ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 الاستفتاء لم يقض على المشروع الكردي
خيرالله خيرالله العرب
في ظل الدولة الدينية، التي تعكس الهيمنة الإيرانية على العراق، لا يمكن لأي أقلية أن تستكين، اللهم إلا إذا كان على هذه الأقلية القبول بالعيش على هامش الحياة السياسية والاقتصادية للبلد.
سيمكث يوم الخامس والعشرين من أيلول – سبتمبر 2017 في الذاكرة الكردية طويلا. كان ذلك اليوم الذي أصرّ فيه مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان في حينه، على إجراء استفتاء على الاستقلال في المناطق الكردية العراقية، بما في ذلك كركوك المتنازع عليها.
امتلك البارزاني ما يكفي من الجرأة لتقديم استقالته بعد أيّام من الاستفتاء، على الرغم من أنّ الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الإقليم أيدوا الاستقلال.
هل ارتكب مسعود البارزاني غلطة العمر، أم وضع اللبنة الأولى للاستقلال الكردي الذي يبقى أنّ لا بديل منه في ظلّ العجز الواضح عن قيام دولة مدنية في العراق وبناء مؤسسات حقيقية لمثل هذه الدولة؟
اضطر مسعود البارزاني إلى الاستقالة لأسباب عدّة في مقدّمها اكتشافه أولا أن لا مجال للاتكال على الموقف الأميركي.
الحقيقة أن الأميركيين دعموا أكراد العراق إلى أبعد حدود، لكنّهم طالبوا مسعود البارزاني عشية الاستفتاء بالتراجع عن إجرائه.
لم يكذب الأميركيون على القيادة الكردية، لكنّ الواضح أن هناك إشارات متناقضة، صدرت عن واشنطن وبلغت أربيل في مرحلة ما قبل الاستفتاء. لم يحسن رئيس إقليم كردستان التفريق بين من كان يمتلك القرار الأميركي في تلك الأيام، وبين من لا يمتلكه.
يأتي بعد ذلك الحصار الخانق الذي تعرّض له إقليم كردستان مباشرة بعد الاستفتاء. الأكيد أن البارزاني تفاجأ بمدى التنسيق التركي-الإيراني، وهو تنسيق جعل الحكومة المركزية في بغداد تتعاطى مع الأكراد من موقع قوّة.
الأهمّ من ذلك كلّه أن الأكراد فوجئوا بعملية طردهم من كركوك بواسطة قوات مدعومة إيرانيا قادها قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”.
قام مسعود البارزاني بحسابات خاطئة. أقلّ ما يمكن قوله إنّ الاستفتاء جعل القضيّة الكردية، وهي قضية محقة، تتراجع سنوات طويلة. من بين الحسابات الخاطئة التي قام بها استخفافه بالجانب الكردي الآخر المتمثل في قادة حزب جلال الطالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني).
غادر الطالباني، الذي شغل موقع رئيس الجمهورية العراقية إلى حين إصابته بجلطة في الرأس، هذه الدنيا بعد تسعة أيام من فشل تجربة الاستفتاء. كان ذلك في الرابع من تشرين الأوّل – أكتوبر، لكن رحيل الطالباني لم يثن أنصاره عن الذهاب بعيدا في معارضة كلّ ما يقوم به مسعود البارزاني لأسباب خاصة بهم…
كان الاستفتاء وفشله من أهمّ الأحداث التي شهدها العام 2017، لا لشيء سوى لأنه كشف أمورا كثيرة. في مقدّم ما كشفه عمق التنسيق التركي- الإيراني، إضافة إلى مدى النفوذ الإيراني في بغداد.
ليس في استطاعة الأكراد اللعب على أيّ تناقضات إقليمية أو دولية هذه الأيّام أو الاستفادة منها. أكثر من ذلك، هناك انقسامات داخلية كردية عميقة عبّر عنها مسعود البارزاني نفسه عندما تحدّث عن “خيانات” في كركوك مكّنت الإيرانيين من طرد قوات البيشمركة من المدينة المتنازع عليها.
لا يزال السؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا كان كلّ هذا الإصرار لدى مسعود البارزاني على أن يشمل الاستفتاء مدينة مثل كركوك ليس ما يضمن كرديتها في المدى الطويل، خصوصا أن قسما لا بأس به من سكانها من التركمان؟
في كلّ الأحوال، زادت المشاكل الكردية وتعقدت أكثر بعد الاستفتاء. تبيّن لأكراد العراق أنهم غير موحدين أولا، وأن هناك رغبة إقليمية قويّة في عزلهم سياسيا وفرض حصار اقتصادي عليهم. تبيّن خصوصا أن الجغرافيا مازالت تلعب دورها ضدّهم وضدّ تحقيق حلمهم.
أكثر من ذلك، تبيّن أن الدعم الإسرائيلي لهم يبقى دعما محدودا لا تأثير يذكر له، وأن الأميركيين غير مستعدين لإغضاب أنقرة وطهران وبغداد من أجلهم.
هل بات في الإمكان، بعد فشل الاستفتاء، الحديث عن دفن مشروع الدولة الكردية المستقلة في العراق، وهي دولة يمكن أن تكون جاذبة لأكراد تركيا وإيران وسوريا؟
كان ملفتا أن أكراد إيران لم يترددوا في الاحتفال بنتيجة الاستفتاء الذي جرى في كردستان العراق وذلك على الرغم من كل القمع الذي يتعرضون له. لم يخفوا فرحتهم بأن تقوم يوما دولة كردية مستقلّة في العراق تشكل نواة لما هو أكبر من ذلك في المنطقة.
ما يدفع إلى التكهن بأن الحلم الكردي مازال حيّا يرزق هو الوضع العراقي. هناك على أرض العراق انتصار للدولة الدينية على الدولة المدنية.
في ظل الدولة الدينية، التي تعكس الهيمنة الإيرانية على العراق، لا يمكن لأي أقلية أن تستكين، اللهم إلا إذا كان على هذه الأقلية القبول بالعيش على هامش الحياة السياسية والاقتصادية للبلد.
من يتمعّن في ما يجري في العراق حاليا، خصوصا في ظلّ إدارة أميركية لم تثبت أنها مختلفة عن تلك التي سبقتها، يجد أمامه بلدا يتحوّل سريعا نحو العيش في ظلّ “الحشد الشعبي”.
هناك استعادة لتجربة “الحرس الثوري” الإيرانية في العراق مع فارق واحد. يعود هذا الفارق إلى أن “الحشد الشعبي” ليس سوى مجموعة ألوية تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني. قرّر “الحرس الثوري” مثلا إرسال قائد أحد تلك الألوية (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي لتفقّد جنوب لبنان، فكان أن زار الخزعلي الجنوب وتحدث عن “إقامة دولة صاحب الزمان” متحديا مشاعر اللبنانيين، بما في ذلك أهل الجنوب الذين ينعمون بفترة طويلة من الهدوء بفضل وجود القوات الدولية التي تطبّق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في صيف العام 2006.
يتجه العراق نحو قيام دولة دينية فيه. لم تتبلور حتى الآن أي مقاومة في العمق داخل المجتمع الشيعي العراقي لهذا التوجّه، وذلك على الرغم من التحركات التي يقوم بها مقتدى الصدر أو عمّار الحكيم بين حين وآخر.
في العام 2017، تراجع المشروع الكردي لكنه لم يمت. لن يموت هذا المشروع ما دام لا وجود لمشروع يستهدف إقامة دولة مدنية في العراق. اتُفق على قيام مثل هذه الدولة بين الأحزاب العراقية، خصوصا بين الأحزاب الشيعية والأكراد، في مرحلة الإعداد للاجتياح الأميركي الذي قضى على نظام صدّام حسين في العام 2003. وجد الأكراد نفسهم بعد فترة قصيرة من سقوط صدّام خارج المعادلة العراقية الجديدة التي دخلوها ضمن مشروط معيّنة.
المسألة مسألة وقت فقط تُبعث بعدها الحياة مجددا في المشروع الكردي، لا لشيء سوى لأنّ مشروع الدولة الدينية في العراق ليس مشروعا قابلا للحياة، وأن مشروع الدولة المدنية يبدو أكثر فأكثر مشروعا مستحيلا في ظلّ “الحشد الشعبي”.
يمهّد مشروع الدولة الدينية الذي يبنى في العراق على النسق الإيراني لحروب جديدة على أرض العراق ولظهور “داعش” أو ما شابهه مجددا.
لن يقضي على المشروع الكردي سوى نجاح المشروع الذي خططت له الإدارة الأميركية قبل اجتياح العراق. ظهر مع الوقت أن هذا المشروع لم يمتلك أي مقومات، باستثناء أنه أمّنَ انتصارا إيرانيا على العراق. أي مصلحة في نهاية المطاف للأكراد في العيش في ظلّ الهيمنة الإيرانية؟
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 حزب الدعوة العراقي.. النسخة الشيعية لجماعة الإخوان المسلمين (11 – 13)
محمد المرباطي
الايام البحرينية
حزب الدعوة والأكراد:
كانت العلاقة بين الأكراد وحزب الدعوة علاقة قوية، وذلك بهدف اسقاط النظام العراقي، فيما اختلفت الامور بعد اسقاط النظام، وسعي الأكراد إلى استقلال تام عن الحكومة المركزية ببغداد، وهو ما كان يرفضه حزب الدعوة.
إن المصالح كانت أساس العلاقة بين حزب الدعوة والأكراد، فيما يتعلق بطريقة تفكيرهما وتعاملهما مع مفهوم السيادة للدولة العراقية، لذا يعتبر موقف الأحزاب الكردية رافضًا للولاية الثالثة لنوري المالكي، وأصبح واضحًا ئتائج الصراع بين الأمين العام لحزب الدعوة والأكراد، والتي أدت إلى إبعاد المالكي عن تولي رئاسة الحكومة العراقية.
حزب الدعوة وإيران:
يؤكد حزب الدعوة أنه جزء من الحركة الإسلامية، منفتح على الإسلاميين وبما أن الثورة الإيرانية أقامت الدولة الإسلامية فالعلاقات جيدة، سيما أن المنحى الفكري للحركتين كانت سواء، ونظرية حكومة المرجع التي طرحها السيد الصدر تعد مترادفة لنظرية ولاية الفقيه للإمام الخميني.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في 11 فبراير 1979، خرجت مظاهرات في النجف تأييدا وابتهاجا بها، ورفعوا صورة الخميني والصدر، وأصدر حزب الدعوة بيانًا في فبراير 1979 تأييدًا لانتفاضة الشعب الإيراني، أعلن أن حزب الدعوة يساند هذه المعركة الإسلامية بكل ما يملك، وتأكيدًا على تبعية حزب الدعوة ذهب محمد مهدي آصفي إلى باريس ممثلا لحزب الدعوة ليعلن تأييد حزب الدعوة له، ورد الخميني عبر بيان بمناسبة استشهاد الصدر وأخته بنت الهدى دعا الشعب العراقي لأن يثور ضد النظام، كذلك التقت مجموعة من حزب الدعوة الخميني في بيته في 7 مارس 1979، وحضر هذا اللقاء كل من مهدي آصفي والسيد حسن الشبر والشيخ حسن فرج الله والشيخ مجيد الصيمري والسيد هاشم الموسوي وعبد الزهرة عثمان والدكتور إبراهيم الجعفري، خلالها أكد الخميني ضرورة طرح الشعارات والمبادئ الإسلامية.
لم يكن حزب الدعوة مستقلا في قراراته، بعد ان تحول الى اداة للاستخبارات الإيرانية ضد النظام العراقي عندما أنشأت إيران معسكرات تدريب لأعضاء حزب الدعوة منها معسكر الصدر في الاحواز، وكان أكبر تجمع عسكري لحزب الدعوة في إيران، وتمكن خلال عام واحد تدريب 7000 مقاتل من أعضاء الحزب، وتحولت هذه المجموعات المدربة عسكريًا الى عصابات إرهابية لتنفيذ عمليات سرية مسلحة داخل العراق لصالح المخابرات الإيرانية، والتجسس على الجيش العراقي وجمع المعلومات عنه، وإرسال قوائم بأسماء الكفاءات العراقية تمهيدًا لاغتيالهم، والقيام بعمليات إرهابية في العراق.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 تسييس الجيش العراقي وأدلجته د. شملان يوسف العيسى
الشرق الاوسط البريطانية
في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي انتهاء الحرب ضد الإرهاب والقضاء على «داعش» في العراق ويفكر جدياً في محاربة الفساد وإعادة إعمار العراق، برزت أزمة جديدة قد تغير مسار العراق الإصلاحي مستقبلاً؛ المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني قال إن الفصائل الشيعية المسلحة (الحشد الشعبي) التي شاركت في الحرب ضد «داعش» يجب أن تصبح جزءاً من الأجهزة الأمنية في العراق، ويتفق رئيس الوزراء العبادي مع موقف السيستاني الذي يريد الحيلولة دون أن يستخدم قادة قوات الحشد السلطة والنفوذ في انتخابات 2018. وتجدر الإشارة هنا إلى أن آية الله العظمى علي السيستاني هو الذي أصدر في 13 يونيو (حزيران) 2014 فتوى تشكيل قوات من متطوعين لمساعدة القوات العراقية الأمنية لدحر هجوم «داعش» الإرهابي.
هذه الخطوة التي يتفق عليها المراجع الدينية ورئيس الوزراء العراقي ستخلق مشكلات مستقبلية نلخصها في النقاط التالية:
أولاً: قبول قطاع كبير من الميليشيات الشيعية التي تشكل الحشد الشعبي الذي يقدر عدده بـ30 ألفاً ويتكون من 60 فصيلاً معظمهم من الشيعة، سيخلق أزمة قادمة مع مكونات الشعب العراقي الأخرى مثل السنة والأكراد والمسيحيين والآشوريين وغيرهم من الأقليات العراقية التي تشكل النسيج الاجتماعي العراقي، خصوصاً أن هناك عناصر في التنظيمات التابعة للحشد قد ارتكبت جرائم بشعة ضد السنة وغيرهم في المناطق التي تم تحريرها من «داعش».
ثانياً: سعى العراق ودول مجلس التعاون بشكل عام والسعودية بشكل خاص إلى تحسين العلاقات بين الطرفين، وتبادَل الطرفان الزيارات الرسمية وازدادت كمية التبادل التجاري… لكن ضم الحشد الشعبي للمؤسسة العسكرية (الجيش) قد يقلق دول المجلس، خصوصاً أن هادي العامري وقيس الخزعلي المقربين من إيران صرح أحدهما (الخزعلي) عن مدى تقربه لطهران، وأكد أن أعداء العراق هم إسرائيل ومن ثم الولايات المتحدة، ثم تطاول وادعى أن العدو الثالث هو السعودية، وبذلك تخالف تصريحاته المحاولات الحكومية العراقية الداعية للتقارب مع السعودية.
ثالثاً: الحشد الشعبي والحكومة العراقية تربطهما علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، فهي الدولة التي تسلح العراق وتساعده في محاولة إعادة الإعمار. وبينما دعا ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأميركي الميليشيات المدعومة من إيران والخبراء الإيرانيين إلى مغادرة العراق بعد انتهاء المعارك ضد إرهاب «داعش»، رفضت قيادات في الحشد الشعبي المطالب الأميركية وأكدت أن الحشد يعمل مع السلطة وهو جزء من المؤسسة العسكرية. تجدر الإشارة هنا إلى أن إيران قد لعبت دوراً في تشكيل الكثير من فصائل الحشد ويرتبطون بعلاقات قوية مع فيلق القدس بالحرس الثوري وأعلن بعض قادتهم عن ولائهم لإيران ومرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي.
رابعاً: تردي الأوضاع الاقتصادية في إيران جعلها تعتمد اعتماداً شبه كلي على مساعدة حلفائهم في الأحزاب والميليشيات الشيعية في العراق، فالعراق هو الذي يزود إيران بكل ما يحتاجه من بضائع غربية بسبب المقاطعة الاقتصادية الأميركية على إيران.
خامساً: تعدد واختلاف الميليشيات الشيعية التي تشكل الحشد الشعبي قد يخلقان خلافات فيما بينهم، خصوصاً أن بعض الميليشيات قد تشكلت في إيران مثل منظمة بدر التي تشكلت في طهران عام 1982 ويقودها النائب الحالي والوزير السابق هادي العامري… هذا التنظيم يختلف عن «سرايا السلام»، وهو الجناح العسكري للمرجع الديني مقتدى الصدر. هذا التنظيم في الأساس هو جيش المهدي… وقد حله الزعيم مقتدى الصدر عام 2007.
ما نريد قوله إن الحشد الشعبي الذي سيتم ضمه للجيش العراقي يتكون من 30 ألف فرد ينضمون لأكثر من 60 فصيلاً أو ميليشيات شيعية أهمها منظمة بدر وسرايا السلام وكتائب حزب الله العراقي – عصائب أهل الحق وحزب الله النجباء – وسرايا الجهاد والبناء وسرايا الخرساني وكتائب التيار الرسالي… كل هذه الميليشيات تابعة لسياسيين ورجال دين عراقيين قد شاركوا في حروب طاحنة ضد الثوار في سوريا ودعماً لنظام بشار الأسد.
ما نتخوف منه فعلاً في الخليج هو أن انضمام هذه الفصائل للجيش العراقي سيؤدي إلى تسييس الجيش وعسكرة المجتمع العراقي.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 رهانات بارزاني
مصطفى زين
الحياة السعودية
مثل كل الأقليات المتمسكة بهويتها في ظل الدول القومية، حاول الأكراد استغلال التناقضات بين دول الإقليم. استعانوا بأوروبا وبإيران الشاه في مواجهة العراق عندما كان شرطي الخليج في أوج قوته. رفضوا اتفاقية عام 1970((بيان 11 آذار) التي عرضتها عليهم بغداد وفيها اعتراف بحقوقهم القومية، وضمانات لمشاركتهم في الحكومة وتدريس لغتهم في المؤسسات التعليمية. لكن رهانهم على إيران وإسرائيل التي كانت تمدهم بالسلاح والتدريب، بالتنسيق بين «الموساد» و «السافاك»، دفعهم إلى رفض الاتفاقية بحجة أنها لا تنص على «حقهم» في كركوك وسنجار وخانقين (يطلق عليها الآن اسم المناطق المتنازع عليها). ورأت بغداد في ذلك تمرداً فصعدت حملتها العسكرية ضد «البيشمركة». وبقوا مصرين على موقفهم إلى أن وقع الشاه وصدام حسين (كان يومها نائباً للرئيس) «اتفاقية الجزائر» عام 1975 وأوقفت طهران دعمهم، وشنت القوات العراقية عليهم حملة واسعة النطاق، ما اضطر زعيمهم الملا مصطفى بارزاني للجوء إلى موسكو.
منذ حرب الخليج الثانية والأكراد بقيادة بارزاني الابن يراهنون على الموقف الغربي عموماً (أطلقوا على دانييل زوجة الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران لقب أم الأكراد) والأميركي خصوصاً. واستغلوا محاصرة العراق خلال 13 سنة ليعززوا هذه العلاقات واضعين أنفسهم في خدمة دول الحصار، إلى أن كان الغزو وسقوط بغداد فتحالفوا مع الزعماء الشيعة برعاية أميركية ليؤسسوا «العراق الديموقراطي الاتحادي»، على ما جاء في دستور بريمر الذي قال في مذكراته إن «حل الجيش العراقي وإلغاءه جاء بطلب مباشر من مسعود. ثم بطلب من جلال (طالباني)» .
في ظل الاحتلال بنى الأكراد مؤسساتهم وحاولوا تجاوز خلافاتهم القبلية بين السليمانية وأربيل، أو بين البارازانيين والطالبانيين الذين يتهمون زعيم أربيل بأنه وعائلته يستأثرون بمعظم المناصب المهمة في الإقليم (هو الرئيس وابنه مسرور رئيس مجلس الأمن، ونجله الثاني منصور قائد في البيشمركة وابن أخيه نيجيرفان رئيس للوزراء)، ليس هذا فحسب فما من شركة تريد الاستثمار في كردستان تستطيع الحصول على ترخيص إذا لم يوافق الأبناء، على ما تؤكد صحف كردية ومسؤولون معارضون في كردستان.
مثل والده الذي راهن على إيران وإسرائيل، كان رهان رهانات مسعود بارزاني الأكبر على أميركا وصداقته مع أردوغان، فتحدى بغداد، ونسب الفضل في طرد «داعش» من نينوى إلى قوات «البيشمركة»، وأعلن غير مرة أنه لن يتنازل عن «شبر من الأراضي التي تم تحريرها بالدم»، زاعماً أن ديموقراطيته ستحمي الأقليات المسيحية والإيزيدية في المحافظة. وأكد أنه سيضم كركوك إلى الإقليم، بعدما طرد عشرات آلاف العرب والتركمان من المحافظة واستقدم أكراداً ليقطنوا في منازلهم، وأصر على مشاركة المحافظة و «المناطق المتنازع عليها» في الاستفتاء على الانفصال عن العراق. واستعد لإعلان «الاستقلال» كأن العراق دولة محتلة وليست شريكاً له في الحكم، كما أصر على تصدير نفط الإقليم من دون العودة إلى بغداد التي تخصص 17 في المئة من الموازنة العامة للإقليم. لكن رهانه لم يكن في محله. نصحه الأميركيون والأوروبيون والدول الإقليمية بعدم الإقدام على الاستفتاء فلم يستمع إلى نصائح أحد. رفض أي وساطة لحل خلافاته مع بغداد التي لم يكن أمامها سوى طرد «البيشمركة» من كركوك والمناطق الأخرى التي استولت عليها بالقوة، فوقع الرجل في فخ نصبه للحكومة المركزية. بعد الاستفتاء وما خلفه من تعقيدات، وبعد سيطرة الحكومة على كركوك و «المناطق المتنازع عليها» استقال بارزاني، بناء على نصيحة من البيت الأبيض، ليفسح المجال أمام زعيم آخر يخوض مفاوضات مع بغداد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مكاسب حققها الأكراد طوال السنوات الماضية فاختار ابن أخيه نيجيرفان وقباد طالباني نائباً له لقيادة المرحلة. لكن استجابته هذه النصيحة جاءت متأخرة، ففي داخل الإقليم شبه ثورة ضده، وحكومة العبادي ليست مهتمة بإنقاذه بعدما استعادت كركوك. بعد عشرات السنين كرر بارزاني أخطاء والده في اللعب على التناقضات الإقليمية والدولية فأوقع الأكراد في مأساة جديدة، فيما واشنطن وباريس وتل أبيب وطهران وأنقرة تقف على «الحياد».
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 ماذا سيفعل الدواعش بعد سقوط دولتهم ؟
د. كاظم ناصر
راي اليوم بريطانيا
الحركة الداعشيّة أثارت الكثير من التساؤلات المتعلّقة بأهدافها، وبمن أوجدوها وموّلوها وزوّدوها بالسلاح ! فمن ضمن هذه التساؤلات ما هي علاقاتها السريّة بالدولة الصهيونية ؟ ولماذا تركّز على إشعال نيران الفتنة بين المسلمين ؟ ولماذا تستخدم وسائل بربريّة مقزّزة في التعامل مع خصومها ومع الأقليات ؟ ولماذا عملت على تمزيق النسيج الإجتماعي في المناطق التي سيطرت عليها ؟ ولماذا دمّرت المدن والقرى والبنية التحتيّة والآثار في المناطق التي سيطرت عليها ؟ ولماذا تقوم بإعتداءات ضدّ المدنيين في مدن العالم ؟ أسئلة أخرى كثيرة تطرح نفسها عن داعش واهدافها وممارساتها ! لكن الذي لا شك فيه أن ما قامت وتقوم به من أعمال بربرية لا يخدم إلا أعداء العرب والمسلمين وفي مقدمتهم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .
القوات العراقية استعادت ما إحتلته داعش في العراق، والجيش السوري حقق انتصارات حاسمة ضدّها وسوف يتمكن قريبا من طردها من المواقع التي احتلتها خلال السنوات القليلة الماضية . لكن سقوط دولتها، وتدمير معظم أسلحتها، وهروب قادتها إلى أماكن متفرّقة لا يعني بالضرورة توقف أعمالها الإرهابية واندحارها وتفكّكها، ومن ثمّ اختفائها من الساحة ! داعش توقّعت خسارة دولتها منذ ما يزيد عن عام، وبدأت بإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم وتجهيز نفسها لشنّ حرب ظلّ خفيّة ضدّ خصومها في الشرق والغرب.
خروج داعش من المدن التي احتلتها لا يعني أن المدن المحرّرة ستعيش بأمن وسلام . فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 29 – 6 – 2017 أن داعش ” قامت ب 1483 عملية في 16 مدينة عراقية وسورية بعد تحريرها وخروجها منها ” ، وقامت بعد طردها من الموصل ومدن سورية بعدة تفجيرات في بغداد ومدن وقرى عراقية وسورية أخرى .
داعش لن تنتهي بالسهولة التي يتصوّرها البعض لعدّة اسباب منها : ان الحركة ما زال لديها آلاف الجهاديين الموالين لها، وتملك كمّا هائلا من السلاح، وحافظت على معظم كوادرها الإداريّة وخبرائها ليخطّطوا وينفّذوا عملياتها القتاليّة في المناطق التي خرجت منها وفي أماكن مختلفة من العالم، وإن هناك من ما زال يموّلها ويسلّحها سرّا لخدمة أهدافه .
المنظمات الإرهابية لايمكن التخلّص منها بسهولة لأنها تعتمد في تنظيمها على خلايا سريّة صغيرة تزرعها في المدن والقرى ليتعذرّ اكتشافها جميعا وتفكيكها، وتحصل على دعم من جهات محليّة أو أجنبية . لقد استمرّت ” القاعدة وطالبان ” وما زالتا تقومان بأعمال هجومية ضد القوات الأمريكية والحكومية في أفغانستان بعد مرور 35 عاما على تأسيس القاعدة ، وبعد 16 عاما على الهجوم الأمريكي الذي أسقط دولة طالبان .
الوطن العربي المثقل بجراحه ومصائبه يمرّ في أسوأ الظروف وشبابه يعانون من البطالة والفقر والإحباط والخوف من المستقبل، ويشكّلون أرضيّة خصبة لتزويد داعش وغيرها بمقاتلين جدد. ولهذا فإنه من المتوقّع أن تستمر داعش في استقطاب جهاديين عرب ومسلمين، وتوزّع مقاتليها الذين خرجوا من سورية والعراق في مناطق مختلفة من العالم، وقد تتحول إلى منظمة سرّية تعتمد على خلاياها الصغيرة، وتركّز على زعزعة استقرار دول عربية في الشرق العربي وشمال إفريقيا.
أضف إلى ذلك أن داعش قد تعيد تسمية نفسها وتغيّرأسلوبها الهمجي في التعامل مع المواطنين، وقد تنقلب على موجديها . أمريكا خلقت القاعدة ثم إنقلبت القاعدة عليها وأصبحت عدوّها اللدود، والسعودية حمتها وزوّدتها بالمال والرجال ثم انقلبت عليها، وباكستان أوجدت طالبان ثم انقلبت عليها، وإسرائيل ساهمت في خلق داعش وزوّدتها بالمال والسلاح وعناصر موسادية لخدمة أهدافها فهل ستنقلب عليها وتتحول من خادمها الأمين وصديقها الودود إلى عدوّها اللدود؟
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 خيارات صعبة أمام القيادة الكردية
احمد صبري
الوطن العمانية
”.. اللافت فيما يجري في كردستان هو أن الاحتجاجات الشعبية اتخذت صيغة العصيان المدني، واستهداف مقرات جميع الأحزاب الكردية، وإضرام النار في مقراتها في السليمانية ومدن كردية أخرى، الأمر الذي يعده مراقبون أن السخط الشعبي شمل هذه المرة كل الأحزاب الكردية المشاركة بالحكومة والمعارضة على حد سواء، وهو مقدمة على خطوات تصعيدية شعبية تستهدف الأداء الحكومي.”
ألقت الأزمة بين بغداد وأربيل بضلالها على مجمل الأوضاع في إقليم كردستان وزادتها تعقيدا، الأمر الذي ينذر بتطورات قد تخرج عن سيطرة حكومة كردستان.
وما يزيد من قلق القيادة الكردية هو أن بغداد استثمرت الأزمة مع كردستان عقب الاستفتاء على مصير الإقليم لتضع الكرة في ملعب القيادة الكردية، مما أدى إلى أزمة مالية خانقة للإقليم بعد الحصار الحكومي المعزز بالعقوبات.
وما كانت تخشاه القيادة الكردية وقع بانطلاق تظاهرات حاشدة في معقل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني (السليمانية) ومخاطر امتدادها إلى أربيل ودهوك، وهي مظاهرات ذات بعدين واتجاهين سياسي ومعيشي مطلبي؛ فالأول طالب برحيل حكومة إقليم كردستان وحملها مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة مع بغداد، وإخفاق الأحزاب الكردية الخمسة في الحفاظ على نتائج الاستفتاء وعدم قراءتها لاتجاهاته العربية والدولية.
فيما كان البعد الثاني معيشيا، ويتعلق بالمطالبة بصرف رواتب العاملين في حكومة الإقليم، وامتداده إلى العاملين في القوات الحكومية في الإقليم، وهي المرة الأولى التي يحتج بها العسكريون على تأخر مرتباتهم الشهرية.
واللافت فيما يجري في كردستان هو أن الاحتجاجات الشعبية اتخذت صيغة العصيان المدني، واستهداف مقرات جميع الأحزاب الكردية، وإضرام النار في مقراتها في السليمانية ومدن كردية أخرى، الأمر الذي يعده مراقبون أن السخط الشعبي شمل هذه المرة كل الأحزاب الكردية المشاركة بالحكومة والمعارضة على حد سواء، وهو مقدمة على خطوات تصعيدية شعبية تستهدف الأداء الحكومي وإخفاقه في إدارة الأزمة مع بغداد، والتفريط بالمكتسبات التي كانت متحققة للإقليم قبل إجراء الاستفتاء.
ورفع المتظاهرون شعارات طالبوا من خلالها برحيل حكومة الإقليم وتشكيل حكومة طوارئ، وأضرموا النيران في عدد من المقرات التابعة للأحزاب الكردية الخمسة. وشارك بالاحتجاجات الآلاف من المواطنين الكرد من خلال تظاهرتين شارك فيهما موظفون ومعلمون في السليمانية احتجاجا على سوء الظروف المعيشية، ونظام ادخار الرواتب وتأخيرها من قبل حكومة الإقليم.
فيما خرج مئات المتظاهرين في بلدات رانية وكلار واوندوز وحلبجة، وقطعوا الطريق الرئيسي الواقع بين محافظتي أربيل وكركوك مرددين شعارات تدعو لرحيل الحكومة. مؤكدين استمرار التظاهرات حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة لهم متهمينً المسؤولين في الإقليم بسرقة أموال الشعب والتسلط على رقابه.
ولم تقتصر الاحتجاجات على هذه المطالب، وإنما شملت مطالبة رئيس الوزراء حيدر العبادي والبرلمان العراقي بالتدخل وسط دعوات لقوات البشمرجة العسكرية والأسايش الأمنية بالانضمام إلى الاحتجاجات الشعبية.
وردا على حركة الاحتجاجات الشعبية واحتمالات اتساعها لتشمل أربيل ودهوك ألقت حكومة إقليم كردستان باللائمة على بغداد لدورها في تعميق الأزمة المالية للإقليم، بتعمدها تأخير تحويلها حصة الإقليم من الموازنة في محاولة لإحراج الإقليم أمام مواطنيه لا سيما تأخير دفع الرواتب الشهرية للعاملين في الدولة.
ومهما كانت الذرائع في تحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية الأزمة المتصاعدة بين بغداد وأربيل فإن محافظات إقليم كردستان ـ وهي أربيل ودهوك والسليمانية ـ تعيش أوضاعا سياسية واقتصادية صعبة مفتوحة على جميع الاحتمالات، لا سيما اضطرار القيادة الكردية لتقديم مزيدا من التنازلات لبغداد في محاولة لتفادي الأخطر في مسار العلاقة بين المركز والإقليم.