ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | العبادي ومشكلة تحويل الميليشيات الشيعية إلى قوات نظامية
|
هارون محمد | العرب |
إيران لم تنس الضباط العراقيين الذين شاركوا في الحرب ضدها، في حين أن قادة الحشد لديهم حساسية من القادة العسكريين وينظرون إليهم باعتبارهم من ‘مخلفات’ الجيش العراقي السابق.
ثمة معركة متوقعة في بغداد، بين رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي مدعوما من طرف شيعي واحد هو التيار الصدري، وبين نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، الذي تشير الأنباء إلى أنه غادر إلى طهران الجمعة الماضية غاضبا، بعد أنباء ترددت في الأوساط العسكرية العراقية بأن الفريق الركن عبدالغني الأسدي قائد قوات مكافحة الإرهاب سيعين رئيسا للهيئة بعد تنحي رئيسها الحالي فالح الفياض، وانصرافه إلى العمل السياسي وتشكيله حركة “عطاء” لخوض الانتخابات النيابية المقبلة إذا جرت في موعدها المبدئي المعلن في نهاية مايو 2018.
ورغم أن قرار تعيين الفريق عبدالغني الأسدي أو غيره رئيسا لهيئة الحشد من صلاحيات العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، إلا أن مثل هذا القرار له خصوصية ويخضع إلى اعتبارات معينة، منها أن يحظى بموافقة قادة فصائل الحشد الأساسية وأبرزها ميليشيات بدر والعصائب وكتائب حزب الله وسرايا الخرساني ولواء أبي الفضل العباس، التي سبق لها أن عارضت تعيين قائد قوات الحدود الفريق محسن الكعبي نائبا لقائد الحشد لشؤون العمليات، مما اضطر العبادي إلى تكليفه بإدارة الشؤون الإدارية في مقر الهيئة ببغداد، رغم أنه ضابط ركن له خبرات متراكمة في الحركات العسكرية.
وتعتقد الأوساط السياسية والنيابية في بغداد، أن المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر إبراهيمي، وهو من أصول إيرانية وفدت أسرته على العـراق من مدينة كرمان في ثلاثينات القرن الماضي واستوطنت البصرة، توجه إلى طهران ساخطا على عزم العبادي تعيين شخصية عسكرية محترفة، مثل الفريق الأسدي رئيسا لهيئة الحشد في إطار جهوده وتعهداته لهيكلة قوات الحشد وتحويلها إلى جهاز أمني وعسكري يرتبط بمكتب القائد العام للقوات المسلحة، في حين يريد قادة ميليشيات الحشد، قائدا لهيئتها الرسمية، من خارج المؤسسة العسكرية، وتحبذ قيادات تمتهن العمل السياسي والنشاط الميليشياوي في آن واحد، وحددت في أكثر من مناسبة اسم أبي مهـدي المهندس، باعتباره القائد الميداني الفعلي للحشد.
هل بإمكان حيدر العبادي أن يحول فصائل الحشد إلى قوات نظامية ويمنع تسييسها، ويستبعد قادتها وكبار المسؤولين فيها، وهم الذين يقاتلون كي تبقى ميليشيات سائبة لا يحكمها قانون؟
ولا يستبعد أن يقوم المهندس في زيارته الطهرانية بتحريض السلطات الإيرانية بممارسة ضغوط على العبادي لثنيه عن تنظيم قوات الحشد وفق أسس عسكرية، ومنعه من تعيين قائد عسكري على رأس هيئتها الحكومية، خصوصا وأنه من المستحيل أن يوافق أبومهدي على العمل كنائب للفريق الأسدي أو أي شخصية عسكرية مهنية تسند إليها رئاسة هيئة الحشد، لما يتمتع به المهندس من نفوذ واسع بعد أن أصبح خلال العامين الماضيين مركز قوة ومرجعية سياسية وعسكرية وأمنية في العراق، ويكاد يكون الحاكم الأوحد لمحافظة صلاح الدين والمشرف على عمليات الحشد في حزام بغداد وقاطع جنوب الموصل وشمال بابل وشرقي الأنبار، وهو نفسه لا غيره من أبلغ نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، وحذر نائب محافظة بابل عدنان الجنابي صراحة، بأن قرار عودة نازحي قضاء جرف الصخر شمالي الحلة، في طهران وليس في بغداد، بالقول “ولا تتعبوا أنفسكم بمناشدة حيدر العبادي وحثه على اتخاذ قرار لا يقدر على تنفيذه”، وهو نفسه أيضا من أخبر وفي لقاء رسمي وعلني مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، بأنه لا يصدق أن الحشد الشعبي سيحل حتى لو سمع ذلك من فم العبادي ذاته.
وقد ثبت سياسيا واستخباريا وميدانيا، أن إيران لم تنس الضباط والطيارين العسكريين العراقيين الذين شاركوا في الحرب ضدها، في حين أن قادة الحشد لديهم حساسية مفرطة من القادة العسكريين وينظرون إليهم باعتبارهم من “مخلفات” الجيش العراقي السابق، ومؤخرا عرضت مواقع إلكترونية وشبكات إخبارية تابعة لفصائل الحشد، صورا وأفلام فيديو أظهرت الفريق الأسدي وهو برتبة مقدم ركن على ظهر دبابة عراقية يقودها في جبهة البصرة خلال الحرب الإيرانية على العراق، وعرضت خطابا كان قد ألقاه العقيد معن السعدي (الفريق حاليا) في اجتماع عسكري بحضور الرئيس الراحل صدام حسين عقد في مطلع العام 2003، ونشرت معلومات عن سيرة رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن طالب شغاتي خلال عمله في قيادة الدفاع الجوي في النظام السابق، وواضح أن الغرض من هذا النشر والترويج، التأليب عليهم والتشهير بهم، رغم أنهم مع زميلهم الرابع الفريق عبدالوهاب الساعدي من أصول شيعية، ولكنهم غادروا الطائفية والمذهبية عندما انتظموا في الكلية العسكرية في الستينات والسبعينات وتخرجوا ضباطا أكفاء.
إن كراهية إيران والموالين لها للجيش العراقي لا تقتصر على الجيش السابق، وإنما امتدت إلى الجيش الحالي، حتى أن الأحزاب والكتل الشيعية باستثناء التيار الصدري، لا تسمي قواته ووحداته بالعسكرية، وإنما تطلق عليها تسمية “القوات الأمنية” في خلط مقصود واستبعاد لمفردة الجيش العراقي، التي يبدو أن الإيرانيين وأتباعهم لا يستسيغون سماعها أو التذكير بها، حتى وصل الأمر بهذه الكتل إلى التعتيم على دور الفريق عثمان الغانمي رئيس أركان الجيش، وهو من أصول شيعية أيضا، في قيادة الوحدات العسكرية لاستعادة كركوك من احتلال قـوات البيشمركة الكردية، ونسبوا الفضل كله إلى الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس وهادي العامري، رغم أن دور الثلاثة في أحداث المدينة كان سياسيا في التفاوض مع قيادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ولم تدخل ميليشياتهم إلى كركوك إلا بعد أن أمّنت قوات الجيش الأوضاع فيها.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على سطح الأحداث، ويشكل قلقا لأطراف عراقية وإقليمية ودولية هو: هل بإمكان حيدر العبادي أن يحول فصائل الحشد إلى قوات نظامية ويمنع تسييسها، ويستبعد قادتها وكبار المسؤولين فيها، وهم الذين يقاتلون كي تبقى ميليشيات سائبة لا يحكمها قانون ولا تخضع إلى انضباط؟ |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | ماذا قدّم الخميني للمسلمين؟!
|
أحمد أميري
|
الاتحاد الاماراتية |
قدّم الزعيم الإيراني الخميني خدمة إلى كافة الشعوب الإسلامية ولكن من دون قصدٍ منه، حين عرّف نظرية الحاكمية بطريقة عملية من خلال تنصيب نفسه الولي الفقيه، وأعطى النموذج المثالي لمصير أي بلد يقع بيد الإسلاميين.
فمنذ سنة 656 ميلادية حين اعترض من صاروا بعد ذلك الخوارج على التحكيم ونادوا «أنْ الحكم لله»، وإلى أن جاء سيد قطب وأبرز مفهوم الحاكمية في حدود سنة 1965، كانت هذه الفكرة مبهمة يصعب تصوّرها.. فكيف يكون الحكم لله عملياً؟! وكيف تكون الحاكمية لله وحده في حياة البشر ما جلّ منها وما دقّ وما كبر منها وما صغر، كما قال قطب؟!
وبقيت هذه الفكرة صعبة التصوّر على الأرض زهاء ثلاثة عشر قرناً إلى أن جاءت سنة 1979، حين نصّب الخميني نفسه الولي الفقيه، فالحاكمية في النهاية هي أن يحكم رجل الدين، باعتباره الأكثر فهماً ووعياً بمراد الدين، والخميني اختصر ذلك المشوار الطويل من التلاعب بالكلمات بمصطلح «ولاية الفقيه»، وربما كان الفارق الوحيد أن ولاية الفقيه نيابة عن الإمام الغائب، بينما الحاكمية تمثيل مباشر لـ«الإرادة الإلهية»، وليس هناك إمام غائب في الموضوع.
هذه كانت الخدمة الأولى التي قدّمها الخميني للمسلمين، ولعل الخدمة الثانية كانت أكبر، وهي إعطاء النموذج المثالي لحكم الإسلاميين، فرغم أن هناك نماذج فاشلة أخرى، لكن القوم يعزون فشل تجاربهم لأسباب خارجية، ففشلوا في مصر بسبب «الثورة المضادة»! وفشلوا في غزة بسبب ظروف الاحتلال، وفشلوا في أفغانستان بسبب التدخل الأميركي، وفشلوا في السودان بسبب قلة الموارد، وهكذا يلقون باللائمة على كل شيء إلا على بؤس أفكارهم.
أما نموذج حكم الإسلاميين في إيران، فقد توافرت له كافة ظروف النجاح، فقد تسلّموا بلداً ناجحاً وفق الكثير من المعايير، مع موارد طبيعية هائلة، وفرصة حكم طويلة، وكانت النتيجة شعباً لا يمتلك حتى حرية الملبس، أو استخدام موقع مثل «تويتر»، مشتبه فيه في مختلف مطارات العالم إلى أن يثبت العكس، ويعاني الفقر والجوع وانتشار البطالة والمخدرات والدعارة وبيع الأطفال والأعضاء البشرية، حتى لم يعد هناك أمل ولا مستقبل إلى أجيال قادمة.
أما في الخارج، فقد تعاظم نفوذ نظام الخميني، ليس بشكل ثقافي أو حضاري، وإنما على حساب ملايين الأبرياء في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فضلاً عن كلفة هذا التمدّد على الشعب الإيراني نفسه، بل والأخطر من كل هذا، أن ترميم علاقاتهم بجيرانهم بعد كل ما جرى يحتاج إلى قرون طويلة.
وكل ما اقترفه هذا النظام في حق شعبه وشعوب الدول المجاورة لا علاقة له بالمذهب الذي يعتنقه قادته، ليجد الإسلاميون في اختلاف المذهب فرصة للتملّص من تشابه أفكارهم مع أفكار الخمينيين، ذلك أن الحكم وفق مبدأ ولاية الفقيه أو وفق مبدأ الحاكمية نهايته واحدة، وهي أن تكون الكلمة الأخيرة لرجل الدين، سواء أكان سنياً أم شيعياً أم حتى من دين آخر.
كما أن الفشل الذي يتولد من حكم رجال الدين، لا علاقة له باعتقاداتهم الدينية أو المذهبية، فكما أن الخمينوية مهووسة بتصدير ثورتها إلى العالم، وهذا الهوس أدى إلى الفظائع التي نراها، فإن الحاكمية أيضاً تدعو إلى إعلاء كلمة الله -بطريقتهم- على الأرض. |