1 | العراق والملا السنيّ إلى جانب عمار الحكيم
|
رستم محمود | الحياة السعودية |
في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اختتام المؤتمر التأسيسي لـ «تيار الحكمة» العراقي (الشيعي)، كانت وسائل الإعلام تركز على شيخٍ سنيّ واقف إلى يمين زعيم التيار عمار الحكيم، في وقتٍ كان الأخير يشدد على أن هذا التنظيم السياسي الجديد حقق نقلة نوعيّة في التاريخ العراقي المعاصر. فهو، وفق الحكيم، تنظيم سياسي عراقي وطني عابر للطوائف والقوميات، شارك في مؤتمره التأسيسي مواطنون عراقيون من كافة الانتماءات والملل. وبين فينة وأخرى كان الحكيم يشير بنظراته إلى الشيخ السني الذي على يمينه.
قبل ذلك بساعة واحدة، كانت نتائج انتخابات المكتب السياسي للتيار، المنبثقة من ذلك المؤتمر التأسيسي، قد أفضت إلى فوز أربعة وعشرين مشاركاً في عضوية المكتب السياسي. بغير مصادفة، كانوا جميعاً من العرب الشيعة، أغلبهم من العائلات السياسيّة الشيعيّة العراقيّة التقليديّة، كالحكيم والصدر والفتلاوي والحيدري. ومن دون أن يتكمن أي مشاركٍ سني أو كردي أو تركماني أو مسيحي من الفوز بعضويّة المكتب السياسي، أو بأي منصبٍ ذي قيمة، ضمن هذا التيار الجديد!
تبدو كل الحياة العامة في العراق الراهن وكأنها على هذه الشاكلة. إذ ثمة صورة الأشياء وخطابها، مبهرة وأنيقة ومدنية ومسالمة، وثمة في المقابل حقيقتها الموضوعيّة، المتخمة بالعنف والطائفيّة والقسوة واختلال العدالة. فمنذ شهور مثلاً، تظهر في وسائل إعلام الدولة الرسميّة إشادة بانتصار «كل العراق» على الإرهاب، وفي وقتٍ يسعى الجهاز الدعائي لرئيس الوزراء وتياره السياسي للإيحاء بأن أفعال الرئيس وانجازاته خلال سنوات حكمه الأربع خولته أن يكون زعيماً عراقياً عابراً للطوائف والقوميات، فإن ملايين المواطنين العراقيين من سكان المناطق السنيّة يعيشون رعباً من جراء سيطرة عشرات الفرق الميليشياويّة الطائفيّة على مناطقهم، في ظل الابتزاز والثأر والفوقيّة الطائفيّة. إنها حالة تمنع أغلبية سكان تلك المناطق، من الذين يفضلون البقاء في مخيمات إقليم كردستان، من العودة إلى مدنهم وبلداتهم «المحررة» من الإرهاب.
على ذلك يمكن قياس كل شيء في عراق اليوم: تقول الحكومة إنها تقود حملة شاملة لمناهضة الفساد الإداري والمالي، بينما الحكومة نفسها مبنية على تحاصص متوافَق عليه بين القوى السياسيّة الرئيسة، لتقاسم خيرات البلاد وموارده. البرلمان يشرعن منع تداول المواد الكحوليّة، في وقت تتقاسم فيه الميليشيات الرديفة لأحزاب البرلمان تلك السيطرة على النوادي الليليّة وتجارة المواد الكحوليّة والمخدرة. تقول السلطة بأنها ستعيد الشفافية للعلاقة مع إقليم كردستان ومواطنيها الكرد على أسس وطنيّة ومدنيّة، بينما تقوم الفرق الميلشيوية المرعيّة والمدعومة من السلطة المركزيّة بحملة تطهيرٍ شاملة لبلدة طوزخورماتور وسكانها الكرد. تدعي بغداد بأنها ستعيد بناء علاقاتها الإقليميّة لتجاوز الاستقطاب، بينما يستقطع أكثر من مليار دولار من ميزانية العام المقبل كحصةٍ للميليشيات المرتبطة بإيران. الأمر ذاته يتعلق بالتنميّة وديون العراق والكهرباء والواقع التعليمي والصحة والسلامة المرورية، وكل شيء تقريباً.
بهذا المعنى، فإن العراق صار ملائماً لأن يكون واحداً من دول الاستبداد التقليديّة في منطقتنا، حيث يشكل الفرق بين حقيقة مجريات الحياة العامة وبين الصورة التي تظهر بها هذه الحياة العامة، دلالة وأداة لقياس مدى غرق هذه الدولة أو تلك في دينامية الاستبداد.
يبدو أن الكيان العراقي الجديد أنهى دورة حيويته، وصار مثل غيره كياناً جامداً ومغلقاً، كياناً دينياً طائفياً شيعي السلطة على رغم دستوره الـــمدني، ودولة مــــركزية عربية، متخلية عن الشراكة المتوافق عليها مع المواطنين الكرد، وبسلطة يحتكرها حزبان أو ثلاثة، على رغم مظهر «الحياة الديموقراطيّة»، التي لم تعد تفرز إلا الوجوه والآليات والخِطابات ذاتها. إنه بلد نفطي ريعي، غارق في الديون والفساد وسوء التخطيط على كافة المستويات.
ويمكن للمرء أن يذكر عشرات الأسباب التي جعلت من العراق كياناً على هذا الخراب، لكنه لا يمكن أن يوفر السياسات الأميركية التي حولته إلى حقل تجارب للاستراتيجيات المزاجية غير الواعية لطبيعة وخصائص المجتمع العراقي المعقدة. كذلك لا يمكن أن يُغفر للاستراتيجية الإيرانية التي استغلت تلك «المراهقة» السياسيّة الأميركيّة على أكمل وجه، وسعت بوعي وتخطيط تام لأن تكون الدولة العراقيّة ضعيفة وغير متصالحة مع نفسها، بحيث تكون طيعة وتابعة للنفوذ الإيراني.
|
|||
2 | لماذا العالم ضد حقوق الأكراد؟
|
نارين عمر |
الحياة السعودية |
المسافة بين حدود دولة أوروبيّة وأخرى من دول الاتحاد الأوروبي لا تتعدّى المسافة بين خطوتين من خطواتنا، لذلك حين يحاول كثيرون من المهاجرين والغرباء التنزه والتجوال في ربوع دولة منها قد يتجاوزون حدودها إلى دولة أخرى من دون علمهم، بسبب تقارب الحدود، وقلّة وجود مَنْ يعرقل مسيرهم أو عدم وجوده، ما يجعلنا نطرح بعض الأسئلة والاستفسارات حول الأكراد الذين يمتلكون دولة كبرى وحدوداً لكنها منزوعة منهم منذ آلاف السنين. وعلى رغم ثوراتهم وانتفاضاتهم وحروبهم المتواصلة لانتزاع حقوقهم وأرضهم، إلا أنهم يجدون نفسهم على الدوام وجهاً لوجه أمام العالم كله، بدوله وأقاليمه وشعوبه، بالإضافة إلى مستضعفيه ومساكينه كذلك، كل بطريقته وأسلوبه وحنكته.
الكرد لا يزالون محتارين أمام هذا الكمّ الهائل من العداوات واللاءات ضدهم وضد وجودهم وعيشهم في دولتهم المستقلّة، الحرّة! بعضهم أعداء بعضهم الآخر حتى الموت، لكنهم بقدرة خفيّة يتفقون مع بعضهم بعضاً على الكرد وضدهم. بعضهم الآخر يضحك للكرد ومعهم، ويحلف لهم بأغلظ الايمان أن يكون معهم، لكن هؤلاء أيضاً يظهرون للكرد فيما بعد أنيابهم المسمّمة بالغدر والمهانة.
يجب أن نعترفَ بأن الكرد أنفسهم يعتبرون أحد الأسباب الأساسية في وصولهم إلى هذه الحال من خلال الخيانات المتكرّرة والوثوق بأعداء الكرد والتّحالف معهم في مقابل مكافآت ومناصب ماديّة ومعنويّة لشخصهم وعائلاتهم وذويهم. كما يجب أن نعترف بوثوق بعض المخلصين منهم أيضاً بوعود شعوب العالم ودولها، عن حسن نيّة أو بدافع الإجبار والقسر. أما بعضهم الثالث (من الكرد) فيظلّ ينادي بإنسانية الشعوب واسترجاع حقوقه بالاستسلام للعالم أو إظهار حسن النيّة.
أسئلة أخرى يطرحها الكرد على أنفسهم وعلى العالم:
ألا يحق لنا أن نطالب بجمهورية كردستان الموحدة أو جمهورية كردستان الفيديرالية؟ أي أن يستقل كل جزء من كردستان ثم يعرَض على الكرد في كل جزء منه استفتاء عام يظهرون فيه موافقتهم على توحيد كل الأجزاء في دولة واحدة، أو اختيار نظام الاتحاد الكردستاني أو النظام الفيديرالي، تُزال منه الحدود المنيعة، ويتنقل فيها الكرد بحرية ويسر، ينعمون بخيراتها وطبيعتها، من دون ردع أو منع.
إن مطلبنا لم يعد حلماً، بل سيتحول إلى حقيقة وواقع إذا تطهّرنا أولاً من الخونة والمتآمرين من الكرد، ثم إذا قررنا أن نجتثّ من فكرنا وقلبنا بذور الأنانية والاستئثار، واستبدلناها ببذور المصلحة العامة والإيثار، وجعلنا همنا الأول قضيتنا الكردية والكردستانية.
هناك شرط في غاية الأهمية يكمن في تطهير نفوس أولادنا وفكرهم من أشواك الحقد والكراهية لبعضنا بعضاً، وأنشأناهم على حب الوطن والأرض والتراب في شكل سليم ونبيل، عندئذ ستتحول مطالبنا إلى أمنيات محققة، ولن نحتاج إلى الدول الكبرى والصغرى كي تتلاعب بنا كما يتلاعب القط بالفأر.
من حق أجيالنا القادمة ألا تعيش مثل جيلنا والجيل الذي سبقنا بأحلام غير محقّقة، كثيراً ما تتحوّل كوابيس رعب وترهيب.
من حق جيلنا أيضاً ألا يعيش كوابيس أضغاث أحلام أهدرت أعواماً من عمرنا هباء. |
|||
3 | العراق: الصوت الانتخابي المفقود
|
ادهم ابراهيم
|
راي اليوم بريطانيا |
يؤكد رئيس الوزراء السابق ومن وراءه حزب الدعوة ودولة القانون المزعومة على اجراء الانتخابات في موعدها . وهم يعتقدون على الارجح انهم سيفوزون بالانتخابات القادمة بالتزوير كما حصل في المرة السابقة . وهم لازالوا يطرحون نفس النغمة السابقة . والتي تسلقوا من خلالها على سلم السلطة ، نتيجة خداع المواطنين . . واذا كانوا يعتقدون بان الخطاب الطائفي سيكون دوما بديلا عن الخدمات المقدمة للمواطنين او بديلا عن محاكمتهم نتيجة الفساد الذي عمموه خلال فترة حكمهم العجاف فهم واهمون . لان الانتخابات سوف لن تجرى اذا لم تتوفر الشروط والظروف الموضوعية لاجراءها وهي على اقل تقدير تمكين المواطنين ، كل المواطنين من الانتخاب مع ضمان عدم تزويرها . . ان وجود ملايين النازحين من مدنهم وسكناهم في المخيمات ، سيحول دون توفر هذه الشروط لاجراءها . واذا كان هناك تحالفا سابقا بين حزب الدعوة وقيادات كوردية لتقاسم ارض وثروات العراق فان هذا التحالف قد انقضى . وبالتالي فان المؤامرات التي حيكت على ابناء الشعب العراقي سوف لن تمر مثلما مرت في السنوات السابقة . وان خطط التغيير الديموغرافي الجارية اليوم بحجة تطهير المدن من الدواعش وعدم اعادة المهجرين الى بيوتهم سوف لن تؤدي الى اي نتيجة اللهم الا تعذيب ابناء البلد الواحد . وان بقاءهم في المخيمات سيحول دون مشاركتهم مشاركة فعالة في الاقتراع ، كما سيسهل تزوير اراداتهم والتحكم باصوات الناخبين ولعل من اخطر المشاكل التي تواجه العملية الانتخابية اضافة الى ماذكرنا ، وجود ميليشيات مسلحة تملأ الشوارع في كل ارجاء العراق . وهذه الميليشيات تتبع احزابا وكتلا سياسية اضافة الى المافيات التي نشات نتيجة الفساد الاداري الذي جرى سابقا ومازال . ان تواجد هذه العناصر المسلحة في المراكز الانتخابية وحولها سوف يحول دون تحقيق الممارسة الديموقراطية المرجوة من الانتخابات نتيجة التهديد بالسلاح او التلاعب بصناديق الاقتراع كما جرى سابقا وعلى رؤوس الاشهاد . كما ان الوضع الاستثنائي الذي يعيشه اقليم كردستان وتشتت كتله واحزابه وقياداته وخلافاتهم مع بعضهم البعض ومع الحكومة المركزية والتي قد تصل الى حد الانسحاب من ما يسمى بالعملية السياسية او مقاطعة الانتخابات ستكون واحدة من اهم المحددات للعملية الانتخابية ايضا ان اصرار رئيس حزب الدعوة على اجراء الانتخابات في موعدها بحجة المحافظة على العملية السياسية يقصد منها المحافظة على المحاصصة الطائفية ، التي يعتاش عليها هو ومن ائتلف معه في دولة القانون وحتى المجلس الاعلى الذي انشطر الى حزبين وطرح التسوية التاريخية التي ماتت في مهدها ، يعزف على نفس النغمة ان كل هذه المحاولات تجري بهدف بقاء نفوذهم وفساد احزابهم التي لم يلمس الشعب العراقي من خلال حكمهم اي تحسن في البنيه الاجتماعية او الاقتصادية على مدى السنوات الاربعة عشر العجاف الماضية . وما وجودهم في السلطة الان الا نتيجة لعمليات التزوير التي لم يشهد لها العراق مثيلا وقد تم رصد مئات الالوف من الاسماء الوهمية في اقضية ونواحي البصرة الان عند تحديث سجلات الناخبين وهذا مثالا واحدا يثبت الطيف الواسع من عمليات التزوير التي اوصلت حزب الدعوة ورئيسه الى سدة الحكم ، والتي شملت كل ارجاء العراق شمالا وجنوبا بلا استثناء ومن وراء هذا الجوق الطائفي يقف جوقا طائفيا اخر انتهازي وطفيلي يعتاش على فتات الموائد المحاصصية لما يسمى بالعملية السياسية . فرئيس البرلمان حاول الظهور بمظهر مدني وهو يغادر الحزب الاسلامي . والاخوة الاعداء ينظمون مؤتمرات في عمان واسطنبول لتشكيل تحالفات طائفية طفيلية اخرى هدفها تلميع صورهم السوداء امام ناخبيهم وهم يعلمون سلفا انهم منبوذون منذ امد بعيد وليس بسبب نهبهم لاموال المهجرين والاموال المخصصة لاعادة البنى التحتية لمدنهم المهدمة فقط ، بل ولتجاهلهم مطالب ابناء جلدتهم من المحافظات المنكوبة وفوق كل هذا وذاك فان الفساد المستشري سيكون عائقا آخر امام انتخابات سليمة ونظيفة . حيث سيتم توظيف المال السياسي الحرام في حرف ارادة الناخبين من خلال الرشى والعطايا . لذلك نرى السيد رئيس الوزراء قد اعطى الاولوية في محاربة الفساد في مرحلة مابعد داعش . فالفساد كان عاملا مهما في سقوط المدن بيد الدواعش وسيكون عاملا اخر في تحريف الانتخابات ان ممثل الامم المتحدة في العراق السيد كوبيتش يعتقد ان عدم عودة النازحين الى مدنهم سيكون عائقا كبيرا في اجراء انتخابات حقيقية ونزيهة وبعد كل هذا هل هناك رجل رشيد يطالب باجراء الانتخابات في ظل هذه الاجواء غير الطبيعية والمنافية لابسط حقوق المواطنة . ويتوقع تغييرا بالعملية السياسية نحو الاحسن . يقول انشتاين الغباء هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة ان الامر يتطلب اعادة النظر بالادارة الحكومية في العراق بصورة جذرية وانهاء المحاصصة الطائفية والعنصرية . والقضاء على آفة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة . خصوصا واننا في هذه المرحلة بحاجة الى التقاط الانفاس بعد نزيف الدم الذي رافق تطهير اراضينا من رجس الدواعش اعداء الله والانسانية . اضافة الى ترتيب البيت الداخلي العربي والكردي . واعادة النازحين والمهجرين الى مدنهم . ومن ثم يصار الى تعديل الدستور بما يضمن عدم جواز تاسيس احزاب طائفية او اثنية مع تجريم الدعوات والتكتلات الفؤوية والعنصرية وازالة كل مايشير الى ان العراق مكونات . فالعراق شعبا واحدا لايقبل التقسيم باي حال من الاحوال عندئذ فقط يمكن اجراء انتخابات يتوفر فيها الحد الادنى من النجاح وتمثيل كل قطاعات الشعب تمثيلا اقرب الى الصواب . ان الانتخابات وسيلة ديموقراطية وهي ليست هدفا بحد ذاته ولايمكن القبول بانتخابات باي ثمن . حتى ولو كانت بالضد من ارادة الناخبين |