام تأميم النفط. كما كشف التحقيق الذي طلبت الحكومة البريطانية إجراءه للولوج في الأسباب التي شاركت فيها بريطانيا في الاحتلال عام 2003، أن المصالح النفطية الاستراتيجية بين بريطانيا والولايات المتحدة كانت مختلفة في الحرب. فقد تسلم البنتاغون ملف النفط قبل الحرب وبعدها. وكانت طموحاته إطلاق عنان النفط العراقي في الأسواق العالمية، للحد من الدور المركزي السعودي على الساحة النفطية العالمية. ووفق شهادات المسؤولين البريطانيين، تخوفت الشركات البريطانية من فقدان حصتها في الغنيمة العراقية، بخاصة لأن مجموعة البنتاغون حاولت استقطاب الشركات الروسية للعمل في العراق بعد الحرب، كوسيلة لكسب تأييد روسيا أو تعاطفها مع الموقف الأميركي. واستمر البنتاغون في إدارة الملف النفطي بعد الحرب، ما دعا الشركات البريطانية للاستمرار في الطلب من حكومتها الاستمرار في الضغط للحفاظ على مصالح هذه الشركات. وبالفعل، حصلت «شل» على كبرى الاستثمارات النفطية في العراق، من خلال المشاركة في تطوير حقلين عملاقين، «مجنون» وغرب القرنة»، إضافة الى العقد الضخم لتجميع الغاز المصاحب في حقول البصرة وتكريره لمنع حرقه، والمشاركة من خلال هذا المشروع في شركة «غاز البصرة».

فازت «شل» وشريكتها الماليزية «بتروناس» بالعقد لتطوير «مجنون»، في منافسة حادة مع كبرى الشركات العالمية. إذ تقدّر احتياطات «مجنون» بـ12.6 بليون برميل، ما يضع الحقل في مصاف الحقول الضخمة العشرة الأكبر عالمياً

واستلمت «شل» الحقل في 2010 وكان إنتاجه حينذاك 50 ألف برميل يومياً. وتعهدت وفقاً للاتفاق بأن تطوره خلال سبع سنوات لينتج أكثر من مليون برميل يومياً. وهي ستتركه في الربع الأول من العام الحالي بطاقة إنتاجية تبلغ 235 ألف برميل يومياً.

لم يصدر بيان رسمي عن «شل» حتى الآن حول سبب انسحابها. وأعلنت وزارة النفط موافقتها الرسمية على الانسحاب. لكن تعددت وجهات النظر حول خطوة «شل»: هل هي بسبب ضخامة التزاماتها الاستثمارية الدولية التي عليها خفضها في ضوء انحسار أسعار النفط؟ هذا السبب لا يبدو مقنعاً، بخاصة مع تقدمها للاستتثمار في الحقل الايراني «ازاديغان» الضخم والذي لا يبعد كثيراً من الحدود الايرانية- العراقية. أم أن السبب هو إفراطها في الاستثمار في العراق والأخطار الناجمة عن ذلك، مثل تطوير حقل «غرب القرنة» العملاق واستثمار الغاز المصاحب في حقول البصرة؟ أم أنها أرادت تغيير بعض بنود الاتفاق الذي وقعته في مرحلة أسعار النفط المرتفعة. وهل وجدت بغداد مصرة على عدم تغييره نظراً للآثار المترتبة على الاتفاقات مع بقية الشركات»

نظراً الى ضخامة الطاقة الإنتاجية للحقل، عاد بعض الشركات التي كانت أبدت اهتماماً بالتطوير سابقاً، فور إعلان «شل»، وكررت اهتمامها بالحقل. فوقعت «توتال» و «شفرون» و «البترول الوطنية الصينية»، مذكرة تفاهم في بغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لتطوير «مجنون» معاً.

شكل إعلان الانسحاب صدمة في القطاع النفطي العراق. والسؤال لا يزال مطروحاً حول الأسباب. وأتى القرار في وقت صعب للعراق سياسياً واقتصادياً. فالبلد يمر في مرحلة مخاض سياسي مهم، بعد تحرير الموصل والأنبار من عصابات «داعش». كما هناك انتخابات نيابية مقبلة هذه السنة والمتوقع تشكيل تحالفات جديدة. والأصعب بالنسبة الى وضع «مجنون» هو الوهن الاقتصادي للدولة بسبب تفشي الفساد بمستويات قياسية في التاريخ الحديث للبلد، ما خلق عجزاً كبيراً في الموازنة العامة وفقداناً للثقة بنزاهة مؤسسات الدولة. والأمر الصعب أيضاً هو الأخذ بخيار الاعتماد على الكادر الوطني لتطوير الحقل خلال نصف القرن الماضي. لكن هاجرت مجموعات كبيرة من الخبراء لأسباب أمنية أو معيشية.

اجتمعت «هيئة الرأي» في وزارة النفط في 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، واتخذت مجموعة من القرارات بخصوص تطوير «مجنون»، أهمها وفق الخبير النفطي العراقي أحمد موسى جياد، «تشكيل إدارة وطنية تنفيذية لتطوير الحقل، وتحديد الفترة الانتقالية لاستلامه من «شل» في نهاية آذار (مارس) 2018 مع وجود بعض العاملين من «شل» لغاية نهاية حزيران (يونيو) لاستكمال بعض الالتزامات والإجراءات المطلوبة والضرورية، وتحديد الطاقة الإنتاجية للحقل بأكثر من 400 ألف برميل يومياً خلال السنوات المقبلة. وإن من أولويات هذه الإدارة خفض كلفة الإنتاج أكثر من 30 في المئة، وهو المعيار الأساس لضمان كفاءة الإنفاق والإنتاج، إضافة الى تنظيم عملية تعويض العمال الأجانب المغادرين بآخرين محليين».

واضح أن هذه القرارات استبعدت الاعتماد على الشركات الدولية. لذا، ستشكل نقلة مهمة في الصناعة النفطية العراقية. فمنذ السياسة التي اعتمدت بدءاً من 2003، حين استبعدت الشركات الوطنية، يعود المجال مفتوحاً لعودتها ولو في شكل محدود. وبما أن الكادر عراقي، فتكاليف التطوير ستنخفض كثيراً. لكنّ هناك ثمناً لهذا. وكما دلت قرارات الوزارة، تم الكلام عن طاقة إنتاجية لنحو 400 ألف برميل يومياً، بدلاً من مليون، والاستمرار في إنتاج 400 ألف برميل من دون تحديد المدة الزمنية. فمدة التطوير ستطول. ويتوقع أن تعتمد مجموعة الخبراء، كما الشركات الدولية، على شركات الخدمة الهندسية. ونظراً الى ضخامة احتياط الحقل، وطاقته الإنتاجية المحتملة، فهذا سيوفر مرونة للعراق في الاستمرار لزيادة طاقته الانتاجية التي تراوح الآن ما بين 4.50 و5 ملايين برميل يومياً (الثانية في «أوبك»).

5
قراءة في المشهد السياسي قبيل الانتخابات العراقية
احمد صبري
الوطن العمانية

”.. بحسب مصادر متطابقة مقربة من الحراك السياسي داخل التحالف الشيعي فإن الحراك يتجه لخوض الانتخابات بنحو تسع قوائم تمثل الطيف الشيعي، أبرزها التيار الصدري ومنظمة بدر والفضيلة والمجلس الأعلى وتيار الحكمة ودولة القانون ومجاميع أخرى، فيما يتريث رئيس الوزراء حيدر العبادي في الكشف عن كتلته التي سيخوض بها الانتخابات ربما بانتظار ما سيؤول إليه مصير الانتخابات.”

موعد إجراء الانتخابات وملف النازحين باتا الشغل الشاغل للطبقة السياسية والقوى الراغبة في المشاركة بالانتخابات المقررة في الثاني عشر من أيار- مايو المقبل.
ومرد هذا الانشغال يعود لخشية القائمين على الحكم في العراق من إرجاء الانتخابات إلى موعد آخر، وهو خيار قد يتسبب في دخول العراق بالفراغ السياسي، وربما لتدويل القضية العراقية حسب ما يصرح به بعض رموز الطبقة السياسية، فيما يقف ملف النازحين حائلا هو الآخر دون إجراء الانتخابات في موعدها لاستحالة عودتهم إلى ديارهم المدمرة وسط عجز حكومي على تأمين عودتهم بإعادة إعمارها خلال الشهور المتبقية أمام الاستحقاق الانتخابي، فضلا عن عجز الحكومة على تأمين الكلفة المالية لإجراء الانتخابات التي قدرت بنحو 294 مليار دينار عراقي.
وعلى الرغم من أن موعد الانتخابات أصبح مثار خلاف بين المؤيدين والمعارضين لإجرائها في موعدها فإن الفرقاء السياسيين استعدوا لخوضها مبكرا، في مشهد لا يشبه المشهد الذي كان قائما في انتخابات عام 2014 من حيث الأولويات والتحالفات السياسية الجديدة، وتشظي الائتلافات التي كانت عنوان الانتخابات الماضية.
ولعل مصادقة مفوضية الانتخابات على نحو 216 حزبا وكيانا سياسيا للمشاركة في الانتخابات المقبلة مؤشر على المشهد السياسي الجديد الذي ستظهر ملامحة قبل وبعد الانتخابات.
فالتحالف الوطني الذي ضم معظم القوى الشيعية، ويهيمن على القرار السياسي منذ سنوات أصبح من الماضي بعد تشظيه وتفككه وربما قد يعيد إنتاج نفسه من جديد بقوائم منفصلة منفتحة هذه المرة على قوى سنية وكردية.
وبحسب مصادر متطابقة مقربة من الحراك السياسي داخل التحالف الشيعي فإن الحراك يتجه لخوض الانتخابات بنحو تسع قوائم تمثل الطيف الشيعي، أبرزها التيار الصدري ومنظمة بدر والفضيلة والمجلس الأعلى وتيار الحكمة ودولة القانون ومجاميع أخرى، فيما يتريث رئيس الوزراء حيدر العبادي في الكشف عن كتلته التي سيخوض بها الانتخابات ربما بانتظار ما سيؤول إليه مصير الانتخابات.
وطبقا لذات المصادر فإن حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي والمالكي سيخوض الانتخابات بقائمتين منفصلتين ربما ستندمجان بعدها، غير أن العبادي يميل إلى تشكيل قائمة وطنية يستقطب بها قوى سنية وكردية، في محاولة لتجميع أبرز القوى السياسية في قائمة وطنية عابرة للطائفية والعرقية وأيضا لإبعاد منافسه المالكي من المشهد السياسي والتأثير في تشكيله من جديد.
ويبدو أن قوى التحالف الوطني غير متحمسة للانضواء ضمن مظلّة واحدة، وبدلا من ذلك تتحدث عن معسكرين سيضم كل منهما قوى سنية وشيعية وكردية.
وفيما ينتظر حزب الدعوة قانون الانتخابات لحسم موقفه من طريقة خوض الانتخابات، فإن تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم يميل لجناح العبادي والصدر.
وبينما تصر القوى الشيعية على إجراء الانتخابات في موعدها، ترفض القوى السنية ذلك مشترطة إعادة النازحين وإعمار المناطق المحررة قبل ذلك، فيما يلف الغموض الموقف الكردي إزاء إجراء الانتخابات.
وطبقا للراشح فإن أطرافا تسعى لتحقيق الأغلبية الوطنية، التي ترى فيها الحل لتشكيل حكومة وطنية تمثل فيها كل المكونات والأقليات، تقابلها جهات مقربة من المالكي تدفع باتجاه الأغلبية السياسية، من طيف واحد وقد تهدّد بإقصاء المكونات الأخرى.
واستنادا لمواقف القوى السياسية وتوجهاتها فإن تقاربا كبيرا يحصل بين التيار الصدري وجناح العبادي وتيار الحكمة بقيادة الحكيم لتشكيل تكتل يضم معه قوائم وأطرافا من كل المكونات، في محاولة لقطع الطريق على المالكي للعودة إلى رئاسة الحكومة مجددا، في حين يحاول رئيس منظمة بدر هادي العامري إلى جمع تشكيلات الحشد الشعبي في قائمة موحدة لخوض الانتخابات.
وتوقعت مصادر قريبة من الحراك الانتخابي أن تشهد مرحلة ما بعد الانتخابات تشكيل معسكرين كل منهما يضم كتلا شيعية وسنية وكردية وتتنافس فيما بينها للحصول على رئاسة مجلس الوزراء، في حين تشير التوقعات إلى التحاق القوى السنية بالمعسكر الذي سيقوده العبادي في محاولة لترجيح كفته في مواجهة خصمه المالكي وتغول الحشد الشعبي في المشهد السياسي.